مشاهدة النسخة كاملة : ما هو الجوهر المفقود عند المسلمين في الإسلام ؟؟
سيف الإسلام
25-10-2004, 05:05 PM
أخوتي الكرام هل سأل أحدكم نفسه مالذي فقد في الدين فجعلنا في أخر الأمم بعد كنا أسيادها مالذي سلب منا من قبل الأيدي الخفية لبني صهيون و أعوانهم بالكفر و الضلل ...
أبدوا لي رأيكم لعل الله يهدينا إلى سواء السبيل .
الحافظ العراقي
25-10-2004, 06:07 PM
أخي السبب الوحيد في ما نحن فيه من ذل وهوان هو ابتعاد المسلمين عن خالقهم ، وتخليهم عن مهمتهم التي كلفهم بها رب العزة ، وكثرة معاصيهم ، وإصابتهم بالوهن وتركهم للجهاد ، فوكلهم الله إلى أنفسهم الضعيفة وسلط عليهم أعداءهم ..
وقد تناسوا أننا قوم أعزنا الله بالإسلام ومهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا ، فعن طارق بن شهاب قال: لما قدم عمر بن الخطاب الشام عرضت له مخاضة فنزل عمر عن بعيره ونزع خفيه فأخذهما بيده وأخذ بخطام راحلته ثم خاض المخاضة فقال له أبو عبيدة بن الجراح: لقد فعلت يا أمير المؤمنين فعلاً عظيماً عند أهل الأرض! نزعت خفيك وقدت راحلتك وخضت المخاضة! فصك عمر بيده في صدر أبي عبيدة وقال: أوه يمد بها صوته! لو غيرك يقولها! أنتم كنتم أذل الناس وأضل الناس فأعزكم الله بالإسلام، فمهما تطلبوا العزة بغيره يذلكم الله عز وجل.
وهذا هو حال الأمة ؛ انغماس في المنكرات واستهانة بالصالحين وانبهار بالشاذين ، حتى وقع فينا ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لثوبان: "كيف أنت يا ثوبان إذا تداعت عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها. فقال بأبي أنت وأمي يا رسول الله أمن قلة بنا? قال: لا بل أنتم يومئذ كثير ولكن يلقي في قلوبكم الوهن، قال: وما الوهن يا رسول الله? قال: "حُبُّكم الدنيا وكراهيَتُكم الموت".
فلا نجاة لنا من واقعنا سوى الرجوع إلى الله بالتوبة الصادقة ، والعمل بما أمرنا ، وإخلاص النية لله بكل أعمالنا صغيرها وكبيرها ، حينئذ فقط يتداركنا الله برحمته فيصرف عنا السوء وأهله ، وننجو في الدنيا والآخرة ، وننال العزة التي وعدنا الله بها في قوله تعالى" من كان يريد العزة فلله العزة جميعا " وقوله سبحانه " ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين "
لقد وَفّى وكَفّى الحافظ العراقى،فلا تعليق لدى بعد تعليقه.
تحيتى وتقديرى له ولسيف الإسلام.
المؤيد
26-10-2004, 11:30 AM
لقد وَفّى وكَفّى الحافظ العراقى،فلا تعليق لدى بعد تعليقه.
تحيتى وتقديرى له ولسيف الإسلام.
لقد تخلينا عن ديننا فتخلى الله عنا وهو الغني ، ولا منجى لنا حتى ننصاع إلى ما أمرنا الله بها دون اعتراض ؛ قال تعالى "إنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إذَا دُعُوا إلى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: لما نزلت على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، "للهِ ما في السَّمَوَاتِ وَمَا في الأرْضِ وَإنْ تُبْدُوا مَا في أَنْفُسِكُمْ أوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ" الآية البقرة: 283، اشتد ذلك على أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأتوا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ثم بركوا على الركب فقالوا: أي رسول الله كلفنا من الأعمال ما نطيق: الصلاة والجهاد والصيام والصدقة، وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها. قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: أتريدون أن تقولون كما قال أهل الكتابين من قبلكم: سمعنا وعصينا ? بل قولوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير، فلما اقترأها القوم، وذلت بها ألسنتهم؛ أنزل الله تعالى في إثرها: "آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإلَيْكَ الْمَصِيرُ" فلما فعلوا ذلك نسخها الله تعالى؛ فأنزل الله عز وجل: "لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ، رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إنْ نَسِينَا أَو أخْطَأْنَا"، قال: نعم "رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذينَ مِنْ قَبْلِنَا" قال: نعم "رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِه" قال: نعم "وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ" قال: نعم . رواه مسلم
ورأس ذلك كله الإخلاص لله تعالى ، فهو شرط لقبول الأعمال ، لأن الله لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصا لوجهه الكريم ، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعةً، ويقاتل حميةً ويقاتل رياءً، أي ذلك في سبيل الله ? فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله متفقٌ عليه.
