شامل
27-10-2004, 06:31 AM
صور النزاع الاجتماعى والسياسى والاقتصادى داخل الولايات المتحدة وقد كتبت من قبل عن وجود مليشيات مسلحة داخل امريكا يتبناها بعض من يشكو من التهميش ويخوض صراعا ياخذ فى بعض الاحيان الطبيعة العسكرية ضد الحكومة المركزية فى واشنطن واضع بين ايديكم اليوم هذا التقرير يتناول نزاعا داخل الجيش الامريكى فى الاعمال الخارجية والحرب فى العراق على وجه الخصوص واتمنى على الاخوة القراء ان يثروا الموضوع بروابط او معلومات عن اوجه الصراع داخل( بابل الزانية) التى اوشكت على الغرق ذلك لان سنة الله تمضى ان النزاع خاتمته ذهاب الريح والقوة .
نص التقرير :
مع تفاقم الأوضاع في العراق الذي تحول الى بؤرة ملتهبة بفعل تصاعد أعمال العنف، عادت الشكوك، حول جدوى الحرب والأسباب التي ساقتها واشنطن لتبرير التدخل هناك، تطل برأسها من جديد من خلال العديد من المؤشرات التي برزت على السطح أخيرا، حيث انتقلت الشكوك من الدول والجماعات المناهضة للحرب داخل وخارج الولايات المتحدة الى عدد من الجنود الامريكيين انفسهم، بغض النظر عن نسبة هؤلاء الجنود، وذلك بعد أن تجاوز عدد القتلى منهم الألف قتيل.
وفي هذا الملف ترصد «الشرق» بعضا مما يدور في وسائل الإعلام الامريكية من تقارير حول هذا الموضوع، دون ان يمثل ذلك بالضرورة موقفا محددا ازاء تلك الظاهرة اللافتة للأنظار، غير ان الظاهرة نفسها تشكل مؤشرا ينبغي دراسته والتوقف عنده طويلا.
حيث اعادت الحرب في العراق للأذهان مأساة فيتنام، فسيطرت على الخطاب الاعلامي الأمريكي. «-» جالت في العديد من الصحف والمجلات المتخصصة لتعد هذا الملف الشامل والذي يمثل صفحة جوهرية من ملف الحرب المتأزم.
لم يكن اصدقاء مايك هوفمان يتوقعون يوماً انهم سيرونه وهو يقود حركة احتجاج، ابن عامل الفولاذ هذا، وهو من مدينة الينتاون في ولاية بنسلفانيا، انخرط في قوات «المارينز» عام 1999 كجندي مدفعية، أما تحوله إلى ناشط معارض للحرب فكان على شوارع بغداد.
عندما وصل هوفمان إلى الكويت عام 2003 بادره الرقيب المسؤول في وحدته بالقول: «لست ذاهباً لجعل العراق آمناً من أجل الديمقراطية انك ذاهب لسبب واحد: النفط» لقد كانت لدى هوفمان شكوكه بخصوص الحرب، لكنه لم يتوقع قط سماع مثل هذا التقويم الصريح الواضح من رتبة أعلى منه، وفي العراق وبعد اشهر من القتال بدأت كلمات الرقيب تتثبت في قلبه.
يقول هوفمان: «إن ذرائع الحرب كان خاطئة، كانت أكاذيب لا يوجد أسلحة دمار شامل و«القاعدة» لم تكن موجودة في العراق، ومن الواضح انه لا يمكننا اكراه الناس على الديمقراطية».
عندما عاد إلى وطنه كان هوفمان يعرف ما يجب أن يفعله يقول في ذلك «بعد ان كنت في العراق وأدركت ماهية تلك الحرب، أدركت أن الطريقة الوحيدة لدعم قواتنا تكمن في المطالبة بانسحاب جميع القوى المحتلة من العراق».
وقد شارك في تأسيس جماعة اسمها «قدامى المحاربين في العراق ضد الحرب» وسرعان ما وجد نفسه واحداً من أبرز الأعضاء في حركة صغيرة لكنها متنامية من الجنود الذين يعارضون بشكل مفتوح الحرب في العراق.
ان الانشقاق بخصوص العراق داخل صفوف الجيش الأمريكي ليس جديداً تماماً فحتى قبل الغزو كان مسؤولون كبار يتساءلون عن التوقعات المتفائلة لمسؤولي «البنتاجون» المدنيين في الوقت الذي كان فيه العديد من الجنرالات المتقاعدين ينتقدون الحرب بقوة.
