عبدالغفور الخطيب
13-02-2005, 01:10 AM
وفاهم حقهم ولم يدخروا له ذلك
المصلح السياسي كالمصلح الاجتماعي ، يكتشف ما سيكتشفه غيره من المجتمع ولكن يسبقهم بذلك بيوم بشهر بعقد من الزمان ، وذلك لتفوق وعيه على وعيهم ، إذا ما التزمنا بتعريف الوعي على أنه القدرة على إنتاج صورة ، وكيف تنتج الصورة ، فإذا ما قرأت بالتاريخ عن معركة حدثت قبل ألف سنة يتم رصف جزئياتها في خيالك لتعيد إنتاجها ، وقد يحدث لشخص آخر أن يقرأ عن نفس المعركة ولكنه يعيد إنتاجها بصورة مختلفة ، ويحدث الاختلاف باختلاف الثقافة فمن لا يعرف أن تقع مواضع معركة القادسية سيتصورها ضمن صور تتعلق به فمثلا لو كان القارئ من سيبيريا مثلا ، سيضيف الثلوج على المنظر الخلفي ، او يضع في طعام الجيش فقمة مشوية . فكل ما زادت ثقافة القارئ والقائم بعملية الوعي بظروف وعادات وتاريخ المنطقة كلما كانت الصور التي ينتجها أقرب للحقيقة ، وأكثر ألوانا ، وكلما أراح من يطلع عليها ليفهمها بشكل جيد .
هذا بالنسبة للوعي الماضوي ( المنسوب للماضي ) ، أما بالنسبة للوعي المستقبلي فان من سيقوم به لن تسعفه إحداثيات لم تحدث ولم تدون بالتاريخ لتعينه على إنتاج الصور المستقبلية ، وليكون محط أنظار الجماهير وقبلتها وتقر بقيادته لها ، فالجماهير تعرف الحق وتعرف الباطل ، لكن ابن دهماء الشعب الذي يعرف الحق ويعرف الباطل لا تسعفه لغته ولا ثقافته لكي يعبر عن الصور التي لا يستطيع رسمها باللغة ، فينتظر من يقوم له بهذا الدور ، فعندما يبرز ذلك المصلح السياسي فان الناس تعتقد أنها تعرفه منذ زمن ، وعندما يتحدث يحس المستمع أنه هو الذي يتحدث وان كان يستمع في نفس الوقت .
فالمثقف الطليعي أو المصلح السياسي الذي يتطلع لإنشداد الجماهير نحوه ، لا بد أن يلتزم بالنظرية العلمية ،التي ركائزها ثلاثة :
1 ـ العمومية : وهي أن أي نشاط أو تجربة تتم في أي بقعة في الكرة الأرضية هي ملك لكل أبناء العالم وتتفاوت مدد حيازة الشعوب على تلك التجارب معتمدة على عوامل عدة . وعلى أبناء البشرية أن يحترموا ما قيل و ما كتب وما قرر ، فإذا لم أزر اليابان ، لا يعقل أن أنكر وجودها على الأرض لأنني لم أرها . من هنا ساهمت كل أمة بالتراث العالمي في زمن ما ونظريات ما واستنتاجات ما حتى أصبح العالم بما هو عليه .
2 ـ الحتمية : إن كل طريق ينتهي بنهاية معينة ، وإن كل مسبب لا بد أن تظهر نتيجة فعله .
3 ـ الوضعية : إن القوانين التي تحكم علاقات الناس فيما بينهم ، والشعوب فيما بينها و الدول فيما بينها هي نتاج لسيرورة طويلة من النتاج العالمي تم صياغتها من البشر ، معتمدة على ضوابط أخلاقية وسماوية يختلف اكتناهها( استساغتها ) من أمة الى أخرى .
