القادم
15-05-2004, 01:13 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
وداعاً أخي
الحمد لله الذي اصطفى للموت في سبيله رجالا واتخذهم شهداء والصلاة والسلام على من دعا لربه وكُذب وأوذي ثم غزا في سبيل الله تعالى، وعلى آله وصحبه الصديقين والصالحين والشهداء،أما بعد...
فإن الحديث عن الإخوة وعن أيامها حديث ذي شجون , أما الحديث عن فقد الأحبة وفراقهم فهو حديث مليء بالإشجان والأحزان . فقد كان لي بالأمس القريب أخ افتقدته اليوم وانتظر لقياه غدا , وان لنا وإياه موعدا عسى أن يكون قريبا.
أبو البراء أخي الذي لعبت معه في أيام الصبا , وتربينا سوية في بساتين ديالى وبين ربوعها, فأحببته حبا كبيرا وما ظننت أني أستطيع فراقه .كانت لنا عائلة متدينة علمونا حب الصلاة وزجرونا عن الكذب والخداع.
وتوالت الأيام ويمن الله تعالى علينا بهاد يهدي إلى سواء الصراط انه أخ أحببته في الله تعالى وتعلمت منه نور التوحيد والسنة.
فرجعت مسرعا إلى أخي أبي البراء ومبشرا : هلم يا أخي إلى نور العلم إلى سعادة فقدناها كثيرا .
ولكني لم أجد فيه حبا لطلب العلم ومجالسة الصالحين, وكنت أراوده يوما بعد يوم حرص الحبيب للحبيب, لنتآزر سوية على هذه الطاعة التي نورت وجوه أصحابها.
ولكنها الرياضة وتربية الجسد التي أشغلته عني وعن طلب العلم وحضور المساجد.
وكنت أدعو الله تعالى أن يهديه لهذا الخير. فقد أحببته كثيرا وآلمني ابتعادهُ عني.
وجاءني يوما يطلب إلي أن أزوجه, ففرحت كثيرا واغتنمت الفرصة , واشترطت عليه أن يلتزم بطاعة الله وحظور المساجد, وقلت له : قد خبأت لك امرأة صالحة ستسرك, سأزوجك شقيقة زوجتي فوافق وفرح بهذا الخبر وفرحت أكثر لان شملنا قد ألتم من جديد.
كان يوم زفافه يوم طاعة وذكر لله تعالى يوم اجتمع فيه الأحبة والأهل وأخوة التوحيد والسنة ليشاركوا أبا البراء في فرحته التي لم يصحبها مزمار شيطان ولا اختلاط رجال بنساء, ولا ما يسخط الله تعالى.
اقترن أبو البراء بامرأة صالحة زاهدة في هذه الدنيا أعانته على طاعة الله تعالى, وكان همها ذكر الله تعالى ليكتبا سوية من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات.
فإذا بأخي غير أبي البراء الذي عرفته فأصبح رجلا من رواد المساجد حاملا للقران طالبا للعلم.
ومرت الأيام وإذا بجيوش الصليب تغزوا ديار الإسلام بلاد دجلة والفرات, فإذا بغيرة أخي تنتفض واستشرفت نفسه لنصرة هذا الدين, فسررت بموقفه هذا وتذكرت قول الشاعر:
عباد ليل إذا جن الظلام بهم كم عابد دمعه في الخد مجراه
وأسد غاب إذا ناد الجهاد بهم هبوا إلى الموت يستجدون لقياه
فمنّ الله تعالى علينا وهدانا للخروج في أول غزوة نغزوها في سبيل الله تعالى فنلنا من أعدائنا ونالت رماحنا من عدو الله تعالى مأخذا .
وجاء يوم المنازلة . ففي يوم من الأيام اختير أبو البراء ومعه ثلة من المجاهدين للقيام بعملية كبيرة لضرب مقر الصليبين, ففرح أخي وأخوته بهذه الغزوة فبدأوا يعدون العدة ويتهيئون لهذه العملية, وفي هذه الأثناء اخبرهم احد الإخوة أن هنالك مخزنا للأسلحة يحوي نوعيات خاصة من الأسلحة هم بحاجة إليها في هذه العملية, فاستشاروا أميرهم فوافق على ذهابهم لغنيمة هذه الأسلحة.
