المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المخطط الأمريكي للسيطرة على منابع النفط - أرجو التثبيت



ali2004
31-12-2004, 11:40 AM
المقدمة
النفط عماد الحياة في الولايات المتحدة الأمريكية وهو نقطة الضعف التي تخشى أن تؤتي من قبلها ولذلك قامت امبراطورية المؤسسات.
أن اجمالي الاحتياطيات الأمريكية من النفط لا يتجاوز 21 مليار برميل في الوقت الراهن، في حين يبلغ الاستهلاك الأمريكي الصافي نحو 17 مليون برميل يوميا، وهذا يعني أن كل الاحتياطيات الأمريكية من النفط يمكن أن تنفد خلال ما يقل عن ثلاثة أعوام ونصف العام فقط لو اعتمدت الولايات المتحدة على نفطها كليا.
وهذا بالتالي ما جعل من عمليلة استيراد النفط مسألة بقاء للولايات المتحدة وهو ما حرك امبراطورية الشر الجديد إلى حياكة المخططات بل وتنفيذها على الفور بلا أي تأخير أو تردد للسيطرة على منابع هذا الذهب الأسود وعليه بلغت الواردات النفطية الصافية للولايات المتحدة نحو 8,10 ملايين برميل يوميا في المتوسط في عام 2001 في حين يدور حجم الانتاج الأمريكي من النفط حول مستوى 6 ملايين برميل يوميا، وإذا إستمر هذا المستوى من الانتاج فإن الاحتياطيات الأمريكية سوف تنتهي بعد ما يقل عن عشرة أعوام لتصبح بذلك معتمدة على استيراد النفط بشكل كامل.
ويضرب الجشع للنفط وأمواله اطنابة عبر اللوبي النفطي الذي اختطف مقاليد الأمور في البيت الأبيض فالرئيس الأمريكي جورج بوش عمل موظفا كبيرا في شركة «بترول ارويوستوبوش اكسبلوريسشن» من سنة 1978 الى سنة 1984، وكان موظفا كبيرا في شركة بترول «هاركن» منذ سنة 1986 الى سنة 1990.
وكان ديك تشيني بدوره مديرا عاما لشركة بترول «هاليبورتون» من سنة 1995 الى سنة 2000 ، أما كوندوليزا رايس فكانت موظفة كبيرة في شركة شيفرون للبترول من سنة 1991 الى سنة 2000 .. والقائمة طويلة.
وقد دفعت كل التلويحات من جانب صقور الولايات المتحدة ، بتهديد دول وضرب دول واحتلال أخرى ، وتدبير الانقلابات ضد دول أخرى ، وهو ما حدا بي لورانس ليندساي كبير المستشارين الاقتصاديين السابق للرئيس الأمريكي إلى أن يقول قبيل الغزو الأمريكي للعراق " إن النفط هو الهدف الرئيسي لأي هجوم أمريكي على العراق وان التأثيرات السلبية والتكلفة الاقتصادية لأي عمل عسكري ضد العراق ستكون بسيطة للغاية مقارنة بالمزايا الاقتصادية المرجوة في حالة نجاح الحرب ".
وقد انتقلت المخططات الأمريكية من الورق إلى الأرض وتحركت العلامات والإشارات على الخريطة النفطية العالمية لترى يد أمريكا تعمل هناك أما في المواجهة وبشكل علني لحماية هذا الكنز ، أو من خلف ستار حيث تفوح رائحتها.
الهجمة على الذهب الأسود الأفريقي كان في صدارة الإستراتجية الجديدة في تعامل واشنطن مع القارة السمراء وخاصة الدول النفطية في الصحراء الجنوبية الأفريقية وقد قال والتر كانشتاينر، مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الأفريقية " إن نفط القارة السوداء بات يشكل مصلحة قومية استراتيجية بالنسبة الى الولايات المتحدة ".
ووصلت قاطرة المخططات إلى نيجيريا المنتج الأول للنفط في أفريقيا و التي تحتل المركز الخامس في قائمة الدول المصدرة للنفط لأمريكا، ولتستحوذ الشركات الأمريكية على أكثر من 7.4 مليار دولار من الاستثمارات في القطاع النفطي النيجيري ، التي تنتج نحو 2 مليون برميل يوميا ، يتوجه نصفها إلى الولايات المتحدة.
وبعد نيجيريا وصلت القاطرة المخططات الأمريكية برؤيتها الجديدة إلى "أنجولا " بعد 25 عاماًَ من دعم الولايات المتحدة للحروب الأهلية التي مزقت تلك الدولة الفقيرة والتجاهل حتى عن إثارتها على المستوى الدولي حيث سال لعاب الكلب الأمريكي بعد أن تضاعف إنتاج انجولا من النفط ليصل إلى 750 ألف برميل في اليوم ، وهو ما عصابة النفط في البيت الأبيض تضغط لإنهاء التمرد التي تدعمه وتقدم له السلاح وأجبرت المتمردين للجلوس على مائدة التفاوض .
وتوقفت المخططات اللوبي النفطي في غينيا "الكويت الأفريقية" بعد أن زاد إنتاجها من النفط الخام بنسبة 70 %في العام 2001 وإعلان أمتلاكها احتياطي يقدر بـ بملياري برميل أسرعت الولايات المتحدة لإعادة فتح سفارتها في غينيا الاستوائية .
وقد دخلت السودان بقوة في جراب الحاوي الأمريكي خاصة خلال في العامين الماضيين لسوق النفط الأفريقي ، بطاقة إنتاجية قفزت من 160 ألف برميل عام 2000 إلى 250 ألف برميل يوميا في العام الماضي ، مما جعله يحتل المرتبة الرابعة أفريقيا وهذا كان كافيا لتغيير الموقف الأمريكي تجاه الخرطوم بشكل شبه كامل ، بل أن واشنطن تجاهلت ضغوط الجماعات المسيحية اليمينية المطالبة بموقف متشدد تجاه الحكومة السودانية ، لصالح جماعات الضغط النفطية .
ثم هبط الطراد الأمريكي بمخططاته فوق بحر النفط في قزوين ولكن هذه المخططات لم تدخل المطبخ ، إلا أن عملية تمهيد الساحة هي التي تجري حالياً.
وفي أمريكا اللاتينية حيث يمسك أذرع الإخطبوط الأمريكي بتلابيب الضعفاء من جيرانها وفي فنزويلا بالتحديد حيث تدعم الولايات المتحدة التمرد في فنزويلا ، وتعمل على اسقاط رئيسها لما تحتله فنزويلا من منزلة متميزة داخل أوبك، وتمتلك من احتياطيات الزيت المؤكدة في نهاية 2001 نحو 78 مليار برميل، أو ما يعادل 7.4% من الاحتياطيات العالمية.
وبعد أن أعلنت شركة " اكوبترول " الوطنية الكولومبية مؤخراً عن اكتشاف حقلا نفطيا كبيرا قد يكون الأكبر في تاريخ كولومبيا في الآونة الأخيرة ويحتوي هذا الحقل على 200 مليون برميل. تحاول اذرع الإخطبوط الأمريكي السيطرة على الوضع المتقلب فيها بسبب سيطرة المعارضة اليسارية المسلحة ، وعصابات المافيا على مناطق استراتيجية ونفطية هامة.
وغير ذلك الكثير في جراب الحاوي الأمريكي الذي تجده خلف كل بقعة تحتوي على قطرات الذهب الأسود في العالم .
ويكشف هذا الملف بعض من المخططات الأمريكية للسيطرة على منابع النفط في العالم وفق المحاور التالية:

المحور الأول البترول من الناحية التاريخية والاقتصادية
تؤكد المراجع أن أصل النفط يرجع إلى نحو 300 مليون سنة من كائنات عضوية طمرت تحت سطح الأرض وتحت قيعان البحار تعرضت لضغوط عالية ودرجات حرارة مرتفعة أدت إلى تحولها إلى سائل غليظ هو النفط . وقد عرفت الحضارات القديمة النفط من خلال ما طفا منه على سطح الأرض ،وظل استعمال النفط على الاستعمالات البدائية الى أن تم التوصل الى طرق استخراجه من باطن الأرض على الشكل الذي يستخرج به في منتصف القرن التاسع عشر في الولايات المتحدة الأمريكية وقد أدى استخراج النفط واستعماله لتغيير موازين القوة في العالم اكتشاف .
أول بئر النفط
تم حفر أول بئر نفط في أراضى الولايات المتحدة في عام 1859 وكانت بئر (جون درايك) الأمريكي أول بئر بترولية في العالم. وكان إنتاج البترول ينحصر في بعض الولايات الأمريكية 1862 وقد ساعدت الأنظمة الأمريكية على زيادة الإنتاج من حوالي ثلاثة ملايين برميل 1862 إلى أربعين مليون برميل عام (1882) وكانت المنتجات الأمريكية البترولية أول صادرات أمريكا الصناعية وفي عام 1870 شكل جون روكفلر شركته المعروفة باسم ستاندر أويل (أوهايو) التي لعبت دوراً رئيسياً في صناعة البترول بعد أن تحول اسمها إلى ستاندر أويل (نيوجرسي) ثم أنشئت شركات ستاندر في ولايات أخرى.
وبذلك الاكتشاف تقدمت أمريكا على الإمبراطورية البريطانية والهولندية التام كانتا أول من بدأ بالتنقيب لاستخراج النفط من مستعمراتهما في شرق آسيا و في اندونيسيا وبورما من أجل ذلك أسست بريطانيا شركة النفط البورمية ، إلا أن الإنتاج لم يبدأ إلا في القرن التالي ،وظلت بريطانيا تعتمد في توليد الطاقة على الفحم الحجري ، وعلى ما تستورده من نفط من الولايات المتحدة.
وكان اكتشاف النفط أحدث ثورة في مجال الطاقة ،وهو احد الأسباب الأساسية في تصارع القوى الأوروبية على السيطرة على منطقة العالم والاسلامى التي تضم الأراضي العربية والأراضي الإيرانية وغيرها ، والتي تأكد وجود مخزون هائل من النفط فيها ، وحصلت ألمانيا في عام 1903 على امتياز من الخلافة العثمانية عن حق التنقيب واستثمار الثروات الطبيعية في الأراضي المحيطة لخط برلين - بغداد إلا أن بريطانيا ما لبثت في عام 1911 أن سلخت الكويت عن الخلافة الإسلامية بعد أن وقعت على حق التنقيب عن النفط في أراضيها. وبعد أن تدفقت شلالات النفط في المنطقة العربية بدأت الشركات الاستعمارية الغربية مدعومة من بلادها في الهجمة على ثروات هذه الشعوب من الذهب الأسود في عام 1901 تغلب الإنتاج الروسي على الإنتاج الأمريكي حيث بلغ الإنتاج 12 مليون طن والواقع أنه منذ عام 1884 تمكنت صناعة البترول الروسية من سد الاحتياجات المحلية وأخذت تغزو أسواق غرب أوروبا بتصدير فائض الكيروسين وزيوت التشحيم إليها. وبعد أن ألغت الحكومة الروسية عام 1877 رسوم الإنتاج على البترول الخام أصبح باستطاعة الكيروسين الروسي منافسة الكيروسين الأمريكي في الأسواق الخارجية.‏ ففي عام 1897 تأسست في لندن شركة بتمويل من مؤسسة روتشيلد باربز وكانت شركة صمويل البريطانية نواة هذه الشركة التي سميت شركة شل للتجارة والنقل.
وقد حصلت هذه الشركة على امتيازات للتنقيب عن خامات البترول في جزر الهند الشرقية التي كانت تخضع للسيطرة الهولندية. وفي عام 1910 تكونت شركة أخرى باسم الشركة الهولندية الملكية وتقوم هي الأخرى بإنتاج البترول الخام من جزر الهند الشرقية (إندونيسيا حالياً). ولمواجهة منافسة شركة ستاندرد في أسواق الشرق اتفقت الشركتان شركة شل والهولندية الملكية على الاندماج جزئياً في عام 1903 ثم انتهى الأمر باندماج الشركتين اندماجاً كلياً عام 1907 حيث تأسست الشركة الملكية الهولندية (شل) التي أصبحت فيما بعد أكبر منافس لمجموعة ستاندرد . كما أصبحت من كبريات شركات البترول العالمية ولها مركزان رئيسيان في لندن وأمستردام. وقد تمت عمليات التوحيد هذه على مراحل ولعب فيها الثري الأرمني (غولبنكيان) دوراً هاماً في هذا الدمج.
وقد سيطرت هذه الشركة على إنتاج البترول الخام في جزر الهند الشرقية حتى عام 1912 حينما تمكنت شركة ستاندرد من الحصول على امتياز التنقيب في سومطرا. ولم تتمكن ستاندرد من ذلك إلا نتيجة للاتفاقية التي تمت في عام 1911 بين الشركتين ستاندرأويل وشل والتي نظمت علاقة الشركتين في آسيا إثر حرب الأسعار التي نشبت بينها في أسواق الصين عام 1909.
وشركة ستاندرد في الواقع هي الوحيدة بين الشركات الأمريكية والعالمية التي كانت تعتمد على الاحتياطيات البترولية الضخمة في بلادها (الولايات المتحدة)، ولذلك لم تكن تشعر إلزامياً بحاجتها للحصول على مصادر إنتاج أجنبية. أما شركة شل فلا ركيزة لها في بلادها واعتمادها كله على المصادر الخارجية. لذلك ركزت جهودها هي وشركة البترول البريطانية بريش بتروليوم التي سيمر ذكرها فيما بعد على الأسواق الخارجية ولكن بعد الحرب العالمية الأولى –كما ذكرنا- وحاجة أمريكا للبترول لسد النقص المتزايد في احتياطها تهتم بالاستثمارات البترولية في كافة أنحاء المعمورة. وحصلت على العمل في السعودية ثم وضعت يدها على المنطقة العربية والخليج وفيها أكبر مخازن البترول في العالم عن طريق "الأرامكو".
‏ أما الشركة الثالثة الكبرى في تاريخ صناعة البترول والتي لعبت دوراً رئيسياً في حياة الخليج والمناطق حوله فكانت شركة بريطانية خالصة وهي شركة (برتش بتروليوم) ب ب B.b وعندما تأسست في فارس أطلق عليها شركة الأنكلو برسيان أي الشركة الإنكليزية الفارسية ثم عدل ليكون الشركة الإنكليزية الإيرانية (إنكلو إيرانيان) ويمكن اعتبار يوم 14 نيسان عام 1901 و هو مولد هذه الشركة B.b تطوراً هاماً في صناعة البترول التي كانت حتى ذلك الوقت صناعة أمريكية بحتة. وكانت أوروبا تستورد احتياجاتها من الولايات المتحدة، إلى أن دخل المحرك الصناعي ميدان العمل فبدأ اهتمام رجال الأعمال البريطانيون يتجه نحو البترول. وخلال نصف قرن من الزمن أصبحت هذه الشركة إحدى دعائم العالم الرأسمالي المعاصر حتى تاريخ تأميمها عام 1951.
ومنذ أن تحولت إلى شركة البترول البريطانية (ب.ب B.b) أسهمت في أربع أو خمس شركات بترولية عاملة في الشرق الأوسط ولا تزال تعتبر إحدى دعائم الدخل القومي البريطاني.‏ وقد وجه نشاط هذه الشركة نحو منطقة الخليج العربي بسبب ما كان لدى بريطانيا من قوة ونفوذ في تلك المنطقة فقد استطاعت سابقاً بعد مجهودات ضخمة وخلال فترة زمنية ليست قصيرة إبعاد كل منافسة دولية لها هناك كما رأينا وكانت الضرورات التجارية تحتم على البريطانيين الإبقاء على نفوذهم قوياً دائماً، ثم كانت الحاجة الماسة للمحافظة على طريق الهند الشغل الشاغل لسياسة بريطانيا الخارجية.‏ وبعد أن استعرت الشركات الاستعمارية الغربية في السيطرة على منابع النفط بدأت في تنسيق الحركات فيما بينهم بعد أن وقعت العديد من الصادمات والاختلافات بين العديد من الدول الاستعمارية الغربية وبالفعل قامت هذه الشركات بوضع ما أسموه دستور البترول وكانت من أهم المبادئ التي تضمنها دستور البترول أو " اتفاق أشناكاري" :
1 - تقسيم مناطق الاستغلال والأسواق البترولية بين الشركات المستثمرة، وتجميد المركز الدولي لها في علاقاتها مع بعضها البعض، بمعنى أن لا يتم توسعها في المستقبل إلاَّ بنسب معينة على أساس مقدار أعمالها وقت إبرام الاتفاق.
2- وضع طريقة لتحديد وتوحيد سعر البترول في العالم أجمع، على أساس سعر البترول في خليج المكسيك.

يتبع.....

