الفرقاني
13-11-2004, 03:16 AM
الحكومة أرادت "تحرير" الفلوجة فباتت مهددة بخسارة كل شيء .. المقاومة توسع دائرة المواجهة ومعركة الفلوجة تطبع الوضع في العراق
بغداد - خدمة قدس برس
بدأت المقاومة العراقية بتنفيذ جزء مما كانت تنوي فعله، إذا ما اندلعت معركة الفلوجة، وذلك بتوسيع دائرة المعارك والاشتباكات لتشمل العديد من مدن العراق، ولتطال عددا من المؤسسات الحيوية.
فمثلما كان متوقعا فإن معركة الفلوجة اشتعلت وأشعلت معها العديد من مدن العراق، وشمل ذلك العاصمة العراقية بغداد، وامتدت كرة اللهب إلى جنوبها وإلى الشمال منها، في مدن الموصل وسامراء وبيجي وكركوك، ناهيك عن مدن الغرب العراقي الملتهبة أصلا، بل إن دائرة المواجهة بين المقاومة من جهة والقوات الأمريكية وقوات الحكومة العراقية من جهة أخرى، قد امتدت لتطال أقارب رئيس الحكومة العراقية إياد علاوي ذاته، الذين أعلن المتحدث الرسمي باسم الحكومة اختطافهم من أمام منزلهم يوم الثلاثاء (9/11)، وإمهال الحكومة 48 ساعة لوقف الهجوم على الفلوجة، وإلا قامت الجهة الخاطفة بتصفيتهم.
وحدت تطورات الأوضاع على الأرض بالحكومة المؤقتة إلى اتخاذ العديد من الإجراءات، التي تهدف إلى منع تصاعد وتيرة العمليات، فكان أن أعلنت حظرا للتجوال في العاصمة بغداد، يبدأ من العاشرة مساءا وينتهي في الرابعة فجرا. لكن هذا الحظر امتد سريعا ليشمل عددا من مدن العراق الأخرى، إذ أعلن حظر للتجول في سامراء، وآخر في بيجي، وثالث في الموصل، وفي عدد من مناطق محافظة ديالى.
إلا أن تلك الإجراءات لم تحل دون أن تمتد إليها شرارة العمليات المسلحة، فما إن يجن الليل، وبعد أن تخف الحركة في المدن، حتى تبدأ أصوات الانفجارات، التي باتت تسمع بشكل يومي، في معظم مدن العراق.
وزيادة في إجراءات الحكومة، التي تحاول اللجوء إلى كل السبل للسيطرة على الوضع، أعلن علاوي أمس تمديد فترة إغلاق مطار بغداد الدولي لأربع وعشرين ساعة إضافية، وذلك من أجل استكمال ما وصفه بعملية السيطرة على الفلوجة. كما أعلنت وزارة الداخلية العراقية والحرس الوطني العراقي حالة الاستنفار القصوى في صفوف منتسبيها، وانتشار مكثف في شوارع العاصمة العراقية، وعدد من مدن العراق الأخرى.
الحكومة تربح الفلوجة وتخسر مدنا سواها
وإذا كان الهجوم على الفلوجة جرى تسويقه على أنه عملية لتطهير العراق ومدنه ممن تصفهم القوت الأمريكية والحكومة العراقية بـ "الإرهابيين"، فإن هذا الهجوم بدأ يأتي بنتائج عكسية. فبدل أن يتناقص عدد "الإرهابيين"، فإن أعدادهم باتت في تزايد، وأن الكثير من العراقيين ممن لم يكونوا يفكرون في الانخراط في صفوف هؤلاء "الإرهابيين"، راحوا اليوم يشكلون جماعات صغيرة تقوم بعمليات محددة، بعد أن صاروا يشعرون أن حمل السلاح هو الضمانة الأخيرة لهم ولوجودهم ولاستقلال بلدهم، كما يقول العديد من المراقبين.
