صدام فلسطين
21-12-2004, 01:04 AM
تحليل بقلم: طلعت رميح
في معركة الفلوجة المقاومة نجحت تكتيكيا واستراتيجيا .. - تحليل رائع -
___________
في معركة الفلوجة : المقاومة نجحت تكتيكيا واستراتيجيا .. واحتلال الفلوجة استنزاف للاحتلال ؟! كل عام وأنتم بخير . وإذا كانت العشر الأواخر في رمضان .. وبشائر عيد الفطر المبارك ، قد اختيرت من قبل قوات الاحتلال في العراق ليكون موعد الهجوم على الفلوجة .. فجاءت صلاة التراويح والتهجد ويأتي الاحتفال بالعيد تحت القصف لتترافق روحانية صلوات رمضان وبهجة عيد الفطر مع مظاهر الدمار والقتل والدماء .. إذا كان وضع الأهل في العراق كذلك ، فإنه ورغم القصف والدماء ، وآيا كانت نتيجة المعركة الدائرة وقت كتابة المقال .. فلا شك أن التهنئة بهذا العيد تحمل دلالات انتصار- وليس انكسار- أولها أننا نقاوم بدلاً أن كنا نموت صمتاً وخذلانا وكمداً ، وثانيها أن النصر للمقاومة حيث لم يقاوم أي شعب في التاريخ كله ولم ينتصر ، وثالثها أن المعركة نجحت في نشر نموذج الفلوجة في كل منطقة وسط العراق وإلى قطاعات في شماله ، لتصبح كلها فلوجة .. فكل عام وأنتم والأمة بخير. معارك الفلوجة دخلت التاريخ الإسلامي سياسياً وعسكرياً ولا شك ، هي المعركة الأولي منذ زمن ، التي سجلت إمكانية الصمود – لعام على الأقل - لمدينة صغيرة في وجه قوة تكنولوجية طاغية ، وأثبتت أن الإرادة والعقيدة والبعد المعنوي في القتال ضد الاحتلال ، أهم من امتلاك السلاح المتطور وأن امتلاك الأسلحة البسيطة وفق هذه الاعتبارات يمكن له أن يحقق النصر وأن هيبة القوات الأمريكية التي لا تقهر هيبة مفتعلة . وفى معركة الفلوجة الأولى والثانية تبقى الدروس هامة وكبيرة ، إذ أن صمود الفلوجة لمدة عام عصية على دخول القوات الأمريكية ومحررة من الاحتلال وفى وجه 130 ألف جندي أمريكي يبقى لغزا كبيرا وهاما في ضوء احتلال بغداد خلال المرحلة الأولى من العدوان خلال وقت قصير ،وفى ضوء المعركة الثانية الدائرة حالياً . كيف خطط المقاومين أو ما هي خطتهم . ولماذا فشلت القوات الأمريكية في المعركة الأولى. وكيف جرى الاستعداد للمعركة الأخيرة من قبل المقاومة ومن قبل قوات الاحتلال ؟ ولماذا في كل الأحوال تنتهي المعركة الحالية لاقتحام الفلوجة وإخضاعها، لصالح المقاومة ، حتى لو دخلت القوات الأمريكية كل أحياء الفلوجة .
بين بغداد والفلوجة
أسباب نصر الفلوجة الأول هي أسباب هزيمة محاولة الدفاع عن بغداد خلال العدوان الأمريكي على بغداد . وأسباب نجاح القوات الأمريكية في احتلال بغداد هي نفسها أسباب هزيمتها أمام مجاهدو الفلوجة في العدوان الأول وهى ستكون أسباب فشلها في العدوان الحالي حتى وإن احتلت الفلوجة شبراً وشبراً ووقف في كل شبر جندي أمريكي . في معركة بغداد خلال عدوان 2003 كانت القوات العراقية المدافعة قوات تعرضت روحها المعنوية إلى الضعف وكانت أوضاعها النظامية ، أو كونها جيش نظامي ، أحد أسباب عدم قدرتها على المواجهة . و في المقابل كانت القوات الأمريكية تتمتع بروح معنوية أعلى سببها ليس فقط أنها تمكنت من قطع المسافة من الحدود الكويتية إلى بغداد ، وأنها تتمتع بميزة التفوق على جيش يقاتلها بنفس أساليبها ، ووفق نفس التكتيكات العسكرية التي هي فيها الأقوى والأفضل ليس بحكم التمتع بخبرات أعلى وإنما بالدرجة الأولى ،لأن إمكانياتها التسليحية تمكنها من قصف الخصم وهى بعيدة عن مدى أسلحته ، ولأنها تراه ليلاً من خلال أجهزة الرؤية الليلية المتطورة دون أن يراها هو. كان من الطبيعي أن تكون القوة الأمريكية ساحقة خاصة وأن تسليح المدافعين عن بغداد كان لا يعطيهم لا خفة الحركة ولا القدرة على المناورة بالأسلحة الثقيلة من دبابات ومدفعية حيث بغداد مدينة ولا تمكن جغرافية محيطها من ذلك .