عبدالغفور الخطيب
14-02-2005, 02:45 AM
كتب سيرغي روغوف، رئيس معهد الولايات المتحدة وكندا، العضو المراسل في أكاديمية العلوم الروسية المقال التالي:
أظن أن الزخم الإيجابي الذي تلقته العلاقات الروسية الأمريكية بعد 11 سبتمبر 2001، استنفد جدواه. وفي رأيي إن اللقاء القادم بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي جورج بوش في براتيسلافا قد يدفع عجلة العلاقات بين البلدين أو يجعل الجفاء يطبعها.
ويمكن القول أن هناك في أمريكا الآن توافق عدائي لروسيا، إذ ان القوى السياسية بدءا بالديمقراطيين الليبراليين وانتهاء باليمين الجمهوري المتطرف، التي تختلف مواقفها في جميع المسائل، تجمع على التنديد بنظام الحكم الروسي كنظام سلطوي تحكمي ينتهج سياسة إمبراطورية جديدة في الساحة الدولية. وينسحب ذلك على أوروبا أيضا، فهي تنافس أمريكا في المجال الاقتصادي ولا تتفق معها في المسألة العراقية ولكنها تشاركها موقفها تجاه روسيا، أي يمكن ان تعزز أوروبا وأمريكا العلاقات الثنائية على حساب روسيا، حتى أنهم رفعوا هناك لأول مرة خلال 15 سنة شعارا يدعو إلى "ردع" روسيا وعزل أوكرانيا وجورجيا عنها..
قبل نصف السنة أو سنة عندما صرخ بعض الرؤوس الحامية في روسيا ان العلاقات الروسية الأمريكية تواجه أزمة لم أتفق معهم. أما الآن فإنني أرى ان العلاقات الروسية الأمريكية دخلت مرحلة خطيرة جدا.
ولكن هذا لا يعني انه لا بد وان تنشب حرب باردة جديدة بل أظن انه يمكن ان تشهد العلاقات الروسية الأمريكية تطورا إيجابيا. أما في ما يخص آراء الغرب حول روسيا فإنني أرى إمكان مجادلة أصحاب هذه الآراء. وعلى سبيل المثال يمكنني ان أضع شكوكا كبيرة في معايير الديمقراطية التي يعلنها جورج بوش. ولعل أبرز الأمثلة هو كيف أجريت الانتخابات في العراق.
ومن الواضح ان الولايات المتحدة ترى أنه من الضروري ان تسرع في ترميم العلاقات مع أوروبا لأنها تحتاج إلى الحلفاء الذين يساعدونها في العراق حيث تنوي الولايات المتحدة تقليل حشودها العسكرية هناك. ويقوم جورج بوش بأول زيارة خارجية له بعد إعادة انتخابه إلى أوروبا. وسوف يلتقي الرئيس الأمريكي إبان ذلك بالرئيس الروسي في براتيسلافا. وهذا يعني ان الولايات المتحدة لم تشدد سياستها تجاه روسيا بعد وإن شددت لهجتها حيالها.
وقالت كانداليزا رايس في أحد تصريحاتها الأخيرة ان هناك مشكلة تتعلق بوضع الديمقراطية في روسيا، ولكن هناك تعاونا وشراكة مع روسيا تنوي الولايات المتحدة تطويرهما.
وتواجه الولايات المتحدة اليوم كمّا من المشاكل مع إيران وكوريا الشمالية لم تواجهه من قبل. ولم تستطع إدارة جورج بوش ان تفعل شيئا ببرامجهما النووية على رغم من التصعيد في تصريحات مسؤوليها خلال الأعوام الأربعة الأخيرة. ومن هنا فإن ما طرحه الاتحاد الأوروبي هو المبادرة الحقيقية لتسوية المسألة النووية الإيرانية. أما بالنسبة لكوريا فإن الآمال معقودة على الصين لعلها تلقن الرفاق الكوريين كيف يجب أن يجيدوا السلوك.
وإزاء ذلك يطرح هذا السؤال نفسه: هل أن من مصلحة إدارة بوش ان تتشاجر مع روسيا وهي تساعد إيران في إنشاء وتجهيز محطة الكهرباء النووية في بوشهر؟ وهل يمكن ان تستغني أمريكا عن دعم روسيا في التعامل مع المسألة الفلسطينية وهي مسألة يربطون بها ظاهرة الإرهاب والتطرف؟
وثمة مسائل أخرى تمس أمريكا وروسيا على نحو سواء مثل دفع عجلة تدمير المخزون من الأسلحة النووية والكيماوية.
