المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نحو إيمان في القلب يصدقه العمل:تأملات في كتاب الله



خالدحسن
20-12-2004, 11:08 PM
كل آية في كتاب الله تحتاج الى وقفة وتفكر وكلما وقفنا عند آية أو سورة نجد فيها من المعاني التي تتجدد كل حين فتؤتي أكلها و تنفع الناس و تهديهم نحو الحق في حياتهم
ونبدأ ان شاء الله بتأملات في آيات من سورة الفاتحة

وكلكم مدعوون للمشاركة والمناقشة و طرح أفكار وتأملات جديدة في كلام الله
فشاركونا يا اخوتي وأنيرونا بما استنارت به قلوبكم من كلام الله رب العالمين


بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (3) مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ (7)

في كل يوم وفي كل صلاة وفي كل ركعة نقرأ سورة الفاتحة وربما ومن كثرة ما نقرؤها يغيب عنا استحضار معانيها أثناء الصلاة

لذلك يجب علينا ان ننتبه لماذا أوجب الله علينا قراءتها في كل ركعة

فمن رحمة الله بعباده المؤمنين فرض عليهم خمس صلوات فرضا حتى لا يغفلوا عن ذكره و يبقوا على اتصال مع ربهم في كل أوقات اليوم وحتى اذا ما شغلتهم هموم الدنيا أو أصابهم فيها شيء رجعوا فتذكروا أنها فانية و تكلموا مباشرة مع ربهم وطلبوا منه أن يهديهم الى صراطه المستقيم وعلموا أن الأهم و الأوجب الاعداد ليوم الدين وعدم الانشغال بالدنيا عن الآخرة


فقوله تعالى


الحمد لله رب العالمين:


أي رب السماوات والأرض وما بينهما وخالق كل شيء و المتحكم في أمور كل العالمين و أيضا تأتي بمعنى المربي والرازق و صاحب النعمة والفضل على العالمين

الرحمن الرحيم:


الرحمن رحمته تصل للمؤمن والكافر و رحمته وسعت كل شيء في هذه الدنيا وكل المخلوقات تستمتع برحمته
الرحيم بعباده المؤمنين و رؤوفا بهم وهي رحمة خاصة لعباد الله المؤمنين في الدنيا و الآخرة وهي التي اجتمعت حولها التفاسير أي ان الله تعالى يكون رحيما بعباده المؤمنين في الآخرة فيغفر لهم ذنوبهم و يكفر عن سيئاتهم و يدخلهم الجنة حيث الفوز العظيم
والانسان المؤمن دائما يرجو رحمة ربه ويظن أنه ملاقيها و يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وهل هناك من رحمة أعظم من الوقاية من عذاب النار اللهم أجرنا من النار


ملك يوم الدين:


تستلزم منا ان نستحضر في قلوبنا معنى هذه الآية وأن نؤمن بيوم الدين ومعنى الايمان بيوم الدين اليقين المطلق بالبعث و الحساب و أن تكون أعمال المؤمن كلها خاضعة لهذا الاعتقاد و أن يتذكر في كل وقت بأن مصيره الى الله تعالى مالك او ملك يوم الدين فهو في الصلاة يقف بين يدي ملك هذا اليوم العظيم و سيحاسبه على كل أعماله صغيرة كانت أم كبيرة في هذا اليوم الطويل والشاق جدا و في هذا اليوم المصيري لكل انسان ففيه يحدد مصيره ومآله وأين سيقضي بقية حياته حيث لا موت ولا فناء
وهذا اليوم يا اخوتي هو خمسون ألف سنة مما تعدون فتصوروا كم من ألف سنة ستنتظرون وأنتم واقفون لا تعلمون الى أين مصيركم وكم هو عمر الانسان في هذه الدنيا بالنسبة الى هذا اليوم الآخر وتأملوا...ان عمر الانسان بالنسبة لهذا اليوم لا يساوي بضع لحظات!!
وعلى المؤمن أن يستحضر هذه الحقيقة وهذا اليقين في قلبه طوال حياته و لاينسى أبدا هذا اليوم وليعلم ان هناك ملائكة يكتبون كل أفعاله ولا يفارقونه فهو تحت المراقبة المستمرة طوال حياته وكل شيء مسجل عند الله تعالى في كتاب وسوف يعرض عليه في يوم الدين وحينها لا ينفع مال ولا بنون الا من أتى الله بقلب سليم حيث لا شفيع لنا و لا منجي لنا و لا ملجأ لنا من الله الا الله وحتى شفاعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هي باذن ملك يوم الدين (من ذا الذي يشفع عنده الا بإذنه)

