منصور بالله
29-01-2005, 12:17 PM
انتصار حماس الانتخابي
2005/01/29
عبد الباري عطوان
الفوز الساحق الذي حققته حركة المقاومة الاسلامية حماس في الانتخابات البلدية التي جري الاعلان عن نتائجها النهائية رسميا امس، هو اهم رسالة سياسية يوجهها الشعب الفلسطيني الي الدولة العبرية والعالم حول حقيقة مشاعره تجاه كل ما يجري طبخه حاليا في الغرف المظلمة من تسويات .
فقد قلب هذا الفوز (75 مقعدا مقابل 39 لحركة فتح في المجموع الكلي.. اي السيطرة علي سبعة مجالس من عشرة) كل المفاهيم، والتوازنات، والتصنيفات، التي كان يتم علي اساسها تقييم حجم القوي في الساحة الفلسطينية، كما بدد انطباعات سابقة، كانت تعطي القوي غير الاسلامية اغلبية مطلقة تبرر سيطرتها علي القرار الفلسطيني، والانخراط في عملية تفاوضية مع الطرف الاسرائيلي للتوصل الي تسوية نهائية للقضية الفلسطينية.
نتائج الانتخابات البلدية هذه ألغت بصورة غير مباشرة نتائج الانتخابات الرئاسية التي سبقتها، وشككت في صحة التفويض الممنوح لرئيس السلطة الفلسطينية السيد محمود عباس (ابو مازن)، ونسفت شرعية المجلس التشريعي الفلسطيني، وأحقيته في تمثيل الغالبية من ابناء الضفة الغربية وقطاع غزة.
ويمكن ايجاز اهمية هذا الزلزال الفلسطيني السياسي في النقاط التالية:
اولا: هذه الانتخابات التي شاركت فيها الحركات الاسلامية للمرة الاولي، اثبتت ان كل النظريات السابقة حول انحصار تمثيلها للشعب الفلسطيني دون نسبة العشرين في المئة غير دقيقة علي الاطلاق، مثلما اثبتت ان الغالبية الساحقة من معاهد استطلاعات الرأي التي كانت تؤكد دائما علي هذه النسبة المغلوطة، هي معاهد غير علمية، وتقف خلفها جهات مشبوهة تمولها من اجل ممارسة التضليل، واعطاء احصاءات غير دقيقة بطريقة متعمدة.
ثانيا: اثبتت هذه الانتخابات ونتائجها ان حركة التحرير الفلسطيني فتح ، حزب السلطة، ترهلت وفقدت زمام السيطرة علي الشارع الفلسطيني، بسبب وجود قيادة هرمة علي رأسها، باتت عاجزة تماما عن قراءة المتغيرات في الشارع الفلسطيني، وفهم التيارات الشابة في صفوفها.
ثالثا: التصويت لحماس هو تصويت لصالح المقاومة، والعمليات الاستشهادية، وحق العودة، مثلما هو تصويت ضد الفساد وكل رموزه، وضد التسويات المنقوصة.
رابعا: تؤكد هذه النتائج ان الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات كان هو مصدر الثقل الرئيسي في حركة فتح وفي منظمة التحرير الفلسطينية، وغيابه ترك فراغا قياديا كبيرا، بدأت الحركات الاسلامية، وحركة حماس علي وجه التحديد تتجه بقوة لملئه.
خامسا: كشفت هذه النتائج زيف كل الدعايات التي يحاول انصار التسوية المطروحة حاليا بثها، ومفادها ان الشعب الفلسطيني تعب من حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية الاخري بسبب عملياتها الفدائية، وقصفها الصاروخي المكلف جدا للمستوطنات الاسرائيلية داخل الارض المحتلة وخارجها. فالمجالس البلدية التي فازت فيها حركة حماس تمثل المناطق الاكثر تضررا من التوغلات وعمليات الانتقام الاسرائيلية التي جاءت كرد فعل علي عمليات المقاومة واطلاق الصواريخ.
ان مثل هذه النتائج ستقع موقع الصاعقة علي الحكومة الاسرائيلية ورئيسها ارييل شارون، مثلما ستصيب السيد محمود عباس بحالة من الارق والكوابيس المزعجة لعدة اسابيع مقبلة، خاصة وهو يستعد للعودة الي مائدة المفاوضات علي امل تطبيق خريطة الطريق.
فشارون سيدرك الان ان سياسة الاغتيالات والقتل والتدمير التي مارسها طوال السنوات الاربع الماضية لم تضعف حركات المقاومة، ولم تؤد الي انفضاض الشعب الفلسطيني من حولها، بل زادتها قوة وصلابة وتجذرا في اوساطه.
