صدام فلسطين
05-03-2005, 12:18 AM
رسالة من أخى صدام فلسطين وأنا أقوم نيابة عنه لأن التسجيل فى المنتدى غير مسموح به الان ...وهو للأسف مريض جدا شفاه الله وهو يهديكم السلام جميعا هل حان وقت المصارحات الكبيرة؟ ربما نعم، فلقد رفضنا أن نتحدث عن خصال القائد، والرئيس الشرعي للعراق، صدام حسين (فك الله أسره)، حينما كانت حملات الشيطنة وموجات الحقد الصفوي – الصهيوني تجتاح المنطقة، فخشينا أن نصبح في موقع دفاع لا نرتضيه لأنفسنا، أما الآن، والثورة العراقية المسلحة تدق أبواب النصر الحاسم، والقريب إن شاء الله، وأميركا والصفويون الجدد يهزمون، وأعمدة الشيطنة تتساقط، بفضل وهج الحقيقة، وآخرها سقوط أضاليل حلبجة ومجزرة الجنوب، فقد حان الوقت لنحكي عن حوادث وقعت خلال السنوات الماضية، تتعلق كلها بعروض قدمت للسيد الرئيس صدام حسين في إطار صفقات أمريكية، أو "اسرائيلية"، أرادت بها أمريكا و"اسرائيل" أن تحلا بعض تناقضاتهما مع شعب العراق، عبر اغراءات كثيرة. ومما اضطرنا للكشف عن ذلك هو أن اغلب الشهود ما زالوا أحياء، ونريد أن نسمع منهم شهادتهم أمام الجماهير العربية، قبل أن يموتوا، بعد عمر طويل إن شاء الله.
إذ أن الرئيس قال (والقضية الفلسطينية هي قضية العرب جميعا، ومن يفرط فيها كمن يفرط في شرفه وعرضه، لقد حاولوا معي كثيرا، بعثوا إليٌ برسائل عبر قيادات وشخصيات عربية ودولية، قالوا: فقط نريد منك كلمة، ولا نريد اتفاقا الآن.. كانوا يريدون مني أن أبدي الاستعداد للاعتراف بدولتهم المزعومة "إسرائيل" لكنني رفضت بكل قوة، رغم أنهم قالوا لي إن الاعتراف بالكيان الصهيوني يعني انتهاء الحصار وعودة العلاقات إلي طبيعتها مع الولايات المتحدة.. لكنني أدرك أن من يفرط في التراب والأرض سيفرط في كل شيء: شرفه وكرامته ولن تكون لديه بعد ذلك أية خطوط حمراء إنه مسلسل مقيت يحتاج فقط إلي البداية ثم يستمر طريق التنازلات بلا نهاية). لذلك أصبح ضروريا تقديم بعض المعلومات عن بعض العروض التي قدمت على طبق من ذهب لقائد الثورة المسلحة صدام حسين ورفضها بأباء وأنفة.
رسالة بواسطة قس
طلب قس من الفاتيكان في عام 1996 زيارة العراق لأنه يحمل رسالة للرئيس صدام حسين، فدعي، والقيادة العراقية تعتقد انه يحمل رسالة من البابا، لكنه كشف، بعد وصوله إلى بغداد، انه يحمل رسالة من الإدارة الامريكية وليس من البابا ! وحينما استقبله الرئيس طرح ما يلي: إنني احمل إلى سيادتكم رسالة من الرئيس الأمريكي تقول أننا مستعدون لرفع الحصار عن العراق، ومساعدته على حل مشاكله، في حالة أوقف معارضته للصلح مع "اسرائيل"، وهذا لا يعني أنكم يجب أن تعترفوا "باسرائيل"، بل أن توقفوا معارضتكم وضغوطاتكم على من يريد ذلك. نظر صدام حسين، بعينيه العسليتين الثاقبتين، وتأمل القس برهة، ثم قال له:
- لو فعل صدام حسين ذلك لما بقي صدام حسين، ولما عرفه شعبه ولا العرب. وأضاف بصوت عميق وعال: قل لمن حملك هذه الرسالة إن الشعب العراقي سيسقطني غدا إذا قبلت ذلك، وأختتم اللقاء بعبارة شهيرة: (قل له إذا كان الهواء يأتينا من "اسرائيل" فليقطعوه عنا). وحينما كان القس يخرج مرتبكا قال: أشكرك سيادة الرئيس على استقبالي والاستماع إلي، فرد الرئيس: نعم يجب أن تشكرني لأنني استمعت لعرضك. وبعد انتهاء المقابلة أمر الرئيس ببثها من على شاشة التلفزيون، واستمع العراقيون لقائدهم وهو يرفض عرض التخلي عن فلسطين مقابل رفع الحصار عنهم، رغم أنه كان يقتل يوميا بين 250 -300 عراقي، حسب إحصاءات الأمم المتحدة، بسبب نقص الغذاء والدواء واستخدام اليورانيوم المنضب.