فلنستحضر كل هذه المعاني ونحن نقول لله: ملك يوم الدين في كل صلاة حتى لا ننسى ونقع فيما لا تحمد عقباه وان حصل فعلينا تذكر هذا اليوم و طلب المغفرة في الدنيا قبل يوم الحساب

إياك نعبد:


لا نطيع الا الله ولا نخاف الا الله ولا نخضع الا لله ولا نركع الا لله ولا نسلم قلوبنا الا الى الله ولا نذل انفسنا الا لله ولا نمجد مخلوقا كيفما كان ولا نعظمه بل نمجد الله سبحانه ونسبح بحمده ولا نحب احدا اكثر من الله الذي خلقنا و الذي يطعمنا و يسقينا والذي خلق لنا السمع والأبصار التي نستمتع بها والذي جعل لنا أفئدة ندرك بها معنى هذا الفضل الذي انعم به علينا فأصبحنا سادة هذا الكون وكل شيء فيه مسخر لنا بإذن رب العالمين فسبحانه وتعالى لا اله الا هو كل له قانتون والسماوات والارض وما بينهما له يسجدون ويقدسون ويسبحون ويعظمون فلا عظيم الا الله ولا قوة الا بالله و لا حركة ولا سكون ولا حول الا بالله وحده لا شريك له ظنا أو يقينا فلا نظن ان هناك قوة في الارض ولا في السماء مهما كانت الا وكان الله خالقها ومتحكم بها وقادر عليها ولا حول في الارض ولا في السماء ولا في روح او جسد ولا آلة ولا دابة ولا ريح ولا أي آية الا بالله وحده فيكون عند المؤمن يقين كامل بذلك ليس فيه شك فلا يعبد الا الله عن علم واقتناع وايمان اذ أن القوة لله جميعا فلم يخاف من سواه؟ وربنا يقول انما المؤمنون لا خوف عليهم ولا هم يحزنون فلماذا نحزن ونحن مع الله ونحب الله ونعبد الله ولا نشرك به شيئا يقينا وطواعية وبقلب سليم ليس فيه مرض


وإياك نستعين:


فلا نستعين الا بالله وحده و علينا ان نعلم ان الله وحده هو المعين وأنه مهما رأينا من مظاهر الاستعانة فكله يعود الى الله الذي سبب لنا هذه الأسباب ويسرها فلولا الله الذي يعلم غيب السماوات و الأرض ويعلم كل شيء ما أعاننا من أحد من العالمين فكيف نطلب العون من المخلوق الذي لا يملك أمر نفسه وننسى الله جل جلاله وهذا من مظاهر الشرك الخفي على كثير من الناس فلنحذر من ذلك ولنستحضر في قلوبنا أن الله هو وحده من يجب علينا اللجوء إليه وأن طلبنا من العبد إنما يكون بغاية أن الله هو من سيجعل هذا العبد يعيننا وليس سواه سبحانه والمؤمن الحق لا يجد نفسه في حاجة الى أحد من دون الله فكلما ازداد ايماننا ازدادت حاجتنا الى الله و نقصت حاجتنا الى خلقه

وبعد ان يستقر معنى هذا الكلام في قلوبنا ويصبح شيئا ملموسا في داخلنا نستطيع أن نطلب من الله وبقلب مطمئن أن يهدينا الى صراطه المستقيم ونقول:
اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين آمين

خالدحسن
20-12-2004, 11:24 PM
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ
الم {1} ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ {2} الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ {3} والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ
وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ {4} أُوْلَـئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {5}

ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين:


ان المتفكر في هذه الآية يدرك أنها مفتاح للباحث عن الهداية ترشده ان القرآن هو سبيل الهدى لمن كان من المتقين

فربنا سبحانه وتعالى يخاطبنا ويقول لنا ان هذا الكتاب هو الحق الذي لا ريب فيه وأن هذا الكتاب هو كلام الله خالقنا وليس كلام البشر ولا مجال للشك في ذلك