وقبل هذا وبعده لأن الرؤية الإستراتيجية العراقية قامت على القتال في المرحلة التالية للاحتلال وليس خلال المعركة الأولى . ومن ثم لم يكن من الممكن القول بإمكان انتصار القوة العراقية على القوة الأمريكية المهاجمة ،وما خطة الدعاية الغربية والأمريكية وبعض العربية ، إلا لعبة إعلامية استهدفت التضخيم في معركة بغداد – المعركة الكبرى والمعركة الحاسمة الخ - ونوع من الحرب النفسية لإظهار الانتصار الأمريكي المتوقع على أنه نصر كبير ، وفى المقابل لضرب الروح المعنوية للإنسان العربي عموماً والعراقي خصوصا . وهل يكون النصر نصراً إلا إذا كان الخصم قوياً ؟ وهل يتعاطف أحد مع قوى يضرب ضعيفاً وينتصر عليه . لكن معركة الفلوجة منذ عام كانت نمطاً آخر من المعارك وكانت الأمور فيها مختلفة ، بالنسبة لجيش الاحتلال الأمريكي . فمن ناحية لا توجد للمقاومة لا مواقع محددة ولا أسلحة ثقيلة ترصدها الطائرات ثم تقصفها ، ومن ناحية أخرى فان أهل الفلوجة كلهم على قلب رجل واحد ، بحكم صغر المدينة ودقة تنظيمات المقاومة وعدم وجود اختلافات مذهبية أو عرقية بينهم. وهكذا فبينما المقاومة لا ترى ولا مواقع ثابتة لها ، فإن القوات الأمريكية هي التي تري ودون الحاجة إلى مناظير ليلية حيث كل منزل هو وحدة رصد وكل فرد هو فرد استطلاع. ومن ناحية ثالثة فإن المقاومة في الأصل هي التي تهاجم في أي وقت وحسب ما ترى وضد ما تحدد من الأهداف ، بينما القوات الأمريكية ، إذا لجأت للهجوم ،فليس أمامها سوى المنازل تهدمها. لكن الأمر لم يتوقف على ذلك فألاهم هو أن المقاومين كانوا وضعوا خطة إستراتيجية للمعركة كانت دقتها مفاجأة للعسكريين الأمريكيين الذين وقعوا في فخ حقيقي . ارتكزت خطة المقاومة على ثلاثة محاور ، المحور الأول هو ضرورة مشاغلة القوات الأمريكية الموجودة في بغداد وفى المناطق القريبة من الفلوجة أو بالمعنى العسكري أن المقاومة كانت وضعت خطة لمنع الاحتياطي الأمريكي في المناطق القريبة من الانتقال إلى الفلوجة . والمحور الثاني هو قطع الإمدادات على الطرق البرية عن القوات التي تهاجم الفلوجة . والمحور الثالث هو الاستعداد لإخراج طائرات الهليوكوبتر من المعركة أو تقليل أثارها الخطيرة على المقاومين إذا خرجوا من مكامنهم للقتال . كانت الخطة مفاجئة لقوات الاحتلال . فهي ما أن دخلت إلى الفلوجة حتى بدأت تدرك مدي الفخ الذي وقعت فيه . فعلى المستوى القتالي المباشر في أرض المعركة سمح المقاومين لها بالدخول إلى مناطق محددة كانت المقاومة قصدت ترك دفاعاتها ضعيفة ليندفع الأمريكان منها ،وهنا تم الالتحام مما صعب من القصف بالطيران . وفى تلك اللحظة كشف المقاومين عن امتلاكهم قاذفات صواريخ تصطاد الهليوكوبتر . وعلى الطرق الخارجية فقد ظهرت مجموعات قتالية فجأة تمكنت من قطع طرق الإمداد خاصة القادمة من بغداد - يتذكر الجميع أن طريق أبو غريب قطع تماماً كما تم إحراق معظم الشاحنات التي مرت من هناك - وفى منع الاحتياطي من القوات الأمريكية المرابطة في بغداد وهى الكبرى في أقرب نقطة ، فقد تم سحب هذه القوات من خلال حوالي 12 عملية اشتباك خلاف السيارات المفخخة وقصف الهاون . وانتهى الأمر بحدوث أغرب حالة . مفاوضات بين أهالي الفلوجة وقوات الاحتلال الأمريكي توافق هذه القوات في نهايتها على استقلال الفلوجة بجيشها وناسها وبوليسها الخاص !.