لكن الان وبعد نحو سنتين من ارسال طلائع القوات إلى الصحراء، بدأ جنود في عدة رتب بالاضافة إلى عائلاتهم يعلنون معارضتهم للحرب. أنشئت مجموعة هوفمان في يوليو الماضي، وكانت مؤلفة من ثمانية أعضاء، لكنها اتسعت لتضم 40 عضواً بحلول سبتمبر، وثمة جماعة مناهضة اخرى بدأت بعائلتين وهي الان تمثل 1700 عائلة، كما أن جماعات المحاماة عن الجنود تتحدث عن زيادة أعداد افراد الجيش الممتعضين في الحرب وهم يفكرون في رفض القتال، كما ان هناك بضعة جنود فروا إلى كندا بدلاً من الذهاب إلى العراق.
زيادة معدل الانتحار 40%
اظهر استطلاع للرأي اجراه معهد غالوب عام 2003 ان ما يقرب من خمس الجنود المستطلعة اراؤهم قالوا انهم يشعرون ان الوضع في العراق لم يكن يستحق الحرب اطلاقاً وفي استطلاع اخر في بنسلفانيا في شهر أغسطس الماضي قالت 54% من العائلات التي من بين افرادها من هو في الجيش ان الحرب كانت «امراً خاطئاً» اما مجمل السكان، فمؤيدو تلك المقولة بلغوا 48% فقط. إلى ذلك فإن الشكوك بشأن الحرب ساهمت في انخفاض معنويات الجنود في السنة الماضية - وكما يقول بعض الخبراء فربما يكون ذلك هو العامل وراء ارتفاع معدل حالات الانتحار في صفوف الجيش الأمريكي في العراق بنسبة 40%.
بعد سنة من عودته من العراق، مايزال هوفمان يكافح الاكتئاب ونوبات القلق والكوابيس يقول هوفمان «عدت إلى الوطن وقرأت عن مقتل ستة أطفال في هجوم مدفعي بالقرب من الموقع الذي كنت فيه، لا أعلم حقاً إذا ما كانت تلك وحدتي أم وحدة بريطانية، لكني أشعر بالمسؤولية عن كل ما حصل عندما كنت هناك».
أخيراً وجد هوفمان ما يروح به عن نفسه عندما عرف عن جماعة قدامى المحاربين من أجل السلام، الذين شجعوه بأن يتكلم عما يعتريه من مشاعر في التجمعات واللقاءات وبدأ بالاتصال بقدامى محاربي حرب العراق المضَّللِين.
انضم العديد من رفاق هوفمان إلى الجماعة ولم تنقطع سبل الاتصالات الهاتفية والبريد الالكتروني منذ ان تم تأسيسها.
هروب إلى كندا
لم تكن هناك جماعة قدامى المحاربين في العراق بالنسبة لبراندون هوفي الذي كان وحيداً وجزعاً في ثكنته بمدينة فورت هود بولاية تكساس وأخذ هوفي يقلب الافكار والخيارات في رأسه، أحد تلك الخيارات كان البقاء في وحدته العسكرية والتي كانت على وشك المغادرة الى العراق لخوض حرب كان هوفي متأكداً من انها بلا هدف وغير اخلاقية، وثمة خيار آخر ينهي به ورطته - الانتحار.
أخذ يتصفح الانترنت ذات مرة وراسل ناشط سلام من قدامى محاربي فيتنام في انديانابوليس وهو كارل رايزنغ - مور، وقد قدم له عرضاً فإذا كان جاداً في معارضته للحرب فسيساعده في الهرب إلى كندا.
في اليوم التالي، كان ينقر على باب هوفي: فموعد مغادرة وحدته العسكرية قد تغير حيث ستغادر الان في غضون 24 ساعة حزم هوفي أمتعته وقفز إلى سيارته وقاد باتجاه الشمال، ومع اقترابه هو ورايزنغ مور من حدود جسر رينبو قرب شلالات نياغارا، أصبح هوفي متوتراً وكئيبا يتذكر بالقول «أحسست وقتها أنه ما ان أعبر الحدود، فربما لن يكون بامكاني العودة.. لقد شعرت بالحزن».
