شامل
29-01-2005, 06:14 PM
النصر لمن يفرض شروط المعركة
شبكة البصرة
د. عمر ظاهر
ليس هذا سراً عسكرياً أو سياسياً، فكل من الطرفين في أية معركة محتملة يحاول أن يقرر الظروف التي ستجري المعركة فيها بحيث يكون بإمكانه الاستفادة من أقوى ما عنده وحرمان العدو من أقوى ما عنده. هذا المبدأ يشمل كل ما يتعلق بالمعركة، السلاح، المكان، الزمان، الإعلام، إلخ. قدرة الأمريكان على التحكم بهذه الظروف كانت وراء احتلالهم لبغداد بعد ثلاثة أسابيع من بدء الحرب، وعدم القدرة على التحكم بهذه الظروف هو بالذات ما جعلهم يبدءون على الفور وبكل سرعة السير على طريق الهزيمة في حرب الاحتلال. فبمجرد سقوط النظام في بغداد لم يعد بإمكان الأمريكان لا التحكم بنوع الأسلحة ولا بمكان المعارك ولا بتوقيتها. صارت المقاومة العراقية الباسلة الشجاعة هي التي تختار وتفرض شروط المواجهة. الطائرات القاذفة العملاقة ب 51 والشبح ودبابات أبرامز وغيرها فقدت قيمتها وصار على الجندي الأمريكي أن يتعامل مع العبوات الناسفة والآربي جي 7 والسيارات المفخخة والأنتحاريين والمجاهدين المرابطين، الذين يقاتلون بالسلاح الأبيض. الجنود الأمريكان وحدهم يعرفون أي جحيم القاهم فيه ستراتيجيو البنتاغون. لاحظوا أنه كان من بين أهداف الأمريكان في معركة الفلوجة إعادة الاعتبار للأسلحة التي فقدت قيمتها. إنهم يحاولون دائماً فرض معارك تنفع فيها أسلحتهم الثقيلة. لكن حتى هذه خابوا فيها في الفلوجة واضطرتهم المقاومة إلى خوض حرب مواجهة ليست عندهم الشجاعة لخوضها لأنهم جبناء يجيدون القتل عن بعد بأن يظلوا خارج مدى أسلحة عدوهم.
لكن هذه ليست كل شروط المعركة، فالستراتيجيون الخائبون قد لا يبالون كثيراً لمحنة جنودهم وضباطهم من المراتب الدنيا، وهم يحاولون ويبذلون كل ما بوسعهم كي يظلوا متحكمين بالشروط الأخرى للحرب. فهم يحاولون مثلاً أن يضربوا طوقاً إعلامياً كثيفاً حول ما يدور ليبرزوا للعالم أنهم يحققون تقدماً في العراق. وهنا أيضاً نجحت المقاومة إلى حد كبير في كسر هذا الطوق وفرض واقع آخر. المقاومة توصل صوتها إلى العالم بكل وضوح وجلاء.
هناك سلسلة لا نهاية لها من العوامل التي لها علاقة بالمعركة يحاول العدو التحكم بها. ولا شك أن رجال المقاومة له بالمرصاد ويعرفون كيف يسحبون البساط من تحت قدميه. أمر واحد يستوجب الانتباه بشكل خاص. العدو يريد التحكم بعصب حيوي للمقاومة وللشعب العراقي، ويحاول أن يفرض على العراقيين معركة لا يكون فيها بجانبهم أحد. لقد ظل العدو ولوقت طويل يركز على أن المقاومة ليست عراقية بل أن هناك متسللون عرب من هنا وهناك هم الذين يقومون بأعمال المقاومة. لقد دفع ذلك الكثيرين إلى محاولة دحض ما يقوله الأمريكان وعملاؤهم والتأكيد على عراقية المقاومة، حتى بدأ شعور بغيض يسيطر على البعض بأن مشاركة العرب والمسلمين من بلدان أخرى في المقاومة يضعف موقف المقاومة ويعطيها صفة الإرهاب. هذا العدو الخبيث الخنيث الذي جمع لمحاربة العراقيين شذاذ الآفاق من ثلاثين بلداً يريد أن يفرض على العراقيين أن يقاتلوه بوحدهم.
