بنت الفلوجة
26-10-2004, 05:21 PM
حتي لا تتحول المقاومة الي الذراع العسكرية لحكومة علاوي
2004/10/26
د. عبد الوهاب الأفندي ہ
ليس هناك من يجادل في ان المقاومة العراقية للاحتلال الامريكي قد حققت انتصارات ادهشت الكثيرين، وعلي رأسهم المسؤولون الامريكيون الذين صرحوا مرارا بأنهم لم يتوقعوا مقاومة بهذا الحجم وهذه الشراسة وهذه الاستمرارية والاتساع.
ويعتبر اول انتصار للمقاومة هو اسقاط فكرة الاحتلال طويل الامد للعراق علي غرار ما حدث ويحدث في اليابان والمانيا وكوريا وغيرها. فالولايات المتحدة وحلفاؤها يبحثون الان عن اسرع مخرج مشرف لجنودهم من العراق. وثاني انتصار هو سقوط فكرة تحويل التدخل الامريكي في العراق الي نموذج للتعامل مع المنطقة. وثالث هذه الانتصارات تكريس عزلة التحالف الامريكي البريطاني في العراق، ومنعه من التحول الي تحالف دولي حقيقي علي غرار ما حدث في حفر الباطن ـ ويتضح هذا في رفض اي دول جديدة (وخاصة الدول العربية والاسلامية) الانضمام الي الحلف مع تساقط كثير من اعضائه. وكان مخططو الاحتلال يزعمون ان دول العالم ستتهافت للانضمام اليهم بعد اسقاط صدام طمعا في المغانم ويقسمون جهد ايمانهم بانهم لن يسمحوا لتلك الدول، خاصة التي عارضت الحرب بالانضمام. ولكن الولايات المتحدة عادت بعد الحرب فتخلت عن نية التفرد بالاحتلال، وعن رفضها لأي دور للأمم المتحدة في العراق، واخذت تتوسل المشاركة في احتلالها الباهظ التكلفة القليل المغانم.
واخيرا فان قوات الاحتلال اجبرت علي تقديم تنازلات للعراقيين، تمثلت في تشكيل مجلس حكم صوري، ثم حكومة تابعة، واخيرا تحديد موعد للانتخابات. وقد كانت امريكا ترفض في السابق ايا من هذه المقترحات.
ولكن هذه الهزائم الموجعة للمشروع الامريكي في العراق لم تعلن بالضرورة انتصارا للمقاومة العراقية، وهذا يعود اولا لان المقاومة تفتقد الي الوجود السياسي كحركة منظمة معروفة الملامح تمتلك برنامجا واقعيا يحظي باجماع عراقي واسع. واهم من ذلك عدم وجود قيادة سياسية يمكن التفاوض معها، ومن هذا المنطلق فانه حتي لو قررت القوات المحتلة الانسحاب الفوري من العراق كما تطالب المقاومة فان ازمة العراق ستتفاقم بدل من ان تحسم.
أقرب تنظيم لان يكون الواجهة السياسية للمقاومة حتي الان هو تشكيلات علماء المسلمين السنة المنضوين تحت لواء هيئة علماء المسلمين، والي حد ما جماعة مقتدي الصدر. ولكن معظم القوي السياسية العلنية الاخري تتعاون بدرجات متفاوتة مع الاحتلال.
وهذا بدوره جعل المكاسب السياسية من انتصارات المقاومة تصب لصالح القوي المتعاونة مع الاحتلال، فكلما اشتدت ضربات المقاومة، كلما قدمت الادارة الامريكية تنازلات اكبر لحلفائها والموالين لها، كما فعلت حين شكلت مجلس الحكم ذا الصلاحيات المحدودة، ثم ثنت بتشكيل حكومة ومجلس تمثيلي، واخيرا بتحديد موعد للانتخابات. واذا استمر الحال علي ما هو عليه، فان ما يعرف بالمقاومة العراقية سيتحول الي ما يشبه الذراع العسكرية للتحالف الموالي للاحتلال والذي تمثله اليوم حكومة اياد علاوي.