خرج أبو البراء محتسبا ومعه ثمانية من الأسود وركبوا سيارتين وصل هؤلاء الأبطال إلى مخزن الأسلحة وبداوا يجمعونه في السيارتين وهم ينشدون :
في سبيل الله نمضي نبتغي رفع اللواء
فليعد للدين مجــد وليعد للدين عــز
ولترق منا الدماء
عزمنا عزم الأباة لا نبالي بالطغـاة
نكره الظلم ونأبـى أن نعيش جبنـاء
ولترق منا الدماء
وبينما هم يجمعون وينشدون وإذا بجاسوس يبصرهم فيخرج مسرعا إلى أربابه ليبيع دينه وعرضه وبني جلدته بدراهم معدودة, لا غار على الدين ولا حمى ظهور المجاهدين عليه من الله حجارة من سجيل
رجع الإخوة غانمين الأسلحة لنصرة هذا الدين لكن خبر حفيد أبي رغال كان أسرع وبينما رَكبُ الجهاد في طريقه للعودة , إذ بجنود الصليب يحيطون بهم من هاهنا وهاهنا تصحبهم رايات الردة والنفاق الشرطة وقوات الدفاع الأمريكي لا المدني.
فبدأ أعداء الله تعالى يرمون أخوتنا برصاص الكفر والردة
(وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد )البروج.
أما السيارة الأولى فنزل احد الإبطال منها وبدأ يرمي على جنود الكفر وأمّن انسحاب إخوته ثم لحقهم دون أن يمسَ بأذى.
وأما مجموعة أبي البراء فاختاروا المواجهة ومنازلة أعداء الله تعالى من صليبين وشرطة مرتدين يقدمهم دليلهم ( أبو رغال) , فتعاهد الإخوة الأربعة على إحدى الحسنيين فترجل الأول حاملا بندقيته وموجها صدره شطر جيش الأعداء راميا إياهم بوابل من النيران تسبقها صيحات الله اكبر فكانت نيرانه كأنها قذائف مدافع لا رصاص بندقية , ولكن : ( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ) .الأنفال(17)
يرمي فارسنا ولسان حاله يقول :
ركضا إلى الله بغيــر زاد إلاّ التقى وعمل المعاد
والصبر في الله على الجهاد وكل زاد عرضة النفاد
غير التقى والبر والجهاد.
وإذا برصاصة الصليب تخترق جسد هذا الفارس فهوى إلى الأرض ودمه ينزف ولكنه لم يمت.
ويترجل أبو البراء ومعه ليث من ليوث الله تعالى , فإذا بالليث يرمي أعداء الله تعالى برمانة قتلت من قتلت من جيوش الكفر, وإذا بضربات الكفر تأتي غدرا على ظهره فسقط مغشيا عليه. فبادر الليث الرابع ليحمل أخاه من الأرض وينقذه من الأيادي النجسة التي انهالت عليه , ولكنهم انهالوا عليه ضربا وأسروه .
ويبقى أبو البراء , وقد أحاطت به جموع الكفر , ولم يبق أمامه إلا المواجهة أو الأسر فأختار الثبات والمواجهة.
اليوم جاءتك الشهادة مقبلا ومجاهدا لعصابة الطغيان
يا احمد الخيرات هذه منحة جاءتك من رب كريم حان
ما اغتر بالدنيا ولا شهواتها بل قال ليست هذه أوطاني
وطني الجنان هناك حيث منازل فيها السرور وراحةالابدان
لم يكن في يد أخينا أبي البراء إلا رمانة واحدة , فبادر البطل فالقاها على جنود الكفر وصيحات الله اكبر ترعبهم فقتل اثنين وجرح آخرين ولم يبق بيده شيء فوثب وثوب الأسد على احد المرتزقة من جنود الكفر وبدأ يصارعه ويضربه بيده فانتزع سلاح عدو الله من يديه وبدأ يقاتل جموع الكفر ويشتبك معهم بيده ويركلهم بقدميه وأبى الاستسلام إلا لله تعالى ولو كان على خروج روحه ورصاص أعداء الله تعالى ينهال عليه وهو يصارعهم بكبرياء الأسد .
ولكن رصاصات الكفر أصابت ساقيه وصدره .
فسقط على الأرض وهو يهلهل ب(لا اله لا الله ) ويصرخ : الله مولانا ولا مولى لكم.