التحضير للمعركة الراهنة
ليس صحيحاً أن معركة الفلوجة بدأت منذ أيام ، بل هي بدأت منذ اضطرت القوات الأمريكية إلى التقهقر والهزيمة والانسحاب في المعركة السابقة . فمنذ ذلك الوقت جرت التعدادات من قبل قوات الاحتلال ، زرع الجواسيس ومحاولة التعرف على عناصر المقاومة بجمع المعلومات الاستخبارية ، والعمل وسط سكان الفلوجة لتفتيت وحدتهم . وعلى المستوى العام للمواجهة جرى إنجاز خطط إخماد مراكز المقاومة الأخرى في العراق تمهيدا لتركيز القوة على الفلوجة ، بالقضاء على الجانب العسكري في حركة الصدر.وعلى المستوى العسكري المباشر جرى التفاوض مع القوات البريطانية لنقل جانب من القوة البريطانية إلى بغداد لتمكين القوات الأمريكية تخصيص قوات أوسع لمعركة الفلوجة كما جرى احتلال سامراء حتى لا تكون عوناً مباشراً أو لإضعاف قوات المقاومة بها قبل اجتياح الفلوجة. وجرت محاولة مماثلة في الرمادي وأنها ليست بنفس الدرجة . وقبل العمليات مباشرة ولتفادي خطة المقاومة السابقة في قطع طرق الإمدادات عن القوات المهاجمة للفلوجة جري إغلاق الطرق إلى الفلوجة ومنع استخدام المدنيين لها . وفى كل تلك الفترة كانت تجرى عمليات بناء وتدريب قوات الجيش العراقي – تحت قيادة الاحتلال – ومحاولة إعطاء هذه القوات شرعية وطنية ، وذلك بديلاً للمحاولة الفاشلة للاستعانة بقوات البشمرجة التي جرت في المعركة الأولى وثبت فشلها وبديلاً للقوات العراقية الأخرى التي رفضت تنفيذ تعليمات الهجوم على الفلوجة . وقبل المعركة جرى تكثيف الهجمات بالطيران على الفلوجة لفترة استمرت نحو الشهر. وعلى المستوى السياسي الإعلامي ، جرى ترتيب قصة المفاوضات بين أهالي الفلوجة الحكومة المعينة من قبل الاحتلال ، كما جرى إفشالها ، وكان الهدف من ذلك الظهور بمظهر الحريص على عدم استخدام الوسائل الدموية في المعركة – إلا مضطرا - التي كان مقرراً لها أن تجرى . كما جرى إطلاق التصريحات السياسية من قبل المسئولين حول تعنت أهل الفلوجة وحول حرص الحكومة على دمج أهل الفلوجة في العملية السياسية ... الخ . وفى التمهيد الإعلامي جرى تكثيف الدعاية حول "الإرهابيين " الموجودين في الفلوجة ،والحديث عن العرب والأجانب الموجودين هناك ، وفى هذا الاتجاه جرى بث الشريط المفبرك حول القبض على عرب تم تصويرهم في زى السجون العراقية ، وتم إذاعة أنهم ينتمون عدد من الجنسيات العربية والأجنبية – دون أسماء – لإعطاء الإيحاء بوجود أجانب في الفلوجة . كما تم بث صور لجنود أمريكيين وعراقيين يتدربون بهدف تبث الرعب في قلوب أهل الفلوجة والمقاومين . لكن قوات الاحتلال لم تكن وحدها التي تعد لمعركة الفلوجة ، فالمقاومة أيضا كانت تستعد هي الأخرى . على صعيد العمل العسكري وزعت المقاومة قدراتها وطاقاتها على مختلف المناطق في وسط العراق وبعض مناطق الشمال لمنع تركيز القوات الأمريكية على الفلوجة وفى هذا الإطار جاء تركيز الهجمات في بغداد وتطويرها نوعياً خلال الفترة الأخيرة ، فإلى جانب أعمال القصف للمنطقة الخضراء التي بها مقرات السفارة الأمريكية والبريطانية ومقر علاوي والمقر العام لقوات الاحتلال ، شهدت هذه المنطقة عملية استشهادية تمكن منفذها من دخول هذه المنطقة وتفجير نفسه داخلها . كما وسعت المقاومة من عمليات إعطاب وتدمير أنابيب النفط والتي لها تأثير ، كما توسعت عمليات المقاومة في الموصل وكركوك وجرى التركيز على العمليات الموجهة ضد قوات الحرس الوطني . وكذلك كانت الضربة التي وجهت للجنود البريطانيين الذين قدموا إلى بغداد في اتجاه جعل هذه القوات غير قادرة على عمليات الدعم والإسناد للقوات الأمريكية وإجبارها على تفريغ جانب أكبر منها لحماية نفسها . وفى التحضير الإعلامي والسياسي والحرب النفسية ، جرى الاهتمام ببث شرائط مصورة لعمليات المقاومة ، كما تم التركيز على عمليات ذات طابع نفسي مثل عمليات تقييد أفراد هذا الجيش وإطلاق الرصاص عليهم لخلق حالة من الترويع . وكذلك فعلت المقاومة من بياناتها وتوزيعها .
