المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صدامنا والحرب والحسم (ج 1 و2 و3 )



الفراشة الدامية
10-01-2005, 10:54 PM
صدامنا والحرب والحسم


بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه
وعلى اله وصحبه وسلم . اما بعد :
لقد قرانا الكثير من التحليلات والمقالات لكتاب مرموقين يفندون فيها عن ماهية المقاومة العراقية
وباستثناء بعض التلميحات من الاخ محب المجاهدين وخاصة في بداية عمليات المقاومة العراقية
وعلى منتدى الفوائد بالتحديد والذي قد حجب عني منذ فترة طويلة ، فان هذه المقالات منقوصة
وسبب هذا النقصان هو عدم تمكن الكاتب بشروط سوف اذكرها لاحقا .
اخوتي في الاسلام والعروبة ان أي كاتب عندما يريد ان يكتب عن العراق يجب ان يتوفر فيه
اربعة شروط :
الاول : ان يكون مؤمنا ايمانا لاحدود له بالله العلي القدير .
ثانيا : ان يكون من المتابعين الجيدين لاحاديث السيد الرئيس القائد صدام حسين حفظه الله ورعاه .
ثالثا : ان يكون قارئا جيدا للتاريخ وخاصة السيرة النبوية الشريفة ومعارك المسلمين .
رابعا : ان يعي جيدا سيكولوجيا المواطن العراقي .
وربما يسالني سائل ولكن لماذا كل هذه الشروط اجيب بمايلي :
بالنسبة للشرط الاول : عندما يكون الانسان مؤمنا بالله فلا بد له ان يكون قد قرا القران الكريم جيدا
وفهم على الاقل سنن الله في الكون وفهم ايضا تاريخ الرسل والصالحين وكذلك الاشرار والطواغيت
والدول الطاغية كعاد وثمود وبالتالي تكونت لديه نوع من الثقافة الايمانية بحيث يستطيع من خلالها
اكتشلف المستقبل اولا وتمتين التراكم المعرفي لديه بحيث لاتتواجد أي ثغرة ولو بسيطة في دخول
اية معلومة الى هذا التراكم المعرفي دون ردها الى الله سبحانه وتعالى .
واما عن الشرط الثاني : فالرئيس صدام حسين يتكلم كثيرا على شاشة التلفزيون وفي احايين كثيرة
يتحدث بجمل يعني بها ا لكثير عما يجول بخاطره في المستقبل . ولذلك فمن لم يشاهد ويسمع هذه
الاحاديث لايستطيع قراءة مايجري الان بيسر ودون اخطاء .
واما ثالثا فان قراة التاريخ الذي يمتد لالاف من السنين التي خلت يعطي للكاتب نافذة واسعة لرؤية
الحاضر واستشفا ف المستقبل .
وفي الشرط الرابع الذي لابد من توفره لدى المحلل يعطينا بعض التفاصيل عن سلوك المقاومة
وكيف استطاعت ان تلف الشعب العراقي من حولها باسلوب علمي وعملي ممتاز .
واذا اردنا ان نكتب عن معركة الحسم فعلينا ان نحلل هذه الجملة وهي تعني باختصار ان هناك معارك
قد جرت قبل هذه المعركة ولم تحسم تلك المعارك الصراع بين الامة متمثلة بالعراق وبين الغرب
والصهيونية وعملائهما في المنطقة ، فما هي هذه المعارك .
المعركـــــــــــــــــــــة الاولــى :
في الحقيقة لم يكن العراق في يوم من الايام يقض مضاجع الغرب او يزعجه والغرب لايحسب حسابا للعراق سواء كان الحاكم وطنيا او عميلا والسبب في ذلك هو ان المقص الانكليزي في سايكس بيكو قد صمم دولة العراق بما يخدم مصالحه بحيث يستطيع ان يخلخل امن العراق متى شاء لان التصميم كان من اجل ذلك اصلا ، فلو نظرنا الى الجغرافية السكانية في العراق لوجدناه كرديا في الشمال عربيا في الوسط والجنوب سنيا في الوسط شيعيا في الجنوب مع تواجد لاثنيات اخرى في كافة المناطق . ولذلك فانا اعتقد اعتقادا جازما بان الانظمة التي حكمت العراق كانت نتيجة صراع سياسي داخلي ولم ياتي ايا منها على قطار سواء كان هذا القطار من الشرق او الغرب والسبب في ذلك ان الغرب لديه تصور مسبق بان العراق فيه مايكفيه ( دود الخل منه وفيه ) ولذلك فان المعركة الاولى التي خاضها الرئيس صدام حسين ورفاقه كانت معركة الداخل فبدؤا بمحو الامية اللعينة وهي سبب كل تخلف ومفتاح الدخول للعملاء والمخربين والشعوبيين وقد نجحوا في ذلك ايما نجاح . الا ان القيادة ادركت ان بناء الانسان المتحضر ذو التفكير العلمي والذي عليه يعتمد في بناء العراق يحتاج الى اموال طائلة فكان التاميم في عام/ 972 1/ فثارت ثائرة الغرب وبدا مسلسل التامر على العراق والقيادة تتصدى لتلك المؤمرات وتسقطها الواحدة تلو الاخرى وحتى الورقة الكرديه سحبتها من يد الغرب باعطائها حكما ذاتيا للاكراد ( قال لهم الرئيس صدام اعتزوا بقوميتكم ) فاصبحت القضية الكردية عبئا على دول الجوار الموالية للغرب وهي ايران الشاه وتركية اتاتورك وكان ذلك عام 974 وبدات القيادة حملة اعمار هائلة مستغلة اموال النفط وقد شملت هذه الحملة كافة نواحي الحياة من صحة وتعليم وطرق ومعامل وزراعة وجيش و و و حتى انه قيل ان العراق قد خرج من دائرة الدول المتخلفة المسماة ادبا دول العالم الثالث . وفي هذه المعركة اعطى العراق انموذجا يحتذى به من قبل دول كثيرة تريد التحرر من الهيمنة الامريكية عبر الشركات متعددة الجنسيات فتحرك شاه ايران وفيصل ملك السعودية باتجاه العراق للاستفادة من تجربته الفريدة وقد حصلت اجتماعات كثيرة بين الدول الثلاث تركزت المحادثات فيها على كيفية اخراج الشركات المتعددة الجنسيات من السعودية وايران وبيع نفط المنطقة بالدينار الاسلامي بدلا من الدولار الامريكي وحل الخلافات بين الدول الثلاثة وقد تم توقيع اتفاقية الجزائر في عام 975 بين العراق وايران حول شط العرب وبدا العراق بتغيير لهجته الاعلامية اتجاه السعودية فلم نسمع انذاك في الاذاعة العراقية بعض المصطلحات مثل الرجعية العربية وعملاء الاستعمار وغير ذلك ،الا ان الولايات المتحدة الامريكية التي لم يكن لديها عملاء كثر في العراق وجدت الكثير منهم في السعودية وايران فتم تصفية الملك فيصل بعد فترة قصيرة واطيح بنظام الشاه بواسطة الخميني المقيم في فرنسة ولم يبق امام الغرب الا قوة واحدة مارقة هي العراق .
المعركة الثانية (قادسية صدام المجيدة) : لابد لنا ان نتسائل : لماذا استبدل الملك فيصل بملك اخر من العائلة مع بقاء حكم ال سعود بينما
تم استبدال نظام الشاه (الملكي ايضا) بنظام اخر يختلف عنه بمئة وثمانين درجة الا وهو نظام الملالي والذي سمي زورا بالنظام الاسلامي ، والحقيقة الجواب واضح وهو ان السعودية لاتستطيع محاربة العراق وليس لها أي توجه ايديولوجي ولذلك فلا بد من المحافظة على هذا النظام ودعم تحالفه مع العراق لان الحرب بين العراق وايران تحتاج الى المال وعلى السعودية ان تدعم العراق لان النظام الجديد في ايران له توجهات ايديولوجية مرفوضة خليجيا وهو يريد راس السعوديين والبحرانيين بعد العراقيين . واما لماذا اختارت امريكا الخميني ولم تختار جماعة ابو الحسن بني صدر او جماعة مجاهدي خلق اوووووو اخرين ، نقول ان الخميني اصلا كان موجودا في العراق، وعندما تم توقيع اتفاقية الجزائر بين العراق وايران والتي كانت تحمل في طياتها ابعاد المعارضين للشاه عن العراق وابعاد المعارضين للبعث عن ايران تم وباوامر من الرئيس صدام حسين ترحيل الخميني من العراق الذي على مايبدو اختار فرنسة ومنذ ذلك اليوم يكن الخميني للرئيس صدام حسين شخصيا العداء، وكان لايخفي في مجالسه الهواجس التي تعتريه
في وجوب قلب نظام الشاه ونظام البعث في العراق ولو بالقوة وهنا وجد الغرب ضالته فبدات امريكا والدول الحليفة معها في اعداد شخصية كاريزمية جديدة بدلا من الشاه وقد دعمت شخصية الخميني اعلاميا وخاصة في اذاعات صوت امريكا ولندن ومونتكارلو باللغتين العربية والفارسية وصوروه كمخلص للشعب الايراني من الظلم الذي هو فيه على يد الشاه ونظامه وبدات المخابرات الغربية تنشط الشارع الايراني ضد الشاه عبر خطابات الخميني التي توزع بكاسيتات عن طريق سفارتي بريطانيا والولايات المتحدة بطهران وحدث ماحدث ثم امروا الشاه بمغادرة ايران وتم التخلص منه في مصر السادات ، وتربع الخميني على عرش بلاد فارس كقائدا للثورة الاسلامية وبدا يطحن بالشعب الايراني اكثر من الشاه بعشرات المرات واصبحت ايران تعج بالشاهات ذوي العمائم بدلا من شاه واحد بتاج . وبدا الشعب الايراني يتحسر علىايام الشاه الى هذا التاريخ . وهنا لابد لي من همسة عتب على القيادة العراقية
وهي انه لماذا لم تدعم العراق نظام الشاه واذا سالني احد كيف يكون الدعم اقول : كان على القيادةالعراقية ان تستفيد من اعداءها من صهاينة وامريكان الم يلاحظوا كيف ان حروب اسرائيل مع جيرانها العرب كانت مجرد مخططات مدروسة لتثبيت الانظمة . " اقرا كتاب النفط والسيطرة للرئيس الايراني الاسبق ابو الحسن بني صدر"
والمهم ان الملالي تسلموا زمام الامور في ايران ولابد لهم من تنفيذ مخططهم في العراق وعلى عجل ليس للاطاحة بنظام البعث فقط وانما لتثبيت اركان حكمهم ايضا وفعلا وبعد بدء العمليات العسكرية في ايلول عام 1980 باشهر قليلة تم الانقلاب على الرئيس ابو الحسن بني صدر الذي كان معارضا للحرب اصلا وكذلك تم تصفية وابعاد جماعة مجاهدي خلق وبعض الاحزاب الكردية الثورية .
واستمرت الحرب طيلة سنوات ثمانية استطاع العراقيون في نهايتها من حسم الحرب وتجرع الخميني سم الهزيمة بعد ان وقعت وزارة الخارجية الايرانية على صك الهزيمة .
ولكن ماالذي كان يريده الغرب من هذه الحرب ؟ في الحقيقة كان للغرب عدة اهداف :
1- اجهاض التجربة العراقية كانموذج لدول العالم الثالث .
2- ظن الغرب ان الدولتين سيقدمان تنازلات كبيرة للدول العظمى لكسب دعمها السياسي والعسكري وبالتالي يستطيع الغرب احتواء الدولتين (الاحتواء المزدوج) عن طريق الكمائن الاقتصادية والسياسية ببيع السلاح للمتحاربين وهو مطلب شركات السلاح الامريكية .
3- اللعب بورقة النفط وضرب منظمة الاوبيك حتى اصبح سعر برميل النفط انذاك حوالي الـ8 دولار .
4- ولا ننسى ان من اسباب تغيير نظام الشاه بنظام ذو شعارات اسلامية هو الضغط على الاتحاد السوفيتي من خاصرته الجنوبية حيث ان نظام خميني سيؤثر على الجمهوريات السوفيتية الاسلامية .
ونستطيع بسهولة استقراء نتائج الحرب على كل اللاعبين :
من الناحية الاقتصادية فقد حقق الغرب ارباحا خيالية من خلال بيع السلاح وتجارة النفط واما من
الناحية الدولية فقد ادخل الغرب الاتحاد السوفيتي في اوحال افغانستان والتي ادت بالنهاية الى سقوطه .
واما بالنسبة لايران فقد ارتمت في احضان الغرب جملة وتفصيلا فقد وقعت ايران اتفاقيات سرية مع الولايات المتحدة ومن خلفها اسرائيل ولم ينكشف منها الا بعض الخيوط من خلال " ايران كونترا " وهذا هو السبب الذي اخذ به العراق لانهاء الحرب بسرعة قبل ان توضع هذه الاتفاقيات موضع التنفيذ . ثم بدات تتكشف هذه الاتفاقيات لاحقا وكان ماتمخض عنها ليس بالقليل وكما راينا في عام 1991 كيف غرزت ايران خنجرها في جنوب العراق وكيف ساعدت ايران الولايات المتحدة بحربها في افغانستان وايضا كان لايران الباع الطولى في وضع كانتون موالي لايران في جنوب لبنان "حزب الله " بدلا من كانتون مسيحي "جيش لبنان الجنوبي " وذلك لحماية المستوطنات اليهودية في الجليل الاعلى، وان كل ما نراه في جنوب لبنان هي مسرحيات لم ولن تفت على كل ذي بصيرة . واخيرا لاحظنا كيف ساعدت ايران امريكا في غزوها للعراق وقد اكد ذلك زعماء ايران وامام وسائل الاعلام دون حياء ، وبنظرة متانية للاحداث نجد ان القسم الاوربي من الغرب هو الاكثر سطوة في ايران أي ان اوربا قد احتوت ايران ولما لا فالغرب واحد بشقيه الامريكي والاوربي.

