ابو تحرير
31-01-2005, 11:50 AM
شبكة البصرة
بقلم: د. محمد صالح المسفر – ميدل ايست 16/7/2002
بغداد - اعترف منذ البداية ـ وحتى اقطع الجدل من حولي ـ بإعجابي بصدام حسين رئيس جمهورية العراق الشقيق، رئيس مجلس قيادة الثورة في ذلك القطر العزيز، أردت بهذا الاعتراف أن أريح نفسي من الجدل الذي أتوقع حدوثه، وقد بدأ بين صفوف وفي وسائل إعلام الهاربين من واجب الدفاع عن وطنهم العراقي الممولين من قبل أجهزة المخابرات المتعددة الجنسيات من خارج دائرتنا الحضارية العربية والإسلامية، وكذلك الجدل الذي قد يحدث حولي بين أصحاب الأقلام النفطية الذين لا شأن لهم ولا هم إلا التحريض واستعداء النظم الحاكمة في خليجنا العربي على كل صاحب رأي يخالف آراءهم.
وليس من حق أحد أن يصادر حقي في الإعجاب والحب والكره لأي كان، فما بالك بزعيم عربي لي رأي فيه.
في عام 1983 قابلت مسؤولاً عربياً كبيراً في أحد أقطار الجزيرة العربية، كان ذلك اللقاء مرتباً من قبل أصدقاء لصاحب القرار الذي قابلته ولشخصي، وبعد حديث المجاملة وحديث طويل عن الماضي بعد طول غياب، وقبل وداع ذلك المسؤول صارحته بإعجابي بمجموعة من قادة العالم، اذكر منهم غاندي، وتيتو وماوتسي تونغ وشو اين لاي وماركس وبنغوريون وعبد العزيز آل سعود وجمال عبد الناصر وزايد بن سلطان آل نهيان.
وقلت لمضيفي أخشى أن ينقل إليك كتبة التقارير باني قد عبرت عن إعجابي في جلسة أو ندوة علمية بأحد هؤلاء الرجال بقصد الوقيعة بي عندكم، قال مضيفي: لقد ارتفعنا درجات ولم نعد ننصت إلى الهمازين والكتبة الذين تقول عنهم، ونحن نقدر الذي يقدر العظماء ولا شك بان من ذكرت لهم سجل في التاريخ لا ينسي، نتفق مع بعضهم ونختلف مع البعض الآخر، لكنهم أعلام في التاريخ الإنساني.
أعود لإعجابي بالرئيس صدام، فأقول، ان إعجابي ينبع من مصادر ثلاثة:
موقفه من الصراع العربي ـ الصهيوني والمسألة الفلسطينية.
إيمانه المطلق بالدور الذي على الأمة العربية أن تؤديه في المسيرة الإنسانية إكمالا لدور الأولين في تاريخ امتنا.
الصمود بشموخ واباء في وجه طغيان القوة والتهديد بها من قبل دولة الاستكبار العالمي وحلفائها.
قبل وصولي إلى بغداد بدعوة كريمة من بيت الحكمة، طلبت مقابلة الرئيس صدام حسين، كان عندي شك في إمكانية المقابلة، وإذا تمت فكيف سأجده؟!
وماذا فعلت به عاديات الزمان وبالتحديد خلال حرب عاصفة الصحراء أو أم المعارك، كما يسميها أهل العراق، وماذا فعل به الحصار الظالم الذي تفرضه الولايات المتحدة الأميركية دون وجه حق. واهم من ذلك ماذا فعلت به اعباء إعادة بناء العراق من جديد بعد الدمار الشامل الكامل لكل قواعد البنية التحتية، وحرق وتلويث الحقول الزراعية بهدف تجويع الشعب العراقي وحرمانه من محاولة الاكتفاء الذاتي زراعيا.
كيف استطاع تدبير المال لتمويل إعادة البناء، علما بأن العراق حرم حرمانا كبيرا من مصادر دخله وودائعه المالية وتجميد كل أرصدته وحرمانه حتى من سك عملته الوطنية.
لا ريب فان الحمل ـ إعادة البناء ـ ثقيل كحمل الجبال أو اثقل.
بعيدا عن الوصف الصحافي للحال والاتصالات التي تمت قبل موعد اللقاء، جاء موعد مغادرة فندق الرشيد الساعة التاسعة صباح يوم الأول من تموز (يوليو) 2002 في صحبة أحد موظفي إدارة المراسم، سيارة أنيقة سارت بنا إلى مبني على مقربة من الفندق. من شكله يتضح انه مبني رئاسي.
دخلت البوابة الأولى في صحبة مسؤول على كتفيه رتبة عسكرية إلى صالون فسيح أنيق التأثيث صناعة عراقية، ثم قدمت إلى رجل آخر يحمل أيضا رتبة عسكرية عميد عرفني بنفسه ومهمته الوظيفية قائلا سكرتير السيد الرئيس الدكتور عبد حمود الخطاب، طويل القامة بشوش الوجه واسع الثقافة، ملم بأحوال العالم وما يدور فيه وبؤر الصراع الدولي وما يحيط بالعراق وأهله، يحمل شهادة الدكتوراه قدم لي رسالته التي نال بها درجته العلمية موضوعها تحرير الفاو: الأبعاد السياسية والاستراتيجية، وكتاب آخر من تأليفه بعنوان دور المؤسسة العسكرية الاسرائيلية في صنع القرار السياسي.
سألت الدكتور الخطاب سكرتير السيد الرئيس، هل تقرر موعد مقابلتي للرئيس؟
قال: هل عندك شك في ذلك؟
وقف العميد الدكتور ووقفت معه ومشينا جنبا إلى جنب، سألت هل زمن المقابلة محدد؟
يتقرر ذلك فيما بعد.
سألت: ما هي المحاذير في الحديث مع السيد الرئيس؟ هل اسأل ما شئت، هل اسأل عن الديمقراطية وعن المفقودين وعن المعارضة؟
قال بأدب جم: اسأل ما شئت.
قلت للعميد الدكتور الخطاب: إنني تحت مظلة الخوف من السؤال أو الأسئلة التي ابحث عن إجابة عنها، فإذا لم يعجبه السؤال وغضب صحيح القول، الويل كل الويل للسائل من تبعات سؤاله؟
ضحك العميد، وقال اسأل ما شئت دون تحفظ أو تردد وستكتشف شخصية الرئيس بنفسك.
دخلت في صحبة الدكتور العميد على السيد الرئيس الذي وجدته واقفا منتصب القامة في وسط الصالون المخصص لاستقبال زوار سيادته.
اصطحبني إلى حيث يرتفع العلم العراقي، وبادرني بالسؤال عن الأهل والأحبة في الخليج العربي.
المكان الذي قابلت سيادته كان خاليا من كل حملة السلاح لا وجود لهم حولنا ولا في الردهات التي مررت بها وهذا على غير عادة عند الكثير من المسؤولين والقادة العرب.
اعترف بأن الرهبة قد دغدغت مشاعري أكثر من أي مرة قابلت فيها زعيما عربيا. فأنا اجلس إلى جوار زعيم شنت عليه وعلى بلاده حرب عالمية اشترك فيها اكثر من 33 جيش دولة، بما في ذلك جيوش من الدول الكبرى تقودهم الدولة الأعظم تسلحا ونفوذا وهي الولايات المتحدة الأميركية، وكل مخابرات العالم تحاول النيل منه وهو مطلوب أميركيا حيا أو ميتا.
