المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ربيع الديمقراطية الامريكية؟ / عبد الباري عطوان



ali2004
04-03-2005, 10:57 AM
ربيع الديمقراطية الامريكية؟

تزدحم الصحف ومحطات التلفزة الغربية بمقالات وبرامج تركز علي المظاهرات التي اجتاحت لبنان احتجاجا علي اغتيال رفيق الحريري، واطاحت بحكومة عمر كرامي، وتعتبرها انجازا ديمقراطيا كبيرا تحقق بفضل التدخل الامريكي العسكري في العراق.
ويتسابق المتحدثون الغربيون والامريكيون منهم خاصة، علي ضرب امثلة علي النجاحات التي حققتها الادارة الامريكية في المنطقة العربية في فترتها الثانية، حيث شهدت انتخابات في العراق وفلسطين وافغانستان، والمملكة العربية السعودية (ربع انتخابات بلدية) وثورة شعبية في لبنان.
المقارنة بين ربيع لبنان و ربيع الفرعون في غير مكانها، بسبب الفارق الكبير بين البلدين والتجربتين. والقول بان احتلال العراق هو الذي ادي الي انفجار الثورة الشعبية في لبنان ينطوي علي مغالطة كبيرة.
فالتحرك الشعبي في لبنان هو نتاج تجربة ديمقراطية فريدة امتدت لعقود، انحرفت لعدة سنوات بفعل الحرب الاهلية. مضافا الي ذلك ان هناك برلمانا منتخبا وصحافة حرة في لبنان. اما الديمقراطية الامريكية في العراق فجري فرضها بالغزو والاحتلال، وعلي جثث مئة الف شهيد عراقي.
نعم العراق شهد انتخابات هي الاولي من نوعها منذ خمسين عاما، ولكن هذه الانتخابات جاءت تحت الاحتلال، وفاز فيها من جاءوا علي ظهور دباباته. وانتخابات صوت فيها الشعب العراقي لارقام فقط، ولم يعرف حتي الان اسماء اعضاء جمعيته الوطنية (البرلمان) رغم مرور شهر علي اعلان النتائج. ويعلم الله كم سينتظر هذا الشعب حتي يعرف من سيشكل الحكومة ومن هم اعضاؤها.
اما اذا انتقلنا الي الانتخابات الاخري التي يتغني بها المروجون للمشروع الديمقراطي الامريكي في المنطقة، اي تلك التي جرت في فلسطين المحتلة، فهي لا تختلف كثيرا عن الانتخابات العراقية، من حيث الظروف والنتائج، فالفائز في الانتخابات الرئاسية هو المرشح الامريكي، وان كان الفارق الوحيد بينه وبين الفائزين في الانتخابات العراقية انه وصل الي غزة علي ظهر اتفاقات اوسلو، وهي ليست بعيدة كثيرا عن الدبابات الامريكية.
الاحتلال الامريكي للعراق لم يجلب الديمقراطية الي المنطقة، وانما اشعل فتيل المقاومة، ووحد العرب، او المواطنين، علي كراهية الولايات المتحدة، ورفض ديمقراطيتها المشبوهة، لانها ديمقراطية انتقائية جري تصميمها لخدمة اهم ركنين في الاستراتيجية الامريكية في المنطقة: اولهما السيطرة علي منابع النفط مباشرة والتحكم بأسعاره وامداداته، وثانيهما الحفاظ علي الدولة العبرية قوية مسيطرة متفوقة عسكريا، ومعززة بترسانة نووية ضخمة.
مصر تشهد حالة من الغليان غير مسبوقة، ورضوخ الرئيس حسني مبارك للمطالب الشعبية بتعديل الدستور والسماح بانتخابات رئاسية متعددة المرشحين جاء بسبب الضغوط الشعبية، وهي الضغوط التي حاولت الادارة الامريكية ركوب موجتها ومحاولة توظيفها لمصلحة مشاريعها الديمقراطية!
الديمقراطية، التي تريدها الشعوب العربية هي غير الديمقراطية المعلبة التي تريدها ادارة بوش. وتخطئ الادارة الامريكية اذا اعتقدت ان الذين تظاهروا بعشرات الآلاف في لبنان يؤيدون العربدة الاسرائيلية في المنطقة، ويساندون الاحتلال الامريكي للعراق. هؤلاء يثورون ضد اجهزة مخابرات سورية جاهلة متخلفة اذلتهم، وتدخلت في ابسط شؤونهم بطريقة مهينة ساذجة.