نحن نعلم أن المقاومة في صلبها عراقية لكننا لسنا بصدد التمسك بهذا إلى حد اعتبار مشاركة غير العراقيين في المقاومة خرقاً لشروط المعركة، بل ينبغي للعراقيين أن يؤكدوا ليس فقط على البعد العربي والإسلامي للمعركة في العراق بل وعلى بعده الأممي أيضاً. لقد قدم العراقيون ببذل دمائهم الزكية خدمة جليلة للإنسانية كلها أولاً بفضحهم زيف الديمقراطية والحرية التي تبشر بها الامبريالية الأمريكية وثانياً بدفعهم لشرور الأمريكان عن شعوب كثيرة. إذ لولا المقاومة الباسلة التي خيبت كل آمال الصهاينة في البنتاغون لكان الجنود الأمريكان الآن يسرحون في عواصم عديدة. المقاومة العراقية أوقفت زحف الهمجية الأمريكية. لهذا فإن العالم كله مدين لشعب العراق، وشعب العراق يستحق أن يقف إلى جانبه كل الشرفاء في العالم، ليس العرب والمسلمون وحدهم بل وكل الذين يعادون الامبريالية والصهيونية.
العالم يتذكر كيف أن أعداء الفاشية من كل البلدان شكلوا في الثلاثينيات من القرن الماضي الفرق الأممية لمناصرة الشعب الاسباني في مقاتلة الفاشست. الأولى بالعالم الحر المتحضر اليوم أن يشكل الفرق الأممية لمناصرة الشعب العراقي. إن معركة الشعب العراقي ضد الاحتلال الفاشي هي معركة كل العالم الحر ضد الفاشية الأمريكية.
لا ينبغي للعراقيين أن يؤكدوا أكثر مما هو ضروري على عراقية المقاومة بل ينبغي أن يفخروا بأولئك الرجال الأبرار من لبنان ومصر والسودان والمغرب وسوريا وفلسطين وأرض الحجاز وغيرها الذين رابطوا على أرض العراق في نيسان عام 2003 حتى استشهدوا في ذروة الاندفاع الفاشي نحو بغداد. أولئك الشباب الذين أصبحوا الجندي المجهول الجديد في مقابر الأعظمية وغيرها هم من أعز أبناء العراق الذين يستحقون الإكبار والإجلال والاعتزاز. إن قبورهم ستظل مزارات تقف عندها الأجيال القادمة من العراقيين بخشوع وإجلال. لقد قاتلوا دفاعاً عن أرض العراق وشعبه وكرامته، في وقت كان "عراقيو" السي آي أي يدخلون بغداد على ظهور الدبابات الأمريكية.
في معركة الحق ضد الباطل لا مكان للحدود والعرق واللغة. فإذا كان الغزاة المجرمون قد أستقدموا البولوني والبلغاري والسلفادوري والياباني والتايلندي والإيطالي وأولاد العاهرات من كل أصقاع الأرض ليقتلوا العراقيين ويدمروا مدنهم ويقوموا بتعذيبهم في السجون، ترى لماذا لا يكون للعراقيين كل الحق في أن يقف إخوتهم إلى جانبهم؟ بل لماذا لم تتكون بعد جبهة عربية واضحة المعالم لدعم المقاومة العراقية دعماً فعالاً؟ أهو إقرار بأن من حق الأمريكي البشع أن يستنجد في حربه على العراقيين بالخنازير من أوكرانيا واسرائيل لكن ليس من حق العراقي أن يستنجد بأخيه المصري لدفع الاحتلال وشروره؟
العدو يريد أن يفرض شروط المعركة. المقاومة لن تعطيها هذه الفرصة. لنثق بذلك.