وساوس الشيطان اختلطت في ذهني، ماذا لو حدث لا سمح الله لهذا العملاق وأنا في معيته اي حدث ولو قدر الهي؟
ماذا سيقال عني؟!
حتما سيقال الكثير والكثير جدا، ولكن ما أخشاه اتهامي بأني عميل مدسوس للمخابرات الأميركية.
استعدت ثقتي بنفسي وبدأ بصري يتجول حول القاعة وأتفقد ملامح الزعيم الذي اجلس أمامه.
لأن هناك إشاعة قوية تقول بأن الزعيم العراقي له أشباه متعددون، فرحت أتأمل الرجل فأيقنت بأنه الزعيم الحق.
بدأت الحديث بعد برهة صمت في التأمل فيما كنت فيه، وسألت:
سيدي الرئيس جئت من الخليج العربي لأعلن تضامني مع الشعب العراقي الشقيق ومساهما في كسر الحصار عن العراق وقيادته، داعيا كل العرب ومحبي السلام في العالم للوقوف إلى جانب العراق في وجه العدوان الأميركي الذي تنوي الولايات المتحدة الأميركية شنه في أي لحظة على هذا القطر العربي الأسير، مستمدا هذا التضامن ومفعلا (بتشديد حرف العين) قرارات قمة بيروت العربية.
قال حياك الله في بلدك وبين إخوانك.
سألت السيد الرئيس، حدثني عن علاقة العراق بالغرب والعرب في هذه الأيام؟
العرب يتعرضون لهجمة عدوانية شرسة، وتعرضوا لغزوات وحروب فرضت عليهم عبر العصور ـ المغول والتتار والحروب الصليبية وغيرها وآخرها الغزو الصهيوني والأميركي على العالم العربي ممثلا بفلسطين والعراق ـ العرب لم يذهبوا غازين الدول العظمي، ولكنهم قبل الإسلام وأثناء اشراقته وبعد حين من مسار الإيمان الجديد لامتنا كان أعداء هذه الأمة يأتون إلى بلاد العرب غزاة طامعين.
ومن بين الأمور التي تجعل أبناء الأمة العربية الواحدة يختلفون هو التدخل الأجنبي الذي يعمل على الوقيعة بين أبناء الأمة، ويعمق خلافاتها لاستثمار تلك الخلافات لحسابه وعلى حسابنا كأمة بغض النظر عن المسميات.
إن الأجنبي لا يسمح للأمة بلم جراحها والسمو فوق الخلافات لان مصالحه تتناقض مع مصالح الأمة ويسعى لان يجعلها تختلف ولا تتفق انه ـ الأجنبي ـ يعمل بكل وسائله لفرض الهيمنة على الأمة بهدف إكثار حصته غير المشروعة في مكانتها الاستراتيجية وخيرات هذه الأمة، وعلى ذلك فيجب على الأمة توحيد صفوفها والسمو فوق خلافاتها وتركيز الجهود لمواجهة الاعداء.
وماذا عن الحصار وآليات تفكيكه؟!
كنا وما زلنا نقول منذ عام 1992 ان الحصار لا يرفع بقرار من مجلس الأمن وإنما يتفتت بفعل الزمن وإرادة الشعب العراقي بعد الاتكال على الله.
كان الأعداء يحاولون تحويل العراق إلى بلد متقوقع على ذاته مشمئز من صلته القومية ويعمل لنفسه وينعزل عن أمته لكن ما حصل عكس ذلك.
لقد تعمق الإيمان في قلوب العراقيين وترسخ وفهم (بضم حرف الفاء وكسر الهاء) جوهر الدين الإسلامي لديهم والاعتزاز به والتعامل معه اكثر مما كنا عليه قبل الحصار.
لقد اصبح الشعب العراقي اقرب إلى ربه وأمته وتوجهها القومي مما كان عليه، لماذا؟ لأننا لم نحس بضعف رغم كل الصعاب التي واجهتنا لكي نهرب من المواجهة.
إن صلتنا بالله أعطتنا دافعا قويا وإصرارا على الدفاع عن امتنا والعمل على نيل حقوقنا كاملة مع إيماننا القوي والعميق بان الله لن يخذل المؤمنين الصابرين.
وتابع السيد الرئيس يقول:
إن الشعب العراقي ليس شعبا مرتبا على عجل ومن هنا فإني أكلف الإنسان العراقي في أحيان كثيرة بأكثر من طاقة أي إنسان آخر، وأرجو منه ألا يلومني.
وإذا كان ثبات الشجرة يقاس بمدي عمق جذورها فيكون الإنسان العراقي الأكثر ثباتا بين البشر لأنه الأكثر امتدادا في عمق التاريخ.
عندما دعيت إلى تكوين جيش القدس اندفع شباب وشيبان رجال ونساء العراق للانخراط في هذا الجيش، والشرفاء في العالم العربي مع إخوانهم العراقيين اثنوا وقدروا حق التقدير، وثمنوا فكرة صدام حسين هذه، ولو لم يكن العراقيون بمستوي أعلى من حيث النضج وعمق الإيمان لما تحمسوا وتدافعوا للانخراط في هذا الجيش، وكان بإمكانهم الاعتذار أو إظهار عدم الاهتمام بهموم إخوانهم في فلسطين ولديهم أي الشعب العراقي، غطاء أقوي من أي حاكم ومحكوم يجعلهم يتقوقعون على أنفسهم، انه الحصار الظالم الذي تفرضه الولايات المتحدة الأميركية علينا دون وجه حق.
وماذا عن الجوار الخليجي؟
كنا في حرب مع إيران دامت سنوات، ووضعت الحرب أوزارها وشكلت لجان عمل لمتابعة ما نتج عن تلك الحرب، وهناك تواصل بيننا وبين الإيرانيين على كل المستويات ويفد إلى العراق عشرات الآلاف من الإيرانيين بشكل مستمر لزيارة الأماكن الدينية ولهم منافع أخري.
أما إخواننا في الخليج فقد أعلنا أكثر من مرة وفي لجان عمل رسمية ومؤتمرات القمم العربية، وكان آخرها مؤتمر بيروت بأننا نريد أن نفتح صفحة جديدة في تاريخ علاقاتنا العربية ـ العربية.
لكن كلما رأت أميركا والصهيونية إننا نقترب من إقناع الآخرين في ما يتعلق بإخواننا في الكويت يفتعلون أشياء لتعميق روح الكراهية والقطيعة بين الأشقاء. لقد نفذنا كل قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالكويت.
الحدود حددت من قبل الأمم المتحدة وقبلناها، التعويضات التي فرضت علينا للكويت سددناها.
تقول بعض وسائل الإعلام ان العراق سرق ممتلكات ووثائق حكومية من الكويت؟
الشعب العراقي ليس مجموعة من اللصوص، كما قلت لك سابقا، الشعب العراقي ليس مرتبا على عجل، وإنما صاحب نعمة وصاحب ثروات وصاحب نخوة، فلا يجوز أن يقال عن شعب العراق ذلك القول.
يجدر بالتنويه بأني قد أثرت هذا الموضوع في حوارات في بغداد مع قيادات سياسية رفيعة المستوي، قال أحدهم لقد تم التحفظ على أرشيف الدولة الكويتية من قبلنا وحافظنا على جميع ملفات ومستندات الهجرة والجوازات والجنسية، خوفا أن تقع في يد حاقد أو محتال فيعبث بها فكان التحفظ من قبلنا واجبا قوميا.
أعلنا قرارنا برد جميع أرشيف الحكومة الكويتية وجميع المستندات التي تحفظنا عليها إلى الكويت بطريقة ثنائية ـ بيننا وبينهم ـ أو عن طريق جامعة الدول العربية.