الفراشة الدامية
10-01-2005, 10:58 PM
الانتصار العراقي العظيم وبدء المعركة الثالثة :
لقد خرج العراق من هذه المعركة منتصرا وفي كل المجالات : ففي المجال الاستراتيجي اصبح العراق مرعبا ولكل دول الجوار وغير الجوار وخاصة للكيان الصهيوني والدول المحيطة به فالعراق اول دولة عربية تحرر اراضيها بالقوة وتجبر اعدائها على توقيع صك الاستسلام وهذا ارعب اسرائيل واثار حفيظة الانظمة المحيطة بالكيان الصهيوني التي تستجدي السلام من هذا الكيان حيث انكشف زيف ادعاءات هذه الانظمة امام شعوبها وبانت على حقيقتها بانها انظمة صممت لحماية الكيان الصهيوني والا كيف نفسر قيام دولة اسمها الاردن لها اطول حدود مع الكيان الصهيوني تعيش على مساعدات الغرب وحكامها ليس من ذات المنطقة وانما من الحجاز .
اقتصاديا خرج العراق واقفا على قدميه وليس اعرجا كما اراد الغرب وكيف لا واصبح لديه قاعدة صناعية عظيمة ونفطه ملك الشعب ولا تشاركه فيه الشركات متعددة الجنسيات ولديه نهران عظيمان بحيث يستطيع العراق تقديم الغذاء الى كل منطقة الشرق الاوسط . واما عسكريا فلا حدث ولا حرج فالعراق اصبح احد اقوى ثلاث دول في العالم وهذا ليس من حيث الكم العسكري او كيفه ولكن من خلال الخبرة العسكرية لجنوده ومن خلال اسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها حيث ان السلاح الكيماوي الموجود في العراق لايوجد له مثيل الا عند امريكا وروسيا ، واما سياسيا فخرج من الحرب سليما معافى من أي احتواء سواء من قبل اوربة او امريكا أي ان قراره السياسي مستقل .
هذا الانتصار العظيم لم يتحقق وليد صدفة او نتيجة لمساعدات قدمتها بعض الدول كما يروج الغرب وانما نتيجة لعبقرية قيادية استطاعت ان تشخص وبدقة خارطة الحرب وان تحدد اهداف اللاعبين وهم كثر وكذلك استطاعت ان توظف بيانات الحرب لصالحها، حيث بدات القيادة العراقية تعزف على اوتار الحرب مستفيدة من جميع الظروف والاحوال وكان نتيجة لهذه المعزوفات ان حصل العراق على اموال طائلة من دول الخليج وحتى من الولايات المتحدة الامريكية نفسها مستغلة كربلاءات ايران العدوانية ( كانت ايران قبيل شن أي هجوم على العراق تقول انها المعركة الحاسمة وتعطيها اسما ككربلاء1 وكر 2و كر 4 .....الخ) . وبالمناسبة فقد استطاع العراق ان يمول مشاريعه الاقتصادية والعسكرية عن طريق البنوك الامريكية والايطالية المرتبطة بها وخاصة بنك وزارة الزراعة الامريكية وكانت امريكا تدفع بسخاء وهي تريد من وراء ذلك احتواء العراق عن طريق تكبيله بالديون كما فعلت سابقا بريطانيا بخديوي مصر وفرنسة بداي الجزائر حيث كانت الديون على الدولتين العربيتين سببا في الاحتلال الانكليزي لمصر
والفرنسي للجزائر .
المعركة الثالثة ( ام المعارك الخالدة) :
بعد انتهاء الحرب العراقية الايرانية وخروج العراق منتصرا اراد العراق ان ينتزع اعترافا دوليا بانه قوة اقليمية يجب ان يحسب حسابها في أي مشروع سياسي اقليمي او دولي يخص منطقة الشرق الاوسط ولتاكيد قوة العراق قام العراق بعدة تحركات سياسية وعسكرية داخل الاقليم فقد كان للمخابرات العراقية الدور الكبير قي انقلاب عمر البشير في السودان وتسلمه للسلطة هناك كنظام موالي للعراق وللضغط على نظام حسني مبارك ، كما استطاع العراق من زرع نظام موالي له في موريتانيا (معاوية ولد سيدي احمد الطايع ) كموطىء قدم له في شمال افريقيا للضغط على دول المغرب العربي وكموقع متقدم للعراق امام اوربة ،وقد دعم العراق النظام الموريتاني بخبرات عسكرية واقتصادية وعلمية بل اكثر من ذلك فقد ارسل العراق فرقة من الحرس الجمهوري عبر جسر جوي الى موريتانيا للضغط على السنغال مما اضطر الرئيس السنغالي عبدو ضيوف للرضوخ للمطالب الموريتانية ، كما عمل العراق جاهدا لتوحيد اليمنين وقد حصل على ما اراد بولادة يمن واحد مدعوم سياسيا وعسكريا واقتصاديا من قبل العراق وللذكرى فقط فان العراق قد بنى لليمن القصر الجمهوري الذي يقيم فيه علي عبدالله صالح حاليا واراد من يمن موحد وقوي وحليف الضغط على الدول المجاورة واهم هذه الدول السعودية وكموطئ قدم للعراق قريب من مضيق
باب المندب للضغط على اسرائيل . واستطاع العراق ان يجد له موطئ قدم في لبنان عبر مجموعات فلسطينة ولبنانية سنية في طرابلس ولبنانية مارونية (ميشيل عون ) وذلك للضغط على النظام السوري ، كما جعل الرئيس صدام حسين من بغداد كمقر شبه دائم للرئيس الفلسطيني يلسر عرفات وقدم دعم غير محدود للمقاومة الفلسطينة وللانتفاضة الاولى التي بدات عام 1987 . ولان العراق يعرف ان حركاته السياسية والعسكرية لاترضي امريكا وحلفائها في المنطقة فقد طمان السعودية بتوقيعه معها اتفاقية عدم اعتداء وعمل مع مصر لاستيعابها مجلس التعاون العربي والذي ضم مصر والاردن واليمن اضافة للعراق ، كما بدا العراق باستيعاب الشارع العربي بتشديد خطابه السياسي اتجاه اسرائيل وتحجيمها حتى ان الرئيس صدام حسين وعلى العلن صرح بان على اسرائيل ان تاخذ بعين الاعتبار ان أي عدوان تقوم به على اية دولة عربية فان العراق سيرد عليها، وعن رؤيته لحل القضية الفلسطينية لخصها بكلمات قليلة تدل
على معاني كثيرة بقوله : على اليهود ان يعودوا الى بلدانهم التي قدموا منها فاليهودي العراقي يعود للعراق والمغربي الى المغرب والبولوني الى بولونيا و..الى و...... الخ واليهودي الفلسطيني يبقى في فلسطين وتعود فلسطين حرة عربية من البحر الى النهر .
ان هذه السياسة العراقية مفاجئة للغرب حيث لم يتخيل ان تقوم دولة من دول العالم باقتسام النفوذ معه في منطقة الشرق الاوسط بل ومن دولة لها طموحاتها على الصعيد الدولي ايضا مما اضطره على عجل لدفع الامور نحو المواجهة المباشرة مع العراق وبدا يوزع الادوار على عملائه في المنطقة وبدا على عجل في ترتيب ما افسده الدهر واول ورقة تم سحبها من العراق هي الورقة اللبنانية حيث اجبروا اللبنانيين على الاجتماع في الطائف وتوقيع اتفاق مصالحة بين الاطراف بما يلائم المصالح السورية التي سيكون لها دور في ضرب العراق ، وبدات دول الخليج بالضغط الاقتصادي على العراق من خلال دفع الكويت الى الواجهة حتى اصبح سعر برميل النفط لايغطي سعر انتاجه ترافق هذه الضغوطات الاقتصادية حصار اقتصادي غربي حتى ان الولايات المتحدة الامريكية قد اوقفت شحنات القمح المتعاقد عليها مع العراق والمدفوعة الثمن واوقفت برطانية العمل بكافة العقود مع العراق، ويرافق هذه الضغوطات الاقتصادية حملة اعلامية شعواء بلغت في اليوم الواحد ستة وثلاثين ساعة اعلامية تستهدف القيادة العراقية وتجعل منها شيطانا مارقا يقتل شعبه بالقنابل الكيماوية (حلبجة) ويستنزف اموال الشعب في حروب كان هو يفتعلها (مع ايران) ، وبدا الغرب في تفعيل اتفاقياته السرية مع ايران لتظهر على العلن من خلال تفعيل دور المعارضة العراقية في ايران (الاسرى التوابون ) وهم عراقيون من اصل ايراني استسلموا مع عتادهم للقوات الايرانية اثناء الحرب وبخيانة واضحة وشكلت منهم ايران ما يسمى بفيلق بدر وبقيادة ال الحكيم العراقيون ذوي الاصول الايرانية ، وكذلك تفعيل دور اكراد الطالباني واكراد البرزاني في الدول المجاورة للعراق .
ان هذه الضغوطات على العراق كانت تستهدف نظامه الوطني عبر الرضوخ لفخ الاستيعاب الذي وضعته امريكا من خلال اقراض العراق لعشرات المليارات من الدولارات ولاخذ العلم فان اخر مليار دولار قد طلبها طارق عزيز من الولايات المتحدة كانت في بداية عام التسعين وقد دفعت منها امريكا وبضغط من الرئيس بوش الاب خمسمائة مليون دولار في شباط عام التسعين كدفعة اولى ولم تستكمل الدفعة الثانية بسبب اجتياح العراق للكويت في 2/8/1990 .
لقد بلغت الديون الامريكية على العراق والتي بدات من عام 1984 وحتى عام 1990 اكثر من خمسين مليار دولار وكانت العمليات المصرفية تتم عن طريق فرع في جورجيا لاكبر مصرف ايطالي حكومي هو ناسيونالي ديل لافورو وبكفالة وزارة الزراعة الامريكية وعن طريق المصرف الزراعي الامريكي . وكان الامر المثير جدا هو ان العراق لم يعترف بهذه الديون اطلاقا واعتبرها دية للعراقيين لان الذي اطال امد الحرب هو الغرب الذي جنى اموالا طائلة بتجارة السلاح والنفط على حساب دماء العراقيين والايرانيين ، والامر الاكثر اثارة هو ان العراق لايستطيع اتخاذ مثل هذا القرار بحكم العلاقات الدولية لو لم يكن مستندا على امور قانونية ايضا والحقيقة المرة للامريكيين هو ان الاستخبارات العراقية قد ولجت الى مفاصل المخابرات الامريكية وعرفت ان القروض الممنوحة للعراق عن طريق المصارف المذكورة سابقا غير مرخصة وهذا ما حدا للامريكيين بالصمت واعطاء الدور للكويتين لمطالبة العراق بديون مستحقة قدرت بحوالي العشرة مليار دولار ترافق هذه المطالبة ضخ كميات هائلة من النفط في السوق بحيث يؤدي ذلك الى انخفاض في اسعار النفط وبالتالي عجز الحكومة العراقية عن تسديد أي فاتورة من فواتير الديون الكويتية ولذلك فاننا نجد اكثر الدول عداء للعراق هما الولايات المتحدة الامريكية وذنبها بريطانياوايطاليا ويبدو ان برلسكوني كان احد المستثمرين في المصارف التي اقرضت العراق وتسعفني الذاكرة هنا الى ان الرئيس صدام حسين قال في احد لقاءاته مع ثلة من ضباطه : "ان الذين اطالوا امد الحرب عليهم ان يتحملوا نتائجها ، لقد قلنا لهم كثيرا ان اطالة امد الحرب ليست في صالحكم " اقرا كتاب حروب ال بوش للفرنسي اريك لوران " .
ومع استمرار الضغوط على العراق تبلورت لدى القيادة العراقية مفاهيم استراتيجية جديدة من اهمها :
1- ان الغرب بشقيه الامريكي والاوربي كان يبغي من وراء الحرب بين العراق وايران الى استيعاب الدولتين بحيث يكون قرارهما السياسي بل وحتى الداخلي بيده بحيث يمهد ذلك مع الزمن لاحتلال الدولتين بدون تقديم اية تضحية كما حصل في معظم دول الخليج ومصر .
2- ينظر الغرب الى المنطقة العربية كبقرة حلوب اذا امسك بضرعها احكم قبضته على العالم كله ، بالتالي الى نشر القيم والمفاهيم الغربية على المنطقة والعالم وبالتالي دثر أي ايديولوجية انسانية تحاول التصدي لهذه الثقافة الغربية القاتلة .
3- ان الغرب قد استوعب ايران وبالتالي فان ايران ستعاود العدوان على العراق وبطرق شتى .
4- ادرك العراق ان الغرب يستخدم سياسة الكيل بمكيالين فلديه مكيال لقضايا العرب والمسلمين واخر لقضايا بقية الشعوب ."اول من ادخل هذا المصطلح للقاموس السياسي هو الرئيس صدام حسين خلال مقابلة مع شبكة اعلامية امريكية قبل بدء معركة 1991 بقليل " .
5- ان الغرب قرر احتلال العراق عسكريا بعد ان فشل باستيعابه اقتصاديا وسياسيا .
وقد استقرات القيادة العراقية استراتيجية الغرب في احتلال العراق وتمضخت هذه القراءة بالنقاط التالية:
1- قيام الغرب بحملة اعلامية واسعة تؤدي الى شرخ كبير في المجتمع العراقي مما يؤدي الى ثورة شعبية تقودها جهات متحالفة معها ايرانية شيعية وكردية مدعومة من طرف عربي .
2- قيام الغرب بتدمير البنية التحتية العراقية من كهرباء وماء واتصالات وجسور وطرق وسكك حديدية وكذلك تدمير المصانع العراقية والدوائر الحكومية والمراكز البحثية والتعليمية وكذلك ضرب مقرات وتجمعات الحرس الجمهوري والمطارات العسكرية والمدنية مما يجعل المواطن العراقي يكن ابغض العداء لقيادته وبالتالي انخراطه في التمرد الشعبي .
3- نتيجة للضربات الجوية والصاروخية الامريكية وانبثاق التمرد الشعبي تقوم المخابرات الامريكية والايرانية عبر بعض عملائهما بالعمل على حث الفيالق العراقية الموجودة على الحدود الايرانية للانقسام والتمرد على نظام الرئيس صدام حسين وبالتالي يتحول العراق الى ساحة حرب بين ابنائه تؤدي الى تقسيمه وقد قامت الامم المتحدة بانشاء مخيمات في الدول المحيطة بالعراق بحجة استيعاب الفارين من الحرب من المدنيين وبالحقيقة ما هو الا ملاذا امنا للمتمردين في المستقبل القريب كما هو مخطط له ( كان ذلك في عام 1990 ) .
وكان استقراء القيادة العراقية للواقع ممتازا مما جعلها تضع الخطط الصحيحة لاجهاض المؤامرة وتركزت الخطة العراقية بالنقاط التالية :
اولا- القيام بحملة اعلامية رسمية وشعبية تفضح المخطط الغربي في العراق بحيث تؤدي هذه الحملة الى زرع حقيقة واضحة للعيان سواء على صعيد الفرد العراقي او المواطن العربي وهي ان الحملة الغربية على العراق تستهدف الامة جميعها لصالح الكيان الصهيوني .
ثانيا- تاكيدا لحملته الاعلامية بتلازم الوضعين العراقي والفلسطيني فقد هدد العراق عبر قائده الكيان الصهيوني بامكانية حرق نصف مساحة هذا الكيان في حال اعتدائه على العراق .
ثالثا- تحييد ايران ما امكن بالتوقيع على اتفاق ينهي الحرب بين البلدين واستنتجت القيادة العراقية بان ايران سوف تضطر للتوقيع على هذه الاتفاقية لعدم كشف نواياها الحقيقية اتجاه العراق وافتضاح امرها امام العالم الاسلامي .
رابعا- جر الغرب الى حرب برية لم يكن مخططا لها وستكون هذه الحرب الورقة الرابحة بيد العراق ومن ثم يستطيع العراق بحجة الحرب نقل الفيالق العراقية من حدود ايران الى موقع المواجهة وبالتالي التخلص من خطر انقسام الجيش ومن ثم تاجيل الضربة الجوية المحتملة عليه مما يمنحه فرصة اكبر لتجنب اكبر قدر ممكن من الخسائر المادية عن طريق افراغ المعامل من الالات وخزنها في اماكن امنة وكذلك نقل ممتلكات الوزارات الى مواقع اخرى ، وحصر ممتلكات المواطنين وجنسياتهم وتسجيلها على الاقراص الليزرية خوفا من تدمير السجلات المدنية والعقارية .
خامسا- لابد من ادخال الغرب في فخ الحرب البرية لاجباره على تغيير اهدافه ولو مؤقتا ومن ثم كشف اوراق ايران وما يسمى بالمعارضة وبالتالي فان أي حركة تقوم بها المعارضة ستكون نهايتها على الصعيد الشعبي وتصبح بنظر الشعب فئة مارقة وخائنة وغوغائية .
اجتياح الكويت والرد على المؤامرة :
استخدمت الولايات المتحدة الامريكية ما يسمى بدولة الكويت كقاعدة سياسية وعسكرية لشن العدوان على العراق وقد تنبه العراق الى هذه المسالة مسبقا فدعت القيادة العراقية امير الكويت لزيارة العراق لبحث الامور المعلقة بين البلدين واهم هذه الامور هي مسالة الحدود لطمانة الكويت من الهواجس التي تعتريه من نوايا العراق كما يروج لها الغرب وقام الرئيس صدام حسين بتقليد امير الكويت اعلى وسام شرف في العراق ولكن على مايبدو فان الكويت قد رضخت للمطالب الامريكية بعدم التفاهم مع العراق بل وبايحاء امريكي بدات الكويت بالضغط على العراق اقتصاديا من خلال ضخ كميات هائلة من النفط في السوق العالمية حتى تدنت مستويات اسعار النفط الى ادنى مستوى لها، فتحرك العراق نحوالجامعة العربية طالبا مؤتمرا طارئا للقمة العربية ويعقد في بغداد لبحث مسالة الامن القومي العربي ، وبالفعل التامت القمة في اوائل صيف 1990 بحضور جميع الدول العربية باستثناء سوريا التي رفضت الذهاب الى القمة.وقد تحدث الرئيس صدام حسين في هذه القمة قائلا : ان الحرب اخواني ليست بالجيوش فقط وانما في الاقتصاد ايضا والمثل يقول : " قطع الاعناق ولا قطع الارزاق " ولم تخلو هذه القمة من التدخل الامريكي فقد ارسلت الخارجية الامريكية تحذيرا للقمة بعدم ايراد كلمة امبريالية في البيان الختامي وقد رد عليهم الرئيس صدام حسين باعتباره رئيسا للقمة ومن خلال كلمته التي افتتح فيها المؤتمر حيث ضمنها مصطلح الامبريالية وقال في العامية العراقية : " انا عادة لا استخدم هذا المصطلح ولكن بما ان الامريكان لا يريدون منا استخدام هذه الكلمة فانا هنا اقول امبريالية " فاعتبرت امريكا هذا الكلام ضربة لدولة عظمى من رئيس احدى دول العالم الثالث وللتاريخ اقول : ان الرئيس صدام حسين لم يتعامل مع الدول الكبرى على انها عظمى وفي كثير من خطاباته كان يقول : " الدول الكبرى التي تدعي انها عظمى " والمهم ان القمة قد خرجت ببيان ختامي ممتاز يؤطر لعمل عربي مشترك ضد التهديدات الموجهة ضد الامن القومي العربي وكان العراق يعلم جيدا ان نجاح القمة من فشلها تبينه تحركات ال الصباح في الكويت ، وما ان عاد الملوك والرؤساء الى بلدانهم حتى بدا ال صباح بالتمادي اكثر على العراق واكتشف العراق ان الكويت كانت واجهة للنظام السعودي الذي يحيك مؤامرة كبرى على العراق بمشاركة مصر ودول عربية اخرى من بينها الاردن وملكها الحسين بن طلال وكذلك ايران ، ولم يكن اكتشاف العراق للدور السعودي اضغاث احلام بل من خلال استخباراته القوية حيث تم تسجيل شريط كاسيت للملك فهد وهو يتكلم مع امير قطر عبر الهاتف بقوله :" على الاخوة في دول الخليج تحمل تهديدات العراقيين وجلفهم فالنظام في العراق لم يبق له اكثر من شهرين " وقد بث التلفزيون العراقي هذا الحديث مرات كثيرة بعد دخول القوات العراقية للكويت وسماح السعودية للامريكيين باستخدام الاراضي السعودية لضرب العراق .
وهكذا لم يبق امام العراق الا تنفيذ خطته لاجهاض المؤامرة وبدا التنفيذ في فجر 2/8/1990وخلال اقل من 24 ساعة تم احتلال الكويت وهروب ال صباح الى السعودية وكان هذا العمل العسكري بداية اجهاض المؤامرة على العراق حيث وافق حسني مبارك وفهد على عقد قمة رباعية بدعوة من اليمن تضم اليمن والسعودية ومصر والعراق لحل الازمة عربيا ولكن الولايات المتحدة اوعزت للسعودية ومصر بالتنصل من هذه القمة وفعلوا ذلك دون حياء .
ماذا جرى بعد اجتياح الكويت :
بالنسبة للسعودية ومصر فقد ايقنوا ان اللعبة ضد العراق بدات تسير بما لاتشتهي سفنهم وعليهم الان ان يحددوا بوضوح موقفهم، اما ان تنكشف خياناتهم امام شعوبهم فيقفوا مع الامريكان او ان يبقوا مستورين باقناع امريكا بصيغة الحل العربي الذي اقترحته اليمن وبالتالي ايجاد خطط بديلة للاطاحة بالنظام الوطني في العراق .
اما امريكا التي ظلت صامتة عدة ايام وهي تدرس خياراتها فاما القبول بالحل العربي فيكون نصرا للعراق او خوض حربا برية( غير مستعدة لها) وبالتالي اعادة الهيبة لامريكا من خلال الحرب والحصول على مكاسب اخرى واهمها المكاسب الاقتصادية التي ستجنيها شركاتها من خلال اعمار دول المنطقة التي ستدمرها الحرب وكذلك اعادة تسليح هذه الدول بسلاح غربي بحجة تقوية دفاعات هذه الدول . ومن ثم وضع يدها على بترول المنطقة والتحكم بمصير العالم لاحقا وبالفعل فقد اجبرت امريكا مصر والسعودية لنبذ مؤتمر الاربعة والتحضير لقمة عربية في اطار قمة طارئة للجامعة العربية يتم من خلال هذه القمة اصدار بيان مكتوب في واشنطن ومترجم في القاهرة ، يبيح استخدام القوة لاخراج العراق من الكويت وتحت مظلة الامم المتحدة وقد عقدت القمة بالفعل وتم تغطية العدوان على العراق عربيا كما غطت الجامعة العربية احتلال فلسطين عام 1948 . وبعد ان حصلت امريكا على الموافقة العربية توجهت الى مجلس الامن الذي اتخذ عدة قرارات في ايام وكلها تدين العراق وتعلن عليه الحصار الشامل وقد اعطى مجلس الامن للعراق ستة اشهر للانسحاب من الكويت والا فسيتعرض الى تطبيق الفقرة السابعة من ميثاق الامم امتحدة والذي ينص على استخدام القوة ضد العراق لاخراجه من الكويت ، وبالواقع فان الولايات المتحدة لم تستطع الحصول على هذه القرارات مجانا وخاصة ان الاتحاد السوفيتي كان موجودا ولكن المال الكويتي قد تم اسغلاله امريكيا وببراعة فقد تم تغطية ديون العراق الـ 50 مليار دولار وتم دفعها للبنوك الغربية والقسم الاخر من الاموال المتبقية تم فيه شراء الذمم شخصيا ولاخذ العلم فان رئيس اكبر دولة غورباتشوف ووزير خارجبته ادوارد شيفرد نادزة قد تمت رشوتهم بمبلغ اربع مليارات دولار وليس هنا مجالا لذكر اسماء زعماء قبضوا الرشوة من ال صباح . وعليه فقد بلغ عدد الدول المشاركة بالحرب على العراق ثلاث وثلاثون دولة بثلاثون جيشا ومن بين الدول العربية التي شاركت في العدوان على العراق اضافة لدول الخليج سوريا ومصر .
واما العراقيين فقد تنفسوا الصعداء اذ ان الرياح كانت باتجاه سفنهم ولما لا فقد تاجل العدوان الجوي عليهم ستة اشهر وهناك اكثر من مليون مقاتل للعدو قدمهم بوش على مذبح السلاح الكيماوي العراقي ، وبدا العراقيون حملة واسعة وسريعة في شق الطرق الحربية باتجاه الكويت وبناء التحصينات والبنى التحتية للقوات المسلحة العراقية المنتشرة في الكويت وعلى الحدود مع السعودية ونجح العراقيون في انشاء اكبر منظومات تمويه عسكرية كما نجحوا في تفريغ المعامل من الالات ونقل الوزارات كما ان العراقيين كانوا قد تدربوا على اخلاء بغداد من سكانها، واعتقد ان هذا اكثر مااستطاع العراقيون فعله حيث انه لم تكن لديهم الخطط لتعبئة وتنظيم الشعب بحيث يمكن السيطرة عليه في حال نجحت دسائس
العدوانيين . كما قام العراق بتوقيع اتفاق مع ايران ينهي حالة الحرب بين البلدين وكذلك الاتفاق مع ايران على تخزين الطيران المدني العراقي وبعض الاسراب الحربية في قواعد ايرانية، وابتدا العدوان في فجر 17/1/1991 بقصف جوي وصاروخي استمر اكثر من اربعون يوما وخلال هذه الفترة كان هناك تحركات ديبلوماسية بين بغداد وموسكو تمخضت عن اعلان العراق عن الانسحاب من الكويت مقابل عدم المساس بوحدة الاراضي العراقية الا ان امريكا ركبت راسها وشنت حربا برية على قوات منسحبة اصلا ولكن القوات الامريكية وقعت في منطقة القتل العراقية في جنوب العراق مما حدا ببوش الاب الى الاعلان عن وقف الحرب من جانب واحد ووافق العراق على وقف الحرب والشروع في مفاوضات فك الارتباط بين القوات المتحاربة ، وقد جرت هذه المفاوضات في خيمة على الحدود العراقية الكويتية وبناء على طلب العراق حيث كانت امريكا تريد اجراء المفاوضات على بارجة حربية امريكية وقد رفض العراق ذلك بقوله " ان امريكا لم تنتصر لنجلس في بارجتها " . وقبيل انتهاء الصفحة العسكرية فتحت الولايات المتحدة صفحة جديدة من صفحاتها العدوانية وبالاتفاق مع ايران فقد تم ادخال الاف المسلحين الايرانين والعراقيين من فيلق بدر الى جنوب العراق وبدؤا بالاستيلاء على مدن الجنوب وذبح القوات العراقية المنسحبة والقيادات البعثية كما تدفق الاف الاكراد المسلحين من تركية وسوريا الى منطقة كردستان العراق واستولوا على مدنها وعملوا بها الفضائع من سلب ونهب وتدمير واغتصاب وللحقيقة اقول ان الصفويين الذين دخلوا من ايران كانوا يذبحون اهل السنة وحسب الهوية ولكن القيادة العراقية كانت واعية لذلك فسمت هذه الصفحة " صفحة الغدر والخيانة " واستطاعت قوات الحرس الجمهوري من اعادة النظام واعتقال واعدام الالاف ممن دخلوا الى العراق وهذا مايسميه العملاء الان المقابر الجماعية وبالحقيقة ما هم الا ايرانيين وعراقيين خونة .

