المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأدلة والبيان على معنى في سبيل الله



رجل المعارك
13-02-2005, 11:15 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول اللـه وعلى آله وصحبه أجمعين اما بعد تدور تساؤلات كثيرة عن المعنى الشرعي لكلمة ,في سبيل الله الواردة في آيات القرآن الكريم وأحاديث رسولنا محمّد , فكان لا بدّ من إيضاح ذلك من فهم سلفنا الصالح رضوان الله عليهم
الإنفاق في سبيل الله فلنبدأ بآية يخطئ الكثيرون في فهمها {وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}, وسبب نزولها أنه عندما امتنع قوم من الصاحبة عن النفقة للجهاد في سبيل اللـه وآثروا الذهاب إلى مزارعهم لإصلاحها وتركوا الجهاد, جاء النهي من اللـه تعالى كما قال أبو أيوب الأنصاري في الحديث ,فالإلقاء بالأيدي إلى التهلكة أن نقيم في أموالنا ونصلحها وندع الجهاد ,رواه أبي داود والترمذي
قال البخاري في النفقة: أي ترك النفقة في سبيل اللـه. ,أنظر فتح الباري, كتاب التفسير, المجلد الثامن صفحة185
ونرى نفس المعنى في قوله تعالى: {مثل الذين ينفقون اموالهم في سبيل الله} في قول ابن عباس , ومكحول؛ قال ابن عباس: ,في الجهاد والحج (وذِكْرُ ابن عباس عن الحج مفسرٌ أدناه). وقال مكحول: ,يعني الإنفاق في الجهاد من رباط الخيل وإعداد السلاح ,أنظر تفسير ابن كثير للآية
الهجرة والجهاد كذلك قوله تعالى {ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً واسعة} ,النساء:100. روى ابن كثير أن عبد الرحمن بن جحدم الخولاني حضرَ فضالةَ بن عبيد , في البحر مع جنازتين أحدهما أصيب بمنجنيق والآخر توفي, فجلس فضالة , عند قبر المتوفي, فقيل له: تركتَ الشهيد ولم تجلس عنده, فقال: ما أبالي من أي حفرتيهما بعثت, إن اللـه تعالى يقول: {والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقاً حسنا وإن الله لهو خير الرازقين * ليدخلنهم مدخلاً يرضونه وإن الله لعليم حليم} ,تفسير ابن كثير3/201, ورواه كذلك ابن المبارك في كتاب الجهاد
ولو أمعنّا النظر في كتاب اللـه لرأينا أن كلمتي الهجرة والجهاد كثيراً ما تقترنان, وإليكم أحاديث رسول اللـه , التي تبين أن الهجرة للجهاد.
عن أبي الخير أن جنادة بن أميّة حدّثه أن رجالاً من أصحاب رسول اللـه , قال بعضهم إن الهجرة قد انقطعت فاختلفوا في ذلك, قال فانطلقت إلى رسول اللـه , فقلت: يا رسول اللـه, إن أناسا يقولون إن الهجرة قد انقطعت, فقال رسول اللـه ,: ,إن الهجرة لا تنقطع ما كان الجهاد . ,صحيح رواه أحمد عن عبد اللـه بن عمر , قال: وفدنا على رسول اللـه , فدخل أصحابي فقضى حاجتهم وكنت آخرهم, فقال: حاجتك؟ فقلت: يا رسول اللـه, متى تنقطع الهجرة؟ قال: لا تنقطع الهجرة ما قوتل الكفار. ,حديث صحيح رواه النسائي وأحمد ورُوي عن أبي هريرة , أنّه قال: قال رسول اللـه ,: ,لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية فإذا استنفرتم فانفروا
قال ابن حجر: لا هجرة بعد الفتح أي فتح مكة, قال الخطابي وغيره: كانت الهجرة فرضاً في أول الإسلام على من أسلم لقلة المسلمين بالمدينة وحاجتهم إلى الإجتماع, فلما فتح اللـه مكة دخل الناس في دين اللـه أفواجا فسقط فرض الهجرة إلى المدينة, وبقي فرض الجهاد والنية على من قام به أو نزل به عدو. قال الطيبى وغيره: أن الهجرة التي هي مفارقة الوطن التي كانت مطلوبة على الأعيان إلى المدينة انقطعت, إلا أن المفارقة بسبب الجهاد باقية.