طــلب الأخوة في الكويت أن تكون عملية التسليم والاستلام عن طريق الأمم المتحدة فقلنا جامعة الدول العربية والأمم المتحدة.
قلت لمحدثي وما يضيركم أن تسلموا الوثائق للأمم المتحدة؟
قال محدثي (ليس الرئيس صدام حسين) مفهوم الأمم المتحدة في هذا الشأن عند بعض الأخوة في الكويت هو بريطانيا وأميركا وهذان العضوان في نظرنا لا يتمتعان بالنزاهة والموضوعية حسب تجاربنا معهم.
يروي أحد المسؤولين في بغداد إن الجهات الأمنية وجدت في سيارة عابرة عبر الأراضي العراقية لشخص غير عربي وجدت بها سجادة ثمينة متوسطة الحجم مهداه من شاه إيران عليها توقيعه إلى أمير الكويت وعليها صورة الأمير.
طلب المسؤول العراقي من نظيره الكويتي إرسال رسول يستلم هذه الهدية الفارسية الثمينة.
اعتذر المسؤول الكويتي وطلب تسليمها إلى الأمم المتحدة.
عودة إلى حديثنا مع السيد الرئيس صدام حسين
وماذا عن المفقودين أو الأسري كما يحلو للكويتيين استخدام هذا المصطلح؟
في كل حروب الدنيا من الماضي السحيق إلى عالمنا المعاصر يوجد مفقودون من كل الأطراف المتحاربة وهذا الموضوع يحل عن طريق البحث والتقصي بحسن نية، وبعيدا عن تدخلات خارجية إذا أريد حل هذه المسألة نهائيا.
كان لدينا أعداد من أفراد الأسرة الحاكمة وبعض الضباط وضباط الصف من الجيش الكويتي وبعض أفراد الأسر الكويتية الأخرى وخيرناهم بين البقاء معنا في العراق أو العودة إلى الكويت فاختاروا العودة، لقد أكرمنا مقامهم وردوا بطريقة تليق بمكانتهم وبكل احترام.
تحفظنا على كمية من الذهب من البنك المركزي تقدر قيمته بأكثر من 500 مليون دولار ورديناها كاملة.
النتيجة التي أريد أن أصل إليها، ما فائدة العراق من الاحتفاظ بعدد من الناس كرهائن أو أسري من أسر ليست مؤثرة في صنع القرار في الكويت ولن تحقق انجازا كبيرا للعراق.
كما قلت لك سابقا كلما أردنا ان نقترب في ما يتعلق بعلاقتنا مع الكويت كلما اندفعت قوي الشر لتعيق ذلك الاقتراب.
قال لي مسؤول عراقي كبير (خارج عن حديث الرئيس) ردا على سؤالي له عن مقاطعة العراق للجنة الصليب الأحمر الدولي وفي ما يتعلق بالمفقودين
بكل أسف هذه اللجنة تضم إلى جانب الكويت والعراق وبعض الدول الأخرى كلا من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وكانا أكثر تعقيدا لسير المحادثات، وفي كل مرة نلتقي تزداد الأمور تعقيدا فكان رأينا للاخوة في الكويت هذا الموضوع يخصكم ويخصنا والمجتمع الدولي وعلى وجه التحديد أميركا وبريطانيا ليست لهما علاقة بهذا الموضوع فتعالوا نحل هذه المسألة بيننا حلا جذريا ونهائياً ونغلق هذا الملف.
بكل أسف الاخوة في الكويت لهم رأي آخر، وهنا توقفت أعمال اللجنة. وأضاف المتحدث لقد نفذنا كل قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالكويت، وأعلنا في أكثر من مناسبة عربية ودولية احترامنا لسيادة الكويت واستقلالها ضمن حدودها المعترف بها.
السيد الرئيس لكل نظام حكم من يعارضه، فماذا عن المعارضة العراقية؟
صحيح هناك معارضة في معظم دول العالم من داخل النظام، وهناك معارضة من خارج النظام، الأولى لها رأي في القوانين واللوائح والأنظمة والسياسات العامة، لكنها ضمن النظام، والثانية تتصيد سلبيات الممارسات في تنفيذ السياسات وكلا المعارضتين علانية لا تعمل سرا وليست مرتبطة بقوي خارج الحدود.
في العراق، كل عراقي له حق المواطنة بغض النظر عن رأيه، في الوقت نفسه للعراق حق على كل عراقي بغض النظر عن رأيه أن يدافع عنه ويحافظ على أسراره ويعمل من أجل رفع سمعته وأن يتصدى لكل أعدائه وهذه قاعدة صحيحة من الناحية الأخلاقية والمبدئية والوطنية.
إن التجارب القديمة والحديثة في تاريخ العرب والأمم الأخرى تؤكد أنهم عندما كانوا يختلفون لأي سبب، وعلى أي عنوان من العناوين يؤجلون كل خلافاتهم عندما يقع اعتداء على وطنهم ويعملون جميعا لصد العدوان عن الأمة.
مرة أخري أخرج عن نطاق حديث السيد الرئيس صدام حسين.
في سياق المعارضة قال مسؤول كبير في القيادة العراقية نحن نعرف بأن هناك أفرادا لهم رأي في السياسات العراقية، لكن هؤلاء الأفراد ليسوا عملاء ولا متعاونين مع أعداء العراق، وهم يدافعون عن العراق بطريقتهم وهؤلاء نكن لهم الاحترام ونحن على كامل الاستعداد للحديث معهم لكونهم عراقيين يرفضون العدوان على العراق.
واستدرك محدثي قائلا:
لكن الذين تراهم في الصور مع أعداء العراق صفا واحدا والذين يتنقلون بين المحطات الفضائية العربية وغيرها ويتنقلون بين عواصم الدول الغربية المتربصة بالعراق يحضون الأعداء على النيل من العراق والعدوان عليه من أجل تحطيم كل إنجازاته. فهل هؤلاء جديرون بالاحترام؟
إنهم عملاء لقوي العدوان إنهم يريدون تحطيم العراق شعبا وحكومة ومؤسسات بهدف الوصول إلى السلطة على دبابات أميركية وهؤلاء لا مكان لهم بيننا لأنهم لا يحبون العراق ولا أهل العراق. ونؤكد لك بأن معظمهم لا يعرف شوارع بغداد ونسي معالم الحي الذي ولد فيه على تراب العراق.
سيادة الرئيس العراق مستهدف؟
الأمة العربية مستهدفة كلها، ان المعركة ليست معركة العراق وإنما معركة الأمة بكاملها وإلا أخذت غير هذا الإطار، لكن مشكلة امتنا هي أن اعداءها يتعاملون معها كأمة واحدة، وحكامها لا يتعاملون مع أعدائها بالطريقة نفسها وهذا أهم خلل إستراتيجي للحكام.
أي أن العدو يعبئ نفسه ويهيئ قدراته على أساس انه يواجه الأمة كلها في العراق مثل ما يواجه الأمة كلها في فلسطين.
سيادة الرئيس كثير من العراقيين الذين رأيتهم خارج الحدود والذين يحبون العراق وليست لهم علاقة بأجهزة المخابرات المتعددة الجنسيات يتمنون أن تصدر في العراق صحيفة يومية أو أسبوعية مستقلة تعبر عن وجهة نظرهم في ما يجري في العراق وحوله ضمن حدود الأمن الوطني والقومي العربي ويطالبون برفع الرقابة عن الصحافة؟
ليست لدينا رقابة على الصحف أو الكتب لأننا نترك الرقابة لوعي الناس ونحن نسمع من الناس والناس يسمعون منا مباشرة، ونعتمد على النقد المباشر ويكون الآخرون رقباء على أنفسهم.
