المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المقاومة العراقية تشكل نقطة تحول هامة وخطيرة في مرحلة ما بعد الأتحاد السوفيتي



الناصر
22-12-2004, 11:01 PM
المقاومة العراقية تشكل نقطة تحول هامة وخطيرة في مرحلة ما بعد الأتحاد السوفيتي

الدكتور عمر ظاهر*

المقاومة العراقية تشكل نقطة تحول هامة وخطيرة في مرحلة ما بعد الأتحاد السوفيتي. المقاومة العرافية أثبتت أن الشعوب الحرة لا تحتاج إلى دول عظمى كي تدافع عن حريتها وكرامتها، وأن أمريكا ليست قوة لا تقهر.

كلما أرتكبت الولايات المتحدة حماقة كبرى أنبرت وسائل إعلامها لتخلط الأوراق وتنشر الأكاذيب وتصوًر الحماقة وكأنها مقصودة تنطلق من فكرة جهنمية وترمي إلى تحقيق مقاصد لا يعرفها أحد إلا دهاقنة البنتاغون والبيت الأبيض. عندما نصدق نحن العرب بهذه الترهات يقولون عنا أننا من أنصار نظرية المؤامرة، وعندما يصدق بها الأمريكان والأوربيون فيزعمون بأنهم يفهمون عقلية الأمريكي. نحن بحاجة إلى تكوين صورة واقعية عن العالم، وهذا يتطلب تسمية الأشياء بمسمياتها. نظرة متفحصة إلى أحداث السنتين الماضيتين بدءً من التحضير لشن الحرب القذرة ضد العراق وإنتهاءً بمأساة الفلوجة ستقودنا بكل تأكيد إلى أستنتاج أمر واحد: أن كلاً من بوش ورمسفيلد يتمتعان بقلب يطفح بالكراهية للعرب والحقد عليهم، لكن كلاً منهما يمتلك في الوقت نفسه رأساً خاوياً إلا من كمية لا بأس بها من الحماقة والغباء. إنهما لم يجلبا للولايات المتحدة غير العار والخزي، وسيذكر التاريخ الرئيس بوش بإعتباره ذلك الأخرق الذي أنزل الولايات المتحدة من علياء القوة العظمى الوحيدة في العالم إلى حضيض الهزيمة على أيدي مقاتلين، ترون صورهم على الإنترنيت، ملثمين حفاة الأرجل، لكنهم رجال تطفح قلوبهم بحب وطنهم والإيمان بعدالة قضيتهم، وتحوي رؤوسهم من الحنكة والدهاء ما يجعل القوة العظمى في حيرة من أمرهم.

لنلقي نظرة على مسألة الفلوجة. لقد نزلت الدولة العظمى من علياء مواجهة الأتحاد السوفيتي والصين إلى مواجهة مدينة عراقية، سيكون من المضحك إجراء مقارنة بين قوتها العسكرية وقوة الجيش الأمريكي. لقد حاصر الأمريكان المدينة وقصفوها لأكثر من شهر بمحتلف صنوف الأسلحة بما فيها المحرمة دولياً. ثم حشدوا عشرين ألف جندي للهجوم عليها ووضعوا جدولاً زمنياً، خمسة أيام، للقضاء على من يسمونهم "بالإرهابيين" قضاءً مبرماً. واليوم بعد حوالي ستة أسابيع من المعارك، ما هي النتيجة؟ الولايات المتحدة حققت شيئين: شردت أكثر من ثلثي سكان المدينة وجعلتهم منتشرين في العراء، ودفنت ألاف المدنيين تحت أنقاض البيوت المهدمة. أما عسكرياً فلا تزال المدينة بإعتراف الجنرالات الميدانيين تحت سيطرة المقاومة، وتحولت القوات الأمريكية من موقع المهاجم إلى موقع المدافع. هذه تعتبر بكل المقاييس العسكرية كارثة. إن أي قائد في العالم يحترم الشرف العسكري سيشعر بالمهانة والخزي، ويستقيل لو عرض قواته لما عرض رمسفيلد الجنود الأمريكان له في الفلوجة. لا تقولوا لي أن هذا الأخرق رمسفيلد يفعل ذلك عن قصد. سمعت أحدهم يقول أن الأمريكان سهلوا لليابانيين عن قصد توجيه ضربة إليهم في بيرل هاربر حتى تكون للولايات المتحدة حجة لإستخدام الأسلحة الذرية ضد اليابان. هذا الأحمق لا يحتاج إلى مثل هذه الحجة في الفلوجة، لأن الدلائل تشير إلى أنه أستخدم بالفعل اليورانيوم المنضب في المعارك هناك ووصل مع ذلك إلى نتيجة مخزية. دعونا نبتعد عن نظرية المؤامرة، مع أني عربي مؤمن بأن العرب يتعرضون فعلاً لمؤامرات. لكني أدرك أيضاً أن المتآمر، ولحسن الحظ، يمكن أن يكون أبله ويرتكب الحماقات، وهذا ما يقوم به بوش ورمسفيلد، هذان الرمزان المقيتان لنظرية القرن الأمريكي.