لماذا اوقف بوش الاب الحرب :
قبل بدء الحرب واثناء التحضير لها من قبل الطرفين المتقابلين كانت هناك حربا اعلامية بين الطرفين ومما قاله الرئيس صدام حسين كتهديد للولاياة المتحدة الامريكية وعملائها في المنطقة اقتطف مايلي :
1- على امريكا والغرب ان يدركوا ان النفط الذي جاؤوا من اجله سوف لن يجدوه .
2- ان اول قذيفة تسقط على بغداد سيكون الرد العراقي على تل ابيب .
3- ان التمادي الامريكي على العراق سيؤدي الى الطوفان وانه لاشعب في المنطقة الا شعب العراق ، وكان له تهديد سابق بقدرة العراق على حرق نصف مساحة الكيان الصهيوني . وهذا الكلام يفسر بعضه حيث يعني ان دخول القوات الامريكية الى الحدود العراقية يعني ان العراقيين سوف يستخدمون اسلحة الدمار الشامل على اراضيهم وهذا ما يمنحهم اياه القانون الدولي وبالتالي اذا استخدمت امريكا اسلحة دمار شامل ضد الشعب العراقي فان العراق سيضرب الكيان الصهيوني ويزيل نصفه أي ازالة الصهاينة من اراضي عام 1948 وبالتالي القضاء على هذا الكيان .
وبالفعل فقد نفذ العراق اول تهديداته فاحرق ابار ومصافي النفط الكويتية وقصف بالصواريخ بعيدة المدى المنشات النفطية السعودية ونفذ تهديده الثاني وقصف الكيان الصهيوني بـ39 صاروخا وطالت هذه الصواريخ عمق الكيان الصهيوني في اراضي 1948 والمفاعل النووي الصهيوني (ديمونا) كما طالت هذه الصواريخ معسكرات للاكراد داخل الكيان الصهيوني من جماعة مسعود البرزاني ، ولم يبق من التهديدات الا الثالث وهو استخدام اسلحة التدمير الشامل ، وهنا شعرت الادارة الامريكية والصهيونية بحراجة الموقف حيث مابدا لهم من تنفيذ العراق لتهديداته واضحا وهو ان قيادة الرئيس صدام حسين تفعل ماتقول وان الشعب العراقي الان ليس لديه مايخسره فقد دمر العراق وتمت العودة به الى عصر ماقبل الصناعة وهذا ما يجعل الرئيس صدام حسين يستخدم سلاحه المحرم دوليا وبالتالي تدخل المنطقة في ظلام دامس لعدة عقود من الزمن وهكذا رات القيادة الامريكية ان جدوى ايقاف الحرب اكثر من الاستمرار بها وخاصة ان العراق المدمر سوف يتم احتلاله اقتصاديا ومن ثم سياسيا من خلال استنجاده بالغرب في اعادة اعمار العراق وهكذا اوقفت امريكا الحرب .
نتائج الحرب :
اولا- امريكيا : استطاعت امريكا ان تبسط سيطرتها على العالم من خلال هيمنتها على الامم المتحدة ، كما حققت الولايات المتحدة الامريكية مكاسب اقتصادية هائلة من خلال اعمار الكويت وبيع كميات هائلة من الخردة العسكرية الى دول الخليج العربي والاهم من ذلك فقد بسطت امريكا سيطرتها العسكرية على دول الخليج العربي حتى اصبح ملوك وامراء هذه الدول يعملون ككبار موظفي السفارات الامريكية في دولهم وحصلت الولايات المتحدة على عقد نفطي ضخم من السعودية بتوقيع ملكها فهد ويتضمن العقد ان تبيع السعودية نصف احتياجات امريكا من النفط بسعر خمسة دولارات للبرميل ولمدة خمسة عشر عاما تنتهي في العام 2006 .
ثانيا- دوليا : بعد انتهاء الحرب بعام تقريبا تفكك الاتحاد السوفيتي الى دويلات متناحرة وبدات المافيا اليهودية بحكم هذه البلدان حتى اصبح بعض مواطني هذه الدول يبحثون عن طعام ياكلوه في حاويات القمامة وبالرغم من ان روسيا قد خلفت الاتحاد السوفيتي كقوة نووية وذات مقعد دائم في مجلس الامن الا ان قرارها ليس في يدها وانما بيد الغرب الذي يمنحها المساعدات الاقتصادية واما جورجيا السوفيتية مسقط راس ستالين فقد استقلت واصبح رئيسها ادوارد شيفرد نادزة وزير الخارجية السوفيتي السابق كمكافئة امريكية له لوقوفه بجانب امريكا في حربها على العراق . واما ايران فقد غدرت بالعراق وبانت على حقيقتها اكثرعندما رفضت اعادة الممتلكات العراقية المودعة لديها وانطبق عليها قول الرسول صلى الله عليه وسلم " اية المنافق ثلاث : اذا حدث كذب واذا وعد اخلف واذا اؤتمن خان "
ثالثا- عربيا : لقد فضحت هذه الحرب الانظمة العربية جميعها واصبح واضحا للعيان ان هذه الانظمة عبارة عن عصابات عائلية اوطائفية تحكم بلدانها باسم الدين او باسم احزاب قومية ذات شعارات رنانة ، وليس للشعوب العربية فيها أي احترام من قبل هذه الانظمة والاكثر من ذلك ان هذه الانظمة لاتعي حقيقة ان المواطن العربي البسيط يفهم في التاريخ والجغرافية والسياسة ما لايفهمه اعضاء في الكونغرس الامريكي بل وحتى رئيس امريكا بوش . وظلت هذه الانظمة على هذا المنوال حتى ظهرت حركات سرية مسلحة مناوئة لهذه الانظمة ومعظم هذه الحركات هي حركات اسلامية محضة وقد انضوى معظم الشباب العربي المسلم تحت لواء هذه التنظيمات طالبا التغيير الذي لم يعد ممكنا الا بالقوة المسلحة حسب راي هؤلاء الشباب وهنا علي ان اذكر ماقاله الرئيس صدام حسين بحق هذه الانظمة : " على الحكام ان يتنبهوا على حقيقة ان الرقاب سوف تتدلى على الاكتاف في يوم ما " .
رابعا- عراقيا : بعد توقف الحرب بصفحتيها العسكرية والخيانية صدرت قرارات اخرى بحق العراق من مجلس الامن الدولي (الرئيس صدام حسين اطلق عليه اسم مجلس القاذورات وذلك قبيل الحرب بقليل ) اهمها نزع اسلحة العراق النووية والكيماوية وتحديد مديات الصواريخ العراقية حتى لاتتجاوز الـ150 كم وكذلك فقد احكمت امريكا حصارها على العراق في هذه القرارات . وبعد فترة تم حضر الطيران العراقي في منطقة الشمال اعقبها قرار اخر بحضره في منطقة الجنوب بحجة حماية الاكراد والشيعة ( خطوط العرض 32و36 على ما اعتقد ) . وبالنظر الى قرارات حضر الطيران وهي قرارات امريكية وليست اممية يستطيع المرء ان يفسر مغزى هذه القرارات وهي باختصار تحاول اعادة القيادة العراقية الى المربع الاول الذي انطلقت منه في بناء العراق وهو ترسيخ الوحدة الوطنية بينما خطوط العرض هذه تحدث شرخا في نفسية المواطن العراقي الذي يتعرض لضخ اعلامي معادي يسمي الامور بمسمياتها فاصبح هذا الاعلام يسمي الشخصيات باسمها يردفها باسم الطائفة او العرق او حتى المدينة .
وبدات فرق التفتيش تتوارد الى العراق باسم الامم المتحدة وبالحقيقة ماهي الا عناصر من المخابرات الصهيونية والامريكية وقد دمرت اسلحة العراق كما ارادوا ولم يبق أي قرار اممي الا والعراق قد انصاع له والحصار اللعين والجائر لا يرفع عنه وبعد فترة تم السماح للعراق بضخ النفط بقرار اممي تحت مسمى "النفط مقابل الغذاء والدواء " وقد وافق عليه العراق بعد ان رفضه مرات كثيرة لوجود فقرات منه تمس سيادته وبعد ان احدثت في القرار تعديلات مهمة قبله العراق بالرغم من ان هذا القرار فيه شىء كثير من الجشع حيث ان قسما كبيرا من الاموال العراقية تذهب الى جيوب عصابات المافيا سواء كانت في الغرب او الشرق او حتى داخل الدول العربية حيث ان مافيا العرب هي الانظمة وكانت حجج نهب هذه الاموال غير مقنعة كتعويضات حرب للدول المتضررة( وكان العراق لم يتضرر جراء عدوان عالمي بقيادة امريكا ) ونفقات لجان التفتيش ( بالرغم من انه لم يسمح للعراق يالتدخل في تشكيل هذه اللجان ) ، وفي الحقيقة فقد قبله العراق لمارب اخرى سيتم ذكرها لاحقا . وقد استمرت لجان التفتيش في عملها داخل العراق حتى عام 1998 حيث تم طردها بذكاء اذ قامت الامم المتحدة بسحب هذه اللجان لافساح المجال امام الرئيس الامريكي كلينتون الذي قام برمضان 1998 بتوجيه ضربة صاروخية للعراق استمرت ثلاثة ايام استطاع العراقيون تلافي خطرها ببراعة وهكذا رحلت لجان التفتيش ولم يقبل العراق بعودتها حتى عام 2003 (عام الغزو) .
هذا باختصار شديد ما اضحت عليه العلاقات العراقية الدولية بعد الحرب فهو بلد محاصر ومعزول سياسيا عن بقية دول العالم ومحارب اعلاميا واسخباراتيا .
الرد العراقي : بعد توقف الحرب كان المشهد العراقي في الداخل محزنا فكل شيء قد دمر ....معامل وجسور وطرق سريعة وسكك حديدية ومدارس ودوائر حكومية وحتى اقنية الري والسدود وكذلك كل ماله صلة بالكهرباء والماء والهاتف وقد دمر الامريكان كل البنى الاساسية النفطية واهم ما دمروه هو مصافي النفط وهكذا فقد عاد الامريكيون بالعراق الى عصر ما قبل الصناعة وهذا ما قاله جيمس بيكر وزير خارجية بوش الاب للسيد طارق عزيز في لقاء اللحظة الاخيرة قبل الحرب " سنعيد العراق الى عصر ما قبل الصناعة " ولكن السيد طارق عزيز لطم بيكر بلوح من الثلج على وجهه عندما قال له : " ياسيد بيكر ليكون لديك علما بان العراق تمتد حضارته لالاف السنين وبالتالي فهو قادر على النهوض دائما " وهذا ما حدا بالامريكان الى قصف حتى المواقع الاثرية .
ومن الواضح ان الامريكان ارادوا من تدمير كل شيء في العراق وابقاء الحصار عليه هو اعادة احتواء العراق حيث ظن الامريكيون ان العراق المدمر بحاجة الى خبرات لاعادة بنائه وهذه غير متوفرة لدى العراقيين وخاصة ان الغرب كان يعي ان بناء العراق في السبعينات والثمانينات قد تم بخبرات غربية . وبما ان البناء بحاجة الى المال فان العراق سوف يرضخ للشروط الغربية لان رفع الحصار او ابقائه هو بيد الولايات المتحدة الامريكية ، ولذلك فمنذ توقف الحرب بدات العجلة الاعلامية الغربية تدور باتجاه تفخيم ماحصل للعراق من تدمير وذلك لتحطيم الروح المعنوية لدى الشعب العراقي وللاستفادة اكثر مايمكن في حال تبني الغرب اعادة الاعمار . ولكن الذي حصل عكس ذلك تماما ، فقد فوجىء الصديق قبل العدو بتصريح للرئيس صدام حسين قال فيه : ( على العالم ان يدرك اننا نحن الذين نعلم ما هو الذي دمر في العراق سواء كان هذا التدمير كبيرا او صغيرا ، والعراقيون الذين علموا العالم الحرف سوف يعلمون هذا العالم طريقة جديدة في البناء ، ولاخذ العلم فان مهندسينا كانوا يتوجهون الى كل موقع يتم استهدافه من قبل العدو ويباشرون فورا في تقدير الاضرار ووضع المخططات اللا زمة لاعادة الاعمار ، وانا من هنا اقول : ليعلم الجميع اننا سوف نعيد بناء كل ما دمره الاشرار وبسواعد عراقية مئة بالمئة وان الكثير من المواقع المدمرة سيتم بناؤها افضل مما كانت عليه قبل التدمير وقسم من المواقع سيتم بناؤها كما كانت عليه قبل التدمير وقسم قليل سيتم اعادة اعماره بمواصفات اقل جودة مما كانت عليه قبل التدمير لعدم توفر الامكانيات المادية وليست العلمية ، ومن هنا اتوجه الى العراقيين بالبدء بالهجوم المعاكس على امريكا وتحت شعار " يعمر الاخيار ما دمره الاشرار " ) .