من هنا كان البعث قد اكتشف ما تطلعت إليه الجماهير العربية وصاغ ما كان يجول في خاطرها ، مستندا في نظريته على :
1 ـ أنه تحت العباءة الإسلامية دون تدقيق مضمون سلوك من يدعي أنه يلتف بها سحقت الروح الوثابة لدى العرب الذين كلفوا بحمل الرسالة ، فالصفويين والسلاجقة والمماليك والعثمانيين ثلموا حدة صعود الإبداع العلمي والحضاري الذي كان سائدا قبل سيادتهم علينا ، فمن هنا فكر مؤسسو حزب البعث بأنه آن الأوان أن ننتبه لذاتية لا من أجل قومية شوفينية ، بل من أجل تصويب أهلية حمل الرسالة ، ولما لا طالما أن السنغاليين المسلمين والإندونيسيين المسلمين وأهل سنغافورة وغيرهم من مسلمي الأرض قد غلبوا مصلحتهم الذاتية على انتماءهم الإسلامي ، وما الضير في ذلك فنحن نفرح إذا امتلكت باكستان القوة وإذا امتلكت إندونيسيا القوة وإيران وتركيا ، إذا كانت قوتها تصب في معاضدة ومساندة المصلحة الإسلامية ، التي العرب جزء منها ، ولكن عندما تطغى المصلحة القومية لهؤلاء المسلمين على المصلحة الإسلامية التي تزيدنا قوة كمسلمين عرب ، كقضم لواء الاسكندرونة و الأحواز ، ومشاغلتنا على الحدود من هنا وهناك . إذن لماذا لا نحشد طاقاتنا كعرب لنسهم في تصويب العلاقات بين الشعوب الإسلامية وزيادة قوتهم قوة ، فاتحاد شركات مفلسة لا يؤدي إلا لشركة عظيمة مفلسة ، و أي عظمة تلك؟ . أما التنسيق بين أمم قوية يربطها الدين فهي مسألة جيدة . هكذا يتعامل الغرب مع نفسه ، وهكذا يتعامل الغرب معنا ونحن في حالة الإفلاس ، ومن ثم أسهل عليك أن تصب قطعة من الكونكريت مساحتها 100م مربع من أن تصب قطعة من كيلو متر مربع فالثانية تتشقق وتضعف ، ولا تبالغ في تصغير حجم ما تصب لكي لا تغرق في القطرية .
2 ـ لقد أوضح البعث أنه ينحاز للإيمان ضد الإلحاد ، ولم يغرق في الطائفية لأنه حزب وحدوي وليس تفريقي ، فكان به من المؤمنين السنة كما كان به من المؤمنين الشيعة كما كان به من المؤمنين المسيحيين الذي ربطوا مصير مواطنتهم برؤى البعث وكان به من كل الطوائف .
3 ـ لم ينظر الحزب للأقليات في الوطن العربي على أنهم أطراف لا يعنيها الحزب وقد سمي بالبداية حزب البعث فقط ، ثم بعد توحده مع حزب العربي الاشتراكي ، اصبح اسمه حزب البعث العربي الاشتراكي ، ولا ضير فالكردي والتركماني والآشوري كانوا ولا يزالوا يعيشون في فضاء عربي يلتزمون بنواميسه التي هي إرث عظيم لحضارات عظيمة من فراعنة وسومريين وكنعانيين و فينيقيين وساهم أجدادهم كما ساهم أجدادنا في صناعة تلك الحضارة وعندما جاء الإسلام وأبقى الجيد مما ورثناه عن تلك الحضارات العظيمة وصقل فأوجد نمط للشخصية التي تعيش في ربوع الوطن العربي أبدعت في كل صنوفها ، فكنت تجد الطبيب اليهودي والمترجم المسيحي والفلكي الصابئي ، فكان المنبت جيد لاستنهاض همم المبدعين ولم يشتكي هؤلاء المبدعون من شيء، طالما حقوقهم مصانة ، كما لم يستنكف المسيحي والكردي والتركماني عن الدخول في حزب البعث ، ولم يتطيروا لأنه عربي فهم يدركوا ذلك جيدا ، كما يدرك من وجد حبات شعير في كيس من الحنطة أنها لن تغير اسم الكيس الى (كيس حنطة وبه حبات شعير ) أو العكس حتى لا يفهم الرمز مفهوما خاطئا ، لو كان بكيس الحنطة حبات لؤلؤ لا تغير اسمه . وكان لابد أن ترمز مسألة الاسم لمكان عمل الحزب فلو سمي حزب البعث الحوراني لكان الاسم يوحي بأن العمل للحزب هو منطقة حوران . ولكن حزب البعث أراد أن يستبعث ويستنهض مواطن القوة في عموم البلدان التي غالبية سكانها عرب .
