الفرقاني
20-11-2004, 07:40 PM
ما بعد الفلوجة: الإستراتيجية الجديدة للمقاومة العراقية
عبد الله صالح
19/11/2004
التفوق العسكري الكبير الذي حققته القوات الأمريكية في الفلوجة لا يعني أنها وجهت ضربة قاضية للمقاومة العراقية، التي ستواصل هجماتها ضد القوات الأمريكية في العديد من المدن العراقية الأخرى، وبالفعل فقد بدأت الاضطرابات تنتشر على نطاق واسع في مدن الأنبار، الموصل، سامراء، تكريت، تميم، بغداد، بابل وغيرها، كما بدأت بعض جماعات المقاومة في عدد من الدول العربية والأجنبية في تأسيس حركة سياسية، تسعى لإقامة حكومة في المنفى، ودعم جهود تحرير العراق من القوات الأجنبية.
أسلوب حرب العصابات الذي اتبعته جماعات المقاومة العراقية، تم التخطيط له قبل الغزو الأمريكي للعراق في العام الماضي، وبحلول فبراير 2003، كان أكثر من 35 ألفاً من الفدائيين قد دربوا جيداً على حرب المدن، كما قام صدام حسين بتحسين علاقاته مع شيوخ المعاهد الإسلامية الموجودة في الفلوجة، ومع الجماعات الصوفية في تميم، وتم الاتفاق على الاستراتيجية التي سيتم بموجبها التنسيق بين هذه المجموعات واللجان الأمنية لحزب البعث.
ولم تكن العناصر الأساسية للمقاومة في المدن العراقية تتألف من الميليشيات العسكرية المدربة جيداً، ولا من أعضاء حزب البعث، وإنما تم توظيف المدنيين وتزويدهم بالأسلحة والذخيرة، وإعطائهم التدريبات اللازمة لخوض هذه الحرب، واستغلال روح الحماس لديهم لدفعهم إلى ميدان المعركة في مواجهة الجيش الأمريكي، وهذا ما ظهر بوضوح في الفلوجة، حيث غادر القادة والجنود المحترفون المدينة، قبل أن يبدأ الهجوم الأمريكي عليها بوقت كاف.
المقاتلون المنسحبون من المدينة بدأوا في التمركز في أجزاء أخرى من إقليم الأنبار الذي تقع فيه مدينة الفلوجة، في الوقت الذي نشط فيه زملاؤهم في تميم وبعقوبة والموصل في تنفيذ هجمات منظّمة ضد القوات الأمريكية. وكانت المقاومة العراقية قد أحكمت سيطرتها خلال الأيام الأخيرة على الموصل، قبل أن تقوم القوات الأمريكية بهجومها الشامل على المدينة. الإستراتيجية الجديدة لرجال المقاومة تعتمد على دفع القوات الأمريكية للانتشار في أكبر عدد من المدن، بما يعمل على تشتيت جهودها في مواجهة هجمات رجال المقاومة، مع العمل على إرباك القوات العراقية التي تحارب معها.
عدد من أعضاء حزب البعث المهمّين كانوا قد كُلفوا بمهام مخابراتية بالخارج خلال حكم صدام وفي أعقاب الاحتلال الأمريكي للعراق، لجأ معظمهم إلى سوريا، حيث أصبحوا يشكلون حاليا حركة سياسية قوية. وهناك مجموعات متشابهة يُعْتَقَد أنها موجودة في بعض الدول العربية مثل مصر والسودان وليبيا، ودول أخرى غير عربية مثل روسيا، الصين، فرنسا. هدفهم تنظيم أنفسهم في شكل حكومة عراقية في المنفى، ودعم جهود تحرير البلاد من القوات العراقية.
لدى كل من حزب البعث العراقي وحزب البعث السوري تاريخ طويل من الخلافات التي أجهضت آمال العرب في تحرير فلسطين وتأسيس الجمهورية العربية المتحدة التي تشمل كلا من العراق ومصر وسوريا. وقبيل الغزو الأمريكي العراق في العام الماضي، عمل صدام حسين على تسوية معظم خلافاته مع الحكومة السورية، التي عارضت بقوة الحرب على العراق، لكنها لم تعد في وضع يسمح لها بمساندة المقاومة العراقية، في ظل الضغوط الأمريكية التي تمارس عليها، بدعوى قيامها بتطوير أسلحة دمار شامل، وتورطها في تهريب أسلحة للمقاومة العراقية عبر الحدود المشتركة وإيواء رجال المقاومة البعثيين على أراضيها.
أحد التطورات الأخيرة الهامة هو انتشار العديد من مواقع الانترنيت الخاصة بالمقاومة العراقية والتي تقدم صوراً ومعلومات يومية عن سير أعمال المقاومة، ولاشك أن هناك جماعات منظمة تقف وراء تلك المواقع، التي ما إن يغلق موقع منها، حتى يظهر موقع آخر.