الفراشة الدامية
10-01-2005, 11:14 PM
في الحقيقة كان الرئيس صدام حسين الرجل الذي يعيد البسمة الى الجماهير العربية ويبعث فيها الامل من جديد حيث بدات الشعوب العربية تنظر الى العراقيين وهم يبنون بلدهم بناء سريعا ورائعا اذهل الكثير من مهندسي العالم وقد ابتكر العراقيون اساليب بناء جديدة سواء في اعادة بناء المنشات الصناعية او المدنية ولوضع القارئ امام المشهد العراقي ايام حملة الاعمار لابد لي من اعطاء مثال صغير : ففي احدى الدول المجاورة للعراق وفي احدى المدن وفي الفترة التي كان العراقيون يبنون جسورهم المدمرة شرعت احدى جهات القطاع العام في هذا البلد ببناء جسرين احدهما بطول يقدر بحوالي الـ300 م.ط على وادي سيلي والاخر بطول الـ50 م.ط وبفتحتين على احد الانهر ، وقد انتهى العمل بالجسر الطويل بعد مضي اكثر من عشرة سنوات من بدء المباشرة في حين تم الانتهاء من الاخر بعد مضي الثلاثة سنوات من بدء المباشرة ، واما العراقيون فقد بنوا اكثر من ثمانين جسرا خلال ثمانية اشهر فقط وخلال اسبوعين فقط تم تاهيل مصفاة الدورة وبنفس الفترة تم انارة مدينة بغداد ( فهل من مقارنة يا رعاك الله ....................) .
وفي الحقيقة فان العراقيين قد بنوا مادمره العدوان خلال اشهر معدودات والاكثر من ذلك فان الشركات العراقية بدات بتنفيذ مشاريع ذات تقنية عالية لاتنفذها عادة الا شركات معدودة في العالم فكان نهر صدام بطول مئات الكيلو مترات واعادة اعمار الجسر المعلق وبرج صدام والمعجزة الهندسية كانت الجسر ذي الطابقين حيث نفذت الجسور الرئيسية من بيتون مسلح عادي في حين ان الجسورتنفذ عادة ببيتون مسلح مسبق الاجهاد والمعجزه الهندسية كانت يهذا الاستبدال مع بقاء المقاطع الهندسية ضمن المعقول ، كما شيد العراقيون مدنا نموذجية وقد فاز بعضها بمسابقة " تصميم المدن " على صعيد الجامعة العربية . ومن بين هذه المدن صدامية الكرخ وصدامية القرنة