درسنا فكرة إنشاء صحف غير حكومية ماذا وجدنا.
هذه الصحف لن تكون لها القدرة على الاستمرار ما لم يكون لها مصدر تمويل قوي وهذا المصدر من أين يأتي؟
إذا كان من جهات أجنبية أو جهات لها ارتباط بقوي خارج العراق، أيا كانت هذه القوي، فهو أمر مرفوض لأنها ستكون تابعة لمن يدفع ولن تكون صحفا وطنية في هذه الحالة.
إذا كانت هذه الصحف ستعتمد على التمويل الحكومي فإنها بالضرورة ستكون تحت مظلة النظام السياسي وتعبر عن ما يريد النظام فما هي حكمة إصدار صحف مثل هذا النوع إذا كانت ستعتمد على تمويل حكومي.
قلنا ان أي عراقي له الحق أن يعبر عن آرائه وأفكاره بكل حرية في الصحافة التي تصدر في القطر العراقي دون خوف أو تردد إذا كانت هذه الآراء تعبر حقيقة عن اهتمام الوطن والمواطن، وتهتم باستقلاله وسيادته فهذه أمور مرحب بها.
ويجب أن ندرك جميعا بأن العراق مستهدف، وبالتالي كل الأفكار والآراء التي تكتب أو تناقش في وسائل الإعلام يجب أن تكون في خدمة العراق وشعب العراق في مواجهة القوي الباغية على هذا الشعب العظيم وإلا معني ذلك ستنصرف بعض الأقلام والآراء لقضايا ليست جوهرية تصرفنا جميعا عن مواجهة أعداء العراق وأمتنا العربية.
السيد الرئيس قابلت أفرادا من العراق الشقيق يعيشون في الخارج، البعض خرج طواعية وآخرون خرجوا عنوة، ولهم رغبة بالعودة إلى وطنهم العراق فما السبيل إلى ذلك؟
رفعنا الحواجز، وقلنا ان أي عراقي يريد العودة من خارج الوطن إلى بلده العراق فهو مرحب به في بلده وبين أهله ومن يريد أن يبقى خارج وطنه العراق فهذا شأنه، أردنا بهذا أن نقطع كل الذرائع التي تدفع بالآخرين وبقائهم في الخارج كي لا يتغطوا بغطاء المعارضة، أي أن تكون هويته معارضا لبلده، إننا ننظر للعمل الطيب بمنظار تاريخي لا بمنظار إرهاصات داخلية وهذه الروح الجديدة تجعلنا بعيدين عن دسائس الأجنبي وأي عمل يجب أن ننظر له في إطار المستقبل حتى لا نجعل من الغيرة حالة قاتلة لأنفسنا.
إن المفكرين والكتاب في داخل القطر العراقي وعالمنا العربي عليهم دور يجب أن يؤدوه يتمثل هذا الدور في تثقيف أبناء الأمة العربية تثقيفا وطنيا لا يجعل للأجنبي فرصة العبث بأمن الأمة ومواردها.
سيدي الرئيس نخرج خارج حدود العراق ننظر إلى فلسطين؟
إن العمليات البطولية في فلسطين ستسجل في تاريخ أمتنا بأحرف مضيئة إنني أنظر إلى هذه الأعمال الاستشهادية وصمود الشعب الفلسطيني البطل كأنه صمود شعب العراق وكل عملية تحدث ضد الأعداء كأنني قمت بها بنفسي وعلى كل عربي أن ينظر إلى تلك الأعمال بهذا المنظار أي أنه أدي عمله كاملا وهذه هي الروح العربية الأصيلة.
إن العمليات الفدائية في فلسطين الآن تشكل رصيدنا وتعطينا قوة ولا يجوز أن يجرونا من موقف إلى موقف وكأن المكسب الآن والمطلوب الآن أن لا يزاح ياسر عرفات أو يزاح من منصبه وننسي فلسطين كلها.
إن الأعداء يعملون على نقل العرب من موقف إلى موقف ثم يلهث العرب حول تلك المواقف وإسرائيل لا تتزحزح قيد أنملة، إنها حالة مؤلمة جدا.
سيدي الرئيس مطالب الشعب العراقي كثيرة في ظل ظروف التهديد الأميركي كيف تتعاملون مع قضايا الشعب العراقي؟
يهمني أن تعرف الحقيقة مثل ما هي في ما يتعلق بأهلنا في العراق الشعب يعيش في ضمائرنا ونحمد الله أن نراه صامدا في وجه كل الطغاة المتربصين به.
إن الأساس هو صلتنا بالناس وهذا هو رصيدنا أمام الله ومهما تصرف العدو فلا أقيم له وزنا وأن يتيقن إخواننا العرب بأننا صادقون ومؤمنون بمبادئنا.
نحن في العراق نتعامل في إدارة شؤون بلادنا بلقاء المواطنين بشكل يومي للاستجابة لمطالبهم وهذا هو أسلوبنا الذي دفع بالمواطن العراقي ليشعر بأهميته كمواطن وبمسؤولياتنا تجاهه لحل أموره والتدارس في شأنها معه وجها لوجه.
سيادة الرئيس بقيت نقطة أخيرة أستأذن سيادتكم في وصف مشاعري الشخصية وأنا قادم إليك، يشاع في عالمنا العربي بأن جميع زوار السيد الرئيس صدام حسين باستثناء رؤساء الدول ورؤساء الوفود الرسمية عليهم أن يدخلوا إلى غرفة تعقيم يجردون من أحذيتهم للفحص الإشعاعي وأحزمتهم وتغطس أيديهم في محلول كيميائي مخفف لتعقيمها وإذابة ما بها من اذى ويفتش تفتيشا دقيقا قبل الدخول، كل هذه الأمور لم أمر بها فهل أنا ضيف استثنائي أم أنها إشاعة مغرضة؟
ضحـك سيادة الرئيس وقال لم يحدث قط أن مررنا بهذه التجربة وأنت ضيف عزيز على أهلك في العراق ولكن الأعداء يريدون النيل منا بكل الوسائل فهذا سلوكهم وهذا طبعهم.
سيدي الرئيس أشكركم على إعطائي الفرصة للقاء بكم وأطلب الله أن ينصر العراق على كل أعدائه.
انتهي الحديث ووقف الرئيس صدام حسين ووقفت معه، ومشينا يدا بيد حتى الباب الخارجي لمقر سيادته.
عزيزي القارئ لا أخفي عنك شعوري فأنت رصيدي في هذه الحياة بأني خرجت من عند الرئيس صدام حسين وقد ازداد إعجابي بهذا الزعيم وبفكره وطروحاته.
لقد حاولت أن أنتزع منه كلمة عن أي نظام عربي شارك قوات التحالف فيما يعرف بعاصفة الصحراء أو أم المعارك إلا أنه لم يقل كلمة تمس أي نظام من الأنظمة العربية التي شاركت في ذلك التحالف.