وهكذا، فمن سخرية الأقدار أن الأمن الذي تسعى حكومة علاوي لتحقيقه عبر هجوم الفلوجة صار اليوم ابعد منالا مما كان قبل الهجوم على المدينة، فما إن تحل ساعات المساء حتى تبدأ أصوات الانفجارات بالدوي في العديد من أحياء العاصمة العراقية، وفي مدن عراقية عديدة، وصار "الإرهابيون" يسيطرون على مدن جديدة، بعد أن كانت سيطرتهم محصورة في الفلوجة، في دليل آخر على فشل حتى الإجراءات الاحترازية التي قامت حكومة علاوي بتطبيقها للسيطرة على تداعيات معركة الفلوجة، الأمر الذي دفع بالعديد من العوائل العراقية إلى مغادرة منازلها في أحياء الغزالية واليرموك والعامرية والدورة في بغداد، وكذا الحال بالنسبة للعوائل في مدن سامراء والموصل وغيرها من مدن المواجهة.. كل هذا ومعركة الفلوجة ما زالت في بدايتها، إذ لم يمض على بدء الهجوم الرسمي سوى أربعة أيام، مما يعني أن الموقف خلال الأيام القادمة قد يبدو أكثر سوداوية خصوصا إذا ما طال أمد معركة الفلوجة.
تداعيات سياسية لهجوم الفلوجة
قراءة المشهد على الأرض ربما لا تكتمل إلا بإلقاء نظرة على التداعيات السياسية لمعركة الفلوجة، إذ أعلن الحزب الإسلامي العراقي انسحابه من الحكومة، تاركا كل المشاريع السياسية التي كان يأمل من تحقيقها من خلال اشتراكه في الحكومة المؤقتة وراء ظهره، ناذرا نفسه لمواجهة "حماقات الاحتلال والحكومة الموالية له"، كما أعلن في بيان انسحابه من الحكومة. فيما نفذت هيئة علماء المسلمين وعدها بالدعوة لمقاطعة الانتخابات، في حال اجتياح الفلوجة، وهو الأمر الذي أعلنه أيضا التيار القومي الناصري في العراق.
أما على صعيد الطرف الآخر من المعادلة العراقية وهو الشيعة فإن المواقف تباينت بخصوص الهجوم على الفلوجة، فبينما أعلن التيار الصدري رفضه واستنكاره لعملية الاجتياح، وأعلن الشيخ جواد الخالصي عميد المدرسة الخالصية هو الآخر ذات الموقف، وطالب حكومة علاوي بضرورة وقف الهجوم على المدينة ما زالت أنظار سنة العراق تترقب موقف المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني من المعركة، الذي ما زال يلزم الصمت، الأمر الذي دفع بالعديد من المراقبين إلى القول إن هناك تأييدا خفيا من قبله لهذا الهجوم.
المشهد العراقي الذي أضحى أكثر تعقيدا بعد معركة الفلوجة أخذت مظاهر التعقيد فيه بالتنامي والتصاعد، فالعراق المقبل على انتخابات، يفترض أن تجري بعد نحو شهرين فقط أو دون ذلك، صار اليوم يترنح تحت وطأة تداعيات معركة الفلوجة، وهو الأمر الذي دفع بالمراقبين إلى الاعتقاد بأنه بات على الحكومة والإدارة الأمريكية أن تختار الطريق الذي طالما أعلنت أنه مستبعد، وهو تأجيل الانتخابات.
".. لا اعتقد أن الكلام عن الانتخابات سيكون مسوغا في ظل هذه الظروف الآخذة في التصاعد"، هكذا عبر المحلل السياسي العراقي مصطفى الشجيري، في حديث لمراسل "قدس برس"، قائلا "الانتخابات اليوم باتت في حكم الملغاة، خصوصا إذا ما علمنا أن التيار الصدري ربما يلجأ إلى ذات المقاطعة، التي أعلنتها هيئة علماء المسلمين، كما أن الشيخ الخالصي هو الآخر قد يدخل على ذات الخط في أي لحظة، كما أن هناك مرجع شيعي بدأ بالبزوغ خلال الأشهر الماضية، وهو محمود الحسني الصرخي، الذي أعلن صراحة مقاطعة الانتخابات، كما إن استمرار معركة الفلوجة ربما يدفع بأطراف أخرى إلى سلوك ذات المنحى، وبذلك فإن تأجيل الانتخابات سيكون هو الحل السحري للخروج من مأزق عدم شرعيتها في حال أجريت"، كما قال.
وهكذا فربما كانت صرخة الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان والتحذير الذي أطلقه قبل اجتياح الفلوجة، كلمة الحق التي تغاضت عنها أطراف المواجهة في واشنطن ولندن وبغداد، إلا أنها لم تكن الصرخة الوحيدة التي يطلقها عقلاء عرفوا ما يمكن أن تجره معركة الفلوجة من تداعيات على الوضع العام في العراق، إلا أن الإصرار والغطرسة قادتا سابقا هؤلاء الساسة إلى احتلال العراق، وها هم اليوم يرتكبون الخطيئة ذاتها في الفلوجة، والضحية دوما هو العراق، كل العراق، كما يجمع على ذلك معظم المراقبين.