رسالة بواسطة الملك حسين
وصل بغداد مبعوث شخصي من المغفور له الملك حسين في عام 1994 يحمل رسالة الى الرئيس، فاستقبله القائد المناضل طارق عزيز (فك الله أسره)، وسأله: لماذا تريد مقابلة الرئيس؟ فرد الضيف الاردني، وكان صديقا شخصيا للرئيس ولأبي زياد: لكن الرسالة خاصة جدا وطلب جلالة الملك ان ابلغها للرئيس شخصيا! وأضاف المبعوث الاردني: كما أنني صديق للرئيس وأريد السلام عليه. سأله عزيز: هل الرسالة تتعلق بمبادلة رفع الحصار بتسهيل الصلح مع "اسرائيل" والاعتراف بها؟ رد المبعوث الاردني: نعم، كيف عرفت؟ وكان الضيف الأردني مندهشا لمعرفة طارق عزيز بمهمة سرية جدا، فرد عزيز: لست من عرف بل الرئيس شخصيا توقع ذلك، وقد طلب مني أسألك عن ذلك، وأمرني أن اعتذر عن السماح لك بمقابلته، إذا كان هذا ما جئت من أجله. وبالفعل لم يستقبل الرئيس المبعوث الأردني.
وساطة أمين الجميل
الوساطة الثالثة، وليس الأخيرة، كانت زيارة السيد أمين الجميل، الرئيس اللبناني الأسبق، للعراق قبل حوالي عام من الغزو، ونقله رسالة من جورج بوش الابن، تعرض نفس ما حملته رسالتا القس والمبعوث الأردني، وأهم ما عرض هو التالي: تبقون في الحكم، ويلغى قانون إسقاط النظام، ويرفع الحصار، بشرط المصالحة مع "اسرائيل" والاعتراف بها، والسماح للشركات الأمريكية بالاستثمار في العراق، وافق الرئيس على إعطاء شركات أمريكية عقودا واستثمارات، في مجال إعادة تأهيل البنية التحتية للصناعة النفطية التي دمرها العدوان الثلاثيني، لكنه رفض بشدة الاعتراف "باسرائيل". وقام الجميل بزيارة ثانية للعراق قبل الغزو بأسبوعين نقل فيها التهديد التالي من بوش للرئيس صدام: إذا لم تعترف "باسرائيل"، وتعتذر عن محاولة اغتيال والدي، سأفنيك، فرد الرئيس: قل لبوش نحن لا نقبل التهديد من أي كان.
وساطة سناتور أمريكي
وقبل هذا، وبعد انتهاء الحرب مع ايران، وبروز العراق بصفته القوة الإقليمية العظمى الوحيدة، إضافة "لاسرائيل"، زار العراق سناتور أمريكي، وإذا به يفاتح الرئيس فجأة بالتالي: لقد طلب مني رئيس وزراء "اسرائيل" أن أبلغك رسالة تقول: "خفضوا تسليحكم، واعترفوا بنا، نضمن لكم أخذ دول الخليج كلها". وبقدر ما كان كلام السناتور مفاجئاً للرئيس، كان رد الأخير مفاجئاً أيضا: ماذا أفعل بدول الخليج ولماذا آخذها؟ وأنهى المقابلة قبل وقتها المحدد، ووجهه يحمل علائم الانزعاج الشديد.
دلالات رمزية عظيمة
في ضوء ما تقدم يجد المرء نفسه أمام سؤال جوهري، جوابه معروف وهو : ما الذي يعنيه رفض الرئيس لكل هذه العروض الامريكية و"الاسرائيلية"؟ انه يعني تماما ان عراق صدام حسين كان يرفض المساومة على قضية فلسطين، حتى مقابل رفع الحصار وتقديم دعم مالي وتكنولوجي وسياسي للعراق. لقد أكد الرئيس انه رجل مبادئ وليس طالب سلطة أو نفوذ شخصي، ورغم انه كان يدرك، بوضوح وعمق، الخطر الكامن في الرفض إلا أنه تصرف كقائد وطني وقومي وإسلامي، مسؤول أمام الله والأمة العربية عن تصرفاته.
