خطاب
01-11-2004, 08:59 PM
معركة الدولار من العراق إلى وبا : الإمبرطورية تتداعى
شبكة البصرة
د. ثائر دوري
في تشرين الثاني ،2000 بدأ العراق يبيع نفطه مقابل الاورو ، و كان هذا أول خرق للقاعدة التي ترسخت بعد الحرب العالمية الثانية وتنص على استخدام الدولار كعملة في التجارة الدولية . ولأول وهلة بدا هذا القرار غير مفهوم وفسر على أنه خطوة تحد سياسية لا أكثر . لكن مع مرور الوقت والتدقيق في دلالات هذه الخطوة ما لبث المحللون الاقتصاديون والإستراتيجيون أن اكتشفوا آثارها الخطيرة .
ثبت أن لهذه الخطوة فوائد اقتصادية جمة بالنسبة للعراق فقد استمر الدولار في هبوطه واستمر الاورو في الصعود ففي عام 2001 خسر الدولار ربع قيمته أمام الأورو . كما شجعت الخطوة العراقية بهذا الاتجاه عدد من الدول المترددة على تنويع سلة عملاتها . فأقدمت إيران على تحويل معظم احتياطياتها في البنك المركزي إلى الأورو وألمحت إلى اعتماده لمبيعاتها النفطية كافة. وفي السابع من كانون الأول 2002 تخلت كوريا الشمالية العضو الثالث في "محور الشر" رسمياً عن الدولار وبدأت استعمال الاورو في التجارة. أما فنزويلا شافيز ، التي ليست عضواً في محور الشر لكنها تتعرض إلى ضغط أمريكي كبير للانقلاب على حكومتها الوطنية وهي أيضاً منتج نفطي كبير . فبدأت تفكر بالانتقال إلى الاورو. وهذا ما دعا منظمة أوبك في اجتماعها في اسبانيا في الرابع عشر من نيسان 2002 لتعرب عن اهتمامها في التخلي عن الدولار لمصلحة الاورو.
ماذا يعني قرار التخلي عن الدولار كعملة للتجارة العالمية ؟
إن الولايات المتحدة باعتبارها الوكيل الحصري الوحيد لطبع هذه العملة تقوم بطبع هذه العملة حسب احتياجاتها وبدون رصيد كاف لتغطيتها. وبالتالي فإنه في حال تخلي الدول عن طلب الدولار سيحدث إغراق للسوق به ويقدر الخبراء انه سيفقد 40% من قيمته في حال أقدمت الأوبك ، فقط ، على تسعير النفط بالأورو. و بالتالي ستزداد قيمة المستوردات الأمريكية بشكل كبير و سيزداد عجز الميزان التجاري . فالطلب على الدولار هو الذي يمول العجز . فأمريكا تمول جيوشها وامبرطوريتها ونمط استهلاكها المرتفع من دولار لا رصيد له على الأرض سوى طلب الآخرين عليه باعتباره عملة التجارة الدولية .
وكانت هذه الخطوة العراقية سببا أساسياً من جملة الأسباب أخرى للعدوان الأمريكي على العراق . لقد كانت ضربة أريد لها أن تكون قاسية ، ساحقة ، ماحقة لجعل العراق عبرة لمن يعتبر وبحيث لا يفكر أحد ، لا حاضرا ولا مستقبلا ، بسلوك الطريق العراقي . لكن البذور التي بذرها العراق تأبى إلا أن تنبت في هذا العالم رغم كل محاولات السحق ، وهذا الكلام ليس شعراً ، بل هو واقعي تماماً . فها هي كوبا تسير على طريق العراق فتقرر اليوم 26/10 منع تداول الدولار وتوقف كل تعامل به وتدعو رعاياها في الخارج إلى عدم تحويل العملة إلى كوبا بالدولار .
إذا الفكرة لم تمت . لكن قد يقول قائل إن كوبا صغيرة ولا تؤثر على اقتصاد الولايات المتحدة. نعم هذا صحيح لكن قطرة الماء الصغيرة تستطيع مع الزمن بالصبر والتكرار حفر مجرى لها في الصخر الجلمود . وكل حركات التغيير تبدأ ببذرة هنا وأخرى هناك . قطرة هنا وأخرى هناك سرعان ما تجتمع لتصبح سيلاً هادراً .
لقد صار واضحاً للعيان أن تضحيات العراقيين المحاصرين ، الذين كانوا يتعرضون للقصف والتآمر لمدة ثلاثة عشر عاماً متواصلة ، لم تذهب سدى وأن البذرة التي بذروها لم تمت فهاهي تنش هناك على حدود الولايات المتحدة .
