المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بعض القلاقل والفتن أيام العباسيين (2)



عبدالغفور الخطيب
07-03-2005, 05:05 PM
ثـــورة الزنج 869 ـ 883م

كان هؤلاء الزنج قد جيء بهم من أفريقيا ، لكسح ( السباخ ) ، أي روث المواشي في نواحي شرق الفرات ومنطقة الأهوار . وكان زعيمهم في الثورة ( صاحب الزنج ) محتالا ، يدعى ( علي بن محمد) وقد يكون عربي الأصل ، فاغتنم الفرصة في عهد الخليفة ( المعتمد ) واستغل تذمر العمال واضطراب الأحوال ، وانفصال مصر وادعى انه علوي أُرسل لخلاصهم فاستغلهم .

وكان الخليفة يرسل له العساكر لتأديبه ، فيستغل ( الأهوار ) العاصية ويفلت ، وكان صاحب الزنج يقطع رأس أي أسير .. واستمرت ثورة الزنج أربعة عشر عاما ، ذهب فيها نصف مليون قتيل أو أكثر ، وكانت أشد اضطراب تشهده دولة عربية على مر التاريخ .. وعم الخراب أثناءها مدن البصرة و الأهواز و واسط وغيرها من مدن الأهوار .

وفي سنة 883 م سقطت ( المختارة ) قلعته وقُتل صاحب الزنج .

( 4 )

القـــــرامطة

كان من بين الحركة الإسماعيلية ، التي كانت تنظم صفوفها سرا وتبشر في المدن والأقاليم والتي أصبح يطلق عليها ( الحركة الباطنية) ، رجل يدعى ( عبد الله ابن ميمون القداح ) و كان أبوه قداحا ( صانع أقداح ) بالأهواز .. وكان هذا يستغل خلاف غير العرب مع العرب على الحكم ، ويلبسه ثوبا دينيا بشكل وضيع ! و أسس جمعية سرية تشمل العرب وغيرهم ، غايتها هدم الخلافة الاسلامية ، وهي خطة هائلة في تصميمها ، تشبه ( الحركات الصهيونية والماسونية )، يستلم هو وذريته حكم بلاد العرب والمسلمين ، وقد نجح في كل من مصر و تونس واليمن .

وقبل موت عبد الله هذا حوالي (874م) ، ظهر رجل من دعاته اسمه (حمدان قرمط ) ، كان فلاحا في جنوب العراق في بداية أمره . ثم أصبح من غلاة الدعوة الإسماعيلية الباطنية ، وادَََعى انه رأى في النجوم أنه سيدال من العرب الى الفرس ، وقد تبعه بدعوته خلق كثير ، اصبحوا يعرفوا ب ( القرامطة ) وهم معظمهم من الفلاحين واتخذوا مقرا لهم سنة (890م) بجوار الكوفة ، يعرف بدار الهجرة ..

وقد أباح (قرمط) الاشتراكية في النساء والأموال (الألفة) وقد صنعوا لصنوف العمال والفلاحين تنظيمات هي أشبه بالنقابات . واقدم وصف لهذه النقابات ورد في الرسالة الثامنة من رسائل ( أخوان الصفا ) الذين كانوا على الأرجح قرامطة .

وفي رأي ( ماسينيون ) أن حركة النقابات هذه اتصلت بالغرب فأثرت في تكوين النقابات والماسونية . وقبل انتظامهم في حركة القرامطة ساهم هؤلاء في ثورة الزنج التي كادت ان تقوض أركان الخلافة العباسية .

واستطاع القرامطة ان يؤسسوا لهم دولة مستقلة على شواطئ الخليج العربي ، واتخذوا من مدينة الاحساء ( الهفوف الآن ) ، مركزا لهم ، وجعلوها قاعدة للإغارة على عمان والعراق ، وقطع طريق الحج . كما أنهم أغاروا على مكة نفسها وسرقوا الحجر الأسود واحتفظوا به (21) سنة ، حتى أعاده الخليفة الفاطمي ( المنصور ) عام 951م والذي يعتقد انه من أتباع قرمط .