المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تعرف على مدينة العز والشموخ والكبرياء .... الفلوجة



صدام فلسطين
15-11-2004, 01:04 AM
المقاومة العراقية تواجه القوات الأمريكية بهجمات منظمة



لم يكن حصار القوات الأمريكية لمدينة الفلوجة هذه الأيام هو الأول من نوعه منذ احتلال العراق في إبريل 2003، وإنما شهدت المدينة العديد من العمليات العسكرية الأمريكية السابقة من أجل تقويض المقاومة فيها، لكنها جميعا لم تنجح في تحقيق الهدف المطلوب؛ وهو ما أثار التساؤلات حول أسباب فشل القوات الأمريكية بعتادها ومعداتها العسكرية المتطورة في كسر صمود الفلوجة الذي تجاوز الأسبوعين.

وأظهرت آراء عدد من المحللين السياسيين وتقارير صحفية حول الوضع في الفلوجة أن هناك تشابكا بين العديد من العوامل التي ساهمت في صمود المدينة التي بدأت قوات الاحتلال الأمريكية بمحاصرتها وقصفها بتاريخ 5-4-2004، تمثلت أبرزها في شكل المقاومة بها الذي اقترب إلى العمل التنظيمي منها إلى العشوائي في مواجهة الاحتلال بجانب الموقع الجغرافي للمدينة.

ولعبت أيضا تركيبة المجتمع الفلوجي دورا بارزا في أعمال المقاومة، حيث تضم المدينة مجموعة من العشائر السنية المتجانسة يغلب عليها طابع البداوة الذي يتميز بحدة الطباع والشجاعة والفروسية والغيرة المفرطة.

وتسكن الفلوجة بشكل أساسي عشيرة البو عيسى التي تنحدر إلى عشائر طي والبو علوان والمحامدة والفلاحات والحلابسة وكلها تعود إلى الدليم، إضافة إلى عشيرتي الجميلات وزوبع اللتين تنحدران من قيس، وهذه العشائر مجتمعة كانت تشكل في العشرينيات من القرن العشرين لواءً منفصلاً يُطلق عليه "لواء الدليم".

وقال وليد الزبيدي المحلل السياسي العراقي لشبكة "إسلام أون لاين.نت": إن الطابع العشائري للفلوجة ساهم لحد كبير في صمود المقاومة، مشيرا إلى أن "الخلفية النفسية والتاريخية لهذه العشائر تجاه الاحتلال أججت من جذوة المقاومة والرغبة بالثأر من المحتلين الأمريكيين".

وأوضح أن الفلوجة كانت في مقدمة المدن العراقية التي اتبعت قوات الاحتلال الأمريكي سياسة الإذلال ضد أبنائها، مضيفا أن هذه القوات "اعتقلت وجهاء العشائر، وداهمت المنازل ليلا، ودخلت غرف النوم على النساء دون سابق إنذار؛ وهو ما ولَّد حالة من الحقد والغضب والرغبة بالانتقام لدى أبناء هذه العشائر".

تدين شديد

وعلى خلفية التكوين العشائري للفلوجة، يتميز أبناء المدينة بالتدين الشديد؛ وهو ما أدى إلى أن تتخذ المقاومة ضد الاحتلال شكلا دينيا، فلا بديل أمامهم غير جلاء المحتل أو الموت رفضا لوجوده على أرضهم.

وفي هذا السياق قالت صحيفة الحياة اللندنية في عددها الصادر يوم 19-4-2004 نقلا عن قحطان الربيعي عضو اللجنة الإعلامية في الحزب الإسلامي العراقي: "إن الفلوجيين نشئوا وترعرعوا في كنف قيم دينية، ترفض المساس بالدين (الذي بات) المحتل يقوّض أركانه بممارساته اللاأخلاقية".

وتضم الفلوجة -حسبما ذكرت الحياة- عددا من "التيارات الدينية السلفية الجهادية والسلفية الأصولية والإخوان المسلمين والتيارات الصوفية كالنقشبندية والشاذلية والرشيدية والرافعية والقادرية والدرقية والبدوية والحلبية".

ويسكن الفلوجة التي تبعد نحو 50 كيلومترا غرب العاصمة العراقية بغداد حوالي 400 ألف نسمة، كما يوجد بها نحو 80 مسجدا.

مناورة الجغرافيا

في الوقت نفسه لعبت الطبيعة الجغرافية لمدينة الفلوجة دورا واضحا في صمود المدينة في وجه القوات الأمريكية، رغم الحصار المفروض عليها الذي تجاوز الأسبوعين.

وتنتشر في الفلوجة مساحات واسعة من الأراضي الزراعية تتخللها مزارع كثيفة من أشجار النخيل، وفرت إلى حد بعيد مساحة واسعة من المناورة وغطاءً جيدا لرجال المقاومة.

