المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحكام هم الأولىَ بالمقاومة



منصور بالله
01-01-2005, 01:32 PM
الحكام هم الأولىَ بالمقاومة







بقلم : محمود شنب

mahmoudshanap@yahoo.com





فى تعاقب غريب ينظمه القدر وعلى فترات متباينة يطل علينا بوش عبر شاشات التلفاز ويحدثنا بغرور وصلف ، ثم يطل علينا الشيخ أسامه بن لادن ويحدثنا حديث العزة والتواضع .. يهددنا بوش بين الحين والآخر بالدمار والخراب وبتدمير الأوطان ، ويبشرنا أسامه بن لادن بأن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده الصالحين ، وعلى الرغم من أن أسامه بن لادن لا يملك شيئـًا من متاع الدنيا أو وسائل الإعلام ، وأن حكومة بوش تملك 40% من إعلام العالم إلا أن الله قد سخر لعبده المؤمن ما يبلغ دعوته وينشر أفكاره ويقوى عزيمته وكأن الله يقول له : عليك البلاغ وعلينا الإجابة ، وربما لا تهتم وسائل الإعلام بكثير مما يقوله بوش ، لكنها تتهافت على نقل صوت أسامه بن لادن ورسائله ، ولا يقطع التليفزيون برامجه إلا لرسائل أسامه بن لادن ، والله غالب على أمره ولو كره الكافرون .

والمشكلة لا أراها فى حديث هذا ولا ذاك بقدر ما أراها فى المتلقى العربى وفى موقف الشعوب العربية الإسلامية من كل ما يحدث من انتهاكات وجرائم على يد الحكومات الأمريكية المتعاقبة .. إننا نستمع دون فهم ونرقب الأحداث دون إدراك ونتفرج على صراع الخير والشر وكأننا على الحياد أو من كوكب آخر لا يعنيه أمر الأرض فى شئ !!

الشعوب العربية حتى الآن لم تقل كلمتها بعد ، وتعيش ما بين مد وجزر وتشاهد الصراع من كراسى المتفرجين وتعيش ساكنة بين تيارين ـ تيار يصر على الزيف والكذب ، وتيار ثابت على الإيمان والحق .. جيش من الكذابين يقوده بوش ، وجيش من الصالحين يقوده أسامه .. هذا تربى فى مدرسة الإجرام والاستغلال ، وذاك تربى فى مدرسة الإيمان والاعتدال .. بوش يكذب ويتحرى الكذب ولا يعبأ بإنكشاف زيفه ، وأسامه يصدق ويتحرى الصدق ويتمنى الخير لقومه .. بوش يعمل وفق نظرية فاسدة تدعو لعبادة غير الله ـ عبادة القوة والمال والكِبر والغرور ويريد أن يفرض نظريته على الآخرين بالقوة ويحسم هذا الصراع بالطائرة والصاروخ وليس بالأخلاق والمبادئ ، بينما أسامه بن لادن يعمل وفق منهج إيمانى يدعو إلى التوحيد وعبادة الله وعدم الإشراك به والسير وفق شرعه ومنهاجه ، وهو لا يطالب الآخرين إلا بكف أذاهم عن المستضعفين فى الأرض ولا يقاتل من أجل إجبار الناس على اعتناق دينه ومذهبه والانضمام لدعوته وإنما يقاتلهم من أجل رفع الظلم ودفع الأذى .... والفرق كبير كبير بين من يعمل وفق هواه وبين من يعمل وفق دستور السماء .

يحدث كل ذلك والشعوب العربية والإسلامية تتفرج وكأن الأمر لا يعنيها فى شئ !!

إن أسامه بن لادن لا يدخر جهدًا فى سبيل نصرة دين الحق .. إنه يحارب فى كل مكان .. يحارب فى السعودية لإخراج الكفار من بلاد الحرمين ، ويحارب فى العراق لإخراج اللصوص من بلاد الرافدين ، ويحارب فى أفغانستان من أجل تمكين الدين ، وفى كل مناسبة يحرض المؤمنين على الجهاد وليس الخنوع وقبول العار ... كل ذلك والشعوب لم تحسم مواقفها رغم دعوة الله لنا بأن نكون أنصار الله وبأن نجيب داعى الله !!