بغداد - خدمة قدس برس
بدأت المقاومة العراقية بتنفيذ جزء مما كانت تنوي فعله، إذا ما اندلعت معركة الفلوجة، وذلك بتوسيع دائرة المعارك والاشتباكات لتشمل العديد من مدن العراق، ولتطال عددا من المؤسسات الحيوية.
فمثلما كان متوقعا فإن معركة الفلوجة اشتعلت وأشعلت معها العديد من مدن العراق، وشمل ذلك العاصمة العراقية بغداد، وامتدت كرة اللهب إلى جنوبها وإلى الشمال منها، في مدن الموصل وسامراء وبيجي وكركوك، ناهيك عن مدن الغرب العراقي الملتهبة أصلا، بل إن دائرة المواجهة بين المقاومة من جهة والقوات الأمريكية وقوات الحكومة العراقية من جهة أخرى، قد امتدت لتطال أقارب رئيس الحكومة العراقية إياد علاوي ذاته، الذين أعلن المتحدث الرسمي باسم الحكومة اختطافهم من أمام منزلهم يوم الثلاثاء (9/11)، وإمهال الحكومة 48 ساعة لوقف الهجوم على الفلوجة، وإلا قامت الجهة الخاطفة بتصفيتهم.
وحدت تطورات الأوضاع على الأرض بالحكومة المؤقتة إلى اتخاذ العديد من الإجراءات، التي تهدف إلى منع تصاعد وتيرة العمليات، فكان أن أعلنت حظرا للتجوال في العاصمة بغداد، يبدأ من العاشرة مساءا وينتهي في الرابعة فجرا. لكن هذا الحظر امتد سريعا ليشمل عددا من مدن العراق الأخرى، إذ أعلن حظر للتجول في سامراء، وآخر في بيجي، وثالث في الموصل، وفي عدد من مناطق محافظة ديالى.
إلا أن تلك الإجراءات لم تحل دون أن تمتد إليها شرارة العمليات المسلحة، فما إن يجن الليل، وبعد أن تخف الحركة في المدن، حتى تبدأ أصوات الانفجارات، التي باتت تسمع بشكل يومي، في معظم مدن العراق.
وزيادة في إجراءات الحكومة، التي تحاول اللجوء إلى كل السبل للسيطرة على الوضع، أعلن علاوي أمس تمديد فترة إغلاق مطار بغداد الدولي لأربع وعشرين ساعة إضافية، وذلك من أجل استكمال ما وصفه بعملية السيطرة على الفلوجة. كما أعلنت وزارة الداخلية العراقية والحرس الوطني العراقي حالة الاستنفار القصوى في صفوف منتسبيها، وانتشار مكثف في شوارع العاصمة العراقية، وعدد من مدن العراق الأخرى.
الحكومة تربح الفلوجة وتخسر مدنا سواها
وإذا كان الهجوم على الفلوجة جرى تسويقه على أنه عملية لتطهير العراق ومدنه ممن تصفهم القوت الأمريكية والحكومة العراقية بـ "الإرهابيين"، فإن هذا الهجوم بدأ يأتي بنتائج عكسية. فبدل أن يتناقص عدد "الإرهابيين"، فإن أعدادهم باتت في تزايد، وأن الكثير من العراقيين ممن لم يكونوا يفكرون في الانخراط في صفوف هؤلاء "الإرهابيين"، راحوا اليوم يشكلون جماعات صغيرة تقوم بعمليات محددة، بعد أن صاروا يشعرون أن حمل السلاح هو الضمانة الأخيرة لهم ولوجودهم ولاستقلال بلدهم، كما يقول العديد من المراقبين.
وهكذا، فمن سخرية الأقدار أن الأمن الذي تسعى حكومة علاوي لتحقيقه عبر هجوم الفلوجة صار اليوم ابعد منالا مما كان قبل الهجوم على المدينة، فما إن تحل ساعات المساء حتى تبدأ أصوات الانفجارات بالدوي في العديد من أحياء العاصمة العراقية، وفي مدن عراقية عديدة، وصار "الإرهابيون" يسيطرون على مدن جديدة، بعد أن كانت سيطرتهم محصورة في الفلوجة، في دليل آخر على فشل حتى الإجراءات الاحترازية التي قامت حكومة علاوي بتطبيقها للسيطرة على تداعيات معركة الفلوجة، الأمر الذي دفع بالعديد من العوائل العراقية إلى مغادرة منازلها في أحياء الغزالية واليرموك والعامرية والدورة في بغداد، وكذا الحال بالنسبة للعوائل في مدن سامراء والموصل وغيرها من مدن المواجهة.. كل هذا ومعركة الفلوجة ما زالت في بدايتها، إذ لم يمض على بدء الهجوم الرسمي سوى أربعة أيام، مما يعني أن الموقف خلال الأيام القادمة قد يبدو أكثر سوداوية خصوصا إذا ما طال أمد معركة الفلوجة.