أيقنت بأن الزعيم العراقي صدام حسين يريد أن يفتح صفحة جديدة في تاريخ العلاقات العراقية ـ العربية إنه لا يريد أن يلتفت إلى الماضي إنه زعيم يتطلع إلى المستقبل فهل يرتقي إلى مستواه ولاة أمرنا من الزعماء العرب ويفتحون صفحة جديدة في تاريخنا والتطلع إلى المستقبل بوعي وإدراك للمخاطر التي تطوق أمتنا
بقلم: د. محمد صالح المسفر – ميدل ايست 16/7/2002
بغداد - اعترف منذ البداية ـ وحتى اقطع الجدل من حولي ـ بإعجابي بصدام حسين رئيس جمهورية العراق الشقيق، رئيس مجلس قيادة الثورة في ذلك القطر العزيز، أردت بهذا الاعتراف أن أريح نفسي من الجدل الذي أتوقع حدوثه، وقد بدأ بين صفوف وفي وسائل إعلام الهاربين من واجب الدفاع عن وطنهم العراقي الممولين من قبل أجهزة المخابرات المتعددة الجنسيات من خارج دائرتنا الحضارية العربية والإسلامية، وكذلك الجدل الذي قد يحدث حولي بين أصحاب الأقلام النفطية الذين لا شأن لهم ولا هم إلا التحريض واستعداء النظم الحاكمة في خليجنا العربي على كل صاحب رأي يخالف آراءهم.
وليس من حق أحد أن يصادر حقي في الإعجاب والحب والكره لأي كان، فما بالك بزعيم عربي لي رأي فيه.
في عام 1983 قابلت مسؤولاً عربياً كبيراً في أحد أقطار الجزيرة العربية، كان ذلك اللقاء مرتباً من قبل أصدقاء لصاحب القرار الذي قابلته ولشخصي، وبعد حديث المجاملة وحديث طويل عن الماضي بعد طول غياب، وقبل وداع ذلك المسؤول صارحته بإعجابي بمجموعة من قادة العالم، اذكر منهم غاندي، وتيتو وماوتسي تونغ وشو اين لاي وماركس وبنغوريون وعبد العزيز آل سعود وجمال عبد الناصر وزايد بن سلطان آل نهيان.
وقلت لمضيفي أخشى أن ينقل إليك كتبة التقارير باني قد عبرت عن إعجابي في جلسة أو ندوة علمية بأحد هؤلاء الرجال بقصد الوقيعة بي عندكم، قال مضيفي: لقد ارتفعنا درجات ولم نعد ننصت إلى الهمازين والكتبة الذين تقول عنهم، ونحن نقدر الذي يقدر العظماء ولا شك بان من ذكرت لهم سجل في التاريخ لا ينسي، نتفق مع بعضهم ونختلف مع البعض الآخر، لكنهم أعلام في التاريخ الإنساني.
أعود لإعجابي بالرئيس صدام، فأقول، ان إعجابي ينبع من مصادر ثلاثة:
موقفه من الصراع العربي ـ الصهيوني والمسألة الفلسطينية.
إيمانه المطلق بالدور الذي على الأمة العربية أن تؤديه في المسيرة الإنسانية إكمالا لدور الأولين في تاريخ امتنا.
الصمود بشموخ واباء في وجه طغيان القوة والتهديد بها من قبل دولة الاستكبار العالمي وحلفائها.
قبل وصولي إلى بغداد بدعوة كريمة من بيت الحكمة، طلبت مقابلة الرئيس صدام حسين، كان عندي شك في إمكانية المقابلة، وإذا تمت فكيف سأجده؟!
وماذا فعلت به عاديات الزمان وبالتحديد خلال حرب عاصفة الصحراء أو أم المعارك، كما يسميها أهل العراق، وماذا فعل به الحصار الظالم الذي تفرضه الولايات المتحدة الأميركية دون وجه حق. واهم من ذلك ماذا فعلت به اعباء إعادة بناء العراق من جديد بعد الدمار الشامل الكامل لكل قواعد البنية التحتية، وحرق وتلويث الحقول الزراعية بهدف تجويع الشعب العراقي وحرمانه من محاولة الاكتفاء الذاتي زراعيا.
كيف استطاع تدبير المال لتمويل إعادة البناء، علما بأن العراق حرم حرمانا كبيرا من مصادر دخله وودائعه المالية وتجميد كل أرصدته وحرمانه حتى من سك عملته الوطنية.
لا ريب فان الحمل ـ إعادة البناء ـ ثقيل كحمل الجبال أو اثقل.
بعيدا عن الوصف الصحافي للحال والاتصالات التي تمت قبل موعد اللقاء، جاء موعد مغادرة فندق الرشيد الساعة التاسعة صباح يوم الأول من تموز (يوليو) 2002 في صحبة أحد موظفي إدارة المراسم، سيارة أنيقة سارت بنا إلى مبني على مقربة من الفندق. من شكله يتضح انه مبني رئاسي.
دخلت البوابة الأولى في صحبة مسؤول على كتفيه رتبة عسكرية إلى صالون فسيح أنيق التأثيث صناعة عراقية، ثم قدمت إلى رجل آخر يحمل أيضا رتبة عسكرية عميد عرفني بنفسه ومهمته الوظيفية قائلا سكرتير السيد الرئيس الدكتور عبد حمود الخطاب، طويل القامة بشوش الوجه واسع الثقافة، ملم بأحوال العالم وما يدور فيه وبؤر الصراع الدولي وما يحيط بالعراق وأهله، يحمل شهادة الدكتوراه قدم لي رسالته التي نال بها درجته العلمية موضوعها تحرير الفاو: الأبعاد السياسية والاستراتيجية، وكتاب آخر من تأليفه بعنوان دور المؤسسة العسكرية الاسرائيلية في صنع القرار السياسي.
سألت الدكتور الخطاب سكرتير السيد الرئيس، هل تقرر موعد مقابلتي للرئيس؟
قال: هل عندك شك في ذلك؟
وقف العميد الدكتور ووقفت معه ومشينا جنبا إلى جنب، سألت هل زمن المقابلة محدد؟
يتقرر ذلك فيما بعد.
سألت: ما هي المحاذير في الحديث مع السيد الرئيس؟ هل اسأل ما شئت، هل اسأل عن الديمقراطية وعن المفقودين وعن المعارضة؟
قال بأدب جم: اسأل ما شئت.
قلت للعميد الدكتور الخطاب: إنني تحت مظلة الخوف من السؤال أو الأسئلة التي ابحث عن إجابة عنها، فإذا لم يعجبه السؤال وغضب صحيح القول، الويل كل الويل للسائل من تبعات سؤاله؟
ضحك العميد، وقال اسأل ما شئت دون تحفظ أو تردد وستكتشف شخصية الرئيس بنفسك.
دخلت في صحبة الدكتور العميد على السيد الرئيس الذي وجدته واقفا منتصب القامة في وسط الصالون المخصص لاستقبال زوار سيادته.
اصطحبني إلى حيث يرتفع العلم العراقي، وبادرني بالسؤال عن الأهل والأحبة في الخليج العربي.
المكان الذي قابلت سيادته كان خاليا من كل حملة السلاح لا وجود لهم حولنا ولا في الردهات التي مررت بها وهذا على غير عادة عند الكثير من المسؤولين والقادة العرب.
اعترف بأن الرهبة قد دغدغت مشاعري أكثر من أي مرة قابلت فيها زعيما عربيا. فأنا اجلس إلى جوار زعيم شنت عليه وعلى بلاده حرب عالمية اشترك فيها اكثر من 33 جيش دولة، بما في ذلك جيوش من الدول الكبرى تقودهم الدولة الأعظم تسلحا ونفوذا وهي الولايات المتحدة الأميركية، وكل مخابرات العالم تحاول النيل منه وهو مطلوب أميركيا حيا أو ميتا.
وساوس الشيطان اختلطت في ذهني، ماذا لو حدث لا سمح الله لهذا العملاق وأنا في معيته اي حدث ولو قدر الهي؟
ماذا سيقال عني؟!