الشعب الفلسطيني اثبت في اول تجربتين انتخابيتين حقيقيتين له في الاسابيع الخمسة الماضية، انه علي درجة كبيرة من الحس الوطني والدهاء السياسي، فقد ادرك ان الامريكيين والاسرائيليين يريدون انتخابات فلسطينية تؤدي الي فوز السيد عباس برئاسة السلطة، فصوت الي جانبه، وقدمه اليهم علي طبق من ذهب، لاحراجهم وتطبيقا للمثل خليك وراء الكذاب لباب الدار . وعندما جاءت الانتخابات البلدية التي لا تشكل اي عبء تنازلي علي كاهله، قال رأيه في ممثليه الحقيقيين، وفرض علي رئيسه خطوطا حمرا لا يستطيع تجاهلها، واعاد رسم خريطة القوي السياسية علي الارض بكل وضوح.
الانتخابات البلدية هذه تشكل بروفة اولية لانتخابات اهم وهي الانتخابات المقرر اجراؤها في تموز (يوليو) المقبل، لانتخاب اعضاء المجلس التشريعي. فاذا فازت حركات المقاومة الاسلامية وغير الاسلامية (كتائب شهداء الاقصي خاصة) باغلبية المقاعد، فهذا يعني انتهاء عصر ثقافة تونس ورموزها، وبداية عهد جديد من القيادات الفلسطينية الوطنية الشابة التي لا تعاني من اي عقد نقص تجاه الاحتلال، ولا تخضع لضغوط الانظمة العربية (مصر والاردن)، وتتخذ من نماذج المقاومات العربية الاخري (الجزائر سابقا، والعراق حاليا) القدوة والمثل.
هذه النتائج التي انعكست مهرجانات فرح في شوارع قطاع غزة من قبل انصار حركة حماس يجب ان تثير مخاوفهم في الوقت نفسه، لانها ربما تؤدي الي تكوين جبهة جديدة ضدها مكونة من اسرائيل والولايات المتحدة وبعض رموز السلطة الفلسطينية واجهزتها الامنية، بالاضافة الي اجهزة استخبارات عربية اخري من دول الجوار.
ولعل ما يثير الخوف ايضا ان تؤدي هذه النتائج الي نسف ربيع الديمقراطية الفلسطيني وجعله قصيرا جدا. فلن يكون مفاجئا بالنسبة الينا اذا ما غيرت الولايات المتحدة واسرائيل رأيهما تجاه هذه الديمقراطية، واوعزتا للسلطة بالمماطلة بل وربما الغاء الانتخابات التشريعية الفلسطينية، اذا تأكدتا ان حركات المقاومة ستسيطر علي اي مجلس تشريعي جديد ينبثق عنها، ألم يقل الرئيس بوش انه لن يقبل بنتائج اي انتخابات تؤدي الي فوز متطرفين؟ ألم يضرب مثلا بالانتخابات الالمانية التي جاءت بادولف هتلر الي قمة السلطة؟
2005/01/29
عبد الباري عطوان
الفوز الساحق الذي حققته حركة المقاومة الاسلامية حماس في الانتخابات البلدية التي جري الاعلان عن نتائجها النهائية رسميا امس، هو اهم رسالة سياسية يوجهها الشعب الفلسطيني الي الدولة العبرية والعالم حول حقيقة مشاعره تجاه كل ما يجري طبخه حاليا في الغرف المظلمة من تسويات .
فقد قلب هذا الفوز (75 مقعدا مقابل 39 لحركة فتح في المجموع الكلي.. اي السيطرة علي سبعة مجالس من عشرة) كل المفاهيم، والتوازنات، والتصنيفات، التي كان يتم علي اساسها تقييم حجم القوي في الساحة الفلسطينية، كما بدد انطباعات سابقة، كانت تعطي القوي غير الاسلامية اغلبية مطلقة تبرر سيطرتها علي القرار الفلسطيني، والانخراط في عملية تفاوضية مع الطرف الاسرائيلي للتوصل الي تسوية نهائية للقضية الفلسطينية.
نتائج الانتخابات البلدية هذه ألغت بصورة غير مباشرة نتائج الانتخابات الرئاسية التي سبقتها، وشككت في صحة التفويض الممنوح لرئيس السلطة الفلسطينية السيد محمود عباس (ابو مازن)، ونسفت شرعية المجلس التشريعي الفلسطيني، وأحقيته في تمثيل الغالبية من ابناء الضفة الغربية وقطاع غزة.
ويمكن ايجاز اهمية هذا الزلزال الفلسطيني السياسي في النقاط التالية:
اولا: هذه الانتخابات التي شاركت فيها الحركات الاسلامية للمرة الاولي، اثبتت ان كل النظريات السابقة حول انحصار تمثيلها للشعب الفلسطيني دون نسبة العشرين في المئة غير دقيقة علي الاطلاق، مثلما اثبتت ان الغالبية الساحقة من معاهد استطلاعات الرأي التي كانت تؤكد دائما علي هذه النسبة المغلوطة، هي معاهد غير علمية، وتقف خلفها جهات مشبوهة تمولها من اجل ممارسة التضليل، واعطاء احصاءات غير دقيقة بطريقة متعمدة.
ثانيا: اثبتت هذه الانتخابات ونتائجها ان حركة التحرير الفلسطيني فتح ، حزب السلطة، ترهلت وفقدت زمام السيطرة علي الشارع الفلسطيني، بسبب وجود قيادة هرمة علي رأسها، باتت عاجزة تماما عن قراءة المتغيرات في الشارع الفلسطيني، وفهم التيارات الشابة في صفوفها.
