خطاب
01-01-2005, 08:04 AM
[color=#666600][size=3]
وماذا بعد حربها مع الشعوب؟
تقارير رئيسية :عام :الخميس 18 ذي القعدة 1425هـ - 30 ديسمبر 2004 م
نظرة تقييمية لنتائج الحروب الأمريكية!!
مفكرة الإسلام: كانت الدولة للروم والفرس ولكنهما حادتا عن السنن التي تحفظ لهما دولتهما فدخلتا التاريخ من باب 'كان', ومن بعدهما كانت الإمبراطورية الرومانية, وكانت بريطانيا التي لا تغيب عنها الشمس, وذهب كل ذلك واندثر وبقي التاريخ وحده شاهدًا على عدم وعي تلك الأمم والإمبراطوريات بسننه وقوانينه.
وقد يبدو لبعض المتأملين أن الولايات المتحدة الأمريكية بدأت على ذات المنحى تسير, وأنها قاب قوسين أو أدني من الهلاك كما حدث من قبل لعدوها اللدود الاتحاد السوفيتي الذي مُزق كل مُمزق, ولتلك الإمبراطوريات سالفة الذكر.
ولربما نتفق مع هذا التوجه في قرب الولايات المتحدة من الفناء والنهاية كما كان مصير الأمم الهلكى من قبل, ولكننا لا نظن أنها كانت يومًا في ارتفاع وبدأت تنحدر في سلم الأفول والانهيار, إذ أنها منذ صُنعت على أرض الواقع وهي تعاني من الفشل ووُضعت في بذور صنعتها عوامل انهيارها.
فليس أدل على ما نقول وأكثر وضوحًا مما ذكره 'د.صموئيل هنجتون' وهو من المبرزين في مجال التنظير السياسي والواقعي للولايات المتحدة الأمريكية والذي اطلع علينا من قبل بكتاب 'صدام الحضارات'.
يتحدث هنجتون عن 'الهوية الأمريكية' ويشير في كتاب له في هذا الشأن إلى أن أفراد الشعب الأمريكي في حقيقتهم فاقدي الهوية, وإنما يكتسبون انتماءهم للولايات المتحدة من تلك الحروب التي تضعهم في تحد مع الآخرين, ومن دون ذلك سيطل عليهم السؤال الصعب 'من نحن؟' وهو العنوان الذي اختاره المؤلف ووسم به كتابه.
فإلي هذه اللحظة لم يتعرف الأمريكي على نفسه, والمطلوب دائما ألا يفكر في شئ من ذلك, وذلك لان الإجابة ستمثل له كارثة.
فهو الذي اغتصب الأرض من أصحابها, وهو الذي استعبد الناس واسترقهم, وهو ...
فالمطلوب إذن أن يوضع الأمريكي أمام تحد دائم من خلال مجابهة الآخرين, وهو الأمر الذي تراه في حروب أمريكية متنوعة فثمة حرب باردة وأخرى ساخنة وثالثة في مجال الأفكار وغسل العقول...
ولكن ماذا حين تفشل تلك الحروب, لا سيما في بعدها الفكري والتوجيهي؟
فقد دخلت الولايات المتحدة عدة حروب مع عالمنا العربي والإسلامي, حرب في مجال الإعلام والأفكار, وحرب على أفغانستان والعراق في إطار حرب أكبر على 'الإرهاب'.
ولعلنا نلقى الضوء في هذه الكلمات على تلك الحروب, وبالأخص'حرب الأفكار', إذ راحت أمريكا تُقيّم حربها تلك على مشهد من العالم, فما خرجت منها, باعترافها, إلا صفر اليدين, بل وانقلب سحرها عليها, واليك البيان.
نظرة تقييمية للحروب الأمريكية
في تقيمين منفصلين لجهتين أمريكيتين أتضح بما لا يدع مجالاً للشك أن الحروب التي تبنتها الولايات المتحدة تجاه العالمين العربي والإسلامي من أجل حملهما على مسايرة التوجهات الأمريكية, قد باءت بالخسران والفشل, ويمكن التعرض للتقييمين في الصورة التالية:
الخارجية الأمريكية وتقيمها للتجربة الإعلامية 'سوا'
الحرب الأولى التي خاضتها الولايات المتحدة ضد عالمنا العربي والإسلامي بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر كانت من أجل 'غسل العقول' بتوجيه إعلامي يعد العدة لحربي العراق وأفغانستان, ويروج لمشروع الشرق الأوسط الكبير.