ثم أن الإدارة الأمريكية أعلنت مواجهة لانتشار أسلحة الدمار الشامل. وهناك فارق بين منع الانتشار ومواجهة الانتشار، فالمقصود في الحالة الأخيرة هو العمل على إعادة العفريت إلى القمقم إذا خرج منه. ومن أجل ذلك اقترح جورج بوش قبل عام مراقبة وتفتيش الطائرات والسفن. ولم يلقوا في روسيا بالا إلى هذا الاقتراح في البداية، ثم انضموا إلى هذه المبادرة بعد نصف العام.
ومعنى هذا، في رأيي، ان تقريب الموقفين الروسي والأمريكي تجاه مواجهة انتشار الأسلحة المحظورة أمر ممكن. ويمكن ان يمهد ذلك لتوسيع التعاون، وخاصة في مجالين أولهما الدفاع المضاد للصواريخ، حيث هيهات ان تجد أمريكا شريكا آخر هناك لأن وحدها روسيا من يملك ما يؤهله للتعاون في هذا المجال.
والمجال الثاني هو مواجهة كوارث المد البحري الهائل "تسونامي" التي تشبه كارثة الانفجار النووي. وثمة حاجة إلى إنشاء النظام الدولي الكفيل بمواجهة كوارث من هذا القبيل على الفور، وهو ما تنشغل به وزارة الطوارئ في روسيا. ووحدهما روسيا والولايات المتحدة من يملكان الكوادر والآلات المطلوبة لمواجهة كارثة كهذه.
وأخيرا وحدهما روسيا والولايات المتحدة من يملكان الوسائل الكفيلة باحتواء ما يمكن أن يترتب على تفجير قنبلة نووية او قنبلة قذرة.
وأمام ذلك أرى لزاما علي ان لا أسارع إلى عمل توقعات مستقبلية متفائلة أو متشائمة لتطور العلاقات الروسية الأمريكية قبل انعقاد اللقاء بين الرئيسين
أظن أن الزخم الإيجابي الذي تلقته العلاقات الروسية الأمريكية بعد 11 سبتمبر 2001، استنفد جدواه. وفي رأيي إن اللقاء القادم بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي جورج بوش في براتيسلافا قد يدفع عجلة العلاقات بين البلدين أو يجعل الجفاء يطبعها.
ويمكن القول أن هناك في أمريكا الآن توافق عدائي لروسيا، إذ ان القوى السياسية بدءا بالديمقراطيين الليبراليين وانتهاء باليمين الجمهوري المتطرف، التي تختلف مواقفها في جميع المسائل، تجمع على التنديد بنظام الحكم الروسي كنظام سلطوي تحكمي ينتهج سياسة إمبراطورية جديدة في الساحة الدولية. وينسحب ذلك على أوروبا أيضا، فهي تنافس أمريكا في المجال الاقتصادي ولا تتفق معها في المسألة العراقية ولكنها تشاركها موقفها تجاه روسيا، أي يمكن ان تعزز أوروبا وأمريكا العلاقات الثنائية على حساب روسيا، حتى أنهم رفعوا هناك لأول مرة خلال 15 سنة شعارا يدعو إلى "ردع" روسيا وعزل أوكرانيا وجورجيا عنها..
قبل نصف السنة أو سنة عندما صرخ بعض الرؤوس الحامية في روسيا ان العلاقات الروسية الأمريكية تواجه أزمة لم أتفق معهم. أما الآن فإنني أرى ان العلاقات الروسية الأمريكية دخلت مرحلة خطيرة جدا.
ولكن هذا لا يعني انه لا بد وان تنشب حرب باردة جديدة بل أظن انه يمكن ان تشهد العلاقات الروسية الأمريكية تطورا إيجابيا. أما في ما يخص آراء الغرب حول روسيا فإنني أرى إمكان مجادلة أصحاب هذه الآراء. وعلى سبيل المثال يمكنني ان أضع شكوكا كبيرة في معايير الديمقراطية التي يعلنها جورج بوش. ولعل أبرز الأمثلة هو كيف أجريت الانتخابات في العراق.