وهذا الكتاب فيه هدى للمتقين وهو هدى للمتقين

و ان هدى الله هو الهدى وكذلك فان الهدى هدى الله

وربنا الذي خلقنا هو أعلم بنا من أنفسنا وقد وضع لنا في هذا الكتاب كل ما نحتاجه لمعرفة الطريق المنجي من الهلاك وما فرط لنا في الكتاب من شيء

ولكن

هناك شرط أساسي كي يكون كتاب الله مصدرا للهداية


فهو هدى للمتقين وليس للناس كافة

فمن لم يتق الله فلن يهديه الله ولو قرأ القرآن في كل يوم

فالمتقون وحدهم من يجد الهداية في الكتاب

اذن فأول ما يجب أن نهتم به هو كيف نكون من المتقين؟؟؟

وما هي صفات المتقين ؟؟؟

الجواب يأتينا من عند الله مباشرة في الآيات التي تلي


الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون:


فأول صفة من صفات المتقين هي

الايمان بالغيب:

والايمان ليس هو التصديق وحده فإبليس عليه لعنة الله يعلم ويصدق بالغيب ولكنه من الكافرين وليس المؤمنين فلننتبه

الايمان بضع وسبعون شعبة ولا مجال للخوض في الايمان الآن لأننا لن نستطيع حصره أو إعطاءه حقه من الكلام

ولكننا نتحدث عن الايمان بالغيب تجاوزا و كلامنا محصور في جزء من الايمان

فالغيب هو كل ما يغيب عنا ولا نراه أو نلمسه كالملائكة و يوم القيامة والانبياء والرسل والكتب التي أنزلها الله معهم

فكيف نكون مؤمنين بالغيب و لا نكتفي بالتصديق؟؟؟؟


الايمان بالغيب يتطلب منا أولا العلم فنكون من المصدقين عن علم واقتناع

والايمان بالغيب يتطلب منا أن يستقر هذا اليقين وهذا العلم في قلوبنا فيصبح ملازما لنا طوال حياتنا وفي كل أعمالنا

فلا يغيب عنا أن الملائكة عن اليمين وعن الشمال يكتبون ويسجلون كل أعمالنا
فقد نكون مصدقين بوجودهم وبأنهم يكتبون ما نفعل ولكن ماذا في قلوبنا؟؟

هل يوجد في قلبنا احساس يجسد هذه المراقبة الدائمة والمسجلة علينا؟؟
هل نخاف ان نحاسب ونحن واقفون أمام الله رب العالمين وأمام الناس أجمعين حين نسأل عن فعل فعلناه أم أننا نغفل عن هذه الحقيقة حين نقوم بفعلنا؟؟

هل نتصور أنفسنا في هذا الموقف وكيف سوف تعرض علينا كل أعمالنا التي تكتبها الملائكة؟
هل فعلا نحن نخشى هذه اللحظة أم اننا نتناساها ولا نعطيها اهتماما؟؟

هل يؤثر علمنا وتصديقنا ويقيننا الذي في القلب على أعمالنا؟؟

هل نحن فعلا نعلم علم اليقين الذي يساوي علم ما نعيشه ونراه؟؟؟

طبعا لكل انسان درجة من هذا الايمان وهي تزيد وتنقص فنسأل الله أن يثبت قلوبنا على العلم اليقين والايمان الصادق الذي يقر في القلب ويصدقه العمل

ويقيمون الصلاة:

فمن كان عنده الايمان بالغيب وبالملائكة والحساب والجنة والنار لا بد أن يمتثل لأوامر الله رب العالمين ويكون لرسوله من المطيعين

واقامة الصلاة هي احياء شعائر الله في الأرض والحفاظ على الصلاة في وقتها مهما كانت الظروف
واقام الصلاة هو نشر لعبادة العباد لرب العباد على الأرض كلها حتى يعلم كل من على وجه الأرض أنهم خلقوا ليعبدوا الله وحده وليس هناك من يستحق العبادة سوى الله دون اشراك

وفي كل يوم نذكر الناس وانفسنا بأن الصلاة قد حضرت فنكون مساهمين في تذكير الغافلين وتشجيع المتكاسلين