يريد الله أن يتوب علينا ويريد الذين يتبعون الشهوات أن نميل ميلاً عظيمًا ..

الله على قدرته ومكانته وعظمته يقول : (( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر )) وبوش على ضعفه ووضاعته وتفاهته يقول : ( من لم يكن معى فهو ضدى ) ويعلنها صريحة : إنها حرب صليبية .... فأى شئ بقى للحكام ؟!!

إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور !!..

حكام العالم ـ إلا قليلاً منهم ـ انضموا إلى بوش .. منهم من انضم عن قناعة ومنهم من إرتعد خوفـًا وانضم رعبًا ، وحكام مصر والسعودية انضموا طبقـًا للتصنيف الأخير وطلبوا العزة فى غير الله وقادوا حملة بوش الانتخابية حتى نجح وأعيد انتخابه لولاية ثانية ، وصدق الله العظيم : (( المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون )) الآية 67 ـ سورة التوبة ، وعندما يخرج من بين الصفوف عالِم ينصح لله ورسوله سواء من أرض الكنانة أو أرض الحرمين يطارد ويحاصر ويعتقل ويُسجن ـ على الرغم من أن القضية واضحة وغير مبهمة ـ هذا العالِم يدعو إلى الله والحكام لا يريدون ذلك ... يقول تعالى فى سورة النور الآية 48 : (( وإذا دُعُوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون )) والعالِم وهو ينصح لا يتحدى الحكام ولا يعاديهم لكنه يريد أن يوضح حكم الله الذى يعلمه ولا يستطيع أن يكتمه ويتصور أن الحكام بخير وان الأمر قد غـُم عليهم ولذا وجب النصح والإرشاد ويتصور فى دعوته أنهم سيسمعون له ويعقلون ما يقول ، لكنهم غير ذلك تمامًا ... يقول تعالى فى سورة الفرقان الآية 44 : (( أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا )) هذا العالِم وكل عالِم أدبه الإسلام لا يقصد من خلال نصحه الخروج على الحكام فالأصل فى الدين النصح ، وهو لا يريد أن يثير حفيظتهم أو يخرجهم عن شعورهم لكنه فقط يذكرهم بشرع الله ولا يدرك أن أكثر ما يضايقهم ويقلقهم ويخرجهم عن شعورهم هو التذكير بآيات الله ، لأنها الكاشفة التى تظهرهم على حقيقتهم ، ووالله الذى لا إله غيره إن أمريكا ليست وحدها التى تريد إقصاء الإسلام وتغيير القرآن فحكامنا أكثر عداءً منها للقرآن ولو كان بأيديهم لغيروا هذا القرآن منذ أمد بعيد .. إنهم لا يريدون لقاء الله ورضوا بالحياة الدنيا فلماذا هذا القرآن الذى ينغص عليهم حياتهم ... يقول تعالى فى سورة يونس الآية 15 : (( وإذا تـُـتلى عليهم ءاياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لى أن أبدله من تلقاء نفسى إن أتبع إلا ما يوحى إلى إنى أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم )) .

لقد حولت السلطات المصرية البلاد إلى معتقل كبير وشغلت المواطنين بفواتير الماء والكهرباء والتليفون وضيق المعيشة والفقر والمرض والبطالة حتى أصبح الشعب محاصرًا من كل جانب ، وما فعلته السلطات المصرية فعلته السلطات السعودية ولكن بطريقة مختلفة حيث أرادت أن يعيش المواطن هناك أصم وأبكم وأعمى وأن يعيش كلٌ على مولاه وألا يتحدث فى شئ مطلقـًا وألا ينتقد وألا ينصح وحولت البلاد الآمنة على مر التاريخ إلى مطاردات دامية كالتى تحدث فى شيكاغو ومدن أمريكا ، وهذا كله يحدث لا لتمكين شرع الله وإنما لتمكين الفسقه أعوان بوش !!

يقف الحاكم ـ هنا وهناك ـ ويقسم لرعيته إنه ما يريد إلا الإصلاح وأن دابر الفئة الضالة والخوارج مقطوع مقطوع ـ يفعل ذلك ليحصل على رضا شعبه ، ولو كان صادقـًا لبحث عن رضا ربه تصديقـًا للآية الكريمة : (( يحلفون بالله ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه لو كانوا مؤمنين )) النور ـ 62 ، ولذلك فإنهم فى كل أفعالهم يعلمون أنهم كاذبون وأن الله يعلم سرهم ونجواهم وأنهم يخادعون شعوبهم ويخفون فى أنفسهم ما الله مبديه ، لكنهم لا يستحون .