اللهم الهم الأمة رشدها وأعذها من شر أنفسها
اللهم ردنا الى دينك ردا جميلا
اللهم انا نسالك رضاك والجنة ونعوذ ك من سخطك والنار
امين
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
سيف الإسلام
28-10-2004, 06:30 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله بك و بسطورك النيرة أخي الفاضل " الحافظ العراقي " و أسأل الله أن يمن عليك بالحفظ و الثبات
على الحق و ينير قلوبنا كما أنار قلبك و ثبتك بالقول الثابت في الحياة الدنيا .
أخي و أستاذي الكريم وجدت في ثنايا الدرر التي أوردتها في سياق بيانك أن من أهم ما فقد الإسلام من جوهر هو ترك الجهاد في سبيل الله و لكن يا أخي و أنا العبد الفقير لله عندي تسائل أسرده لك للاستفسار و التحقق فقط ، فمعلوم أن الجهاد كم أخبرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم في سياق أحد أحاديثه الشريفة هو رأس سنام الإسلام .
و هو بيان محمدي نير يشير فيه أفضل الخلق إلى أن الجهاد نتيجة لجوهر مكنون و ليس هو الجوهر بحد ذاته بمعنى أخر يمكن أن أوضح استفساري بمثال يشبه به الجهاد بإزهار نبته تكمن ثناياها في بذرة فما هي هذه البذرة بارك الله بكم .
فالمعلوم أن الإسلام بناء لقوله عليه أفضل الصلاة و التسليم : ( بني الإسلام على خمس .... إلخ ) أو كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم .
فالبناء لا يقوم إلا بثلاث عناصر أساسي عي " الأساس " و " الدعامة" و " العماد " .
و قد علمنا من وحي النبوة أن عماد الدين هو الفقه بمفهومة اللغوية و التطبيقي إضافة إلى الصلاة في صورتها الحقيقة فهي كالمكيال أو الميزان لقول افضل الخلق صلى الله عليه و سلم ( الصلاة ميزان فمن وفى أسوفى ) أو كما قال عليه الصلاة و السلام ....
فما هو أساس الدين و دعامته ؟؟ ..
أفيدونا من علمكم فنحن نسأل الله أن ينورنا بما نوركم الله به و جزاكم الله عنا كل خير ..
و الحمد لله رب العالمين ..
العبد الفقير لله القدير أخوكم " سيف الإسلام "
الحافظ العراقي
30-10-2004, 05:40 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ سيف الإسلام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
نتقدم لجنابكم قبل الكلام عن تساؤلكم حول ركائز الجهاد في الإسلام بالاعتذار عن التأخير والتي كانت لأسباب فنية وضيق الوقت للارتباطات الكثيرة ، فنقول : إن الإجابة عن هذا التساؤل يطول وتضيق به شاشة الحاسوب لتشعب موضوعاته في أبواب وفصول كثيرة ، لكن سأجمل لجنابكم عناوين في ركائز الجهاد مع شيء من التوضيح والإسهاب ، فإن رغبتم في البحث والتوسع في أي من موضوعاته فنرجو تحديده إن لم يف ما كتبناه بالغرض ليصار إلى الإفاضة في الشرح والتوسع .
ونجمل ركائز الجهاد في النقاط التالية :
أولا : إن نصوص الإسلام تدعونا إلى العمل الدؤوب بإعداد الأمة وتهييئها للجهاد بجميع أفرادها ؛ ذكورا وإناثا ، شيبا وشبانا ، صغارا وكبارا ، إعدادا عقائديا على مبادئ الإسلام ، وركائز الإيمان ، تتوجها تقوى الله والتزام شرعه بما جاء في نصوص الكتاب والسنة ، والتي يجللها الإخلاص في القول والعمل لله سبحانه وتعالى الذي أمرنا في محكم تنزيله " وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة " ، وقال أيضا " لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم " ، وقال " قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله " . وعن أبي هريرة عبد الله بن صخر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إن الله تعالى لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " ، وعن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله عنه قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة ، ويقاتل حمية ، ويقاتل رياء ، أي ذلك في سبيل الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله " ، وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ". فالإخلاص رأس كل عمل ، عليه تقوم الأعمال وتقوّم، وعليه يترتب الثواب.