سقط أبو البراء على الأرض ومازالت روحه بجسده , وبعد إن تمكن الصليبيون من اسر إخوتنا الأربعة حملوا اثنين منهم إلى الأسر , واثنين إلى المستشفى .
حمل أبو البراء وصاحبه الجريح وهم في أنفاسهم الأخيرة إلى مستشفى الردة , لا لعلاجهم ولكن للتحقيق معهم, دماؤهم تسيل وأفراد الشرطة يضربونه بأعقاب بنادقهم , هؤلاء أبناء جلدتنا وينتسبون إلى الإسلام, ويحاربون من خرج للدفاع عن الدين وحفظ بيضة الإسلام.
وادخل أبو البراء وأخوه إلى المستشفى , وإذا بأطباء يتكلمون بألسنتنا وليس في وجوههم نور التوحيد والسنة, انه طبيب رافضي مشرك شعاره الاستعانة بغير الله تعالى وتعظيم القبور, فقال لابي البراء : ما اسمك ؟
قال: اني عبد الله , وبدأ الرافضي يضرب اخانا, ويركله على جرحه ليستخرج منه اعترافا على اخوته, وهو يابى صابرا محتسبا, وبدأ رجال الشرطة يعاونهم الاطباء يتناوبون على تعذيب أبي البراء من عصر ذلك اليوم إلى بزوغ الفجر, ودمه ينزف, ولا يجيبهم إلا بقوله: أني عبد الله.
ولما استيئس أعداء الله تعالى من استخراج اعتراف من أبي البراء أوشكت روحه أن تخرج, فادخلوه صالة العمليات عسى أن ينالوا منه ولو كلمة, ولكن أخوة الدين وثبات العقيدة آثرت العذاب في سبيل الله تعالى على كلمة يؤذي بها مجاهد.
وان تعجب , فعجب من أطباء الرافضة وغيضهم لأهل السنة وبغضهم لأتباع رسول الله e وهاهي لحظات الفراق ,وهاهي سكرات الموت قد قربت من أبي البراء وهو مشتاق إلى لقاء ربه تعالى . فاجتمع عليه شياطين الجن والأنس ليردوه عن دينه في آخر لحظات عمره .
فقال له لطبيب الرافضي : قل: ( يا علي يكن لك شفيعا في الآخرة . فإذا بابي البراء يلفظ أنفاسه الأخيرة , صارخا بوجهه:
(اشهد أن لا اله إلا الله , وان محمداً رسول الله . أنا شهيد في سبيل الله)
فما زال يرددها حتى خرجت روحه الطيبة إلى بارئها وفاح ريح المسك من جسده .
لكأنني بك بالدماء مضرجا ودم الشهادة اصدق البرهان
اللون لون الدم أما ريحـه فالمسك يالكرامة الوالـهان
فالحور في شوق لكل مجاهد غيدٍ كمثل الدرر والمــرجان
لكأنني بك يا شهيد محلقـــا فوق الجنان ووارف الأغصان
الروح منك بجوف طير سائح بين النعيم بجنة الأفنان
تأوي إلى تلك القناديل التـي قد علقت بالعرش في إتقان
لكأنني بك احمد الخير علـى تلك الأرائك أو علــى الكثبان .
وجاءت البشارة :
اقبل أصحاب أبي البراء ليبلغوني الخبر بين وجل ومتردد ومستبشر, صمت احدهما وانتحى الأخر ركنا ودمعت عينه, وزف الثالث لي البشارة لقد استشهد أبو البراء واسر أصحابه, فكأن الخبر صاعقة حلت بي فتمالكت نفسي, واستحضرت الرضا بقضاء الله تعالى, فمسحت عن عيني الدموع ثم حمدت الله تعالى واسترجعت.
وصل الخبر إلى زوجته فقالت : والله , لطالما سأل الله تعالى الشهادة في سبيله والله لأُربين البراء حتى يأخذ بثأر أبيه ويقاتل الصليبين فكانت نعم المرأة الصابرة المحتسبة.
ثم ذهبت إلى والدي وقلت في نفسي: كيف اخبرهم الخبر؟ ولكن فضل الله تعالى عليهما سبق فثبتهما ورزقهما الصبر والسلوان.