تداعيات سياسية لهجوم الفلوجة
قراءة المشهد على الأرض ربما لا تكتمل إلا بإلقاء نظرة على التداعيات السياسية لمعركة الفلوجة، إذ أعلن الحزب الإسلامي العراقي انسحابه من الحكومة، تاركا كل المشاريع السياسية التي كان يأمل من تحقيقها من خلال اشتراكه في الحكومة المؤقتة وراء ظهره، ناذرا نفسه لمواجهة "حماقات الاحتلال والحكومة الموالية له"، كما أعلن في بيان انسحابه من الحكومة. فيما نفذت هيئة علماء المسلمين وعدها بالدعوة لمقاطعة الانتخابات، في حال اجتياح الفلوجة، وهو الأمر الذي أعلنه أيضا التيار القومي الناصري في العراق.
أما على صعيد الطرف الآخر من المعادلة العراقية وهو الشيعة فإن المواقف تباينت بخصوص الهجوم على الفلوجة، فبينما أعلن التيار الصدري رفضه واستنكاره لعملية الاجتياح، وأعلن الشيخ جواد الخالصي عميد المدرسة الخالصية هو الآخر ذات الموقف، وطالب حكومة علاوي بضرورة وقف الهجوم على المدينة ما زالت أنظار سنة العراق تترقب موقف المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني من المعركة، الذي ما زال يلزم الصمت، الأمر الذي دفع بالعديد من المراقبين إلى القول إن هناك تأييدا خفيا من قبله لهذا الهجوم.
المشهد العراقي الذي أضحى أكثر تعقيدا بعد معركة الفلوجة أخذت مظاهر التعقيد فيه بالتنامي والتصاعد، فالعراق المقبل على انتخابات، يفترض أن تجري بعد نحو شهرين فقط أو دون ذلك، صار اليوم يترنح تحت وطأة تداعيات معركة الفلوجة، وهو الأمر الذي دفع بالمراقبين إلى الاعتقاد بأنه بات على الحكومة والإدارة الأمريكية أن تختار الطريق الذي طالما أعلنت أنه مستبعد، وهو تأجيل الانتخابات.
".. لا اعتقد أن الكلام عن الانتخابات سيكون مسوغا في ظل هذه الظروف الآخذة في التصاعد"، هكذا عبر المحلل السياسي العراقي مصطفى الشجيري، في حديث لمراسل "قدس برس"، قائلا "الانتخابات اليوم باتت في حكم الملغاة، خصوصا إذا ما علمنا أن التيار الصدري ربما يلجأ إلى ذات المقاطعة، التي أعلنتها هيئة علماء المسلمين، كما أن الشيخ الخالصي هو الآخر قد يدخل على ذات الخط في أي لحظة، كما أن هناك مرجع شيعي بدأ بالبزوغ خلال الأشهر الماضية، وهو محمود الحسني الصرخي، الذي أعلن صراحة مقاطعة الانتخابات، كما إن استمرار معركة الفلوجة ربما يدفع بأطراف أخرى إلى سلوك ذات المنحى، وبذلك فإن تأجيل الانتخابات سيكون هو الحل السحري للخروج من مأزق عدم شرعيتها في حال أجريت"، كما قال.
وهكذا فربما كانت صرخة الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان والتحذير الذي أطلقه قبل اجتياح الفلوجة، كلمة الحق التي تغاضت عنها أطراف المواجهة في واشنطن ولندن وبغداد، إلا أنها لم تكن الصرخة الوحيدة التي يطلقها عقلاء عرفوا ما يمكن أن تجره معركة الفلوجة من تداعيات على الوضع العام في العراق، إلا أن الإصرار والغطرسة قادتا سابقا هؤلاء الساسة إلى احتلال العراق، وها هم اليوم يرتكبون الخطيئة ذاتها في الفلوجة، والضحية دوما هو العراق، كل العراق، كما يجمع على ذلك معظم المراقبين.