ثالثا: التصويت لحماس هو تصويت لصالح المقاومة، والعمليات الاستشهادية، وحق العودة، مثلما هو تصويت ضد الفساد وكل رموزه، وضد التسويات المنقوصة.
رابعا: تؤكد هذه النتائج ان الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات كان هو مصدر الثقل الرئيسي في حركة فتح وفي منظمة التحرير الفلسطينية، وغيابه ترك فراغا قياديا كبيرا، بدأت الحركات الاسلامية، وحركة حماس علي وجه التحديد تتجه بقوة لملئه.
خامسا: كشفت هذه النتائج زيف كل الدعايات التي يحاول انصار التسوية المطروحة حاليا بثها، ومفادها ان الشعب الفلسطيني تعب من حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية الاخري بسبب عملياتها الفدائية، وقصفها الصاروخي المكلف جدا للمستوطنات الاسرائيلية داخل الارض المحتلة وخارجها. فالمجالس البلدية التي فازت فيها حركة حماس تمثل المناطق الاكثر تضررا من التوغلات وعمليات الانتقام الاسرائيلية التي جاءت كرد فعل علي عمليات المقاومة واطلاق الصواريخ.
ان مثل هذه النتائج ستقع موقع الصاعقة علي الحكومة الاسرائيلية ورئيسها ارييل شارون، مثلما ستصيب السيد محمود عباس بحالة من الارق والكوابيس المزعجة لعدة اسابيع مقبلة، خاصة وهو يستعد للعودة الي مائدة المفاوضات علي امل تطبيق خريطة الطريق.
فشارون سيدرك الان ان سياسة الاغتيالات والقتل والتدمير التي مارسها طوال السنوات الاربع الماضية لم تضعف حركات المقاومة، ولم تؤد الي انفضاض الشعب الفلسطيني من حولها، بل زادتها قوة وصلابة وتجذرا في اوساطه.
الشعب الفلسطيني اثبت في اول تجربتين انتخابيتين حقيقيتين له في الاسابيع الخمسة الماضية، انه علي درجة كبيرة من الحس الوطني والدهاء السياسي، فقد ادرك ان الامريكيين والاسرائيليين يريدون انتخابات فلسطينية تؤدي الي فوز السيد عباس برئاسة السلطة، فصوت الي جانبه، وقدمه اليهم علي طبق من ذهب، لاحراجهم وتطبيقا للمثل خليك وراء الكذاب لباب الدار . وعندما جاءت الانتخابات البلدية التي لا تشكل اي عبء تنازلي علي كاهله، قال رأيه في ممثليه الحقيقيين، وفرض علي رئيسه خطوطا حمرا لا يستطيع تجاهلها، واعاد رسم خريطة القوي السياسية علي الارض بكل وضوح.
الانتخابات البلدية هذه تشكل بروفة اولية لانتخابات اهم وهي الانتخابات المقرر اجراؤها في تموز (يوليو) المقبل، لانتخاب اعضاء المجلس التشريعي. فاذا فازت حركات المقاومة الاسلامية وغير الاسلامية (كتائب شهداء الاقصي خاصة) باغلبية المقاعد، فهذا يعني انتهاء عصر ثقافة تونس ورموزها، وبداية عهد جديد من القيادات الفلسطينية الوطنية الشابة التي لا تعاني من اي عقد نقص تجاه الاحتلال، ولا تخضع لضغوط الانظمة العربية (مصر والاردن)، وتتخذ من نماذج المقاومات العربية الاخري (الجزائر سابقا، والعراق حاليا) القدوة والمثل.
هذه النتائج التي انعكست مهرجانات فرح في شوارع قطاع غزة من قبل انصار حركة حماس يجب ان تثير مخاوفهم في الوقت نفسه، لانها ربما تؤدي الي تكوين جبهة جديدة ضدها مكونة من اسرائيل والولايات المتحدة وبعض رموز السلطة الفلسطينية واجهزتها الامنية، بالاضافة الي اجهزة استخبارات عربية اخري من دول الجوار.
ولعل ما يثير الخوف ايضا ان تؤدي هذه النتائج الي نسف ربيع الديمقراطية الفلسطيني وجعله قصيرا جدا. فلن يكون مفاجئا بالنسبة الينا اذا ما غيرت الولايات المتحدة واسرائيل رأيهما تجاه هذه الديمقراطية، واوعزتا للسلطة بالمماطلة بل وربما الغاء الانتخابات التشريعية الفلسطينية، اذا تأكدتا ان حركات المقاومة ستسيطر علي اي مجلس تشريعي جديد ينبثق عنها، ألم يقل الرئيس بوش انه لن يقبل بنتائج اي انتخابات تؤدي الي فوز متطرفين؟ ألم يضرب مثلا بالانتخابات الالمانية التي جاءت بادولف هتلر الي قمة السلطة؟