عبدالغفور الخطيب
16-02-2005, 02:47 AM
دخلت أمس إسرائيل مجدداً على خط الأزمة اللبنانية التي تفاقمت في اليومين الماضيين بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري واغتنمت هذه الجريمة التي روعت اللبنانيين لتصب نيرانها على سوريا متهمة إياها بالضلوع المباشر في عملية الاغتيال. ومع ان اسرائيل لم تكن الأولى في توجيه أصابع الاتهام إلى دمشق، فإنها كانت السباقة إلى الترويج لإمكان حدوث فوضى لبنانية على حدودها الشمالية مما أثار تساؤلات جدية عما حدث في لبنان يوم الاثنين الأسود ومن المستفيد فعلاً ومن يقف وراءه؟
لاشك في ان اصابع اتهام كثيرة اتجهت إلى دمشق بعد عملية الاغتيال، ومنها اصابع المعارضة اللبنانية بتلاوينها السياسية والطائفية المختلفة لأسباب عدة منها:
1 ـ تراجع الود إلى حد القطيعة بين الحريري وسوريا التي يرى بعض مسؤوليها ان ولاء الحريري للمملكة العربية السعودية وللغرب أقوى من ولائه لها. وانه قد فرض في مناسبات عدة على دمشق التعاون معه قبل ان تخرجه نهائياً من السلطة العام الماضي.
2 ـ حجم رفيق الحريري الذي تضخم كثيراً في السنوات الماضية وامتد داخلياً خارج اطار طائفته السنية الى طوائف أخرى. كما امتدت علاقاته عربيا ودوليا حتى بلغت دمشق نفسها شعبيا وسياسيا.
3 ـ الانتخابات النيابية المقبلة وخشية سوريا من عقد الحريري تحالفات سياسية وانتخابية مع قوى جديدة تمكنه من اكتساح بيروت مجددا والفوز بحصة كبيرة خارج العاصمة
ايضا، مما يخل بموازين القوى الداخلية لغير مصلحة سوريا، وما يساعده على فرض نفسه مجددا شريكا في الحكم بدعم شعبي وترحيب دولي، خصوصا فرنسي واميركي سينتظر منه المبادرة الى اتخاذ خطوات ملموسة لتنفيذ القرار 1559.
4ـ الأهم من ذلك كله، قطع الطريق امام تبدل التحالفات الطائفية في لبنان، وامام أي تحرك جدي داخلي من شأنه ان يشكل عائقا للسياسات السورية في لبنان او مناهضا لها، ولا سيما في ظل الضغوط الخارجية القوية على سوريا من أكثر من اتجاه.
لكن هذه الاحتمالات كلها لا تنفي ان عملية اغتيال بهذا الحجم تتعارض والمصلحة السورية الآن. ومن شأنها أيضاً جلب المزيد من العداء والأعداء لدمشق في لبنان وعلى المستوى الدولي. فعملية الاغتيال هذه اعادت تركيز الاهتمام الدولي على لبنان في اتجاه القاء كل تبعات مشاكله على سوريا.
وهذا من شأنه ان يصعد الضغوط على الحكم السوري، خصوصاً وان الاغتيال ينزع من الحكمين السوري واللبناني ذريعتهما الاولى وعنوانها ان الوجود السوري هو عصب استتباب الأمن ودوام الاستقرار في لبنان. وفي طبيعة الحال فبعد الذي جرى الاثنين لا يمكن لدمشق وحلفائها في بيروت إعادة تسويق هذه الذريعة.
اضافة الى ذلك فإن المخطط الاستراتيجي لاسرائيل في المنطقة العربية لم يتغير، وهو اعادة تشكيلها سياسياً على أساس طائفي وعرقي. وقد حقق هذا البرنامج نجاحات حتى الآن في العراق والسودان، وكان حاضراً بقوة في الحرب الأهلية اللبنانية. وعلى ما يبدو فإنه يطل برأسه من جديد. ومن هنا ربما تفهم المسارعة الإسرائيلية إلى التبشير بالفتنة والفوضى على حدودها.
وفي أي حال فإن اغتيال الحريري وتوجيه أصابع الاتهام لسوريا سيفقد دمشق في لبنان دعم الطائفة السنية بعدما فقدت دعم الطائفة الدرزية منذ التمديد للرئيس اميل لحود وتاليا لم يعد لسوريا من حليف على مستوى الكتل الطائفية إلا الطائفة الشيعية.