قال النووي: إن الخير الذي انقطع بانقطاع الهجرة -من مكة إلى المدينة -, يمكن تحصيله بالجهاد والنية الصالحة.. ,فتح الباري 6/38,39 ,في سبيل الله كما فهمها سلفنا الصالح قال الشيخ أبو قتادة الفلسطيني: ,يجب أن نفسر القرآن والسنة بفهم السلف الصالح, أي هذه الأعراف نفسرها بأعراف أصحابها. مثلاً
جعل اللـه عز وجل من مصارف الزكاة ,في سبيل اللـه , هذه كلمة مطلقة تعني -لغةً- أي عمل يمارسه المرء يبتغي به وجه اللـه, فربما يطعم الرجل زوجته ويبتغي بها وجه اللـه فهو ,في سبيل اللـه , وربما يأكل الرجل الطعام ويبتغي به التقوية على طاعة اللـه فهو ,في سبيل اللـه . إذا فسّرناها على هذا المعنى فإنه يجوز للمرء أن يبذل الزكاة لزوجته ويبتغي بها وجه اللـه فهو ,في سبيل اللـه . هذا تفسير لغوي مطلق يؤدي به إلى الكفر لأنه لا يجوز أن يصرف الزكاة على نفسه, وهذا يعطل دين اللـه. إذاً, الواجب في طريقة التفسير هو أن نرجع اللفظ اللغوي فنقيده بما فهمه الأوائل, وأن نقيده بعرف إطلاق الأوائل فيه
فما هو التقييد الذي قيّد فيه الشارع قول ,في سبيل اللـه ؟ قال رسول اللـه ,: ,درهم تنفقه على نفسك ودرهم تنفقه على زوجتك, ودرهم تنفقه في سبيل اللـه خيرها من تنفقه على زوجتك . من رواية هذا الحديث نفهم أن النبي , قد فرق بين ما أكله المرء, وما يطعمه لزوجه وما ينفقه في سبيل اللـه. إذا ما ينفقه على زوجته ليس هو في سبيل اللـه, بإطلاق الشارع. وإن كان بمفهومه اللغوي هو داخل في كلمة في سبيل اللـه
فما هو عرف الأوائل عندما يقولون ,في سبيل اللـه ؟ ما هو عرف الصحابة عندما يقولون ,في سبيل اللـه ؟ ما هو تقييد الشارع في هذا اللفظ عندما نقول ,في سبيل اللـه
هو أنه في الجهاد في سبيل اللـه, وهذا هو القول الصائب في المسألة, فقد وسع النبي , شيئاً من خبره حين سأل النبي ,: أيُعطِي الرجل مالاً من زكاة ماله للحج؟ قال ,: الحج في سبيل اللـه, إذاً يضاف إليها فقط في هذا الموطن وليس في كل موطن, لأن الصحابة , سألوا عن الحج, إذ لا يرونه داخلاً أصلياً في كلمة في سبيل اللـه, سألوا عن الحج أيجوز أن تنفق؟ فقال ,: الحج في سبيل اللـه . فيكون في هذا الموطن الحج داخلاً في سبيل اللـه ولا يكون الحج داخلاً في أي موطن من مواطن الكتاب والسنة في كلمة في سبيل اللـه, لأن العرف الذي تعامل به الصحابة في إطلاق كلمة في سبيل اللـه هي الجهاد
,خطبة جمعة للشيخ أبي قتادة بعنوان ,عرف الصحابة في فهم القرآن والسنة
قال الشيخ الشهيد عبد اللـه عزام رحمه اللـه
أما كلمة في سبيل اللـه لها مصطلح شرعي معين هو القتال, ولذلك (قال رسول الله ,) ,لغدوة أو روحة في سبيل اللـه خير من الدينا وما عليها ليس يعني هنا في سبيل اللـه أنك تخرج من مسجدك وتبلغ الناس... لا, هذا إخراجٌ للنصوص عن معناها الشرعي, ,الغدوة والروحة في سبيل اللـه أي
لغدوة أو روحة إلى القتال خير من الدنيا وما عليها. ,من شاب شيبة في سبيل اللـه كانت له نوراً تاماً يوم القيامة أي في الجهاد, الذي يشيب لأهوال الجهاد, ,من صام يوماً في سبيل اللـه باعد اللـه بينه وبين النار سبعين خريفاً أي في الجهاد, الصوم في الجهاد, وإلا فكل صوم من المسلم الصادق هو في سبيل اللـه. إذاً كلمة ,في سبيل اللـه عندما يريدها رسول اللـه , لها معنى واحد, وهو القتال. ,في التربية الجهادية والبناء مجلد2, صفحة117,118
قال الإمام البخاري: إذا أُطلِقت كلمة في سبيل اللـه في الكتاب والسنة تعني الجهاد ,تفاهيم البخاري مجلد2 صفحة 80, ذكره الشيخ المجاهد محمد أزهر في كتابه فضائل الجهاد صفحة 56
قال ابن رشد في بداية المجتهد: إذا أطلقت كلمة في سبيل اللـه تعني الجهاد
قال ابن حجر: المتبادر عند الإطلاق من لفظ في سبيل اللـه الجهاد ,فتح الباري المجلد 6
قال ابن الجوزي: إذا أطلق ذكر في سبيل اللـه فالمراد به الجهاد. ,ذكره ابن حجر في فتح الباري
قال إبن دقيق العيد: العرف الأكثر استعماله في الجهاد. ,ذكره ابن حجر في فتح الباري المجلد 6