شبكة البصرة
شبكة البصرة
د. عمر ظاهر
ليس هذا سراً عسكرياً أو سياسياً، فكل من الطرفين في أية معركة محتملة يحاول أن يقرر الظروف التي ستجري المعركة فيها بحيث يكون بإمكانه الاستفادة من أقوى ما عنده وحرمان العدو من أقوى ما عنده. هذا المبدأ يشمل كل ما يتعلق بالمعركة، السلاح، المكان، الزمان، الإعلام، إلخ. قدرة الأمريكان على التحكم بهذه الظروف كانت وراء احتلالهم لبغداد بعد ثلاثة أسابيع من بدء الحرب، وعدم القدرة على التحكم بهذه الظروف هو بالذات ما جعلهم يبدءون على الفور وبكل سرعة السير على طريق الهزيمة في حرب الاحتلال. فبمجرد سقوط النظام في بغداد لم يعد بإمكان الأمريكان لا التحكم بنوع الأسلحة ولا بمكان المعارك ولا بتوقيتها. صارت المقاومة العراقية الباسلة الشجاعة هي التي تختار وتفرض شروط المواجهة. الطائرات القاذفة العملاقة ب 51 والشبح ودبابات أبرامز وغيرها فقدت قيمتها وصار على الجندي الأمريكي أن يتعامل مع العبوات الناسفة والآربي جي 7 والسيارات المفخخة والأنتحاريين والمجاهدين المرابطين، الذين يقاتلون بالسلاح الأبيض. الجنود الأمريكان وحدهم يعرفون أي جحيم القاهم فيه ستراتيجيو البنتاغون. لاحظوا أنه كان من بين أهداف الأمريكان في معركة الفلوجة إعادة الاعتبار للأسلحة التي فقدت قيمتها. إنهم يحاولون دائماً فرض معارك تنفع فيها أسلحتهم الثقيلة. لكن حتى هذه خابوا فيها في الفلوجة واضطرتهم المقاومة إلى خوض حرب مواجهة ليست عندهم الشجاعة لخوضها لأنهم جبناء يجيدون القتل عن بعد بأن يظلوا خارج مدى أسلحة عدوهم.
لكن هذه ليست كل شروط المعركة، فالستراتيجيون الخائبون قد لا يبالون كثيراً لمحنة جنودهم وضباطهم من المراتب الدنيا، وهم يحاولون ويبذلون كل ما بوسعهم كي يظلوا متحكمين بالشروط الأخرى للحرب. فهم يحاولون مثلاً أن يضربوا طوقاً إعلامياً كثيفاً حول ما يدور ليبرزوا للعالم أنهم يحققون تقدماً في العراق. وهنا أيضاً نجحت المقاومة إلى حد كبير في كسر هذا الطوق وفرض واقع آخر. المقاومة توصل صوتها إلى العالم بكل وضوح وجلاء.
هناك سلسلة لا نهاية لها من العوامل التي لها علاقة بالمعركة يحاول العدو التحكم بها. ولا شك أن رجال المقاومة له بالمرصاد ويعرفون كيف يسحبون البساط من تحت قدميه. أمر واحد يستوجب الانتباه بشكل خاص. العدو يريد التحكم بعصب حيوي للمقاومة وللشعب العراقي، ويحاول أن يفرض على العراقيين معركة لا يكون فيها بجانبهم أحد. لقد ظل العدو ولوقت طويل يركز على أن المقاومة ليست عراقية بل أن هناك متسللون عرب من هنا وهناك هم الذين يقومون بأعمال المقاومة. لقد دفع ذلك الكثيرين إلى محاولة دحض ما يقوله الأمريكان وعملاؤهم والتأكيد على عراقية المقاومة، حتى بدأ شعور بغيض يسيطر على البعض بأن مشاركة العرب والمسلمين من بلدان أخرى في المقاومة يضعف موقف المقاومة ويعطيها صفة الإرهاب. هذا العدو الخبيث الخنيث الذي جمع لمحاربة العراقيين شذاذ الآفاق من ثلاثين بلداً يريد أن يفرض على العراقيين أن يقاتلوه بوحدهم.