كذلك فإن سنة لبنان كما المسيحيين من قبل، سيشعرون بالإحباط وبأنهم مستهدفون بدورهم ووجودهم نظراً إلى الفراغ الذي سيخلفه رحيل الحريري.
ولربما تفاعل هذا الشعور على مستوى المنطقة ليلاقي الشعور باستهداف السنة في العراق وما يمكن أن يخلف ذلك من توترات مذهبية تؤجهها أرضية مشحونة أصلاً وأجهزة مخابراتية عدة مستعدة للعب على التناقضات.
إلى ذلك، فإن دخول لبنان مجدداً في متاهة الاغتيالات السياسية لن يقتصر على طرف دون الآخر. وهنا تبدو صورة الانتقال إلى حالة من الفوضى والاضطراب الأمني أقرب إلى الواقع من إمكان العودة إلى الحرب الأهلية في الشكل الذي حدثت فيه سابقاً لأسباب محلية ودولية عديدة.
وفي غمرة هذه التجاذبات فإن السلطة اللبنانية ومن يقف خلفها لن تسلِّم على الأرجح بالهزيمة ولن تسمح بانتقال لبنان بهدوء من المعسكر السوري إلى المعسكر الضاغط على سوريا. وفي المقابل فإن المعارضة اللبنانية قد تتجه إلى المزيد من المطالبة بالتدويل والحماية الدوليين، وما يعني ذلك من دخول أميركي وفرنسي أكبر في رسم الخريطة السياسية اللبنانية.
غالب الظن الآن ان ملف الانتخابات اللبنانية قد يدخل في مهب الريح. كما ان وضع «حزب الله» سيزداد حرجاً بعد تحلل اكثر الطوائف اللبنانية من دعم استمراره بالمقاومة: ما سينعكس توترا في خطابه السياسي.
واخيرا وليس آخرا فإن ثقل الأزمة السياسية لابد وان ينعكس سلبا على الوضع الاقتصادي المتدهور اصلا، ولابد ان يؤثر خصوصا على قطاعي الاستثمار والسياحة. وفي هذا الاطار توقع اقتصاديون لبنانيون بارزون ان يتردد المستثمرون العرب والأجانب في ضخ استثمارات الى لبنان كما ان الضغوط ستزداد على الأسواق المحلية وسترغم مصرف لبنان على اللجوء الى احتياطياته النقدية لحماية الليرة اللبنانية من التراجع.
لاشك في ان اصابع اتهام كثيرة اتجهت إلى دمشق بعد عملية الاغتيال، ومنها اصابع المعارضة اللبنانية بتلاوينها السياسية والطائفية المختلفة لأسباب عدة منها:
1 ـ تراجع الود إلى حد القطيعة بين الحريري وسوريا التي يرى بعض مسؤوليها ان ولاء الحريري للمملكة العربية السعودية وللغرب أقوى من ولائه لها. وانه قد فرض في مناسبات عدة على دمشق التعاون معه قبل ان تخرجه نهائياً من السلطة العام الماضي.
2 ـ حجم رفيق الحريري الذي تضخم كثيراً في السنوات الماضية وامتد داخلياً خارج اطار طائفته السنية الى طوائف أخرى. كما امتدت علاقاته عربيا ودوليا حتى بلغت دمشق نفسها شعبيا وسياسيا.
3 ـ الانتخابات النيابية المقبلة وخشية سوريا من عقد الحريري تحالفات سياسية وانتخابية مع قوى جديدة تمكنه من اكتساح بيروت مجددا والفوز بحصة كبيرة خارج العاصمة
ايضا، مما يخل بموازين القوى الداخلية لغير مصلحة سوريا، وما يساعده على فرض نفسه مجددا شريكا في الحكم بدعم شعبي وترحيب دولي، خصوصا فرنسي واميركي سينتظر منه المبادرة الى اتخاذ خطوات ملموسة لتنفيذ القرار 1559.
4ـ الأهم من ذلك كله، قطع الطريق امام تبدل التحالفات الطائفية في لبنان، وامام أي تحرك جدي داخلي من شأنه ان يشكل عائقا للسياسات السورية في لبنان او مناهضا لها، ولا سيما في ظل الضغوط الخارجية القوية على سوريا من أكثر من اتجاه.