ali2004
31-12-2004, 11:43 AM
المحور الثاني خريطة البترول في العالم
لا يستقيم الحديث عن المخططات الأمريكية للسيطرة على منابع النفط في العالم خاصة في إطار الصراع الدولي وظهور عدد من الأقطاب الدولية المحتملة لمنافسة الولايات المتحدة الأمريكية وعلى أرسها الصين . وتزداد أهمية خريطة النفط في العالم لتوضيح منابع النفط ونوعية النفط المستخرج وطبيعة الأرض وغيرها من العوامل التي تحدد أهمية هذه المنطقة ، بالإضافة إلى أنها نرسم لنا الدول المستهلكة للنفط ومعادلات استهلاكها باعتبار ذلك أحد العوامل التي تتدخل في إدارة الصراع من أجل السيطرة عل منابع النفط .
وبشكل عام ، فان المخزون النفطي العالمي المؤكد كان يقدر في عام 1970 بنحو 546 مليار برميل بينما قدر الاحتياطي غير المؤكد بنحو 900 مليار . وفي عام 1994 قدر المخزون المؤكد بنحو 817 مليار بينما وصلت تقديرات عام 1996 للمخزون المؤكد الى نحو 965 مليار برميل ، بل أن هناك بعض الأوساط التي تقدر الاحتياطي بعيد الأمد للنفط في العالم بأكثر من ثلاثة ترليونات برميل.
والجدير بالذكر أن تقديرات عام 1970 لم تكن تشمل مخزونات الاتحاد السوفيتي، في حين شملت التقديرات اللاحقة كلا من روسيا ودول القوقاز وقزوين . وقد أكد العديد من مراكز الأبحاث الدولية أن الطلب العالمي علي البترول سوف ينمو باطراد بمعدل‏2%‏ سنويا خلال الفترة الممتدة من عام‏2000‏ حتي عام‏2020‏ بذلك فالاستهلاك العالمي من البترول‏,‏ من المتوقع أن يبلغ نحو‏115‏ مليون برميل‏ ‏يوميا عام‏2020‏ بعد أن كان عام‏2000‏ يقتصر علي‏74‏ مليون برميل‏ ‏يوميا أي أن معدل الزيادة سوف يكون في حدود‏41‏ مليون برميل‏,‏ الأمر الذي يعني أن معدل الطلب العالمي علي البترول سوف يزداد قبل بلوغ الربع الأول من القرن الحادي والعشرين بما يقارب‏55%.
‏ وتشير الدراسات إلي أن هناك‏6‏ دول فقط من دول الأوبك هي التي سوف يكون في مقدورها زيادة إنتاجها بمعدل‏43%‏ بحلول عام‏2020‏ وهذه الدول هي السعودية والإمارات والكويت والعراق وإيران وفنزويلا‏,‏ ومن منطلق أن التحليل الجيو سياسي يعني إلي حد كبير بتحليل التوظيف السياسي للموارد‏,‏ يمكن التأكيد بأنه في خلال ربع القرن القادم سوف ينحصر مثلث النفوذ البترولي من حيث الدول‏(‏ فرادي لا كمنظمات‏),‏ في السعودية كأول منتج ومصدر بترولي علي مستوي العالم‏(8,7‏ مليون برميل‏ ‏يوميا بتقديرات‏2003),‏ ثم يجيء العراق كثاني احتياطي عالمي بعد السعودية‏ ، وروسيا‏(8,3‏ مليون برميل‏ ‏ يوميا‏. وبقراءة متأنية لخريطة النفط يتبين أن منطقة الخليج العربي هي أغني وأرخص وأنقى أنواع البترول بالإضافة إلى المخزون الإستراتيجي المرتفع في العالم وخاصة في السعودية ، والعراق . أما منطقة شرق آسيا تعتبر فقيرة بالنفط بينما تعتبر منطقة وسط وغرب آسيا غنية به يتضح أن أوروبا بشكل عام فقيرة بالنفط بينما يوجد النفط في أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية . أما في إفريقيا فالنفط موجود في شمالها ووسطها ويكاد يكون جنوبها فقيرا بالنفط .
وهناك تقديرات لنسب المخزون المؤكد في مختلف مناطق العالم على النحو الأتي : شرق آسيا والمحيط الهادي : 4% ، الخليج العربي الإسلامي : 65% ، أوروبا : 9% ، إفريقيا 6% ، أمريكا الشمالية : 4% ، أمريكا الجنوبية 12% .
ويمكن إلقاء الضوء على خريطة البترول لقارات العالم كما يلي :
آسيا
أن هذه النسب التي أوردتها بعض الشركات النفطية ، لا تدرج مخزون الاتحاد السوفيتي السابق ، نظراً لعدم توفر المعلومات المؤكدة عن مخزونه، غير أن انهيار الاتحاد السوفيتي ، وانفتاح المعلومات عن مخزونه بدرجة ما ومخزون الدول المستقلة المطلة على بحر قزوين ، قد غير النسب تغيراً ملحوظاً.
فالتقديرات الحالية لحجم المخزون المؤكد لنفط دول بحر قزوين تفترض وجود نسبة 75% في دول بحر قزوين والخليج العربي ، الأمر الذي يجعل إمكانية تقدير المخزون المؤكد لمختلف مناطق العالم ، بما فيها روسيا ، بنحو 25% فقط . ويعتقد بان حقول سيبيريا تضم كميات هائلة من النفط ، غير أنها تندرج ضمن تخمينات الاحتياطي المحتمل وغير المؤكد ، وذلك لسببين ، أولهما أن الاتحاد السوفيتي السابق ، لم يكن ينشر المعلومات المتوفرة لديه أن توفرت ، حول هذا الاحتياطي .
والثاني هو أن عمليات التنقيب والاستخراج من تلك الحقول تتطلب أموالا هائلة لم تكن متوفرة لدى الاتحاد السوفيتي السابق ولا لدى روسيا الآن . أما نفط بحر قزوين الذي يعد خليجا ثانيا بما يحمله من ثروات نفطية، لكن المشكلة انه يرتبط بأوضاع بالغة التعقيد في منطقة وسط آسيا، ويتطلب الحصول عليه مد خطوط أنابيب جنوبا عبر إيران أو باكستان أو أفغانستان، أو غربا عبر تركيا وروسيا، الأمر الذي يضع ضغوطا أمنية واستراتيجية كبيرة على الإدارة الأمريكية، ويزيد من اعتمادها على مناطق قريبة من نفوذ روسيا. وتقع الصين في منطقة شرق آسيا فقيرة نسبيا بالنفط ، حيث أنها لم تتمكن حتى الوقت الراهن من إنتاج أكثر من ثلاثة ملايين برميل في اليوم ، وتستورد حالياً نحو نصف مليون برميل وتكاد تكون اندونيسيا هي الدولة الوحيدة الغنية نسبياً بالنفط والغاز في الوقت الراهن ، وذلك الى جانب سلطنة بروناي، وبعض الكميات المتواضعة في بورما وماليزيا واستراليا أما الهند ، فهي لم تتمكن حتى الآن من إنتاج سوى مليون ونصف المليون برميل يوميا وتستورد نحو ثلثي احتياجاتها.
أن المعلومات تشير الى أن احتمال نفاذ مخزون اندونيسيا المؤكد من النفط بعد نحو 9 سنوات ، ونفاذ مخزون الصين بعد نحو 20 عاما، ما لم يتم صرف العديد من مليارات الدولارات للتنقيب ومحاولة الاستخراج ، الأمر الذي يجعل الاستيراد ارخص تكلفة. أن الدول الواعدة بالتحول الى قوى عالمية بدرجة أو أخرى في شرق آسيا هما الصين والهند وستحتاج هاتان الدولتان الى استيراد كميات هائلة من النفط في المستقبل القريب .
أوروبا
وتشكل أوروبا أكثر المناطق فقراً في العالم بالنسبة للنفط وفي غرب أوروبا تكاد تكون النرويج ، ثم بريطانيا منذ اكتشاف نفط بحر الشمال قبل نحو 25 عاماً ، هما الدولتان الوحيدتان اللتان لديهما ما يكفي حالياً لاكتفائها الذاتي ، بينما تصدر النرويج جزءا من نفطها . غير أن مخزونها المؤكد ضئيل والاحتياطي شبه المؤكد لبحر الشمال لا يتجاوز 50 مليار برميل.أما في دول شرق أوروبا فكانت رومانيا هي الدولة الوحيدة التي لديها ثروة نفطية غير كبيرة.
هذا بالإضافة إلى أن بريطانيا ستتحول الى دولة مستوردة للنفط بشكل كامل قبل نهاية العقد الأول من القرن الحالي وهو ما قد يفسر بعض الشئ من انسياق بلير وراء مخططات بوش .
الخليج العربي
أما الخليج العربي الإسلامي ، فهو المنطقة الأغنى بالنفط في العالم ودون منازع، حيث يتراوح المخزون المؤكد وشبه المؤكد بين 70 مليار و 800 مليار برميل دولً المنطقة غنية جداً بالنفط هي إيران والعراق والعربية السعودية والكويت والأمارات العربية ، وإن النفطيين يؤكدون أن العراق يمتلك ثاني أكبر احتياطي للنفط في العالم بعد العربية السعودية إن لم يكن الأول حسب تقديرات أخرى،وإيران هي صاحبة خامس أكبر احتياطي للنفط في العالم (90 مليار برميل تمثل ثمانية ونصف بالمائة من الاحتياطي العالمي) تاليه للإمارات (98 مليار برميل بنسبة 3,9%) والكويت (5,96 مليار برميل بنسبة 2,9%) من الاحتياطيات العالمية المؤكدة.
ودولاً ذات كميات متواضعة مثل عمان وقطر التي يوشك نفطها على النفاذ والتي يوجد لديها مخزون كبير من الغاز لم يتم استغلاله بعد، بينما يكاد لا يوجد النفط في دولة البحرين. ويقدر عمر النفط والغاز في هذه المنطقة بنحو 100 عام تقريباً ، اذا ما حوفظ على مستويات الإنتاج الحالية .
وقد تم استخراج النفط ، وانما بكميات متواضعة ، في عدد من الدول العربية الواقعة الى الغرب من الخليج ، كاليمن وسورية.
أفريقيا
أما إفريقيا ، فيتوفر النفط في الشمال العربي من القارة ، وفي الوسط في نيجيريا فان مخزونها النفطي يكاد ينفذ وكذلك انجولا وواشنطن تعطى اهتماما خاصا للنفط الإفريقي، إذ تستورد في الوقت الحالي كميات كبيرة من النفط من انجولا ونيجيريا، كما تستعد لبدء الحصول على النفط من تشاد عبر خط أنابيب انشأته شركة اكسون موبيل الأمريكية لربط حقول النفط التشادية بموانئ التصدير في الكاميرون.
وفى تقرير نشرة مدير عام الشركة الوطنية للبترول والغاز في نيجيريا أن حوالي 60% من الاستهلاك المحلي من الوقود تتم عملية إنتاجه محليًا من عام 2000، وذكر فى التقرير أن مصفاة مدينة بوتهافات شرق البلاد تنتج حوالي 150 ألف برميل يوميًا، كما تنتج مصفاة مدينة واري حوالي 125 ألف برميل يوميًا، وبين أن احتياطي نيجيريا من النفط يقدر بـ 27 بليون برميل وتبذل جهود ليصل إنتاج إلى 30 بليون، ون مستوى الإنتاج اليومي يبلغ 3 ملايين برميل يوميًا فى عام 2003 ، وقال إن نيجيريا تمتلك حوالي 124 ترليون قدم مكعب من الغاز ففي الشمال العربي ، يقدر المخزون النفطي في ليبيا بنحو 23 مليار برميل . وكذلك الجزائر التي يقدر مخزونها من النفط والغاز اقل من مخزون ليبيا.
وهناك كميات قليلة في تونس ومصر والسودان ، وهي مخزونات مهددة بالنفاذ في فترة أقصاها عقدين باستثناء ليبيا التي قد يطول عمر نفطها الى نحو 50 عاما
أمريكا
وتعتبر أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية غنيتان نسبياً بالنفط ففي أمريكا الشمالية ، هناك نفط وفير نسبياً في الولايات المتحدة وكندا وألاسكا والمكسيك.
غير أن المخزون النفطي المعلن بأنه مؤكد للولايات المتحدة لا يتجاوز 23 مليار برميل ، وإذا ما كانت هذه التقديرات صحيحة ، فهذا يعني أن نفط الولايات المتحدة سينفذ خلال عشر سنوات . وهناك اعتقاد بان الولايات المتحدة لا تكشف الأرقام الحقيقية لمخزوناتها المؤكدة والمحتملة وبأنها تحتفظ بما لديها من مخزون كاحتياطي استراتيجي بعيد المدى ، حيث يشار الى أن إنتاجها للنفط قد انخفض خلال العقد الأخير نحو 25% ، وأنها أخذت تتجه أكثر فأكثر نحو استخدام الغاز ، في الوقت الذي تشير فيه الأرقام المعلنة عن مخزون الغاز الى انه مخزون متواضع . كذلك هناك نفط في كندا ، حيث لا يزيد المخزون المؤكد على 5 مليارات برميل ، و 70 ترليون قدم3 من الغاز.
ويقدر بان هذا المخزون سينفذ خلال تسعة أعوام . أما ألاسكا ، فلا تتجاوز التقديرات لمخزونها النفطي المؤكد 15 مليار برميل والاحتياطي المحتمل نحو 40 مليار . وتحتوي المكسيك التي تنتمي لكتلة أمريكا الوسطى على اكبر مخزون نفطي في القارة الأمريكية ، حيث يقدر المخزون المؤكد بنحو 20-40 مليار برميل ، والمحتمل 37 مليار، بينما يعتقد أن لديها مخزوناً كامنا طويل الأمد يقدر بنحو 120 -150 مليار برميل ، وإذا ما صحت هذه التقديرات فان هذا يضعها في المرتبة الثالثة بعد الخليج وقزوين على المدى البعيد. وهناك اعتقاد بان المكسيك لا تنشر أرقام مخزونها الحقيقي حيث يعتقد البعض بأن الأرقام المذكورة أعلاه مبالغ فيها ، بينما يرى البعض عكس ذلك.
وتشكل كتلة أمريكا اللاتينية إحدى المناطق الغنية نسبياً بالنفط حيث يقدر ما لديها بنحو 12% من الاحتياطي المؤكد في العالم . وتعتبر فنزويلا أغنى بلدان أمريكا اللاتينية في هذا المجال، حيث ارتفع حجم مخزونها المؤكد بين عامي 1970 و 1994 من 14 مليار الى 65 مليار برميل وهي عضو في الأوبك منذ تأسيسها في عام 1960 .
وهناك كميات قليلة من النفط وكميات اكبر من الغاز في البرازيل ولكنها تستورد نحو ثلث احتياجاتها ، وكذلك في كولومبيا والإكوادور. كما يشار الى استخراج الغاز في بوليفيا والبيرو.
والجدولان التاليان يبينان إنتاج النفط العالمي واستهلاكه:

المنطقة انتاج عام 2000 عام 2005 2010 2015 2020
الولايات المتحدة 19.50 21.2 22.70 23.7 24.70
أوروبا الغربية 14.4 14.80 15.3.0 15.70 16.0
اليابان 5.60 5.70 6.0 6.30 6.60
أوروبا الشرقية وروسيا 6.0 6.1 6.40 6.6 6.9
الصين 4.60 5.0 6.4 8.1 8.8
الهند 1.90 2.60 3.1 3.50 4.1
الشرق الأوسط 5.2 6.5 7.5 8.5 9.8
أفريقيا 2.70 3.0 3.50 4.10 4.70
أمريكا الوسطى 4.80 6.3 7.40 8.50 10.0
ستهلاك الفعلي والمتوقع (مليون برميل باليوم)

جدول رقم 1 - المصدر : U.S Department of Energy , International Energy Outlook 1999, Table A4.

الاحتياطيات العالمية وإنتاج البترول المنتج الاحتياطيات المقدرة (مليار برميل ) النسبة المئوية من الاحتياطيات العالمية الإنتاج ( مليون برميل باليوم )

الدولةالاحتياط بالميار برميل النسبة المئوية الانتاج بالمليون برميل
السعودية 261.5 24.8 9.2
العراق 112.5 10.7 2.2
الإمارات 97.8 9.3 2.7
الكويت 96.5 9.2 3.2
إيران 89.7 8.5 3.8
فنزويلا 72.6 6.9 3.3
روسيا 48.6 4.6 6.2
المكسيك 47.8 4.5 3.5
USA 30.5 2.9 8
ليبيا 29.5 2.8 1.4
الصين 24 2.3 3.2
نيجيريا 22.5 2.2 2.2
النرويج بريطانيا ( بحر الشمال) 16.1 1.5 6
جدول رقم 2 - المصدر : BP Amoco , Statistical Review of World Energy 1999

يتبع.....