كما تطل الفلوجة -وهي أكبر قضاء في محافظة الأنبار- على نهر الفرات، وكذلك على ذراع لنهر دجلة، وهو ما اعتبر المحلل السياسي العراقي عبد الكريم العلوجي في اتصال هاتفي بشبكة "إسلام أون لاين.نت" أنه "صعَّب من مهمة القوات الأمريكية في إحكام حصارها على المدينة، وأتاح للمقاومين العراقيين في المقابل فرصة للحصول على بعض إمدادات خارجية من المناطق المحيطة القريبة، مثل الرمادي وأبو غريب وتكريت".

وتعني (فلوجة) لغويا الأرض الصالحة للزراعة، ويعمل غالبية أهالي الفلوجة بالزراعة، بينما انتقل بعضهم إلى العمل في التجارة بسبب وقوع بلدتهم على طرق المنافذ الحدودية التي ترتبط بالأردن وسوريا، واشتهروا خصوصا بتجارة الأقمشة.

خبرة قتالية تنظيمية

إضافة إلى العوامل السابقة فإن لطبيعة المقاومين العراقيين وأساليب قتالهم والأسلحة التي يستخدمونها دورا واضحا أيضا في صمود الفلوجة ضد القوات الأمريكية.

وقال المحلل العراقي وليد الزبيدي: إن غالبية المقاومين في الفلوجة هم جزء من المقاتلين المحترفين المنتشرين في جميع أنحاء العراق، موضحا أن الغالبية العظمى من أهالي المدينة إن لم يكونوا طلابا بالمدارس فهم من العسكريين.

وأضاف الزبيدي أن معظم العراقيين مدربون على مختلف أنواع الأسلحة؛ نظرا لظروف الحرب التي عايشوها على مدار العقود الثلاثة الماضية، سواء ضد إيران أو ضد قوات التحالف التي قادتها الولايات المتحدة في حرب الخليج عام 1991 أو الحرب الأمريكية الأخيرة على العراق.

وأشار إلى أن "خبرة المقاتلين العراقيين منحتهم شكلا تنظيميا ليس فقط في مقاومة القوات الأمريكية، بل والهجوم أيضا على مواقع تمركز هذه القوات حول مدينة الفلوجة".

وفي إشارة منها إلى أن المقاومة العراقية استخدمت أسلحة ثقيلة ضد قوات الاحتلال في معارك الفلوجة، أعلنت القوات الأمريكية بمقتضى اتفاق هدنة جرى توقيعه يوم 19-4-2004 مع وجهاء الفلوجة العفو عن الذين يسلمون "أسلحتهم الثقيلة".

يشار إلى أن الفلوجة تحاذيها شمالا واحدة من كبرى القواعد الجوية العراقية وأقدمها، وهي قاعدة الحبانية التي بناها البريطانيون فوق هضبة عالية خلال فترة استعمارهم للعراق ما بين 1919 وحتى نهاية الحكم الملكي عام 1958.

واعتبرت قاعدة الحبانية -التي ينتمي إليها عدد من العسكريين السابقين الساكنين للفلوجة- واحدة من أهم المعسكرات في ظل حكم حزب البعث، إذ بإمكان أي تمرد أو انقلاب عسكري ينطلق منها السيطرة على العاصمة فأخضعت بالتالي لسيطرة قوات الحرس الجمهوري وكان يتم اختيار الضباط العاملين في القاعدة بدقة من الموالين جدا لقيادة صدام حسين.




تكتيكات إسرائيلية

ودفع صمود المقاومة في الفلوجة القوات الأمريكية إلى استخدام الطائرات الهجومية لضرب الخطوط الخلفية، وسلاح المدفعية لدكّ خطوط الدفاع الأمامية، والاعتماد أيضا على فرق القناصة لاصطياد كل هدف ظاهر ومتحرك، وهو ما شبهه بعض المراقبين بأنه التكتيك ذاته الذي تستخدمه قوات الاحتلال الإسرائيلية في اعتداءاتها ضد الفلسطينيين.

وكان عبد السلام الكبيسي -عضو هيئة علماء المسلمين السنية العراقية- قد قال في تصريحات صحفية يوم 16-4-2004: إن قوات الاحتلال الأمريكية استخدمت القنابل العنقودية المحرمة دوليا في دك أهداف بالفلوجة.

كما أشارت قناة الجزيرة القطرية يوم 16-4-2004 إلى أن القوات الأمريكية استخدمت قاذفات القنابل الثقيلة "بي 52" في قصف مواقع المقاومين العراقيين.

يُشار إلى أن القوات الأمريكية استخدمت قاذفات "بي 52" في ضرب العديد من الأهداف في العديد من المدن العراقية في الأيام الأولى من الحرب على العراق في مارس 2003. كما استخدمتها في دك معاقل حركة طالبان الأفغانية في المناطق الجبلية أثناء حربها على أفغانستان في نهاية عام 2001.

وتستطيع قاذفات "بي 52" التي تحلق بثمانية محركات، ويبلغ طول المسافة بين جناحيها 60 مترًا، حمْلَ أسلحة نووية أو تقليدية، وإطلاق ما يصل إلى 20 صاروخ كروز مرة واحدة


WIDTH=400 HEIGHT=350