ومن ثم ذهبت الولايات المتحدة بعد تلك الأحداث تعد لإطلاق المحطة الإذاعية الأمريكية المعروفة باسم راديو سوا باعتبارها إحدي الأدوات الإعلامية الموجهة للتأثير علي توجهات الجماهير في العالم العربي بشكل مباشر.
وفي مارس من عام 2002 دشنت المحطة, وعقب ذلك بسنتين بشر كبير مفتشي وزارة الخارجية الأمريكية بني قومه بأن سوا فشلت في التأثير علي عقول العرب والمسلمين.
وأكد تقرير المفتش أن المحطة الإذاعية التي تنفق عليها الولايات المتحدة ما يقدر بـ22 مليون دولار سنويًا قد فشلت في مهمتها المتمثلة في تحسين صورة الولايات المتحدة أمام الجماهير العربية والترويج لمبادئها وتسريب أهدافها.
وقد توصل كبير مفتشي وزارة الخارجية إلي رؤيته من خلال تشكيل هيئتين مستقلتين من خبراء اللغة العربية والذين حللوا أسباب الإخفاق, وصاغوها في عدة نقاط لعل أهمها الأتي:
1ـ الفشل في تقديم الولايات المتحدة للمستمع العربي بشكل يؤثر في توجهاته ورؤيته لسياستها الخارجية.
2ـ الإخفاق في تقديم الحوارات والآراء المؤثرة المتعلقة بالسياسات الأمريكية, لاسيما الخارجية منها.
3ـ الأبحاث التي قامت المحطة بإعدادها كانت تركز بشكل دائم علي كم الجماهير, ولكن لم تتطرق إلي قياس مدي تأثير المواد التي يبثها الراديو علي جماهير المستمعين المستهدفين.
4 ـ عدم دقة التقارير التي يبثها راديو سوا خاصة بعد احتجاج عدد من العاملين داخل الراديو علي أن تقارير المراسلين كانت غير محايدة ومنقولة في بعض الأحيان نصًا من مقالات متحيزة منشورة في وسائل الإعلام الأخرى.
5ـ البرامج المخصصة لبث المعلومات تمثل25% فقط من المادة التي يبثها راديو سوا للجماهير, والباقي يتمثل في الموسيقي والأغاني.
6ـ عدم التمسك بتنفيذ السياسة المرسومة سلفًا فيما يتعلق بالترويج لسياسات الولايات المتحدة بشكل واضح ومؤثر.
وزارة الدفاع الأمريكية ورؤيتها لنتائج حربي الأفكار و'الإرهاب'
اعترفت هيئة استشارية تابعة لوزارة الدفاع الأمريكية [البنتاجون] أن الولايات المتحدة تخسر حرب الأفكار في العالمين العربي والإسلامي, وأنها غذت نهج 'المتشددين الإسلاميين' بشنها حربي العراق وأفغانستان.
وورد في التقرير الذي أعدته هيئة علوم الدفاع الأمريكية مجموعة من النقاط الأساسية في هذا المضمار من أهمها:
1ـ أن الحملة الإعلامية أو [حرب الأفكار] أو [صراع القلوب والعقول] مهمه لأي جهد حربي, لاسيما المجهودات الأمريكية التي تعتمد على استراتيجية محورها فصل الغالبية العظمى من المسلمين الذين لا يستخدمون 'العنف' عن 'المسلمين المتشددين' الذين يعتنقون فكر الجهاد.
2ـ الجهود الأمريكية لتحقيق هذه الاستراتيجية لم تخفق فقط في هذا الشأن بل حققت نتائج معاكسة لما أرادته تمامًا.
3ـ أشار التقرير إلى أن كراهية العالم العربي والإسلامي لا تكمن في العداء لمفاهيم 'الحرية الأمريكية', وإنما في السياسية المتبعة حيالهم, مشيرًا إلى أن جهود العلاقات العامة لا يمكنها أن تروج لسياسات خاطئة.
4ـ أوضح التقرير أن التدخل الأمريكي في العالمين العربي والإسلامي, بما في ذلك حربي العراق وأفغانستان, رفع مكانة أعداء أمريكا 'المتشددين', لان الشعوب فهمت التصرفات الأمريكية على أنها تخدم فقط المصالح الأمريكية القومية على حسابهم, وحساب دولهم.
5ـ نصح التقرير بتغيير أسلوب التعامل مع الشعوب العربية والإسلامية, حيث جاء ما نصه:' إذا أردنا حقًا أن نرى العالم الإسلامي ككل والدول الناطقة بالعربية بخاصة تتحرك أكثر صوب فهمنا للوسطية و التسامح فيتعين علينا أن نؤكد للمسلمين أن هذا لا يعني أنه يتعين عليهم الرضوخ للطريقة الأمريكية'.