وحالياً يقيم هوفي مع عائلة في سانت كاترينز في مقاطعة أو نتاريو بكندا يحكي هوفي عن نشأته في مدينة سان انجلو بولاية تكساس في كنف والده، كان يعزف «الترومبيت» اثناء دراسته الثانوية، وكان يحب السيارات لكن عندما فقد والده عمله كمبرمج حاسوب، أجبر على اللجوء إلى الصرف من المال المخصص لدراسة ابنه في الكلية، وهكذا انخرط هوفي في صفوف الجيش، مع وجود حوافز قدرها 5000 دولار لتحلية الصفقة.
يقول هوفي: لا أمانع في القتال في معركة دفاعية، إذا كان وطني وعائلتي معرضين للخطر. لكن العراق لم يكن فيه أسلحة دمار شامل، وبالكاد بقي له جيش صغير. وقد قال كوفي عنان «ان الهجوم على العراق» كان خرقا لميثاق الأمم المتحدة. إن معركتنا ليست سوى عمل هجومي عدواني حتى الآن لم يفر إلى كندا إلا ستة جنود أمريكيين. لكن في عام 2003 أدرج الجيش أسماء أكثر من 2774 جندي كفارين في الخدمة. ويعتقد المراقبون أن العدد يمكن ان يكون أكبر من ذلك. مؤسسة =جي آي رايتس هوتلاين وهي مؤسسة استشارية تديرها شبكة وطنية في مجموعات مناهضة للحرب، تقول إنها تتلقى ما بين 3000 إلى 4000 اتصال شهرياً من جنود يبحثون عن طريقة للخروج من الجيش. تقول جي اي ماكنيل ان بعض المتصلين لم يكونوا يعتقدون أنهم حتى سيرون قتالا. «لقد كان الجيش يصور نفسه على أنه في مهمة سلام»
لافتة.. واعتراف بالذنب!
قد يكون الرقيب أول جيمي ماسي الأقل حظا من بين الجنود الذين أصبحوا مناهضين للحرب. وكونه في صفوف «المارينز» منذ 1992، فقد كان يعمل في قسم تطويع الجند وكمدرب للمشاه وكقائد فصيلة جند، ذهب إلى العراق «مدفوعا بأحداث 11 سبتمبر» وكما يقول: «كنت مستعداً للذهاب وقتل جيش بكامله».
بعد وقت قصير من وصول ماسي إلى العراق، وجهت الأوامر إلى وحدته بإقامة الحواجز العسكرية. ولايقاف السيارات، كان على رجال «المارينز» أن يرفعوا أيديهم. وإذا لم يتوقف السائقون، يقول ماسي: ما علينا إلا أن نترك العنان لرشاشاتنا فيهم ويتابع ماسي بالقول: لم أدرك حتى وقت متأخر، بعد التحدث إلى أحد العراقيين، أن رفع اليد في الهواء يعني السلام والترحيب ويقدر أن رجاله قتلوا 30 مدنيا في غضون 48 ساعة فقط.
يتذكر: في أحد الأيام كانت هناك سيارة كيا حمراء بها 4 ركاب مع السائق طلبنا منهم التوقف لم يفعلوا. وقد أصبنا ثلاثة منهم بجراح مميتة. نظر السائق إلى وكان يصرخ لماذا قتلتم أخي؟ لم يكن إرهابيا لم يفعل أي شيء لكم.
وبعد التدقيق في السيارة، لم نجد فيها شيئا مريبا. عندها بدأت اتساءل عن حقيقة مهمتنا، بعد عودته إلى الوطن، عمل كبائع مفروشات، ثم خسر عمله بعد التحدث مناهضا للحرب في أحد التجمعات. كان يلبس بزة المارينز ويتمشى في مدينة أشفيل حاملا لافتة كتب عليها: «لقد قتلت أناساً ابرياء من أجل حكومتنا» والآن تضع الشرطة المحلية حراسة عليه لأن أناسا حاولوا أن يدهسوه.
وعندما يسأل عما سيقوله لشخص يفكر بنفس الطريقة التي فكر بها قبل الحرب، يصمت ماسي ولا يجيب. ثم يقول: «كيف توقظهم؟ أنها عملية بطيئة. كل ما تستطيع فعله هو اخبار الناس عن الاشياء الفظيعة التي رأيتها وتدعهم يقررون هم بأنفسهم.