ali2004
31-12-2004, 11:44 AM
المحور الثالث : أهمية البترول بالنسبة للولايات المتحدة
قديما قال جورج كليمنصو مهندس اتفاق سايكس بيكو لتقسيم المنطقة العربية بين الدول الاستعمارية الغربية أثناء الحرب العالمية الأولى :"إن النفط ضروري كالدم". وقال كولد رج رئيس الولايات المتحدة عام 1924, " إن تفوق الأمم يمكن أن يقرر بواسطة امتلاك النفط و منتجاته".
وحديثا قال جون سي غانون نائب مدير وكالة الاستخبارات المركزية " علينا أن نعترف بأن أمتنا لن تكون آمنة إذا لم تكن إمدادات الطاقة العالمية آمنة؛ لأننا نحتاج إلى كمية ضخمة من النفط المستورد لإمداد اقتصادنا. لأن الكثير من هذا النفط يرد من أقطار الخليج، فان الولايات المتحدة سوف تكون بحاجة للإبقاء على مراقبة شديدة على الأحداث والبقاء متورطة في الخليج لحماية تدفق إمدادات النفط الحيوية. " (مؤتمر مجلس الطاقة كولورادو 6 12 1996م ) ، وقال الرئيس كلينتون أثناء لقاء في البيت الأبيض مع حيدر علييف رئيس أذربيجان " لا نأمل فقط بمساعدة آذربيجان على الازدهار ، بل نأمل أيضا في تنويع مصادر طاقتنا وتقوية أمن أمتنا ". وذكرت صحيفة نيويورك تايمز في 24 1 عام 1980، بعيد الغزو السوفيتي لأفغانستان، أن الرئيس كارتر قال: " إن محاولة أي قوة خارجية السيطرة على منطقة الخليج سوف تعتبر بمثابة اعتداء على المصالح الحيوية للولايات المتحدة الأمريكية، وسوف تردع بأي وسيلة ضرورية بما في ذلك القوة العسكرية ". وقد كتب مايكل كلير في " الحروب على الموارد " أن الجنرال أنطوني زيني قال:" إن منطقة الشرق الأوسط ذات قيمة واضحة لنا كمصدر للنفط والغاز الطبيعي " وقال الرئيس جورج بوش الابن في خطابه في قاعدة فرجينيا الجوية يوم 12 سبتمبر 2003 "إن أمريكا لن تغادر العراق، قبل أن تنجز المهمة التي أتت من أجلها، وإن العراق هو الجبهة المركزية في الحرب على الإرهاب". فى دراسة نشرتها مجلة "فورتشون" الأمريكية في مايو 1979 بعنوان (التدخل العسكري في منابع النفط) جاء فيها: "لقد أوضح كل من براون (وزير الدفاع) وبريجنسكي (مساعد الرئيس كارتر لشئون الأمن القومي) مؤخراً أن الولايات المتحدة ستتخذ خطوات بينها استخدام القوات العسكرية الأمريكية لحماية مصالحها".
وجاء في دراسة للدكتور بيتر تيزجر بشأن (التدخل العسكري الأمريكي في منابع النفط) نشرتها مجلة "شئون فلسطينية" العدد 112 مارس 1981 جاء فيها أنه من بداية السبعينيات "بدأت المصادر العسكرية الأمريكية تتحدث بوضوح عن أنه إذا تعاظم اعتمادنا على النفط الخارجي أو تدهورت سيطرتنا في السياسة الخارجية والنفوذ الدولي فإن البديل قد يكون إرسال حملة عسكرية إلى الشرق الأوسط تجعل فيتنام تبدو بالمقارنة كنـزهة". وذكر الرئيس نيكسون في مذكراته التي كتبها سنة 1983 "أصبحت الآن مسألة من يسيطر على ما في الخليج العربي والشرق الأوسط تشكل مفتاحاً للسيطرة على ما في العالم" ويقول "وينبغي علينا أن نكون على استعداد وراغبين في اتخاذ أية إجراءات ـ بما في ذلك الوجود العسكري ـ من شأنها أن تحمي مصالحنا".
وفي مارس 1990 نشرت جريدة "الحياة" جانباً من تقرير بعنوان (التقرير الأمني السنوي لمجلس الأمن القومي الأمريكي) جاء فيه "إن المصالح الحيوية الأمريكية في الشرق الوسط المتمثلة أساساً في مصادر الطاقة والعلاقات الأمريكية القوية مع بعض دول المنطقة تستحق وجوداً أمريكياً مستمراً وربما معززاً في المنطقة". وجاء فيه كذلك "وإن الولايات المتحدة ستحافظ على وجود بحري لها في شرق البحر المتوسط وفي منطقة الخليج والمحيط الهندي وستسعى إلى دعم أفضل للأسطول من الدول المحيطة وإلى خزن معدات سلفاً في مختلف أنحاء المنطقة". كل هذه المخططات والاستعدادات لشن الحروب تأتي بسبب النفط واحتياج الولايات المتحدة الشديد خاصة ما اضمحلال تجارب الاعتماد على طاقة أخرى مثل طاقة الشمس والرياح .. إلخ .
وتتضح أهمية النفط واحتياج الولايات المتحدة بقسوة له بقراءة سريعة للبيان الذي ألقاها وزير الطاقة الأمريكي سبنسر أبراهام أمام لجنة السياسة الخارجية في الكونجرس في 20 يونيو 2002، والذي كشف فيه عن أن متوسط الاستهلاك اليومي من النفط في الولايات المتحدة بلغ 19.7 مليون برميل ،وأن تستورد الولايات المتحدة نحو 10 مليون برميل ، أي ما يعادل 52 % من إجمالي الاستهلاك الأمريكي من النفط ، والذي يشكل 40 % من إجمالي استهلاك الطاقة في الولايات المتحدة. وقد نفاجئ ببعض الحقائق الاقتصادية الهامة المرتبطة بآليات استيراد النفط بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية ففي الوقت الراهن فإن زيادة سعر البرميل من النفط بدولار واحد يعني زيادة المدفوعات الأمريكية على الواردات النفطية الصافية بمقدار 4 مليارات دولار سنويا، أما اذا نفد الاحتياطي الأمريكي فإنه وبفرض ثبات حجم الاستهلاك الأمريكي من النفط فإن ارتفاع سعر البرميل بمقدار دولار واحد سيعني زيادة المدفوعات الأمريكية على الواردات النفطية بأكثر من ستة مليارات دولار في العام.
فالولايات المتحدة التي ترغب في أسعار النفط منخفضة عند أدنى حد ممكن ولأطول مدى تجد أن مصلحتها الأنانية تقتضي تحقيق ذلك من خلال آليات الضغط بالثقل العسكري الرهيب على الدول المنتجة والمصدرة الرئيسية الكبرى للنفط في الخليج من جهة، والوجود العسكري المباشر أو احتلال بلد نفطي عملاق كما هو الحال مع العراق لاستخدام نفطه في إحداث إفراط في الإنتاج وانهيار الأسعار حيث من المؤكد أن الولايات المتحدة في حال احتلالها العراق ستعمل على زيادة إنتاجه وصادراته وتحويله للمنتج والمصدر المرجح في سوق النفط الدولية، ولاشك أن هذا الأمر سيكون كارثة لدول الخليج وإيران وروسيا والمكسيك وفنزويلا وكل الدول المصدرة للنفط في العالم.
فالولايات المتحدة عبرت وأكثر من مرة عن أن السعر المناسب لبرميل النفط هو ما يتراوح بين 15، 18 دولاراً للبرميل، وغزوها للعراق واحتلاله أو تنصيب حكومة عميلة هناك سيعني على الفور أنها ستتمكن من تحقيق ذلك بل وربما يغريها الوضع الى تخفيض السعر الى ما هو أدنى من ذلك حتى مستوى يزيد قليلا عن تكلفة الاستخراج من المناطق الأعلى في تكلفة استخراج النفط أي ما يزيد قليلا على 10 دولارات للبرميل، وبما أن انخفاض سعر برميل النفط بمقدار دولار للبرميل يعني انخفاض مدفوعات الولايات المتحدة عن وارداتها النفطية بمقدار 4 مليارات دولار في العام، فإن انخفاض سعر برميل النفط بمقدار 10 دولارات ليتراوح حول مستوى 18 دولاراً للبرميل يعني أن الولايات المتحدة ستكسب من وراء ذلك نحو 40 مليار دولار في العام، أما اذا انخفض سعر البرميل لمستوى 15 دولارا للبرميل فإن الولايات المتحدة ستكسب نحو 52 مليار دولار في العام، وهذا المكسب يفوق في عامين كل تكاليف العدوان على العراق – وهو ما لم يحدث لقوة وبسالة المقاومة العراقية - والتي تشير بعض التقديرات الى أنها ستبلغ نحو 100 مليار دولار. في تقرير "المجموعة الوطنية لتطوير سياسة الطاقة” National Energy Policy Development Group الذي نشر في 17 أيار مايو عام 2001. فهذا التقرير الذي أعده نائب الرئيس ديك تشيني يضع استراتيجيا الهدف منها الاستجابة لتزايد الحاجات الى النفط في الولايات المتحدة خلال السنوات الخمس والعشرين المقبلة.
وإن كان التقرير يتحدث عن بعض الإجراءات الآيلة الى التوفير في استهلاك الطاقة فإن العديد من اقتراحاته تهدف الى زيادة الاحتياطيات الأمريكية في مجال الطاقة. وبمجرد نشره أثار تقرير تشيني نوعين من الجدل. أولا لأنه يشير الى زرع محطات تنقيب في حقول الألسكا الوطنية، إنما أيضاً لأن واضعيه كانوا على علاقة مسبقة بشركة “أنرون” المفلسة حالياً. وهذا الجدل ساهم في التعتيم على وجوه أخرى في التقرير وخصوصاً تلك المتعلقة بما تدعو إليه سياسة الطاقة الجديدة هذه من تدخلات فعلية على الصعيد الدولي، والتي لا تظهر بوضوح إلا في الفصل الأخير (“تعزيز التحالفات الدولية”) حيث يقترح العمل على تدارك الحاجة الوشيكة للنفط عبر زيادة عمليات استيراده. وبحسب التقرير أن الارتهان الأمريكي للسوق النفطية الخارجية لمجمل الحاجة الاستهلاكية يجب أن يرتفع من 52 في المئة عام 2001 الى 66 في المئة عام 2020 كما أن الاستهلاك الإجمالي سيزداد هو بدوره مما سيحتم على الولايات المتحدة أن تستورد 60 في المئة من النفط في العام 2020 زيادة عما تستورده اليوم ليرتفع بذلك من 10.4 ملايين برميل يومياً الى حوالي 16.7 مليون برميل.
والوسيلة الوحيدة لتحقيق ذلك تقوم على إقناع الموردين الأجانب بزيادة إنتاجهم وأن يبيعوا أكثر من الولايات المتحدة. غير أن معظم الدول المصدرة لا تملك الموارد المالية اللازمة لتطوير بنياتها النفطية التحتية، أو أنها ترفض السماح لزبائن أمريكيين بالتحكم بإنتاجها في مجال الطاقة. وبناء عليه فإن التقرير الذي يعي هذا الأمر ينصح البيت الأبيض بأن يجعل من زيادة الواردات النفطية "اولوية في سياستنا التجارية والخارجية”. ومن أجل تلبية حاجات البلاد ينصح التقرير الإدارة بنوع خاص أن تركز على هدفين. كل هذه الأرقام ، والتصريحات ، والإحصاءات ، والمخططات تجعل من قضية النفط والسيطرة على منابعه ومنع الآخرين من مجرد الهيمنة على الدول النفطية قضية حياة أو موت بقاء أو نهاية للولايات المتحدة الأمريكية ، خاصة مع ركوبها جناح الإمبراطورية الاستعمارية وما يستلزم ذلك من تبعات وأحمال اقتصادية.
المحور الرابع : تتبع المخطط الأمريكي للسيطرة على منابع النفط في العالم
إن المخططات الأمريكية للسيطرة على منابع النفط في العالم لم تكن وليدة الحاجة في الوقت الراهن كما يراهن البعض أو كما تكشفه الحقائق ولكنها بالإضافة إلى ذلك خلق تعودت عليه هذه الإمبراطورية الاستعمارية ودأبت على ذلك شركاتهم العابرة للقارات وأصاحبها الذين لم يترددوا في كنس وتسوية دولاً بأكملها بحثا عن النفط كما فعل روكفلر حيث قتل الملايين من أهل فنزويلا بحثا عن النفط . وكانت الشركات النفطية الاحتكارية في الولايات المتحدة كلها ملكا للرأسمال الخاص ، جمع الكارتل النفطي الدولي في تركيبته العضوية اتحادا بين رأس المال الخاص و رأس مال الدولة الاحتكارية لعدد من الدول الإمبريالية الكبرى. و لقد ارتبط النفط تاريخيا باسم روكفلر ، ذلك أن هذا الأخير هيمن على الصناعة البترولية الأمريكية و العالمية مدة نصف قرن ، و أسس شركة " ستاندرد أويل اوف أوهايو " في عام 1870. و هكذا استطاع روكفلر أن يسيطر سيطرة مطلقة على صناعة تكرير النفط ، و وسائل النقل ، وأنابيب نقل النفط عبر الولايات المتحدة من المحيط إلى المحيط ، و اتسم بشراسة الرأسمالي الاحتكاري ، وكان شعاره " الضعفاء هم أناس طيبون ، فقط لأنهم لا يتمتعون بالقوة اللازمة ليكونوا أشرارا "، و أصبح جون روكفلر في نهاية القرن الماضي الإمبراطور الذي يتربع على إحدى أهم الإمبراطوريات المالية في التاريخ " فشركة ستاندرد هي الشركة المسيطرة على صناعة النفط داخل أمريكا و هي أيضا أكبر مصدر للنفط في العالم ". ولما كانت الدراسات الاقتصادية تؤكد بأن 70% من احتياطي النفط موجود فى أراضى منطقة الشرق الأوسط، ويختزن العراق في باطنه 11 % من احتياطي النفط العالمي. فإن طاولة المخططات الأمريكية وضعت البوصلة تجاه هذه المنطقة وبالتأكيد ليس هي فقط . وهنا يقول الدكتور رونالد فان دي فوخت خبير الشئون الأمريكية " إن دوافع الحرب على العراق هي " النفط ثم النفط ثم النفط " ، ويضيف " لكن من حق شعوب العالم اليوم أكثر من اي وقت مضى التعرف على الحقائق وخلفيات التركيبة السياسية للدول التي تمارس لعبة السيطرة والنفوذ، أن لم يكن عبر الدبلوماسية الدولية المتسلطة فبالسلاح والحرب، وهذا هو حال التوجه الأمريكي الواضح منذ نهاية الثمانينيات ...".

يتبع....

ali2004
31-12-2004, 11:46 AM
وسوف نتتبع المخطط الأمريكي للسيطرة على نفط العالم كما يلي :
أولا: المخطط الأمريكي للسيطرة على النفط الأفريقي
بعد أن أكدت الدراسات والتقارير والإحصاءات أن الولايات المتحدة تحتاج إلى تأمين احتياجاتها من الطاقة كهدف استراتيجي ، وبعد ما كشفت عصابة النفط المسيطرة على الحكم في البيت الأبيض عن استراتيجية جديدة قائمة على تأصيل مبدأ الهجوم الوقائي والتدخل السريع في المناطق الاستراتيجية ، سعت الولايات المتحدة إلى تأمين احتياجاتها من الطاقة وهذا من المناطق والدول الأخرى غير الخليج العربي وهذا ما كشفه تقرير " المجموعة الوطنية لتطوير سياسة الطاقة Natinonal Energy Policy Development Group والذي نشر في 17 مايو من عام 2001 ، والذي أكد تزايد حاجات الولايات المتحدة من النفط خلال السنوات الخمس وعشرين المقبلة فالاستهلاك الإجمالي يتزايد مما سيحتم على الولايات المتحدة أن تستورد من النفط ما قدره 60 % من النفط في العام 2020 زيادة عما تستورده اليوم ليرتفع بذلك من 10.4 مليون برميل يوميا إلى 16.7 مليون برميل . ومن أجل تلبية حاجات واشنطن من النفط نصح التقرير الولايات المتحدة بالتركيز على هدفين أولهما زيادة الواردات النفطية من دول الخليج التي تمتلك ثلثي الاحتياط النفطي العالمي أما الهدف الثاني فهو "تنويع" الواردات النفطية ، وكانت أفريقيا على رأس المناطق التي حددها التقرير طالب الإدارة الأمريكية بتأمين المناطق الإستراتيجية فيها . ويلفت المحللون إلى سبب أخر ، إذ أن نسبة الكبريت المنخفضة ، والتي يتميز بها النفط الأفريقي ، تقلل من تكلفة عملية التكرير ، كما أن وجود معظمه في البحر ، يقلل من احتمالات حدوث احتكاكات ما بين شركات النفط والسكان المحليين ، ويوفر بيئة أكثر أمنا لعمليات التنقيب والشحن ، وتبعدها عن أي إضطرابات على البر . والسيطرة الأمريكية على نفط أفريقيا ، تفتح أسواقا جديدة للمنتجات الأمريكية في دول القارة السمراء ، خاصة وان التقرير الأخير لوزارة التجارة الأمريكية، كشف عن أن نصيب الولايات المتحدة من السوق الأفريقية لا يزيد عن 7.6 % مقارنة بـ 30 % لدول الاتحاد الأوروبي ، وتعاني واشنطن من عجز كبير في الميزان التجاري مع أفريقيا ، حيث بلغت وارداتها من أفريقيا 15.2 مليار دولار في عام 2001 . وتحت عنوان الهجمة على الذهب الأسود الأفريقي يقول جان كريستوف سرفان في مجلة العالم الدبلوماسي الفرنسية إن الولايات المتحدة تخوض معركة أخرى على بالأهمية الاستراتيجية للحرب التي تخوضها في العراق عبر استهدافها للنفط الأفريقي وخاصة الموجود في الصحراء الجنوبية الأفريقية ، مما يؤكد وقوع البترول الأفريقي قمة أولويات الإستراتيجية الأمريكية تصريح والتر كانشتاينر، مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الأفريقية " والذي اعتبر أن نفط القارة السوداء "بات يشكل مصلحة قومية استراتيجية بالنسبة الى الولايات المتحدة ". وها هو أد رويس السيناتور الجمهوري الواسع النفوذ عن ولاية كاليفورنيا ورئيس اللجنة الفرعية التابعة للجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب يصرح بأنه "بعد أحداث 11 سبتمبر ، يجب التعامل في موضوع البترول الإفريقي على أنه أولوية بالنسبة الى الأمن القومي” . ولم يتبقّ أمام الكونغرس والبيت الأبيض إلا تشريع هذه الاستراتيجيا، وفي انتظار ذلك يبدو أن هذا التطور يتعزز عبر العديد من التدخلات السرية وإنما ذات المغزى، في العديد من الدول المنتجة للنفط وخصوصاً ما قدّم من دعم لمفاوضات السلام في السودان في أوائل العام 2002، وحضّ نيجيريا على الانسحاب من منظمة الدول المصدرة للنفط (OPEP). ومن جهة أخرى قام كولن باول في العام 2002 بزيارة تاريخية للجابون، هي الأولى لوزير خارجية أمريكي، في حين أن الرئيس جورج دبليو بوش، وفي مبادرة لا تقل رمزية، قد دعا في 13 سبتمبر عام 2002، عشرة رؤساء دول من إفريقيا الوسطى إلى حفل إفطار وأخيرا قام مسئول رفيع في القيادة العسكرية الأمريكية في أوروبا هو الجنرال كارلتون فولفورد بزيارة الى كل من ساو توم وبرانسيب في يوليو عام 2002 من أجل دراسة مسألة أمن العاملين في مجال النفط في خليج غينيا كما لدراسة امكان إنشاء مركز فرعي للقيادة العسكرية الأمريكية فيهما على غرار المركز القائم في كوريا الجنوبية. فمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية قدّر مجمل احتياطي القارة النفطي بـ80 مليار برميل أي ما نسبته 8 %من الاحتياطي العالمي الخام. وبحسب دراسة السوق التي أجراها "مجلس الدراسات الوطنية" الأمريكي، فسيكون في امكان الولايات المتحدة أن تستورد من الآن وحتى العام 2015 ما نسبته 25 %من نفطها من الصحراء الأفريقية وذلك مقابل 16 %في الوقت الحالي. وقد باتت إفريقيا السوداء، بعدما زاد إنتاجها على أربعة ملايين برميل يومياً، تنتج مقدار ما تنتجه إيران وفنزويلا والمكسيك مجتمعة. ففي عشر سنين زاد إنتاجها بنسبة 36 %مقابل 16 %لباقي القارات. فالسودان التي بدأت تصدير نفطها قبل ثلاثة أعوام، تستخرج يومياً 186000 برميل، فيما ستزيد نيجيريا، الدولة الأفريقية الأولى في تصدير النفط الخام، إنتاجها ما بين 2.2 و3 ملايين برميل يومياً من الآن وحتى العام 2007، قبل أن ترفعه الى 4.42 مليون برميل في العام 2020. أما أنجولا، المصدر الثاني في القارة والتي خرجت في ربيع العام 2002 من حرب أهلية دامت خمسة عشر عاماً، فيتوقع من الآن وحتى الموعد نفسه أن تضاعف إنتاجها ليصبح 3.28 ملايين برميل. وخلال هذه الفسحة من الزمن فإن غينيا الاستوائية التي تمتلك الآن أكبر عدد من الرخص المتداولة للتنقيب عن النفط (الى جانب أنجولا) ستسمح لها مياهها الإقليمية بأن تصبح من الآن وحتى العام 2020 المصدر الثالث في إفريقيا للنفط الخام (متقدمة على الكونغو والجابون) عبر إنتاجها 740000 برميل يومياً. كما أن لحقول النفط الأفريقية الواعدة منافع سياسية أكيدة، فمن جهة إن جميع الدول الأفريقية، باستثناء نيجيريا، لا تنتمي الى "منظمة الدول المصدرة للنفط "، اوبيك، التي تسعى أمريكا، في التزامها خطة استراتيجية طويلة الأمد، الى اضعافها عبر حرمانها انضمام بعض الدول الصاعدة إليها”. ومن جهة أخرى فإن هذه الاحتياطيات النفطية، بحسب ما يؤكد السيد روبرت مورفي، مستشار وزارة الخارجية للشؤون الأفريقية، هي في شكل أساسي من نوع "الأوف شور"... و”تبقى في منأى عن أي إضطرابات سياسية أو اجتماعية محتملة. فالتوترات السياسية أو أي نوع آخر من موضوعات النزاع نادراً ما تتخذ بعداً اقليمياً أو إيديولوجياً قد يفضي الى عملية حظر جديدة”. وسيصبح خليج غينيا، وفيه احتياط نفطي يبلغ 24 مليار برميل، القطب العالمي الأول في إنتاج النفط بعيداً جداً خارج الحدود. وأخيراً فإن احتياطات القارة متصلة مباشرة بالساحل الشرقي للولايات المتحدة، ما عدا الحقول السودانية، في انتظار انجاز خط أنابيب "تشاد-كاميرون" الذي سيضخ 250000 برميل من النفط يومياً في اتجاه الأطلسي. ففي نص نشرته في تموز يوليو عام 2002، ذكّرت جمعية الدراسات الكنسية لمنطقة إفريقيا الوسطى(Acerac) بـ”التواطؤ القائم بين الشركات النفطية والسياسيين في المنطقة" كما بالطريقة التي "تستخدم بها العائدات النفطية من أجل حماية الأنظمة الحاكمة”.