لقد خط العراق طريق البشرية إلى الفجر ولم يكتفي بذلك إنما اليوم يقوم بتعبيد هذه الطريق بفضل مقاومته الباسلة التي مرغت أنف الوحش الأمريكي في الوحل . وإن تضحياته خلال الحصار واليوم قد بدأت تزهر ربيعاً للبشرية
شبكة البصرة
الجمعة 15 رمضان 1425 / 29 تشرين الاول 2004
شبكة البصرة
د. ثائر دوري
في تشرين الثاني ،2000 بدأ العراق يبيع نفطه مقابل الاورو ، و كان هذا أول خرق للقاعدة التي ترسخت بعد الحرب العالمية الثانية وتنص على استخدام الدولار كعملة في التجارة الدولية . ولأول وهلة بدا هذا القرار غير مفهوم وفسر على أنه خطوة تحد سياسية لا أكثر . لكن مع مرور الوقت والتدقيق في دلالات هذه الخطوة ما لبث المحللون الاقتصاديون والإستراتيجيون أن اكتشفوا آثارها الخطيرة .
ثبت أن لهذه الخطوة فوائد اقتصادية جمة بالنسبة للعراق فقد استمر الدولار في هبوطه واستمر الاورو في الصعود ففي عام 2001 خسر الدولار ربع قيمته أمام الأورو . كما شجعت الخطوة العراقية بهذا الاتجاه عدد من الدول المترددة على تنويع سلة عملاتها . فأقدمت إيران على تحويل معظم احتياطياتها في البنك المركزي إلى الأورو وألمحت إلى اعتماده لمبيعاتها النفطية كافة. وفي السابع من كانون الأول 2002 تخلت كوريا الشمالية العضو الثالث في "محور الشر" رسمياً عن الدولار وبدأت استعمال الاورو في التجارة. أما فنزويلا شافيز ، التي ليست عضواً في محور الشر لكنها تتعرض إلى ضغط أمريكي كبير للانقلاب على حكومتها الوطنية وهي أيضاً منتج نفطي كبير . فبدأت تفكر بالانتقال إلى الاورو. وهذا ما دعا منظمة أوبك في اجتماعها في اسبانيا في الرابع عشر من نيسان 2002 لتعرب عن اهتمامها في التخلي عن الدولار لمصلحة الاورو.
ماذا يعني قرار التخلي عن الدولار كعملة للتجارة العالمية ؟
إن الولايات المتحدة باعتبارها الوكيل الحصري الوحيد لطبع هذه العملة تقوم بطبع هذه العملة حسب احتياجاتها وبدون رصيد كاف لتغطيتها. وبالتالي فإنه في حال تخلي الدول عن طلب الدولار سيحدث إغراق للسوق به ويقدر الخبراء انه سيفقد 40% من قيمته في حال أقدمت الأوبك ، فقط ، على تسعير النفط بالأورو. و بالتالي ستزداد قيمة المستوردات الأمريكية بشكل كبير و سيزداد عجز الميزان التجاري . فالطلب على الدولار هو الذي يمول العجز . فأمريكا تمول جيوشها وامبرطوريتها ونمط استهلاكها المرتفع من دولار لا رصيد له على الأرض سوى طلب الآخرين عليه باعتباره عملة التجارة الدولية .
وكانت هذه الخطوة العراقية سببا أساسياً من جملة الأسباب أخرى للعدوان الأمريكي على العراق . لقد كانت ضربة أريد لها أن تكون قاسية ، ساحقة ، ماحقة لجعل العراق عبرة لمن يعتبر وبحيث لا يفكر أحد ، لا حاضرا ولا مستقبلا ، بسلوك الطريق العراقي . لكن البذور التي بذرها العراق تأبى إلا أن تنبت في هذا العالم رغم كل محاولات السحق ، وهذا الكلام ليس شعراً ، بل هو واقعي تماماً . فها هي كوبا تسير على طريق العراق فتقرر اليوم 26/10 منع تداول الدولار وتوقف كل تعامل به وتدعو رعاياها في الخارج إلى عدم تحويل العملة إلى كوبا بالدولار .
إذا الفكرة لم تمت . لكن قد يقول قائل إن كوبا صغيرة ولا تؤثر على اقتصاد الولايات المتحدة. نعم هذا صحيح لكن قطرة الماء الصغيرة تستطيع مع الزمن بالصبر والتكرار حفر مجرى لها في الصخر الجلمود . وكل حركات التغيير تبدأ ببذرة هنا وأخرى هناك . قطرة هنا وأخرى هناك سرعان ما تجتمع لتصبح سيلاً هادراً .
لقد صار واضحاً للعيان أن تضحيات العراقيين المحاصرين ، الذين كانوا يتعرضون للقصف والتآمر لمدة ثلاثة عشر عاماً متواصلة ، لم تذهب سدى وأن البذرة التي بذروها لم تمت فهاهي تنش هناك على حدود الولايات المتحدة .
لقد خط العراق طريق البشرية إلى الفجر ولم يكتفي بذلك إنما اليوم يقوم بتعبيد هذه الطريق بفضل مقاومته الباسلة التي مرغت أنف الوحش الأمريكي في الوحل . وإن تضحياته خلال الحصار واليوم قد بدأت تزهر ربيعاً للبشرية
شبكة البصرة
الجمعة 15 رمضان 1425 / 29 تشرين الاول 2004