المعركة الراهنة ..الخطط
في المعركة الراهنة يبدو الطرفان قد أخذا من تجربة المعركة السابقة دروساً هامة في وضع إستراتيجية العدوان من قبل القوات الأمريكية المهاجمة وإستراتيجية جماعات المقاومة المدافعين . وعلى صعيد المقاومة فما هو مستمر من الخطة الأولى نجد أنها استمرت في توسيع رقعة المعركة لتشتيت قدرة قوات الاحتلال على تركيز القوات فجرت اشتباكات في شارع حيفا في بغداد كما شاغلت جماعات المقاومة القوات الأمريكية في الموصل ، وجعلتها في موقف اشتباك دائم . وحين بدأت المعركة فاجأت المقاومة العراقية قوات الاحتلال وقامت باحتلال مدينة هيت لإجبار القوات الأمريكية على تخصيص قطاع منها هناك وفى الرمادي فاجأت المقاومة القوات الأمريكية بالسيطرة على المدينة كاملة وانحازت الشرطة العراقية إلى المقاومة العراقية . وفى منطقة أبو غريب جرت عمليات قوية متعددة .غير أن الملاحظ أن المقاومة في هذه المعركة وسعت رقعة العمل العسكري بطريقة تدريجية على عكس ما حدث في المعركة الأولى بما يشير إلى خطة أكثر إحكاماً من ذي قبل وإلى أنها تستهدف إطالة أمد المعركة. وعلى صعيد قوات الاحتلال فقد بدأت العمليات بتمهيد نيراني مدفعي ومن قصف الطيران .وبعدها قامت بحركة مسرحية حيث أعلنت استيلائها على المستشفى الرئيسي في المدينة لكن وسائل الإعلام كشفت أن المستشفى يكاد يكون في أطراف المدينة الخارجية ، ثم أعلنت بعد بدء العمليات القبض على إرهابيين لكنها لم تعرض أحداً ثم أعلنت استيلائها على مدينة الفلوجة وعادت لتعترف أنها تسيطر على ثلث المدينة ثم عادت وكالات الأنباء تكشف أن ما تم السيطرة عليه هو أحياء معلوم عدم تركز المقاومة فيها وأنها حتى الآن ما تزال تشكل مصيدة للقوات الأمريكية أكثر من كونها مناطق تمت السيطرة عليها ، ثم بدأت التصريحات الأمريكية تتحدث عن احتمال "فرار الإرهابيين " من الفلوجة قبل اقتحامها ، وأعطت لذلك مبرراً بأنها كانت تعتمد في حصار الفلوجة أسلوب النقاط المتحركة حتى لا ترصد وتهاجم ، وهى في ذلك توحي بفهمها لخطة المقاومة في الانتشار ، ولإعطاء مبرر لعدم القبض على الزرقاوي الذي كان سببها الإعلامي في العدوان على الفلوجة. ولكن المفاجأة الكبرى في هذه المعركة ، من قبل المقاومة ، جاءت من عدم دفاعها عن نقاط ثابتة في المدينة على الإطلاق ، حيث هي تأخذ تكتيك ترك القوات تهاجم وتتقدم ، دون دفاع ثابت ثم تهاجمها ، وهو مؤشر كبير على عمق فهم المقاومة لطبيعة المعركة ،ولأسلوب حرب العصابات التي مبدأها لا تدافع أبدا بل هاجم دوماً ، وهو ما يعنى أن القضية ليست احتلال الفلوجة ولكن في السيطرة عليها ، بما يمثل حالة استنزاف دائم للقوات المهاجمة
المكاسب والخسائر
قبل بدء معركة الفلوجة كان البادي أن قوات الاحتلال وعلاوي يبحثون عن نصر عسكري سريع يعقبه أو يترتب عليه نصر سياسي عام . والنصر السياسي الذي جاءت تبحث عنه قوات الاحتلال وحكومة الاحتلال هو نصر الحصول على الشرعية بالقوة والسيطرة على مختلف مناطق البلاد وإخضاع المواطنين في منطقة وسط العراق كما جرى الحال في منطقة الجنوب . والانطلاق من ذلك نحو أجراء انتخابات عراقية تعطى شرعية نهائية لحكومة عراقية تحت الاحتلال . لكن الذي حدث حتى الآن هو أن هذا الهدف السياسي لعملية إخضاع الفلوجة للاحتلال ولحكومة علاوي ، فشل ، وفى اللحظة الأولى لبدء العدوان بل إن الوضع بالنسبة لهذا الهدف شهد تراجعاً للوراء . ففي الوقت الذي لم تكن هيئة علماء المسلمين قد أعلنت موقفاً نهائياً من المشاركة في الانتخابات من عدمه ، أعلنت الهيئة في اجتماع عام لها عقد بعد بدء العمليات وفى بيان رسمي مقاطعة الانتخابات . وقبلها كان الحزب الإسلامي قد أعلن انسحابه من الحكومة العراقية بما ينهى شرعية الحكومة على المستوى الوطني. وقد ظهرت حكمة الصدر مجددا ، فبالإضافة إلى عمليات لم يعلن من قام بها جرت في الجنوب - خاصة في البصرة وكربلاء - فقد صدر إعلان من قبل حركة الصدر يحرم تعاون قوات الحرس الوطني العراقي مع قوات الاحتلال في اقتحام الفلوجة . ويبقى السؤال هل تسيطر قوات الاحتلال على الفلوجة بعد اجتياحها إذا كان قد نجح ؟ والإجابة لا ، حيث أن تجربة احتلال سامراء والسيطرة عليها والتي سبقت العدوان على الفلوجة قد انتهت إلى حالة اقرب إلى الفلوجة ، حيث يجرى قصف الجزء الذي تتمركز فيه قوات الاحتلال كل يوم وتصاب قوات الاحتلال بخسائر . وربما الوضع بعد معركة الفلوجة الأمر سيكون أسوا لان النتيجة الوحيدة التي ستحصل عليها قوات الاحتلال هي نفس النتيجة التي حصلت عليها في كل تنفيذ لإستراتيجية احتلال مركز المقاومة إلا وهو توسيع رقعة عمل المقاومة وليس القضاء عليها بما يوسع من مصاعب قوات الاحتلال .فقد سيطرت القوات الأمريكية على أفغانستان كلها وكانت النتيجة انتشار القاعدة حسب التقديرات الأمريكية إلى نحو 60 بلداً إلى جانب استمرار العمليات في أفغانستان نفسها
_
___________
في معركة الفلوجة المقاومة نجحت تكتيكيا واستراتيجيا .. - تحليل رائع -
___________
في معركة الفلوجة : المقاومة نجحت تكتيكيا واستراتيجيا .. واحتلال الفلوجة استنزاف للاحتلال ؟! كل عام وأنتم بخير . وإذا كانت العشر الأواخر في رمضان .. وبشائر عيد الفطر المبارك ، قد اختيرت من قبل قوات الاحتلال في العراق ليكون موعد الهجوم على الفلوجة .. فجاءت صلاة التراويح والتهجد ويأتي الاحتفال بالعيد تحت القصف لتترافق روحانية صلوات رمضان وبهجة عيد الفطر مع مظاهر الدمار والقتل والدماء .. إذا كان وضع الأهل في العراق كذلك ، فإنه ورغم القصف والدماء ، وآيا كانت نتيجة المعركة الدائرة وقت كتابة المقال .. فلا شك أن التهنئة بهذا العيد تحمل دلالات انتصار- وليس انكسار- أولها أننا نقاوم بدلاً أن كنا نموت صمتاً وخذلانا وكمداً ، وثانيها أن النصر للمقاومة حيث لم يقاوم أي شعب في التاريخ كله ولم ينتصر ، وثالثها أن المعركة نجحت في نشر نموذج الفلوجة في كل منطقة وسط العراق وإلى قطاعات في شماله ، لتصبح كلها فلوجة .. فكل عام وأنتم والأمة بخير. معارك الفلوجة دخلت التاريخ الإسلامي سياسياً وعسكرياً ولا شك ، هي المعركة الأولي منذ زمن ، التي سجلت إمكانية الصمود – لعام على الأقل - لمدينة صغيرة في وجه قوة تكنولوجية طاغية ، وأثبتت أن الإرادة والعقيدة والبعد المعنوي في القتال ضد الاحتلال ، أهم من امتلاك السلاح المتطور وأن امتلاك الأسلحة البسيطة وفق هذه الاعتبارات يمكن له أن يحقق النصر وأن هيبة القوات الأمريكية التي لا تقهر هيبة مفتعلة . وفى معركة الفلوجة الأولى والثانية تبقى الدروس هامة وكبيرة ، إذ أن صمود الفلوجة لمدة عام عصية على دخول القوات الأمريكية ومحررة من الاحتلال وفى وجه 130 ألف جندي أمريكي يبقى لغزا كبيرا وهاما في ضوء احتلال بغداد خلال المرحلة الأولى من العدوان خلال وقت قصير ،وفى ضوء المعركة الثانية الدائرة حالياً . كيف خطط المقاومين أو ما هي خطتهم . ولماذا فشلت القوات الأمريكية في المعركة الأولى. وكيف جرى الاستعداد للمعركة الأخيرة من قبل المقاومة ومن قبل قوات الاحتلال ؟ ولماذا في كل الأحوال تنتهي المعركة الحالية لاقتحام الفلوجة وإخضاعها، لصالح المقاومة ، حتى لو دخلت القوات الأمريكية كل أحياء الفلوجة .
بين بغداد والفلوجة
أسباب نصر الفلوجة الأول هي أسباب هزيمة محاولة الدفاع عن بغداد خلال العدوان الأمريكي على بغداد . وأسباب نجاح القوات الأمريكية في احتلال بغداد هي نفسها أسباب هزيمتها أمام مجاهدو الفلوجة في العدوان الأول وهى ستكون أسباب فشلها في العدوان الحالي حتى وإن احتلت الفلوجة شبراً وشبراً ووقف في كل شبر جندي أمريكي . في معركة بغداد خلال عدوان 2003 كانت القوات العراقية المدافعة قوات تعرضت روحها المعنوية إلى الضعف وكانت أوضاعها النظامية ، أو كونها جيش نظامي ، أحد أسباب عدم قدرتها على المواجهة . و في المقابل كانت القوات الأمريكية تتمتع بروح معنوية أعلى سببها ليس فقط أنها تمكنت من قطع المسافة من الحدود الكويتية إلى