و في الحقيقة اذهل العراق العالم حتى اصبح نموذجا يحتذى به في التدبير الاقتصادي وطرائق البناء وخاصة انه يعيش في مرحلة حصار جائر وعنيف ويكفي العراق وقيادته فخرا ان احد الصحفيين الروس كان يناشد قيادته المنبطحة امام الغرب بان يتعلموا من العراقيين الصمود والمقاومة .
وبعد هذا النجاح الباهر في الهجوم المعاكس العراقي بالرد على العدوان ، بدا العراق بالزحف رويدا رويدا باتجاه الانفتاح على العالم مستفيدا من ورقة ( النفط مقابل الغذاء والدواء ) فكان لا يتعاقد مع شركات الا ويحصل على مكاسب سياسية من دولها وبعد عدة سنوات تاكل الحصار بدون قرار من الامم المتحدة ، حتى ان رئيس دولة زار العراق مخترقا الحصار السياسي المفروض عليه وهو الرئيس الفنزويلي شافيز ، وفي الحقيقة فان الرئيس صدام حسين قد صرح اكثر من مرة مخاطبا العراقيين وقاصدا دولا ما في العالم : " ان الحصار المفروض على العراق لا يرفع بقرار، وانما يفتته العراقيون بسواعدهم " .
ولابد لنا ان نقول ان القيادة العراقية كانت بارعة جدا في هذه المواجهة وفي هذه الفترة التي تلت العدوان فكانت تبني الانسان المقاوم وتمنحه الامل في العبور الى شاطئ الامان حتى انها اقنعت المواطن العراقي بان العراق الان كصائم في الايام العشرة الاخيرة من رمضان وكانت تجابه العدوان كل يوم من خلال التصدي لغربان الشر الامريكية في سماء الشمال والجنوب ،وايضا فان القيادة العراقية كانت تخوض حربا اسخباراتية مع الغرب الذي دخل العراق بفرق التفتيش والتي دخلت بدورها الى كل المرافق العراقية بما فيها القصر الجمهوري ، وقد ايقنت هذه الفرق ان العراق قد طبق كامل التزاماته امام مجلس الامن فلا وجود لاسلحة دمار شامل في العراق ولا وجود لمنظومات صاروخية تستطيع حمل هذه الاسلحة بل واكثر من ذلك فقد اصاب هذه الفرق الملل والتي كذبت كثيرا ولم يبق لديها اية مبررات لعدم قول الحقيقة ومع هذا لاتستطيع هذه الفرق كتابة تقريرها للامين العام للامم المتحدة تعلمه فيها ان العراق خال من الاسلحة المحرمة وبالتالي على مجلس الامن ان يفي بالتزاماته اتجاه العراق كما اوفى العراق بالتزاماته اتجاه مجلس الامن وادرك العراق ان الولايات المتحدة الامريكية كانت تقف ضد أي اجراء يمكن العراق من الحصول على حقوقه بل والاكثر من ذلك فقد صرحت اولبرايت وزيرة خارجية كلينتون :" بان ورقة الاسلحة ليست هي الورقة الوحيدة فهناك ورقة حقوق الانسان وورقة الديمقراطية" .
وبالرغم من كل ما قدمه العراق من تسهيلات لفرق التفتيش فان الرئيس صدام حسين كان يدرك تماما ان الغرب يريد ان يجرد العراق من كل اسباب القوة التي استطاعت القيادة العراقية امتلاكها وخاصة الوحدة الوطنية ليسهل عليه أي الغرب ابتلاع العراق . ولمعرفة ما كان يدور في ذهن الرئيس صدام حسين نذكر ببعض مما قاله :
- بعد توقف اطلاق الرصاص في شباط عام 1991 وخلال اجتماع للرئيس صدام حسين مع ثلة من القادة قال :
" كنت في السيارة ومعي العميد عبد حمود وكان الطيران الامريكي يقصف بغداد فقلت للعميد عبد يخطر ببالي ان نفرغ بغداد من الجيش ليقوم العدو بانزال في بغداد ونجعله وجها لوجه مع الشعب "
وفي احد الاجتماعات مع القادة العسكريين قال سيادته : " اخواني ليس من عيب ان نعترف بخطئنا امام مرؤسينا فمثلا علينا ان نفهم الجنود ان طريقة انسحابنا من الكويت كانت خاطئة للاسباب كذا وكيت وفي المرة الفادمة سيتم تلافي هذه الاخطاء " .
من هنا نستشرق ما كان يدور في خلد القائد وهي ان هناك معركة اخرى ستجري على الارض العراقية وسيكون القتال فيها بين الشعب والمعتدين ولذلك فان القيادة العراقية قد عملت في هذا الاتجاه بالرغم من تظاهرها امام الدول العربية والدول الاخرى بان جل اهتمامها هو رفع الحصار الجائر عن العراق . وقد قامت القيادة بعدة اجراءات للتحضير لهذه المعركة والتي اعتبرتها فاصلة ومن بين هذه الاجراءات :
• عمل العراق على تحصين العقل العراقي فكريا وايقنت القيادة ان حزب البعث لا يستطيع في هذه المرحلة مواجهة الايديولوجية الغربية المنمقة باوهام الحرية والديمقراطية والمساواة فوقفت امام خيارين :
- الاول : استبدال الحزب بحزب اخر وبنفس القيادة وقد استبعد هذا الخيار بكونه يمثل هزيمة للقوميين العرب بل انه عمل يضع قادة البعث امام المسائلة التاريخية وهو انه كيف تحكمون بحزب ولمدة اكثر من عقدين ثم تكتشفون انه غير جدير بالقيادة ؟ وفي لقاء للرئيس صدام حسين مع الكادر المتقدم في حزب البعث واعتقد في العام 1992حيث كثرت في هذا العام سرقة سيارات المواطنين في بغداد وبقية المحافظات قال السيد الرئيس موبخا الحاضرين : " اانتم تقولون اننا بعثيون ، كيف تكونون بعثيون وشعبكم لايتمتع بالامن اليس من واجب البعثي ان يحمي الشعب .... والله لو ان هناك طريقا اخر غير البعث لاخترته وتركتكم وبدات من جديد " وعلى اثر ذلك تم تشكيل الفصائل البعثية المسلحة التي بدات بالعمل فعلا حيث استتب الامن الداخلي الى مستوى عالي جدا .

