المهند
06-12-2004, 06:21 AM
أميركا والعراق... وحرب العصابات
من أوليات حرب العصابات ان توطينها هو ذروة انتصارها، وان مقتلها يكمن في غربتها عن موطنها واهلها، فهل نجحت اميركا بعملية اجتياح الفلوجة التي بدأت في الثامن من تشرين الثاني الجاري ومواقع ومدن اخرى في المثلث السني (بتغريب) المقاومة وحرمانها من موطنها ودعم السكان لها وبالتالي تحقيق اهدافها بالقضاء عليها؟
عندما كانت قوات الاحتلال الاميركي منغمسة في الفلوجة كانت الموصل تتعرض لسيطرة المقاومة عليها بما فيها ستة مراكز أمنية تم الاستيلاء على آلياتها واسلحتها مما اسقط واحدة من اكبر نظريات الامن الاميركية في العراق وهي اعتبار السيطرة على الفلوجة مفتاح الاستقرار وبوابة التحكم بكامل مدن العراق، فقد ظهر واضحا بأن تسجيل انتصار باهر وصف بانه (قصم ظهر المقاومة)هو مجرد حرب نفسية ودعاية سياسية لان المقاومة لا تحارب بأسلوب الجيوش النظامية وحشد القوات في مواقع محددة ثابتة بل تمارس تكتيكات (الكر والفر) وكل انتصار يزيد من اعداد الملتحقين بها ويوسع رقعة الانصار في صفوف الجماهير مما يعني ان الاحتلال (قصم ظهر) السكان ودمر مدنهم لحرمان المقاومة من (الملاذ الآمن) ولكنه بالمقابل زاد من نقمتهم ضده والمقاومة لن تحرم من مواطن بديلة والدليل الاكبر زيادة نشاطها ومواصلة حملتها في الموصل بالاضافة لمواقعها التقليدية في بغداد وسامراء والرمادي وبعقوبة والمحمودية....!
وفي نظرية عسكرية ثابتة اخرى فان (المعنويات لا تهزم) ويمكن فحص هذا العنصر لدى الطرفيين بموضوعية صارمة مما يساعدنا في الاجابة على التساؤل: هل حقق اجتياح الفلوجة اهدافه بسحق المقاومة؟ فالمعنويات كحالة نفسية راسخة تصدر عن وضوح الهدف ونبله والذي يقاتل الانسان من اجله ويموت، فما هو الهدف الاميركي وما مدى عمقه وتجذره ذلك ا لذي يحارب من أجله جنود (مرتزقة) اكثريتهم الساحقة جاءت بعقود والكثير من الاجهزة الحساسة يديرها مدنيون يعملون بعقود كذلك حسب المصادر الاميركية نفسها فالى اي مدى سيصمد هذا الهدف حتى لو كان الدفاع عن امن اميركا او عن كبريائها وكرامتها امام الصعوبات وصمود المقاومة المتعاظمة من قبل الجنود الذين جاءوا عبر المحيط غزاة محتلين لارض غريبة بعيدة ومعادية يمكن مغادرتها في اي لحظة بينما المقاومة العراقية تقاتل على ارضها وفي وطنها من اجل هدف سام يصبح متطلبا دينيا للدفاع عن الوطن والارض والدين والمقدسات وخيرات المسلمين لا تذهب للمحتل فيحارب اصحابها بها، وهذه المعادلة تؤكد بجلاء ان ميزان المعنويات سيميل لصالح المقاومة مرة اخرى.
اما ميدانياً وعلى ارض الواقع فقد ظهر ذلك جليا اثناء اجتياح الفلوجة حيث ظهرت اعراض (الانهيار) و(الانهاك) عندما انفجرت اعمال المقاومة في الموصل حيث (فرت) قوات الحرس الوطني والشرطة وتم تنحية قائدها من منصبه، وظهر الانهاك على القوات الاميركية عندما تم سحب وحدة من تلك العاملة في الفلوجة للسيطرة على الموصل وسريعاً ما اعيدت على عجل لاستئناف المهام في الفلوجة وبالتالي فتدني معنويات الامن العراقية الفاضح زاد من الاعتماد على القوات الاميركية التي اضطرت لاستقدام قوات بريطانية لمساندتها وبالتالي المزيد من الانهاك وتدني المعنويات.