وإعداد النفوس عقائديا على مبادئ الإسلام يتطلب العمل الطويل ، وتضحيات العارفين لبناء الأجيال ، وإنشاء الرجال على كثير العطاء بالمال والنفس والولد ، وهذا لا يكون إلا نتائج ثمرة التقوى والإخلاص في القلوب في قوله سبحانه وتعالى " يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون . يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين " ، وحتى نكون أهلا لهذا النداء " يا أيها الذين آمنوا " يجب أن نعد أمتنا على المستوى الإيماني الذي تخرج ثمراته من قلوب المؤمنين عطاء وتضحيات ، وهذا يتطلب من أفراد الأمة أن تتمثل بمعاني الإيمان الدقيق ، وتبني حياتها على جميع قواعد الشريعة ، ليكون أفرادها كل واحد منهم قرآنا يدب على الأرض .
والحديث في هذا الموضوع يطول إن أردنا الدخول في جزئيات التربية الإسلامية ، والبناء العقائدي أفرادا ومجتمعات لنكون كما وصفنا الله سبحانه وتعالى في محكم آياته " كنتم خير أمة أخرجت للناس " ، وبهذا المفهوم وهذه الخيرية نستمطر نصر الله سبحانه وتعالى القائل " إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم " ، فـ "إن" شرطية والشرط يستوفى بالطاعة والإخلاص حتى ينالنا جواب الشرط وهو نصر الله عز جل .
ثانيا : إمارة الجهاد : وهي لا تكون إلا عندما يكون هناك قيادة إسلامية عقائدية تقودنا بما أنزل الله ، وتحكم بحكمه كما أمر الله سبحانه وتعالى في قوله " وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم " ، فبدون مثل هذه القيادة لا يثمر الجهاد ، ويكون العمل الجهادي مع انعدام القيادة المؤمنة عملا فرديا يؤجر الفرد به من الله ، وذلك بأن ينبري تطوعا من نفسه ، فهذا أجره عظيم عند الله ..
والعمل الفردي بمفهوم الإسلام وإن كان غير ضائع عند الله لكن قلما يثمر في الأمة إن لم يكن فيها سلطان للإسلام ، ذلك لأن الأمير ضامن ؛ فهو الذي يسهر على رعاية أمته ، مستعينا بالله سبحانه وتعالى ، مخلصا بعمله ، يوجه المجاهدين ويخطط لهم ، ويوحد كلمتهم ، ويكفل من خلفهم من الثكالى والأرامل والضعفاء والأطفال ، لقوله صلى الله عليه وسلم " الأمير كافل والأمير ضامن ، من أمّر على عشرة ؛ فعدله يعتقه ، وجوره يوبقه " ؛ أي أن عدله في أمته برعايتها وتسديد خطاها والسهر عليها بكل صغيرة وكبيرة يعتقه من النار ، وجوره بالاستهتار واللامبالاة يوبقه ويلقيه فيها .. وكما قال أيضا صلى الله عليه وسلم " من ترك مالا فلعياله (أي يرثه أطفاله وعياله ) ومن ترك ضَياعا فلنا وعلينا " أي يكفلهم في رعايتهم ونفقاتهم .
كما أمر الله تعالى الرعية بطاعة الامراء في قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " وذلك حتى تنتظم حركة الامة فيكونوا كالبنيان المرصوص كما قال الله عز وجل " إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص " ، ومن هذا القبيل أمْر رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمنين بطاعة أمرائهم فقال :" من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن يطع الأمير فقد أطاعني ، ومن يعص الأمير فقد عصاني " والمقصد هنا إمارة الإسلام لا غيرها ..