ولن تكون هذه المرة الاولي في التجارب الاستعمارية التي تتحول فيه مكاسب المقاومة المسلحة للاحتلال لصالح قوي معتدلة تعتبرها الجهات الاستعمارية الخيار الاقل سوءا. فقد حدث هذا في دول افريقية كثيرة مثل زامبيا وكينيا وغيرها، وقد كان العراق نفسه واحدا من ابرز الدول التي نصبت فيها القوي الاستعمارية حكومة موالية بعد ثورة شعبية ومقاومة مسلحة متطاولة في مواقع عدة من البلاد في العشرينات من القرن الماضي.
الذي يساعد في تمرير هذا السيناريو ليس فقط كون المقاومة العراقية بلا وجه سياسي ولا برنامج معروف، بل ايضا التشرذم الواضح في مجموعات المقاومة مع اتباع بعض هذه المجموعات لتكتيكات وحشية لا تحمل صورة المقاومة امام الرأي العام العراقي والدولي.
يضاف الي هذا انحصار المقاومة عمليا في مناطق السنة العرب في الوقت الذي انحازت فيه قطاعات واسعة من المناطق الشيعية وكل المناطق الكردية للاحتلال. وهذا يعني كما كررنا هنا مرارا ان ما يسمي بالمقاومة هو في حقيقة الامر حرب اهلية عراقية دخلت الولايات المتحدة طرفا فيها. واذا كانت كل القيادات العراقية تعلن انها مع انهاء الاحتلال بأسرع فرصة، الا ان معظم القيادات في الاحزاب الرسمية بما في ذلك الحزب الاسلامي العراقي المنبثق عن جماعة الاخوان المسلمين، تقول ان الطريق الاسرع لانهاء الاحتلال هو التعاون معه لاقامة حكومة منتخبة تجسد الشرعية وتقوم بعد ذلك بالتفاوض لانهاء الاحتلال.
ومن ناحية عملية فان استمرار الاحتلال يخدم اطرافا عراقية معينة، وعلي رأسها القوي السياسية الكردية العنصر المهيمن في التحالف الموالي للاحتلال، والمستفيد الاكبر منه، باعتبارها تجسد في تكوينها السياسي النموذج العلماني الليبرالي الموالي للغرب الذي تسعي الولايات المتحدة لاستخلافه في العراق. يضاف الي هذا تماسك الجبـــهة الداخــــلية الكردية والاجماع حول مطالب كردية محددة في مواجهة بقية القوي السياسية.
من جهة اخري تعتبر القوي الشيعية في وضع حرج للغاية، حيث انه بالرغم من الهيمنة الشيعية الشكلية علي الحكومة الانتقالية، الا ان النفوذ الاقوي داخلها وخارجها يبقي للقوي الكردية. وعلي الرغم من ان الشيعة يعتقدون ان قيام انتخابات في العراق ستصب في صالحهم بسبب اغلبيتهم العددية، الا انهم يدركون تماما ان الحلفاء الامريكيين لا يريدون عراقا تهيمن عليه القوي الشيعية، وخاصة التيارات المتدينة. وعلي هذا الاساس فان معظم القيادات الشيعية تنظر الي التحالف مع الاحتلال علي انه تحالف مرحلي واحد اقل الخيارات سوءا، وتعمل علي اتباع استراتيجية لتحقيق اقصي المكاسب واقل الخسائر.
وفي هذا تتنافس القوي الشيعية مع القوي الكردية ذات الحظوة علي كسب ود الامريكيين، وتنظر بشيء من الرضا الي الضربات التي تتلقاها القوي السنية علي يد قوات الاحتلال.
يضاف الي هذا الاشكال وجود خلافات حادة داخل البيت الشيعي دعت البعض الي الاستعانة بقوي الاحتلال لضرب المنافسين، كما حدث في قضية مقتدي الصدر واحمد الجلبي. هناك ايضا الخلاف حول العلاقة مع ايران الحليف الطبيعي والتقليدي لشيعة العراق خاصة وان هذه العلاقة تصطدم بالموقف السائد بين القيادات الشيعية ـ بما فيها تلك المتحالفة مع ايران سابقا ـ والذي يفضل موالاة امريكا.
هنالك اذن لعبة مواقع تستخدم الاحتلال وتتوسله لكسب معارك حالية وقادمة مع الخصوم. وفي هذا الاطار تتحرك المقاومة بأشكالها الحالية في اطار هذه اللعبة وتصبح جزءا منها، فهي تساعد القوي الشيعية والي درجة اقل الكردية، لابراز نفسها امام الامريكيين علي انها الحليف الافضل، وتقيد حرية الامريكيين في استبعاد بعض العناصر الشيعية، وخاصة المتدينة، والاقتصار علي القوي الشيعية العلمانية الموالية للغرب.
