المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قمة الرضوخ لاملاءات شارون



منصور بالله
08-02-2005, 06:00 PM
قمة الرضوخ لاملاءات شارون
2005/02/08

عبد الباري عطوان
جميع اللقاءات والقمم التي انعقدت في شرم الشيخ وشاركت فيها الدولة العبرية ركزت علي ثلاثة امور اساسية: توفير الامن لاسرائيل، وتوسيع دائرة تطبيع العلاقات العربية معها، وتجريم المقاومة الفلسطينية باعتبارها ارهابا. وقمة شرم الشيخ الرباعية التي تبدأ اعمالها اليوم لن تكون استثناء.
فالبند الاول الذي يتصدر جدول اعمال هذه القمة هو اعلان وفاة الانتفاضة الفلسطينية، ونزع سلاح فصائل المقاومة، ووقف كل العمليات الفدائية التي تستهدف المستوطنات والمستوطنين داخل ما يسمي بالخط الاخضر او خارجه.
آرييل شارون يشد الرحال صباح اليوم الي شرم الشيخ، وقد اطمأن الي ان جميع شروطه واملاءاته قد جري القبول بها، والعمل علي تنفيذها قبل ان تغادر طائرته مطار تل ابيب، ولذلك سيخرج هو الفائز الاكبر، ان لم يكن الوحيد من هذه القمة.
وللتذكير فقط نقول ان شارون لقن القيادة المصرية درسا بليغا ومهينا في الوقت نفسه، عندما رفض الذهاب الي شرم الشيخ قبل عام، وفضل عليها العقبة الاردنية للمشاركة في لقاء مماثل مع السيد محمود عباس والرئيس الامريكي جورج بوش، لان الرئيس مبارك لم يفرج عن الجاسوس الاسرائيلي عزام عزام، ولم يبد رغبة بزيارة القدس المحتلة. الرئيس مبارك استوعب الدرس جيدا، وابتلع الاهانة، وافرج عن الجاسوس المذكور دون مقابل، وبات يعطي اشارات ايجابية حول عزمه زيارة الدولة العبرية واعادة السفير المصري الي تل ابيب بعد القمة الحالية.
الادارة الامريكية هي التي امرت بعقد هذا اللقاء، واوامرها دائما ملباة دون اي تحفظات، فالمهم بالنسبة اليها اعطاء انطباع للعالم بأسره بان هناك تقدما علي صعيد تسوية الصراع العربي ـ الاسرائيلي، يغطي علي الفشل الامريكي الصارخ في العراق، ويحرف الانظار عن الاستعدادات التي تسير علي قدم وساق لضرب البرامج النووية الايرانية.
اننا لا نفهم تعيين منسق عام امريكي للاشراف علي قوات الامن الفلسطينية واجراء اصلاحات فيها بهدف تطوير ادائها الا علي انه وصاية امريكية وقيادة مباشرة لهذه الاجهزة الامنية الفلسطينية تتولي عملية اصدار القرار وممارسة اجراءات الرقابة وربما تكون مشروع فتنة في المستقبل.
السيد محمود عباس رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية يذهب الي القمة وفي جيبه مجموعة من المطالب، ابرزها الافراج عن تسعة آلاف اسير فلسطيني، ووقف سياسة الاغتيالات الاسرائيلية، والانسحاب من المدن الكبري، وبدء المفاوضات حول تطبيق خريطة الطريق. وهو يعرض مقابل هذه المطالب وقف الانتفاضة، ونزع اسلحة فصائل المقاومة ومنع اطلاق الصواريخ علي المستوطنات.
من غير المرجح ان يستجيب شارون لاي من هذه المطالب، وان استجاب لبعضها فبطريقة جزئية، اي الافراج عن مئات من الاسري التي اوشكت مدة اعتقالهم علي الانتهاء، والانسحاب من المدن مع بقاء حواجز قواته علي مداخلها، وربط استئناف المفاوضات حول القضايا الاساسية مع تدمير البني التحتية للارهاب الفلسطيني، علي حد وصفه.