ثالثا : الإعداد ،" وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ترهبون به عدو الله وعدوكم " ، فعلى الأمير أن يسعى جادا في إعداد آلة الحرب التي يكون فيها تكافؤ مع آلة العدو ، عملا بالأسباب مع الاعتقاد " إنما النصر من عند الله " ، وليس قوله سبحانه وتعالى " ما استطعتم " على التراخي ، فمن يفهم هذا فإنما هو فهم خاطئ ، بل لا بد من إيصال الاستطاعة إلى حد التضحيات ، وأن تبذل الأمة برمتها وبرعاية أميرها قصارى جهدها في كل ما تملك ، تقدمه في سبيل الله ، إخلاصا لله سبحانه وتعالى ، وعطاء بلا منة ، من أصغر الأمور إلى أكبرها في متطلبات الحرب حتى طريقة رباط الخيل " ومن رباط الخيل " وصف الجند يجب أن تقذف الرعب في قلوب الأعداء ، وكلٌّ على ثغرة بإمكانياته ، لا يأل جهدا في العطاء ، ولا يبخل فكرا ولا جسدا ولا مالا بأن يقدمه في سبيل الله ، فالاستطاعة مطلوبة بالجهد لا بالتراخي ، فليس القول صحيحا بالاستطاعة أن إذا ملكت عصا فهذه طاقتي وأخوض بها حربي ، بل لا بد لنا من تطوير العقول وتهيئة النفوس في الابتكار ، لا أن نستجدي الآلة للحرب من أعدائنا بل نهيؤها من ذواتنا باكتفاء ذاتي ؛ لأن ما نأخذه من الأعداء فهم على دراية وعلم بأساليب تدميره وبمبلغ قدراته ، لذا نسمع الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يوجه أمته بينما كان مارا أمام أقوام يتناصلون ( أي يتعلمون الرمي عملا بتوجيهات نبيهم صلى الله عليه وسلم " ألا إن القوة الرمي ألا إن القوة الرمي ألا إن القوة الرمي ثلاثا ") وبأيديهم أقواس فارسية ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم عودا من كنانته وبيده قوس عربي ، ثم سدد به الرمي وقال " عليكم بهذا " ، أي ينهاهم عن الأقواس الفارسية ويأمرهم بالاعتماد على القوس العربي الذي صنعوه بأيديهم ، لذا قال صلى الله عليه وسلم " عليكم بهذا وأشباه القنا ( أي الرماح لأنه كان من صناعة العرب ) فإنه آمَنُ في البلاد وأسلم في العقيدة " .. وكما قال أيضا صلى الله عليه وسلم عندما مر برجل يشحذ سيفه فقال له صلى الله عليه وسلم : " ما هذا ـ وهو أعلم به ـ؟ فقال الرجل : إنه المهند ( ذلك لأن أفخر سيوف العرب كان يأتي من الهند ) . فقال صلى الله عليه وسلم : " هلا اتخذت لنفسك شلفا من حديد وصنعته بيدك! " ، فهنا يوجههم صلى الله عليه وسلم إلى الاعتماد على الذات والنفس في بناء الآلة الحربية لا على أعدائهم ، فمفهوم الاعداد يجب أن يكون فيه اكتفاء ذاتي في الأمة الإسلامية على كافة الأصعدة الاقتصادية والصناعية والحربية وكل متطلبات الحياة الإسلامية من إنتاج فكري أو علمي في كافة جوانب الحياة المادية للإنسان ، فكل ذلك ينبغي أن تهيؤه الأمة بالتعاون مع سلطانها في شتى ميادين الحياة لنكون خير أمة أخرجت للناس ، فالخيرية مطلوبة في كل ناحية من نواحي متطلبات الحياة البشرية على فرض الكفاية ، أي لا بد من إيجاد علماء وعمال في كل فن واختراع يخدم الحياة البشرية ليوجد لدى أمة الإسلام الاستقلالية في شتى ميادين حياتهم ، فيُحمى بذلك مكنون الدين ومبادئه .
الحافظ العراقي
30-10-2004, 05:42 PM
رابعا : أسباب شرعية القتال في الإسلام : لقد بين القرآن الكريم في مواضع منه السبب الذي من أجله أذن للمؤمنين بالقتال ، وذلك يرجع إلى أمرين : الأول : الدفاع عن النفس المؤمنة عند التعدي عليها ، والثاني : الدفاع عن الدعوة إذا ما وقف أحد في سبيلها وقام على فتن المؤمنين عنها ، بأي نوع من أنواع التعدي والقهر والتعذيب ، ليعدلوا بهم عن الإيمان إلى ما هم عليه من الضلال ، أو بصد من أراد الدخول في الإسلام عنه ، أو بمنع الداعي للإسلام من تبليغ دعوته .. فكانت شرعية القتال في الإسلام من أجل أن نؤمن للناس الحرية ليختاروا بعد ذلك لأنفسهم الدين الذي يدينون به ، وذلك بعد أن يزيل سلطان الكفر وكابوسه من فوق رؤوس العباد ثم يقول لهم بعد ذلك " لا إكراه في الدين ".