ذهاب بلا عودة
خرج ديف ساندرز من المدرسة على أمل دراسة علوم الحاسوب في الجامعة لكنه لم يتمكن من الحصول على الدعم المالي. يقول ساندرز: كان السبب الوحيد لانخراطي في الجيش هو الذهاب إلى الكلية.
في مارس 2003 انهى ساندرز معسكر البحرية، وكان ذلك قبل يومين من بدء الولايات المتحدة قصفها للعراق. ثم بدأ بالتدريب على الكتابة المشفرة. وفي وقت فراغه كان يتصفح الإنترنت. وكان يقرأ الاخبار في «الجزيرة» وهيئة الإذاعة البريطانية Bbc. ومع الوقت كانت تزداد شكوكه حيال دوافع الإدارة الأمريكية في العراق. يقول ساندرز: «كان بوش يحاول ربط العراق بالإرهابيين، ولم يكن ثمة دليل على ذلك. بدأت أفكر في مسألة وضع اللوم على العراق لنتمكن من الذهاب إلى هناك وجني المال لشركاتنا شعرت أن ما نفعله كان خطأ».
في أكتوبر 2003 علم ساندرز أن وحدته متوجهة إلى العراق. وكان لعدة أسابيع تنتابه الهواجس حول ما يمكن أن يفعله. ثم انه اشترى تذكرة ذهاب دون عودة وتوجه إلى تورنتو بكندا. وقد قرأ مقالا عن جريمي هينزمان وهو فار آخر في الجيش الأمريكي إلى كندا وقد تم تمثيله من قبل جيفري هاوس، وهو محام أمريكي فر إلى كندا عام 1970 ويكافح حاليا لاقناع الحكومة الكندية بمنح صفة لاجئ إلى الفارين الأمريكيين من الجيش.
لكن ساندرز يقول انه لا يعد نفسه فارا لا اعتقد أني فعلت شيئا خطأ برفض طلب غير شرعي لا أعلم ما هو ـ أعتقد انه نورمبرج؟
محارب لا يخفي آراءه المناهضة للحرب
أما الرقيب جون برونز فهو نوعية أخرى من الجنود يقول: أشعر أنه لو كنت ضد الحرب، فعليك أن تكون رجلا كفاية وتقاتل من أجل ما تؤمن به؟
لكن برونز لا يخفي آراءه فيما يخص الحرب «اني فخور بخدمتي العسكرية لكني تأثرت كثياً وانفطر قلبي، بعد رؤية شخصين يفقدان اطرافهما وفتاة عمرها 19 عاما تموت وثلاثة أشخاص يفقدون بصرهم، لمعرفتى بأن السبب الذي ذهبت من أجله إلى العراق لم يكن موجودا».
عاد برونز في فبراير من عملية انتشار في العراق. ومن المتوقع ان يتم خدمته في مارس القادم لكن يحتمل أن تمدد مدة خدمة وحدته العسكرية إلى ما بعد تاريخ انتهاء الخدمة المحدد وذلك لتلبية حاجة البنتاجون إلى مزيد من القوات.
يقول برونز: لقد تأثرت كثيرا لما حدث في الحادي عشر من سبتمبر لقد فقدت صديقا في مركز التجارة العالمي. واعتقد ان ما فعلناه في أفغانستان كان شيئا صحيحا.
لكن ما رآه في العراق جعله محبطا ويائسا. «لقد كنا نقاتل طوال ذلك الوقت ـ وحسبما سمعنا نقاتل البعثيين. لكن هذا لم يكن صحيحا. عندما اعتقلت أشخاصا في غارات، كان العديد منهم فقراء لم يكونوا بعثيين. ان شعب العراق يحاربنا كردة فعل لما تشعر به أغلبيته وهو أنهم محتلون». ويضيف برونز ان الغالبية ما تزال تؤيد الحرب لكنه يشير إلى أن ثمة جيلا جديدا لدينا الانترنت ومنتديات الحوار وأخبار الكيبل، لم يعد الجنود يمشون إلى ساحة الحرب بصورة عمياء. فلديهم الآن معلومات أكثر بكثير.
ان المعارضة والمقاومة في الجيش هي في مراحلها الأولى كما يقول هوفمان وهي تنمو وتزداد لكنها تحتاج وقتا.