وفي هذا الاطار فان اكبر انتصار حققته قوي الاحتلال هو تصوير المقاومة العراقية علي انها مجموعات صغيرة متطرفة معظمها من الاجانب، وهو انطباع ساعدت علي خلقه بعض التكتيكات غير المناسبة التي اتبعتها المقاومة خاصة خطف وذبح الرهائن والتفجيرات العشوائية وغيرها اضافة الي ما ذكرنا من عدم وجود واجهة سياسية واهداف سياسية مرحلية واضحة.
ويمكن بسهولة ان نتنبأ بأنه اذا استمرت الاوضاع علي ما هي عليه، فان المهنية العالية التي اظهرتها المقاومة في الجانب العسكري من عملياتها ستستمر في رفع كلفة الاحتلال وتدفعه لتقديم تنازلات اكبر للقوي المتحالفة معه، وخاصة القوي الشيعية. وبالمقابل فان الضعف السياسي الواضح للمقاومة وزيادة نفوذ القوي المتطرفة في صفوفها سيجعل من الصعب عليها جني ثمار انجازاتها العسكرية في الميدان السياسي علي المدي القريب. وكنتيجة لهذا فان قوات الاحتلال في الغالب ستقوم بتسليم السلطة في العراق لتحالف من القوي العراقية الموالية تسير الي النهج الذي اختطته الانظمة الملكية العربية في العراق وغيره في السابق، وهذا بدوره سيفتح الباب للحرب الاهلية المكشوفة.
ويمكن بالطبع تجنب هذه الكارثة المزدوجة لو ان القوي العراقية دخلت في مفاوضات جادة لانهاء الحرب الاهلية وتقوم علي اساس برنامج وطني عراقي يحقق الاجماع حول الاستقلال العراقي وشروطه ويوحد الطوائف والقوي العراقية حول نهج متفق عليه لتحقيق الوحدة والاستقلال.
ولكن من نافلة القول الترجيح بأن هذا لن يحدث، وان خيار الدمار هو الذي سيتغلب.
ہ كاتب وباحث سوداني مقيم في لندن
9
QPt4
2004/10/26
د. عبد الوهاب الأفندي ہ
ليس هناك من يجادل في ان المقاومة العراقية للاحتلال الامريكي قد حققت انتصارات ادهشت الكثيرين، وعلي رأسهم المسؤولون الامريكيون الذين صرحوا مرارا بأنهم لم يتوقعوا مقاومة بهذا الحجم وهذه الشراسة وهذه الاستمرارية والاتساع.
ويعتبر اول انتصار للمقاومة هو اسقاط فكرة الاحتلال طويل الامد للعراق علي غرار ما حدث ويحدث في اليابان والمانيا وكوريا وغيرها. فالولايات المتحدة وحلفاؤها يبحثون الان عن اسرع مخرج مشرف لجنودهم من العراق. وثاني انتصار هو سقوط فكرة تحويل التدخل الامريكي في العراق الي نموذج للتعامل مع المنطقة. وثالث هذه الانتصارات تكريس عزلة التحالف الامريكي البريطاني في العراق، ومنعه من التحول الي تحالف دولي حقيقي علي غرار ما حدث في حفر الباطن ـ ويتضح هذا في رفض اي دول جديدة (وخاصة الدول العربية والاسلامية) الانضمام الي الحلف مع تساقط كثير من اعضائه. وكان مخططو الاحتلال يزعمون ان دول العالم ستتهافت للانضمام اليهم بعد اسقاط صدام طمعا في المغانم ويقسمون جهد ايمانهم بانهم لن يسمحوا لتلك الدول، خاصة التي عارضت الحرب بالانضمام. ولكن الولايات المتحدة عادت بعد الحرب فتخلت عن نية التفرد بالاحتلال، وعن رفضها لأي دور للأمم المتحدة في العراق، واخذت تتوسل المشاركة في احتلالها الباهظ التكلفة القليل المغانم.
واخيرا فان قوات الاحتلال اجبرت علي تقديم تنازلات للعراقيين، تمثلت في تشكيل مجلس حكم صوري، ثم حكومة تابعة، واخيرا تحديد موعد للانتخابات. وقد كانت امريكا ترفض في السابق ايا من هذه المقترحات.