عنصر ثالث يكشف مدى تحقيق عمليات الاجتياح الاخيرة للفلوجة وغيرها لاهدافها في سحق المقاومة العراقية وحرمانها من الحماية والدعم الجماهيري بتدمير المدن وتشريد سكانها، وهو يدور حول مدى ادراك المقاومة (لمغزى الاحتلال) فبعد سقوط الذرائع التي جاءت تحت مظلتها بما فيها اسلحة الدمار الشامل، او الصلة بالارهاب وبالتالي تهديد امن اميركا مباشرة او بالواسطة وسقوط الذرائع الكاذبة المفضوحة التي عاد ليخترعها لاحقا، ادرك العراقيون مغزى الاحتلال والسر وراء جر كل تلك الجيوش لتدمير بلادهم وقتل اطفالهم وهتك اعراضهم ونهب خيراتهم وقذفهم خارج القرن الحادي والعشرين وحضارته، وهو بالمقابل ما عزز صدقية ونبل الاهداف التي يقاتلون من اجلها وهو ما شحذ عزيمتهم وصمودهم وعدم الرضوخ والاذعان لتهديدات الغزاة واجرامهم، وقد ادركوا منطق الاحتلال الجائر الذي اغلق جميع الابواب التي تؤدي الى حقن دمائهم مصرا على اعتبار الفلوجة هي ا لطريق لاخضاع المثلث السني، واعتبار المثلث هو الطريق لاخضاع العراق، واعتبار العراق هو الطريق لاخضاع كامل المنطقة بالاسلوب الدموي الموغل في البربرية والتوحش! كما ادركت المقاومة ان مغزى الاحتلال وسره يتجلى بالشق الثاني من المعادلة التي شرحها نيكسون في كتابه (اغتنموا الفرصة) بعيد حرب الخليج الثانية بقوله:«لدينا في الشرق الاوسط مصلحتان هما النفط واسرائيل»!! فعصابة المحافظين الجدد التي تخطط وتنفذ السياسة الاميركية الخارجية لا يهمها البترول والاقتصاد والامن ونشر قيم الحرية وبيارق الديمقراطية بعد ان نجحت باسقاط قطبي الاستراتيجية الاميركية (البراغماتية والواقعية) لحساب البديل الجديد (الايديولوجيا) والرؤى الدينية فالاهم بالنسبة لها هو استقرار واستمرار وتنامي المشروع الصهيوني في المنطقة العربية وامتداد اذرعه الاخطبوطية الى سائر الدول الاسلامية كما صرحوا بذلك غير مرة وكما تجلى عبر وعود وقرارات بوش في ولايته الاولى فهو الذي منح شارون (كتاب التطمينات) وهو الحشوة ا لناسفة التي فجرت خارطة الطريق والقرارات الدولية واعتبره الفلسطينيون والعرب الشرفاء بمثابة (وعد بلفور جديد)، وهو الذي بشر اسرائيل بمجرد انتخابه الجديد بان دولة فلسطينية لن تظهر للوجود قبل 2009 تاريخ انتهاء ولايته الثانية، وهو الذي اهداها مصادقته على قانون ملاحقة العداء للسامية الذي اعتبره العرب والعالم بمثابة (وعد بلفور الثالث) الذي جعل اسرائيل فوق القوانين والشرائع السماوية الدولية ومنحها سلطة ملاحقة ومحاسبة كل من يمسها من قريب او بعيد!
وعليه فمن ادراك العراقيين لابعاد الحرب الحقيقية ضدههم فان اجتياح الفلوجة وكامل المثلث السني التي تسعى لمسحها عن ظهر الوجود وتهجير وابادة سكانها فجرت اعتى شحنات الغضب العراقي والعربي و الاسلامي وجاءت في توقيتها واسلوبها لرتفع منسوب هذه الشحنات لاقصى مدى والتي تصب آلياً في صالح المقاومة مما يعني باختصار ان العمليات العسكرية والمجازر الجماعية وذبح المدنيين حتى لو نجحت بشطب مدن العراق عن الخارطة فانها من هذا المنظور لم ولن تحقق هدف الاحتلال باجتثاث المقاومة واستئصالها بالكلية، وان اميركا لم تستفد من اخطاء الماضي وهي تعيد كتابة هزيمتها في فيتنام ولكن باللغة العربية هذه المرة!