إن الذى يؤخر حسم الصراع هو تأخر حركة الشعوب ، وفى كل دولة الآن يتحكم حفنة من الأجارم فى كل شئ ويسخرون من كل من يريد الإصلاح ـ هذه الحفنة الضالة تساندها حفنة أخرى من الأقزام والمرتزقة المنتشرون فى كل قطاعات الدولة من إعلام إلى تعليم إلى ثقافة إلى حربية إلى داخلية وإلا ما استقرت لهم الأمور وما دامت ، والذى يمكن لهؤلاء فى بلادنا هو إمتلاكهم لكل وسائل القمع والقهر ، فهم يملكون القوة والمال ويضعوا أيديهم على الثروة ويتحكموا فى كل المنابر ويملكوا الإخفاء والإظهار والتكريم والتجريم والإعلام والتعتيم ، والشعوب تدرك كل ذلك لكنها لا تقوى على الحركة العشوائية وتريد حركة محسوبة ... كل مواطن يشعر فى قرارة نفسه بحجم الخطر الذى يهدد بلاده وحجم الكارثة التى تنتظره لكنه يشعر أنه وحده ضعيف وأنه لا يقوى على التغيير بمفرده ويتمنى أن ينتمى لجماعة يقودها قائد ويرشدها راشد ، ولذلك فإن الأنظمة الفاسدة فى كل من مصر والسعودية لا تخاف أبدًا من تحرك فرد مهما كان حجمه ووزنه ، لكنها تخشى من تزمر مجموعة وحركة مواطنين من أجل ذلك فإننا نراهم دومًا يحاربوا كل تجمع صالح ويقفوا له بالمرصاد ... يحاربوا النقابات المهنية إذا ما قادها أكفاء ومخلصون ، ويحاربوا التجمعات الطلابية إذا ما سارت خلف هدف عظيم وقيم نبيلة ، ومن قبل حاربوا جماعة الإخوان المسلمين التى لا تبحث عن حكم أو سلطة وإنما تبحث عن تمكين شرع الله وتنفيذ أحكامه ، وهم الآن يحاربون الجماعات التى تتعاطف مع تنظيم القاعدة وتساند المجاهد أسامه بن لادن .... الأنظمة الفاسدة لا تخشى من أى فرد يتحدث دون تجمع لأنها تدرك أن الخطر الحقيقى يتخفى خلف كل جماعة تؤمن بالإصلاح والتغيير وتمكين دين الحق .

وأرجو أن يتنبه كل مسلم أن ما يكلف به الحاكم فى مصر والسعودية يكون غير ما يكلف به أى حاكم آخر فى أى مكان فى العالم .. دعكم من على عبدالله صالح والقذافى وهلافيت الخليج .. الثقل كله فى بلد الأزهر وبلد الحرمين .. لقد زرعوا الرعب فى قلوب حكامنا ومكنوهم من إحكام قبضتهم على الشعوب ، وسيارات الشرطة فى السعودية أكثر من سيارات المواطنين ، وطائرات التدخل السريع أكثر من تلك التى فى ميادين المعارك ، والأمن المركزى فى مصر يسد عين الشمس ، وهو الذى يستحوذ على أغلب موارد الدولة ، وهو السبب فى البطالة وعدم إيجاد فرص عمل للشباب العاطل ، وإذا ما تعرض النظام لأدنى هزة أو اختبار فى كلا البلدين فإننا نراه يستنفر كل طاقاته ويستعرض على العَجل عضلاته ويفعل فى البلاد ما يفعله شارون فى فلسطين وما يفعله بوش فى العراق ، وإننى أسوق مشهدًا واحدًا من مشاهد هذه الأنظمة المجرمة التى لا ترعى فى قومها عهدًا ولا ذمة .... بعد تفجيرات طابا بساعات وحتى اليوم تقوم السلطات المصرية بتأديب مدينة كاملة هى العريش وقد حولت قوات الأمن المصرية الحياة فى هذه المدينة إلى جحيم واستولت على المساجد وحولتها إلى معتقلات كبيرة تحتجز فيها كل من تحوم حوله الشبهات بعد أن عجزت أقسام الشرطة فى سيناء عن استيعاب أعداد المعتقلين الكبير والتى تجاوزت ـ مثلما صرح وكيل المتهمين الأستاذ أحمد نبيل المحامى أن عددهم يفوق الستة آلاف معتقل ... أين هذه الهمة فى مواجهة قتل الجنود المصريين فى رفح بنيران الدبابات الصهيونية دون ذنب أو مبرر وقد إنتهت التحقيقات الصهيونية مع القتلة اليهود بالاكتفاء بعقوبة "التوبيخ" !!