ولكن هذه الهزائم الموجعة للمشروع الامريكي في العراق لم تعلن بالضرورة انتصارا للمقاومة العراقية، وهذا يعود اولا لان المقاومة تفتقد الي الوجود السياسي كحركة منظمة معروفة الملامح تمتلك برنامجا واقعيا يحظي باجماع عراقي واسع. واهم من ذلك عدم وجود قيادة سياسية يمكن التفاوض معها، ومن هذا المنطلق فانه حتي لو قررت القوات المحتلة الانسحاب الفوري من العراق كما تطالب المقاومة فان ازمة العراق ستتفاقم بدل من ان تحسم.
أقرب تنظيم لان يكون الواجهة السياسية للمقاومة حتي الان هو تشكيلات علماء المسلمين السنة المنضوين تحت لواء هيئة علماء المسلمين، والي حد ما جماعة مقتدي الصدر. ولكن معظم القوي السياسية العلنية الاخري تتعاون بدرجات متفاوتة مع الاحتلال.
وهذا بدوره جعل المكاسب السياسية من انتصارات المقاومة تصب لصالح القوي المتعاونة مع الاحتلال، فكلما اشتدت ضربات المقاومة، كلما قدمت الادارة الامريكية تنازلات اكبر لحلفائها والموالين لها، كما فعلت حين شكلت مجلس الحكم ذا الصلاحيات المحدودة، ثم ثنت بتشكيل حكومة ومجلس تمثيلي، واخيرا بتحديد موعد للانتخابات. واذا استمر الحال علي ما هو عليه، فان ما يعرف بالمقاومة العراقية سيتحول الي ما يشبه الذراع العسكرية للتحالف الموالي للاحتلال والذي تمثله اليوم حكومة اياد علاوي.
ولن تكون هذه المرة الاولي في التجارب الاستعمارية التي تتحول فيه مكاسب المقاومة المسلحة للاحتلال لصالح قوي معتدلة تعتبرها الجهات الاستعمارية الخيار الاقل سوءا. فقد حدث هذا في دول افريقية كثيرة مثل زامبيا وكينيا وغيرها، وقد كان العراق نفسه واحدا من ابرز الدول التي نصبت فيها القوي الاستعمارية حكومة موالية بعد ثورة شعبية ومقاومة مسلحة متطاولة في مواقع عدة من البلاد في العشرينات من القرن الماضي.
الذي يساعد في تمرير هذا السيناريو ليس فقط كون المقاومة العراقية بلا وجه سياسي ولا برنامج معروف، بل ايضا التشرذم الواضح في مجموعات المقاومة مع اتباع بعض هذه المجموعات لتكتيكات وحشية لا تحمل صورة المقاومة امام الرأي العام العراقي والدولي.
يضاف الي هذا انحصار المقاومة عمليا في مناطق السنة العرب في الوقت الذي انحازت فيه قطاعات واسعة من المناطق الشيعية وكل المناطق الكردية للاحتلال. وهذا يعني كما كررنا هنا مرارا ان ما يسمي بالمقاومة هو في حقيقة الامر حرب اهلية عراقية دخلت الولايات المتحدة طرفا فيها. واذا كانت كل القيادات العراقية تعلن انها مع انهاء الاحتلال بأسرع فرصة، الا ان معظم القيادات في الاحزاب الرسمية بما في ذلك الحزب الاسلامي العراقي المنبثق عن جماعة الاخوان المسلمين، تقول ان الطريق الاسرع لانهاء الاحتلال هو التعاون معه لاقامة حكومة منتخبة تجسد الشرعية وتقوم بعد ذلك بالتفاوض لانهاء الاحتلال.
ومن ناحية عملية فان استمرار الاحتلال يخدم اطرافا عراقية معينة، وعلي رأسها القوي السياسية الكردية العنصر المهيمن في التحالف الموالي للاحتلال، والمستفيد الاكبر منه، باعتبارها تجسد في تكوينها السياسي النموذج العلماني الليبرالي الموالي للغرب الذي تسعي الولايات المتحدة لاستخلافه في العراق. يضاف الي هذا تماسك الجبـــهة الداخــــلية الكردية والاجماع حول مطالب كردية محددة في مواجهة بقية القوي السياسية.