أمريكا و'الاتجاه المعاكس'
ونحن إذا ما ذهبنا نتأمل حصاد التجربة الأمريكية مع الشعوب العربية والإسلامية في مجال الأفكار و'غسيل الدماغ' توقفنا عند محطتين هامتين في مصر وتركيا.
وحقيقية ما يجعلنا نتوقف عند هاتين الدولتين, أهميتهما بالنسبة للولايات المتحدة, فمصر تعد في معتقد الأمريكيين قاطرة العالم العربي نظرًا لحجم الكثافة البشرية فيها وتزعمها للعالم العربي لسنوات طوال, أما تركيا فهي النموذج الذي ترغب الولايات المتحدة في الترويج له, إذ ترى في التزاوج الديموقراطي الإسلامي ممثلاً في توجهات حزب العدالة أنموذجًا جاهزًا للترويج.
ورغم هذه الأهمية إلا أن الفشل الأكبر للتوجهات الأمريكية كان فيهما:
ـ ففي استطلاع متخصص أجراه معهد زغبي الدولي أتضح أن أعلي نسبة عدم تفضيل لسياسات أمريكا في العالم كانت في مصر [ 98%].
ـ أما عن تركيا فقد أعربت الولايات المتحدة عن قلقها من تنامي مشاعر العداء لها بين أفراد الشعب التركي, حيث أبلغ السفير الأمريكي في أنقرة 'اريك اديلمان' وزير الخارجية التركي عبدالله جول أن متاجر ومطاعم تركية تعلق على أبوابها لافتات كتب عليها 'ممنوع دخول الأمريكيين'.
وأوضح أن بعض الباعة رفضوا التعامل مع بعض أقاربه بعدما تبين أنهم أمريكيون.
وأخيرًا
يبدو أن الرهان الذي اعتمدته الولايات المتحدة على تغريب الشعوب العربية المسلمة لتسهيل إخضاعها وتركيعها, كان راهنًا فاشلاً, فما زالت الشعوب تحمل الوعي والهوية التي عليها تتحطم الآمال الأمريكية وإن أراد القوم غير ذلك.
أعده للمفكرة : عصـام زيدان
cc
وماذا بعد حربها مع الشعوب؟
تقارير رئيسية :عام :الخميس 18 ذي القعدة 1425هـ - 30 ديسمبر 2004 م
نظرة تقييمية لنتائج الحروب الأمريكية!!
مفكرة الإسلام: كانت الدولة للروم والفرس ولكنهما حادتا عن السنن التي تحفظ لهما دولتهما فدخلتا التاريخ من باب 'كان', ومن بعدهما كانت الإمبراطورية الرومانية, وكانت بريطانيا التي لا تغيب عنها الشمس, وذهب كل ذلك واندثر وبقي التاريخ وحده شاهدًا على عدم وعي تلك الأمم والإمبراطوريات بسننه وقوانينه.
وقد يبدو لبعض المتأملين أن الولايات المتحدة الأمريكية بدأت على ذات المنحى تسير, وأنها قاب قوسين أو أدني من الهلاك كما حدث من قبل لعدوها اللدود الاتحاد السوفيتي الذي مُزق كل مُمزق, ولتلك الإمبراطوريات سالفة الذكر.
ولربما نتفق مع هذا التوجه في قرب الولايات المتحدة من الفناء والنهاية كما كان مصير الأمم الهلكى من قبل, ولكننا لا نظن أنها كانت يومًا في ارتفاع وبدأت تنحدر في سلم الأفول والانهيار, إذ أنها منذ صُنعت على أرض الواقع وهي تعاني من الفشل ووُضعت في بذور صنعتها عوامل انهيارها.
فليس أدل على ما نقول وأكثر وضوحًا مما ذكره 'د.صموئيل هنجتون' وهو من المبرزين في مجال التنظير السياسي والواقعي للولايات المتحدة الأمريكية والذي اطلع علينا من قبل بكتاب 'صدام الحضارات'.
يتحدث هنجتون عن 'الهوية الأمريكية' ويشير في كتاب له في هذا الشأن إلى أن أفراد الشعب الأمريكي في حقيقتهم فاقدي الهوية, وإنما يكتسبون انتماءهم للولايات المتحدة من تلك الحروب التي تضعهم في تحد مع الآخرين, ومن دون ذلك سيطل عليهم السؤال الصعب 'من نحن؟' وهو العنوان الذي اختاره المؤلف ووسم به كتابه.