حتما سيقال الكثير والكثير جدا، ولكن ما أخشاه اتهامي بأني عميل مدسوس للمخابرات الأميركية.
استعدت ثقتي بنفسي وبدأ بصري يتجول حول القاعة وأتفقد ملامح الزعيم الذي اجلس أمامه.
لأن هناك إشاعة قوية تقول بأن الزعيم العراقي له أشباه متعددون، فرحت أتأمل الرجل فأيقنت بأنه الزعيم الحق.
بدأت الحديث بعد برهة صمت في التأمل فيما كنت فيه، وسألت:
سيدي الرئيس جئت من الخليج العربي لأعلن تضامني مع الشعب العراقي الشقيق ومساهما في كسر الحصار عن العراق وقيادته، داعيا كل العرب ومحبي السلام في العالم للوقوف إلى جانب العراق في وجه العدوان الأميركي الذي تنوي الولايات المتحدة الأميركية شنه في أي لحظة على هذا القطر العربي الأسير، مستمدا هذا التضامن ومفعلا (بتشديد حرف العين) قرارات قمة بيروت العربية.
قال حياك الله في بلدك وبين إخوانك.
سألت السيد الرئيس، حدثني عن علاقة العراق بالغرب والعرب في هذه الأيام؟
العرب يتعرضون لهجمة عدوانية شرسة، وتعرضوا لغزوات وحروب فرضت عليهم عبر العصور ـ المغول والتتار والحروب الصليبية وغيرها وآخرها الغزو الصهيوني والأميركي على العالم العربي ممثلا بفلسطين والعراق ـ العرب لم يذهبوا غازين الدول العظمي، ولكنهم قبل الإسلام وأثناء اشراقته وبعد حين من مسار الإيمان الجديد لامتنا كان أعداء هذه الأمة يأتون إلى بلاد العرب غزاة طامعين.
ومن بين الأمور التي تجعل أبناء الأمة العربية الواحدة يختلفون هو التدخل الأجنبي الذي يعمل على الوقيعة بين أبناء الأمة، ويعمق خلافاتها لاستثمار تلك الخلافات لحسابه وعلى حسابنا كأمة بغض النظر عن المسميات.
إن الأجنبي لا يسمح للأمة بلم جراحها والسمو فوق الخلافات لان مصالحه تتناقض مع مصالح الأمة ويسعى لان يجعلها تختلف ولا تتفق انه ـ الأجنبي ـ يعمل بكل وسائله لفرض الهيمنة على الأمة بهدف إكثار حصته غير المشروعة في مكانتها الاستراتيجية وخيرات هذه الأمة، وعلى ذلك فيجب على الأمة توحيد صفوفها والسمو فوق خلافاتها وتركيز الجهود لمواجهة الاعداء.
وماذا عن الحصار وآليات تفكيكه؟!
كنا وما زلنا نقول منذ عام 1992 ان الحصار لا يرفع بقرار من مجلس الأمن وإنما يتفتت بفعل الزمن وإرادة الشعب العراقي بعد الاتكال على الله.
كان الأعداء يحاولون تحويل العراق إلى بلد متقوقع على ذاته مشمئز من صلته القومية ويعمل لنفسه وينعزل عن أمته لكن ما حصل عكس ذلك.
لقد تعمق الإيمان في قلوب العراقيين وترسخ وفهم (بضم حرف الفاء وكسر الهاء) جوهر الدين الإسلامي لديهم والاعتزاز به والتعامل معه اكثر مما كنا عليه قبل الحصار.
لقد اصبح الشعب العراقي اقرب إلى ربه وأمته وتوجهها القومي مما كان عليه، لماذا؟ لأننا لم نحس بضعف رغم كل الصعاب التي واجهتنا لكي نهرب من المواجهة.
إن صلتنا بالله أعطتنا دافعا قويا وإصرارا على الدفاع عن امتنا والعمل على نيل حقوقنا كاملة مع إيماننا القوي والعميق بان الله لن يخذل المؤمنين الصابرين.
وتابع السيد الرئيس يقول:
إن الشعب العراقي ليس شعبا مرتبا على عجل ومن هنا فإني أكلف الإنسان العراقي في أحيان كثيرة بأكثر من طاقة أي إنسان آخر، وأرجو منه ألا يلومني.
وإذا كان ثبات الشجرة يقاس بمدي عمق جذورها فيكون الإنسان العراقي الأكثر ثباتا بين البشر لأنه الأكثر امتدادا في عمق التاريخ.
عندما دعيت إلى تكوين جيش القدس اندفع شباب وشيبان رجال ونساء العراق للانخراط في هذا الجيش، والشرفاء في العالم العربي مع إخوانهم العراقيين اثنوا وقدروا حق التقدير، وثمنوا فكرة صدام حسين هذه، ولو لم يكن العراقيون بمستوي أعلى من حيث النضج وعمق الإيمان لما تحمسوا وتدافعوا للانخراط في هذا الجيش، وكان بإمكانهم الاعتذار أو إظهار عدم الاهتمام بهموم إخوانهم في فلسطين ولديهم أي الشعب العراقي، غطاء أقوي من أي حاكم ومحكوم يجعلهم يتقوقعون على أنفسهم، انه الحصار الظالم الذي تفرضه الولايات المتحدة الأميركية علينا دون وجه حق.
وماذا عن الجوار الخليجي؟
كنا في حرب مع إيران دامت سنوات، ووضعت الحرب أوزارها وشكلت لجان عمل لمتابعة ما نتج عن تلك الحرب، وهناك تواصل بيننا وبين الإيرانيين على كل المستويات ويفد إلى العراق عشرات الآلاف من الإيرانيين بشكل مستمر لزيارة الأماكن الدينية ولهم منافع أخري.
أما إخواننا في الخليج فقد أعلنا أكثر من مرة وفي لجان عمل رسمية ومؤتمرات القمم العربية، وكان آخرها مؤتمر بيروت بأننا نريد أن نفتح صفحة جديدة في تاريخ علاقاتنا العربية ـ العربية.
لكن كلما رأت أميركا والصهيونية إننا نقترب من إقناع الآخرين في ما يتعلق بإخواننا في الكويت يفتعلون أشياء لتعميق روح الكراهية والقطيعة بين الأشقاء. لقد نفذنا كل قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالكويت.
الحدود حددت من قبل الأمم المتحدة وقبلناها، التعويضات التي فرضت علينا للكويت سددناها.
تقول بعض وسائل الإعلام ان العراق سرق ممتلكات ووثائق حكومية من الكويت؟
الشعب العراقي ليس مجموعة من اللصوص، كما قلت لك سابقا، الشعب العراقي ليس مرتبا على عجل، وإنما صاحب نعمة وصاحب ثروات وصاحب نخوة، فلا يجوز أن يقال عن شعب العراق ذلك القول.
يجدر بالتنويه بأني قد أثرت هذا الموضوع في حوارات في بغداد مع قيادات سياسية رفيعة المستوي، قال أحدهم لقد تم التحفظ على أرشيف الدولة الكويتية من قبلنا وحافظنا على جميع ملفات ومستندات الهجرة والجوازات والجنسية، خوفا أن تقع في يد حاقد أو محتال فيعبث بها فكان التحفظ من قبلنا واجبا قوميا.
أعلنا قرارنا برد جميع أرشيف الحكومة الكويتية وجميع المستندات التي تحفظنا عليها إلى الكويت بطريقة ثنائية ـ بيننا وبينهم ـ أو عن طريق جامعة الدول العربية.