مصطفى الدباغ
http://www.baghdadalrashid.com/vb3/images/imgcache/2004/12/18.jpg
من أوليات حرب العصابات ان توطينها هو ذروة انتصارها، وان مقتلها يكمن في غربتها عن موطنها واهلها، فهل نجحت اميركا بعملية اجتياح الفلوجة التي بدأت في الثامن من تشرين الثاني الجاري ومواقع ومدن اخرى في المثلث السني (بتغريب) المقاومة وحرمانها من موطنها ودعم السكان لها وبالتالي تحقيق اهدافها بالقضاء عليها؟
عندما كانت قوات الاحتلال الاميركي منغمسة في الفلوجة كانت الموصل تتعرض لسيطرة المقاومة عليها بما فيها ستة مراكز أمنية تم الاستيلاء على آلياتها واسلحتها مما اسقط واحدة من اكبر نظريات الامن الاميركية في العراق وهي اعتبار السيطرة على الفلوجة مفتاح الاستقرار وبوابة التحكم بكامل مدن العراق، فقد ظهر واضحا بأن تسجيل انتصار باهر وصف بانه (قصم ظهر المقاومة)هو مجرد حرب نفسية ودعاية سياسية لان المقاومة لا تحارب بأسلوب الجيوش النظامية وحشد القوات في مواقع محددة ثابتة بل تمارس تكتيكات (الكر والفر) وكل انتصار يزيد من اعداد الملتحقين بها ويوسع رقعة الانصار في صفوف الجماهير مما يعني ان الاحتلال (قصم ظهر) السكان ودمر مدنهم لحرمان المقاومة من (الملاذ الآمن) ولكنه بالمقابل زاد من نقمتهم ضده والمقاومة لن تحرم من مواطن بديلة والدليل الاكبر زيادة نشاطها ومواصلة حملتها في الموصل بالاضافة لمواقعها التقليدية في بغداد وسامراء والرمادي وبعقوبة والمحمودية....!
وفي نظرية عسكرية ثابتة اخرى فان (المعنويات لا تهزم) ويمكن فحص هذا العنصر لدى الطرفيين بموضوعية صارمة مما يساعدنا في الاجابة على التساؤل: هل حقق اجتياح الفلوجة اهدافه بسحق المقاومة؟ فالمعنويات كحالة نفسية راسخة تصدر عن وضوح الهدف ونبله والذي يقاتل الانسان من اجله ويموت، فما هو الهدف الاميركي وما مدى عمقه وتجذره ذلك ا لذي يحارب من أجله جنود (مرتزقة) اكثريتهم الساحقة جاءت بعقود والكثير من الاجهزة الحساسة يديرها مدنيون يعملون بعقود كذلك حسب المصادر الاميركية نفسها فالى اي مدى سيصمد هذا الهدف حتى لو كان الدفاع عن امن اميركا او عن كبريائها وكرامتها امام الصعوبات وصمود المقاومة المتعاظمة من قبل الجنود الذين جاءوا عبر المحيط غزاة محتلين لارض غريبة بعيدة ومعادية يمكن مغادرتها في اي لحظة بينما المقاومة العراقية تقاتل على ارضها وفي وطنها من اجل هدف سام يصبح متطلبا دينيا للدفاع عن الوطن والارض والدين والمقدسات وخيرات المسلمين لا تذهب للمحتل فيحارب اصحابها بها، وهذه المعادلة تؤكد بجلاء ان ميزان المعنويات سيميل لصالح المقاومة مرة اخرى.
اما ميدانياً وعلى ارض الواقع فقد ظهر ذلك جليا اثناء اجتياح الفلوجة حيث ظهرت اعراض (الانهيار) و(الانهاك) عندما انفجرت اعمال المقاومة في الموصل حيث (فرت) قوات الحرس الوطني والشرطة وتم تنحية قائدها من منصبه، وظهر الانهاك على القوات الاميركية عندما تم سحب وحدة من تلك العاملة في الفلوجة للسيطرة على الموصل وسريعاً ما اعيدت على عجل لاستئناف المهام في الفلوجة وبالتالي فتدني معنويات الامن العراقية الفاضح زاد من الاعتماد على القوات الاميركية التي اضطرت لاستقدام قوات بريطانية لمساندتها وبالتالي المزيد من الانهاك وتدني المعنويات.