فإلي هذه اللحظة لم يتعرف الأمريكي على نفسه, والمطلوب دائما ألا يفكر في شئ من ذلك, وذلك لان الإجابة ستمثل له كارثة.
فهو الذي اغتصب الأرض من أصحابها, وهو الذي استعبد الناس واسترقهم, وهو ...
فالمطلوب إذن أن يوضع الأمريكي أمام تحد دائم من خلال مجابهة الآخرين, وهو الأمر الذي تراه في حروب أمريكية متنوعة فثمة حرب باردة وأخرى ساخنة وثالثة في مجال الأفكار وغسل العقول...
ولكن ماذا حين تفشل تلك الحروب, لا سيما في بعدها الفكري والتوجيهي؟
فقد دخلت الولايات المتحدة عدة حروب مع عالمنا العربي والإسلامي, حرب في مجال الإعلام والأفكار, وحرب على أفغانستان والعراق في إطار حرب أكبر على 'الإرهاب'.
ولعلنا نلقى الضوء في هذه الكلمات على تلك الحروب, وبالأخص'حرب الأفكار', إذ راحت أمريكا تُقيّم حربها تلك على مشهد من العالم, فما خرجت منها, باعترافها, إلا صفر اليدين, بل وانقلب سحرها عليها, واليك البيان.
نظرة تقييمية للحروب الأمريكية
في تقيمين منفصلين لجهتين أمريكيتين أتضح بما لا يدع مجالاً للشك أن الحروب التي تبنتها الولايات المتحدة تجاه العالمين العربي والإسلامي من أجل حملهما على مسايرة التوجهات الأمريكية, قد باءت بالخسران والفشل, ويمكن التعرض للتقييمين في الصورة التالية:
الخارجية الأمريكية وتقيمها للتجربة الإعلامية 'سوا'
الحرب الأولى التي خاضتها الولايات المتحدة ضد عالمنا العربي والإسلامي بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر كانت من أجل 'غسل العقول' بتوجيه إعلامي يعد العدة لحربي العراق وأفغانستان, ويروج لمشروع الشرق الأوسط الكبير.
ومن ثم ذهبت الولايات المتحدة بعد تلك الأحداث تعد لإطلاق المحطة الإذاعية الأمريكية المعروفة باسم راديو سوا باعتبارها إحدي الأدوات الإعلامية الموجهة للتأثير علي توجهات الجماهير في العالم العربي بشكل مباشر.
وفي مارس من عام 2002 دشنت المحطة, وعقب ذلك بسنتين بشر كبير مفتشي وزارة الخارجية الأمريكية بني قومه بأن سوا فشلت في التأثير علي عقول العرب والمسلمين.
وأكد تقرير المفتش أن المحطة الإذاعية التي تنفق عليها الولايات المتحدة ما يقدر بـ22 مليون دولار سنويًا قد فشلت في مهمتها المتمثلة في تحسين صورة الولايات المتحدة أمام الجماهير العربية والترويج لمبادئها وتسريب أهدافها.
وقد توصل كبير مفتشي وزارة الخارجية إلي رؤيته من خلال تشكيل هيئتين مستقلتين من خبراء اللغة العربية والذين حللوا أسباب الإخفاق, وصاغوها في عدة نقاط لعل أهمها الأتي:
1ـ الفشل في تقديم الولايات المتحدة للمستمع العربي بشكل يؤثر في توجهاته ورؤيته لسياستها الخارجية.
2ـ الإخفاق في تقديم الحوارات والآراء المؤثرة المتعلقة بالسياسات الأمريكية, لاسيما الخارجية منها.
3ـ الأبحاث التي قامت المحطة بإعدادها كانت تركز بشكل دائم علي كم الجماهير, ولكن لم تتطرق إلي قياس مدي تأثير المواد التي يبثها الراديو علي جماهير المستمعين المستهدفين.
4 ـ عدم دقة التقارير التي يبثها راديو سوا خاصة بعد احتجاج عدد من العاملين داخل الراديو علي أن تقارير المراسلين كانت غير محايدة ومنقولة في بعض الأحيان نصًا من مقالات متحيزة منشورة في وسائل الإعلام الأخرى.
5ـ البرامج المخصصة لبث المعلومات تمثل25% فقط من المادة التي يبثها راديو سوا للجماهير, والباقي يتمثل في الموسيقي والأغاني.
6ـ عدم التمسك بتنفيذ السياسة المرسومة سلفًا فيما يتعلق بالترويج لسياسات الولايات المتحدة بشكل واضح ومؤثر.