كما جاء الأمر بالقتال في القرآن الكريم مبينا لكل حالة حكمها والسبب الذي من أجله أذن للمؤمنين فيه بالقتال فكان متدرجا في حالات عدة وهي :
الحالة الأولى : جاءت في سورة الحج ، وهو أول ما نزل في أمر القتال ، فقال تعالى " أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور " .. لقد بينت هذه الآية أن القتال أذن فيه للمسلمين ثم أعقبته ببيان السبب وهو أنهم ظلموا وأخرجوا من ديارهم بغير حق لقولهم ربنا الله ، ثم بينت أنه لولا دفع الناس بعضهم ببعض في الجهاد وقتال الكفر لهدمت من الكافرين أماكن العبادة حيث لا يطيب لهم أن يروا ذكرا لله في الأرض ، ثم وصفت المؤمنين الذين أذن لهم بالقتال بأوصاف هي في الحقيقة تنبيه لهم إلى ما يجب أن يفعلوه إذا هم انتصروا على من ظلموهم وذلك أنهم يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر .
الحالة الثانية : قوله في سورة البقرة المدنية " وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين ، الشهر الحرام بالشهر الحرام ، والحرمات قصاص ، فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين " .. بينت هذه الآية سبب القتال حيث وصفت مَن أُمر المسلمون بقتالهم بالذين يقاتلونهم ويخرجونهم من ديارهم ويفتنونهم في دينهم بما فعلوا من الأذى والظلم .. ولقد جعل لهذا القتال غاية وهي أن لا تكون فتنة ويكون الدين لله ، بأن يكون الإنسان حرا في دينه لا يدين به إلا لله لا خوفا ولا طمعا ، وقد بين الكتاب أن الفتنة أشد من القتل لأنها اعتداء على العقيدة والوجدان وذلك شر ما يكون من بني الإنسان . ونهت الآيات عن الاعتداء وأعلنت أن الله يبغض المعتدين ، وهم الذين يبدأون غيرهم بالشر ، وبينت أن الجزاء عند الاعتداء لا ينبغي أن يتجاوز به ما فعله البادئ بالعدوان " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله ".
الحالة الثالثة : قوله في سورة النساء المدنية " وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا " .. لقد بينت هذه الآية سببين للحث على القتال وهما : أولا : القتال في سبيل الله ، وقد بينته الآية في سورة البقرة ؛ أي الغاية التي يسعى إليها الدين أن لا تكون فتنة ويكون الدين لله . ثانيا : سبيل المستضعفين من المسلمين الذين حيل بينهم وبين إقامة شعائر دينهم ، فعذبهم من أجله سلطان الكفر محاولا فتنتهم عن دينهم ، فتضرعوا إلى الله طالبين منه الخلاص ، فهؤلاء لا بد لهم من حماية ترفع عنهم أذى الظالمين وينعمون بالحرية فيما يدينون وما يعتقدون .
الحالة الرابعة : قال فيها عن قوم مشركين لم يحبوا أن يقاتلوا قومهم ولا أن يقاتلوا المسلمين واعتزلوا الفتن جانبا فقال تعالى " فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا " .. وذلك على شرط بأن يكون ميلهم إلى السلام حقيقيا لا ذبذبة عندهم ولا مراوغة ، فإن كانوا كذلك فقد شرح حالهم بقوله تعالى " ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا " .. بينت هذه الآيات أن لا حرج على المؤمنين في هذه الحالة على من اعتزل الفتنة وترك القتال وألقى إليهم السلام أن لا يقاتلوهم ، بل يسيروا بالجهاد بأولوياته وعلى حسب الحالة التي يتمثلون بها.
الحالة الخامسة : قال تعالى في سورة الأنفال " وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم " .. فبينت هذه الآية أنه مأمور بالجنوح إلى السلم متى جنحوا أعداؤه لها ، لأن الغرض هو تأمين الدعوة وأن لا تكون فتنة والسلام كفيل بهما ، ولو كان الجانحون إلى السلم يريدون به الخداع فإن الله حسبه ، ومن كان الله حسبه فلا يخذل أبدا في الأرض . وليس الجنوح إلى السلم بأن ننام مع الكفر على ضيم ، بل لا بد من الترقب والتيقظ استدراكا ببروز خيانة منهم لقوله تعالى " وإما ترين من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء ".