هذا الرجل كان بإمكانه، وهو يرى الانبطاح سياسة عامة، والتوسل مهنة حكام، أن يصبح (ملك ملوك العرب والعجم) لو قال نعم "لاسرائيل"،. من ينظر إلى سيرة صدام، واسمحوا لي أن الفظ اسمه مجردا من الألقاب، لأنه لا يحتاج إليها وقد أصبح إمام المجاهدين، وهو شرف أعظم من أي منصب مهما كبر وعلا، يدرك فورا أنه بإزاء صحابي معاصر جليل هجر الدنيا وما فيها، وقرر التضحية بأولاده وعائلته الصغيرة، من أجل عائلته الكبيرة: الوطن العربي الكبير والأمة الإسلامية العظيمة. لقد كان، وما زال، رمز الشرف، والوطنية والتمسك بالقومية العربية، والالتزام بالإسلام، وكل ذلك يتجسد، بالنسبة له، في كلمة واحدة: فلسطين.
وهذا الموقف بالذات، كان احد السببين الجوهريين لغزو العراق وتدميره، (والثاني هو النفط)، فأمة فيها قائد كصدام لا بد ان تنهض، ومن المحتم ان تنتصر، مهما كان الخصوم أقوياء. وأمامكم رمز صمود الفلوجة والموصل والبصرة والنجف الأشرف، يؤكد ذلك، ويبعث برسائل تقشعر لها أبدان ماسكي السلطة، الانكلوسكسون. صدام (أعاده الله ونصره قريبا إن شاء الله) يذكرنا بأجدادنا العظام، خصوصا سيد الشهداء الامام الحسين (ر)، فاختيار صدام لدرب الشهادة طريقا حتميا للبعث والولادة، انما هو سير على درب الحسين، الذي رفض المساومة مع يزيد واضرابه من مفسدي ذلك العصر، وهو يعرف انه سيقتل، مع كل من معه من آل البيت (رضوان الله عليهم).
وكما ان استشهادية الحسين هي التي جعلته المثال الأعظم للتضحية من اجل المبادئ المقدسة، فان رفض صدام للمساومة مع طغاة العصر، هو تذكير جديد للعرب والمسلمين باننا ورثة الثراث الاستشهادي الحسيني، وبأن النصر لن يأتي إلا بالتضحية والاستشهاد، وليس بالاستسلام والتوسل والانبطاح.
نعم كان بإمكان حادى ركب العرب ان يبقى رئيسا مقابل الاستسلام لشروط أمريكا و"اسرائيل"، لكنه، إن فعل ذلك، لن يحتفظ بصورة صدام، الحسيني الاختيار، والبعثي الملامح، بل سيصبح مجرد راس دولة، وحاشى لله ان يكون صدام مجرد رئيس دولة، فكم خليفة نصب بعد الحسين لا يعرفهم أحد، وكم رأس دولة صعد الى الكرسي وصار شهيرا كالقمر، لكنه ما ان نزل إلى القبر، حتى مات معه ذكره، واندثر، أما صدام فقد أنجب، وربى وكبر، ولده الثالث قبل الغزو: المقاومة المسلحة، فتحية إلى الابن الثالث لصدام، والذي من يديه سيأكل جلجامش نبتة الخلود العراقي، ويقطع رأس الأفعى التي تريد إعادة أكلها
إذ أن الرئيس قال (والقضية الفلسطينية هي قضية العرب جميعا، ومن يفرط فيها كمن يفرط في شرفه وعرضه، لقد حاولوا معي كثيرا، بعثوا إليٌ برسائل عبر قيادات وشخصيات عربية ودولية، قالوا: فقط نريد منك كلمة، ولا نريد اتفاقا الآن.. كانوا يريدون مني أن أبدي الاستعداد للاعتراف بدولتهم المزعومة "إسرائيل" لكنني رفضت بكل قوة، رغم أنهم قالوا لي إن الاعتراف بالكيان الصهيوني يعني انتهاء الحصار وعودة العلاقات إلي طبيعتها مع الولايات المتحدة.. لكنني أدرك أن من يفرط في التراب والأرض سيفرط في كل شيء: شرفه وكرامته ولن تكون لديه بعد ذلك أية خطوط حمراء إنه مسلسل مقيت يحتاج فقط إلي البداية ثم يستمر طريق التنازلات بلا نهاية). لذلك أصبح ضروريا تقديم بعض المعلومات عن بعض العروض التي قدمت على طبق من ذهب لقائد الثورة المسلحة صدام حسين ورفضها بأباء وأنفة.