1- السيطرة على نفط نيجيريا
نيجيريا هي المنتج الأول للنفط في أفريقيا بنصيب الأسد من كعكة الاستثمارات ، إذ تستحوذ الشركات الأمريكية على أكثر من 7.4 مليار دولار من الاستثمارات في القطاع النفطي في نيجيريا، التي تنتج نحو 2 مليون برميل يوميا ، يتوجه نصفها إلى الولايات المتحدة ، وبذلك تحتل نيجيريا المركز الخامس في قائمة الدول المصدرة لأمريكا ، وتخطط واشنطن لرفع صادراتها من النفط النيجيري إلى 1.4 مليون برميل يوميا ، ولذا فإنها تضغط على الحكومة النيجيرية للانسحاب من عضوية منظمة الأوبك ، والتي تخصص لنيجيريا حصة إنتاج تقدر بـ 1.7 مليون برميل يوميا ، وهو ما يسبب خسائر مالية لشركات النفط تتجاوز المليار دولار سنويا .
ورغم أن نيجيريا تتجاوز فعليا الحصة المقررة لها من الأوبك بأكثر من 300 ألف برميل يوميا ، إلا أنها رفضت الرضوخ للمطالب الأمريكية، وكشف وزير الإعلام النيجيري عن حقيقة الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة على بلاده ، مؤكدا أن نيجيريا تعلم أين تقع مصالحها ، ولذلك فإنها لا تنوي الانسحاب من الأوبك.
وقد لعبت الشركات الأمريكية دورا في احتواء الاضطرابات الطائفية التي نشبت في الشمال النيجيري في العامين الماضيين وذلك من أجل الحفاظ على مصالحها النفطية ، كما أن الإدارة الأمريكية ضاعفت من مساعداتها لنيجيريا من 10 إلى 40 مليون دولار ما بين مساعدات اقتصادية وفنية وعسكرية ، كما أنها دعمت بقوة سيطرة نيجيريا على المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا ، محاولة في ذلك الاستفادة من بعد تلك الدولة المحورية في غرب أفريقيا عن فلك النفوذ الفرنسي .
وتضرب مجلة " تايم " الأمريكية مثالا على ذلك بنيجيريا التي صدرت ما قيمته 320 مليار دولار من النفط الخام العالي الجودة خلال السنوات الـ 30 الماضية ولكنها لم تفعل شيئا للشعب باستثناء بعض الطرق وملاعب كرة القدم التي باتت بالية وبحاجة إلى ترميم.
وفي السياق يقال أن الجنرال ساني اباتشا آخر الحكام العسكريين لنيجيريا الذي توفي عام 1998 سرق أكثر من 4 مليارات دولار ، مازالت الحكومة الحالية تجاهد لاسترداد ما تبقى منها في بنوك أوروبا وأمريكا .
ون جهة أخرى يلعب الدعم العسكري دوراً مهماً في حماية المقدرات النفطية النيجيرية ، حيث يؤكد التقارير والدراسات أن نيجيريا تعتمد على الولايات المتحدة وبريطانيا ، في تسليحها للحفاظ على نفطها ، وهو ما جعل الولايات المتحدة تقلق من حكم العسكر لنيجيريا ، ووجود بعض القلاقل في نيجيريا ، والتي اقتربت من الحقول النفطية ، فعلى الرغم من أن نيجيريا بلد نفطي إلا أنها تعاني من أزمة عدم توافر الوقود منذ العام 1994 إثر إلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية التي كان مرشح فيها رجل الأعمال النيجيري (مسعود أبجولا) الأمر الذي أدى إلى إضراب العمال في المناجم البترولية لمدة عام تضامنا مع رجل الأعمال النيجيري مما اضطر الحكومة النيجيرية إلى استيراد البترول من الخارج وتعطيل معامل التكرير منذ العام 1995 وحتى العام 2000 وهو ما تسبب في مقتل 20 ألف نيجيري على مدار 6 سنوات فضلاً عن ارتفاع أسعار البترول ومشتقاتة 24 % وازدهار تجارة تهريب النفط وبيعه في السوق السوداء ، وهو ما حدا ببعض بالإدارة الأمريكية إلى إرسال قوات أمريكية من مختلف التخصصات على الفور إلى نيجيريا ، وكان على رأسها القوات الفيدرالية الأمريكية للدفاع الجوي والبحري والبري بالإضافة إلى الأسطول البحري وذلك منذ مطلع أبريل من العام 2001 ، وذلك لتقوية الحكومة في نيجيريا بسحب ما أورده بيان السفارة الأمريكية في أيوجا.

2- السيطرة على نفط انجولا
يرى المراقبون في أن " أنجولا " مثالا صارخا على التحول الأمريكي نحو أفريقيا للسيطرة على منابع نفطها، وهي أيضا الميدان الجديد للمخططات الأمريكية حيز التنفيذ فبعد 25 عاماًَ من دعم الولايات المتحدة للحروب الأهلية التي مزقت تلك الدولة الفقيرة التي تحوى في باطن أراضيها 70 % من الألماس العالمي. والتجاهل حتى عن إثارتها على المستوى الدولي تحولت أنجولا مؤخرا إلى نقطة تصارع من جانب شركات النفط العالمية ولأمريكية على وجه الخصوص ، حيث سال لعاب الكلب الأمريكي بعد أن تضاعف إنتاج انجولا من النفط ليصل إلى 750 ألف برميل في اليوم ، محتلة المركز الثاني أفريقيا بعد نيجيريا.
وتصدر أنجولا نحو 40 % من إنتاجها للولايات المتحدة " 330 ألف برميل " ، لتصبح ثامن مزود لواشنطن بالنفط الخام على مستوى العالم.
ويمثل النفط حاليا نحو 90 % من صادرات أنجولا ، ويعتبره الخبراء الداعمة الرئيسية لأي نهضة اقتصادية مستقبلية في أنجولا ، ومن المقرر أن تضخ شركات النفط الأمريكية 18 مليار دولار في الفترة بين عامي 2000 - 2004 ، بهدف الوصول بالإنتاج الأنجولي من النفط إلى 3.2 مليون برميل يوميا ، خاصة وان الاكتشافات النفطية الأخيرة أمام سواحل أنجولا ، والتي وصلت لأكثر من 20 حقلا عملاقا ، تبشر بوجود احتياطات نفطية ضخمة ، وهو ما سيحول أنجولا إلى واحد من اللاعبين الرئيسيين في سوق النفط العالمي .
وفي أنجولا ، حيث تسيطر شركة "شوفرون" الأمريكية على 75 % من إنتاج النفط ، اختلس "الفوتونغو" ، وهم مجموعة من السماسرة المقربين من السلطة وشركات النفط ، نحو 30 % من الأرباح النفطية في العام 2001، كما رصد تقرير لصندوق النفط ضياع 4 مليارات دولار من الموازنة الأنجولية خلال السنوات الخمس الماضية .
وبعد هذه المشهيات النفطية وضعت الولايات المتحدة الأمريكية التي يقودها اللوبي النفطي وعلى رأسه بوش الابن الترتيبات الجديدة للسيطرة على النفط الانجولي فقد حانت ساعة الصفر التي وضعتها واشنطن لإنهاء التمرد التي تدعمه وتقدم له السلاح وأجبرت المتمردين على الجلوس مع الحكومة لإنهاء الحرب بعد مقتل جوناس سافيمبي رئيس حركة يونيتا التي ظلت لعقود تحارب الحكومة الانجولية بدعم خاص من الولايات المتحدة الأمريكية .

3 - السيطرة على نفط غينيا الاستوائية " كويت أفريقيا"
تلخص غينيا الاستوائية بشكل فاضح التوجه الأمريكي الجديد للإعتماد على النفط الأفريقي ضمن استراتيجيتها الجديد في تنوييع مصادر النفط والسيطرة على منابعه ، وتعتبر غينيا الاستوائية أصغر البلدان المنتجة للنفط في إفريقيا ولذلك تمسى "الكويت الأفريقية" فقد زاد إنتاجها من النفط الخام بنسبة 70 %في العام 2001 وتملك احتياطاً يقدَّر بملياري برميل، وعليه أسرعت الولايات المتحدة وفق استراتيجيتها الجديدة لإعادة فتح سفارتها في غينيا الاستوائية بعد أن تم إغلاقها في عهد الرئيس الأمريكي السابق " بيل كلينتون" لأسباب تتعلق بالموازنة) ورغم أن ملف غينيا الاستوائية الدموي لانتهاك حقوق الإنسان ، إلا أن الولايات المتحدة زاعمة حماية حقوق الإنسان في العالم تغاضت عنه في مقابل مصالحها النفطية ، فالولايات المتحدة تنتهك أي شئ إذا تعرض لمصالحها فهو المعيار لتقييم المخططات ، وليس غيره شئ سوى المبادئ والشعارات التي تطلقها بين الحين والأخر بمراعاة حقوق الإنسان وغيرها من الأكاذيب الأمريكية التي تغلف بها مخططاتها المصلحية الدموية القائمة على امتصاص قوت الشعوب.
فقد تغاضت الولايات المتحدة عن ما أكده التقرير السنوي لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية عن غينيا دولة يديرها "زعماء لا يخضعون لقانون أقدموا على نهب الاقتصاد الوطني"، ممثلة بسفير في الولايات المتحدة (هو صهر الرئيس تيودور أوبيانغ) وقد شارك في مؤتمر "مؤسسة الدراسات الاستراتيجية والسياسية المتقدمة" ، لسبب بسيط وهو أن ذلك أصبح يتوافق مع مخططاتها واستراتيجياتها الجديدة الآن.
وفي تحقيق قامت به صحيفة "ذا نايشن” كشف أن ثلثي الالتزامات النفطية في غينيا الاستوائية ممنوحة لعملاء أمريكيين من "ذوي العلاقات الوطيدة بإدارة بوش”.
وهكذا نجد أن وليم ماك كورميك، رئيس شركة "سي.أم.أس. انيرجي" النفطية قد ساهم بـ100000 دولار في احتفالات تسلم جورج دبليو بوش مقاليد الحكم. ومن جهتها فإن الشركة النفطية الأخرى الناشطة في خليج غينيا، "أوسيان اينرجي" تضم في صفوف مستشاريها في مالابو السيد تشستر نوريس الذي شغل منصب سفير الولايات المتحدة فيها في عهد بوش الأب.
ولاتمام هذه الصورة الجديرة بجمهوريات الموز فإن حقول ما خارج الحدود (الأوف شور) في غينيا الاستوائية ستكون قريباً تحت حماية فرقة من حرس الشواطئ شكلها "اتحاد التعبئة العسكرية للمحترفين"، وهي شركة خاصة يديرها بعض كبار الضباط المتقاعدين من البنتاغون (موجودة أيضاً في أمريكا اللاتينية حيث تتعامل بالتعاقد في إطار خطة كولومبيا). وما يُنقل من سفارة غينيا الاستوائية في واشنطن يلخص الوضع على أتم وجه: "في بلادنا إن الشركات النفطية هي التي تنقل المعلومات الى وزارة الخارجية الأمريكية.


4 - السيطرة على نفط الجابون
السيطرة على نفط الجابون
الجابون ، ثالث منتج للنفط في أفريقيا ، فإنها تعد من المنتجين القدامى ، وقد شهد إنتاجها تراجعا كبيرا في السنوات الأخيرة ، ليقف عند حدود 330 ألف برميل في اليوم ، تصدر منه 44 % للولايات المتحدة ، وقد تلقت صناعة الجابون النفطية دعما من شركة أميرادا هيس الأمريكية مطلع العام الماضي ، والتي نجحت في بدء الإنتاج في حقل أتورا بطاقة 20 ألف برميل يوميا ، هذا بالإضافة إلى الشركات الأمريكية النفطية الصغيرة مثل سانتافي، وأونوكال، وماراثون.

أدوات المخطط الأمريكي للسيطرة على نفط أفريقيا
في إطار هذه الأهمية لأفريقيا فإن إدارة الرئيس بوش تحركت على الفور للسيطرة علة المناطق النفطية الاستراتيجية في أفريقيا كما أسلفنا ، لمزيد من الإيضاح يمكن إجمال الأدوات الأمريكية للسيطرة على النفط الأفريقي فيما يلي:
أولاً : تكثيف التواجد العسكري الأمريكي في مناطق أفريقيا المختلفة بل والتدخل إلى لزم الأمر(مثال ليبيريا) .
ولا شك أن أهمية وجود قوات أمريكية في الساحل الغربي لإفريقيا يكمن في تأمين أنابيب النفط " تشاد – الكاميرون " والذي سيضخ 250 ألف برميل نفط يوميا .
ومن أبز التحركات الأمريكية العسكرية في أفريقيا ما شهدته منطقة القرن الأفريقي فقد زار وزير الدفاع رامسفيلد كلاً من أريتريا ، أثيوبيا ، جيبوتي في ديسمبر 2002 ، ووافق أسمرة على استخدام أمريكا لميناء عصب الأريتري " والسماح للطائرات الأمريكية باستخدام الأجواء الأريترية .

ثانيا : بدأت الإدارة الأمريكية في العمل على منع الصراعات وإنهاء بعد النزاعات على عكس عادتها بسبب قربها من مناطق استراتيجية لحقول النفط ، ووقفا لهذه الرؤية فليس مفاجئا أن الصراعات معقدة ظلت عقود طويلة مشتعلة بدا لها حلاً في الفترة الأخيرة ، ومنها (انتهاء الصراع بين انجولا وحركة يونيتا في ابريل 2002 والسبب نفط انجولا الذي أصبح يمثل أهمية للإدارة الأمريكية في الفترة الأخيرة .

ثالثا: ومن الأدوات الأمريكية الجديدة التي اعتمدت عليها الإدارة الأمريكية في السيطرة على نفط أفريقيا هو اعتماد دبلوماسية الزيارات وتكثيفها فقد زار الرئيس الأمريكي خمس دول أفريقية في يوليو 2003 (السنغال ، جنوب أفريقي ، بتسوانا ، أوغندا نيجيريا). وهذه الدول تم اختيارها بعناية من قبل الإدارة الأمريكية ليكون لها دور إقليمي وتعاون عسكري واقتصادي مع الولايات المتحدة .
كما زار وزير الخارجية الأمريكي كولن باول في العام 2003 الجابون وهي أول زيارة لوزير خارجية أمريكي ، وقام الجنرال كارلتون فولفورد بزيارة إلى كل من ساوتومي وبرنسيب في يوليو 2002 من أجل دراسة مسألة أمن العاملين النفط في خليج غينيا .

رابعا: هجوم الشركات الأمريكية على المناطق الإستراتيجية
هجمت الشركات النفطية الأمريكية العملاقة على المناطق الإستراتيجية النفطية في أفريقيا والتي اثبتت الأبحاث وجود مخزون نفطي استراتيجي بها وأهمها خليج عينيا وفي هذا السياق أكد صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية أن الاكتشافات المتوقعة في غينيا دفعت الشركات النفطية الأمريكية عملاقة مثل " أكسيون – موبيل – شيفرون " لإقامة فروع ضخمة لها خلال السنوات القادمة في خليج غينيا الإستراتيجي.

خامسا: تشكيل مجموعة " المبادرة السياسية للنفط الأفريقي " وهذه المجموعة تضم ممثلين عن الإدارة الأمريكية وشركات النفط في القطاع الخاص الأمريكي ، وعدد من زعماء الدول النفطية الأفريقية . وقد أصدرت هذه المجموعة كتاباً بعنوان " النفط الأفريقي أولوية الأمن القومي الأمريكي والتنمية الأفريقية " . وقد أصبحت هذه المجموعة بمثابة لوبي أمريكي يتحرك في أفريقيا لتأمين مصالح أمريكا النفطية ، وجدير بالذكر أن هذه المجموعة قامت بالضغط على نيجيريا للانسحاب من منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك".
ونقرأ في تقرير حول النفط الإفريقي نشرته صحيفة «كريستيان سينس مونيتور» في الثالث والعشرين في مايو 2002» تخطط مجموعات الضغط لحث الولايات المتحدة على التركيز على إفريقيا كمصدر للنفط وان تؤسس لها وجوداً عسكرياً هناك. وفي بحثها عن مصادر بديلة للنفط خارج منطقة الشرق الأوسط غير المستقرة سياسياً حولت الولايات المتحدة أنظارها نحو منطقة لا تعرف على نطاق واسع بأنها مصدر مهم للنفط، «أنها إفريقيا».
ويمضي التقرير ليقول أن إنتاجية النفط الإفريقي العام 2000 تجاوزت أربعة ملايين برميل في اليوم، اي أكثر من فنزويلا، إيران والمكسيك، وهناك مخزون هائل في منطقة خليج غينيا، وان بلداناً يجهل الأمريكيون موقعها على الخارطة مثل غينيا الاستوائية والجابون والكونغو تنتج مئات آلاف البراميل كل يوم، وان مخزون النفط يقدر بمليارات البراميل.
ويشير التقرير إلى أن «مجموعة سياسة النفط في إفريقيا» وهي مجموعات ضغط تضم أعضاء يعملون في صناعة النفط ومن مختلف الأجهزة الحكومية ستقدم «ورقة بيضاء» للإدارة الأمريكية تحث فيها الرئيس بوش والكونغرس على تشجيع زيادة إنتاج النفط عبر إفريقيا وإعلان خليج غينيا منطقة ذات أهمية بالغة للولايات المتحدة. وإضافة إلى ذلك ظهرت بعض البوادر والمؤشرات التي تؤكد تبني الإدارة لهذه السياسة ويظهر هذا في التصريح الذي أدلى به والتركانستاني. مساعد وزير الخارجية للشئون الأفريقية في وقت سابق من هذا العام والذي يقول فيه «يشكل نفط إفريقيا ضرورة قومية استراتيجية بالنسبة لنا، وسيصبح أكثر أهمية كلما ازدادت الإنتاجية».
ضرورة قومية تتمحور «الورقة البيضاء» التي قدمتها «مجموعة سياسة النفط في إفريقيا» للإدارة والكونغرس الأمريكيين حول مجموعة من النقاط هي: ـ نفط إفريقيا ضرورة قومية للولايات المتحدة التي تستورد 10% من احتياجاتها النفطية من هناك.
ـ ضرورة تنويع مصادر الطاقة في ظل المناخ السياسي غير المستقر في مناطق مهمة في العالم.
ـ تجاوز النظرة التقليدية لإفريقيا التي كان ينظر إليها كمنطقة لا تتميز بأي أهمية استراتيجية.
ـ النفط نقمة وليس نعمة في كثير من الدول النامية.
ـ الشعوب الأفريقية لا تنعم بعائدات النفط التي يتلاعب بها الحكام وبطاناتهم.
ـ النفط يشعل الحروب الأهلية كما في السودان وانجولا.
ـ مصادر الطاقة في إفريقيا يمكن أن تعزز الامن القومي الأمريكي أن تم ادارتها بطريقة سليمة.
ـ ضرورة حماية استثمارات شركات النفط الأمريكية مثل اكسون موبيل وشيفرون وغيرها في المنطقة والتي تقدر بعشرة ملايين دولار سنوياً.
وكتب كين سيلفرستاين، المتخصص في صناعة النفط تقريراً مطولاً حمل عنوان «السياسة الأمريكية تجاه «كويت إفريقيا» نشرته مجلة «نيشن مغازين» في الثاني والعشرين من ابريل 2002 يقول فيه «جاء في تقرير الإدارة الأمريكية حول السياسة القومية للطاقة انه من المتوقع أن تتحول منطقة غرب إفريقيا لواحدة من أسرع المصادر نمواً للنفط والغاز للأسواق الأمريكية».
كما وصف بول مايكل ويهبي في مركز واشنطن للدراسات الاستراتيجية والسياسية المنطقة أمام إحدى لجان الكونغرس بانها «اهم المناطق في العالم بالنسبة للولايات المتحدة» مقترحاً انشاء قيادة عسكرية امريكية في منطقة جنوب الاطلسي للسماح للبحرية الأمريكية والقوات المسلحة بالتحرك السريع لحماية المصالح الأمريكية ومصالح الحلفاء في غرب إفريقيا.
يتضح مما سبق أن مجموعات الضغط قد استطاعت بالفعل وضع نفط إفريقيا في قلب الاهداف الأمريكية، واوصى البعض بضرورة وجود عسكري قوى في القارة السمراء، كما اشار البعض إلى المستقبل الغامض لعائدات النفط الإفريقي أن لم تتدخل الولايات المتحدة سياسياً او عسكرياً لضمان الاستخدام الامثل لتلك العائدات من جهة وضمان انسياب تدفق النفط نحو الاسواق الأمريكية من جهة اخرى.
عين أمريكا اذن على نفط إفريقيا، ولكن لابد لها من ذرائع ودعاوى تبرر وضع يدها على هذا المخزون الهائل من النفط والغاز في دول خليج غينيا. وبطبيعة الحال فإن جعبة أمريكا مليئة دائماً بكل ما يمكن أن يبرر افعالها، حتى وان كانت ضد البشرية جمعاء.
ولا يتوانى الرئيس بوش في تحديد الذرائع في الخطاب الذي القاه في حفل تخريج دفعة من قوات البحرية الأمريكية مؤخراً، والذي تعرض فيه لقارة إفريقيا بطريقة غير مسبوقة.
يفتتح الرئيس بوش حديثه عن إفريقيا بقوله «في إفريقيا، يجلس الوعد والفرص جنباً إلى جنب مع المرض والحرب والفقر المدقع، وهذا تهديد مباشر للقيم الأمريكية التي تدعو للحفاظ على كرامة الانسان، واستراتيجيتنا المتقدمة المتمثلة في مكافحة الارهاب الدولي. أن المصالح والمباديء الأمريكية. لاحظ المصالح اتت قبل المبادىء ـ تلزمنا بالسير في نفس الاتجاه: سنعمل مع الآخرين من اجل إفريقيا حرة، آمنة ومزدهرة».
ويضيف «سنعمل على تقوية الدول الأفريقية الهشة، ونساعد في بناء قدرات وطنية لحماية الحدود، ونعمل على فرض هيبة القانون والبنى الاستخباراتية لمنع تكون اي ملاذات آمنة للارهاب. الحروب الاهلية في إفريقيا تهدد بقيام حروب اقليمية».
وهكذا يمكن تحديد ذرائع التدخل الأمريكي المحتمل في إفريقيا في النقاط التالية التي اشار إليها الرئيس الأمريكي في خطابه: ـ محاربة الامراض وبخاصة الايدز.
ـ وقف النزاعات العرقية.
ـ اشاعة الحرية والديمقراطية.
ـ تحقيق الرفاهية عبر التوزيع العادل للثروات.
ـ منع اندلاع حروب اقليمية.
ـ العمل على استتباب الامن.
ـ تقوية الحكومات الهشة.
ـ إحداث نقلة نوعية في اسلوب الحكم.
تلك هي الذرائع الواهية التي تسوقها الإدارة الأمريكية والتي تكشف نواياها تجاه إفريقيا. وكأن القارة السمراء ظلت تنتظر حملة «الانقاذ» الأمريكية طوال الفترة التي اعقبت الحقبة الاستعمارية.

