القادم
13-11-2004, 07:07 AM
شبكة البصرة
بقلم : عوني القلمجي
المعركة التي تدور رحاها بين المقاومة العراقية والولايات المتحدة الأمريكية على أرض الفلوجة هي ليست ككل المعارك التي جرت في السابق، لا من حيث طبيعتها ولا أهدافها ولا من حيث النتائج التي ستترتب عليها، وهذه بمجموعها لا تخص الأمريكان وحدهم رغم انهم المعنيون بالدرجة الأولى بها وإنما تخص المقاومة العراقية أيضا ... فعلى صعيد الأمريكان فإن معركة الفلوجة وتحقيق انتصار فيها تمثل لهم الفرصة الأخيرة للخروج من المأزق الذي يشتد يوما بعد آخر بسبب تصاعد حدة المقاومة، إذ بدون ذلك ستضطر الولايات المتحدة إلى التخلي عن أهدافها في العراق، وهذه الحقيقة كشفت عنها افتتاحية النيويورك تايمز يوم 8 من هذا الشهر، وذكرت <<إن الأوضاع التي تشهدها الأراضي العراقية على ضوء تزايد أعمال المقاومة ستضطر الولايات المتحدة إلى التفكير في التخلي نهائيا عن أهدافها في العراق إذا لم يحدث تغيير جذري في هذه الأوضاع>> ... وهذا التغيير الجذري كشفت عنه ذات الجريدة قبل عدة أسابيع استنادا إلى وزارة الدفاع الأمريكية <<البنتاجون>> ويتلخص باستعادة السيطرة على 30 بلدة ومدينة عراقية وصفت على أنها خارجة على القانون، وأن يتم ذلك قبل حلول موعد الانتخابات في 27 كانون الثاني << يناير >> من العام المقبل، وتأتي الفلوجة على رأس قائمة المطلوبين. أما على صعيد المقاومة العراقية فإنها اعتبرت هذه المعركة البداية لشن عمليات واسعة النطاق تهدف إلى تحرير المدن العراقية الأخرى تمهيداً لشن الهجوم النهائي لطرد الاحتلال واستعادة استقلال العراق وسيادته ووحدته كاملة غير منقوصة من أعلى نقطة في شمال العراق الحبيب إلى أقصى نقطة في جنوبه، أو كما يقال من زاخو لحد إمارة الكويت.
إذن ليس غريبا أو مستغربا أن تستعد الولايات المتحدة لهذه المعركة الفاصلة كما لو أنها تخوض حربا عالمية أو حربا ضد دولة كبرى، حيث وضعت كامل قواتها العسكرية << اكثر من 150 ألف جندي >> في حالة إنذار قصوى، وحشدت على حافة حدود مدينة الفلوجة اكثر من 20 ألف جندي ومئات الدبابات والمدافع وعشرات الطائرات والصواريخ الموجهة وحاويات القنابل العنقودية ... إلخ، واستعانت إلى جانب ذلك كله بالقوات البريطانية وبفرقة << بلاك ووتش>> على وجه التحديد كونها تمثل الدرة في تاج الجيش البريطاني، باعتبارها اكثر الفرق العسكرية البريطانية قدرة على القتال في معارك كهذه، واستعانت أيضا بميليشيات الأحزاب العراقية العميلة للأمريكان لاستخدامهم كدروع بشرية أثناء الهجوم.
كل هذا الحشد العسكري المقرون بالغطرسة الأمريكية وعنجهية بوش ولّد قناعة لدى القادة الميدانيين بأن الهجوم على مدينة الفلوجة وتحقيق أهدافه لن يستغرق سوى ساعات أو أيام على اكثر تقدير، خاصة وإن عملية الهجوم على الفلوجة قد سبقته وعلى مدى شهر كامل عمليات قصف جوي وبري طال كل أجزاء المدينة واستخدم فيه المسموح وغير المسموح من الصواريخ والقنابل الأشد فتكاً وتدميراً بعد القنابل الذرية. هذا الاعتقاد الخاطئ والمبني على الغطرسة الأمريكية والاستهانة بقدرات الشعوب وإمكانياتها في الدفاع عن نفسها وخوض حروبها العادلة وتحقيق انتصارات فيها وبأسلحة بسيطة أدخلت أمريكا قواتها في مأزق جديد في هذه المدينة الصغيرة والتي لا يتجاوز عدد نفوسها 300 ألف نسمة، فعوضاً عن تحقيق الانتصار المنشود تكبدت قوات الاحتلال خلال الأيام الماضية عشرات القتلى ومئات الجرحى وتدمير أعداد كبيرة من الدبابات والآليات العسكرية، ناهيك عن سقوط عدد من الطائرات الحربية في سماء الفلوجة.