4ـ لم يكن البعث حزبا تمثيليا يقدم الخدمة لفئة دون أخرى ، بل كان ينحاز الى الكادحين والفلاحين والعمال وصغار الكسبة ، والمثقفين الثوريين ، والذين لم يتم التدقيق بثوريتهم كثيرا ، فكانوا مدخلا لفتح هوات بين المحور الرئيسي لفكرة انطلاقة البعث وبين منتقديه ، وهي قضية تحتاج لوقفة خاصة .
بل كان الحزب حزبا تكامليا ، يرى أن حل مشاكل الأمة كفيل بحل مشاكل أفرادها ، على عكس التمثيليين الذين يرون أن حل مشكلة الفرد والفئة يقود أخيرا لحل مشاكل الأمة .
5 ـ لم يكن البعث يركز على الأيديولوجية ، على أساس أنها نهاية المطاف ، فلو كان للأيديولوجية أهمية لحكمت العالم المكتبات العامة لما فيها من كتب وأفكار . لكن مدى تمثل الفكر بالسلوك هو الذي يعزز انجذاب الجماهير نحو الحزب ، ولنفحص تلك المسألة فنجد أن كل مجالات النقد تأتي من موضوع التهاون في تمثل السلوك .
6 ـ أدرك الحزب بأنه لا حرية بلا تحرر، فلذلك تنوع أعداءه لتمسكه بأن لا يكون ظلا ، بل جسما حقيقيا ، فالظل مهما تطاول سيبقى لا شيء ، وهذا كان يغيض الأجسام كما يغيض الظلال التي كانت وما زالت تتباهى بواقعيتها وتتماطى مع أنها ظلال .
من هنا نقول أن الجماهير التي كان البعث لها وفيا لم تعطه حقه كما يجب .
المصلح السياسي كالمصلح الاجتماعي ، يكتشف ما سيكتشفه غيره من المجتمع ولكن يسبقهم بذلك بيوم بشهر بعقد من الزمان ، وذلك لتفوق وعيه على وعيهم ، إذا ما التزمنا بتعريف الوعي على أنه القدرة على إنتاج صورة ، وكيف تنتج الصورة ، فإذا ما قرأت بالتاريخ عن معركة حدثت قبل ألف سنة يتم رصف جزئياتها في خيالك لتعيد إنتاجها ، وقد يحدث لشخص آخر أن يقرأ عن نفس المعركة ولكنه يعيد إنتاجها بصورة مختلفة ، ويحدث الاختلاف باختلاف الثقافة فمن لا يعرف أن تقع مواضع معركة القادسية سيتصورها ضمن صور تتعلق به فمثلا لو كان القارئ من سيبيريا مثلا ، سيضيف الثلوج على المنظر الخلفي ، او يضع في طعام الجيش فقمة مشوية . فكل ما زادت ثقافة القارئ والقائم بعملية الوعي بظروف وعادات وتاريخ المنطقة كلما كانت الصور التي ينتجها أقرب للحقيقة ، وأكثر ألوانا ، وكلما أراح من يطلع عليها ليفهمها بشكل جيد .
هذا بالنسبة للوعي الماضوي ( المنسوب للماضي ) ، أما بالنسبة للوعي المستقبلي فان من سيقوم به لن تسعفه إحداثيات لم تحدث ولم تدون بالتاريخ لتعينه على إنتاج الصور المستقبلية ، وليكون محط أنظار الجماهير وقبلتها وتقر بقيادته لها ، فالجماهير تعرف الحق وتعرف الباطل ، لكن ابن دهماء الشعب الذي يعرف الحق ويعرف الباطل لا تسعفه لغته ولا ثقافته لكي يعبر عن الصور التي لا يستطيع رسمها باللغة ، فينتظر من يقوم له بهذا الدور ، فعندما يبرز ذلك المصلح السياسي فان الناس تعتقد أنها تعرفه منذ زمن ، وعندما يتحدث يحس المستمع أنه هو الذي يتحدث وان كان يستمع في نفس الوقت .