واقام الصلاة تجسيد لصلة العبد بربه فيجب على المؤمن أن يؤديها على أتم وجه والخشوع هو أهم شرط في اقام الصلاة

فالمؤمن يقف في كل يوم وعند كل صلاة بين يدي الله سبحانه وتعالى فيقيم كل فرض من فروضها على أكمل وجه وبالكيف الذي يرضي الله رب العالمين ملك يوم الدين

ويؤتون الزكاة:

الزكاة هي تزكية للمؤمن ورفع لقيمته فهو مطالب بتزكية كل أعماله ورفعها عن طريق أدائها على أتم وجه والزكاة مرتبطة دائما بالصلاة فمن أقام الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي على وجهها الصحيح كان أولى بإيتاء الزكاة في أعماله

((قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى))

والزكاة أيضا تكون في المال والمسلم يزكي ماله عبر الانفاق في سبيل الله

ومما رزقناهم ينفقون:

فمن أراد أن يكون من المتقين ويحظى بنعمة الهداية من الله رب العالمين ويستهدي بالكتاب الذي نزل وجب عليه إيتاء زكاة ماله وكلما زاد ايمانه زادت رغبته في رفع درجاته في الآخرة و الحصول على أكبر رصيد من الحسنات والعمل الصالح فيزول عنه حب الدنيا والتعلق بها و لا يفكر في الخلود في هذه الدنيا الزائلة فينفق مما عنده من أموال على من يستحق من الفقراء والمساكين وفي سبيل الله ونصرة دينه واعلاء كلمة الحق في وجه الباطل

يتبع....

خالدحسن
22-12-2004, 09:18 PM
والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون:


تنويه:

قد أكرر بعض الكلمات أو المعاني متعمدا حتى يصل المعنى بصورة أفضل ففي كل مرة هناك شيء جديد ومن كلام الله نتعلم ونستفيد

والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك:


ما أنزل إليك هو الوحي من القرآن والاحاديث القدسية وكل ما أمرنا به محمد صلى الله عليه وسلم و كل سنة كان يعمل بها
وما أنزل من قبلك يعني أن نؤمن بما جاء به الانبياء من قبله من كتب ووحي فكل من عند الله الواحد الأحد وكل ما أنزل من قبله كان يدعوا الى ما يدعونا إليه القرآن من توحيد لله والايمان بملائكته وكتبه ورسله وبالنبي محمد صلى الله عليه وسلم خاتم للانبياء وليس كما يدعي أهل الكتاب الذين حرفوا ما جاء به الرسل وبدلوا كلام الله بكلام البشر

لاحظوا يا اخوتي أن الله تعالى يشترط على من أراد أن يكون من المتقين أن يؤمن وليس أن يصدق بما أنزل على محمد وما أنزل من قبله، والايمان بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم هو أن يكون القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام وكل ما أمرنا به منهاجا لنا في حياتنا

- فالايمان بالقرآن لا يجتمع مع هجرانه

-والايمان بالقرآن هو أن نرجع في كل أمورنا الى القرآن

-والايمان بالقرآن يجعلنا نرى بنور القرآن ونخاطب الناس بناء على ما نراه في القرآن

-والايمان بالقرآن يستوجب منا حب القرآن وقراءته آناء الليل والنهار وما سمي بالقرآن الا لكثرة ما يجب علينا أن نقرأه ونقرأه ونقرأه حتى يصبح نورنا الذي نمشي به ولساننا الذي نتحدث به وحجتنا التي نحتج بها وملجأنا الذي نلجأ إليه

-والايمان بالقرآن يتطلب يا اخوتي فهم القرآن من خلال فهم حياة وسيرة من كان خلقه القرآن عليه الصلاة والسلام ومن خلال اتباع سنة رسول الله في قراءة القرآن و في تدبر القرآن وفي تطبيق أحكام القرآن وفي الصلاة بالقرآن وعلاج القلوب بالقرآن

اذن فعلينا ان نتزود باليقين الصادق الذي لا لبس فيه بأن هذا الكتاب هو كلام الله وأن كل كلمة في كتاب الله حق وأن كل آية من آياته حق