الثاني : الخيار الذي تم الاخذ به وهو الابقاء على الحزب اسما ومحتوى وتطويره ايديولوجيا بحيث يكون اقرب الى حزب اسلامي قومي وكان خيارا صائبا وبدات خطابات حزب البعث في العراق تحمل السمة الاسلامية العربية وبدا في تدريس كوادره القران الكريم وكل الكتب التي توحد المسلمين شيعة وسنة .
• ادركت القيادة العراقية ان الانظمة العربية قد ارتمت جميعها وبدون استثناء في احضان الغرب وبدات هذه الانظمة تتلقى الاوامر من البيت الابيض وبالاخص الانظمة التي كانت مدعومة عراقيا فموريتانيا اعتقلت بعثيو موريتانيا وفتحت سفارة للكيان الصهيوني في نواكشوط واليمن فتحت غرفة للعمليات للاستخبارات الامريكية وكذلك فعل السودان ، كما ان سوريا والاردن ولبنان ومنظمة التحرير الفلسطينية قد دخلت الى كامب ديفيد جديد تحت مسمى عملية السلام في الشرق الاوسط بل والانكى من ذلك فان الانظمة العربية بدات تسوق فكرة جديدة للمواطن العربي وهي ان السلام خيار استراتيجي وعلى ذلك فان العراق لم يعد ينظر الى هذه الانظمة الا بالمنظار الذي يرى فيه امريكا والكيان الصهيوني وبدا العراق بالدعوة الى تاسيس مؤتمرات شعبية اسلامية وقومية ونجح في ذلك واستطاعت هذه المؤتمرات ان تلم اكثر المثقفين العرب والاسلاميين كرد ايديولوجي على العولمة والنظام العالمي الجديد .
• قام العراقيون بحملة ايمانية كبيرة غايتها توحيد المفاهيم الاسلامية لدى الشيعة والسنة واذا اعتبرنا عام 1992 هو العام الذي بدات فيه الحملة فانه وحتى عام 2003 قد تم ادلجة مئات الالاف من الشباب والذين هم اليوم عماد المقاومة .
• بدات القوات المسلحة العراقية بتغيير اجندتها التدريبة وبما يتناسب مع حرب الشوارع ، فبدات بتشكيل كتائب للفدايين مثل فدائيو صدام واشبال صدام كما تم اعادة هيكلة قوات الحرس الجمهوري وتشكيل مجاميع مستقلة من القوات الخاصة مثل نمور صدام كما تم تشكيل جهاز استخبارات سري جدا وقد افصحت عنه بيانات حزب البعث الاخيرة والتي اطلقت على هذا الجهاز اسم " قوات الامن القومي " .
• بدات هيئة التصنيع العسكري العراقية بتعميم وتعليم كيفية صناعة وتحضير المتفجرات والصواريخ محلية الصنع والعبوات الناسفة واجهزة التحكم واساليب اخفاء الاسلحة و.... الخ .
وباعتفادي ان القيادة العراقية وبعد اكتمال مخططها بدات باستفزاز الولايات المتحدة الامريكية وبطرق شتى كما بدات ترسل رسائل عملية الى المخابرات الامريكية عن طريق عملاء القيادة داخل احزاب مايسمى بالمعارضة بان هناك خلافا عائليا وقع بين افراد عائلة الرئيس ( ال مجيد ) وقد توجت هذه الرسائل برسالة مصداقية كان يحملها صهري السيد الرئيس (واولاد ابن عمه كامل حسن وهما حسين وصدام كامل وهما رجلي مخابرات من الطراز الاول) الى عمان وطلبهما اللجوء السياسي في الاردن ومن ثم عودتهم الى العراق وخبر تصفيتهما عشائريا ، وفي الحقيقة فان هذه الرسالة لا تزال لغزا وقد تكشف عنه السنوات القادمة . واما اسفزازات العراق لامريكا والصهيونية فكانت كثيرة جدا وكان اهمها الخطاب الديني للرئيس صدام حسين والذي كان يعي جيدا ان العدو الاول لامريكا هو الاسلام . كما بدا العراق باظهار مقدرته التكنولوجية حيث قام المهندسون العراقيون بالدخول على كومبيوتر طائرة استطلاع امريكية واستطاعوا انزالها بسلام في احد القواعد العراقية . وبينما تصف الولايات المتحدة الاستشهاديين الفلسطينيين بالارهابيين اعلن الرئيس صدام حسين عن منحة مالية لعائلة كل استشهادي فلسطيني وقدرها خمسة وعشرون الف دولار امريكي . وما ان اطل العام 2000 وصعود شارون الى السلطة في الكيان الصهيوني وبعده صعود بوش الابن الى البيت الابيض حتى ايقنت القيادة العراقية بان الحرب صارت قاب قوسين او ادنى ولذلك كان تصريح الرئيس صدام حسين للسيد نزار حمدون رحمه الله ممثل العراق الدائم لدى الامم المتحدة والذي نقله محمد حسنيين هيكل مؤخرا يوضح الرؤية الثاقبة للرئيس صدام حسين ( العراق يحضر لما بعد الحرب وليس للحرب ) .
وباعتقادي فان العراق قد اخذ دروسا كثيرة في هذه الفترة عن امكانيات القوات الامريكية وتسليحها من خلال التصدي الدائم للطيران الامريكي في الشمال والجنوب وكذلك من الحرب الامريكية على يوغوسلافيا واخيرا من الحرب الامريكية على افغانستان وقد قرا الرئيس صدام حسين تاريخ معارك المسلمين جميعها وشخص اسباب النصر والهزيمة وخاصة ان المسلمين لم يحاربوا يوما وهم اكثر عددا وعدة من الاخرين ، كما ان الرئيس صدام حسين قد قرا جيدا عن حرب لبنان وحصار بيروت وبعد كل هذا قام بوضع الخطوط العريضة للوقوف بوجه مغول العصر الامريكان ، تاركا التفاصيل للعسكريين وذوي الاختصاص .
ويبدو جليا ان احداث البرجين في نيويورك قد اجل العدوان على العراق ، وكانت القيادة العراقية تريد الحرب اليوم قبل غدا ليس لانها تعشق الحرب ولكنها تعرف جيدا ان الحرب سيشنها الامريكان على العراق لا محالة وكلما طال الانتظار فقد تتعرض الخطط الموضوعة للحرب الى الانكشاف وكذلك هناك سببا جوهريا اخر وهو ان الكوادر المعدة لهذه الحرب قد تمل وتسام بسبب التدريبات القاسية التي يتلقونها بل وقد تشيخ هذه الكوادر بالنهاية وبالتالي البدء من جديد ، ولذلك فان الرئيس صدام حسين وتعليقا على احداث البرجين كان يمتدح المنفذون ويصفها بانها ردا على جرائم امريكا في فيتنام واليابان والشرق الاوسط ، مما اثار حفيظة امريكا وجعلها تفكر في غزو العراق باسرع وقت ممكن .
التقدير العراقي للحرب :
استطاعت القيادة العراقية ان تشخص ما تؤول اليه الحرب مسبقا وهو ان الولايات المتحدة كقوة عظمى حين تضع خططا لاحتلال بلد ما من دول العالم الثالث فانها ستنفذ خططها مها كلف ذلك من ثمن ولو على حساب تدمير ذلك البلد تدميرا كليا لانه ليس هناك من يستطيع الوقوف بوجهها واستذكر كلاما جميلا للرئيس صدام حسين قاله في عام 1992 : ( ان امريكا الان مثل حصان العربانة المنفلت ... لايوجد الان من يقول لها قفي ) ولذلك فقد وضعوا خططا للحرب فيما بعد الاحتلال وليس لمنع الاحتلال . ومن الخطوط العريضة التي وضعها الرئيس صدام حسين لهذه الحرب :
1- تشكيل خلايا كثيرة للمقاومة ووضع القيادات لها ووضع اساليب مبتكرة للاتصال بين بعضها البعض وطرق التمويل ومناطق عملها ، ولكن كوادر هذه الخلايا من المقاتلين كانت منقوصة باسثناء كتائب فدائيي صدام والكتائب المشكلة من فرق الحرس الجمهوري وكتائب الصواريخ ارض ارض وارض جو .
2- سيتم املاء الفراغات في خلايا المقاومة من خلال اختيار العناصر التي تثبت وطنيتها وغيرتها عبر الصفحة الاولى من القتال والتي حددت على ما اعتقد بعدة اسابيع .
3- سيكون هناك دورا كبيرا خلال الاسابيع الاولى للحرب لاجهزة الامن السرية في اختيار العناصر الجديدة للمقاومة سواء من المدنيين كقيادات سياسية او من العسكريين كمحاربين .
4- توزيع مهام لهذه الخلايا مسبقا من خلال دراسة ما يمكن ان يفعله الاحتلال داخل البلد .
5- تسمية هذه الخلايا باسماء تنظيمات بايديولوجيات مختلفة بحيث تستوعب كافة شرائح المجتمع العراقي والمتطوعين العرب . ( وضع علما في كل سارية وادعو من الله ان الجرح يندمل ) .
6- عدم السماح للعدو بتحقيق أي هدف من اهدافه دون ان يدفع ثمنا لذلك دما ومالا .
7- عدم السماح للعدو بدخول أي مدينة عراقية قبل ادخاله الى بغداد ( لعدم حصارها كما حصل في بيروت عام 1982 ).
8- ايهام العدو من خلال عملاء المخابرات العراقية داخل الاحزاب المتواطئة بان احتلال المدن الجنوبية سيكون بدون خسائر تذكر وان المعركة الكبرى ستكون على اطراف بغداد . ( ان بغداد مصممة على ان تجعل من مغول العصر ينتحرون على اسوارها )
9- استخدام ثلث المعدات العسكرية العراقية ومن كافة الصنوف واخفاء الباقي في مخابئ سرية تحت الارض ( واعتقد ان ذلك قد تم خلال شهور طويلة ) .
10- اخفاء ممتلكات الدولة العراقية ووثائق الوزارات وكل ما يخص الارث العراقي وخاصة الاثار التي تم استبدالها بما يشابهها من عمل الفنانين العراقيين ودون دراية هؤلاء الفنانين ( مقتبسة من الاتحاد السوفيتي في الحرب العالمية الثانية حيث اخفت السلطات السوفيتة جميع التماثيل التي كانت في القصور القيصرية والحدائق العامة ) .
11- تصميم كمائن ثابتة للمقاومة وفي مدن ومناطق مشهورة بتدينها ووطنيتها ( قواعد محصنة سرية
12- ادخال العدو الى مدن العراق ومن ثم المباشرة بذبحه .
واظن ان هذه الخطوط العريضة للوقوف بوجه الغزو المحتمل قد وضعت منذ فترة طويلة ليست باقل من ستة سنوات قبل بدء الغزو ، ولكن من اين جاء الرئيس صدام حسين ورفاقه بهذه الخطة ؟ هل ان الله سبحانه وتعالى قد الهمهم الحكمة ام انهم قد درسوا التاريخ جيدا وخاصة التاريخ العسكري ؟ ام ان الاثنتين معا .
غزوة احد ومعركة الحسم :
من منا لايعرف تفاصيل غزوة احد ولكن اريد التذكير بما قبل الغزوة أي فترة الاستعداد والمشورة حيث كان هناك رايان للوقوف بوجه تحالف قريش المتوجه الى المدينة المنورة فراي الاكثرية وهم من الشباب يريدون الخروج لمواجهة العدو خارج المدينة وهذا ما حصل فعلا اذ حدثت المعركة قرب جبل احد وانهزم المسلمون لحكمة ارادها الباري عز وجل لتكون درسا للمسلمين ، واما الراي الاخر فكان راي الرسول صلى الله عليه وسلم وهو البقاء داخل المدينة والتحصن فيها ومقاتلة العدو في شوارع وازقة المدينة كحرب شوارع ، وايضا اقتضت الحكمة الالهية ان لا تطبق هذه الخطة لان فيها هلاكا لكل من يدخل المدينة من الكافرين والباري عز وجل يعرف ان من بين هؤلاء الكفار من سيرفع راية الاسلام عالية في المستقبل .... اليس خالد بن الوليد سيف الله المسلول كان احدهم ؟ ! ... ودعونا نتصور كم هي كارثة على المشركين لو دخلوا المدينة، الم يتحول الاطفال والنساء من المسلمين الى مقاتلين ويستطيعون مجابهة اعتى فرسان المشركين فلو وقف صبي او امراة فوق احد اسطح البيوت ومر من تحته فارس مقدام من المشركين الم يستطع هذا الصبي او المراة من قتلة برمية حجر . وثانيا هل يستطيع هذا الفارس الكر والفر داخل ازقة المدينة كما لو كان في الصحراء وثالثا كيف تدخل المؤن على جيش المشركين اذا تحصن رماة المسلمين فوق مداخل المدينة ، ورابعا كيف نتصور وضع المشركين واحد زملائهم يموت بجنبهم ولا يعرفون من هو قاتله ، الم تنهار معنوياتهم فورا . في الحقيقة كانت خطة الرسول صلى الله عليه وسلم هي اول خطة حرب عصابات وجدت في العالم . ولم يضع الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الخطة بشكل اعتباطي ولكنه كان قد درس امكانات الجيشين المتقابلين المادية منها والمعنوية، فصحيح ان معنويات المسلمين كانت عالية جدا من جراء انتصارهم في معركة بدر ولكن المعنويات لاتكفي اذا لم يكن هناك سلاحا يستطيع بموجبه المقاتل من الاثخان بعدوه ، فللمشركين كان هنالك اكثر من الف فارس مقابل ثلاثمائة فارس من المسلمين( كان نصفهم من المنافقين اصحاب عبدالله بن ابي وقد انسحب هذا الجيش قبل بدء المعركة وكان احد اسباب هزيمة المسلمين) ، وقد تمرعلينا كلمة فارس مرور الكرام ولكنها تعني الكثير من وجهة نظر عسكرية ، فلو قارنا الفارس مع الماشي لوجدنا قوة هذا الفارس حتى ولو كان الماشي اقدر منه ، فما يميز الفارس عن الماشي ان الفارس يستطيع حمل عدة اسلحة في خرج فرسه، وهو اعلى من الماشي ارتفاعا مما يعطيه افضلية وسطوة اكبر على خصمه الماشي وهو يحمل من الزاد والماء ما يكفيه ليوم او يومين والفارس جالسا على فرسه فهو مرتاح اكثر من الماشي والاكثر من ذلك ان الفرس نفسها قد تقاتل بقدميها مع فارسها وعلى ضوء ذلك نجد ان قوة الرمي عند الفارس اكبر من قوة الرمي عند الماشي ، وهذا ما حدا بالرسول الكريم التعويض عن الفرسان باسطحة المنازل . وقد سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن معنى " القوة " في الاية الكريمة :" واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم " فقال صلى الله عليه وسلم : " الا ان القوة الرمي ....واعادها ثلاث مرات " ولذلك كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعرف جيدا ان امكانات العدو في الرمي هائلة سواء من سلاح الفرسان ( الفارس اعلى من الماشي ) او من الرماحين او من رماة السهام ولذلك فان خطته كانت ناجحة جدا للقضاء المبرم على المشركين ولكن كما ذكرنا اقتضت حكمة الله عز وجل ان لاتكون .
بدء معركة الحسم :
لقد اوهمت القيادة العراقية العدوانببن بان الحرب النظامية هي الحرب الحاسمة وذلك من خلال الاجتماعات التي يعقدها الرئيس صدام حسين مع القادة العسكريين الذين برتدون اللباس العسكري الرسمي وخاصة مع سلاح الطيران والطيارين الاسشهاديين ، وقوات الحرس الجمهوري .
وهكذا اسماها الرئيس صدام حسين ، معركة الحواسم ... اما نحن واما هم ... وهكذا قالها نجله الاكبر الشهيد عدي فقد قال الرجل في احد اجتماعاته مع الصحفيين : " القضية اصبحت جدية الان فاما نحن واما هم " اذا لم يعد هناك حلا وسطا فاذا شنوا عدوانهم ستكون نهاية احد الطرفين اما العراقيين الشرفاء ومن ورائهم الشعوب العربية والاسلامية المؤمنة واما الغرب والصهيونية العالمية واذنابهم .
• التصريحات الامريكية قبل الحرب :
نتيجة للقوة الهائلة التي تمتلكها الولايات المتحدة الامريكية والتي يتحكم فيها اناس متغطرسين ابتعدوا عن روح الدبلوماسية والكياسة العامة فكانت تصريحاتهم اكثر وضوحا وسياستهم اصبحت مكشوفة وهم لايستحون منها ابدا فكان اهم ماصرح به اولئك المخبولين هو تغيير خارطة المنطقة . هذا التصريح كان واضحا ولا لبس فيه وبالتالي فان تغيير خارطة المنطقة يعني تغيير الحدود السياسية لبلدان الشرق الاوسط بما يخدم مصالح الامبريالية الامريكية وحليفها الكيان الصهيوني ، وبنظرة جغرافية الى دول المنطقة والتوزع السكاني فيها يستنتج المرء مقاصد التصريح الامريكي في تغيير خارطة المنطقة ولاستنتج ايضا اسباب الاستهداف الامريكي للعراق كبداية .