الحالة السادسة : قال الله في سورة التوبة " وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون ، ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدأوكم أول مرة أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين " .. بينت هذه الآية سببا لا يخرج عما تقدم وهو نكث العهد والعهود إلى الطعن في الدين بالفتنة ، وذكّرت المخاطبين بأنهم بدأوا بالقتال أول مرة ، فهم المعتدون أولا والناكثون عهدهم آخرا ، وأنتم قد أبيح لكم مجازاة من اعتدى عليكم .
الحالة السابعة : قال الله في سورة الأنفال " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير ".. أي فإذا انتهوا عن الكفر واستسلموا للإيمان فكفوا عنهم وإلا فاقتلوهم حيث ثقفتموهم ، وكان أمر القتال أولا قاصرا على قريش ومن يمالؤوهم من يهود المدينة ، فلما اتحد معهم قبائل الجزيرة من العرب وغيرهم قال الله في كتابه الكريم " وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة " فلعلة في هذا الأمر بيّنها الكتاب نصا وهي اتحادهم على المسلمين ووقوفهم في سبيل الدعوة .
هذا ما ورد في الكتاب خاصا بأمر القتال فأعطى لكل حالة من أوضاع المسلمين حكما ، وأمر المسلمين أن يتمثلوا بها وأن يتخذوها مظلة ليصبحوا جادين في الحالة الأفضل والأقوى ، وإن أصبحوا في غيرها من القوة والمنعة انتقلوا إليها وتمثلوا بها ، وهكذا حتى يصبحوا في أقوى مراحل الجهاد ..
فيجب إذا أن يتمثل المسلمون في كل زمان ومكان بالحالة التي تناسب وضعهم من القوة والمنعة وحالة أخصامهم في مجابهتهم ، فيتخذوا الطريق الأمثل في المسالمة والحرب . وليس كما ادعى البعض أن في الآيات نسخ إنما كل آية تحكي حالة من حالات القتال عند المسلمين يتمثلون بواحدة منها على حسب قوتهم ومنعتهم ، أو شدة العداوة من أعدائهم كرا وفرا ، دفاعا وهجوما ، لأن مفهوم الجهاد هو جعل النكاية في الأعداء كما قال العز بن عبد السلام : إن موتي إن لم يكن فيه نكاية للأعداء فالانهزام واجب . وهكذا استقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد عندما انسحب من معركة مؤتة بعد أن استشعر عدم التكافؤ في المعركة ، فانسحب بهم إلى المدينة المنورة ليستقبلوهم أهلها بقولهم : يا فارُّون ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"بل الكارُّون " ، لأنه ليس المطلوب الثبات على الموقف إلى حد الاستئصال وتكون النكاية في المسلمين ، بل لا بد من المراوغة كرا وفرا لنجعل النكاية في أعداء الإسلام ، والله سبحانه وتعالى أعز وأعلم .
خامسا : نظام القتال في الإسلام : لقد أمر الإسلام أتباعه بالالتزام بأخلاق عامة في أثناء القتال حددها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث له كثيرة متفرقة ، وقد أجملها خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعثة أسامة بن زيد في أول خلافته فقال :" يا أيها الناس قفوا أوصيكم بعشر فاحفظوها عني: لا تخونوا، ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلاً صغيراً، ولا شيخاً كبيراً، ولا امرأةً، ، ولا تعقروا نخلاً، ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرةً مثمرةً، ولا تذبحوا شاةً ولا بقرةً ولا بعيراً إلا لمأكلة، وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له، وسوف تقدمون على أقوام يأتونكم بآنية فيها ألوان الطعام، فإذا أكلتم منها شيئاً بعد شيء فاذكروا اسم الله عليه، وسوف تلقون أقواما قد فحصوا أوساط رؤوسهم وتركوا حولها مثل العصائب، فاخفقوهم بالسيوف خفقاً، اندفعوا باسم الله أغناكم الله بالطعن والطاعون ".
وهذه الأوامر التي نص عليها الإسلام في طريقة التعامل دخل عليها استثناءات بحسب مصلحة عقيدة الإسلام ، وبحسب مقدار النكاية في الأعداء ؛ فنجد ابن مسعود كان يقول عندما ارتقى على صدر أبي جهل الذي قال له : لقد ارتقيت مرتقى صعبا يا رويعي الغنم . قال ابن مسعود : ثم احتززت رأسه ، ثم جئت به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت يا رسول الله هذا رأس عدو الله أبي جهل ، قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" آلله الذي لا إله غيره " ، قال : وكانت يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : قلت : نعم والله الذي لا إله غيره ، ثم ألقيت رأسه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فحمد الله . فقد أجهز ابن مسعود عليه وهو جريح ، وأقره رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا ، لعظيم كفر أبي جهل وإيذائه للمسلمين ، وإن كان في النظام العام للحرب جاء منع الإجهاز على الجريح .