عنصر ثالث يكشف مدى تحقيق عمليات الاجتياح الاخيرة للفلوجة وغيرها لاهدافها في سحق المقاومة العراقية وحرمانها من الحماية والدعم الجماهيري بتدمير المدن وتشريد سكانها، وهو يدور حول مدى ادراك المقاومة (لمغزى الاحتلال) فبعد سقوط الذرائع التي جاءت تحت مظلتها بما فيها اسلحة الدمار الشامل، او الصلة بالارهاب وبالتالي تهديد امن اميركا مباشرة او بالواسطة وسقوط الذرائع الكاذبة المفضوحة التي عاد ليخترعها لاحقا، ادرك العراقيون مغزى الاحتلال والسر وراء جر كل تلك الجيوش لتدمير بلادهم وقتل اطفالهم وهتك اعراضهم ونهب خيراتهم وقذفهم خارج القرن الحادي والعشرين وحضارته، وهو بالمقابل ما عزز صدقية ونبل الاهداف التي يقاتلون من اجلها وهو ما شحذ عزيمتهم وصمودهم وعدم الرضوخ والاذعان لتهديدات الغزاة واجرامهم، وقد ادركوا منطق الاحتلال الجائر الذي اغلق جميع الابواب التي تؤدي الى حقن دمائهم مصرا على اعتبار الفلوجة هي ا لطريق لاخضاع المثلث السني، واعتبار المثلث هو الطريق لاخضاع العراق، واعتبار العراق هو الطريق لاخضاع كامل المنطقة بالاسلوب الدموي الموغل في البربرية والتوحش! كما ادركت المقاومة ان مغزى الاحتلال وسره يتجلى بالشق الثاني من المعادلة التي شرحها نيكسون في كتابه (اغتنموا الفرصة) بعيد حرب الخليج الثانية بقوله:«لدينا في الشرق الاوسط مصلحتان هما النفط واسرائيل»!! فعصابة المحافظين الجدد التي تخطط وتنفذ السياسة الاميركية الخارجية لا يهمها البترول والاقتصاد والامن ونشر قيم الحرية وبيارق الديمقراطية بعد ان نجحت باسقاط قطبي الاستراتيجية الاميركية (البراغماتية والواقعية) لحساب البديل الجديد (الايديولوجيا) والرؤى الدينية فالاهم بالنسبة لها هو استقرار واستمرار وتنامي المشروع الصهيوني في المنطقة العربية وامتداد اذرعه الاخطبوطية الى سائر الدول الاسلامية كما صرحوا بذلك غير مرة وكما تجلى عبر وعود وقرارات بوش في ولايته الاولى فهو الذي منح شارون (كتاب التطمينات) وهو الحشوة ا لناسفة التي فجرت خارطة الطريق والقرارات الدولية واعتبره الفلسطينيون والعرب الشرفاء بمثابة (وعد بلفور جديد)، وهو الذي بشر اسرائيل بمجرد انتخابه الجديد بان دولة فلسطينية لن تظهر للوجود قبل 2009 تاريخ انتهاء ولايته الثانية، وهو الذي اهداها مصادقته على قانون ملاحقة العداء للسامية الذي اعتبره العرب والعالم بمثابة (وعد بلفور الثالث) الذي جعل اسرائيل فوق القوانين والشرائع السماوية الدولية ومنحها سلطة ملاحقة ومحاسبة كل من يمسها من قريب او بعيد!
وعليه فمن ادراك العراقيين لابعاد الحرب الحقيقية ضدههم فان اجتياح الفلوجة وكامل المثلث السني التي تسعى لمسحها عن ظهر الوجود وتهجير وابادة سكانها فجرت اعتى شحنات الغضب العراقي والعربي و الاسلامي وجاءت في توقيتها واسلوبها لرتفع منسوب هذه الشحنات لاقصى مدى والتي تصب آلياً في صالح المقاومة مما يعني باختصار ان العمليات العسكرية والمجازر الجماعية وذبح المدنيين حتى لو نجحت بشطب مدن العراق عن الخارطة فانها من هذا المنظور لم ولن تحقق هدف الاحتلال باجتثاث المقاومة واستئصالها بالكلية، وان اميركا لم تستفد من اخطاء الماضي وهي تعيد كتابة هزيمتها في فيتنام ولكن باللغة العربية هذه المرة!
مصطفى الدباغ
http://www.baghdadalrashid.com/vb3/images/imgcache/2004/12/18.jpg