-فلا نقرأ آية الا تدبرناها كي نرى ماذا يريد الله منا بها وكي نهتدي بكلام الله اذ لا يمكن للمؤمن أن يهتدي وهو لا يوقن أن كلام الله حق ونور جعله الله لنا كي نمشي به في هذه الظلمات التي تحيطنا
-فبالكتاب نزداد إيمانا وبالكتاب نتذكر إن نسينا ومن الكتاب نتعلم و من الكتاب نحاجج الكفار ومن الكتاب نأخذ العبر

و من الكتاب تطمئن قلوبنا بوعد الله فلا خوف علينا ولا نحن من الحزينين ومن الكتاب نخاف عذاب الله فتقشعر جلودنا ونتوب عن معاصينا ونستغفر ربنا
وفي الكتاب نجد نورا يخرجنا من الظلمات فنداوم على قراءة القرآن كي لا ينطفئ هذا النور وكي يصبح لكلمة القرآن معنى اذ انه لم يسمى قرآنا كما ذكرنا الا لكثرة قراءته في الليل والنهار فنقوم به الليل و نقرأه في كل حين ونرى الدنيا وما فيها من خلال كتاب الله فالايمان الذي يريده الله منا لا يمكن أن يتحقق الا اذا كان إيمانا
دائما مدى الحياة ولا يكون الايمان بكتاب الله ملازما لنا مدى الحياة اذا نحن نسيناه أو قرأناه ولم نأتمر به ولم نتدبر ما فيه من الكنوز وما لم نجعله مقياسا لكل أعمالنا



وبالآخرة هم يوقنون:



فلا نستحب الحياة الدنيا على الآخرة وكيف نفعل ونحن نعلم أنها دار الفناء ومعبر ليوم الخلود
فالآخرة تشغل تفكيرنا وتشغل بالنا وبها تتعلق قلوبنا ومن أجلها نعمل

مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا (18)
وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا (19)
كُلاًّ نُّمِدُّ هَؤُلاء وَهَؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُورًا (20)
انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً (21)


هذه الآية يا اخوتي عظيمة لمن تأمل معناها فقد كانت لي أهداف وطموحات في هذه الدنيا ولا زالت وما زلت متمسكا بها ولكن نظرتي لها اختلفت منذ تمعنت في هذه الآية

فكل واحد يريد أن يكون في وضع أفضل و يعمل من أجل تحقيق أحلامه وطموحاته وقد تكون أحلامه كلها في خدمة دينه و اخوانه أو تحقيق النصر أو الوصول الى درجة من العلم تجعله من النخبة القليلة صاحبة هذا الفضل

وقد يكون هناك بلد او دوله تسعى لتحقيق أعلى درجات التقدم و أسمى معاني الحضارة
وقد يتفاخر قوم على قوم بما فضلهم الله تعالى على خلقه وقد يكون هذا من حقهم

ولكن حينما نرى أن هذه الدنيا فانية وستزول فإن أقصى درجات المجد والعزة والشهرة ستنتهي بانتهاء هذه الدنيا

اذن فلنعمل على تحقيق مجدنا وعزتنا ولكن يجب علينا أن نعلم معلومة مهمة جدا


أن الآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا


يعني مثلا لو أخذنا الفرق بين أفضل خلق الله على هذه الدنيا و أدناهم مرتبة فإن ذلك في الآخرة لا يعد فرقا كبيرا لأن هناك من هو أعظم وأفضل بدرجات لا يمكن ان تستوعبها عقولنا في هذه الدنيا

فدرجات السمو في الآخرة أكبر ودرجات التفضيل اكبر واكبر

وبعد ان تصبح هذه الحقيقة تعيش فينا وفي داخلنا مدى الحياة كيف سننظر الى الآخرة؟؟؟


-إن المجد الذي أريده في هذه الدنيا لا يذكر أمام المجد الحقيقي الذي سأناله في الآخرة
-كل ما أريده في هذه الدنيا إذا لم أنله كله فسوف أناله في الآخرة وفوقه بدرجات و بما لا يخطر على قلبي
-في الآخرة أستطيع أن أطلب ما أريد وكل ما كنت أتمناه في الدنيا وما من شيء على الله بعزيز ولكن أكثر الناس لا يعلمون