التوبيخ يا مبارك ، والتوبيخ يا خادم الحرمين !!

بالله عليكم يا قراء .. هل هؤلاء حكام يؤتمنوا على الوطن أو الشرف أو الدين ؟!!

لقد انتقلت العظمة الأمريكية الفارغة من حكام أمريكا إلى حكامنا الأجاويد فى كل من مصر والسعودية فأصبحوا يسهلون تصريحات معيبة ومستفزة ، فولى العهد السعودى يجدد دعمه للمجرم بوش بعد مجازر الفلوجه ويصفه بأنه حاكم عظيم ، والرئيس المصرى يجدد دعمه لشارون بعد مجازر رفح وغزه ويصفه بأنه رجل سلام !!

هؤلاء الحكام الخونه هم الأولىَ بالمقاومة والتمرد ، وعلى كل مسلم ألا يدخر جهدًا فى سبيل مقاومتهم وخلعهم لأنهم أشد ضررًا علينا من اليهود والنصارى والمجوس وعبدة الأوثان ، فالذى يعبد البقر لا يضر إلا نفسه ، والذى يعبد البشر هو الذى يدمر قومه ، وهؤلاء عبدوا بوش وشارون وتركوا عبادة الله .

إن حكامنا أكرم من فيهم وضيع وأعز من فيهم ذليل وأعظم من فيهم حقير ، وهذا ليس سبًا ولا قذفـًا بل هو وصفـًا أمينـًا لحال أمة أبتليت بحكام أوردوها موارد التهلكة وأضاعوا جهد الصحابة والتابعين .

لنا دين يحسدنا عليه العالم ولكن لا نستطيع تمكينه فى الأرض ..

ولنا عقول مهاجرة يستغلها الغرب أفضل استغلال ولا نتعامل معها إلا بإهمال ..

ولنا أرض مطمئنة وغير قلقة لا تعرف الزلازل ولا البراكين ..

ولنا ثروات جعلتنا محط أنظار الجميع ..

ولدينا نساء فاضلات كانوا ولازالوا أشرف نساء الأرض ..

ولدينا لغة واحدة من أجمل لغات العالم ..

ولدينا وفرة فى الأبناء والشباب ..

لدينا كل شئ ولكن ليس لدينا حكام !!..

دول الإتحاد الأوروبى تتسع وتتكاثر وهى تتحدث بثلاثة وعشرون لغة ، ولنا لغة واحدة لا نستطيع بها أن نتفاهم أو نتواصل بل نستخدمها فى السباب والقطيعة وطرد السفراء العرب ..

جغرافية بلادنا منسابة دون عوائق ولا يفصلها غير أسلاك شائكة أقامها الحكام ..

أصبحت بلادنا حقل تجارب لأسلحة الآخرين ، وأصبحنا نتسول السلام من إسرائيل ونطلب العيش فى أمان معها ..

أصبحنا ونحن أصحاب التاريخ نعيش دخلاء على العالم وعلى التاريخ ..

أصبحنا ونحن أهل الفروسية نرتعد خوفـًا من التهديد والوعيد ونفرط من أجل كراسى الحكم فى حرمة الأوطان ..

لكل منا لسان ولكن من غير أسنان ..

نعيش كالأطفال نلهو بالثدى ونجلس على السيقان ..

نعيش داخل معتقلات تسمى أوطان ..

وكل هذا بفضل الحكام ..

فإلى متى الصمت والصبر على حكام هم أقذر من أنجبت الأرض العربية منذ خلق الله الخلق إلى أن يرث الأرض ومن عليها ؟!!