وحسب اعتراف القادة العسكريون الأمريكان فان القوات الغازية ووجهت بمقاومة شديدة وغير متوقعة الأمر الذي اجبر وزير الدفاع الأمريكي << دونالد رامسفيلد >> على الاعتراف علنا بان معركة الفلوجة باتت صعبة ومعقدة وقد تحتاج لحسمها وقت طويل في حين صرّح رئيس أركان الجيوش الأمريكية، ريتشارد مايرز، بأن هذه المعركة ستكون من أقسى المعارك التي خاضتها الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية. ومن جهة الخبراء العسكريين في حروب المدن وحروب العصابات، فأنهم أكدوا على أن القوات الأمريكية ستمنى بهزيمة أكيدة وفي القريب العاجل. ومما يعزز فرضية هزيمة أمريكا المرتقبة في الفلوجة هو عجز القوات الأمريكية عن استعادة السيطرة على المدينة والقضاء على المقاومة رغم مرور 5 أيام على بدء المعارك، ولا تزال القوات الأمريكية تجد صعوبات في الاحتفاظ بالمواقع التي احتلتها، الأمر الذي اضطرها إلى التراجع عن عدد منها لتجنب خسائر محتملة. وليس سراً أن المقاومة العراقية قد خططت لجر العدو إلى داخل المدينة بهدف توريطها في اشتباكات قريبة ومن بيت لبيت ومن شارع لشارع ... وقد نجحت المقاومة فعلا في استدراج العدو إلى ارض القتل.
هل يجوز لنا أن نحصر تفكيرنا في المعركة الدائرة على ارض الفلوجة فقط ونفصلها عن ما يجري من معارك طاحنة في العديد من المدن العراقية وفي طول البلاد وعرضها، يراد التعتيم عليها؟، أم أن معركة الفلوجة في هذه الفترة بالذات أصبحت وفق تخطيط المقاومة جزء من الحرب الشعبية الشاملة لتحرير العراق ؟ ...
ليس هناك من لبس أو شك بان تطورا نوعيا قد حدث في خطط المقاومة العراقية في مواجهة قوات الاحتلال باتجاه توسيع إطار العمليات المحدودة إلى عمليات تحرير المدن وليس بهدف قتل جنود وتدمير آليات كما كان الحال قبل معركة الفلوجة ... وفي هذا الصدد فان المقاومة حققت انتصارات أذهلت العالم أذهلت الأمريكان أنفسهم، فلقد هاجمت مجموعات منظمة القوات الأمريكية في بعض المدن واشتبكت معها في قتال ضاري وتمكنت من طردها خارج هذه المدن لتحل محلها قوات المقاومة ... حدث هذا في الرمادي وهيت والقائم وحدث أيضا في سامراء وتكريت وبيجي والحويجة والموصل، بل إن بغداد ذاتها قد تحررت في أجزاء عديدة منها ... أما المنطقة الخضراء فقد تحولت إلى منطقة سوداء جراء القصف المتواصل عليها .
نعم أمريكا باتت على حافة الهزيمة المنكرة ليس في الفلوجة وحدها وانما في اغلب المدن العراقية ونحن على موعد قريب مع تطور نوعي آخر في عمليات المقاومة والذي سيهدف هذه المرة إلى وضع الخطة الشاملة لشن الهجوم الاستراتيجي الكبير لتحرير العاصمة العراقية بغداد، وإقامة السلطة الوطنية التي ستأخذ على عاتقها مطاردة جنود الاحتلال وهم يولون الأدبار خارج الحدود العراقية ومن ثم العمل على إرساء دعائم المجتمع الديمقراطي الموحد ... ولا يغير من هذه الحقيقة ما يشاع من أكاذيب عن قوة أمريكا وقدرتها على إنهاء المقاومة العراقية واستسلامها.
هذه ليست أحلام يقظة أو خيال واسع، فأمريكا في الأمس ليست كما هي اليوم، فهي تعاني من سكرات الموت وتبحث عن وسيلة مشرّفة تليق بمكانتها كقوة عظمى للخروج من محنتها ... وما يمكن ذكره بهذا الخصوص من وقائع وأحداث يدعونا للتفاؤل بأن معركة تحرير العراق قد بدأت فعلا.