طــلب الأخوة في الكويت أن تكون عملية التسليم والاستلام عن طريق الأمم المتحدة فقلنا جامعة الدول العربية والأمم المتحدة.
قلت لمحدثي وما يضيركم أن تسلموا الوثائق للأمم المتحدة؟
قال محدثي (ليس الرئيس صدام حسين) مفهوم الأمم المتحدة في هذا الشأن عند بعض الأخوة في الكويت هو بريطانيا وأميركا وهذان العضوان في نظرنا لا يتمتعان بالنزاهة والموضوعية حسب تجاربنا معهم.
يروي أحد المسؤولين في بغداد إن الجهات الأمنية وجدت في سيارة عابرة عبر الأراضي العراقية لشخص غير عربي وجدت بها سجادة ثمينة متوسطة الحجم مهداه من شاه إيران عليها توقيعه إلى أمير الكويت وعليها صورة الأمير.
طلب المسؤول العراقي من نظيره الكويتي إرسال رسول يستلم هذه الهدية الفارسية الثمينة.
اعتذر المسؤول الكويتي وطلب تسليمها إلى الأمم المتحدة.
عودة إلى حديثنا مع السيد الرئيس صدام حسين
وماذا عن المفقودين أو الأسري كما يحلو للكويتيين استخدام هذا المصطلح؟
في كل حروب الدنيا من الماضي السحيق إلى عالمنا المعاصر يوجد مفقودون من كل الأطراف المتحاربة وهذا الموضوع يحل عن طريق البحث والتقصي بحسن نية، وبعيدا عن تدخلات خارجية إذا أريد حل هذه المسألة نهائيا.
كان لدينا أعداد من أفراد الأسرة الحاكمة وبعض الضباط وضباط الصف من الجيش الكويتي وبعض أفراد الأسر الكويتية الأخرى وخيرناهم بين البقاء معنا في العراق أو العودة إلى الكويت فاختاروا العودة، لقد أكرمنا مقامهم وردوا بطريقة تليق بمكانتهم وبكل احترام.
تحفظنا على كمية من الذهب من البنك المركزي تقدر قيمته بأكثر من 500 مليون دولار ورديناها كاملة.
النتيجة التي أريد أن أصل إليها، ما فائدة العراق من الاحتفاظ بعدد من الناس كرهائن أو أسري من أسر ليست مؤثرة في صنع القرار في الكويت ولن تحقق انجازا كبيرا للعراق.
كما قلت لك سابقا كلما أردنا ان نقترب في ما يتعلق بعلاقتنا مع الكويت كلما اندفعت قوي الشر لتعيق ذلك الاقتراب.
قال لي مسؤول عراقي كبير (خارج عن حديث الرئيس) ردا على سؤالي له عن مقاطعة العراق للجنة الصليب الأحمر الدولي وفي ما يتعلق بالمفقودين
بكل أسف هذه اللجنة تضم إلى جانب الكويت والعراق وبعض الدول الأخرى كلا من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وكانا أكثر تعقيدا لسير المحادثات، وفي كل مرة نلتقي تزداد الأمور تعقيدا فكان رأينا للاخوة في الكويت هذا الموضوع يخصكم ويخصنا والمجتمع الدولي وعلى وجه التحديد أميركا وبريطانيا ليست لهما علاقة بهذا الموضوع فتعالوا نحل هذه المسألة بيننا حلا جذريا ونهائياً ونغلق هذا الملف.
بكل أسف الاخوة في الكويت لهم رأي آخر، وهنا توقفت أعمال اللجنة. وأضاف المتحدث لقد نفذنا كل قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالكويت، وأعلنا في أكثر من مناسبة عربية ودولية احترامنا لسيادة الكويت واستقلالها ضمن حدودها المعترف بها.
السيد الرئيس لكل نظام حكم من يعارضه، فماذا عن المعارضة العراقية؟
صحيح هناك معارضة في معظم دول العالم من داخل النظام، وهناك معارضة من خارج النظام، الأولى لها رأي في القوانين واللوائح والأنظمة والسياسات العامة، لكنها ضمن النظام، والثانية تتصيد سلبيات الممارسات في تنفيذ السياسات وكلا المعارضتين علانية لا تعمل سرا وليست مرتبطة بقوي خارج الحدود.
في العراق، كل عراقي له حق المواطنة بغض النظر عن رأيه، في الوقت نفسه للعراق حق على كل عراقي بغض النظر عن رأيه أن يدافع عنه ويحافظ على أسراره ويعمل من أجل رفع سمعته وأن يتصدى لكل أعدائه وهذه قاعدة صحيحة من الناحية الأخلاقية والمبدئية والوطنية.
إن التجارب القديمة والحديثة في تاريخ العرب والأمم الأخرى تؤكد أنهم عندما كانوا يختلفون لأي سبب، وعلى أي عنوان من العناوين يؤجلون كل خلافاتهم عندما يقع اعتداء على وطنهم ويعملون جميعا لصد العدوان عن الأمة.
مرة أخري أخرج عن نطاق حديث السيد الرئيس صدام حسين.
في سياق المعارضة قال مسؤول كبير في القيادة العراقية نحن نعرف بأن هناك أفرادا لهم رأي في السياسات العراقية، لكن هؤلاء الأفراد ليسوا عملاء ولا متعاونين مع أعداء العراق، وهم يدافعون عن العراق بطريقتهم وهؤلاء نكن لهم الاحترام ونحن على كامل الاستعداد للحديث معهم لكونهم عراقيين يرفضون العدوان على العراق.
واستدرك محدثي قائلا:
لكن الذين تراهم في الصور مع أعداء العراق صفا واحدا والذين يتنقلون بين المحطات الفضائية العربية وغيرها ويتنقلون بين عواصم الدول الغربية المتربصة بالعراق يحضون الأعداء على النيل من العراق والعدوان عليه من أجل تحطيم كل إنجازاته. فهل هؤلاء جديرون بالاحترام؟
إنهم عملاء لقوي العدوان إنهم يريدون تحطيم العراق شعبا وحكومة ومؤسسات بهدف الوصول إلى السلطة على دبابات أميركية وهؤلاء لا مكان لهم بيننا لأنهم لا يحبون العراق ولا أهل العراق. ونؤكد لك بأن معظمهم لا يعرف شوارع بغداد ونسي معالم الحي الذي ولد فيه على تراب العراق.
سيادة الرئيس العراق مستهدف؟
الأمة العربية مستهدفة كلها، ان المعركة ليست معركة العراق وإنما معركة الأمة بكاملها وإلا أخذت غير هذا الإطار، لكن مشكلة امتنا هي أن اعداءها يتعاملون معها كأمة واحدة، وحكامها لا يتعاملون مع أعدائها بالطريقة نفسها وهذا أهم خلل إستراتيجي للحكام.
أي أن العدو يعبئ نفسه ويهيئ قدراته على أساس انه يواجه الأمة كلها في العراق مثل ما يواجه الأمة كلها في فلسطين.
سيادة الرئيس كثير من العراقيين الذين رأيتهم خارج الحدود والذين يحبون العراق وليست لهم علاقة بأجهزة المخابرات المتعددة الجنسيات يتمنون أن تصدر في العراق صحيفة يومية أو أسبوعية مستقلة تعبر عن وجهة نظرهم في ما يجري في العراق وحوله ضمن حدود الأمن الوطني والقومي العربي ويطالبون برفع الرقابة عن الصحافة؟
ليست لدينا رقابة على الصحف أو الكتب لأننا نترك الرقابة لوعي الناس ونحن نسمع من الناس والناس يسمعون منا مباشرة، ونعتمد على النقد المباشر ويكون الآخرون رقباء على أنفسهم.