العراق دولة لها حدود مع ستة دول هي ايران وتركيا وسورية والاردن والسعودية والكويت وبالتالي تستطيع امريكا ان تحقق مخططاتها في الدول المجاورة للعراق في حال بسط سيطرتها عليه ، فاذا نظرنا الى ايران والعراق نجد ان الولايات المتحدة سوف تلعب على الوتر الطائفي مستغلة جهل القيادة الايرانية لتقسيم العراق الى كانتونات طائفية وسينتج عن هذا التقسيم دولة عربية شيعية في جنوب العراق وفي المرحلة التالية تلعب على الوتر القومي مستغلة عروبة عربستان من اجل تمزيق ايران . واما الكانتون الكردي في الشمال فسيؤدي ذلك الى دولة كردية كبيرة تجمع اكراد العراق وايران وتركية وسورية وفي مرحلة اخرى ايضا تلعب على الوتر القومي مرة اخرى مستغلة الضعف التركي والسوري مهيئة احزاب عميلة لها في كلتا الدولتين حيث تحمل هذه الاحزاب هوية القومية السورية لتستفيد من العرب السوريين في كيليكيا وفي شمال سورية وهكذا تستفيد امريكا من النعرات الطائفية والقومية عند شعوب المنطقة المحكومة بانظمة متخلفة والتي تغذيها باستمرار مستفيدة من وضع الانظمة التي تحكم رسميا تحت يافطات احزاب علمانية وعمليا ماهي الا انظمة طائفية لا يهمها مصلحة وطن او كرامة شعب . وعلى هذا المنوال تتقسم دول المنطقة الى دويلات تكون شعوبها خليطة من عدة دول حيث لا يمكن لهذه الدول ان تنعم بالاستقرار الا بمباركة الغرب والصهيونية فتجد الدرزي اللبناني والسوري والصهيوني في دولة والسني اللبناني والسوري والعراقي في دولة والعلوي التركي والسوري في دولة والاردني الفلسطيني مع السعودي الحجازي في دولة وهكذا دواليك . وبناء على ذلك التصريح فان الامريكيين قد وضعوا في مقدمة تصوراتهم ان احتلال العراق عملية جراحية صغرى سيتم الانتهاء منها خلال ايام وبعد اشهر قليلة يتم المباشرة في تنفيذ مراحل المخطط الاخرى في كل من ايران وتركية وسوريا ودول الخليج وفلسطين ولبنان ولذلك وجدنا كولن باول يزور دول المنطقة بعد احتلال بغداد متوعدا اياها وطالبا منها شروط تعجيزية ليتم المباشرة بها لاحقا .
• التصريحات العراقية قبل الحرب :
كانت التصريحات العراقية واقعية جدا وغير مفهومة احيانا الى درجة ان العاقل يصف صاحب التصريح بالساذج فمن التصريحات الواضحة العراقية ما صرح به مندوب العراق لدى الجامعة العربية وقبل الحرب باشهر عديدة وردا على سؤال حول امكانية تغيير خارطة المنطقة من قبل امريكا قال الرجل : نعم هذا المخطط موجود في ادراج المسؤولين الامريكيين منذ زمن بعيد ولكن ليس كل المخططات قابلة للتطبيق . ومن التصريحات الغامضة والتي لا نستطيع تخيلها في حرب الكومبيوترات والرمي عن بعد ما كان الرئيس صدام حسين يقوله امام جنوده قبل الحرب :
- هل تدربتم على طرق الاتصال في حال انقطعت الاتصالات بينكم وبين قيادتكم .
- هل تدربتم كيف يتم الانسحاب من الساتر وبقاء صائد السمتيات فقط .
- هل تدربتم كيف بتم تدمير الرتل المعادي ... ندمر الدبابة الاولى والاخيرة اولا ثم نباشر في الباقي .
- هل تدربتم على المسير والركض الليلي ولمسافات طويلة يجب ان تكونوا قد تدربتم جيدا عليها حتى يؤدي المقاتل الواجب الموكل اليه ويستطيع العودة دون ان يلزمه المبيت تلك الليلة .
- على المواطنين حفر ابار للمياه في بيوتهم .
- على المواطنين حفر خنادق داخل حدائق بيوتهم .
- اخواني المقاتلين لا اريد منكم العصبية اثناء التنفيذ ( ويشيلكم الحال ) ايضا نحن تهمنا حياتكم .
- اخواني عدوكم يجتاز عشرة الاف كيلو متر ليقدم الدعم اللوجستي لجنوده ، بينما انتم قاعدون عند اهليكم .
- الامريكان لديهم القدرة على التدمير ولكن ليس لديهم القدرة على الاحتلال .
- لااحد منكم يخون لان الخيانة لا تضرنا ولكن تربكنا قليلا .
- اخواني اذا احد من رفاقكم خان وطنه عليكم بنصيحته ... فتقولون له : اولا انت بعثي وثانيا انت قد اقسمت اليمين وثالثا انت مسلم ورابعا انت عراقي وخامسا انت من العشيرة الفلانية .
- اخواني ندعو من الله ان يبعد عنا شرور هؤلاء القادمين الينا من الاف الكيلو مترات وان يحفظكم لاهاليكم وعشائركم ولكن اخواني اذا ارادوها فسوف نذيقهم الذي لا يتوقعونه .
- قال احد المقاتلين : سيدي سوف نهزمهم شر هزيمة فرد عليه الرئيس قائلا : بل سنهزمهم احسن هزيمة .
- المصريين هم الذين ردوا المغول في السابق واليوم على العراقيين ان يردوا مغول العصر .
وحقيقة فانني كنت انظر الى ما يقوله الرئيس صدام حسين بنظرات مرتبكة ولم استطيع ان افهم منها شيئا فعلى سبيل المثال اذا كان الجنود يستطيعون الانسحاب من الساتر ، فماذا يفعل صائد السمتيات بالدبابات التي تداهم الساتر ؟ وهل يكتشف المقاتل خيانة قائده في المعركة والمعروف ان الجيش العراقي انضباطي وينفذ الاوامر مهما تكن ؟ وكيف يمكن لفرقة عسكرية ان تتصل مع قيادتها اذا قصفت الطائرات المعادية عقد الاتصال السلكية مع التسليم بان اجهزة الاتصال اللاسلكية العراقية لا تعمل بسبب التشويش الالكتروني المعادي . وفي الحقيقة كان الرئيس صدام حسين يتحدث عن حرب الشعب كما اوما اليها عام 1991 حين قال : قلت للعميد عبد يخطر ببالي ان اخرج قوات الحماية من بغداد لعل ذلك يوسوس للامريكان فيقومون بانزال في بغداد فيقاتلهم الشعب .
وبدات الحرب :
في يوم 20-21/3/2003 بدء الهجوم الامريكي البريطاني على العراق واستمر عدة اسابيع ادى بالنهاية الى دخول الجيوش الغازية بغداد وقد تالم الناس كثيرا حتى ان بعضهم قد كفر بالله ( تعالى الله عما يصفون ) واخذت الفضائيات تنفث سمومها في عقل المشاهد العربي المسلم الذي لا حول له ولا قوة فانقسم الناس الى قسمين ، الكثير منهم بدء يرجع الى دينه ويقوي معنوياته بكتاب الله عز وجل والقسم الاخر ذهب الى صالات الخمر لينسى ما وقع على الامة من حيف وهؤلاء هم الانهزاميون والانبطاحيون الذين ليس في عقولهم ذرة ايمان واحدة .
اسنتاجات من الحرب النظامية :
- القى الرئيس صدام حسين عددا من الخطب والرسائل كان اكثرها مشفرا وفي اخر خطاب له على ما اعتقد قال :
" يا اهل بغداد اطمئنوا فليخسىء العدو انه لايستطيع دخول بغداد العزيزة فانتم تعرفون جيشكم وحرسكم الذي يحمي بغداد واذا انهزم العدو من العاصمة فسوف ينسحب من باقي المناطق ، والى المؤمنين في كل مكان اقول لهم : لقد حسبنا حسابا لكل شيء ". وهذا معناه ان الرئيس كان يوجه رسالة الى قادته الميدانيين بان العدو على وشك دخول بغداد فاذا دخلها فانه سيدخل بقية المناطق وعليكم بالانسحاب وفق الخطة المتعارف عليها ، وفي الحقيقة كان انسحاب القوات العراقية وذوبانها قد اذهل المحللين العسكريين . وكذلك يطمئن المؤمنين بان دخول الامريكان الى بغداد لايعني نهاية العالم .
- بعد اسبوع تقريبا من بدء الحرب قال الرئيس صدام : ايها الامريكان لقد وجدنا ما وعدنا الرحمن به فهل وجدتم ما وعدتكم به شياطينكم ، نحن لم نستعمل الى الان الا ثلث قواتنا فكيف اذا استخدمنا كل قواتنا ؟ والسؤال هو اين ذهب ثلثي الجبش العراقي وخاصة العتاد الثقيل ؟
المقاومة العراقية البطلة
كما ذكرنا سابقا فانه من غير الممكن ان تقوم مقاومة للاحتلال في دولة ما خلال عدة ايام من بدء الاحتلال اذا لم تكن هذه المقاومة معدة مسبقا اعدادا عقائديا اولا وماديا ثانيا وتنظيميا ثالثا ، وتاريخ الثورات يقول : بان ثورة الجزائر على الاحتلال الفرنسي بدات بعد خمسين عاما من الاحتلال وفي فيتنام بدات المقاومة الفيتنامية بعد خمسة عشر عاما من الاحتلال الامريكي ، وفي الحقيقة فان المقاومة العراقية تختلف عن المقاومة في الجزائر و فيتنام فاذا كانت المقاومة الجزائرية مدعومة من مصر ودول الجوار والمقاومة الفيتنامية مدعومة من الكتلة الشيوعية في العالم فان المقاومة العراقية ليست فقط لا تتلقى أي دعم خارجي وانما محاربة من دول الجوار ايضا ، واذا كانت ثورتا الجزائر وفيتنام قد قامتا في ظل ظروف دولية مواتية وذلك لوجود قطبين او قوتين عظميين يريدان الامساك بالعالم فان المقاومة العراقية قد قامت في ظرف دولي لئيم تسيطر فيه على العالم قوة واحدة غاشمة هي الولايات المتحدة الامريكية وشاءت الظروف ان تنزل هذه القوة العظمى الى الملعب العراقي بذاتها وبكل تكتيكاتها وجرائمها واعلامها . وبراي الشخصي فان القيادة العراقية قد استجرت هذه القوة الغاشمة الى الملعب العراقي لتخوض معه مباراة ماراثونية قد حددت اشواطها القيادة العراقية وهي على مايبدو اكثر من عشرة اشواط في حين ان القيادة الامريكية قد جاءت الى المباراة على اساس ان تنهيها في الشوط الاول .
ان كل ما قاله الرئيس صدام حسين امام جنده يتحقق الان في العراق ، الم نسمع كيف ان المقاومة تنصح الخونة قبل قتلهم وكيف ان بيوت الفلوجة تحتوي على ابار للمياه وخنادق في داخل احواشها وكيف ان القوات المنتخبة تحافظ على حياتها ما امكن من اجل ادامة المعركة الى اطول وقت ممكن . الم نجد كيف ان ارتال الدبابات الامريكية تدمر في الفلوجة بعد ادخالها الى الشوارع ثم يتم تدمير الدبابة الاولى والاخيرة وبعد ذلك يتم الاجهاز على باقي الرتل ، الم نلاحظ ان الدعم اللوجستي للقوات الامريكية اصبح معقدا للغاية في حين ان المقاومة لم يستطع احد الى الان اكتشاف طريقة تقديم الدعم اللوجستي لها .
ان اسلوب المقاومة العراقية المتنوع الاداء قد ادى الى ارباك القوات المعادية فاذا كانت امريكا قد دخلت الحرب تحت شعار الصدمة والترويع فان المقاومة العراقية بدات تطبق ذات الاسلوب مع العدو صدمه وترويعه ثم يبول الجندي في بنطاله .... فالجندي الامريكي لا يعرف متى واين وكيف يموت فهو يشعر ان كل شيء يقاتله البشر والحجر والحيوان والنبات والساكن والمتحرك فهو يمشي بعربته متحسبا من الالغام وفجاة تنطلق عليه القذائف الصاروخية و يجلس بمطعمه ياكل فاذا بالهاونات تمطر قذائفها عليه ويركب بتكسي ليتنكر فيذبح داخل التكسي ...... هذا هو حال الجندي الامريكي في العراق .
اسلوب المقاومة كما رايته :
بدات المقاومة العراقية عملباتها ولمدة عام كامل منذ بدء الاحتلال بعمليات على شكل كمائن متحركة وقصف ثكنات العدو بقذائف ذات صناعة بدائية وكذلك توجيه ضربات للعدو عن طريق العمليات الاستشهادية والغاية من هذه العمليات هو الحاق خسائر بشرية ومادية بالعدو وتدمير الروح المعنوية للجندي الامريكي . ومع بدء العام الثاني للاحتلال بدات المقاومة العراقية باستخدام اسلحة اكثر تطورا من بينها الصواريخ البعيدة المدى والمدفعية الثقيلة مما يزيد من اتهيار الروح المعنوية للجنود ، وكذلك بدات المقاومة في استخدام مبدا الكمائن الثابتة حيث قامت المقاومة باستجرار العدو الى مناطق مصممة مسبقا للقتل وذلك كما حدث ويحدث في بلدة الفلوجة وتلعفر ويبدو ان الغاية من هذه الكمائن وفي هذه البلدات الصغيرة هو جعل العدو يهاجم هذه البلدات دون القدرة على تحديد امكانية المقاومة فيها مما يجعله يتخبط في خططه العسكرية وفي قراراته الميدانية مما يزيد في خسائره وبالتالي يحرم على نفسه مهاجمة أي مدينة عراقية يتم تحريرها من قبل المقاومة وبالفعل نجد ان الامريكان لم ولن يقرروا مهاجمة الموصل وهي مدينة اكبر من الفلوجة بمرات كثيرة ، واعتقد ان الفلوجة وكما وصفها اكثر من واحد بانها بوابة التحرير ان شاء الله . كما ان المقاومة العراقية استهدفت وعلى جميع المديات مرتكزات السلطة العميلة ودمرتها محاولة بذلك اعادة العدو الى المربع الاول دائما .
ان معركة الحواسم وباعتقادي قد صممت على ان تكون طويلة بحيث يخرج المنتصر بها عملاقا لا يجرؤ احد الا وينصاع لاوامره وهكذا وقعت دول الجوار العراقي بين مطرقة المقاومة التي استعدتها اصلا وبين السندان الامريكي الذي يمارس عليها ضغوطا ادت بها الى الحضيض في عيون شعوبها وتكشفت اوراق الحكام التي كنا نراها ملونة جميلة مزينة بالفكر القومي والاسلامي فوجدناها سوداء قاتمة مليئة بالخيانة والتامر .
وعليه يكون السؤال مطروحا وعلى الدوام من الذي سينتصر في النهاية العراقيون ام الامريكان ؟ لااحد يجيب على هذا السؤال افضل من الحق عز وجل الذي ذكر في محكم تنزيله :
بسم الله الرحمن الرحيم
" افامن الذين مكروا السيئات ان يخسف الله بهم الارض او ياتيهم العذاب من حيث لا يشعرون * او ياخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين * او ياخذهم على تخوف فان ربكم لرؤوف رحيم " النحل
" ان الذين كفروا ينفقون اموالهم ليصدوا عن سبيل الله * فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون *
والذين كفروا الى جهنم يحشرون "
التوبة
" وان من قرية الا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة او معذبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا " الاسراء
" ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا انهم لا يعجزون "
الانفال
" اذ يوحي ربك الى ا لملائكة اني معكم، فثبتوا الذين امنوا ، سالقي في قلوب الذين كفروا الرعب ، فاضربوا فوق الاعناق واضربوا منهم كل بنان "
الانفال
" لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد ، متاع قليل ثم ماواهم جهنم وبئس المهاد "
ال عمران
" فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم ابواب كل شيء حتى اذا فرحوا بما اوتوا اخذناهم بغتة فاذا هم مبلسون ، فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين "
الانعام
" وكذلك جعلنا في كل قرية اكابر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون الا بانفسهم وما يشعرون "
الانعام
وايات كثيرة تبشر المؤمنين بربهم وبقضاياهم العادلة وان الله سبحانه وتعالى قد وضع نواميسه للانسانية والتي تمحق الظالم مهما كانت قوته وتنتصر للمظلوم مهما كانت هويته .

