المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ذكر الله تعالى



القادم
16-05-2004, 01:09 PM
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على سيدنا محمد أفضل الذاكرين ، وسيد الشاكرين ، وإمام المرسلين ، وقائد الغر المحجلين ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، ومن سلك طريقهم إلى يوم الدين .

وبعد ، فاعلم يا أخي _ رزقني الله وإياك حسن التوفيق _ أن لكل إنسان غاية أساسية من حياته تدور عليها أفكاره وتتجه نحوها أعماله ، وتتركز حولها آماله ؛ وهي التي يسمونها "المثل الأعلى" ومتى سمَت هذه الغاية وعلت صدرت عنها أعمال سامية مجيدة ، وانطبعت نفس صاحبها بصورة من الجمال الروحي وحدَت به إلى الكمال دائما حتى يأخذ فيه بالنصيب الذي قدر له .
والإسلام ، وقد جاء لإصلاح نفوس البشر وتزكيتها والعلو بها إلى منتهى الكمال الممكن لها ، أوضح للإنسانية جميعا الغاية القصوى ، وحدا بها نحو المثل الأعلى ، وكان هذا المثل هو " قدس حضرة الله جل وعلا " والآية الكريمة تقول "ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين ".
وإذ عرفت هذا أيها الأخ الكريم فلا تستغرب بعد أن يكون المسلم ذاكرا لله على كل حال ، وأن تؤثر عن النبي صلى الله عليه وسلم _ وهو أعرف الخلق بربه _ تلك الصيغ الرائعة البليغة من الذكر والدعاء والشكر والتسبيح والتحميد في كل الأحوال صغيرها وكبيرها وعظيمها وحقيرها ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحواله ، ولا تعجب إذا طالبنا الأخوة المسلمين أن يستنّوا بسنة نبيهم ، ويقتدوا به صلى الله عليه وسلم ، فيحفظوا هذه الأذكار ويتقربوا بها إلى العزيز الغفار " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ".
وقد ورد الأمر بالذكر والإكثار منه وبيان فضله وفضل الذاكرين في كثير من آيات القرآن الكريم وأحاديث الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم ، وحسبك أن كان خاتمة المراتب في قوله تعالى " إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما ".
وقد وردت الأحاديث الكثيرة في فضل الذكر ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل : " قال الله تبارك وتعالى : أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم " متفق عليه من حديث أبي هريرة .
وعن عبد الله بن بسر رضي الله عنه أن رجلا قال : يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علي فأخبرني بشيء أتشبث به . قال :" لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله " رواه الترمذي وقال : حديث حسن .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لا يقعد قوم يذكرون الله تعالى إلا حفتهم الملائكة ، وغشيتهم الرحمة ، ونزلت عليهم السكينة ، وذكرهم الله فيمن عنده ".
واعلم يا أخي أن الذكر ليس المقصود به الذكر القولي فحسب بل إن التوبة ذكر ، والتفكر من أعلى أنواع الذكر ، وطلب العلم ذكر ، وطلب الرزق إذا حسنت فيه النية ذكر ، وكل أمر راقبت فيه ربك وتذكرت نظره إليك ورقابته فيه عليك ذكر ، ولهذا كان العارف ذاكرا على كل حالاته .
ولا بد ليكون للذكر أثره في القلب من مراعاة آدابه ، وإلا كان مجرد ألفاظ لا تأثير فيها ، وقد ذكروا له آداب كثيرة أهمها وأولاها بالرعاية :
_ الخشوع والتأدب ، واستحضار معاني الصيغ ، ومحاولة التأثر بها ، وملاحظة مقاصدها وأغراضها
_ خفض الصوت ما أمكن ذلك ، مع اليقظة التامة والهمة الكاملة حتى لا يشوش على غيره ، وقد أشارت الآية الكريمة إلى هذه الآداب فقال تعالى " واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين ".
_ النظافة في الثوب والمكان ، ومراعاة الأماكن المحترمة والأوقات المناسبة ، حتى يكون ذلك أدعى إلى اجتماع همته ، وصفاء قلبه ، وخلوص نيته .
_ الانصراف في خشوع وأدب ، مع اجتناب اللغط واللهو الذي يذهب بفائدة الذكر وأثره .
فإذا لاحظ هذه الآداب فإنه سينتفع بما قرأ ويجد أثر ذكره حلاوة في قلبه ، ونورا لروحه ، وانشراحا في صدره ، وفيضا من الله إن شاء الله تعالى .


فيا إخوتي عليكم بذكر الله تعالى صباحا ومساء حسب المأثور ، وهذا لا يأخذ من الوقت الكثير ، وهو مما يدفع البلاء ، ويحفظ الإنسان ، ويبعده عن المعاصي ، ويكون في كنف الله ولطفه فقد قال اللطيف الخبير " ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم " وقال سبحانه " فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون ".

اللهم إنا ظلمنا أنفسنا ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لنا .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

تقى
18-05-2004, 12:17 PM
موضوع قيم.. .
جزاك الله خير وجعل مكتبت في ميزان حسناتك.