بغداد ، وأنها تتمتع بميزة التفوق على جيش يقاتلها بنفس أساليبها ، ووفق نفس التكتيكات العسكرية التي هي فيها الأقوى والأفضل ليس بحكم التمتع بخبرات أعلى وإنما بالدرجة الأولى ،لأن إمكانياتها التسليحية تمكنها من قصف الخصم وهى بعيدة عن مدى أسلحته ، ولأنها تراه ليلاً من خلال أجهزة الرؤية الليلية المتطورة دون أن يراها هو. كان من الطبيعي أن تكون القوة الأمريكية ساحقة خاصة وأن تسليح المدافعين عن بغداد كان لا يعطيهم لا خفة الحركة ولا القدرة على المناورة بالأسلحة الثقيلة من دبابات ومدفعية حيث بغداد مدينة ولا تمكن جغرافية محيطها من ذلك .وقبل هذا وبعده لأن الرؤية الإستراتيجية العراقية قامت على القتال في المرحلة التالية للاحتلال وليس خلال المعركة الأولى . ومن ثم لم يكن من الممكن القول بإمكان انتصار القوة العراقية على القوة الأمريكية المهاجمة ،وما خطة الدعاية الغربية والأمريكية وبعض العربية ، إلا لعبة إعلامية استهدفت التضخيم في معركة بغداد – المعركة الكبرى والمعركة الحاسمة الخ - ونوع من الحرب النفسية لإظهار الانتصار الأمريكي المتوقع على أنه نصر كبير ، وفى المقابل لضرب الروح المعنوية للإنسان العربي عموماً والعراقي خصوصا . وهل يكون النصر نصراً إلا إذا كان الخصم قوياً ؟ وهل يتعاطف أحد مع قوى يضرب ضعيفاً وينتصر عليه . لكن معركة الفلوجة منذ عام كانت نمطاً آخر من المعارك وكانت الأمور فيها مختلفة ، بالنسبة لجيش الاحتلال الأمريكي . فمن ناحية لا توجد للمقاومة لا مواقع محددة ولا أسلحة ثقيلة ترصدها الطائرات ثم تقصفها ، ومن ناحية أخرى فان أهل الفلوجة كلهم على قلب رجل واحد ، بحكم صغر المدينة ودقة تنظيمات المقاومة وعدم وجود اختلافات مذهبية أو عرقية بينهم. وهكذا فبينما المقاومة لا ترى ولا مواقع ثابتة لها ، فإن القوات الأمريكية هي التي تري ودون الحاجة إلى مناظير ليلية حيث كل منزل هو وحدة رصد وكل فرد هو فرد استطلاع. ومن ناحية ثالثة فإن المقاومة في الأصل هي التي تهاجم في أي وقت وحسب ما ترى وضد ما تحدد من الأهداف ، بينما القوات الأمريكية ، إذا لجأت للهجوم ،فليس أمامها سوى المنازل تهدمها. لكن الأمر لم يتوقف على ذلك فألاهم هو أن المقاومين كانوا وضعوا خطة إستراتيجية للمعركة كانت دقتها مفاجأة للعسكريين الأمريكيين الذين وقعوا في فخ حقيقي . ارتكزت خطة المقاومة على ثلاثة محاور ، المحور الأول هو ضرورة مشاغلة القوات الأمريكية الموجودة في بغداد وفى المناطق القريبة من الفلوجة أو بالمعنى العسكري أن المقاومة كانت وضعت خطة لمنع الاحتياطي الأمريكي في المناطق القريبة من الانتقال إلى الفلوجة . والمحور الثاني هو قطع الإمدادات على الطرق البرية عن القوات التي تهاجم الفلوجة . والمحور الثالث هو الاستعداد لإخراج طائرات الهليوكوبتر من المعركة أو تقليل أثارها الخطيرة على المقاومين إذا خرجوا من مكامنهم للقتال . كانت الخطة مفاجئة لقوات الاحتلال . فهي ما أن دخلت إلى الفلوجة حتى بدأت تدرك مدي الفخ الذي وقعت فيه . فعلى المستوى القتالي المباشر في أرض المعركة سمح المقاومين لها بالدخول إلى مناطق محددة كانت المقاومة قصدت ترك دفاعاتها ضعيفة ليندفع الأمريكان منها ،وهنا تم الالتحام مما صعب من القصف بالطيران . وفى تلك اللحظة كشف المقاومين عن امتلاكهم قاذفات صواريخ تصطاد الهليوكوبتر . وعلى الطرق الخارجية فقد ظهرت مجموعات قتالية فجأة تمكنت من قطع طرق الإمداد خاصة القادمة من بغداد - يتذكر الجميع أن طريق أبو غريب قطع تماماً كما تم إحراق معظم الشاحنات التي مرت من هناك - وفى منع الاحتياطي من القوات الأمريكية المرابطة في بغداد وهى الكبرى في أقرب نقطة ، فقد تم سحب هذه القوات من خلال حوالي 12 عملية اشتباك خلاف السيارات المفخخة وقصف الهاون . وانتهى الأمر بحدوث أغرب حالة . مفاوضات بين أهالي الفلوجة وقوات الاحتلال الأمريكي توافق هذه القوات في نهايتها على استقلال الفلوجة بجيشها وناسها وبوليسها الخاص !.