الآن تدرك ان الناس الملامين ليسوا الذين تقاتلهم، بل انهم أولئك الذين وضعوك في ذلك الموقف بالدرجة الأولى، تدرك الآن أنك ما كنت لتكون في ذاك الموقف لولا أنه لم يكذب عليك. ان هذه النتيجة تزداد رسوخا لدى الجنود شيئا فشيئا.
أبوهمام الظاهرى
يوم أمس, 03:49 24
منقول
فارس مغوار
نص التقرير :
مع تفاقم الأوضاع في العراق الذي تحول الى بؤرة ملتهبة بفعل تصاعد أعمال العنف، عادت الشكوك، حول جدوى الحرب والأسباب التي ساقتها واشنطن لتبرير التدخل هناك، تطل برأسها من جديد من خلال العديد من المؤشرات التي برزت على السطح أخيرا، حيث انتقلت الشكوك من الدول والجماعات المناهضة للحرب داخل وخارج الولايات المتحدة الى عدد من الجنود الامريكيين انفسهم، بغض النظر عن نسبة هؤلاء الجنود، وذلك بعد أن تجاوز عدد القتلى منهم الألف قتيل.
وفي هذا الملف ترصد «الشرق» بعضا مما يدور في وسائل الإعلام الامريكية من تقارير حول هذا الموضوع، دون ان يمثل ذلك بالضرورة موقفا محددا ازاء تلك الظاهرة اللافتة للأنظار، غير ان الظاهرة نفسها تشكل مؤشرا ينبغي دراسته والتوقف عنده طويلا.
حيث اعادت الحرب في العراق للأذهان مأساة فيتنام، فسيطرت على الخطاب الاعلامي الأمريكي. «-» جالت في العديد من الصحف والمجلات المتخصصة لتعد هذا الملف الشامل والذي يمثل صفحة جوهرية من ملف الحرب المتأزم.
لم يكن اصدقاء مايك هوفمان يتوقعون يوماً انهم سيرونه وهو يقود حركة احتجاج، ابن عامل الفولاذ هذا، وهو من مدينة الينتاون في ولاية بنسلفانيا، انخرط في قوات «المارينز» عام 1999 كجندي مدفعية، أما تحوله إلى ناشط معارض للحرب فكان على شوارع بغداد.
عندما وصل هوفمان إلى الكويت عام 2003 بادره الرقيب المسؤول في وحدته بالقول: «لست ذاهباً لجعل العراق آمناً من أجل الديمقراطية انك ذاهب لسبب واحد: النفط» لقد كانت لدى هوفمان شكوكه بخصوص الحرب، لكنه لم يتوقع قط سماع مثل هذا التقويم الصريح الواضح من رتبة أعلى منه، وفي العراق وبعد اشهر من القتال بدأت كلمات الرقيب تتثبت في قلبه.
يقول هوفمان: «إن ذرائع الحرب كان خاطئة، كانت أكاذيب لا يوجد أسلحة دمار شامل و«القاعدة» لم تكن موجودة في العراق، ومن الواضح انه لا يمكننا اكراه الناس على الديمقراطية».
عندما عاد إلى وطنه كان هوفمان يعرف ما يجب أن يفعله يقول في ذلك «بعد ان كنت في العراق وأدركت ماهية تلك الحرب، أدركت أن الطريقة الوحيدة لدعم قواتنا تكمن في المطالبة بانسحاب جميع القوى المحتلة من العراق».
وقد شارك في تأسيس جماعة اسمها «قدامى المحاربين في العراق ضد الحرب» وسرعان ما وجد نفسه واحداً من أبرز الأعضاء في حركة صغيرة لكنها متنامية من الجنود الذين يعارضون بشكل مفتوح الحرب في العراق.
ان الانشقاق بخصوص العراق داخل صفوف الجيش الأمريكي ليس جديداً تماماً فحتى قبل الغزو كان مسؤولون كبار يتساءلون عن التوقعات المتفائلة لمسؤولي «البنتاجون» المدنيين في الوقت الذي كان فيه العديد من الجنرالات المتقاعدين ينتقدون الحرب بقوة.