وزارة الدفاع الأمريكية ورؤيتها لنتائج حربي الأفكار و'الإرهاب'
اعترفت هيئة استشارية تابعة لوزارة الدفاع الأمريكية [البنتاجون] أن الولايات المتحدة تخسر حرب الأفكار في العالمين العربي والإسلامي, وأنها غذت نهج 'المتشددين الإسلاميين' بشنها حربي العراق وأفغانستان.
وورد في التقرير الذي أعدته هيئة علوم الدفاع الأمريكية مجموعة من النقاط الأساسية في هذا المضمار من أهمها:
1ـ أن الحملة الإعلامية أو [حرب الأفكار] أو [صراع القلوب والعقول] مهمه لأي جهد حربي, لاسيما المجهودات الأمريكية التي تعتمد على استراتيجية محورها فصل الغالبية العظمى من المسلمين الذين لا يستخدمون 'العنف' عن 'المسلمين المتشددين' الذين يعتنقون فكر الجهاد.
2ـ الجهود الأمريكية لتحقيق هذه الاستراتيجية لم تخفق فقط في هذا الشأن بل حققت نتائج معاكسة لما أرادته تمامًا.
3ـ أشار التقرير إلى أن كراهية العالم العربي والإسلامي لا تكمن في العداء لمفاهيم 'الحرية الأمريكية', وإنما في السياسية المتبعة حيالهم, مشيرًا إلى أن جهود العلاقات العامة لا يمكنها أن تروج لسياسات خاطئة.
4ـ أوضح التقرير أن التدخل الأمريكي في العالمين العربي والإسلامي, بما في ذلك حربي العراق وأفغانستان, رفع مكانة أعداء أمريكا 'المتشددين', لان الشعوب فهمت التصرفات الأمريكية على أنها تخدم فقط المصالح الأمريكية القومية على حسابهم, وحساب دولهم.
5ـ نصح التقرير بتغيير أسلوب التعامل مع الشعوب العربية والإسلامية, حيث جاء ما نصه:' إذا أردنا حقًا أن نرى العالم الإسلامي ككل والدول الناطقة بالعربية بخاصة تتحرك أكثر صوب فهمنا للوسطية و التسامح فيتعين علينا أن نؤكد للمسلمين أن هذا لا يعني أنه يتعين عليهم الرضوخ للطريقة الأمريكية'.
أمريكا و'الاتجاه المعاكس'
ونحن إذا ما ذهبنا نتأمل حصاد التجربة الأمريكية مع الشعوب العربية والإسلامية في مجال الأفكار و'غسيل الدماغ' توقفنا عند محطتين هامتين في مصر وتركيا.
وحقيقية ما يجعلنا نتوقف عند هاتين الدولتين, أهميتهما بالنسبة للولايات المتحدة, فمصر تعد في معتقد الأمريكيين قاطرة العالم العربي نظرًا لحجم الكثافة البشرية فيها وتزعمها للعالم العربي لسنوات طوال, أما تركيا فهي النموذج الذي ترغب الولايات المتحدة في الترويج له, إذ ترى في التزاوج الديموقراطي الإسلامي ممثلاً في توجهات حزب العدالة أنموذجًا جاهزًا للترويج.
ورغم هذه الأهمية إلا أن الفشل الأكبر للتوجهات الأمريكية كان فيهما:
ـ ففي استطلاع متخصص أجراه معهد زغبي الدولي أتضح أن أعلي نسبة عدم تفضيل لسياسات أمريكا في العالم كانت في مصر [ 98%].
ـ أما عن تركيا فقد أعربت الولايات المتحدة عن قلقها من تنامي مشاعر العداء لها بين أفراد الشعب التركي, حيث أبلغ السفير الأمريكي في أنقرة 'اريك اديلمان' وزير الخارجية التركي عبدالله جول أن متاجر ومطاعم تركية تعلق على أبوابها لافتات كتب عليها 'ممنوع دخول الأمريكيين'.
وأوضح أن بعض الباعة رفضوا التعامل مع بعض أقاربه بعدما تبين أنهم أمريكيون.
وأخيرًا
يبدو أن الرهان الذي اعتمدته الولايات المتحدة على تغريب الشعوب العربية المسلمة لتسهيل إخضاعها وتركيعها, كان راهنًا فاشلاً, فما زالت الشعوب تحمل الوعي والهوية التي عليها تتحطم الآمال الأمريكية وإن أراد القوم غير ذلك.
أعده للمفكرة : عصـام زيدان
cc