مات احمد بل بأنعم عيشــة والرزق موفور له بأمـــان
يا أم احمد ذا اصطفاه ألهنا فتجلدي بالصبر والسلـــوان
واسعد أباه فذي الشهادة منة تعطى وتمنح من لدى الرحمـن
يا احمد إني سائل خالقــي بالعفو والتكريم والغفــــران
تركني أبو البراء مغادرا إلى جوار ربه مؤثرا الحياة الباقية على الحياة الفانية, تركني مكلوم الفؤاد ولكن عزائي فيه انه ذهب إلى رب رحيم, فتذكرت قول عمر- رضي الله عنه – لمتمم بن نويرة حين انشد مراثيه في أخيه: ( لوكنت أحسن الشعر لقلت في أخي زيد(الذي قتل في اليرموك) مثلما قلت في أخيك فقال متمم: يا عمر , لو إن أخي ذهب على ما ذهب عليه أخوك ما حزنت عليه.
فقال عمر : ماعزا ني احد بمثل ما عزيتني به).
فرحمك الله تعالى يا أبا البراء ولا أقول لك إلا كما قال الفاروق حينما نعي إليه أخوه زيد بن الخطاب في اليرموك : رحم الله أخي , سبقني إلى الحسنيين , اسلم قبلي , واستشهد قبلي)
فإليك يا أسد الحروب تحية من عمق قلبي من فؤادي المتعب
والله أساله يبلــغك الذي قد كنت تقصده بأعظم مركب
والله اسأله يجمـع شملنا في جنة الخلد التــــي لا تخرب .
ودعت أخي بدمعات العيون ودعت أخي وأنا لا اعلم حالي, أأُقبل من الشهداء أم أحرم من اللحاق به, ولكن اسأل الله تعالى إن يشفع لي عند ربه ....
فاقبله يا رب واشكر سعيه واكتبه في الشهداء والفرسان
وارفع الهي قدره واجعله من شفعاء يوم الحشر والميزان
والحمد لله أولا وأخرا .
إن العين لتدمع , وان القلب ليحزن , ولا نقول إلا ما يرضي الرب , وأنا بفراقك يا أبا البراء لمحزونون
وداعاً أخي
الحمد لله الذي اصطفى للموت في سبيله رجالا واتخذهم شهداء والصلاة والسلام على من دعا لربه وكُذب وأوذي ثم غزا في سبيل الله تعالى، وعلى آله وصحبه الصديقين والصالحين والشهداء،أما بعد...
فإن الحديث عن الإخوة وعن أيامها حديث ذي شجون , أما الحديث عن فقد الأحبة وفراقهم فهو حديث مليء بالإشجان والأحزان . فقد كان لي بالأمس القريب أخ افتقدته اليوم وانتظر لقياه غدا , وان لنا وإياه موعدا عسى أن يكون قريبا.
أبو البراء أخي الذي لعبت معه في أيام الصبا , وتربينا سوية في بساتين ديالى وبين ربوعها, فأحببته حبا كبيرا وما ظننت أني أستطيع فراقه .كانت لنا عائلة متدينة علمونا حب الصلاة وزجرونا عن الكذب والخداع.
وتوالت الأيام ويمن الله تعالى علينا بهاد يهدي إلى سواء الصراط انه أخ أحببته في الله تعالى وتعلمت منه نور التوحيد والسنة.
فرجعت مسرعا إلى أخي أبي البراء ومبشرا : هلم يا أخي إلى نور العلم إلى سعادة فقدناها كثيرا .
ولكني لم أجد فيه حبا لطلب العلم ومجالسة الصالحين, وكنت أراوده يوما بعد يوم حرص الحبيب للحبيب, لنتآزر سوية على هذه الطاعة التي نورت وجوه أصحابها.
ولكنها الرياضة وتربية الجسد التي أشغلته عني وعن طلب العلم وحضور المساجد.
وكنت أدعو الله تعالى أن يهديه لهذا الخير. فقد أحببته كثيرا وآلمني ابتعادهُ عني.
وجاءني يوما يطلب إلي أن أزوجه, ففرحت كثيرا واغتنمت الفرصة , واشترطت عليه أن يلتزم بطاعة الله وحظور المساجد, وقلت له : قد خبأت لك امرأة صالحة ستسرك, سأزوجك شقيقة زوجتي فوافق وفرح بهذا الخبر وفرحت أكثر لان شملنا قد ألتم من جديد.