وفي تطور آخر، فقد اعترف وزير الداخلية العراقي فالح حسن النقيب مؤخراً، ولأول مرة، بالحقائق القائمة على أرض الواقع وما سببته المقاومة من خسائر للقوات الأمريكية والعراقية، مشيرا إلى أن المقاومة ليست مجرد تجمعات عشوائية من المقاتلين الإسلاميين، ولكنها جماعات منظمة لها هيكل تنظيمي وتسلسل قيادي. وعلى خلاف مزاعم الولايات المتحدة من أن أبو مصعب الزرقاوي الأردني الجنسية هو المحرك الرئيسي للمقاومة، فقد أكد النقيب أن قادة بعض جماعات المقاومة العراقية هم بالأساس من العناصر الموالية للرئيس المخلوع صدام حسين.
النقيب أيضا سلم بأن المقاومة العراقية بدأت في تطوير شكل من أشكال القيادة السياسية التي تعمل من داخل الأراضي السورية، وأشار إلى أن المنسق الرئيسي لهذه الأعمال هو محمد يونس أحمد، المسئول الأمني السابق بحزب البعث.
أبرز العوامل التي زادت من شوكة المقاومة العراقية، تمثلت في دعم ومساندة المجتمع القبلي، حيث القاعدة المعمول بها في هذه القبائل أن القرارات يتم التوصل إليها بالاتفاق، ولا يمكن لأحد بعد ذلك أن يعترض عليها. وفي هذا الإطار فقد تحقق نوع من الإجماع الوطني بين رجال القبائل على تجاوز الخلافات الشيعية والسنية فيما يتعلق بمواجهة القوات الأمريكية، وأكد جميع رجال الدين الشيعة في بغداد، مساندتهم للمقاومة العراقية، بما فيهم مقتدى الصدر، الذي أوقف دعمه للانتخابات المقررة في يناير المقبل.
أما في المناطق الجنوبية من العراق، والتي كانت سيطرة حزب البعث عليها قوية، فإن رجال المقاومة يشنون بعض الهجمات المتفرقة على القوات البريطانية. وفي الوقت نفسه ظلت بعض الجماعات بعيدة عن أعمال المقاومة، ومعظمها يقطن في إقليمي كربلاء والنجف، حيث تغيب التقاليد القبلية العربية بسبب السيطرة القوية للشعوب ذات الأصول الهندية والإيرانية.
http://www.alasr.ws/index.cfm?fuseaction=Print&contentid=5856&categoryID=16
عبد الله صالح
19/11/2004
التفوق العسكري الكبير الذي حققته القوات الأمريكية في الفلوجة لا يعني أنها وجهت ضربة قاضية للمقاومة العراقية، التي ستواصل هجماتها ضد القوات الأمريكية في العديد من المدن العراقية الأخرى، وبالفعل فقد بدأت الاضطرابات تنتشر على نطاق واسع في مدن الأنبار، الموصل، سامراء، تكريت، تميم، بغداد، بابل وغيرها، كما بدأت بعض جماعات المقاومة في عدد من الدول العربية والأجنبية في تأسيس حركة سياسية، تسعى لإقامة حكومة في المنفى، ودعم جهود تحرير العراق من القوات الأجنبية.
أسلوب حرب العصابات الذي اتبعته جماعات المقاومة العراقية، تم التخطيط له قبل الغزو الأمريكي للعراق في العام الماضي، وبحلول فبراير 2003، كان أكثر من 35 ألفاً من الفدائيين قد دربوا جيداً على حرب المدن، كما قام صدام حسين بتحسين علاقاته مع شيوخ المعاهد الإسلامية الموجودة في الفلوجة، ومع الجماعات الصوفية في تميم، وتم الاتفاق على الاستراتيجية التي سيتم بموجبها التنسيق بين هذه المجموعات واللجان الأمنية لحزب البعث.
ولم تكن العناصر الأساسية للمقاومة في المدن العراقية تتألف من الميليشيات العسكرية المدربة جيداً، ولا من أعضاء حزب البعث، وإنما تم توظيف المدنيين وتزويدهم بالأسلحة والذخيرة، وإعطائهم التدريبات اللازمة لخوض هذه الحرب، واستغلال روح الحماس لديهم لدفعهم إلى ميدان المعركة في مواجهة الجيش الأمريكي، وهذا ما ظهر بوضوح في الفلوجة، حيث غادر القادة والجنود المحترفون المدينة، قبل أن يبدأ الهجوم الأمريكي عليها بوقت كاف.