رسالة بواسطة قس
طلب قس من الفاتيكان في عام 1996 زيارة العراق لأنه يحمل رسالة للرئيس صدام حسين، فدعي، والقيادة العراقية تعتقد انه يحمل رسالة من البابا، لكنه كشف، بعد وصوله إلى بغداد، انه يحمل رسالة من الإدارة الامريكية وليس من البابا ! وحينما استقبله الرئيس طرح ما يلي: إنني احمل إلى سيادتكم رسالة من الرئيس الأمريكي تقول أننا مستعدون لرفع الحصار عن العراق، ومساعدته على حل مشاكله، في حالة أوقف معارضته للصلح مع "اسرائيل"، وهذا لا يعني أنكم يجب أن تعترفوا "باسرائيل"، بل أن توقفوا معارضتكم وضغوطاتكم على من يريد ذلك. نظر صدام حسين، بعينيه العسليتين الثاقبتين، وتأمل القس برهة، ثم قال له:
- لو فعل صدام حسين ذلك لما بقي صدام حسين، ولما عرفه شعبه ولا العرب. وأضاف بصوت عميق وعال: قل لمن حملك هذه الرسالة إن الشعب العراقي سيسقطني غدا إذا قبلت ذلك، وأختتم اللقاء بعبارة شهيرة: (قل له إذا كان الهواء يأتينا من "اسرائيل" فليقطعوه عنا). وحينما كان القس يخرج مرتبكا قال: أشكرك سيادة الرئيس على استقبالي والاستماع إلي، فرد الرئيس: نعم يجب أن تشكرني لأنني استمعت لعرضك. وبعد انتهاء المقابلة أمر الرئيس ببثها من على شاشة التلفزيون، واستمع العراقيون لقائدهم وهو يرفض عرض التخلي عن فلسطين مقابل رفع الحصار عنهم، رغم أنه كان يقتل يوميا بين 250 -300 عراقي، حسب إحصاءات الأمم المتحدة، بسبب نقص الغذاء والدواء واستخدام اليورانيوم المنضب.
رسالة بواسطة الملك حسين
وصل بغداد مبعوث شخصي من المغفور له الملك حسين في عام 1994 يحمل رسالة الى الرئيس، فاستقبله القائد المناضل طارق عزيز (فك الله أسره)، وسأله: لماذا تريد مقابلة الرئيس؟ فرد الضيف الاردني، وكان صديقا شخصيا للرئيس ولأبي زياد: لكن الرسالة خاصة جدا وطلب جلالة الملك ان ابلغها للرئيس شخصيا! وأضاف المبعوث الاردني: كما أنني صديق للرئيس وأريد السلام عليه. سأله عزيز: هل الرسالة تتعلق بمبادلة رفع الحصار بتسهيل الصلح مع "اسرائيل" والاعتراف بها؟ رد المبعوث الاردني: نعم، كيف عرفت؟ وكان الضيف الأردني مندهشا لمعرفة طارق عزيز بمهمة سرية جدا، فرد عزيز: لست من عرف بل الرئيس شخصيا توقع ذلك، وقد طلب مني أسألك عن ذلك، وأمرني أن اعتذر عن السماح لك بمقابلته، إذا كان هذا ما جئت من أجله. وبالفعل لم يستقبل الرئيس المبعوث الأردني.
وساطة أمين الجميل
الوساطة الثالثة، وليس الأخيرة، كانت زيارة السيد أمين الجميل، الرئيس اللبناني الأسبق، للعراق قبل حوالي عام من الغزو، ونقله رسالة من جورج بوش الابن، تعرض نفس ما حملته رسالتا القس والمبعوث الأردني، وأهم ما عرض هو التالي: تبقون في الحكم، ويلغى قانون إسقاط النظام، ويرفع الحصار، بشرط المصالحة مع "اسرائيل" والاعتراف بها، والسماح للشركات الأمريكية بالاستثمار في العراق، وافق الرئيس على إعطاء شركات أمريكية عقودا واستثمارات، في مجال إعادة تأهيل البنية التحتية للصناعة النفطية التي دمرها العدوان الثلاثيني، لكنه رفض بشدة الاعتراف "باسرائيل". وقام الجميل بزيارة ثانية للعراق قبل الغزو بأسبوعين نقل فيها التهديد التالي من بوش للرئيس صدام: إذا لم تعترف "باسرائيل"، وتعتذر عن محاولة اغتيال والدي، سأفنيك، فرد الرئيس: قل لبوش نحن لا نقبل التهديد من أي كان.