يقول البعض أن الولايات المتحدة جاءت إلى العراق لتخلق حرباً أهلية وتقسّم العراق إلى دويلات، ولهذا فهي تقف الآن وراء هذه الفوضى في العراق. دعوني أقول لكم أن هذا ليس دقيقاً تماماً. الولايات المتحدة لم تأت إلى العراق لتخلق الفوضى، بل كان بوش ورمسفيلد وشركاهم يعتقدون أنهم ذاهبون إلى حرب قد تستغرق ثلاثة أو أربعة أسابيع يستلمون بعدها بلداً يستفيدون من نفطه ومن القوة البشرية الموجودة فيه لتنفيذ المرحلة التالية من فكرة القرن الأمريكي الخائبة. كانوا متيقنين أنهم سيبدءون المرحلة التالية بعد شهور من أحتلال العراق. أما الفوضى والحرب الأهلية والطائفية فإنها وسائل يفكرون باستخدامها إذا فشلت مخططاتهم الأخرى. أما الذي يريدونه فهو عراق يحكمه عميل مخلص لهم، يضع البلد وخيراته في خدمة مخططاتهم.

بوش ورمسفيلد أعتمدا في التخطيط لتنفيذ نواياهما الخبيثة على آراء الخيراء، خبراء في شئون العراق والشرق الأوسط. نعم، كانت لديهم خطط قائمة على دراسات وأراء خبراء وستراتيجيين. تلك الخطط كانت قائمة على دعامتين أساسيتين. أولى هاتين الدعامتين هي أن العراق بعد 13 سنة من الحصار والتجويع أصبح كتفاحة يانعة تنتظر القطاف.

هذه هي المشكلة عندما تلتقي النية الخبيثة بالخبرة الزائفة. هنا في الدنمارك عندنا أيضاً خبراء في الإرهاب وفي الإسلام وفي الشرق الأوسط. هؤلاء فعلاً خبراء بالقياس مع جهل بوش ورمسفيلد، ولكن معلوماتهم عن العراق والإسلام والعرب في الواقع متواضعة إلى حد مخجل لو قيس بما لدى أي فلاح في الفلوجة أو الناصرية. إنهم ينطلقون من الحقد على العرب لا غير، لذلك يغرقون الصحف الدنماركية بمقالات تبعث على الغثيان، مثلاً عن الصراع التاريخي المستفحل بين السنة والشيعة في العراق!! وضرورة بقاء الأمريكان في العراق لمنع حرب أهلية بين الطائفتين. أسألوهم عن تاريخ آخر معركة وقعت في هذا الصراع المستفحل!! وأسألوهم عن نسبة الشيعة في الجيش الذي حارب به صدام حسين إيران الشيعية لثماني سنوات. لا أتوقع أن تصعد حمرة الخجل في وجوههم. الجهل والخجل لا يتفقان أبداً. هؤلاء لا نعتب عليهم عندما نعرف أن أفضل الخبراء الذين أعتمد عليهم بوش هم عراقيون من شاكلة أحمد الكلبي وإياد علاوي وكنعان مكية. المفترض بهؤلاء أن يعرفوا العراق والعراقيين أفضل من أقرانهم الأمريكيين الذين يستقون معرفتهم وخبراتهم مما يصدر من كتب وتقارير أستخباراتية في إسرائيل. هؤلاء وأولئك يجمعهم شيء واحد، الإلمام بالمفردات الثقافية دون الغوص في أعماقها. الخبير الأمريكي والدنماركي والإسرائيلي والعراقي من شاكلة علاوي لا يعرفون شيئاً من الأسرار التي يعرفها الفلاح العراقي. قال الخبراء لبوش أن العراقي جعل منه الحصار كلباً سيتبع من يرمي له كسرة خبز، فقال بوش "هذا ما أريده". كان يفكر ويحلم بعراق هاديء ينصب فيه حكومة عميلة تضمن له تكوين جيش من شباب العراق يعتمد عليه بوش ورمسفيلد في المرحلة التالية، إيران أو سوريا أو حتى كوريا الشمالية. إنه لا يفكر في سفك دماء العرافيين في التقاتل بينهم، ليس حباً بالعراقيين، ولكن لأنه يحتاج إلى سفك هذه الدماء في مكان آخر.
ولكن، أنظروا ماذا حدث. رمسفيلد لديه مائة وخمسون ألف جندي في العراق، عشرون ألف منهم تائهون في الفلوجة وحدها. لا تقولوا لي أن بوش ورمسفيلد كانا يتوقعات ذلك أو أنهما يتعمدان ذلك. إنها المقاومة العراقية التي تجبره على بعثرة قواته هو بدلاً من توفيرها أو تسخير شباب العراق للموت من أجل مصالح أمريكا في أماكن أخرى.