نحن نعلم أن المقاومة في صلبها عراقية لكننا لسنا بصدد التمسك بهذا إلى حد اعتبار مشاركة غير العراقيين في المقاومة خرقاً لشروط المعركة، بل ينبغي للعراقيين أن يؤكدوا ليس فقط على البعد العربي والإسلامي للمعركة في العراق بل وعلى بعده الأممي أيضاً. لقد قدم العراقيون ببذل دمائهم الزكية خدمة جليلة للإنسانية كلها أولاً بفضحهم زيف الديمقراطية والحرية التي تبشر بها الامبريالية الأمريكية وثانياً بدفعهم لشرور الأمريكان عن شعوب كثيرة. إذ لولا المقاومة الباسلة التي خيبت كل آمال الصهاينة في البنتاغون لكان الجنود الأمريكان الآن يسرحون في عواصم عديدة. المقاومة العراقية أوقفت زحف الهمجية الأمريكية. لهذا فإن العالم كله مدين لشعب العراق، وشعب العراق يستحق أن يقف إلى جانبه كل الشرفاء في العالم، ليس العرب والمسلمون وحدهم بل وكل الذين يعادون الامبريالية والصهيونية.
العالم يتذكر كيف أن أعداء الفاشية من كل البلدان شكلوا في الثلاثينيات من القرن الماضي الفرق الأممية لمناصرة الشعب الاسباني في مقاتلة الفاشست. الأولى بالعالم الحر المتحضر اليوم أن يشكل الفرق الأممية لمناصرة الشعب العراقي. إن معركة الشعب العراقي ضد الاحتلال الفاشي هي معركة كل العالم الحر ضد الفاشية الأمريكية.
لا ينبغي للعراقيين أن يؤكدوا أكثر مما هو ضروري على عراقية المقاومة بل ينبغي أن يفخروا بأولئك الرجال الأبرار من لبنان ومصر والسودان والمغرب وسوريا وفلسطين وأرض الحجاز وغيرها الذين رابطوا على أرض العراق في نيسان عام 2003 حتى استشهدوا في ذروة الاندفاع الفاشي نحو بغداد. أولئك الشباب الذين أصبحوا الجندي المجهول الجديد في مقابر الأعظمية وغيرها هم من أعز أبناء العراق الذين يستحقون الإكبار والإجلال والاعتزاز. إن قبورهم ستظل مزارات تقف عندها الأجيال القادمة من العراقيين بخشوع وإجلال. لقد قاتلوا دفاعاً عن أرض العراق وشعبه وكرامته، في وقت كان "عراقيو" السي آي أي يدخلون بغداد على ظهور الدبابات الأمريكية.
في معركة الحق ضد الباطل لا مكان للحدود والعرق واللغة. فإذا كان الغزاة المجرمون قد أستقدموا البولوني والبلغاري والسلفادوري والياباني والتايلندي والإيطالي وأولاد العاهرات من كل أصقاع الأرض ليقتلوا العراقيين ويدمروا مدنهم ويقوموا بتعذيبهم في السجون، ترى لماذا لا يكون للعراقيين كل الحق في أن يقف إخوتهم إلى جانبهم؟ بل لماذا لم تتكون بعد جبهة عربية واضحة المعالم لدعم المقاومة العراقية دعماً فعالاً؟ أهو إقرار بأن من حق الأمريكي البشع أن يستنجد في حربه على العراقيين بالخنازير من أوكرانيا واسرائيل لكن ليس من حق العراقي أن يستنجد بأخيه المصري لدفع الاحتلال وشروره؟
العدو يريد أن يفرض شروط المعركة. المقاومة لن تعطيها هذه الفرصة. لنثق بذلك.
شبكة البصرة