وساطة سناتور أمريكي
وقبل هذا، وبعد انتهاء الحرب مع ايران، وبروز العراق بصفته القوة الإقليمية العظمى الوحيدة، إضافة "لاسرائيل"، زار العراق سناتور أمريكي، وإذا به يفاتح الرئيس فجأة بالتالي: لقد طلب مني رئيس وزراء "اسرائيل" أن أبلغك رسالة تقول: "خفضوا تسليحكم، واعترفوا بنا، نضمن لكم أخذ دول الخليج كلها". وبقدر ما كان كلام السناتور مفاجئاً للرئيس، كان رد الأخير مفاجئاً أيضا: ماذا أفعل بدول الخليج ولماذا آخذها؟ وأنهى المقابلة قبل وقتها المحدد، ووجهه يحمل علائم الانزعاج الشديد.
دلالات رمزية عظيمة
في ضوء ما تقدم يجد المرء نفسه أمام سؤال جوهري، جوابه معروف وهو : ما الذي يعنيه رفض الرئيس لكل هذه العروض الامريكية و"الاسرائيلية"؟ انه يعني تماما ان عراق صدام حسين كان يرفض المساومة على قضية فلسطين، حتى مقابل رفع الحصار وتقديم دعم مالي وتكنولوجي وسياسي للعراق. لقد أكد الرئيس انه رجل مبادئ وليس طالب سلطة أو نفوذ شخصي، ورغم انه كان يدرك، بوضوح وعمق، الخطر الكامن في الرفض إلا أنه تصرف كقائد وطني وقومي وإسلامي، مسؤول أمام الله والأمة العربية عن تصرفاته.
هذا الرجل كان بإمكانه، وهو يرى الانبطاح سياسة عامة، والتوسل مهنة حكام، أن يصبح (ملك ملوك العرب والعجم) لو قال نعم "لاسرائيل"،. من ينظر إلى سيرة صدام، واسمحوا لي أن الفظ اسمه مجردا من الألقاب، لأنه لا يحتاج إليها وقد أصبح إمام المجاهدين، وهو شرف أعظم من أي منصب مهما كبر وعلا، يدرك فورا أنه بإزاء صحابي معاصر جليل هجر الدنيا وما فيها، وقرر التضحية بأولاده وعائلته الصغيرة، من أجل عائلته الكبيرة: الوطن العربي الكبير والأمة الإسلامية العظيمة. لقد كان، وما زال، رمز الشرف، والوطنية والتمسك بالقومية العربية، والالتزام بالإسلام، وكل ذلك يتجسد، بالنسبة له، في كلمة واحدة: فلسطين.
وهذا الموقف بالذات، كان احد السببين الجوهريين لغزو العراق وتدميره، (والثاني هو النفط)، فأمة فيها قائد كصدام لا بد ان تنهض، ومن المحتم ان تنتصر، مهما كان الخصوم أقوياء. وأمامكم رمز صمود الفلوجة والموصل والبصرة والنجف الأشرف، يؤكد ذلك، ويبعث برسائل تقشعر لها أبدان ماسكي السلطة، الانكلوسكسون. صدام (أعاده الله ونصره قريبا إن شاء الله) يذكرنا بأجدادنا العظام، خصوصا سيد الشهداء الامام الحسين (ر)، فاختيار صدام لدرب الشهادة طريقا حتميا للبعث والولادة، انما هو سير على درب الحسين، الذي رفض المساومة مع يزيد واضرابه من مفسدي ذلك العصر، وهو يعرف انه سيقتل، مع كل من معه من آل البيت (رضوان الله عليهم).
وكما ان استشهادية الحسين هي التي جعلته المثال الأعظم للتضحية من اجل المبادئ المقدسة، فان رفض صدام للمساومة مع طغاة العصر، هو تذكير جديد للعرب والمسلمين باننا ورثة الثراث الاستشهادي الحسيني، وبأن النصر لن يأتي إلا بالتضحية والاستشهاد، وليس بالاستسلام والتوسل والانبطاح.
نعم كان بإمكان حادى ركب العرب ان يبقى رئيسا مقابل الاستسلام لشروط أمريكا و"اسرائيل"، لكنه، إن فعل ذلك، لن يحتفظ بصورة صدام، الحسيني الاختيار، والبعثي الملامح، بل سيصبح مجرد راس دولة، وحاشى لله ان يكون صدام مجرد رئيس دولة، فكم خليفة نصب بعد الحسين لا يعرفهم أحد، وكم رأس دولة صعد الى الكرسي وصار شهيرا كالقمر، لكنه ما ان نزل إلى القبر، حتى مات معه ذكره، واندثر، أما صدام فقد أنجب، وربى وكبر، ولده الثالث قبل الغزو: المقاومة المسلحة، فتحية إلى الابن الثالث لصدام، والذي من يديه سيأكل جلجامش نبتة الخلود العراقي، ويقطع رأس الأفعى التي تريد إعادة أكلها