لكن الان وبعد نحو سنتين من ارسال طلائع القوات إلى الصحراء، بدأ جنود في عدة رتب بالاضافة إلى عائلاتهم يعلنون معارضتهم للحرب. أنشئت مجموعة هوفمان في يوليو الماضي، وكانت مؤلفة من ثمانية أعضاء، لكنها اتسعت لتضم 40 عضواً بحلول سبتمبر، وثمة جماعة مناهضة اخرى بدأت بعائلتين وهي الان تمثل 1700 عائلة، كما أن جماعات المحاماة عن الجنود تتحدث عن زيادة أعداد افراد الجيش الممتعضين في الحرب وهم يفكرون في رفض القتال، كما ان هناك بضعة جنود فروا إلى كندا بدلاً من الذهاب إلى العراق.
زيادة معدل الانتحار 40%
اظهر استطلاع للرأي اجراه معهد غالوب عام 2003 ان ما يقرب من خمس الجنود المستطلعة اراؤهم قالوا انهم يشعرون ان الوضع في العراق لم يكن يستحق الحرب اطلاقاً وفي استطلاع اخر في بنسلفانيا في شهر أغسطس الماضي قالت 54% من العائلات التي من بين افرادها من هو في الجيش ان الحرب كانت «امراً خاطئاً» اما مجمل السكان، فمؤيدو تلك المقولة بلغوا 48% فقط. إلى ذلك فإن الشكوك بشأن الحرب ساهمت في انخفاض معنويات الجنود في السنة الماضية - وكما يقول بعض الخبراء فربما يكون ذلك هو العامل وراء ارتفاع معدل حالات الانتحار في صفوف الجيش الأمريكي في العراق بنسبة 40%.
بعد سنة من عودته من العراق، مايزال هوفمان يكافح الاكتئاب ونوبات القلق والكوابيس يقول هوفمان «عدت إلى الوطن وقرأت عن مقتل ستة أطفال في هجوم مدفعي بالقرب من الموقع الذي كنت فيه، لا أعلم حقاً إذا ما كانت تلك وحدتي أم وحدة بريطانية، لكني أشعر بالمسؤولية عن كل ما حصل عندما كنت هناك».
أخيراً وجد هوفمان ما يروح به عن نفسه عندما عرف عن جماعة قدامى المحاربين من أجل السلام، الذين شجعوه بأن يتكلم عما يعتريه من مشاعر في التجمعات واللقاءات وبدأ بالاتصال بقدامى محاربي حرب العراق المضَّللِين.
انضم العديد من رفاق هوفمان إلى الجماعة ولم تنقطع سبل الاتصالات الهاتفية والبريد الالكتروني منذ ان تم تأسيسها.
هروب إلى كندا
لم تكن هناك جماعة قدامى المحاربين في العراق بالنسبة لبراندون هوفي الذي كان وحيداً وجزعاً في ثكنته بمدينة فورت هود بولاية تكساس وأخذ هوفي يقلب الافكار والخيارات في رأسه، أحد تلك الخيارات كان البقاء في وحدته العسكرية والتي كانت على وشك المغادرة الى العراق لخوض حرب كان هوفي متأكداً من انها بلا هدف وغير اخلاقية، وثمة خيار آخر ينهي به ورطته - الانتحار.
أخذ يتصفح الانترنت ذات مرة وراسل ناشط سلام من قدامى محاربي فيتنام في انديانابوليس وهو كارل رايزنغ - مور، وقد قدم له عرضاً فإذا كان جاداً في معارضته للحرب فسيساعده في الهرب إلى كندا.
في اليوم التالي، كان ينقر على باب هوفي: فموعد مغادرة وحدته العسكرية قد تغير حيث ستغادر الان في غضون 24 ساعة حزم هوفي أمتعته وقفز إلى سيارته وقاد باتجاه الشمال، ومع اقترابه هو ورايزنغ مور من حدود جسر رينبو قرب شلالات نياغارا، أصبح هوفي متوتراً وكئيبا يتذكر بالقول «أحسست وقتها أنه ما ان أعبر الحدود، فربما لن يكون بامكاني العودة.. لقد شعرت بالحزن».
وحالياً يقيم هوفي مع عائلة في سانت كاترينز في مقاطعة أو نتاريو بكندا يحكي هوفي عن نشأته في مدينة سان انجلو بولاية تكساس في كنف والده، كان يعزف «الترومبيت» اثناء دراسته الثانوية، وكان يحب السيارات لكن عندما فقد والده عمله كمبرمج حاسوب، أجبر على اللجوء إلى الصرف من المال المخصص لدراسة ابنه في الكلية، وهكذا انخرط هوفي في صفوف الجيش، مع وجود حوافز قدرها 5000 دولار لتحلية الصفقة.