كان يوم زفافه يوم طاعة وذكر لله تعالى يوم اجتمع فيه الأحبة والأهل وأخوة التوحيد والسنة ليشاركوا أبا البراء في فرحته التي لم يصحبها مزمار شيطان ولا اختلاط رجال بنساء, ولا ما يسخط الله تعالى.
اقترن أبو البراء بامرأة صالحة زاهدة في هذه الدنيا أعانته على طاعة الله تعالى, وكان همها ذكر الله تعالى ليكتبا سوية من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات.
فإذا بأخي غير أبي البراء الذي عرفته فأصبح رجلا من رواد المساجد حاملا للقران طالبا للعلم.
ومرت الأيام وإذا بجيوش الصليب تغزوا ديار الإسلام بلاد دجلة والفرات, فإذا بغيرة أخي تنتفض واستشرفت نفسه لنصرة هذا الدين, فسررت بموقفه هذا وتذكرت قول الشاعر:
عباد ليل إذا جن الظلام بهم كم عابد دمعه في الخد مجراه
وأسد غاب إذا ناد الجهاد بهم هبوا إلى الموت يستجدون لقياه
فمنّ الله تعالى علينا وهدانا للخروج في أول غزوة نغزوها في سبيل الله تعالى فنلنا من أعدائنا ونالت رماحنا من عدو الله تعالى مأخذا .
وجاء يوم المنازلة . ففي يوم من الأيام اختير أبو البراء ومعه ثلة من المجاهدين للقيام بعملية كبيرة لضرب مقر الصليبين, ففرح أخي وأخوته بهذه الغزوة فبدأوا يعدون العدة ويتهيئون لهذه العملية, وفي هذه الأثناء اخبرهم احد الإخوة أن هنالك مخزنا للأسلحة يحوي نوعيات خاصة من الأسلحة هم بحاجة إليها في هذه العملية, فاستشاروا أميرهم فوافق على ذهابهم لغنيمة هذه الأسلحة.
خرج أبو البراء محتسبا ومعه ثمانية من الأسود وركبوا سيارتين وصل هؤلاء الأبطال إلى مخزن الأسلحة وبداوا يجمعونه في السيارتين وهم ينشدون :
في سبيل الله نمضي نبتغي رفع اللواء
فليعد للدين مجــد وليعد للدين عــز
ولترق منا الدماء
عزمنا عزم الأباة لا نبالي بالطغـاة
نكره الظلم ونأبـى أن نعيش جبنـاء
ولترق منا الدماء
وبينما هم يجمعون وينشدون وإذا بجاسوس يبصرهم فيخرج مسرعا إلى أربابه ليبيع دينه وعرضه وبني جلدته بدراهم معدودة, لا غار على الدين ولا حمى ظهور المجاهدين عليه من الله حجارة من سجيل
رجع الإخوة غانمين الأسلحة لنصرة هذا الدين لكن خبر حفيد أبي رغال كان أسرع وبينما رَكبُ الجهاد في طريقه للعودة , إذ بجنود الصليب يحيطون بهم من هاهنا وهاهنا تصحبهم رايات الردة والنفاق الشرطة وقوات الدفاع الأمريكي لا المدني.
فبدأ أعداء الله تعالى يرمون أخوتنا برصاص الكفر والردة
(وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد )البروج.
أما السيارة الأولى فنزل احد الإبطال منها وبدأ يرمي على جنود الكفر وأمّن انسحاب إخوته ثم لحقهم دون أن يمسَ بأذى.
وأما مجموعة أبي البراء فاختاروا المواجهة ومنازلة أعداء الله تعالى من صليبين وشرطة مرتدين يقدمهم دليلهم ( أبو رغال) , فتعاهد الإخوة الأربعة على إحدى الحسنيين فترجل الأول حاملا بندقيته وموجها صدره شطر جيش الأعداء راميا إياهم بوابل من النيران تسبقها صيحات الله اكبر فكانت نيرانه كأنها قذائف مدافع لا رصاص بندقية , ولكن : ( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ) .الأنفال(17)
يرمي فارسنا ولسان حاله يقول :
ركضا إلى الله بغيــر زاد إلاّ التقى وعمل المعاد
والصبر في الله على الجهاد وكل زاد عرضة النفاد
غير التقى والبر والجهاد.