التحضير للمعركة الراهنة
ليس صحيحاً أن معركة الفلوجة بدأت منذ أيام ، بل هي بدأت منذ اضطرت القوات الأمريكية إلى التقهقر والهزيمة والانسحاب في المعركة السابقة . فمنذ ذلك الوقت جرت التعدادات من قبل قوات الاحتلال ، زرع الجواسيس ومحاولة التعرف على عناصر المقاومة بجمع المعلومات الاستخبارية ، والعمل وسط سكان الفلوجة لتفتيت وحدتهم . وعلى المستوى العام للمواجهة جرى إنجاز خطط إخماد مراكز المقاومة الأخرى في العراق تمهيدا لتركيز القوة على الفلوجة ، بالقضاء على الجانب العسكري في حركة الصدر.وعلى المستوى العسكري المباشر جرى التفاوض مع القوات البريطانية لنقل جانب من القوة البريطانية إلى بغداد لتمكين القوات الأمريكية تخصيص قوات أوسع لمعركة الفلوجة كما جرى احتلال سامراء حتى لا تكون عوناً مباشراً أو لإضعاف قوات المقاومة بها قبل اجتياح الفلوجة. وجرت محاولة مماثلة في الرمادي وأنها ليست بنفس الدرجة . وقبل العمليات مباشرة ولتفادي خطة المقاومة السابقة في قطع طرق الإمدادات عن القوات المهاجمة للفلوجة جري إغلاق الطرق إلى الفلوجة ومنع استخدام المدنيين لها . وفى كل تلك الفترة كانت تجرى عمليات بناء وتدريب قوات الجيش العراقي – تحت قيادة الاحتلال – ومحاولة إعطاء هذه القوات شرعية وطنية ، وذلك بديلاً للمحاولة الفاشلة للاستعانة بقوات البشمرجة التي جرت في المعركة الأولى وثبت فشلها وبديلاً للقوات العراقية الأخرى التي رفضت تنفيذ تعليمات الهجوم على الفلوجة . وقبل المعركة جرى تكثيف الهجمات بالطيران على الفلوجة لفترة استمرت نحو الشهر. وعلى المستوى السياسي الإعلامي ، جرى ترتيب قصة المفاوضات بين أهالي الفلوجة الحكومة المعينة من قبل الاحتلال ، كما جرى إفشالها ، وكان الهدف من ذلك الظهور بمظهر الحريص على عدم استخدام الوسائل الدموية في المعركة – إلا مضطرا - التي كان مقرراً لها أن تجرى . كما جرى إطلاق التصريحات السياسية من قبل المسئولين حول تعنت أهل الفلوجة وحول حرص الحكومة على دمج أهل الفلوجة في العملية السياسية ... الخ . وفى التمهيد الإعلامي جرى تكثيف الدعاية حول "الإرهابيين " الموجودين في الفلوجة ،والحديث عن العرب والأجانب الموجودين هناك ، وفى هذا الاتجاه جرى بث الشريط المفبرك حول القبض على عرب تم تصويرهم في زى السجون العراقية ، وتم إذاعة أنهم ينتمون عدد من الجنسيات العربية والأجنبية – دون أسماء – لإعطاء الإيحاء بوجود أجانب في الفلوجة . كما تم بث صور لجنود أمريكيين وعراقيين يتدربون بهدف تبث الرعب في قلوب أهل الفلوجة والمقاومين . لكن قوات الاحتلال لم تكن وحدها التي تعد لمعركة الفلوجة ، فالمقاومة أيضا كانت تستعد هي الأخرى . على صعيد العمل العسكري وزعت المقاومة قدراتها وطاقاتها على مختلف المناطق في وسط العراق وبعض مناطق الشمال لمنع تركيز القوات الأمريكية على الفلوجة وفى هذا الإطار جاء تركيز الهجمات في بغداد وتطويرها نوعياً خلال الفترة الأخيرة ، فإلى جانب أعمال القصف للمنطقة الخضراء التي بها مقرات السفارة الأمريكية والبريطانية ومقر علاوي والمقر العام لقوات الاحتلال ، شهدت هذه المنطقة عملية استشهادية تمكن منفذها من دخول هذه المنطقة وتفجير نفسه داخلها . كما وسعت المقاومة من عمليات إعطاب وتدمير أنابيب النفط والتي لها تأثير ، كما توسعت عمليات المقاومة في الموصل وكركوك وجرى التركيز على العمليات الموجهة ضد قوات الحرس الوطني . وكذلك كانت الضربة التي وجهت للجنود البريطانيين الذين قدموا إلى بغداد في اتجاه جعل هذه القوات غير قادرة على عمليات الدعم والإسناد للقوات الأمريكية وإجبارها على تفريغ جانب أكبر منها لحماية نفسها . وفى التحضير الإعلامي والسياسي والحرب النفسية ، جرى الاهتمام ببث شرائط مصورة لعمليات المقاومة ، كما تم التركيز على عمليات ذات طابع نفسي مثل عمليات تقييد أفراد هذا الجيش وإطلاق الرصاص عليهم لخلق حالة من الترويع . وكذلك فعلت المقاومة من بياناتها وتوزيعها .