سادسا : تغاضي الولايات المتحدة عن بعض الأنظمة الإستبدادية الأفريقية بسبب دعم مصالحها النفطية في أفريقيا ، غينيا الإستوائية والتي على رأس اللائحة الأمريكية للدول التي تنتهك حقوق الإنسان إلا أن امتلاك هذا البلد لإحتياطي نفطي يقدر بملياري برميل يجعل واشنطن تغض الطرف عن هذا لدعم مصالحها النفطية .

سابعاً: تخلى الولايات المتحدة عن منطق المساعدات المشروطة والتي تغض الطرف عن بعض الإنتهاكات إلى منطق التعاون والشراكة الإقتصادية التي تحقق المصالح الإقتصادية وكانت صاحب هذه الرؤية الرئيس الأمريكي السابق بل كلينتون والذي أعتبر أن المساعدات الأمريكية المشروطة إلى تعاون اقتصادي لأنها الوسيلة الوحيدة لربط الإقتصاد الأفريقي بالإقتصاد الأمريكي ، ولتدعيم هذه الرؤية وافق مجلس النواب على القانون التجاري المسمي " النمو والفرص في أفريقيا" في عام 1998 والذي يعتمد على مبدأ الشراكة ويقوم على رفع الحواجز الجمركية عن صادرات 48 دولة أفريقية .
الولايات المتحدة لم تنفتح على السفارة السمراء إلا خلال فترة رئاسة بيل كلينتون الذي كان أول رئيس امريكي يقوم بزيارة رسمية لست دول افريقية العام 1998 وهو في الحكم.
دشن كلينتون تلك الزيارة التاريخية بشعار «بناء إفريقيا جديدة ناضجة سياسياً واقتصادياً». وحدد اربعة اهداف لتلك الزيارة هي: ـ دعم الديمقراطية.
ـ زيادة حجم التبادل التجاري بين القارتين عبر زيادة الاستثمارات واقامة اسواق جديدة ومؤسسات تجارية عملاقة وخلق فرص عمل.
ـ منع النزاعات المسلحة.
ـ الحفاظ على ثراء الطبيعة والحياة الحيوانية والنباتية والموارد الطبيعية.
ورأى المراقبون آنذاك أن تلك الاهداف بعيدة تماماً عما يجرى على ارض الواقع ولم تكن لتقنع احداً، لان الافارقة، أولا غير مقتنعين بالسجل السياسي والاقتصادي للقارة التي تشهد انقلابات متكررة وصراعات عرقية دموية بين الفترة والاخرى والتي يكون مهندسها المصالح الاجنبية، خاصة وان الولايات المتحدة هي اكبر مصدر للسلاح لافريقيا، والاسلحة ليست عقاراً للملاريا ولكنها ادوات لتقتيل البشر.

يتبع....

ali2004
31-12-2004, 11:51 AM
ثانيا : السيطرة على منابع نفط قزوين
يذكر بأن بعض التقارير الجيولوجية الأمريكية تؤكد أن بحر قزوين (الخزر) يحتوي على كمية تعادل 200 مليار برميل بترول تحتاج مبلغ 30 مليار دولار استثمارات. ولا زالت هناك خلافات بين الدول الواقعة على شواطئ هذا البحر بشأن كيفية تقسيم البترول فيما بينها، خاصة وأن إيران تعترض على رغبة روسيا في المشاركة في هذه الثروة من حيث كونها دولة غير مطلة على البحر.
ومع استقلال دول وسط آسيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991 ، برزت الى الوجود منطقة غنية بالنفط اصبحت تعتبر بانها المنطقة الثانية بعد الخليج العربية الإسلامية من حيث مخزونها النفطي المؤكد والمحتمل ، وهو مخزون كان مجهولاً ابان عهد الاتحاد السوفيتي ، حيث كانت الصناعة النفطية تتركز في غالبيتها العظمى في اراضي الفيدرالية الروسية ، واقتصرت حصة المناطق الاسيوية من الإنتاج النفطي على ما لا يزيد عن 7 % من مجمل إنتاج الاتحاد السوفيتي.
وتتشكل المنافسة الدولية الراهنة على نفط بحر قزوين من اربعة دول رئيسية هى
- الولايات المتحدة
- أوروبا
- روسيا
- الصين
- ايران
- تركيا
ويجري التنافس بين كل هؤلاء الدول من خلال الشركات وخرائط الانابيب ولاجل الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية عمدت روسيا بعد تفكك الاتحاد السوفيتي الى تشكيل ما عرف برابطة دول الكومنويلث التي ضمت 12 دولة هي : روسيا ، اوكرانيا، بيلاروسيا ، ارمينيا ، جورجيا ، اذربيجان ، كازاخستان، اوزبكستان ، تركمانستان ، قرغيزستان ، طاجكستان ، مولدافيا .
على الرغم من ذلك ، فان علاقات روسيا ما لبثت أن تدهورت مع معظم هذه الدول، لان روسيا لم تستطع تأمين المبالغ الطائلة التي يتطلبها انشاء وتطوير الكومونولث ، واتجهت معظم تلك الدول بحثا عن المساعدات الغربية ، وبخاصة أنها قد خرجت من الاتحاد السوفيتي وهى لا تملك تطوير نفسها ولا حتى تملك أنابيب لثروتها النفطية المكتشفة حديثاً بل أن هناك آراء تقول بان روسيا نفسها غير متحمسة لفكرة الكومونولث ، وذلك تخوفا من أن يأتي اليوم الذي تتحالف فيه هذه الدول ضدها .
ومن ثم اسرعت الولايات المتحدة إلى هذا البحر النفطي خاصة بعد تعديل استراتيجياتها في صوب تنويع مصادر النفط وخاصة وبعد سيطرة اللوبي النفطي على ادارتها فاتجهت المخططات الأمريكية إلى السيطرة على منابع النفط القزوينية بدأت التحركات صوب منطقة قزوين ولكن هذه المخططات لم تدخل المطبخ بعد فقد جرى الاعداد لها منذ أن اعلن الرئيس كلينتون في عام 1994 أن منطقة بحر قزوين ذات اهمية استراتيجية لواشنطن التي تراقب التطورات عبر تحركات الشركات الدولية والاطراف الاقليمية.

ويمكن تلخيص الاهداف الأمريكية ازاء منطقة بحر قزوين بالنقاط التالية :
1 - الحيلولة دون هيمنة روسية على النفط توفر لروسيا اموالاً طائلة تمكنها من تطوير صناعتها النفطية الخاصة .
2- الحيلولة دون تحول روسيا الى مزود رئيسي مباشر للنفط الى أوروبا .
3- ضمان تدفق نفط بحر قزوين الى العالم من خلال يد امريكية
4- تخفيض أسعار النفط الى حد لا يضر بمصالح الشركات الدولية .
5- ايجاد التوازن بين منطقة بحر قزوين ومنطقة الخليج العربي بحيث لا تعود منطقة الخليج تتمتع بالمزايا الاستراتيجية الراهنة .
ويعتبر بعض المحللين أن دعم الولايات المتحدة لإنقلاب جرورجيا لأبيض ضربة للمصالح الروسية وإيفاد مدربين عسكريين أمريكيين الى جورجيا وهي المحطة الأساسية في خط أنابيب النفط الذي يصل بحر قزوين بالبحر الأسود وبالمتوسط، إضافة الى القرار الأمريكي اعادة تشغيل قاعدة عسكرية في كازاخستان على ساحل بحر قزوين.
ويمكن القول أن المخططات الأمريكية للسيطرة على نفط قزوين كانت أنضج في عهد الرئيس كلينتون والتي اقامت وزارة الدفاع في عهده علاقات مع القوات المسلحة في كل من أذربيجان وجورجيا وكازاقستان وقرغيزستان وأوزبكستان كما بدأت بتأمين السلاح والتدريب لها كغطاء عام وتأمين المنابع النفطية من سيطرة الأخرين إذا لزم الأمر.
وبعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر تضاعفت المخططات فإذا هدفين متلازمين دمجتهما إدارة الرئيس بوش في هدف واحد كمحاولة للتمويه، هو محاربة الإرهاب وحماية النفط ، ومن ثم كانت منطقة قزوين الإسلامية عين الهدف الأمريكي ، فأقمت الولايات المتحدة القواعد المؤقتة في أوزبكستان وقرغيزستان في طريقها لأن تصبح معسكرات نصف دائمة. كما أن الولايات المتحدة تساعد في "إعادة تأهيل قاعدة جوية ذات أهمية استراتيجية" في قازاقستان.
وبحسب وزارة الخارجية أن الهدف من هذه المبادرة هو " تطوير التعاون بين الولايات المتحدة وقازاقستان إضافة الى إقامة قاعدة عسكرية امريكية مشتركة التسليح في هذه المنطقة الغنية بالنفط” كما أن الولايات المتحدة ستساعد أذربيجان في تكوين أسطول عسكري في بحر قزوين حيث وقعت أخيراً أحداث عدة بين بواخر أذربيجانية للتنقيب عن النفط وبعض البوارج العسكرية الإيرانية.
وإذا ما كانت هذه المبادرات تبرر بضرورة تسهيل مشاركة هذه الدول في الحرب على الارهاب فإنها أيضاً تشكل جزءاً من الجهود الأمريكية الهادفة الى تأمين محيط محمي لانتاج البترول ونقله.
وينبغى الإشارة إلى الصفقة التي تمت على هامش قمة مؤتمر الأمـن والتعاون الأوروبـي (OSCE) الذي انعقد في استانبول في الفترة من 18-19 نوفمبر 1999 وقع زعماء كل من تركيا وأذربيجان وجورجيا برعاية رئيس الولايات المتحدة الأمريكية اتفاقًا لمد خط أنابيب ينقل بترول بحر الخزر (قزوين) من باكو في أذربيجان إلى تفليس في جورجيا إلى ميناء جيحان جنوب تركيا على البحر المتوسط، بامتداد 1730 كم، وبتكلفة تصل إلى 4 مليارات دولار، وينتهي بناؤه عام 2004.
يعد توقيع اتفاق خط أنابيب بترول بحر قزوين في 18 11 1999 نصرًا كبيرًا لاستراتيجية واشنطن للطاقة عامة وللبترول والغاز خاصة، وتقوم هذه الاستراتيجية على ثلاثة مبادئ:
أولاً: تعدد مصادر النفط والطاقة عمومًا؛ فبدلاً من الاعتماد بصفة أساسية على بترول الخليج الذي يشكل حوالي ثلثي الاحتياطي العالمي من النفط، أصبح هناك بترول بحر قزوين الذي يُقدَّر مخزونه بحوالي 200 مليار برميل، وإن شككت كثير من المرجعيات النفطية في ضخامة هذه التقديرات.
ثانيًا: تعدد طرق النقل وخطوط الإمداد؛ فلا يكفي تعدد المصادر بل يجب تعدد المسارات لتقليل احتمال تعرضها للمخاطر، ومن هنا كان رفض واشنطن القاطع لمرور خط قزوين بإيران -رغم قلة تكاليفه- لأنه في النهاية سيصب في الخليج العربي ليمر بناقلاته -مع بترول الخليج- عبر مضيق هرمز فتزداد مخاطر تأثير أي صراعات أو تغيرات في الخليج على إمدادات المصدرين معًا. وللسبب ذاته رفضت واشنطن مرور الخط بروسيا فالبحر الأسود فمضيق البسفور.
ثالثًا: الحصول على النفط بأسعار مناسبة (رخيصة)؛ وهو ما يوفره تعدد المصادر وتعدد الطرق الآمنة، وقد كان لضخامة تقديرات بترول قزوين أثره في دفع الدول المنتجة إلى المسارعة بزيادة إنتاجها قبل دخول بحر قزوين حلبة الإنتاج فتنخفض الأسعار، ولكن هذه المسارعة بزيادة الإنتاج ساعدت على تعجيل الانخفاض الكبير في الأسعار أوائل العام الجاري (1999).
ومما لا شك فيه أن تغيير مسار الخط من أرمينيا لجورجيا كان بمثابة مفاجأة كبيرة للمراقبين، خاصة وأن الرئيس التركي ديميريل - وقتها - كان قد أعلن أثناء زيارات له لأذربيجان بمناسبة يوم استقلالها -8 9 99- أن التوقيع النهائي على اتفاقية البترول سيتم في قمة استانبول الأوروبية دون حدوث أي تغيير، إلا أن تصاعد المعارضة الداخلية في أذربيجان وأرمينيا على شكل التسوية السلمية لمشكلة إقليم ناجورنو كراباغ قد أطاح بإمكانية توقيع اتفاق السلام. ولمّا كان الصراع على الإقليم المذكور بين أذربيجان وأرمينيا أحد العوامل الرئيسية التي أجَّلت تنفيذ اتفاقية البترول القزويني طيلة هذه السنوات فإن أنقرة قد بذلت كل الجهد لتحقيق هدفها في تمرير الخط من أراضيها مهما كانت النتائج.
ولكي تدعم واشنطن الخط القزويني دفعت تركيا الثمن غاليًا؛ فقد تراجعت عن تنفيذ اتفاقية الغاز الطبيعي الموقعة مع إيران قبل عدة سنوات، وهو الأمر الذي يعني قيام تركيا بدفع عقوبة أو غرامة مالية تقدر بمبلغ 120 مليون دولار لإيران. ولكي تكسب تأييد موسكو لخط قزوين تراجعت أنقرة عن شراء الغاز الطبيعي من تركمنستان، وسيكون عليها شراء الغاز من روسيا بأكثر من ضعف الثمن -على حد زعم نائب الرئيس التركمنستاني في نقده لوزير الطاقة التركي "جمهور أرسومو" حين زار المنطقة في شهر سبتمبر الماضي. ويقول الدكتور سيفي طاش خان -الخبير الاقتصادي التركي- في تصريحه لتلفزيون دولته الرسمي TRT-INT TV يوم 4 9 99 يقول: "إن هذا الخط سينقل كمية تعادل 35 مليون طن بترول فقط في السنة الواحدة، وهي الكمية التي تعادل نصف الكمية التي ينقلها خط البترول العراقي -التركي- (كركوك- جيحان)، وأن تركيا تنتظر تحقيق أرباح بقيمة نصف مليار دولار سنويًا من الخط القزويني."

خط سير البترول القزويني
يبدأ الخط من منطقة سنجق شال على ساحل بحر قزوين بالقرب من باكو العاصمة الآذرية، ثم يتجه للحدود الجورجية بطول 468 كم، ومن جنوب العاصمة الجورجية تفليس يسير صوب الحدود التركية بطول 225 كم، ثم يبدأ رحلته داخل الأراضي التركية ليمر من مدن أرزروم ثم أرزنجان وبعدها لمدينة سيواس ومن ثم مدينة قوزان وأخيرًا ميناء جيحان على خليج الإسكندرون في البحر الأبيض، وهي مسافة بطول 1037 كم، وعلى هذا النحو يكون طول الخط الإجمالي 1730 كم

ثالثا : المخطط الأمريكي للسيطرة على نفط المنطقة العربية
ففي شهر إبريل عام 1920 تم توقيع اتفاقية سان ريمو، وبمقتضاها تقرر وضع ممتلكات الخلافة العثمانية تحت وصاية كل من بريطانيا وفرنسا، حيث ظفرت بريطانيا بكل من العراق وشرق الأردن وفلسطين، وأخذت فرنسا سورية ولبنان. وتم تقسيم المنطقة إلى عدد من الإمارات.
ولعل أصدق تعبير عن تلك الأهمية ما ورد على لسان لورد كيرزون وزير خارجية بريطانيا على أثر إعلان الهدنة، حين قال: "إن الحلفاء قد طفوا إلى النصر على بحر من البترول".
وما قاله القائد الألماني المشهور لودندورف: "إن افتقارنا إلى البترول كان في مقدمة العوامل التي أدت دورها في هزيمتنا".
وبعد اتجاه الولايات المتحدة الأمريكية إلى وراثة الأمبراطوريات الكبرى الفرنسية والبريطانية وظهور النفط في المنطقة العربية أكبر خزانات البترول في العالم تحرك الولايات المتحدة الأمريكية للسيطرة على لمنطقة بنفطها .
وقد مارست الولايات المتحدة ضغوطاً كثيفة على فرنسا وبريطانيا على أثر توقيع اتفاقية سان ريمو حيث تقدمت الحكومة الأمريكية بعدة مذكرات شديدة اللهجة إلى الحكومتين البريطانية والفرنسية تحذرهما من استبعاد المصالح الأمريكية في عملية اقتسام بترول الشرق العربي.
كما هدَّد وزير الخارجية الأمريكية بإثارة إجراءات الوصاية بما فيها عملية اقتسام بريطانيا وفرنسا لأراضي الشرق العربي وتمزيقها إلى دويلات صغيرة حتى تتمكن الدولتان من إحكام سيطرتهما على دول المنطقة.
على هذا النحو، ظلت صناعة البترول العالمية لفترة من الزمن في قبضة عدد قليل من شركات البترول الكبرى. وقد بلغ عدد هذه الشركات سبع هي:
خمس شركات أمريكية: إكسون، موبيل، سوكال "شيفرون"، تكساكو، جلف.
شركتان أوروبيتان: شركة شل "وهي هولندية بريطانية وتمثل المصالح الهولندية 60 % من رأس المال والمصالح البريطانية 40%". والشركة البريطانية British Petroleum "وتمتلك الحكومة البريطانية 51% من رأس المال".
وأحياناً تضاف الشركة الفرنسية للبترولC F P وتمتلك فيها الحكومة الفرنسية قدراً كبيراً من رأس المال.
وقد بلغت سيطرة هذه الشركات الثماني حداً بحيث تكاد تكون شبه تامة على صناعة البترول، وذلك حتى الخمسينات من هذا القرن. ففي عام 1950 أنتجت هذه الشركات كل البترول الذي تم إنتاجه خارج شمال أمريكا والدول الشيوعية السابقة.