بقلم : عوني القلمجي
المعركة التي تدور رحاها بين المقاومة العراقية والولايات المتحدة الأمريكية على أرض الفلوجة هي ليست ككل المعارك التي جرت في السابق، لا من حيث طبيعتها ولا أهدافها ولا من حيث النتائج التي ستترتب عليها، وهذه بمجموعها لا تخص الأمريكان وحدهم رغم انهم المعنيون بالدرجة الأولى بها وإنما تخص المقاومة العراقية أيضا ... فعلى صعيد الأمريكان فإن معركة الفلوجة وتحقيق انتصار فيها تمثل لهم الفرصة الأخيرة للخروج من المأزق الذي يشتد يوما بعد آخر بسبب تصاعد حدة المقاومة، إذ بدون ذلك ستضطر الولايات المتحدة إلى التخلي عن أهدافها في العراق، وهذه الحقيقة كشفت عنها افتتاحية النيويورك تايمز يوم 8 من هذا الشهر، وذكرت <<إن الأوضاع التي تشهدها الأراضي العراقية على ضوء تزايد أعمال المقاومة ستضطر الولايات المتحدة إلى التفكير في التخلي نهائيا عن أهدافها في العراق إذا لم يحدث تغيير جذري في هذه الأوضاع>> ... وهذا التغيير الجذري كشفت عنه ذات الجريدة قبل عدة أسابيع استنادا إلى وزارة الدفاع الأمريكية <<البنتاجون>> ويتلخص باستعادة السيطرة على 30 بلدة ومدينة عراقية وصفت على أنها خارجة على القانون، وأن يتم ذلك قبل حلول موعد الانتخابات في 27 كانون الثاني << يناير >> من العام المقبل، وتأتي الفلوجة على رأس قائمة المطلوبين. أما على صعيد المقاومة العراقية فإنها اعتبرت هذه المعركة البداية لشن عمليات واسعة النطاق تهدف إلى تحرير المدن العراقية الأخرى تمهيداً لشن الهجوم النهائي لطرد الاحتلال واستعادة استقلال العراق وسيادته ووحدته كاملة غير منقوصة من أعلى نقطة في شمال العراق الحبيب إلى أقصى نقطة في جنوبه، أو كما يقال من زاخو لحد إمارة الكويت.
إذن ليس غريبا أو مستغربا أن تستعد الولايات المتحدة لهذه المعركة الفاصلة كما لو أنها تخوض حربا عالمية أو حربا ضد دولة كبرى، حيث وضعت كامل قواتها العسكرية << اكثر من 150 ألف جندي >> في حالة إنذار قصوى، وحشدت على حافة حدود مدينة الفلوجة اكثر من 20 ألف جندي ومئات الدبابات والمدافع وعشرات الطائرات والصواريخ الموجهة وحاويات القنابل العنقودية ... إلخ، واستعانت إلى جانب ذلك كله بالقوات البريطانية وبفرقة << بلاك ووتش>> على وجه التحديد كونها تمثل الدرة في تاج الجيش البريطاني، باعتبارها اكثر الفرق العسكرية البريطانية قدرة على القتال في معارك كهذه، واستعانت أيضا بميليشيات الأحزاب العراقية العميلة للأمريكان لاستخدامهم كدروع بشرية أثناء الهجوم.
كل هذا الحشد العسكري المقرون بالغطرسة الأمريكية وعنجهية بوش ولّد قناعة لدى القادة الميدانيين بأن الهجوم على مدينة الفلوجة وتحقيق أهدافه لن يستغرق سوى ساعات أو أيام على اكثر تقدير، خاصة وإن عملية الهجوم على الفلوجة قد سبقته وعلى مدى شهر كامل عمليات قصف جوي وبري طال كل أجزاء المدينة واستخدم فيه المسموح وغير المسموح من الصواريخ والقنابل الأشد فتكاً وتدميراً بعد القنابل الذرية. هذا الاعتقاد الخاطئ والمبني على الغطرسة الأمريكية والاستهانة بقدرات الشعوب وإمكانياتها في الدفاع عن نفسها وخوض حروبها العادلة وتحقيق انتصارات فيها وبأسلحة بسيطة أدخلت أمريكا قواتها في مأزق جديد في هذه المدينة الصغيرة والتي لا يتجاوز عدد نفوسها 300 ألف نسمة، فعوضاً عن تحقيق الانتصار المنشود تكبدت قوات الاحتلال خلال الأيام الماضية عشرات القتلى ومئات الجرحى وتدمير أعداد كبيرة من الدبابات والآليات العسكرية، ناهيك عن سقوط عدد من الطائرات الحربية في سماء الفلوجة.