وإذا برصاصة الصليب تخترق جسد هذا الفارس فهوى إلى الأرض ودمه ينزف ولكنه لم يمت.
ويترجل أبو البراء ومعه ليث من ليوث الله تعالى , فإذا بالليث يرمي أعداء الله تعالى برمانة قتلت من قتلت من جيوش الكفر, وإذا بضربات الكفر تأتي غدرا على ظهره فسقط مغشيا عليه. فبادر الليث الرابع ليحمل أخاه من الأرض وينقذه من الأيادي النجسة التي انهالت عليه , ولكنهم انهالوا عليه ضربا وأسروه .
ويبقى أبو البراء , وقد أحاطت به جموع الكفر , ولم يبق أمامه إلا المواجهة أو الأسر فأختار الثبات والمواجهة.
اليوم جاءتك الشهادة مقبلا ومجاهدا لعصابة الطغيان
يا احمد الخيرات هذه منحة جاءتك من رب كريم حان
ما اغتر بالدنيا ولا شهواتها بل قال ليست هذه أوطاني
وطني الجنان هناك حيث منازل فيها السرور وراحةالابدان
لم يكن في يد أخينا أبي البراء إلا رمانة واحدة , فبادر البطل فالقاها على جنود الكفر وصيحات الله اكبر ترعبهم فقتل اثنين وجرح آخرين ولم يبق بيده شيء فوثب وثوب الأسد على احد المرتزقة من جنود الكفر وبدأ يصارعه ويضربه بيده فانتزع سلاح عدو الله من يديه وبدأ يقاتل جموع الكفر ويشتبك معهم بيده ويركلهم بقدميه وأبى الاستسلام إلا لله تعالى ولو كان على خروج روحه ورصاص أعداء الله تعالى ينهال عليه وهو يصارعهم بكبرياء الأسد .
ولكن رصاصات الكفر أصابت ساقيه وصدره .
فسقط على الأرض وهو يهلهل ب(لا اله لا الله ) ويصرخ : الله مولانا ولا مولى لكم.
سقط أبو البراء على الأرض ومازالت روحه بجسده , وبعد إن تمكن الصليبيون من اسر إخوتنا الأربعة حملوا اثنين منهم إلى الأسر , واثنين إلى المستشفى .
حمل أبو البراء وصاحبه الجريح وهم في أنفاسهم الأخيرة إلى مستشفى الردة , لا لعلاجهم ولكن للتحقيق معهم, دماؤهم تسيل وأفراد الشرطة يضربونه بأعقاب بنادقهم , هؤلاء أبناء جلدتنا وينتسبون إلى الإسلام, ويحاربون من خرج للدفاع عن الدين وحفظ بيضة الإسلام.
وادخل أبو البراء وأخوه إلى المستشفى , وإذا بأطباء يتكلمون بألسنتنا وليس في وجوههم نور التوحيد والسنة, انه طبيب رافضي مشرك شعاره الاستعانة بغير الله تعالى وتعظيم القبور, فقال لابي البراء : ما اسمك ؟
قال: اني عبد الله , وبدأ الرافضي يضرب اخانا, ويركله على جرحه ليستخرج منه اعترافا على اخوته, وهو يابى صابرا محتسبا, وبدأ رجال الشرطة يعاونهم الاطباء يتناوبون على تعذيب أبي البراء من عصر ذلك اليوم إلى بزوغ الفجر, ودمه ينزف, ولا يجيبهم إلا بقوله: أني عبد الله.
ولما استيئس أعداء الله تعالى من استخراج اعتراف من أبي البراء أوشكت روحه أن تخرج, فادخلوه صالة العمليات عسى أن ينالوا منه ولو كلمة, ولكن أخوة الدين وثبات العقيدة آثرت العذاب في سبيل الله تعالى على كلمة يؤذي بها مجاهد.
وان تعجب , فعجب من أطباء الرافضة وغيضهم لأهل السنة وبغضهم لأتباع رسول الله e وهاهي لحظات الفراق ,وهاهي سكرات الموت قد قربت من أبي البراء وهو مشتاق إلى لقاء ربه تعالى . فاجتمع عليه شياطين الجن والأنس ليردوه عن دينه في آخر لحظات عمره .