من جهة اخري تعتبر القوي الشيعية في وضع حرج للغاية، حيث انه بالرغم من الهيمنة الشيعية الشكلية علي الحكومة الانتقالية، الا ان النفوذ الاقوي داخلها وخارجها يبقي للقوي الكردية. وعلي الرغم من ان الشيعة يعتقدون ان قيام انتخابات في العراق ستصب في صالحهم بسبب اغلبيتهم العددية، الا انهم يدركون تماما ان الحلفاء الامريكيين لا يريدون عراقا تهيمن عليه القوي الشيعية، وخاصة التيارات المتدينة. وعلي هذا الاساس فان معظم القيادات الشيعية تنظر الي التحالف مع الاحتلال علي انه تحالف مرحلي واحد اقل الخيارات سوءا، وتعمل علي اتباع استراتيجية لتحقيق اقصي المكاسب واقل الخسائر.
وفي هذا تتنافس القوي الشيعية مع القوي الكردية ذات الحظوة علي كسب ود الامريكيين، وتنظر بشيء من الرضا الي الضربات التي تتلقاها القوي السنية علي يد قوات الاحتلال.
يضاف الي هذا الاشكال وجود خلافات حادة داخل البيت الشيعي دعت البعض الي الاستعانة بقوي الاحتلال لضرب المنافسين، كما حدث في قضية مقتدي الصدر واحمد الجلبي. هناك ايضا الخلاف حول العلاقة مع ايران الحليف الطبيعي والتقليدي لشيعة العراق خاصة وان هذه العلاقة تصطدم بالموقف السائد بين القيادات الشيعية ـ بما فيها تلك المتحالفة مع ايران سابقا ـ والذي يفضل موالاة امريكا.
هنالك اذن لعبة مواقع تستخدم الاحتلال وتتوسله لكسب معارك حالية وقادمة مع الخصوم. وفي هذا الاطار تتحرك المقاومة بأشكالها الحالية في اطار هذه اللعبة وتصبح جزءا منها، فهي تساعد القوي الشيعية والي درجة اقل الكردية، لابراز نفسها امام الامريكيين علي انها الحليف الافضل، وتقيد حرية الامريكيين في استبعاد بعض العناصر الشيعية، وخاصة المتدينة، والاقتصار علي القوي الشيعية العلمانية الموالية للغرب.
وفي هذا الاطار فان اكبر انتصار حققته قوي الاحتلال هو تصوير المقاومة العراقية علي انها مجموعات صغيرة متطرفة معظمها من الاجانب، وهو انطباع ساعدت علي خلقه بعض التكتيكات غير المناسبة التي اتبعتها المقاومة خاصة خطف وذبح الرهائن والتفجيرات العشوائية وغيرها اضافة الي ما ذكرنا من عدم وجود واجهة سياسية واهداف سياسية مرحلية واضحة.
ويمكن بسهولة ان نتنبأ بأنه اذا استمرت الاوضاع علي ما هي عليه، فان المهنية العالية التي اظهرتها المقاومة في الجانب العسكري من عملياتها ستستمر في رفع كلفة الاحتلال وتدفعه لتقديم تنازلات اكبر للقوي المتحالفة معه، وخاصة القوي الشيعية. وبالمقابل فان الضعف السياسي الواضح للمقاومة وزيادة نفوذ القوي المتطرفة في صفوفها سيجعل من الصعب عليها جني ثمار انجازاتها العسكرية في الميدان السياسي علي المدي القريب. وكنتيجة لهذا فان قوات الاحتلال في الغالب ستقوم بتسليم السلطة في العراق لتحالف من القوي العراقية الموالية تسير الي النهج الذي اختطته الانظمة الملكية العربية في العراق وغيره في السابق، وهذا بدوره سيفتح الباب للحرب الاهلية المكشوفة.
ويمكن بالطبع تجنب هذه الكارثة المزدوجة لو ان القوي العراقية دخلت في مفاوضات جادة لانهاء الحرب الاهلية وتقوم علي اساس برنامج وطني عراقي يحقق الاجماع حول الاستقلال العراقي وشروطه ويوحد الطوائف والقوي العراقية حول نهج متفق عليه لتحقيق الوحدة والاستقلال.
ولكن من نافلة القول الترجيح بأن هذا لن يحدث، وان خيار الدمار هو الذي سيتغلب.
ہ كاتب وباحث سوداني مقيم في لندن
9
QPt4