فالمثقف الطليعي أو المصلح السياسي الذي يتطلع لإنشداد الجماهير نحوه ، لا بد أن يلتزم بالنظرية العلمية ،التي ركائزها ثلاثة :
1 ـ العمومية : وهي أن أي نشاط أو تجربة تتم في أي بقعة في الكرة الأرضية هي ملك لكل أبناء العالم وتتفاوت مدد حيازة الشعوب على تلك التجارب معتمدة على عوامل عدة . وعلى أبناء البشرية أن يحترموا ما قيل و ما كتب وما قرر ، فإذا لم أزر اليابان ، لا يعقل أن أنكر وجودها على الأرض لأنني لم أرها . من هنا ساهمت كل أمة بالتراث العالمي في زمن ما ونظريات ما واستنتاجات ما حتى أصبح العالم بما هو عليه .
2 ـ الحتمية : إن كل طريق ينتهي بنهاية معينة ، وإن كل مسبب لا بد أن تظهر نتيجة فعله .
3 ـ الوضعية : إن القوانين التي تحكم علاقات الناس فيما بينهم ، والشعوب فيما بينها و الدول فيما بينها هي نتاج لسيرورة طويلة من النتاج العالمي تم صياغتها من البشر ، معتمدة على ضوابط أخلاقية وسماوية يختلف اكتناهها( استساغتها ) من أمة الى أخرى .
من هنا كان البعث قد اكتشف ما تطلعت إليه الجماهير العربية وصاغ ما كان يجول في خاطرها ، مستندا في نظريته على :
1 ـ أنه تحت العباءة الإسلامية دون تدقيق مضمون سلوك من يدعي أنه يلتف بها سحقت الروح الوثابة لدى العرب الذين كلفوا بحمل الرسالة ، فالصفويين والسلاجقة والمماليك والعثمانيين ثلموا حدة صعود الإبداع العلمي والحضاري الذي كان سائدا قبل سيادتهم علينا ، فمن هنا فكر مؤسسو حزب البعث بأنه آن الأوان أن ننتبه لذاتية لا من أجل قومية شوفينية ، بل من أجل تصويب أهلية حمل الرسالة ، ولما لا طالما أن السنغاليين المسلمين والإندونيسيين المسلمين وأهل سنغافورة وغيرهم من مسلمي الأرض قد غلبوا مصلحتهم الذاتية على انتماءهم الإسلامي ، وما الضير في ذلك فنحن نفرح إذا امتلكت باكستان القوة وإذا امتلكت إندونيسيا القوة وإيران وتركيا ، إذا كانت قوتها تصب في معاضدة ومساندة المصلحة الإسلامية ، التي العرب جزء منها ، ولكن عندما تطغى المصلحة القومية لهؤلاء المسلمين على المصلحة الإسلامية التي تزيدنا قوة كمسلمين عرب ، كقضم لواء الاسكندرونة و الأحواز ، ومشاغلتنا على الحدود من هنا وهناك . إذن لماذا لا نحشد طاقاتنا كعرب لنسهم في تصويب العلاقات بين الشعوب الإسلامية وزيادة قوتهم قوة ، فاتحاد شركات مفلسة لا يؤدي إلا لشركة عظيمة مفلسة ، و أي عظمة تلك؟ . أما التنسيق بين أمم قوية يربطها الدين فهي مسألة جيدة . هكذا يتعامل الغرب مع نفسه ، وهكذا يتعامل الغرب معنا ونحن في حالة الإفلاس ، ومن ثم أسهل عليك أن تصب قطعة من الكونكريت مساحتها 100م مربع من أن تصب قطعة من كيلو متر مربع فالثانية تتشقق وتضعف ، ولا تبالغ في تصغير حجم ما تصب لكي لا تغرق في القطرية .