1 - السيطرة على نفط الخليج
أكد تقرير الأمين العام لمنظمة الأقطار العربية المصدِّرة للبترول "أوابك" عام 1989 على
أن احتياطيات دول الخليج النفطية تفوق نسبة 60% من الاحتياطيات العالمية، حيث قُدِّرت قيمتها بأكثر من 600 مليار برميل:
بلغت احتياطيات السعودية 255 مليار برميل.
والعراق 100 مليار برميل.
والإمارات 98 مليار برميل.
والكويت 95 مليار برميل.
وبالمقارنة، كان أكبر احتياطي نفطي خارج منطقة الخليج وهو الاحتياطي السوفيتي، لا يتجاوز 60 مليار برميل، والاحتياطي المكسيكي لا يزيد عن 50 مليار برميل. في حين انخفض احتياطي الولايات المتحدة إلى أقل من 26 مليار برميل، وقدِّر احتياطي بحر الشمال بحوالي 17 مليار برميل، واحتياطي كندا بحوالي 6 مليارات برميل.
وبحساب أرقام تقييم احتياطيات النفط، وعلى أساس معدلات الإنتاج اليومية، فإن مخزون النفط في الولايات المتحدة ـ الذي يمثل نسبة 4.6% فقط من الاحتياطي العالمي ـ قد ينفد خلال 9 سنوات.
وفي حالة دول الاتحاد السوفيتي السابق ـ يصل نحو 21.9% من الاحتياطي العالمي ـ يكفي المخزون لمدة 13 سنة فقط.
بينما احتياطي النفط في أوروبا الغربية ـ الذي يُقدّر بـ 2.6% من الاحتياطي العالمي ـ يُعد متواضعاً جداً قياساً لحاجاتها وازدياد استهلاكها السنوي. أما اليابان فإنها دولة مستوردة للنفط كلية.
وعلى الرغم من أهمية نفط المكسيك وفنزويلا للولايات المتحدة والغرب، فإن مخزون أمريكا اللاتينية لا يتعدى 13% من الاحتياطي العالمي. كما أن التوسع الصناعي في دول أمريكا اللاتينية كالبرازيل والأرجنتين وشيلي، يزيد حاجتها إلى النفط في المستقبل المنظور.
أما مخزون دول الخليج، الذي يمثل ثلاثة أضعاف مخزون أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية وأمريكا اللاتينية. فإنه يتميز بأهمية كبرى سواء من ناحية الحجم أو العمر.
فمخزون النفط في السعودية النسبة 23.7 % من الاحتياطي العالمي المدة يكفي لما يزيد عن 140 سنة .
ومخزون النفط في الكويت 13.1 % يكفي لنحو 168 سنة
ومخزون النفط في العراق 6.7 % يكفي لما يزيد عن 96 سنة
ومخزون النفط في الإمارات 6.6 % يكفي لنحو 145 سنة
هذا إضافة إلى مخزون قطر وعمان والمنطقة المحايدة بين السعودية والكويت والاكتشافات المحتملة.
وبعد كل هذه الأرقام التي تثير كوامن الاجرام والتخطيط له في جوف الوحش الأمريكي بدأت المخططات الأمريكية بالسيطرة على نفط الخليج عبر انشاء القواعد العسكرية وعقد الاتفاقات حيث أن منطقة الخليج بها وحدها ثلثي احتياطيات العالم من النفط، وتنتج أكثر من ربع إنتاجه اليومي. ولأهميته وضع فى مشروع السيطرة على منابع النفط في الخليج فى أواخر السبعينات وخاصة بعد أزمة النقط الشهير إبان حرب أكتوبر المجيدة في شهر سبتمبر.
وفي شهر يناير من عام 1975 نشرت صحيفة كومنتري التي يصدرها المحافظون الجدد الذين يسيطرون الآن على مجريات الأمور في البيت الأبيض مقالة تقترح غزو السعودية وذلك كحل لمشكلة الغرب الأزلية ولمشاكل الولايات المتحدة الاقتصادية من استغلال النفط إلى آخرة"
ويضيف :" إن الذين عملوا والذين يعملون حالياً في الحكومة الأمريكية ومن ضمنهم كيسنجر ـ الذي كان جادّاً في موضوع احتلال آبار النفط في عام 1975 ـ لا بد أنهم يرون الآن عدم ترك هذه المصادر غير العادية بعد أن أصبحت تحت سيطرتنا".
ومن أهم وثائق الكونجرس الأمريكية حول السيطرة على البترول الأمريكي "خطة تأمين منابع النفط " التي تم إعدادها عام 1975، وساهم رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية في وضعها موضع التنفيذ، فقد قام الرئيس الأمريكي "جيمي كارتر" بوضع نواة وهيكل بناء قوة الانتشار السريع الأمريكية اللازمة لوضع الإستراتيجية موضع التنفيذ،
الذي دفع الرئيس الأمريكي "جيمي كارتر" للإعلان في 23 يناير 1980 في خطاب له أمام الكونجرس الأمريكي عن نظرية أمن صريحة بالنسبة لمنطقة الخليج تضع كافة الدراسات والوثائق والمناقشات التي تمت سواء في لجنة العلاقات الدولية في مجلس النواب الأمريكي أو في جلسات الاستماع للجنة الفرعية للسياسة الاقتصادية الخارجية التابعة للجنة الشئون الخارجية بنفس المجلس موضع التنفيذ؛ والتي عرفت بمبدأ كارتر، الذي ينطوي على شقين أحدهما شق سياسي، أعلنه الرئيس كارتر رسميًّا؛ فقال: "إن أي محاولة من جانب أي قوى للحصول على مركز مسيطر في منطقة الخليج سوف تعتبر في نظر الولايات المتحدة هجومًا على المصالح الحيوية بالنسبة لها، وسوف يتم رده بكل الوسائل بما فيه القوة المسلحة". تنفيذ الخطة هذا وقد تحدد الهدف الإستراتيجي لاستخدام القوة المسلحة الأمريكية بعد دراسة العديد من الاختيارات الأخرى للاستيلاء على منطقة حقول النفط الرئيسية الواقعة بالمنطقة الشرقية الممتدة بمحاذاة الخليج العربي، وتأمين تدفق أهم حقول النفط السعودية والتسهيلات المصاحبة لها، والاحتفاظ بها أو السيطرة غير المباشرة عليها. وتشمل منابع النفط والتسهيلات المصاحبة لها "أربعة حقول" نفطية متفرقة ونقاط الاختناق في مناطق "دارعين، وبقبق، والظهران، والقطيف"، إضافة إلى "مجمع رأس تنورة، وجويمة، وميناء الدمام، وقاعدة الظهران الجوية، ومضيق هرمز".
ثم ساهم الرئيسي الأمريكي "رونالد ريجان" بالجزء الأكبر من بنائها والتخطيط استخدامها،
وفي 1990 نشرت صحيفة لوث إنجلوس تايمزمقالة للسفير السابق في السعودية جيمس إكنـز بعنوان (الآن ومع وجود القوات الأمريكية حول حقول النفط هل ندع الفرصة تفوتنا؟
وصلت المخططات إلى ضروة غزو الخليج العربي وبالفعل اعطي العراق الضوء الأخضر لغزو الكويت 2 أغسطس 1990، والتي كان سببها المعلن النفط ثم العدوان الأمريكي على العراق واحتلال الخليج بآباره النفطية .
وعندما سئل بوش الأب في حرب الخليج الثانية (كيف ترسل أمريكا أبناءها من أجل شيوخ النفط المستبدين؟ فأجاب نحن ذهبنا من أجل شيوخ أمريكا ومصالحها وليس من أجل شيوخ النفط).
وأصبحت الولايات المتحدة منذ حرب الخليج الثانية تملك وجودا عسكريا مباشرا في منطقة الخليج العربي.وأصبح إستكمال بسط الهيمنة الأمريكية على المنطقة .

2 - المخطط الأمريكي للسيطرة على النفط السعودي
من ناحية استراتيجية هامة يعتبر النفط بشكل عام والنفط السعودي بشكل خاص النفط السعودي أحد أركان القوة العسكرية الأمريكية في هذا العصر منذ بداية الحرب العالمية الثانية ، شرعت الولايات المتحدة في زيادة فعالية جهازها العسكري ، بما يتلاءم والدور الواسع الذي ينتظر لهذا الجهاز أن يلعبه في إطار الخطة الأمريكية لصنع إمبراطورية على امتداد الكرة الارضية ، وفي هذا العصر أصبحت القوات الأمريكية ، قوة عالمية بكل معنى الكلمة ، ففي كل منطقة من مناطق التوتر ، وفي كل بقعة تضم مصالح امريكية ، هناك جيش كامل يقف على أهبة الاستعداد للتدخل في حالة الحرب ، أو لتعديل ميزان القوة لصالح الولايات المتحدة في زمن السلم ، ويحيط بالشرق الأوسط على سبيل المثال حشد عسكري يمكن اعتباره نموذجا للانتشار العالمي للقوات الأمريكية ، ففي مياه المتوسط يرابط بصفة دائمة الاسطول السادس الذي يضم حاملة طائرات واحدة على الأقل تحمل على متنها ما بين 70 ـ 90 طائرة مقاتلة أو قاذفة إضافة إلى طائرات النقل والاستطلاع ، كما يضم الاسطول مدمرتين تحملان خمسة آلاف من مشاة البحرية ( المارينز) ، وخمس غواصات نووية إضافة إلى سفن الحراسة والتموين والانزال ، والقوارب الصاروخية ، وفي مياه المحيط الهندي إلى الجنوب من المنطقة تبحر سفن الأسطول السابع التي تضم عدة مدمرات وغواصات ، حاملتي طائرات على متنهما ما مجموعه 180 طائرة .

وعلى هذا الأساس جرى طبخ المخططات الأمريكية للسيطرة على النفط السعودي منذ قيام المملكة العربية السعودية ففي عهد الرئيس “روزفلت “ جرى ضغط شديد على رئيس الوزراء البريطاني “ونستن تشرشل “ من أجل حصول الولايات المتحدة على نصيب أكبر في نفط الخليج ، وخاصة نفط ثم بعث الرئيس روزفلت لجنة رئاسية إلى الشرق الأوسط ، زارت كل من السعودية ، والعراق ، وإيران ، والكويت ، والبحرين ، وقطر، وعند عودتها قدمت تقريرها إلى الرئيس “روزفلت “ والذي بدأ بالعبارة التالية :
{ إن بترول الشرق الأوسط هو أعظم كنز تركته الطبيعة للتاريخ ، وأن التأثير الاقتصادي ، والسياسي لهذا الكنز سوف يكون فادحاً } .وعندما سأل وزير الخارجية “جيمس بيرنز” الرئيس روزفلت ما هي الحصة يا سيادة الرئيس التي ينبغي أن نسيطر عليها من بترول الشرق الأوسط ؟ سكت الرئيس روزفلت برهة ثم أجابه قائلاً :
)لا اقل من 100 % (
وكتب “ هارولد إكس “ إلى روزفلت يقول :
{إن الشرق الأوسط مجرة كونية هائلة من حقول البترول ، لا يعرف أحد نظيراً لها في الدنيا ، وأن السعودية هي شمس هذه المجرة ، فهي أكبر بئر بترول في الشرق الأوسط، وأن الظروف فيها مناسبة ، حيث فيها الملك عبد العزيز آل سعود يريد شيئين ، المال وحماية العرش ، وإن على الولايات المتحدة أن تقوم بتأمين ذلك ، وبالفعل فقد تم ترتيب الأمر مع الملك عبد العزيز عندما التقاه الرئيس “روزفلت” على ظهر الطراد الأمريكي “كويني “ في البحيرات المرة ، وسط قناة السويس ، وحصلت أمريكا على نفط السعودية ، بموجب الاتفاق بين الملك وشركة “أرامكو “المؤلفة من أربعة شركات نفطية هي “نيوجرسي “ و” تكساسكو “ و “ سوكال “ و “سكسوني “ بنسب متساوية .
أما الرئيس الأمريكي “ جيمي كارتر “ فقد أعلن أمام الكونجرس في 23 كانون الثاني 1980ما عرف آنذاك “بمبدأ كارتر “ حيث قال :
"إن أي محاولة من جانب أي قوى للحصول على مركز سيطرة في منطقة الخليج سوف يعتبر في نظر الولايات المتحدة كهجوم على المصالح الحيوية بالنسبة لها ، وسوف يتم رده بكل الوسائل ، بما فيها القوة العسكرية ".
ومع الحاجة المتنامية للولايات المتحدة بالنسبة للبترول ، وقابلية الإنتاج المرتفعة في السعودية ، وضخامة الاحتياطي ، وانخفاض تكاليف الاستثمار، إضافة إلى الظرف السياسي المساعد الذي يسود العلاقات بين واشنطن والرياض ، دفع بالإدارة الأمريكية إلى تركيز جهودها على إبتكار آليات خاصة للسيطرة على البترول السعودي من خلال السيطرة على الإدارة السياسية لهذه البلاد .

ومن أبرز الادوات لأمريكية للسيطرة على النفط السعودي

1 - شركة أرامكو
شركة أرامكو الأمريكية هي الشركة التي مكنت الولايات المتحدة الأمريكية من وضع يدها على النفط السعودي ويعود تاريخ شركة آرامكو إلى 29 مايو سنة 1932، ويرتبط بمجموعة من مشاهير الاستعماريين المحترفين، ففي ذلك التاريخ فضل عبد العزيز آل سعود منح امتياز البترول في بلاده للأمريكيين بدلاً من الانجليز، ورجح عرض شركة (ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا) الأمريكية لاذي تقدم به (كرين وتويتشل).
وفي سنة 1936 أصبحت شركة تكساس (تكساكو حالياً) تمتلك نصف شركة (كاسوك) التي غيرت اسمها إلى أرامكو (Arabian American Oil Company) ابتداء من عام 1944.
وفي سنة 1938 م ظهر النفط بصورة تجارية في الدمام في منطقة أطلق عليها اسم (المنطقة الجيولوجية العربية)، وبدأ تصديره في مايو سنة 1939.
وفي سنة 1948 حصلت شركتان أخريان من شركات الزيت الأمريكية الكبرى على حصص في أرامكو، فأصبحت حصة (سوكال)، بموجب الترتيب الجديد 30% ، وحصة كل من (أكسون) و(تكساكو) 30% ، وحصة (موبيل) 10 %.
وفي عام 1973 م وبعد اتجاه دول الأوبك إلى تصحيح العلاقات غير المتكافئة مع شركات النفط، حصلت الحكومة السعودية على 25 % من حقوق الامتياز وملكية المرافق والانتاج، وزادت حصتها إلى 60% سنة 1974. وعبر مسارها التاريخي حافظت أرامكوا على بعدين اقتصاديين يضمنان لها استمرارية القدرة على التأثير في سياسات المنطقة.
اضافة إلى كون أرامكو تسيّر سياسة الحكومة الأمريكية في الشرق الأوسط، فانها كانت قوة فاعلة ومؤثرة على مستوى السياسة الداخلية للنظام السعودي ومجال علاقاته الدولية، فهي وبحكم كونها شركة نفطية تتعامل مع أهم مصدر للنظام، كان لها من القوة ما لم يكن لأي شركة أو حتى حكومة، لدرجة أنها كانت أبرز المؤثرين في التعيينات للوظائف ذات الطابع السياسي، وقد اعترف بذلك عضو مجلس الشيوخ الأمريكي (هانز بينجيك وبيك ريتشاردسون) بقولهما: "أن العديد من الذين وصلوا إلى سدة الحكم كان للولايات المتحدة الأمريكية ولأرامكو اليد الطولي في وصولهم، وهؤلاء يعتبرون أن الولايات المتحدة هي أقرب حليف لهم.
وحينما سئل الملك فهد عام 1981 ، وكان لا يزال يومذاك وليا للعهد ، عن هذا الموضوع ، أجاب باقتضاب : " أن المباحثات جارية بين الحكومة والشركة في سبيل التملك " ، وإذا سئل المسؤولون الحكوميون عن جوهر تلك العلاقة ، فانهم غالبا ما يتحدثون بغموض عن " علاقة حسنة " ، و " تبادل منفعة " وأحيانا عن " خضوع أرامكو لقرارات الحكومة " لكن الحقيقة ، أن الشركات البترولية الكبرى في العالم ، وبينها الأربع المالكة لأرامكو ، تعتبر نفسها أكبر من حكومة بمفردها ، أنها كما اعتبرت من قبل وزارة الخارجية الأمريكية " شكل من أشكال الحكومة المتمعة بالاستقلال الذاتي ، والمفوضة بصياغة الدبلوماسية الأمريكية في البلدان المنتجة للبترول " أنها ـ بالنظر إلى قوتها الضاربة ، وتأثيرها على صناعة القرار السياسي في حكومات الدول العظمى ، فضلا عن الدول الصغيرة ـ تبدو كما لو كانت شكلا من أشكال الحكومة العالمية التي تحدث عنها بعض الفلاسفة .

2- الاتفاقات العسكرية السعودية ـ الأمريكية
عملت الاتفاقات العسكرية الأمريكية دوراً رئيسيا للتواجد الأمريكي على الأراضي السعودية لحماية مصالحها النفطية في المملكة . ومن أبرز هذه الاتفاقات.

اتفاقية عام 1944:
وبموجبها وصلت في مارس عام 1944 للسعودية 1600 بندقية و350 ألف طلقة ذخيرة، وأعقبها في ابريل 1944 وصول بعثة تدريب عسكرية امريكية مؤلفة من 12 رجلاً بقيادة الكولونيل جاريت شومبر.

اتفاقية عام 1945:
وبموجبها سمحت السعودية للمواطنين الأمريكيين بالاشتراك في النشاطات التي لم يكن مسموحاً بها لرعايا أي قوة عظمى أخرى. وعلى أثر ذلك وافقت السعودية على مقترح امريكي لبناء قاعدة في الظهران دون شروط مسبقه من السعودية.
اتفاقية عام 1947
وفي 23 يونيو عام 1947 تم التوقيع رسمياً على الاتفاق الذي يسمح لأول مرة بوجود قاعدة لدولة أجنبية في الجزيرة العربية. وقد تم تجديد هذه الاتفاقية عام 1949 وعام 1951.

اتفاقية الفانتوم
بعد التغيير الذي حدث في اليمن في 26 سبتمبر عام 1962 وسقوط حكم الامامة توجس النظام السعودي الخوف مما حدث الامر الذي اضطره إلى طلب المساعدة العاجلة من الإدارة الأمريكية التي ارسلت له على وجه السرعة سرباً من طائرات الفانتوم "اعارة" إلى السعودية.

اتفاقية تحديث الحرس الوطني:
نتيجة لطوق الخوف الذي طوق النظام منذ سيطرته على البلاد فقد تم عقد اتفاقية بتاريخ 19 مارس 1973 لتحديث الحرس الوطني

اتفاقية الدفاع المشترك:
كان من نتائج حرب اكتوبر عام 1973 أن الشعوب العربية والاسلامية ادركت أن الانظمة التي تدير القرار السياسي في المنطقة تكون قراراتها مرتبطة بالقرار الغربي وخاصة الإدارة الأمريكية. ونتيجة لذلك وقع الامير فهد في 8 يونيو 1974 اتفاقية شاملة تعكس حجم تسليم النظام للادارة الأمريكية.