قال السرخسي: عند الإطلاق يفهم منه الجهاد. ,ذكره السرخسي في شرح السير الكبير6
قال الإمام النووي رحمه اللـه تعالى: والظاهر أنه لا يختص في ذلك بالغدو والرواح من بلدته, بل يحصل هذا الثواب بكل غدوة أو روحة في طريقه إلى الغزو, وكذا غدوة وروحة في موضع القتال لأن الجميع يسمى في سبيل اللـه. (يعني بالجميع: في طريقه للغزو وفي موضع القتال). ,شرح صحيح مسلم مجلد13
,نقلاً عن التربية الجهادية والبناء المجلد2 صفحة118, للشيخ الدكتور عبد اللـه عزام
مـعـنـى الـجــهــاد كذلك الجهاد لغة: هو الجهد والمشقة والتعب, أما شرعاً فمعناه القتال
عن عمرو بن عبسة رضي اللـه عنه قال: قال رجل: فأي الهجرة أفضل؟ قال: الجهاد, قال وما الجهاد؟ قال: أن تقاتل الكفار إذا لقيتهم, قال فأي الجهاد أفضل, قال من عقر جواده وأهريق دمه. ,من حديث طويل صحيح مرفوع إلى رسول اللـه ,, رواه أحمد وابن ماجة قال الصنعناني: الجهاد مصدر جاهدت جهاداً, أي بلغت المشقة, هذا معناه لغة. وفي الشرع: بذل الجهد في قتال الكفار أو البغاة. ,سبل السلام المجلد4 صفحة 41
قال ابن رشد: فكل من أتعب نفسه في ذات اللـه فقد جاهد في سبيله, إلا أن الجهاد في سبيل اللـه إذا أطلق فلا يقع إلا على مجاهدة الكفار بالسيف حتى يسلموا أو يعطوا الجزية. ,مقدمات ابن رشد المجلد1 صفحة369. أنظر كذلك كاتب ,مطالب أولى النهى مجلد2 صفحة 497, و,عمدة الفقه , صفحة166, و,منتهى الإرادات المجلد الأول صفحة 302
قال ابن عرفة المالكي: الجهاد هو قتال المسلم كافراً غير ذي عهد لإعلاء كلمة اللـه أو حضوره له (أي القتال) أو دخول أرضه (أي أرض الكافر له)
,حاشية البناني على شرح خليل المجلد 2 صفحة106, كذلك حاشية العدوي الصعيدي مجلد 2, صفحة 2, كذلك الشرح الصغير مجلد 2, صفحة 276
قال ابن نجم الحنفي: الجهاد هو الدعاء إلى دين الحق والقتال مع من امتنع عن القبول بالنفس والمال. ,البحر الرائق المجلد 5, صفحة 76, كذلك في فتح القدير لإبن همام المجلد 5, صفحة187 قال الشيرازي الشافعي: الجهاد هو القتال. ,المهذب المجلد 2, صفحة227
قال الباجوري الشافعي: الجهاد: أي القتال في سبيل اللـه. وقال ابن حجر: وشرعاً: بذل الجهد في سبيل اللـه ,فتح الباري, مجلد 6. قال الشيخ أبو المنذر الساعدي حفظه اللـه: ,وكل ما جاء في النصوص من معنى الجهاد غير هذا المعنى فلا بد من قرينة تشير إلى المعنى المراد. كما في قوله تعالى: {فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهاداً كبيرا} ,الفرقان: 52 للضمير العائد على القرآن لقوله ,به ولكون الآية مكية حيث لم يشرع الجهاد. وكما في قوله عليه الصلاة والسلام ,ففيهما فجاهد للرجل الذي جاءه يريد الغزو, والحديث متفق عليه عن عبد اللـه بن عمرو , قال الصنعاني: سُمي إتعاب النفس في الوالدين جهاد من باب المشاكلة لما استأذنه في الجهاد من باب قوله تعالى {وجزاء سيئة بسيئة مثلها}, ويحتمل أن يكون استعارة بعلاقة الضدية, لأن الجهاد فيه إنزال الضرر بالأعداء واستعمل في إنزال النفع بالوالدين ,سبل السلام مجلد4,صفحة 42. ,نقلاً عن مجلة الفجر عدد 23 قال الشيخ أبو قتادة الفلسطيني: ,الإجماع منعقد كما قال ابن رشد: أنه إذا أطلقت كلمة الجهاد في كتاب اللـه وفي سنة النبي , وفي كلام الفقهاء فإنها لا تنصرف إلا على القتال, مع أن الجهاد هي كلمة لغوية تعني بذل الجهد من أجل تحصيل شيء ما أو دفع شيء ما قُيدت في سبيل اللـه أن يكون هذا الدفع للـه. إذاً كل شيء يبذله المرء ليتحصل به شيئاً يبتغي به وجه اللـه هو داخل في كلمة الجهاد لغة ولكنه لا يجوز هذا الإطلاق, لا يجوز للمرء أن يتعامل بهذا الإطلاق إذ يجب على المرء أن يرجع الألفاظ بتقييدات عرف الأوائل.. فمن هنا قولنا: نفهم الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح
وأخيراً نسأل اللـه تعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأن يثبتنا على الحق وأن يختم لنا بالشهادة في سبيله