المقاتلون المنسحبون من المدينة بدأوا في التمركز في أجزاء أخرى من إقليم الأنبار الذي تقع فيه مدينة الفلوجة، في الوقت الذي نشط فيه زملاؤهم في تميم وبعقوبة والموصل في تنفيذ هجمات منظّمة ضد القوات الأمريكية. وكانت المقاومة العراقية قد أحكمت سيطرتها خلال الأيام الأخيرة على الموصل، قبل أن تقوم القوات الأمريكية بهجومها الشامل على المدينة. الإستراتيجية الجديدة لرجال المقاومة تعتمد على دفع القوات الأمريكية للانتشار في أكبر عدد من المدن، بما يعمل على تشتيت جهودها في مواجهة هجمات رجال المقاومة، مع العمل على إرباك القوات العراقية التي تحارب معها.
عدد من أعضاء حزب البعث المهمّين كانوا قد كُلفوا بمهام مخابراتية بالخارج خلال حكم صدام وفي أعقاب الاحتلال الأمريكي للعراق، لجأ معظمهم إلى سوريا، حيث أصبحوا يشكلون حاليا حركة سياسية قوية. وهناك مجموعات متشابهة يُعْتَقَد أنها موجودة في بعض الدول العربية مثل مصر والسودان وليبيا، ودول أخرى غير عربية مثل روسيا، الصين، فرنسا. هدفهم تنظيم أنفسهم في شكل حكومة عراقية في المنفى، ودعم جهود تحرير البلاد من القوات العراقية.
لدى كل من حزب البعث العراقي وحزب البعث السوري تاريخ طويل من الخلافات التي أجهضت آمال العرب في تحرير فلسطين وتأسيس الجمهورية العربية المتحدة التي تشمل كلا من العراق ومصر وسوريا. وقبيل الغزو الأمريكي العراق في العام الماضي، عمل صدام حسين على تسوية معظم خلافاته مع الحكومة السورية، التي عارضت بقوة الحرب على العراق، لكنها لم تعد في وضع يسمح لها بمساندة المقاومة العراقية، في ظل الضغوط الأمريكية التي تمارس عليها، بدعوى قيامها بتطوير أسلحة دمار شامل، وتورطها في تهريب أسلحة للمقاومة العراقية عبر الحدود المشتركة وإيواء رجال المقاومة البعثيين على أراضيها.
أحد التطورات الأخيرة الهامة هو انتشار العديد من مواقع الانترنيت الخاصة بالمقاومة العراقية والتي تقدم صوراً ومعلومات يومية عن سير أعمال المقاومة، ولاشك أن هناك جماعات منظمة تقف وراء تلك المواقع، التي ما إن يغلق موقع منها، حتى يظهر موقع آخر.
وفي تطور آخر، فقد اعترف وزير الداخلية العراقي فالح حسن النقيب مؤخراً، ولأول مرة، بالحقائق القائمة على أرض الواقع وما سببته المقاومة من خسائر للقوات الأمريكية والعراقية، مشيرا إلى أن المقاومة ليست مجرد تجمعات عشوائية من المقاتلين الإسلاميين، ولكنها جماعات منظمة لها هيكل تنظيمي وتسلسل قيادي. وعلى خلاف مزاعم الولايات المتحدة من أن أبو مصعب الزرقاوي الأردني الجنسية هو المحرك الرئيسي للمقاومة، فقد أكد النقيب أن قادة بعض جماعات المقاومة العراقية هم بالأساس من العناصر الموالية للرئيس المخلوع صدام حسين.
النقيب أيضا سلم بأن المقاومة العراقية بدأت في تطوير شكل من أشكال القيادة السياسية التي تعمل من داخل الأراضي السورية، وأشار إلى أن المنسق الرئيسي لهذه الأعمال هو محمد يونس أحمد، المسئول الأمني السابق بحزب البعث.
أبرز العوامل التي زادت من شوكة المقاومة العراقية، تمثلت في دعم ومساندة المجتمع القبلي، حيث القاعدة المعمول بها في هذه القبائل أن القرارات يتم التوصل إليها بالاتفاق، ولا يمكن لأحد بعد ذلك أن يعترض عليها. وفي هذا الإطار فقد تحقق نوع من الإجماع الوطني بين رجال القبائل على تجاوز الخلافات الشيعية والسنية فيما يتعلق بمواجهة القوات الأمريكية، وأكد جميع رجال الدين الشيعة في بغداد، مساندتهم للمقاومة العراقية، بما فيهم مقتدى الصدر، الذي أوقف دعمه للانتخابات المقررة في يناير المقبل.
أما في المناطق الجنوبية من العراق، والتي كانت سيطرة حزب البعث عليها قوية، فإن رجال المقاومة يشنون بعض الهجمات المتفرقة على القوات البريطانية. وفي الوقت نفسه ظلت بعض الجماعات بعيدة عن أعمال المقاومة، ومعظمها يقطن في إقليمي كربلاء والنجف، حيث تغيب التقاليد القبلية العربية بسبب السيطرة القوية للشعوب ذات الأصول الهندية والإيرانية.
http://www.alasr.ws/index.cfm?fuseaction=Print&contentid=5856&categoryID=16