المعركة الراهنة ..الخطط
في المعركة الراهنة يبدو الطرفان قد أخذا من تجربة المعركة السابقة دروساً هامة في وضع إستراتيجية العدوان من قبل القوات الأمريكية المهاجمة وإستراتيجية جماعات المقاومة المدافعين . وعلى صعيد المقاومة فما هو مستمر من الخطة الأولى نجد أنها استمرت في توسيع رقعة المعركة لتشتيت قدرة قوات الاحتلال على تركيز القوات فجرت اشتباكات في شارع حيفا في بغداد كما شاغلت جماعات المقاومة القوات الأمريكية في الموصل ، وجعلتها في موقف اشتباك دائم . وحين بدأت المعركة فاجأت المقاومة العراقية قوات الاحتلال وقامت باحتلال مدينة هيت لإجبار القوات الأمريكية على تخصيص قطاع منها هناك وفى الرمادي فاجأت المقاومة القوات الأمريكية بالسيطرة على المدينة كاملة وانحازت الشرطة العراقية إلى المقاومة العراقية . وفى منطقة أبو غريب جرت عمليات قوية متعددة .غير أن الملاحظ أن المقاومة في هذه المعركة وسعت رقعة العمل العسكري بطريقة تدريجية على عكس ما حدث في المعركة الأولى بما يشير إلى خطة أكثر إحكاماً من ذي قبل وإلى أنها تستهدف إطالة أمد المعركة. وعلى صعيد قوات الاحتلال فقد بدأت العمليات بتمهيد نيراني مدفعي ومن قصف الطيران .وبعدها قامت بحركة مسرحية حيث أعلنت استيلائها على المستشفى الرئيسي في المدينة لكن وسائل الإعلام كشفت أن المستشفى يكاد يكون في أطراف المدينة الخارجية ، ثم أعلنت بعد بدء العمليات القبض على إرهابيين لكنها لم تعرض أحداً ثم أعلنت استيلائها على مدينة الفلوجة وعادت لتعترف أنها تسيطر على ثلث المدينة ثم عادت وكالات الأنباء تكشف أن ما تم السيطرة عليه هو أحياء معلوم عدم تركز المقاومة فيها وأنها حتى الآن ما تزال تشكل مصيدة للقوات الأمريكية أكثر من كونها مناطق تمت السيطرة عليها ، ثم بدأت التصريحات الأمريكية تتحدث عن احتمال "فرار الإرهابيين " من الفلوجة قبل اقتحامها ، وأعطت لذلك مبرراً بأنها كانت تعتمد في حصار الفلوجة أسلوب النقاط المتحركة حتى لا ترصد وتهاجم ، وهى في ذلك توحي بفهمها لخطة المقاومة في الانتشار ، ولإعطاء مبرر لعدم القبض على الزرقاوي الذي كان سببها الإعلامي في العدوان على الفلوجة. ولكن المفاجأة الكبرى في هذه المعركة ، من قبل المقاومة ، جاءت من عدم دفاعها عن نقاط ثابتة في المدينة على الإطلاق ، حيث هي تأخذ تكتيك ترك القوات تهاجم وتتقدم ، دون دفاع ثابت ثم تهاجمها ، وهو مؤشر كبير على عمق فهم المقاومة لطبيعة المعركة ،ولأسلوب حرب العصابات التي مبدأها لا تدافع أبدا بل هاجم دوماً ، وهو ما يعنى أن القضية ليست احتلال الفلوجة ولكن في السيطرة عليها ، بما يمثل حالة استنزاف دائم للقوات المهاجمة
المكاسب والخسائر
قبل بدء معركة الفلوجة كان البادي أن قوات الاحتلال وعلاوي يبحثون عن نصر عسكري سريع يعقبه أو يترتب عليه نصر سياسي عام . والنصر السياسي الذي جاءت تبحث عنه قوات الاحتلال وحكومة الاحتلال هو نصر الحصول على الشرعية بالقوة والسيطرة على مختلف مناطق البلاد وإخضاع المواطنين في منطقة وسط العراق كما جرى الحال في منطقة الجنوب . والانطلاق من ذلك نحو أجراء انتخابات عراقية تعطى شرعية نهائية لحكومة عراقية تحت الاحتلال . لكن الذي حدث حتى الآن هو أن هذا الهدف السياسي لعملية إخضاع الفلوجة للاحتلال ولحكومة علاوي ، فشل ، وفى اللحظة الأولى لبدء العدوان بل إن الوضع بالنسبة لهذا الهدف شهد تراجعاً للوراء . ففي الوقت الذي لم تكن هيئة علماء المسلمين قد أعلنت موقفاً نهائياً من المشاركة في الانتخابات من عدمه ، أعلنت الهيئة في اجتماع عام لها عقد بعد بدء العمليات وفى بيان رسمي مقاطعة الانتخابات . وقبلها كان الحزب الإسلامي قد أعلن انسحابه من الحكومة العراقية بما ينهى شرعية الحكومة على المستوى الوطني. وقد ظهرت حكمة الصدر مجددا ، فبالإضافة إلى عمليات لم يعلن من قام بها جرت في الجنوب - خاصة في البصرة وكربلاء - فقد صدر إعلان من قبل حركة الصدر يحرم تعاون قوات الحرس الوطني العراقي مع قوات الاحتلال في اقتحام الفلوجة . ويبقى السؤال هل تسيطر قوات الاحتلال على الفلوجة بعد اجتياحها إذا كان قد نجح ؟ والإجابة لا ، حيث أن تجربة احتلال سامراء والسيطرة عليها والتي سبقت العدوان على الفلوجة قد انتهت إلى حالة اقرب إلى الفلوجة ، حيث يجرى قصف الجزء الذي تتمركز فيه قوات الاحتلال كل يوم وتصاب قوات الاحتلال بخسائر . وربما الوضع بعد معركة الفلوجة الأمر سيكون أسوا لان النتيجة الوحيدة التي ستحصل عليها قوات الاحتلال هي نفس النتيجة التي حصلت عليها في كل تنفيذ لإستراتيجية احتلال مركز المقاومة إلا وهو توسيع رقعة عمل المقاومة وليس القضاء عليها بما يوسع من مصاعب قوات الاحتلال .فقد سيطرت القوات الأمريكية على أفغانستان كلها وكانت النتيجة انتشار القاعدة حسب التقديرات الأمريكية إلى نحو 60 بلداً إلى جانب استمرار العمليات في أفغانستان نفسها
_
___________