وكذلك يوم فتح مكة أمّن من بها بقوله : من دخل داره وأقفل بابه فهو آمن ، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومن دخل البيت الحرام فهو آمن ، واستثنى في ذلك جماعة أمر بقتلهم وإن وجدوا تحت أستار الكعبة ، منهم : عبد الله بن سعد أخو بني عامر بن لؤي ، وعبد الله بن خطل رجل من بني تميم بن غالب ، وكانت له قينتان وكانتا تغنيان بهجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتلهما معا ، والحويرث بن نقيظ بن وهب ومقيس بن صبابة ...
وكذلك في أسرى بدر فكان حكمهم من الله سبحانه وتعالى القتل في قوله تعالى " ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض " ، والإثخان هو كثرة إراقة الدماء لإخافة الأعداء وردعهم عن غيهم .
كما جاء في الصحيحين عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع نخل بني النضير وحرق ، وفي ذلك نزل قوله تعالى " ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين " .
وأخرج مسلم عن الصعب بن جثامة قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الذراري ( أي النساء والصبيان ) من المشركين يبيتون (أي يغار عليهم بالليل بحيث لا يعرف الرجل من المرأة والصبي ) فيصيبون ( أي المسلمون ) من نسائهم وذراريهم ( أي المشركين) فقال هم منهم ( أي في الحكم )" ، وليس المراد هنا إباحة قتلهم بطريق القصد إليهم والعمد ، بل المراد إن لم يكن الوصول إلى الآباء إلا بوطء الذرية فإذا أصيبوا لاختلاطهم بهم فلا إثم على القاتلين . وكذلك يجوز قتل النساء إن كن من المقاتلة .
فيعلم من ذلك أن النظام العام في القتال يجب على المسلمين أن يلتزموا به " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " ، ما لم يطغى ويبغى الكفر في تعامله خارج دائرة الإنسانية ومعاهدات القتال الدولية، عندها نستطيع مضطرين أن نتعامل بشدة وغلظة مع الكافرين ليكون لهم ردعا كما قال الله سبحانه وتعالى في محكم آياته " قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة "، وفي قوله تعالى " محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم " ، فالشدة والغلظة هذه في التعامل مع الكافرين مطلوبة لردع غطرسة الكفر عن إجرامه ، وطالما هو التزم بمبادئ القتال الإنسانية ضمن صراع القوى فالمسلمون ملتزمون أيضا ، وإذا خرج الكفر عنها لا بد له من تأديب ، فعندها لا نكبل بنظم القتال العامة بل نخرج منها إلى الاستثناءات التي أوجدها الله سبحانه في تنزيله ، وأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته المطهرة ، وذلك لنجعل نكاية في الأعداء .
والله سبحانه وتعالى أعلم ، فهذا الجهد وعلى الله الاتكال ، فأرجو الله أن أكون في هذا الرد قد أعطيت لكم المطلوب ، فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي ، وما توفيقي إلا بالله .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
سيف الإسلام
03-11-2004, 12:34 AM
لقد وفيت و كفيت " نرجو من العزيز القدير أن يجعلها في ميزان أعمالك "
إخواني بارك الله بكم جميعاً لاسيما شيخنا الجافظ العراقي .