فقال له لطبيب الرافضي : قل: ( يا علي يكن لك شفيعا في الآخرة . فإذا بابي البراء يلفظ أنفاسه الأخيرة , صارخا بوجهه:
(اشهد أن لا اله إلا الله , وان محمداً رسول الله . أنا شهيد في سبيل الله)
فما زال يرددها حتى خرجت روحه الطيبة إلى بارئها وفاح ريح المسك من جسده .
لكأنني بك بالدماء مضرجا ودم الشهادة اصدق البرهان
اللون لون الدم أما ريحـه فالمسك يالكرامة الوالـهان
فالحور في شوق لكل مجاهد غيدٍ كمثل الدرر والمــرجان
لكأنني بك يا شهيد محلقـــا فوق الجنان ووارف الأغصان
الروح منك بجوف طير سائح بين النعيم بجنة الأفنان
تأوي إلى تلك القناديل التـي قد علقت بالعرش في إتقان
لكأنني بك احمد الخير علـى تلك الأرائك أو علــى الكثبان .
وجاءت البشارة :
اقبل أصحاب أبي البراء ليبلغوني الخبر بين وجل ومتردد ومستبشر, صمت احدهما وانتحى الأخر ركنا ودمعت عينه, وزف الثالث لي البشارة لقد استشهد أبو البراء واسر أصحابه, فكأن الخبر صاعقة حلت بي فتمالكت نفسي, واستحضرت الرضا بقضاء الله تعالى, فمسحت عن عيني الدموع ثم حمدت الله تعالى واسترجعت.
وصل الخبر إلى زوجته فقالت : والله , لطالما سأل الله تعالى الشهادة في سبيله والله لأُربين البراء حتى يأخذ بثأر أبيه ويقاتل الصليبين فكانت نعم المرأة الصابرة المحتسبة.
ثم ذهبت إلى والدي وقلت في نفسي: كيف اخبرهم الخبر؟ ولكن فضل الله تعالى عليهما سبق فثبتهما ورزقهما الصبر والسلوان.
مات احمد بل بأنعم عيشــة والرزق موفور له بأمـــان
يا أم احمد ذا اصطفاه ألهنا فتجلدي بالصبر والسلـــوان
واسعد أباه فذي الشهادة منة تعطى وتمنح من لدى الرحمـن
يا احمد إني سائل خالقــي بالعفو والتكريم والغفــــران
تركني أبو البراء مغادرا إلى جوار ربه مؤثرا الحياة الباقية على الحياة الفانية, تركني مكلوم الفؤاد ولكن عزائي فيه انه ذهب إلى رب رحيم, فتذكرت قول عمر- رضي الله عنه – لمتمم بن نويرة حين انشد مراثيه في أخيه: ( لوكنت أحسن الشعر لقلت في أخي زيد(الذي قتل في اليرموك) مثلما قلت في أخيك فقال متمم: يا عمر , لو إن أخي ذهب على ما ذهب عليه أخوك ما حزنت عليه.
فقال عمر : ماعزا ني احد بمثل ما عزيتني به).
فرحمك الله تعالى يا أبا البراء ولا أقول لك إلا كما قال الفاروق حينما نعي إليه أخوه زيد بن الخطاب في اليرموك : رحم الله أخي , سبقني إلى الحسنيين , اسلم قبلي , واستشهد قبلي)
فإليك يا أسد الحروب تحية من عمق قلبي من فؤادي المتعب
والله أساله يبلــغك الذي قد كنت تقصده بأعظم مركب
والله اسأله يجمـع شملنا في جنة الخلد التــــي لا تخرب .
ودعت أخي بدمعات العيون ودعت أخي وأنا لا اعلم حالي, أأُقبل من الشهداء أم أحرم من اللحاق به, ولكن اسأل الله تعالى إن يشفع لي عند ربه ....
فاقبله يا رب واشكر سعيه واكتبه في الشهداء والفرسان
وارفع الهي قدره واجعله من شفعاء يوم الحشر والميزان
والحمد لله أولا وأخرا .
إن العين لتدمع , وان القلب ليحزن , ولا نقول إلا ما يرضي الرب , وأنا بفراقك يا أبا البراء لمحزونون