يقول هوفي: لا أمانع في القتال في معركة دفاعية، إذا كان وطني وعائلتي معرضين للخطر. لكن العراق لم يكن فيه أسلحة دمار شامل، وبالكاد بقي له جيش صغير. وقد قال كوفي عنان «ان الهجوم على العراق» كان خرقا لميثاق الأمم المتحدة. إن معركتنا ليست سوى عمل هجومي عدواني حتى الآن لم يفر إلى كندا إلا ستة جنود أمريكيين. لكن في عام 2003 أدرج الجيش أسماء أكثر من 2774 جندي كفارين في الخدمة. ويعتقد المراقبون أن العدد يمكن ان يكون أكبر من ذلك. مؤسسة =جي آي رايتس هوتلاين وهي مؤسسة استشارية تديرها شبكة وطنية في مجموعات مناهضة للحرب، تقول إنها تتلقى ما بين 3000 إلى 4000 اتصال شهرياً من جنود يبحثون عن طريقة للخروج من الجيش. تقول جي اي ماكنيل ان بعض المتصلين لم يكونوا يعتقدون أنهم حتى سيرون قتالا. «لقد كان الجيش يصور نفسه على أنه في مهمة سلام»
لافتة.. واعتراف بالذنب!
قد يكون الرقيب أول جيمي ماسي الأقل حظا من بين الجنود الذين أصبحوا مناهضين للحرب. وكونه في صفوف «المارينز» منذ 1992، فقد كان يعمل في قسم تطويع الجند وكمدرب للمشاه وكقائد فصيلة جند، ذهب إلى العراق «مدفوعا بأحداث 11 سبتمبر» وكما يقول: «كنت مستعداً للذهاب وقتل جيش بكامله».
بعد وقت قصير من وصول ماسي إلى العراق، وجهت الأوامر إلى وحدته بإقامة الحواجز العسكرية. ولايقاف السيارات، كان على رجال «المارينز» أن يرفعوا أيديهم. وإذا لم يتوقف السائقون، يقول ماسي: ما علينا إلا أن نترك العنان لرشاشاتنا فيهم ويتابع ماسي بالقول: لم أدرك حتى وقت متأخر، بعد التحدث إلى أحد العراقيين، أن رفع اليد في الهواء يعني السلام والترحيب ويقدر أن رجاله قتلوا 30 مدنيا في غضون 48 ساعة فقط.
يتذكر: في أحد الأيام كانت هناك سيارة كيا حمراء بها 4 ركاب مع السائق طلبنا منهم التوقف لم يفعلوا. وقد أصبنا ثلاثة منهم بجراح مميتة. نظر السائق إلى وكان يصرخ لماذا قتلتم أخي؟ لم يكن إرهابيا لم يفعل أي شيء لكم.
وبعد التدقيق في السيارة، لم نجد فيها شيئا مريبا. عندها بدأت اتساءل عن حقيقة مهمتنا، بعد عودته إلى الوطن، عمل كبائع مفروشات، ثم خسر عمله بعد التحدث مناهضا للحرب في أحد التجمعات. كان يلبس بزة المارينز ويتمشى في مدينة أشفيل حاملا لافتة كتب عليها: «لقد قتلت أناساً ابرياء من أجل حكومتنا» والآن تضع الشرطة المحلية حراسة عليه لأن أناسا حاولوا أن يدهسوه.
وعندما يسأل عما سيقوله لشخص يفكر بنفس الطريقة التي فكر بها قبل الحرب، يصمت ماسي ولا يجيب. ثم يقول: «كيف توقظهم؟ أنها عملية بطيئة. كل ما تستطيع فعله هو اخبار الناس عن الاشياء الفظيعة التي رأيتها وتدعهم يقررون هم بأنفسهم.
ذهاب بلا عودة
خرج ديف ساندرز من المدرسة على أمل دراسة علوم الحاسوب في الجامعة لكنه لم يتمكن من الحصول على الدعم المالي. يقول ساندرز: كان السبب الوحيد لانخراطي في الجيش هو الذهاب إلى الكلية.