لكن هذه الاحتمالات كلها لا تنفي ان عملية اغتيال بهذا الحجم تتعارض والمصلحة السورية الآن. ومن شأنها أيضاً جلب المزيد من العداء والأعداء لدمشق في لبنان وعلى المستوى الدولي. فعملية الاغتيال هذه اعادت تركيز الاهتمام الدولي على لبنان في اتجاه القاء كل تبعات مشاكله على سوريا.
وهذا من شأنه ان يصعد الضغوط على الحكم السوري، خصوصاً وان الاغتيال ينزع من الحكمين السوري واللبناني ذريعتهما الاولى وعنوانها ان الوجود السوري هو عصب استتباب الأمن ودوام الاستقرار في لبنان. وفي طبيعة الحال فبعد الذي جرى الاثنين لا يمكن لدمشق وحلفائها في بيروت إعادة تسويق هذه الذريعة.
اضافة الى ذلك فإن المخطط الاستراتيجي لاسرائيل في المنطقة العربية لم يتغير، وهو اعادة تشكيلها سياسياً على أساس طائفي وعرقي. وقد حقق هذا البرنامج نجاحات حتى الآن في العراق والسودان، وكان حاضراً بقوة في الحرب الأهلية اللبنانية. وعلى ما يبدو فإنه يطل برأسه من جديد. ومن هنا ربما تفهم المسارعة الإسرائيلية إلى التبشير بالفتنة والفوضى على حدودها.
وفي أي حال فإن اغتيال الحريري وتوجيه أصابع الاتهام لسوريا سيفقد دمشق في لبنان دعم الطائفة السنية بعدما فقدت دعم الطائفة الدرزية منذ التمديد للرئيس اميل لحود وتاليا لم يعد لسوريا من حليف على مستوى الكتل الطائفية إلا الطائفة الشيعية.
كذلك فإن سنة لبنان كما المسيحيين من قبل، سيشعرون بالإحباط وبأنهم مستهدفون بدورهم ووجودهم نظراً إلى الفراغ الذي سيخلفه رحيل الحريري.
ولربما تفاعل هذا الشعور على مستوى المنطقة ليلاقي الشعور باستهداف السنة في العراق وما يمكن أن يخلف ذلك من توترات مذهبية تؤجهها أرضية مشحونة أصلاً وأجهزة مخابراتية عدة مستعدة للعب على التناقضات.
إلى ذلك، فإن دخول لبنان مجدداً في متاهة الاغتيالات السياسية لن يقتصر على طرف دون الآخر. وهنا تبدو صورة الانتقال إلى حالة من الفوضى والاضطراب الأمني أقرب إلى الواقع من إمكان العودة إلى الحرب الأهلية في الشكل الذي حدثت فيه سابقاً لأسباب محلية ودولية عديدة.
وفي غمرة هذه التجاذبات فإن السلطة اللبنانية ومن يقف خلفها لن تسلِّم على الأرجح بالهزيمة ولن تسمح بانتقال لبنان بهدوء من المعسكر السوري إلى المعسكر الضاغط على سوريا. وفي المقابل فإن المعارضة اللبنانية قد تتجه إلى المزيد من المطالبة بالتدويل والحماية الدوليين، وما يعني ذلك من دخول أميركي وفرنسي أكبر في رسم الخريطة السياسية اللبنانية.
غالب الظن الآن ان ملف الانتخابات اللبنانية قد يدخل في مهب الريح. كما ان وضع «حزب الله» سيزداد حرجاً بعد تحلل اكثر الطوائف اللبنانية من دعم استمراره بالمقاومة: ما سينعكس توترا في خطابه السياسي.
واخيرا وليس آخرا فإن ثقل الأزمة السياسية لابد وان ينعكس سلبا على الوضع الاقتصادي المتدهور اصلا، ولابد ان يؤثر خصوصا على قطاعي الاستثمار والسياحة. وفي هذا الاطار توقع اقتصاديون لبنانيون بارزون ان يتردد المستثمرون العرب والأجانب في ضخ استثمارات الى لبنان كما ان الضغوط ستزداد على الأسواق المحلية وسترغم مصرف لبنان على اللجوء الى احتياطياته النقدية لحماية الليرة اللبنانية من التراجع.