حركات الاصلاح التي انطلقت في المملكة العربية السعودية ومصر، وبدرجة اقل في سورية جاءت احتجاجا علي الانظمة الدكتاتورية القمعية الفاسدة المدعومة امريكيا علي مدي الثلاثين عاما الماضية، وكرد فعل علي الغزو الامريكي للعراق، والجرائم الاسرائيلية في فلسطين المحتلة، ولذلك ليس غريبا ولا مفاجئا ان يهرع النظامان السعودي والمصري لتطويق الثورة الشعبية في لبنان، تحت غطاء انقاذ سورية، حتي لا تنتقل عدوي هذه الظاهرة الي الرياض والقاهرة، وتكون بداية انهيار اول احجار دومينو الفساد والدكتاتورية.
الادارة الامريكية ستعمل علي تشويه الثورة الشعبية في لبنان من خلال ربطها بمشاريعها في المنطقة، تماما مثلما حاولت افساد الثورة الشعبية التي تطل برأسها في مصر من خلال تبني قضية المعارض المصري ايمن نور، المعتقل حاليا في سجون السلطة المصرية.
المطالبة باطلاق سراح ايمن نور جاءت اولا من الشارع المصري، تماما مثلما جاءت المطالبات باطلاق سراح الاصلاحيين السعوديين المعتقلين في سجون الرياض. ومن المفارقة ان السيدة كونداليسا رايس وكل المتحدثين الامريكيين لم يطالبوا مطلقا باطلاق سراح هؤلاء السعوديين، بل علي العكس تماما احتفلوا بانتخابات بلدية في السعودية، رغم ان حجم المشاركة فيها لم يزد عن ستة في المئة، واعتبروها خطوة كبيرة علي طريق الاصلاح الديمقراطي!؟
الامير عبد الله بن عبد العزيز، ولي العهد السعودي، طالب سورية بالانسحاب بسرعة من لبنان، والشيء نفسه قاله الرئيس المصري، وكأننا نري المشهد العراقي في زمن الرئيس صدام يتكرر امامنا في سورية، نصائح ولا شيء غير النصائح. فالمثلث نفسه بدأ يأكل اعضاءه. فالمهم هو البقاء، ولكنه بقاء مؤقت، والتغيير مؤجل، والمسألة مسألة أولويات.
الانسحاب السوري من لبنان سيكون مثل الانسحاب العراقي من الكويت، اي بداية سلسلة طويلة من الطلبات الامريكية التي لا تنتهي الا بانتهاء النظام الحاكم في دمشق، فبعد الانسحاب سيكون هناك طلب بنزع سلاح حزب الله، ثم تقديم قادة الاجهزة الامنية السورية الي محكمة امريكية او دولية بتهمة التورط في اغتيال الحريري، وبعد ذلك فتح مسألة القبور الجماعية ، واخيرا ادخال الاصلاحات الديمقراطية.
المأمول ان تعي المعارضة اللبنانية حقيقة المخطط المرسوم للبنان وسورية والمنطقة بأسرها، وان ترفض ان تكون اداة في يد امريكا، وحصان طروادة لخدمة سياساتها في المنطقة.
نريدها ان تكون ثورة شعبية وطنية لاطاحة انظمة دكتاتورية واقامة انظمة شرعية تتصدي لمشاريع الهيمنة والاذلال الامريكية. ان تقول لا للاحتلال السوري، ولا اكثر قوة للاحتلالين الاسرائيلي والامريكي.

خطاب
04-03-2005, 11:37 AM
المأمول ان تعي المعارضة اللبنانية حقيقة المخطط المرسوم للبنان وسورية والمنطقة بأسرها، وان ترفض ان تكون اداة في يد امريكا، وحصان طروادة لخدمة سياساتها في المنطقة.
نريدها ان تكون ثورة شعبية وطنية لاطاحة انظمة دكتاتورية واقامة انظمة شرعية تتصدي لمشاريع الهيمنة والاذلال الامريكية. ان تقول لا للاحتلال السوري، ولا اكثر قوة للاحتلالين الاسرائيلي والامريكي

هند
04-03-2005, 11:46 AM
بارك الله بك أخي على هذا النقل المبارك

الله أكبر ولله الحمد - الله أكبر وليخسأ الخاسئون