وحسب اعتراف القادة العسكريون الأمريكان فان القوات الغازية ووجهت بمقاومة شديدة وغير متوقعة الأمر الذي اجبر وزير الدفاع الأمريكي << دونالد رامسفيلد >> على الاعتراف علنا بان معركة الفلوجة باتت صعبة ومعقدة وقد تحتاج لحسمها وقت طويل في حين صرّح رئيس أركان الجيوش الأمريكية، ريتشارد مايرز، بأن هذه المعركة ستكون من أقسى المعارك التي خاضتها الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية. ومن جهة الخبراء العسكريين في حروب المدن وحروب العصابات، فأنهم أكدوا على أن القوات الأمريكية ستمنى بهزيمة أكيدة وفي القريب العاجل. ومما يعزز فرضية هزيمة أمريكا المرتقبة في الفلوجة هو عجز القوات الأمريكية عن استعادة السيطرة على المدينة والقضاء على المقاومة رغم مرور 5 أيام على بدء المعارك، ولا تزال القوات الأمريكية تجد صعوبات في الاحتفاظ بالمواقع التي احتلتها، الأمر الذي اضطرها إلى التراجع عن عدد منها لتجنب خسائر محتملة. وليس سراً أن المقاومة العراقية قد خططت لجر العدو إلى داخل المدينة بهدف توريطها في اشتباكات قريبة ومن بيت لبيت ومن شارع لشارع ... وقد نجحت المقاومة فعلا في استدراج العدو إلى ارض القتل.
هل يجوز لنا أن نحصر تفكيرنا في المعركة الدائرة على ارض الفلوجة فقط ونفصلها عن ما يجري من معارك طاحنة في العديد من المدن العراقية وفي طول البلاد وعرضها، يراد التعتيم عليها؟، أم أن معركة الفلوجة في هذه الفترة بالذات أصبحت وفق تخطيط المقاومة جزء من الحرب الشعبية الشاملة لتحرير العراق ؟ ...
ليس هناك من لبس أو شك بان تطورا نوعيا قد حدث في خطط المقاومة العراقية في مواجهة قوات الاحتلال باتجاه توسيع إطار العمليات المحدودة إلى عمليات تحرير المدن وليس بهدف قتل جنود وتدمير آليات كما كان الحال قبل معركة الفلوجة ... وفي هذا الصدد فان المقاومة حققت انتصارات أذهلت العالم أذهلت الأمريكان أنفسهم، فلقد هاجمت مجموعات منظمة القوات الأمريكية في بعض المدن واشتبكت معها في قتال ضاري وتمكنت من طردها خارج هذه المدن لتحل محلها قوات المقاومة ... حدث هذا في الرمادي وهيت والقائم وحدث أيضا في سامراء وتكريت وبيجي والحويجة والموصل، بل إن بغداد ذاتها قد تحررت في أجزاء عديدة منها ... أما المنطقة الخضراء فقد تحولت إلى منطقة سوداء جراء القصف المتواصل عليها .
نعم أمريكا باتت على حافة الهزيمة المنكرة ليس في الفلوجة وحدها وانما في اغلب المدن العراقية ونحن على موعد قريب مع تطور نوعي آخر في عمليات المقاومة والذي سيهدف هذه المرة إلى وضع الخطة الشاملة لشن الهجوم الاستراتيجي الكبير لتحرير العاصمة العراقية بغداد، وإقامة السلطة الوطنية التي ستأخذ على عاتقها مطاردة جنود الاحتلال وهم يولون الأدبار خارج الحدود العراقية ومن ثم العمل على إرساء دعائم المجتمع الديمقراطي الموحد ... ولا يغير من هذه الحقيقة ما يشاع من أكاذيب عن قوة أمريكا وقدرتها على إنهاء المقاومة العراقية واستسلامها.
هذه ليست أحلام يقظة أو خيال واسع، فأمريكا في الأمس ليست كما هي اليوم، فهي تعاني من سكرات الموت وتبحث عن وسيلة مشرّفة تليق بمكانتها كقوة عظمى للخروج من محنتها ... وما يمكن ذكره بهذا الخصوص من وقائع وأحداث يدعونا للتفاؤل بأن معركة تحرير العراق قد بدأت فعلا.