ومن الواضح ان الولايات المتحدة ترى أنه من الضروري ان تسرع في ترميم العلاقات مع أوروبا لأنها تحتاج إلى الحلفاء الذين يساعدونها في العراق حيث تنوي الولايات المتحدة تقليل حشودها العسكرية هناك. ويقوم جورج بوش بأول زيارة خارجية له بعد إعادة انتخابه إلى أوروبا. وسوف يلتقي الرئيس الأمريكي إبان ذلك بالرئيس الروسي في براتيسلافا. وهذا يعني ان الولايات المتحدة لم تشدد سياستها تجاه روسيا بعد وإن شددت لهجتها حيالها.
وقالت كانداليزا رايس في أحد تصريحاتها الأخيرة ان هناك مشكلة تتعلق بوضع الديمقراطية في روسيا، ولكن هناك تعاونا وشراكة مع روسيا تنوي الولايات المتحدة تطويرهما.
وتواجه الولايات المتحدة اليوم كمّا من المشاكل مع إيران وكوريا الشمالية لم تواجهه من قبل. ولم تستطع إدارة جورج بوش ان تفعل شيئا ببرامجهما النووية على رغم من التصعيد في تصريحات مسؤوليها خلال الأعوام الأربعة الأخيرة. ومن هنا فإن ما طرحه الاتحاد الأوروبي هو المبادرة الحقيقية لتسوية المسألة النووية الإيرانية. أما بالنسبة لكوريا فإن الآمال معقودة على الصين لعلها تلقن الرفاق الكوريين كيف يجب أن يجيدوا السلوك.
وإزاء ذلك يطرح هذا السؤال نفسه: هل أن من مصلحة إدارة بوش ان تتشاجر مع روسيا وهي تساعد إيران في إنشاء وتجهيز محطة الكهرباء النووية في بوشهر؟ وهل يمكن ان تستغني أمريكا عن دعم روسيا في التعامل مع المسألة الفلسطينية وهي مسألة يربطون بها ظاهرة الإرهاب والتطرف؟
وثمة مسائل أخرى تمس أمريكا وروسيا على نحو سواء مثل دفع عجلة تدمير المخزون من الأسلحة النووية والكيماوية.
ثم أن الإدارة الأمريكية أعلنت مواجهة لانتشار أسلحة الدمار الشامل. وهناك فارق بين منع الانتشار ومواجهة الانتشار، فالمقصود في الحالة الأخيرة هو العمل على إعادة العفريت إلى القمقم إذا خرج منه. ومن أجل ذلك اقترح جورج بوش قبل عام مراقبة وتفتيش الطائرات والسفن. ولم يلقوا في روسيا بالا إلى هذا الاقتراح في البداية، ثم انضموا إلى هذه المبادرة بعد نصف العام.
ومعنى هذا، في رأيي، ان تقريب الموقفين الروسي والأمريكي تجاه مواجهة انتشار الأسلحة المحظورة أمر ممكن. ويمكن ان يمهد ذلك لتوسيع التعاون، وخاصة في مجالين أولهما الدفاع المضاد للصواريخ، حيث هيهات ان تجد أمريكا شريكا آخر هناك لأن وحدها روسيا من يملك ما يؤهله للتعاون في هذا المجال.
والمجال الثاني هو مواجهة كوارث المد البحري الهائل "تسونامي" التي تشبه كارثة الانفجار النووي. وثمة حاجة إلى إنشاء النظام الدولي الكفيل بمواجهة كوارث من هذا القبيل على الفور، وهو ما تنشغل به وزارة الطوارئ في روسيا. ووحدهما روسيا والولايات المتحدة من يملكان الكوادر والآلات المطلوبة لمواجهة كارثة كهذه.
وأخيرا وحدهما روسيا والولايات المتحدة من يملكان الوسائل الكفيلة باحتواء ما يمكن أن يترتب على تفجير قنبلة نووية او قنبلة قذرة.
وأمام ذلك أرى لزاما علي ان لا أسارع إلى عمل توقعات مستقبلية متفائلة أو متشائمة لتطور العلاقات الروسية الأمريكية قبل انعقاد اللقاء بين الرئيسين