من جهة أخرى فإن كل ما يلقاه المؤمن من معاناة وفتن وأقصى عذاب يواجهه في هذه الدنيا لا يساوي لحظة من أقل عذاب في الآخرة

فالمؤمن يخشى عذاب الله في الآخرة ويعلم أن الله شديد العقاب فيخاف من الله أكثر كلما عرف شدة عذابه وكلما ذاق عذابا في الدنيا أو محنة أو فتنة علم أن هناك ما هو أعظم منها بكثير فزادت خشيته من عذاب الله

والمؤمنون لا خوف عليهم ولا هم يحزنون لأنهم بالآخرة هم يوقنون ولعذاب الله هم يتقون وفي رحمته هم يطمعون

أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون


اللهم اجعلنا من عبادك المتقين
اللهم اجعلنا من المهتدين الذين هم على هدى من ربهم
اللهم اجعلنا من المفلحين


اللهم اغفر لي إن نسيت أو أخطأت
اللهم اغفر لي إن قلت شيئا وكنت عنه من الغافلين
اللهم اجعل كلامي هذا تذكيرا لي وللمؤمنين
اللهم اجعل هذا الكلام حجة لي ولا تجعله حجة علي يا رب العالمين
اللهم إنك تعلم أنني أعصيك وأنني لا ألتزم بكل الكلام الذي أقول وإني في عفوك ورحمتك من الطامعين يا أرحم الراحمين

ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين
لا اله الا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
اللهم ذكرنا بالقرآن واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه

اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

خالدحسن
26-12-2004, 07:03 PM
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ (7) وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ (12) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَكِن لاَّ يَعْلَمُونَ (13) وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ (14) اللّهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ (16)مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ (17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ (18) أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاء فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ واللّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ (19) يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20)

.
.
في آيات تفسر بعضها بعضا يشرح لنا سبحانه و تعالى الفرق بين الكفر والنفاق و يحذرنا من الوقوع فيه ويضرب لنا الامثال التي توضح ذلك

وسوف نحاول ان شاء الله استخلاص المعاني التي يريد منا الله ان نفهمها حتى نكون على بصيرة من أمرنا ونعرف مدى خطورة عدم الاخلاص الكامل لله و اسلام القلب له دون مكر او خداع وحتى نتلافى مرض القلوب الذي يؤدي الى الضلال المبين

خطاب
26-12-2004, 08:01 PM
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما . اللهم اعنا على ذكرك وشكرك

وحسن عبادتك .اللهم رضنا وارض عنا .امين

خالدحسن
29-12-2004, 06:12 PM
شكرا لمرورك الكريم يا اخي خطاب و كلماتك قليلة و معناها كبير


اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما . اللهم اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك .اللهم رضنا وارض عنا .امين

اللهم آمين

خالدحسن
29-12-2004, 06:13 PM
شاركونا يا اخوتي وأنيرونا بما استنارت به قلوبكم من كلام الله رب العالمين

خالدحسن
06-01-2005, 07:58 PM
شاركونا يا اخوتي حتى نساعد بعضنا بعضا في التعلق بكتاب الله واستخراج الكنوز المكنونة فيه

خالدحسن
19-01-2005, 08:52 AM
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ (7)


الذين كفروا حين ندعوهم الى الله فإنهم لا يؤمنون لأن الكافر لا يسمع ولا يبصر ولا يعقل

فهو وفي لحظة الكفر لا يكون مهيئا لتقبل كلام الله لأن الكفر هو جحود ونكران للحقيقة التي تكون بداخل الانسان

وربنا سبحانه وتعالى يخبرنا ويحذرنا من الكفر لأن من كفر فان جزاءه سيكون أن الله يختم على قلبه وعلى سمعه فلا يستطيع أن يرى ما يراه صاحب القلب المخلص لله من الحقائق ولا يوفق في سماع كلام الحق أو استيعابه فيصبح أعمى البصيرة لا يرى بنور الله فيزيد من المعاصي و يزداد كفرا و طغيانا

فماذا يكون مصيره ؟؟

إنه عذاب عظيم عذاب الله رب العالمين الذي خلقنا ويعرف أين هي نقاط ضعفنا و يعرف ما هو أشد العذاب الذي يؤلمنا اللهم جنبنا عذابك و ارحمنا برحمتك


يتبع...