الدعامة الثانية التي قامت عليها الحرب هي أعتقاد بوش وشركاه بأن الشعوب الصغيرة لن تقوى على الوقوف أمام الولايات المتحدة في غياب دولة عظمى أخرى تقدم الدعم لهذه الشعوب. الفيتنام فعلت ذلك بفضل الأتحاد السوفيتي، أليس كذلك؟ من سيدعم العراق وهو محاط بدول معظم الحكام فيها عملاء للأمريكان؟ هكذا فكروا.

هل رأيتم؟ ما يجري في الفلوجة صورة مصغرة مما حدث في العراق كله. يريدون لنا أن نصدق أنهم يرتكبون كل هذه الحماقات عن حكمة ودراية بالأمور. لا أبداً، إنهم يقولون ذلك لينكروا على المقاومة العراقية أنتصاراتها، وليخفوا حقيقةً ترعبهم ولا يريدون لأحد أن يشعر بها، وهي أن المقاومة العراقية تشكل نقطة تحول هامة وخطيرة في مرحلة ما بعد الأتحاد السوفيتي. المقاومة العرافية أثبتت أن الشعوب الحرة لا تحتاج إلى دول عظمى كي تدافع عن حريتها وكرامتها، وأن أمريكا ليست قوة لا تقهر.

هل تتذكرون الأجواء الكئيبة التي سادت في أوساط الحركات والأحزاب اليسارية في أوربا بل وفي العالم كله بعد أنحلال الأتحاد السوفيتي وأنهيار جدار برلين؟ هل تذكرون القتامة التي لبدت الأجواء بعد الحادي عشر من أيلول عام 2001؟ لقد صدق الكثيرون أن أمريكا أصبحت سيدة العالم بلا منازع. كثير من المفردات السياسية مثل حركات التحرر والأمبريالية والأشتراكية والرأسمالية وغيرها بدأت تختفي أو تظهر بخجل بأعتبارها من مخلفات المرحلة السوفيتية. أنظروا الآن كيف تدب الحياة في الحركات المعادية للأمبريالية من جديد، وحتى هنا في أوربا. الفضل في ذلك للمقاومة العراقية التي تمرغ أنف رمسفيلد وأنوف جنرالاته في الأوحال كل يوم. المقاومة العراقية تستمد قوتها من أسرار هيهات أن يصل إلى كنهها خبراء بوش ورمسفيلد.

أنا لا شك عندي أن بوش ورمسفيلد، و بفضل التكنولوجيا المتطورة التي تمتلكها دولتهما، متغطرسان ومغروران بقدر ما هما حاقدان على العرب وعلى الشعوب الأخرى ولكن المفرح هو أن هذه الغطرسة والغرور تدفعانهما إلى الكثير من الحماقات، الفلوجة لن تكون آخرها. سيواصلان أرتكاب الحماقات والجرائم، ولكنهما كلما أوغلا في ذلك سحبا الولايات المتحدة معهما إلى حضيض الهزيمة المرة. الولايات المتحدة اليوم أضعف مما كانت عليه في شباط 2003، قبل العدوان على العراق.

وكلمة أخيرة، هناك في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي بشكل عام بركان من الغضب ضد الولايات المتحدة. بوش ورمسفيلد جلبا هذه الولايات إلى فوهة البركان. المقاومة العراقية، وبكل تقدير لما أنجزته في فترة قياسية، هي مجرد الدخان المتصاعد من ذلك البركان، ونذير الغضب. لا حاجة للبركان كي ينفجر إلا إلى حماقات أخرى من بوش ورمسفيلد..............

*عضو اللجنة الدنماركية من أجل عراق حر
من محاضرة في جامعة كوبنهاجن 8/12/2004

RADOIANE ELARABI
23-12-2004, 12:32 AM
الف شكر لامريكا الامبريالية على قدرتها في خلق هذا الغضب والكره
اهلا بقراصنة العصر في ارضنا التي تعيدهم في اكفان واكياس...
انهم لا يدركون انه لا مكان لدخيل فوق ارضنا....انه المستنقع...
اهلا وسهلا بانتحار المغول فوق اسوار بغداد