في مارس 2003 انهى ساندرز معسكر البحرية، وكان ذلك قبل يومين من بدء الولايات المتحدة قصفها للعراق. ثم بدأ بالتدريب على الكتابة المشفرة. وفي وقت فراغه كان يتصفح الإنترنت. وكان يقرأ الاخبار في «الجزيرة» وهيئة الإذاعة البريطانية Bbc. ومع الوقت كانت تزداد شكوكه حيال دوافع الإدارة الأمريكية في العراق. يقول ساندرز: «كان بوش يحاول ربط العراق بالإرهابيين، ولم يكن ثمة دليل على ذلك. بدأت أفكر في مسألة وضع اللوم على العراق لنتمكن من الذهاب إلى هناك وجني المال لشركاتنا شعرت أن ما نفعله كان خطأ».
في أكتوبر 2003 علم ساندرز أن وحدته متوجهة إلى العراق. وكان لعدة أسابيع تنتابه الهواجس حول ما يمكن أن يفعله. ثم انه اشترى تذكرة ذهاب دون عودة وتوجه إلى تورنتو بكندا. وقد قرأ مقالا عن جريمي هينزمان وهو فار آخر في الجيش الأمريكي إلى كندا وقد تم تمثيله من قبل جيفري هاوس، وهو محام أمريكي فر إلى كندا عام 1970 ويكافح حاليا لاقناع الحكومة الكندية بمنح صفة لاجئ إلى الفارين الأمريكيين من الجيش.
لكن ساندرز يقول انه لا يعد نفسه فارا لا اعتقد أني فعلت شيئا خطأ برفض طلب غير شرعي لا أعلم ما هو ـ أعتقد انه نورمبرج؟
محارب لا يخفي آراءه المناهضة للحرب
أما الرقيب جون برونز فهو نوعية أخرى من الجنود يقول: أشعر أنه لو كنت ضد الحرب، فعليك أن تكون رجلا كفاية وتقاتل من أجل ما تؤمن به؟
لكن برونز لا يخفي آراءه فيما يخص الحرب «اني فخور بخدمتي العسكرية لكني تأثرت كثياً وانفطر قلبي، بعد رؤية شخصين يفقدان اطرافهما وفتاة عمرها 19 عاما تموت وثلاثة أشخاص يفقدون بصرهم، لمعرفتى بأن السبب الذي ذهبت من أجله إلى العراق لم يكن موجودا».
عاد برونز في فبراير من عملية انتشار في العراق. ومن المتوقع ان يتم خدمته في مارس القادم لكن يحتمل أن تمدد مدة خدمة وحدته العسكرية إلى ما بعد تاريخ انتهاء الخدمة المحدد وذلك لتلبية حاجة البنتاجون إلى مزيد من القوات.
يقول برونز: لقد تأثرت كثيرا لما حدث في الحادي عشر من سبتمبر لقد فقدت صديقا في مركز التجارة العالمي. واعتقد ان ما فعلناه في أفغانستان كان شيئا صحيحا.
لكن ما رآه في العراق جعله محبطا ويائسا. «لقد كنا نقاتل طوال ذلك الوقت ـ وحسبما سمعنا نقاتل البعثيين. لكن هذا لم يكن صحيحا. عندما اعتقلت أشخاصا في غارات، كان العديد منهم فقراء لم يكونوا بعثيين. ان شعب العراق يحاربنا كردة فعل لما تشعر به أغلبيته وهو أنهم محتلون». ويضيف برونز ان الغالبية ما تزال تؤيد الحرب لكنه يشير إلى أن ثمة جيلا جديدا لدينا الانترنت ومنتديات الحوار وأخبار الكيبل، لم يعد الجنود يمشون إلى ساحة الحرب بصورة عمياء. فلديهم الآن معلومات أكثر بكثير.
ان المعارضة والمقاومة في الجيش هي في مراحلها الأولى كما يقول هوفمان وهي تنمو وتزداد لكنها تحتاج وقتا.
الآن تدرك ان الناس الملامين ليسوا الذين تقاتلهم، بل انهم أولئك الذين وضعوك في ذلك الموقف بالدرجة الأولى، تدرك الآن أنك ما كنت لتكون في ذاك الموقف لولا أنه لم يكذب عليك. ان هذه النتيجة تزداد رسوخا لدى الجنود شيئا فشيئا.
أبوهمام الظاهرى
يوم أمس, 03:49 24
منقول
فارس مغوار