المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف يتم التواصل بين أبناء الأمة؟؟



عبدالغفور الخطيب
17-02-2005, 04:28 PM
كيف يتم التواصل بين أبناء الأمة ؟؟

الأمة هي جماعة أكبر من الشعب ، هكذا يبدو بالذاكرة ، لكن قد تكون في الظاهر أقل من ذلك لقوله تعالى ( كان ابراهيم أمة ) ، ولكن كان هنا ليست فعل ماضي في القرآن ، لقوله تعالى ( كنتم خير أمة أخرجت للناس) لا يعني ان الأمة المخاطبة هنا قد انتهت صفة الخير عنها .

وفي الحالة الأولى يقصد ان من يسير على نهج ابراهيم عليه السلام وهم كثر هم من يطلق عليهم أمة ، كما كان ترميز ( وفديناه بذبح عظيم ) فعظمة الذبح جاءت من تكرار فعله على مر السنين وليست من ضخامة ما ذبح في وقته والله أعلم .

كما ان الأمة ممكن ان تكون لغير البشر ، وهذا يعني ان مصطلح أمة مصطلح معروف وواسع الاستعمال ، ولكنه في النهاية يصل الى مخيال من يتناوله بشكل يتشابه مع ما يصــل اليه عند كثيرين وفي أماكن مختلفة ، وما يهمنا هنا هو الاقتراب من محور الحديث عن هل فات الوقت على العرب . فنحن نتناول هنا موضوع الأمة العربية .

ان يكون هناك شخص واحد او ان يكون هناك ملايين الأشخاص ، لا فرق اذا كان الملايين ليس بينهم مادة إسمنتية تربطهم ، فالأمر كأنه استنساخ للشخص الواحد ملايين المرات ، أما ان يكون عشرة أشخاص يقسمون الأدوار بينهم ويتصرفون كجسم مكون من عشرة أشخاص فانهم حتما سيكون أقوى من آلاف من الحالة الأولى ، نحن نحلم ان تكون أمتنا مترابطة ومتناغمة الأداء ومتحفزة لأهداف يعرفها أبناءها ويتجهون نحو تحقيقها بهمة عالية .

لكن كيف سيتم لهم ذلك ؟ هل يفيقون باكرا ليتجهوا نحو تلك الأهداف التي لم ترسم أو رسمت ولم تصل الى كل أبناء الأمة ، او رسمت ووكل أشخاص بتوصيلها لكل أبناء الأمة فلم يفعلوا ، او فعلوا ولكن غيروها وهي في طريقها الى الناس ؟

ان المدعين بأهليتهم برسم تلك الأهداف كثر ، وهم يرسموا أهدافهم أو أهداف الأمة ولكن دون تكليف من أحد وبالمقابل فانهم يصرون ان أهليتهم لا غبار عليها ، ويسوقون دلائل كثيرة ، ولا يحبذوا سماع من يفندها او يعترض عليها ، فان فعل أضيف اسمه ان كان شخصا او أسمائهم ان كانوا فئة لقائمة الأهداف المرسومة .. إنها إشكالية أولى تتقدم على كل الإشكاليات المطروحة في مجال التواصل مع أفراد الأمة.

وأحيانا نجد ان عناوين الأهداف براقة ولامعة وجيدة بنفس الوقت ، لكن نادرا ما نجد عناوين غير ذلك ، فلم نرى حزبا او حاكما او مثقفا يقول بعناوينه ، سأقطع الكهرباء عن المواطنين ، وسأحفر الشوارع وأفشي البطالة واعمل على نشر الرشوة !

فمن هنا لم يعد عنوان الخطاب يغري المتلقي للتفاعل معه ، لتشابه الخطابات وفي عهود متقاربة ، فيسجل من يوصل الخطاب ان المتلقي غير موجود ولم يبلغ ، وتتكرر الحالة لتصل لكل أبناء الأمة ، فتنفتح نفس القاضي ( الحاكم ) لإصدار حكم غيابي بحق الأمة .
الى متى ينتظر المواطنون العرب تلقي خطابا مفيدا ، و هل لو كان مفيدا فعلا سيصدقونه ، أم يدخلونه مختبر لفحص الحمض الأميني له ، واحيانا تكون عملية الفحص طولها او تسويفها يثلم حدة التفاعل مع الخطاب المفيد لدرجة عدم التفاعل معه ، وهذا قد يدفع بصانع وكاتب الخطاب الذي كان يتصور ان يكون التفاعل مع خطابه سريعا ، يضطر لتغييره و ليس بالضرورة نحو الأحسن .

قد يضيف حملة الخطاب نكهة خاصة بهم من أجل وضع طابع يشرعن حظوتهم بامتيازات تكون مثيرة للجدل بأوساط كثيرة ، وهذا وحده قد يقلب شكل الخطاب ليكون عديم الجدوى .

لقد مر العرب في العصر الحديث بفترات كانوا لو أحسنوا استغلالها لكان وضعهم أفضل بكثير ، و أولها نهاية الحرب العالمية الثانية عندما كان العالم منشغل في لملمة جراحه ، فكانوا في حيز أفضل من الإلتفات لذاتهم وبناء شبكة الاتصالات فيما بينهم بحيث يصبحون أمة حقيقية .

والآن إنها من الفرص النادرة للعرب ان يسارعوا في بناء تلك الشبكة بسرعة ، طالما انفضح شكل المعسكر المعادي لأمانيهم ، وان هناك مقاومة حقيقية شرسة في العراق ، فتبنى الاتصالات على دعمها ، وفي تلك الأثناء تبنى أشكال الحشد حولها راسمة شكل ما بعد الانتصار ، فان أجلت تلك المسألة ستؤجل معها المشاكل لتطيح باللبنات الأولى للبناء كما حدث في حرب التحرير الجزائرية ، إذ أجلت البحث في مستقبل الجزائر لما بعد التحرير ، وعندما تحررت الجزائر ، خرج ميكروب الخلاف من حاضنته ليفعل فعله .