درسنا فكرة إنشاء صحف غير حكومية ماذا وجدنا.
هذه الصحف لن تكون لها القدرة على الاستمرار ما لم يكون لها مصدر تمويل قوي وهذا المصدر من أين يأتي؟
إذا كان من جهات أجنبية أو جهات لها ارتباط بقوي خارج العراق، أيا كانت هذه القوي، فهو أمر مرفوض لأنها ستكون تابعة لمن يدفع ولن تكون صحفا وطنية في هذه الحالة.
إذا كانت هذه الصحف ستعتمد على التمويل الحكومي فإنها بالضرورة ستكون تحت مظلة النظام السياسي وتعبر عن ما يريد النظام فما هي حكمة إصدار صحف مثل هذا النوع إذا كانت ستعتمد على تمويل حكومي.
قلنا ان أي عراقي له الحق أن يعبر عن آرائه وأفكاره بكل حرية في الصحافة التي تصدر في القطر العراقي دون خوف أو تردد إذا كانت هذه الآراء تعبر حقيقة عن اهتمام الوطن والمواطن، وتهتم باستقلاله وسيادته فهذه أمور مرحب بها.
ويجب أن ندرك جميعا بأن العراق مستهدف، وبالتالي كل الأفكار والآراء التي تكتب أو تناقش في وسائل الإعلام يجب أن تكون في خدمة العراق وشعب العراق في مواجهة القوي الباغية على هذا الشعب العظيم وإلا معني ذلك ستنصرف بعض الأقلام والآراء لقضايا ليست جوهرية تصرفنا جميعا عن مواجهة أعداء العراق وأمتنا العربية.
السيد الرئيس قابلت أفرادا من العراق الشقيق يعيشون في الخارج، البعض خرج طواعية وآخرون خرجوا عنوة، ولهم رغبة بالعودة إلى وطنهم العراق فما السبيل إلى ذلك؟
رفعنا الحواجز، وقلنا ان أي عراقي يريد العودة من خارج الوطن إلى بلده العراق فهو مرحب به في بلده وبين أهله ومن يريد أن يبقى خارج وطنه العراق فهذا شأنه، أردنا بهذا أن نقطع كل الذرائع التي تدفع بالآخرين وبقائهم في الخارج كي لا يتغطوا بغطاء المعارضة، أي أن تكون هويته معارضا لبلده، إننا ننظر للعمل الطيب بمنظار تاريخي لا بمنظار إرهاصات داخلية وهذه الروح الجديدة تجعلنا بعيدين عن دسائس الأجنبي وأي عمل يجب أن ننظر له في إطار المستقبل حتى لا نجعل من الغيرة حالة قاتلة لأنفسنا.
إن المفكرين والكتاب في داخل القطر العراقي وعالمنا العربي عليهم دور يجب أن يؤدوه يتمثل هذا الدور في تثقيف أبناء الأمة العربية تثقيفا وطنيا لا يجعل للأجنبي فرصة العبث بأمن الأمة ومواردها.
سيدي الرئيس نخرج خارج حدود العراق ننظر إلى فلسطين؟
إن العمليات البطولية في فلسطين ستسجل في تاريخ أمتنا بأحرف مضيئة إنني أنظر إلى هذه الأعمال الاستشهادية وصمود الشعب الفلسطيني البطل كأنه صمود شعب العراق وكل عملية تحدث ضد الأعداء كأنني قمت بها بنفسي وعلى كل عربي أن ينظر إلى تلك الأعمال بهذا المنظار أي أنه أدي عمله كاملا وهذه هي الروح العربية الأصيلة.
إن العمليات الفدائية في فلسطين الآن تشكل رصيدنا وتعطينا قوة ولا يجوز أن يجرونا من موقف إلى موقف وكأن المكسب الآن والمطلوب الآن أن لا يزاح ياسر عرفات أو يزاح من منصبه وننسي فلسطين كلها.
إن الأعداء يعملون على نقل العرب من موقف إلى موقف ثم يلهث العرب حول تلك المواقف وإسرائيل لا تتزحزح قيد أنملة، إنها حالة مؤلمة جدا.
سيدي الرئيس مطالب الشعب العراقي كثيرة في ظل ظروف التهديد الأميركي كيف تتعاملون مع قضايا الشعب العراقي؟
يهمني أن تعرف الحقيقة مثل ما هي في ما يتعلق بأهلنا في العراق الشعب يعيش في ضمائرنا ونحمد الله أن نراه صامدا في وجه كل الطغاة المتربصين به.
إن الأساس هو صلتنا بالناس وهذا هو رصيدنا أمام الله ومهما تصرف العدو فلا أقيم له وزنا وأن يتيقن إخواننا العرب بأننا صادقون ومؤمنون بمبادئنا.
نحن في العراق نتعامل في إدارة شؤون بلادنا بلقاء المواطنين بشكل يومي للاستجابة لمطالبهم وهذا هو أسلوبنا الذي دفع بالمواطن العراقي ليشعر بأهميته كمواطن وبمسؤولياتنا تجاهه لحل أموره والتدارس في شأنها معه وجها لوجه.
سيادة الرئيس بقيت نقطة أخيرة أستأذن سيادتكم في وصف مشاعري الشخصية وأنا قادم إليك، يشاع في عالمنا العربي بأن جميع زوار السيد الرئيس صدام حسين باستثناء رؤساء الدول ورؤساء الوفود الرسمية عليهم أن يدخلوا إلى غرفة تعقيم يجردون من أحذيتهم للفحص الإشعاعي وأحزمتهم وتغطس أيديهم في محلول كيميائي مخفف لتعقيمها وإذابة ما بها من اذى ويفتش تفتيشا دقيقا قبل الدخول، كل هذه الأمور لم أمر بها فهل أنا ضيف استثنائي أم أنها إشاعة مغرضة؟
ضحـك سيادة الرئيس وقال لم يحدث قط أن مررنا بهذه التجربة وأنت ضيف عزيز على أهلك في العراق ولكن الأعداء يريدون النيل منا بكل الوسائل فهذا سلوكهم وهذا طبعهم.
سيدي الرئيس أشكركم على إعطائي الفرصة للقاء بكم وأطلب الله أن ينصر العراق على كل أعدائه.
انتهي الحديث ووقف الرئيس صدام حسين ووقفت معه، ومشينا يدا بيد حتى الباب الخارجي لمقر سيادته.
عزيزي القارئ لا أخفي عنك شعوري فأنت رصيدي في هذه الحياة بأني خرجت من عند الرئيس صدام حسين وقد ازداد إعجابي بهذا الزعيم وبفكره وطروحاته.
لقد حاولت أن أنتزع منه كلمة عن أي نظام عربي شارك قوات التحالف فيما يعرف بعاصفة الصحراء أو أم المعارك إلا أنه لم يقل كلمة تمس أي نظام من الأنظمة العربية التي شاركت في ذلك التحالف.
أيقنت بأن الزعيم العراقي صدام حسين يريد أن يفتح صفحة جديدة في تاريخ العلاقات العراقية ـ العربية إنه لا يريد أن يلتفت إلى الماضي إنه زعيم يتطلع إلى المستقبل فهل يرتقي إلى مستواه ولاة أمرنا من الزعماء العرب ويفتحون صفحة جديدة في تاريخنا والتطلع إلى المستقبل بوعي وإدراك للمخاطر التي تطوق أمتنا