الرئيس صدام حسين وقضية اسره :
بعد عدة اشهر من الاحتلال تم الاعلان عن نبا استشهاد نجلي الرئيس عدي وقصي ، وبعد هذا الاعلان بعدة اشهر اخرى اعلن عن اعتقال الرئيس صدام حسين من قبل القوات الامريكية .
ان لكل نبا اخباري في ظل الظروف الحالية في العراق احتمالين لا ثالث لهما فاما ان يكون صحيحا واما ان يكون كاذبا وبكل الاحوال فان الاعلان عن احداث كبرى قد جرت لابد من ان الجهة التي اعلنت عن هذا الحدث ستستفيد منه في قضاياها الانية او المستقبلية ، فلنرى ماذا كان يدور باذهان الامريكان من تصورات ودفعهم ذلك للاعلان عن هذين الحدثين . وماذا ستستفيد المقاومة من هذا الاعلان .
**امريكيا :
لاشك ان امريكا باعلانها عن استشهاد السيدين عدي وقصي صدام حسين واسروالدهما تريد من خلال هذا الاعلان تحقيق مارب كثيرة :




ــ قبل عدوان 1991 قال الرئيس صدام حسين : ان الولايات المتحدة تظن ان العراق هو بناما وهي قادرة على دخول العراق واقتياد رئيسها مكبلا كما حدث مع الرئيس البنامي ، وعلى امريكا ان لا تتوقع ان رامبو له محلا في العراق . فيكون الاعلان عن قتل ولديه واسره هو تكذيبا لاقوال الرئيس .
ــ شعرت الولايات المتحدة ان المقاومة العراقية قد وضعتها في مازق كبير جدا ، حيث اثبتت هذه المقاومة ان الحرب التي شنتها امريكا على العراق كانت منقوصة لم يتم حساب ما بعد الاحتلال أي ان هناك فشل استخباراتي امريكي مما دفعها الى الاعلان عن قتل نجلي الرئيس واسره فيكون هذا بمثابة انتصار استخباراتي لها .
ــ كانت تريد من وراء هذا الاعلان اعطاء الطمانينة لبعض الفئات العراقية التي لم تحدد موقفها بعد من الاحتلال وذلك لركب السفينة الامريكية ومساعدة الاحتلال .
ــ اكتشفت الولايات المتحدة ان قائد المقاومة هو الرئيس صدام حسين وبالتالي فان الاعلان عن اسره سيؤدي الى تفكك منظومات المقاومة واضعافها او على الاقل الاقتتال بين فصائلها للاستئثار بزعامة المقاومة .
** عراقيا مقاوما :
قبل الاعلان عن اسر السيد الرئيس باسابيع القى الرئيس رسالة صوتية قال فيها :
"عليك يابوش سحب قواتك من العراق والتقليل من خسائرك ونحن سنسمح لك بذلك ولن نتعرض لقواتك المنسحبة ولكن اياك والغدر فتقوم بقصف مدن العراق بطائراتك وصواريخك ، واذا اردت ان تفاوض فعليك التفاوض مع الاشخاص من القيادة الذين هم في الاسر" وبعد هذه الرسالة بايام قام السيد سلطان هاشم وزير الدفاع بتسليم نفسه للقوات الامريكية ، ومن المعروف ان الفريق اول سلطان هاشم هو من المقربين جدا من الرئيس صدام حسين وهومحل ثقة الرئيس دائما فقد ارسله الرئيس الى خيمة صفوان لمفاوضة الامريكان بعد انتهاء الصفحة العسكرية في عدوان 1991 ، حيث امتدحه الرئيس امام قادة الجيش حيث روى عنه كيف ان الامريكان منعوه من ادخال سلاحه الى الخيمة فرفض ذلك قبل ان ينزع كل من يدخل الى الخيمة سلاحه من امريكان وغيرهم وقال الرئيس المقولة المشهورة عن السيد سلطان هاشم ( فشتان بين سلطانين ) ويقصد بالسلطان الاخر سلطان بن عبدالعزيز . وبعد ايام من حدث سلطان هاشم منعت الولايات المتحدة الفضائيات من بث اية رسالة للسيد الرئيس ، وبعد ايام اعلن عن اسر الرئيس صدام حسين .
الرسالة الاخيرة للسيد الرئيس كانت مشفرة واول رموز هذه الشيفرة ان يقوم السيد الرئيس صدام حسين ووزير دفاعه بتسليم نفسيهما الى القوات الامريكية لتبدا المفاوضات التي يقود جانبها السياسي الرئيس نفسه واما الشق العسكري فيكون من اختصاص وزير الدفاع حيث تجري المفاوضات والعمل العسكري على جبهات القتال مستمرا واكثر عنفا مما كان عليه قبل عملية التسليم . الا ان بوش لم يحافظ على المواثيق الدولية فصور الرئيس على انه كان مختبئا في جحراثناء عملية الاعتقال وهذا ما كان الرئيس يحذر منه بوش ( اياك والغدر............) في رسالته الاخيرة . ان هذا الكلام يكون اكثر منطقيا فيما لو كان الرئيس فعلا اسيرا .
وسواء كان الرئيس اسيرا ام لا وسواء استشهد الابناء ام لا فان العملية كانت رائعة جدا سواء ان يكون الامريكان قد افتعلوها او قيادة المقاومة قد خططت لها وذلك للاسباب الاتية :
- ان وجود الرئيس طليقا يجعل بعض الوطنيين من النخبة يتلكؤون في الانخراط بالمقاومة حيث يعتبرون ان المقاومة هي خدمة للنظام السابق لاعادته الى سدة الحكم ، في حين وبعد قصة الاسر اصبح العمل المقاوم من اجل الوطن وليس من اجل الحكم.
- واهم الاسباب هو سبب تاريخى نفسي شعبي : فنحن ابناء الشرق ودائما يكون قادتنا وحتى رسلنا محل شك لدينا حتى يضحي هذا القائد بنفسه من اجل المبادئ التي يحملها وبعدها نجد ان الجماهير تسلك درب هذا القائد وتبدا بالتضحية ويصبح ذلك الرجل مثالا يحتذى به ، وحقيقة فهذا ما حصل لسبط الرسول صلى الله عليه وسلم الحسين بن علي ، فبعد ان خانه اصحابه واستشهد من اجل المبادئ اصبح الحسين حسينا الى يومنا هذا بل ان قسما من الزنادقة قد الهوه . وكذلك كان مع نبي الله عيسى بن مريم الذي استمرت رسالته ثلاثة سنوات ولم يؤمن به الا الحواريين والبالغ عددهم اثني عشرشخصا معظمهم من الجهلة والسماكين ، وحين صوره اعداؤه بانه قد صلب ومات ( والحقيقة ان الله قد رفعه اليه ) فان الجماهير قد اعتنقت المسيحية حتى وصل عددهم نصف سكان العالم وقد قام الزنادقة ايضا بتاليهه . ( انا لا اقصد تشبيه الرئيس صدام حسين بنبي الله عيسى او بالحسين رضي الله عنه ، ولكن سياق الدراسة كان لدراسة نفسية شعوب الشرق ليس الا ) .
اذا فعملية الاعتقال كانت مفيدة جدا للمقاومة حيث بدا الشعب العراقي باحتضان المقاومين اكثر من أي وقت مضى ، ومن كان يشك بموقف الرئيس صدام حسين اصبح الان على بينة من ان الرئيس وعائلته كانوا ملوكا يحكمون بشرف ويقاتلون بشرف ويستشهدون بشرف . مدى صحة هذه الاحداث فليس علينا الا ان نكرر قول الحق تبارك شانه :
بسم الله الرحمن الرحيم
" لكل نبا مستقر وسوف تعلمون "
الانعام
اخيرا ارجو ان اكون قد نقلت للجماهير تصوراتي عن العراق راجيا رحمته تعالى . وسلاما سلاما الى المجاهدين في كل مكان وما النصر الا من عند الله ويا محلى النصر بعون الله

صدام العرب
11-01-2005, 06:31 AM
الموضوع قيد القراءة والتحليل

شامل
11-01-2005, 08:13 PM
لقد كان القائد حريصاً على سلامة بلاده حرص الأم على وليدها , ومع ذلك كان حرصه على كرامة بلاده أشد , و إذا ما دعته الظروف إلى المفاضلة بين الأمرين فضل الكرامة على السلامة دون تردد , فلله دره من حاكم .

القادم
11-01-2005, 08:57 PM
بوركت وبورك مسعاك أخي الكريم الفراشة الدامية

وحفظ الله قائدنا المفدى الحكيم داهية العرب

احمد صقر
14-01-2005, 11:55 PM
ان معركة الحواسم وباعتقادي قد صممت على ان تكون طويلة بحيث يخرج المنتصر بها عملاقا لا يجرؤ احد الا وينصاع لاوامره وهكذا وقعت دول الجوار العراقي بين مطرقة المقاومة التي استعدتها اصلا وبين السندان الامريكي الذي يمارس عليها ضغوطا ادت بها الى الحضيض في عيون شعوبها وتكشفت اوراق الحكام التي كنا نراها ملونة جميلة مزينة بالفكر القومي والاسلامي فوجدناها سوداء قاتمة مليئة بالخيانة والتامر .
وعليه يكون السؤال مطروحا وعلى الدوام من الذي سينتصر في النهاية العراقيون ام الامريكان ؟ لااحد يجيب على هذا السؤال افضل من الحق عز وجل الذي ذكر في محكم تنزيله :
بسم الله الرحمن الرحيم
" افامن الذين مكروا السيئات ان يخسف الله بهم الارض او ياتيهم العذاب من حيث لا يشعرون * او ياخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين * او ياخذهم على تخوف فان ربكم لرؤوف رحيم " النحل
" ان الذين كفروا ينفقون اموالهم ليصدوا عن سبيل الله * فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون *
والذين كفروا الى جهنم يحشرون "
التوبة
" وان من قرية الا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة او معذبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا " الاسراء
" ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا انهم لا يعجزون "
الانفال
" اذ يوحي ربك الى ا لملائكة اني معكم، فثبتوا الذين امنوا ، سالقي في قلوب الذين كفروا الرعب ، فاضربوا فوق الاعناق واضربوا منهم كل بنان "
الانفال
" لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد ، متاع قليل ثم ماواهم جهنم وبئس المهاد "
ال عمران
" فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم ابواب كل شيء حتى اذا فرحوا بما اوتوا اخذناهم بغتة فاذا هم مبلسون ، فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين "
الانعام
" وكذلك جعلنا في كل قرية اكابر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون الا بانفسهم وما يشعرون "
الانعام
وايات كثيرة تبشر المؤمنين بربهم وبقضاياهم العادلة وان الله سبحانه وتعالى قد وضع نواميسه للانسانية والتي تمحق الظالم مهما كانت قوته وتنتصر للمظلوم مهما كانت هويته .
تحية لك ايها العزيز الفراشة الدامية فوالله هذا هو حديث الانسان المؤمن حقا بقضايا شعبه وامته -- ان النصر آت يا اخي باذن الله وان غدا لناظره قريب

الصالحي
13-06-2005, 12:41 AM
يرفع

للقراءة والتدقيق في القراءة ومحاولة فهم كل ما فيه ..
هذا المقال مهم ( واسمحوا لي ان اقول انه من مسؤول مهم !!! )

نرجوا الله نشره على جميع فروع المنتدى

البصري
14-06-2005, 12:20 AM
جزى الله أخانا "الفراشة الدامية" خيراً على هذا المقال ؛ الذي حوى حقائق كثيرة ؛ وكان جواباً لأسئلة عديدة طالما راودت الحيارى المخلصين .
المقال أعجبني كثيراً ؛ واستفدت منه ؛ وشدّني فيه : الاحتجاج بخطب وكلمات الرئيس صدام ؛ وتحليله لمجريات ما سبق معركة أحد ؛ وإسقاطها على الواقع القتالي العراقي .
غير أنّه لم أستسغ فكرة : أنّ الرئيس صدام سلّم نفسه وفق خطة مسبقة ، واتفاق مع العلوج ؛ ثم غدر العلوج ولم يفوا بتحقيق الاتفاق !!! إذ أنّ رئيسنا صدام له من الحصافة والفطنة ؛ والمعرفة بأحوال وأخلاق العلوج ما يجعله لا يثق بهم ؛ فكيف يُقدم على خطوة خطيرة خاسرة ( سلّم البزون شحمة ) ؛ ولو كان أسيراً عندهم فكيف لم يصلوا إلى أسرار العراق والمقاومة والجيش والأسلحة ؛ وكل ما يتعلّق بتدميرهم في العراق ؛ بل سمحوا بأنْ تتعاظم المقاومة وصار تدميرهم على يديها قاب قوسين أو أدنى ؛ وعندهم جوهرة جواهر المقاومة والعالم " صدام حسين" !!!

المهند
25-07-2006, 02:43 PM
http://www.baghdadalrashid.com/vb3/