يتبع......

ali2004
31-12-2004, 11:53 AM
3 - السيطرة على نفط العراق
مر العراق العائم على بحيرة نفطية بتاريخ من الاستعمار لنهب ثرواته وتعاقبت على احتلاله الامبراطوريات الامبريالية وذلك بسبب الموقع الجغرافي للعراق وأهمية كبرى ، حيث يقع على رأس الخليج العربي، والذي يكوّن مع بقية دول الخليج أكبر مخزن للطاقة في العالم أجمع ، كما يمثل العراق حلقة الاتصال بين أوربا ومنطقة المحيط الهندي ، التي كانت واقعة تحت سيطرة الإمبراطورية البريطانية ، ولذلك وجدنا إمبرياليو الدول الأوربية بشكل عام، وبريطانيا وألمانيا بشكل خاص ، يسعون بكل طاقتهم إلى مد سيطرتهم على العراق منذ أوائل القرن الماضي، وكان التنافس على أشده بين بريطانيا وألمانيا.
فقد سعت ألمانيا إلى ربط العراق ، ومنطقة الخليج بخط قطار الشرق السريع ، في محاولة لتمهيد الطريق إلى مد سيطرتها على اكبر مستودع للنفط في العالم ، لكن جهودها لم تتحقق بعد أن خسرت الحرب العالمية الأولى ، وتقدمت الجيوش البريطانية إلى هذه المنطقة ، وبسطت سيطرتها الكاملة عليها ، وهكذا وقع العراق تحت نير الاحتلال البريطاني في أواخر العام الأول ، وبداية العام الثاني للحرب العالمية الأولى التي اندلعت عام 1914 .
ورغم رفض الشعب العراقي لقوات الاحتلال البريطانية، واندلاع ثورة العشرين، واضطرار بريطانيا إلى تأسيس ما سمي بالحكم الوطني ، والإتيان بالأمير فيصل ابن الحسين ملكاً على العراق ، إلا أن سيطرة بريطانيا على مقدرات العراق عسكرياً واقتصادياً ، وسياسياً ، استمرت عبر أشكال جديدة أخرى . فقد اكتفت بريطانيا بقاعدتي الحبانية الواقعة شمالي بغداد ، والشعيبة الواقعة قرب البصرة ، إضافة إلى قاعدة الرشيد في بغداد ، محتفظة بقوات جوية وبرية فيها، فيما شددت قبضتها على مقدرات العراق عبر المستشارين العسكريين ، والسياسيين ، والاقتصاديين ، والثقافيين، وكان هؤلاء المستشارين هم الحكام الحقيقيون للبلاد ثم بدأ بدأ التنافس الأمريكي البريطاني على منطقة الخليج في واقع الأمر منذُ عام 1920، ثم ونظرت أمريكا إلي العراق ونفطه وطلبت من بريطانيا في مؤتمر [ سان ريمو] بضرورة مشاركتها بنفط الخليج ، لكن بريطانيا رفضت ذلك رفضاً قاطعاً في ذلك الوقت ، مما حدا بالرئيس الأمريكي [ ودرو ولسن] إلى إرسال رسالة إلى الحكومة البريطانية يقول فيها : {إنكم تريدون ممارسة نوع من الاستعمار ، اصبح موضة قديمة }.
وبالفعل تحركت المخططات الأمريكية للسيطرة على منابع النفط العراقي .
فالعراق يحتل نفط العراق المركز الثاني من حيث الاحتياطي العالمي بعد السعودية.
والعراق المخزون الحقيقي أعلى بكثير من الأرقام المتداولة، مع جودته العالية.
و احتمالات الاكتشاف الجديدة هائلة، مع قلة التكلفة الانتاجية.
و التوقعات ترشحه كآخر نفط ينضب في العالم.
والمحصلة النهائية تؤكد أن السيطرة على العراق تعني التحكم فيما يقارب نحو ربع اجمالي احتياطي النفط العالمي، ثم إن العراق بموقعه الاستراتيجي يجعل من يسيطر عليه يكون على مرمى حجر من ثلثي الاحتياطي العالمي للنفط الذي يتركز في الخليج العربي.
ولعل ذلك يضمن للولايات المتحدة تحقيق أكثر من هدف جزئي في سياق هدفها الأساسي: ـ السيطرة على نفط العراق تقلل من اعتماد واشنطن على النفط السعودي.
ـ السيطرة على ثروة نفطية بهذا الكم تساعد على التحكم في أسعار النفط، ومن ثم الحد من تأثير «أوبك»، وربما في النهاية تنجح في تحطيمها!! أو على الأقل تهميشها كمرحلة أولى.
ـ التأثير بقوة في المصالح الاقتصادية للقوى الطامحة في لعب دور في النظام الدولي، عبر التحكم في امداداتها من النفط الخليجي.
هذا بالإضافة إلى أن اللوبي النفطي الذي يسيطر على الإدارة في الولايات المتحدة الأمريكية يخطط للسيطرة على نفط العراق لصالح الشركات الأمريكية وهو ما أكده الواقع فمع دخول الغزاة بغداد كانت وزارة النفط الوزارة الوحيدة التي قامت بحمايتها قوات الاحتلال الأمريكي وكان تشيني، نائب الرئيس الأمريكي، قد نقل عنه قوله للرئيس العراقي صدام حسين " انه يجلس علي 10 في المئة من احتياطي البترول في العالم، ولديه ثروة هائلة وترك يعمل علي هواه ".
ونفس الامر يقال عن جورج بوش الذي لديه اجندته النفطية الخاصة. ويتوقع انه حالة حدوث تغيير في النظام العراقي فان شركات النفط الأمريكية مثل ايكسون سيكون لها نصيب الاسد من هذا الاحتياطي العراقي .
ذكر تقرير في صحيفة نيوزداي أن فصيلا في البيت الأبيض دفع بأنه إذا ما تولت حكومة عسكرية أمريكية مؤقتة مقاليد الامور في العراق، فإن عليها أن تعمل أولا على تأمين منشآت النفط العراقية وأن تستولي على البترول وصفه (غنيمة حرب) وهو ما لم تكنه .
فالعراق يمتلك 115 مليار برميل من احتياطي النفط ثاني أكبر احتياطي عالمي. و يؤكد الخبراء أن يكون المخزون الحقيقي للنفط في العراق أكبر من ذلك بمراحل عديدة , إذ أن الإمكانات النفطية الحقيقية في البلاد لم تكتشف بعد بسبب دخول العراق في حروب متصلة (إيران و الكويت) و عقوبات اقتصادية لسنوات عديدة. فمنطقة الصحراء الغربية للعراق المحاذية للمملكة العربية السعودية و الأردن مازالت أرضا بكر من كل تنقيب عن النفط فيها.و حسب تقديرات المعهد الفرنسي للنفط , وهو مؤسسة أشرف على تكوين عدد من المهندسين العراقيين, فإن الأحواض الرسوبية لهذا الشريط يمكن أن تحتوي لوحدها على 200 مليار برميل من النفط الخام.
فقد قال وزير النفط السابق عامر الرشيد العام الماضي أن من أصل 73 حقلا تم اكتشافها حتى الآن , فإن 24 حقلا فقط هي التي تنتج فعلا. و عموما فإن حوالي 2000 بئر فقط هي التي تم حفرها في العراق(أما العدد المنتج منها حاليا فهو في حدود 1500 إلى 1700 بئر) هذا مقارنة مع حوالي مليون بئر في تكساس مثلا.
و يأتي غالبية النفط العراقي الخام من أكبر حقلين في البلاد هما الرميلة و كركوك. ويقع حقل الرميلة في الجنوب و يمتد إلى مسافة قليلة داخل الأراضي الكويتية و يشتمل على حوالي 663بئرا و ينتج ثلاثة أنواع من النفط هي:البصرة العادي,و البصرة المتوسط, و البصرة الثقيل. أما حقل كركوك الذي اكتشف لأول مرة في عام 1927 فيحتوي على 337 بئرا. وتقع حقول النفط العراقية المهمة على طول الحدود مع إيران , من المنطقة الكردية في كركوك و الموصل في الشمال و حتى منطقة البصرة في الجنوب مرورا ببغداد في الوسط.

نفط العراق قبل غزو الكويت
قبل الغزو العراقي للكويت وصل الإنتاج النفطي العراقي في يوليو عام 1990 إلى 3,5 مليون برميل يوميا . و لفترة الأشهر الأحد عشر الأولى من عام 2002, كان إنتاج العراقي يتراوح في حدود 2,02 مليون برميل يوميا نزولا من حوالي 2,45 مليون برميل يوميا في عام 2001, و2,69 مليون برميل يوميا في عام 2000. ولقد بلغ الإنتاج الشهري للنفط العراقي أدنى مستوى له في شهر أبريل 2002 بحدود 1,2 مليون برميل يوميا, ووصل أعلى مستوى لف في شباط 2002 بحدود 2,5 مليون برميل يوميا. فالعراق ليس بمقدوره الآن إنتاج أكثر من 2,5 مليون برميل يوميا أو 2,8 مليون . و هذه لا تشكل سوى نسبة 3% من حاجة السوق العالمية, و هي النسبة عينها التي تنتجها بالكاد نيجيريا.
وتقول دراسة عراقية أعدت عام 1996 , إن كلفة المشاريع الضرورية لزيادة قدرة إنتاج النفط العراقي يمكن أن تبلغ 35 مليار دولار لكي تتحقق زيادة تصل إلى 3,5 مليون برميل يوميا. لكن مصادر أخرى تقدر هذه التكاليف بنحو7 مليارات دولار خلال مدة أدناها ثلاث سنوات و يصبح العراق مصدرا ل3,5 ملايين برميل يوميا. و تضيف هذه المصادر أن زيادة أخرى على هذه التكاليف بقيمة 20 مليار دولار يمكن أن تجعل العراق قادرا على إنتاج 6 ملايين برميل يوميا حتى عام 2010.ويجمع الخبراء أن إعادة تأهيل الحقول العراقية لكي تصل إلى مستوى إنتاج تتراوح بين 4,5 مليون برميل يوميا و 6 ملايين برميل يوميا , يتطلب ضخ 20 مليار دولار كاستثمارات في البنية الأساسية النفطية, لاسيما أن الحقول العراقية تتميز بقربها من سطح الأرض و بالتالي قلة تكلفة الإنتاج و تحقيق عائدات ضخمة مهما كان سعر النفط في الأسواق العالمية.

نفط العراق الأهم بالنسبة للولايات المتحدة
وقد كشف الرئيس الأمريكي "بوش" الأب " في خطاب له يوم 12 سبتمبر 1990 عن ذلك بقوله:
"إن العراق يسيطر على 10% من احتياطي النفط العالمي، ويسيطر مع الكويت على ضعف هذه النسبة. وإذا سُمح للعراق بابتلاع الكويت، ستكون له القوة الاقتصادية والعسكرية والغطرسة لتهديد جيرانه الذين يسيطرون على نصيب الأسد من النفط العالمي. ولا نستطيع ولن نسمح لشخص (…) بالسيطرة على مورد حيوي كهذا .
وكان وزير الطاقة الأمريكي الأسبق «جون هارنجتون» قد أعلن في عام 1987 أن العراق يعوم على بحيرة من النفط وأن احتياطياته ربما تفوق الاحتياطيات السعودية الضخمة التي تبلغ نحو ربع الاحتياطيات العالمية المؤكدة من النفط، وفي هذه الحالة اذا استطاعت الولايات المتحدة السيطرة على العراق ونفطه من خلال الغزو ووضع حكومة عميلة هناك، فإنها يمكن أن تتحكم في حجم الإنتاج العالمي من النفط من خلال مضاعفة حجم الإنتاج العراقي، ويمكنها بالتالي أن تعمل على خفض أسعاره بشكل كبير بما يحقق مصالحها كأكبر دولة مستهلكة ومستوردة للنفط في العالم حتى لو أدى ذلك الى تدهور اقتصادي يصل الى حد الكارثة بالنسبة للدول المصدرة الرئيسية للنفط، وبالذات الدول التي تعتمد على النفط بشكل كامل تقريبا في تحقيق دخلها وضمان مستويات معيشية عالية لمواطنيها مثل دول الخليج.
وقد ازاد استهلاك الولايات المتحدة من النفط الخام العراقي بنسبة 24 في المئة في يناير 2002 ، رغم استعدادات إدارة الرئيس جورج بوش لشن حرب تقول إنها لا علاقة لها بالنفط.
وتحولت الشركات الأمريكية بسرعة إلى الخام العراقي لتعويض النقص الناجم عن إضراب فنزويلا المستمر منذ شهرين قبل بداية العدوان على العراق والذي أدى إلى خفض إمداداتها للأسواق العالمية. وساعدت زيادة الإمدادات العراقية المصافي الأمريكية على التعامل مع الانهيار المفاجئ في الإمدادات من فنزويلا التي تراجعت صادراتها إلى نحو 30 في المئة من المستويات المعتادة.
وقالت مصادر من قطاع النفط إن الولايات المتحدة حصلت في يناير على 15,1 مليون برميل يوميا في المتوسط من الخام العراقي، أي ما يعادل 13% من إجمالي وارداتها من النفط ارتفاعا من 925 ألف برميل يوميا في ديسمبر 2002.
وتشتري الشركات الأمريكية الخام العراقي عبر شركات وسيطة تحت إشراف الأمم المتحدة ثم تعيد بيعه للمصافي الأمريكية. ومنذ أن ألغى العراق الرسوم الإضافية في سبتمبر 2002 زادت الشركات الأمريكية باطراد مشترياتها من النفط العراقي رغم التهديد بإحتلال العراق وارتفع نصيب الولايات المتحدة من صادرات النفط العراقي الرسمية بمقتضى اتفاق مبادلة النفط بالغذاء إلى 67 في المئة من 58 في المئة من الامدادات العراقية في ديسمبر2002.
وكشفت صحيفة «نيوزداي» الأمريكية الجمعة 10-1-2003 أن مسئولين أمريكيين قدموا اقتراحات للإدارة الأمريكية تدعو لاستخدام عائدات النفط العراقي في تغطية تكاليف الحرب الأمريكية الوشيكة ضد العراق. ونقلت الصحيفة عن مايك أنتون المتحدث الرسمي باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي قوله: إن البيت الأبيض وافق على أن تلعب عائدات البترول العراقي دوراً مهماً خلال فترة الوجود العسكري الأمريكي في العراق «ولكن فقط من أجل مصلحة العراقيين»، على حد قوله. وأوضح أن «عائدات البترول العراقية سيتم استخدامها في حالة الحرب والتواجد العسكري الأمريكي في العراق ولكن لن يتم استخدام العائدات كلها في هذا الشأن»، مشيراً إلى أن جزءا من تلك العائدات سيتم استخدامه في المعونات الإنسانية للاجئين العراقيين ولإعادة إعمار البنية التحتية للعراق.
لكن مصدرا مطلعا على ما يدور داخل الإدارة الأمريكية أشار - في تصريحات للصحيفة - إلى وجود أصوات قوية بالبيت الأبيض تؤيد استيلاء واشنطن على عائدات النفط العراقي، وقال المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه: «هناك أصوات داخل البيت الأبيض استقرت على أن البترول هو غنيمة الحرب بالنسبة لهم».

البترول قبل العدوان على العراق
صرح وزير الخارجية الأمريكي كولن باول في 22 يناير 2003 بان احتلالا عسكريا سيتم للعراق وان البترول هو امانة لشعب العراقي وستتم حماية حقول النفط، وتزامنا مع ذلك اشارت المعلومات الى أن اجتماعات مكثفة جرت في الاسبوعين الاخيرين بين مسؤولين في وزارتي الدفاع والخارجية الأمريكيتين بحضور رجال من المعارضة العراقية لدرس المسائل النفطية.
وكانت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية قد نقلت عن مصادر لم تذكرها بالاسم أن «هنالك عشقا تاريخيا بين الإدارة الأمريكية بدءا من الرئيس بوش إلى اصغر الموظفين، والنفط».
وفي اليوم التالي لتصريحات باول نقلت صحيفة (الغارديان) البريطانية عن مصادر قولها إن اجتماعا مهما عقد في أكتوبر الماضي بين مسؤولين كبار في مكتب نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني وشركات نفطية مهمة هي «اكسون موبايل» و«شيفرون تكساكو» و«كوكوفيليبس» و«هاليبورتون» لدرس آفاق الصناعة النفطية في العالم بما في ذلك الوضع العراقي.
وقالت الصحيفة إن تعاونا يجري التخطيط له حاليا بين كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا وشركات نفط عالمية كبيرة لوضع خطط لمواجهة احتمالات قيام الحكم العراقي باشعال النيران في حقول النفط مثل ما فعل في العام 1991 في آبار الكويت في حال هزيمته.
ونقلت عن مصادر مطلعة قولها أن الشركات العالمية والدول هذه ايضا لا ترغب الحديث في العلن عن موضوع النفط خشية اثارة العالم العربي الذي يرى أن الحرب المقبلة لا اهداف لها سوى الثروة النفطية في العراق.
وذكرت مصادر غربية أخرى أن عسكريين أمريكيين يشاركون في كل الاجتماعات التي تجري في أروقة الإدارة الأمريكية وهو أعلنوا أن وحدات من القوات الخاصة جاهزة لاحتلال مواقعها في حقول النفط العراقية في حال بدء العمليات العسكرية ضد بغداد.

النفط العراقي بعد الاحتلال
لم تسطع الولايات المتحدة حت الآن الإستفادة من نفط العراق السبب الرئيسي في احتلاله وسبب ذلك هو ادراك المقاومة العراقية للمخططات الأمريكية والتي سرعان ما كانت أنابيب النفط خاصة جيهان كركوك وخطوط النفط المرتبطة بمصفاة بيجي.
ورغم شركات الحراسة الخاصة التي اوكلتها سلطات الاحتلال لتأمين أنابيب النفط العراقية من هجمات المقاومة إلا أن المقاومة نجحت حتى الآن في منع الاحتلال الأمريكي من الاستفادة بأي قطرة من النفط العراقي .

4 - السيطرة على النفط السوداني
ظل السودان بعيدا عن اذهان الساسة الأمريكان حتى ظهرت الاكتشافات النفطية الاخيرة و التى تبشر باحتياطيات ضخمة ومن ثم فقد بدأ الساسة الأمريكان فى وضع مؤامرة خبيثة لفصل الجنوب، وإقامة دولة انفصالية تسيطرعلي منابع النيل وتضع يدها علي منابع النفط السوداني.
وقد دخلت السودان بقوة في العامين الماضيين لسوق النفط الأفريقي ، بطاقة إنتاجية قفزت من 160 ألف برميل عام 2000 إلى 250 ألف برميل يوميا في العام الماضي ، مما جعله يحتل المرتبة الرابعة أفريقيا ، مع توقعات بارتفاع الإنتاج إلى 600 ألف برميل يوميا بحلول عام 2005 ، كما يتوقع ارتفاع الاحتياطيات من 1.2 إلى 4 مليار برميل .
ورغم تلك الكمية الضئيلة التي ينتجها السودان ، إضافة إلى ما بين 2 إلى 4 مليار برميل احتياطات متوقعة ، إلا إنها كانت كافية لتغيير الموقف الأمريكي تجاه الخرطوم بشكل شبه كامل ، بل أن واشنطن تجاهلت ضغوط الجماعات المسيحية اليمينية المطالبة بموقف متشدد تجاه الحكومة السودانية ، لصالح جماعات الضغط النفطية ، والتي طالبت بموقف مهادن يجمع ما بين العصا والجزرة ، من اجل التوصل لاتفاق تسوية بين الحكومة والمتمردين في الجنوب ليتيح استغلال الثروات النفطية الكامنة في أراضيه لصالح الشركات الأمريكية . خاصة وان شركة " شيفرون " الأمريكية كانت صاحبة السبق في اكتشاف النفط السوداني عام 1980 ، إلا أنها اضطرت للانسحاب بسبب ضآلة الكميات المكتشفة ، وضغوط جماعات التنصير الأمريكية النشطة في جنوب السودان.
ثم بدأت المخطط الموضوع من قبل الولايات المتحدة والغرب لفصل الجنوب السوداني بزعيم الجبهة الشعبية لتحرير السودان جون قرنق وبنظرة على الوضع المتردى الي الأسوأ في الجنوب فانه يتضح حجم المؤامرة والقوي الخارجية المحركة لها وأهدافها المبيتة ضد السودان من حيث استهداف مناطق النفط في الجنوب وتدمير منشآته، حيث اعتادت قوات المتمردين بالهجوم علي ولاية الوحدة في منطقة دين هدير ومنطقة راجاني اقليم بحر الغزال حيث توجد الآبار والهدف هو الضغط علي الشركات الكندية والصينية والماليزية لإيقاف الاستثمارات وعمليات الإنتاج والتنقيب عن النفط ، فوعت الدولة الامرفأسست شركة سودانية لإنشاء خط أنابيب نقل النفط إلي ميناء بشائر علي البحر الأحمر وبعدها اقيمت مصفاة جديدة بطاقة 50 ألف برميل يوميا وتحصل الحكومة علي 400 مليون دولار من إيراد النفط ويذهب منها 300 مليون للاستهلاك المحلي من البنزين و هناك توقع بارتفاع الإنتاج السوداني من النفط إلي مليون برميل يوميا خلال ثلاث سنوات وهو ما تعتمد عليه خطة التنمية.
ولكن أمريكا والغرب يريدان اجهاض جهود السودان في اجتياز الأزمة الاقتصادية، ولذلك قامتابدفع جارانج للهجوم علي مناطق النفط والسعي لإقامة الدولة الانفصالية في الجنوب وهذالايخفى الدور الذى تلعبه المنظمات الكنائسية وجماعات التبشير فى حبك المؤامرة بترويج الافتراءات عن تجارة الرقيق وسوء احوال الجنوبيين، حيث تجمع التبرعات وتقدم الدعم إلي جارانج الذي يقوم بتصفية القبائل في الجنوب ويدفعها إلي الهروب شمالا إلي الخرطوم.