2 ـ لقد أوضح البعث أنه ينحاز للإيمان ضد الإلحاد ، ولم يغرق في الطائفية لأنه حزب وحدوي وليس تفريقي ، فكان به من المؤمنين السنة كما كان به من المؤمنين الشيعة كما كان به من المؤمنين المسيحيين الذي ربطوا مصير مواطنتهم برؤى البعث وكان به من كل الطوائف .
3 ـ لم ينظر الحزب للأقليات في الوطن العربي على أنهم أطراف لا يعنيها الحزب وقد سمي بالبداية حزب البعث فقط ، ثم بعد توحده مع حزب العربي الاشتراكي ، اصبح اسمه حزب البعث العربي الاشتراكي ، ولا ضير فالكردي والتركماني والآشوري كانوا ولا يزالوا يعيشون في فضاء عربي يلتزمون بنواميسه التي هي إرث عظيم لحضارات عظيمة من فراعنة وسومريين وكنعانيين و فينيقيين وساهم أجدادهم كما ساهم أجدادنا في صناعة تلك الحضارة وعندما جاء الإسلام وأبقى الجيد مما ورثناه عن تلك الحضارات العظيمة وصقل فأوجد نمط للشخصية التي تعيش في ربوع الوطن العربي أبدعت في كل صنوفها ، فكنت تجد الطبيب اليهودي والمترجم المسيحي والفلكي الصابئي ، فكان المنبت جيد لاستنهاض همم المبدعين ولم يشتكي هؤلاء المبدعون من شيء، طالما حقوقهم مصانة ، كما لم يستنكف المسيحي والكردي والتركماني عن الدخول في حزب البعث ، ولم يتطيروا لأنه عربي فهم يدركوا ذلك جيدا ، كما يدرك من وجد حبات شعير في كيس من الحنطة أنها لن تغير اسم الكيس الى (كيس حنطة وبه حبات شعير ) أو العكس حتى لا يفهم الرمز مفهوما خاطئا ، لو كان بكيس الحنطة حبات لؤلؤ لا تغير اسمه . وكان لابد أن ترمز مسألة الاسم لمكان عمل الحزب فلو سمي حزب البعث الحوراني لكان الاسم يوحي بأن العمل للحزب هو منطقة حوران . ولكن حزب البعث أراد أن يستبعث ويستنهض مواطن القوة في عموم البلدان التي غالبية سكانها عرب .
4ـ لم يكن البعث حزبا تمثيليا يقدم الخدمة لفئة دون أخرى ، بل كان ينحاز الى الكادحين والفلاحين والعمال وصغار الكسبة ، والمثقفين الثوريين ، والذين لم يتم التدقيق بثوريتهم كثيرا ، فكانوا مدخلا لفتح هوات بين المحور الرئيسي لفكرة انطلاقة البعث وبين منتقديه ، وهي قضية تحتاج لوقفة خاصة .
بل كان الحزب حزبا تكامليا ، يرى أن حل مشاكل الأمة كفيل بحل مشاكل أفرادها ، على عكس التمثيليين الذين يرون أن حل مشكلة الفرد والفئة يقود أخيرا لحل مشاكل الأمة .
5 ـ لم يكن البعث يركز على الأيديولوجية ، على أساس أنها نهاية المطاف ، فلو كان للأيديولوجية أهمية لحكمت العالم المكتبات العامة لما فيها من كتب وأفكار . لكن مدى تمثل الفكر بالسلوك هو الذي يعزز انجذاب الجماهير نحو الحزب ، ولنفحص تلك المسألة فنجد أن كل مجالات النقد تأتي من موضوع التهاون في تمثل السلوك .
6 ـ أدرك الحزب بأنه لا حرية بلا تحرر، فلذلك تنوع أعداءه لتمسكه بأن لا يكون ظلا ، بل جسما حقيقيا ، فالظل مهما تطاول سيبقى لا شيء ، وهذا كان يغيض الأجسام كما يغيض الظلال التي كانت وما زالت تتباهى بواقعيتها وتتماطى مع أنها ظلال .
من هنا نقول أن الجماهير التي كان البعث لها وفيا لم تعطه حقه كما يجب .