الرئيس الفلسطيني سيقبل هذا الوضع المهين علي الارجح، استجابة للضغوط العربية والامريكية وتحت ذريعة تجنب الاتهامات بافشال القمة، وعرقلة استئناف العملية السلمية، وهو امر مؤسف اذا حدث.
فالسيد عباس الذي يحظي هذه الايام باشادة غير عادية من الرئيس الامريكي ووزيرة خارجيته كونداليزا رايس، من المفترض ان يكون اكثر تصلبا، من حيث الاصرار علي الافراج عن جميع الاسري الفلسطينيين، والانسحاب الاسرائيلي الكامل من مناطق الحكم الذاتي، واخذ ضمانات بوقف كل انواع التوغلات والمجازر الاسرائيلية في الضفة والقطاع، ولكن التصلب كلمة غير واردة في قاموسه السياسي للأسف.
الشعب الفلسطيني سيكون الخاسر الاكبر من قمة شرم الشيخ هذه، مثلما كان خاسرا في كل القمم السابقة المماثلة، سيخسر انتفاضته، وربما مقاومته، وقد يجد نفسه في دوامة فتنة داخلية تتطور الي حرب اهلية.
فقمة شرم الشيخ ستترتب عليها التزامات، ابرزها تحويل الهدنة المؤقتة الي شبه دائمة، واعلان وقف اطلاق النار والتصدي بالقوة الي اي مجموعة تنصب صواريخها او قاذفات المورتر باتجاه المستوطنات. وشاهدنا يوم امس قوات الامن الفلسطينية، تحت قيادتها الجديدة، تحتفل بتدمير احد الانفاق في مدينة رفح، ويتبادل افرادها التهاني كما لو انهم فتحوا عكا.
شارون سيكون الفائز الاكبر، لان الطرف الفلسطيني سيحقق له ما فشل في تحقيقه علي مدي اربع سنوات من القتل والتدمير، اي وقف الانتفاضة، وسيخرج من شرم الشيخ وقد تطهر من كل جرائمه، واصبح بطلا للاعتدال والسلام في عيون العالم.
الحكومات العربية التي غسلت ايديها من القضايا العربية تماما، والقضية الفلسطينية علي وجه الخصوص، ستجد في قمة شرم الشيخ فرصة لاعادة السفراء، وفتح ما جري اغلاقه، ولو صوريا، من مكاتب تجارية، بل لن نفاجأ اذا ما دخلت الي ساحة التطبيع دول جديدة، مثل البحرين ودولة الامارات العربية المتحدة، وربما ليبيا ايضا. فاللقاءات السرية لم تنقطع، وزيارات الوفود الرسمية لم تتوقف، وقرار المصاهرة بانتظار الغطاء المناسب، واي اتفاق في قمة شرم الشيخ سيوفر هذا الغطاء.
اتفاقات اوسلو باعت الانتفاضة الاولي بثمن بخس للغاية، وفتحت الباب علي مصراعيه امام الدولة العبرية لكسر عزلتها، واسقاط تهمة العنصرية عنها. ونخشي ان تؤدي قمة شرم الشيخ الي التفريط بالانتفاضة الثانية بثمن ابخس، خاصة ان عراب الاتفاقات الاولي هو نفسه الذي سيتفاوض، وبالتالي سيوقع، علي الاتفاقات في الثانية، ويلتزم بتنفيذها بالكامل، اي السيد عباس. مع فارق اساسي وهو ان الرئيس ياسر عرفات لم يعد موجودا لكي يقلص الخسائر، ويصلح العيوب، ويمنع الانهيار.
انها قمة رباعية مشؤومة، تشكل حلقة جديدة من حلقات الالتفاف علي المقاومة الفلسطينية، وتسهيل مشاريع الهيمنة الامريكية ـ الاسرائيلية علي المنطقة، واصدار صك براءة لشارون من كل المجازر التي ارتكبها في حق الشعب الفلسطيني، ودون اي مقابل حقيقي، باستثناء بعض فتات التنازلات الثانوية.



********************
تعليق
البوم تتضح الصورة و نفهم لمذا قامت المخابرات المصرية و عمرسليمان بغتيال الشهيد ياسر عرفات...و نحن نعلم ان التقرير الذي نشر في موقع الانبار و الفلوجة والذي بتهم فيه نظام حسني مبارك بالقيام بهذه العملية القذرة لصالح البهود و الامريكان.. كان السبب في اختفاء منتديات هذه المواقع.