رابعاً : دول الكاريبي وأميريكا اللاتينية
أورد الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل في مقالة "مهمة تفتيش في الضمير الأمريكي في العدد التاسع والأربعون – فبراير 2003م مجلة وجهات نظر" " وهنا لم يكن مستغرباً أن تكون مقدمة الظهور الأمريكي مع مطلع القرن العشرين رجالاً من طراز "مورجان " وهو من أسرة أعتمدت ثروتها على في الأصل على جد من كبار القراصنة خبأ كنزة في أحدى جزر البحر الكاريبي ثم ترك لأسرته خريطة تدل على موقعه، وعندما تمكن الورثة من فك الرموز- أصبح الكنز في العصر الحديثأهم أصول واحد من أكبر البنوك الأمريكية)- ونفس الطراز من الرجال تكرر في "جون روكفللر" ( فقد تحصل على غنى أسطورى من إبادة قبائل بأكملها في "فنزويلا" كي يفسح المجال لحقول بترول تأكد له وجودها وصمم على انتلاكها، واستحق أن يوصف بانه أسال دماء على سطح فنزويلا بأكثر مما استخرج من عمق آبارها نفطا).
وهذا وغيره الكثير من الجرائم الأرهابية الدموية في تعاملها مع دول الكاريبي وأمريكا اللاتينية والتي تعتبر ضمن المجال الحيوي للولايات المتحدة وهي لا تدع أية فرصة لهذه المنطقة من الخروج عن طوعها ولو تطلب ذلك دعم الانقلابات والتدخل العسكري لتأمين واشنطن لمصالحها.
وحتى الحرب العالمية الثانية كانت شركات "ستاندارد أويل أوف نيوجيرسي" و "شـل" و "جلف" تسيطر على 90 % من إنتاج وصناعة البترول في منطقة البحر الكاريبي. وقد تمتعت هذه الشركات بمقتضى عقد امتياز عام 1922 بمركز ممتاز جداً، حيث أنها لم تُكلَّف إلا بدفع إيجار زهيد للأراضي الشاسعة موضوع الالتزام، بالإضافة إلى 10% فقط من قيمة الإنتاج.
ولكن على أثر نهضة الروح الوطنية في أمريكا اللاتينية وخصوصاً بعد سابقة تأميم بترول دولة المكسيك عام 1938، وتحت تأثير حوادث الحرب العالمية الثانية، أصدرت حكومة فنزويلا عام 1943 قانوناً ينظم صناعة البترول في البلاد. وقد ظل هذا القانون يحكم العلاقة بين الشركات المستثمرة وحكومة فنزويلا طوال خمسة عشر عاماً حتى عام 1958.
وقد نص هذا القانون على تحديد مساحة الأراضي موضوع الامتيازات البترولية وإنقاص مدة عقود هذه الامتيازات. كما ألزم الشركات المستثمرة بتكرير جزء من الزيت الخام في فنزويلا نفسها.
وتدعو خطة إدارة بوش الى زيادة اساسية في واردات النفط الأمريكية من المكسيك والبرازيل ودول الانديز. فالولايات المتحدة تأتي اصلاً بحصة كبيرة من نفطها المستورد من أمريكا اللاتينية - فنزويلا هي الآن ثالث اكبر مزود للنفط للولايات المتحدة (بعد كندا والسعودية)، والمكسيك هي رابع اكبر مزود وكولومبيا هي السابع - وتأمل واشنطن أن يزداد اعتمادها على هذه المنطقة مستقبلاً. ويلفت وزير الطاقة سبنسر ابراهام الى أن "الرئيس بوش لا يعترف بالحاجة الى زيادة كميات الطاقة المعروضة فحسب، بل بدور مهم يضطلع به النصف الغربي للكرة الاراضية في سياسة الطاقة للادارة".
ويشدد المسؤولون الأمريكيون في تقديمهم هذه الخطط الى حكومات المنطقة على رغبتهم في اقامة اطار للتعاون المشترك لتنمية إنتاج الطاقة. وقال ابراهام للمؤتمر الوزاري الخامس للطاقة في النصف الغربي للكرة الارضية في مكسيكو في 8 آذار :2001 "اننا إذ نتطلع الى المستقبل، ننوي التشديد على الامكانات الهائلة لتعاون إقليمي اكبر (...) هدفنا هو بناء علاقات مع جيراننا تساهم في امن الطاقة المشترك بيننا وفي وصول الى الطاقة مناسب ودائم وملائم بيئياً". واياً يكن هدف هذه التصريحات، فإنها تتجاهل الحقيقة الأساسية، وهي أن كل هذا "التعاون" انما يهدف الى ضخ كميات متزايدة من كذلك تشدد خطة بوش للطاقة على شراء كميات اضافية من نفط المكسيك وفنزويلا. وتقول أن "المكسيك هي مصدر رئيسي يمكن الاعتماد عليه لاستيراد النفط". وان "احتياطاتها الكبيرة، التي تزيد بنسبة نحو 25 في المئة عن احتياطاتنا، تجعلها مصدرا ممكناً لانتاج نفط اضافي طوال العقد المقبل". أما فنزويلا فمهمة جدا لخطط الولايات المتحدة لانها تملك احتياطات كبيرة من النفط العادي (ولا يتفوق عليها في ذلك سوى ايران والعراق والكويت والسعودية والامارات) ولانها تملك كميات كبيرة من النفط الثقيل - وهي مادة موحلة يمكن تحويلها نفطا عاديا بواسطة عملية تكرير مكلفة. وتشير الخطة الى أن "نجاح فنزويلا في جعل احتياطات النفط الثقيل مقبولة تجاريا يظهر أنها ستساهم جوهريا في تنويع الإنتاج العالمي من الطاقة وفي خليط مواد الطاقة الذي تعرضه الولايات المتحدة في المديين المتوسط والبعيد".
لكن جهود الولايات المتحدة لاستخراج كميات كبيرة من النفط المكسيكي والفنزويلي ستواجه صعوبة رئيسية. فنظرا الى التاريخ الطويل من النهب الاستعماري والامبريالي، اخضعت هاتان الدولتان احتياطاتهما النفطية لسلطة الدولة واقامتا حواجز قانونية ودستورية كبيرة في وجه اي انخراط اجنبي في إنتاج النفط المحلي. وفي حين أن الدولتين قد تسعيان الى الاستفادة من الميزات الاقتصادية لتصدير كميات اضافية من النفط الى الولايات المتحدة، فانهما ستقاومان على الارجح اي مشاركة متزايدة لشركات امريكية في صناعات النفط فيهما واي زيادة سريعة لاستخراج النفط. وهذه المقاومة ستكون ولا شك مصدر احباط للمسؤولين الأمريكيين الذين يسعون تماما الى هذه النتائج لذلك تدعو خطة الطاقة كلا من وزراء التجارة والطاقة والخارجية الى إقناع نظرائهم في أمريكا اللاتينية بازالة العقبات او تخفيفها امام زيادة الاستثمارات النفطية الأمريكية. وقد تتحول هذه الجهود موضوعا رئيسيا في علاقات الولايات المتحدة مع هاتين الدولتين.
ويرجح ايضا أن تكون اهتمامات الطاقة بارزة في علاقات أمريكا مع كولومبيا. فمع أن هذه الدولة معروفة اساسا بدورها في تجارة المخدرات غير الشرعية، فانها في الوقت نفسه منتج رئيسي للنفط وقد تضطلع مستقبلا بدور اكبر في خطط الطاقة الأمريكية. لكن الجهود لزيادة إنتاج النفط الكولومبي كانت تتعثر نتيجة هجمات متكررة تشنها مجموعات مسلحة معارضة للحكومة على منشآت النفط والانابيب. وبدعوى أن هذه المجموعات تؤمن الحماية لتجارة المخدرات، تساعد الولايات المتحدة بموجب "خطة كولومبيا" الجيش والشرطة في هذا البلد على قمع المقاتلين. وعلى رغم أن واشنطن لم تربط في اي لحظة هذه الجهود بسياستها للطاقة، فان المسؤولين الأمريكيين لا يساورهم اي شك في أن خفضا ملموسا لنشاطات المقاتلين سيسمح في النهاية بزيادة إنتاج النفط.


1 - السيطرة على نفط كولومبيا
أعلنت شركة " اكوبترول " الوطنية الكولومبية مؤخراً عن اكتشاف حقلا نفطيا كبيرا قد يكون الأكبر في تاريخ كولومبيا في الآونة الأخيرة ويحتوي هذا الحقل على 200 مليون برميل.
وقد واعلن رئيس الشركة ايساك يانوفيتش أن هذه الاحتياطيات قد اكتشفت على عمق 3ر7 كلم في اعقاب عمليات حفر جديدة في بئر جبل طارق 1، الذي تخلت عنه في مايو 2002 شركة اوكسيدنال بتروليوم (اوكسي) الأمريكية بالقرب من ساموري في جنوب ولاية نورت سانتاندر التي تبعد 300 كلم شمال شرق بوغوتا.
وقد أسالت هذه الاحتياطيات لعاب الإدارة الأمريكية التي لها مصالح حيوية في كولومبيا وهو ما جعل المساعدات الأمريكية تتدفق على كولومبيا تحت ستار محابة تجراة المخدارات وزراعتها ، ومحاربة المتمردون.
وقد نشرت الولايات المتحدة قوات في شرق كولومبيا في منطقة غنية بالنفط تعتبر معقلا للمتمردين الماركسيين.
وبدأت القوات الخاصة الأمريكية تدريب القوات الكولومبية على تقنيات مواجهة التمرد في مقاطعة أروكا.
ويحاول الجيش الكولومبي حماية أنبوب نفط هوجم 200 مرة خلال السنتين الأخيرتين فقط.
وتلك هي المرة الأولى التي يتدخل فيها الجيش الأمريكي بهذه الطريقة المباشرة في الحرب الأهلية الكولومبية الممتدة منذ 39 سنة.
وتأتي هذه الخطوات التي يعتبرها البعض هامة بسبب العدوان على العراق وعدم استفادة قوات الاحتلال الأمريكية من نفط العراق وبعد العاصفة التي تتعرض لها فنزويلا وكل هذا زاد من الأهمية الإستراتيجية لنفط كولومبيا للولايات المتحدة ، والتي تعتبر الدولة العاشرة بين الدول التي تمول الولايات المتحدة بالنفط.
وأهم المساعدات التي حصلت عليها كولومبيا مؤخرا تلك التي تقدمها الولايات المتحدة لحماية أنبوب نفط كانو ليمون الذي يبلغ طوله 780 كيلومترا تأتي في إطار معونة أمريكية إلى كولومبيا مقدارها 98 مليون دولار.
ويمكن القول بإختصار أن الهدف المعلن حتى زمن قريب من التدخل العسكري الأمريكي هناك هو مكافحة تجارة المخدرات. لكن خلال الأشهر الأخيرة أضاف البيت الأبيض هدفين آخرين الى برنامج الدعم العسكري الأمريكي فيها وهما محاربة العنف السياسي و"الإرهاب" الذي تلجأ اليه الميليشيات وحماية أنابيب النفط التي تنقل البترول من الآبار الداخلية الى المصافي الواقعة على الساحل. ومن أجل تمويل هاتين الأولويتين الطارئتين طلبت إدارة بوش الى الكونغرس أن يوافق على زيادة حجم المساعدة العسكرية لبوجوتا، ومنها 100 مليون دولار مخصصة تحديداً لحماية أنابيب النفط.
فأياً تكن النيات الأساسية للزعماء الأمريكيين فإن الأولويات الثلاث هذه لدى الحكومة في مجال الأمن الدولي، أي تطوير القدرات العسكرية والتفتيش عن مصادر جديدة للنفط وما يسموه بالحرب على الارهاب، قد اندمجت لتشكل هدفاً استراتيجياً واحداً. والطريقة الوحيدة لوصف هذه النزعة الشاملة بالتحديد في الاستراتيجيا الأمريكية هي في القول بأنها تشكل هدفاً احادياً يمكن تلخيصه بأنه "الحرب من أجل فرض الهيمنة الأمريكية وتأمين منابع النفط هناك.

2 - السيطرة على نفط فنزويلا
تحتل فنزويلا منزلة متميزة داخل أوبك، فهي تمتلك من احتياطيات الزيت المؤكدة في نهاية 2001 نحو 78 مليار برميل، أو ما يعادل 7.4% من الاحتياطيات العالمية. وهي بذلك تحتل المرتبة السادسة بعد السعودية والعراق والإمارات والكويت وإيران. وبالإضافة لذلك تمتلك فنزويلا احتياطيات هائلة من الزيت الفائق الكثافة Extra heavy (أقل من درجة 10 API) الذي يوجد في حزام أورينكو Orinoco Belt وتقدر احتياطياته بنحو 270 مليار برميل وإن كانت اقتصادياته حاليا لا تسمح باستخلاص أكثر من 7% منها وبتكلفة مرتفعة. ولذلك استقر الرأي داخل أوبك على استبعاد إنتاج الخام الفائق الكثافة من الحصة المعتمدة لفنزويلا.
بذلك تعتبر فنزويلا واحدة من الدول الست التي سيكون بمقدورها تزويد العالم بما يقرب من نصف احتياجاته من البترول بحلول العام 2020 وبعد أن تكون احتياطيات الكثير من الدول المنتجة للبترول قد بدأت رحلة النضوب الطبيعي وصار إنتاجها عاجزا عن مواكبة الطلب العالمي المتزايد على البترول. وهذه الدول الست هي السعودية والعراق والإمارات والكويت وإيران وفنزويلا.
وعلى مدى السنوات الخمس 1996-2000 بلغت صادرات فنزويلا البترولية نحو 3.35 ملايين ب/ي في المتوسط موزعة بين 2.07 مليون ب/ي زيت خام و1.27 مليون ب/ي منتجات مكررة بنسبة 38% من إجمالي الصادرات.
وكل هذه الأرقام جعلت الولايات المتحدة هي السوق الأساسي والرئيسي للبترول الفنزويلي والأقرب إليها رغم ارتفاع تكلفة استخراجه عن الخيج العربي من 5 إلى 7 دولارات للبرميل الواحد ، وبالتالي فالبترول - وخاصة الزيت عالي الكثافة - الفنزويلي أحد الدعائم الرئيسية التي تعتمد عليها الولايات المتحدة حالياً في واردتها من النفط .
ويتجه من تلك الصادرات إلى أسواق الولايات المتحدة، التي تعتبر أهم أسواقها، نحو 1.2 مليون ب/ي كمتوسط للسنوات الخمس موزعة بين 810 ألف ب/ي زيت خام و380 ألف ب/ي منتجات مكررة، وذلك فضلا عن وجود شركة بترول فنزويلية يقع مقرها الرئيسي داخل الولايات المتحدة وهى شركة Citgo. وإذ يتصف أغلب الزيت الفنزويلى بالكثافة العالية، فإن معظمه يكرر في المصافي الأمريكية الواقعة في الخليج الأمريكي الذي يبعد عن موانئ فنزويلا بمسافة تقطعها الناقلات في خمسة أيام، بينما تمتد تلك المدة إلى خمسة أسابيع
بدأ إنتاج البترول في أوائل عقد العشرينيات من القرن الماضي في حوض بوليفار الساحلي العملاق. وعلى الرغم من مضي نحو 80 عاما فإن إنتاج هذا الحوض ما زال يمثل نحو نصف الإنتاج البترولي في فنزويلا. وقد صدر أول قانون للبترول في فنزويلا عام 1943 ثم عدل عام 1967 لكي يشمل أول شركة بترول وطنية .
وقد ظلت فنزويلا منذ الثمانينيات، وبخاصة عقب إبرام "اتفاقية نافتا" بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، تحاول استرضاء الولايات المتحدة لكي لا تستبعد من التوليفة الثلاثية التي جمعت الدول الثلاث، ولكي تحتفظ بنصيب مناسب في إمداد الولايات المتحدة بما تستورده من البترول سواء أكان في صورة زيت خام أم في صورة منتجات مكررة. ومن ثم تبنت فنزويلا منذ العام 1989 سياسة مؤداها فتح قطاع البترول للاستثمارات الأجنبية Apertura petrolera ، وخاصة الأمريكية .
وبعد هذه الأرقام التي تؤكد بكارة النفط الفنزويلي حيث بدأت المخططات الأمريكية بدعم التمرد في فنزويلا خاصة وأنها لا ترضى أن يجلس هوجو شافيز المعارض لسيياستها الخارجية على بحيرة النفط الفنزويلية ، فهذا يتعارض مع استراتيجياتها.
وعليه اتهم الرئيس شافيز الحكومة الأمريكية يوم 6 مارس, 2004 بدعم المحاولات الانقلابية فى فنزويلا.
وقال شافيز للسفراء الأجانب الذين استدعاهم إلى قصر الرئاسة "باسم الحقيقة علي أن أطلب من حكومة واشنطن رفع يدها عن فنزويلا". ولم يكن السفير الأمريكي موجودا ولكن نائبه كان حاضرا بدلا منه.
ودافع شافيز عن استعانته بقوات الجيش للسيطرة على الاحتجاجات العنيفة المناهضة لحكومته والتي أكد دعم واشنطن لها.
وأكد شافيز أن لديه أدلة على تمويل واشنطن لمحتجي المعارضة الذين أقاموا حواجز على الطرق واشتبكوا مع قوات الجيش خلال الأسبوع الماضي للمطالبة برضوخ شافيز لاستفتاء على حكمه هذا العام.

الخاتمة
اينما توجد منابع النفط يوجد جندي مشاة البحرية الأمريكية ، أو قواعد عسكرية تشرف على سرقة قوات الشعوب المغلوبة على امرها ، وحيثما خطط تفوح رائحتها الكريهة تللك هي حقيقة الاقتصاد الامريكي الذي شيريان حياته الاقتصادية النفط ثم النفط ثم النفط ، اذا ارتفع سنتاً أو انخفض سنتاً يثور الحاوي الأمريكي ، الذي يسعي بكل ما أوتي من ملكات السحر أن يوفر هذه الدماء السوداء ويؤمن تدفقها إلى المواطن الأمريكي ولا مانع أيضاً من تسيل دماء البشر السودان ، أو فنزويلا أو كل دول قزوين.
أمريكا تواجه بالفعل أزمة اقتصادية حادة تداد حدتها مستقبلاً ، فهي كما تخوضاً ما تسميه حرباً ضد الارهاب ، تخوض من خلف ستار حرباً أخرى لتأمين منابع النفط وتيسيير تدفقها إلى واشنطن .

تمت......

صدام فلسطين
31-12-2004, 07:10 PM
الرجاء دمج الموضوع فى مجلد واحد ان امكن

حتى تتم الفائدة للجميع ويسهل حفظه ...

ali2004
31-12-2004, 07:22 PM
أخى العزيز / صدام فلسطين

الملف كاملا

http://www.baghdadalrashid.com/upload/control_of_oil.zip