وأريد هنا أن أزيد شيئاً قرأته في إحدى المواقع الدعوية حول جوهر الدين أيضاً وهو ما يلي :
فما جوهر الدين ؟ يجب أن تضع يدك على جوهر الدين ، جوهر الدين أن أشعر بشعور إسلامي ، يا ترى الإسلام أن أقرأ مقالات إسلامية؟ الإسلام أن أنتمي إلى جماعة إسلامية ؟ الإسلام أن أحضر مجالس علم فقط ؟
واللهِ الإسلام أخطر من ذلك ، وأعظم من ذلك ، بكل المعلومات جملة وتفصيلاً ، كل الحقائق ، كل ما تسمعه إن لم يترجم إلى حياة تعيشها إلى مشاعر تحسُّها ، إلى إقبال على الله عز وجل ، فهذه المعلومات لا تقدم ولا تؤخر ، مثلاً : الشمس ساطعة ، إذا قلت : أنا مؤمن بأن الشمس ساطعة ماذا فعلت ؟ إن آمنت أو لم تؤمن فهي ساطعة ، إن قلت : هي ليست ساطعة ، فهي ساطعة ، وإن قلت : هي ساطعة فهي ساطعة ، إذا قلت : إن الشمس ساطعة ماذا قدمت ، ماذا فعلت ؟ أؤكد لك أنك لم تفعل شيئاً ، ما لم تتحرك نحو أشعة الشمس كي تستفيد منها ، دققوا في قوله تعالى :
"قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً "
( سورة الكهف : من آية " 110" )
تماماً كما لو أن سبعة أشخاص على وشك الموت عطشاً ، وأحدهم عرف النبع ، وبقي في مكانه ، وكلهم ماتوا عطشاً ، هذا الذي عرف النبع ، وبقي في مكانه ، ومات كإخوانه عطشاً ماذا استفاد من معرفة النبع ؟
إذاً أقول لكم : جوهر الدين التحرك نحو الله عز وجل ، البحث عن أمره ، تطبيق أمره، أن يكون بيتك مسلماً ، أن يكون عملك وفق شريعة الإسلام ، أن يكون هواك تبعاً لما جاء به نبي الإسلام ، أن تكون عواطفك ألا تتخذ إلهك هواك ، أن تتخذ الله عز وجل إلهاً واحداً ، وحتى الإنسان لا يقل : أنا صار لي سنوات طويلة المسجد ولم أستفد ، لكي لا تكون نكسة مؤلمة جداً ، والنكسات صعبة جداً ، والإنسان أحياناً الله عز وجل يضعه في امتحانات صعبة ، يضعه في ضغوط ، أو في إغراءات ، إما أن يضغط عليك ، وإما أن يغريك ، حقيقة إيمانك ، تظهر على حقيقتها في الضغط أو في الإغراء ، فبهما إذا ترك الله عز وجل فكل هذا الذي حصَّله لم يستفد منه شيئاً ، فلذلك افتح القرآن الكريم ، قال الله :
"قد أفلح من تزكى "
( سورة الأعلى )
إذاً تزكية النفس هدف كبير ، النفس المنقطعة عن الله عز وجل نفسٌ متكبرة ، نفسٌ تحب ذاتها ، نفسٌ تحب أن تقضي شهوتها ، بشكل أو بآخر ، فسماع الحق مرحلة لابد منها لتمثل الحق ، إذاً الذي أتمناه على الله عز وجل أن يكون واضحاً في ذهن كل منا ، أن تعرف جوهر الدين ، أو أن تمسك يدك وأن تضعها على جوهر الدين ، وكنت أقول دائماً : هذا الأعرابي البدوي ، لذي رآه عمر ومعه شياه ، وقال له :
ـ يا هذا بعني هذه الشاة وخذ ثمنها .
ـ قال : ليست لي ، والقصة معروفة .
ـ فقال له في النهاية: خذا ثمنها .
ـ قال : والله إنني لفي أشد الحاجة إلى ثمنها ، ولو قلت لصاحبها ماتت، أو أكلها الذئب ، لصدقني فإني عنده صادق أمين ، ولكن أين الله ؟
الذي أتمناه على كل منا أن يضع يده على جوهر الدين ، جوهر الدين تطبيقه ، جوهر الدين الإقبال على الله عز وجل ، جوهر الدين أن يكون قلبك مملوءاً بمحبة الله ، هذا جوهر الدين ، فكل شيء تتعلمه إن لم يؤد بك إلى هذا ، إلى التطبيق ، إلى أن تكون مسلماً حقيقياً ؛ مسلما في بيتك ، ومسلماً في عملك ، ومسلماً في مسجدك ، ومسلماً في الطريق ، ومسلماً في المحاككة في الدرهم والدينار ، ومسلماً في السفر ، ومسلماً مع جيرانك ، إن لم تكن كذلك ، فالعلم الذي تتعلَّمه لا قيمة له إطلاقاً ، بل هو وبالٌ على صاحبه ، بل هو حجةٌ عليه ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : ((العلم علمان مطبوع ومسموع ، ولا ينفع السموع ما لم يكن المطبوع)) .
إذا لم تنتقل هذه الحقائق إلى قلبك ، وتترجم سلوكاً في حياتك ، ما استفدت منها شيئا ، إذاً نحن الآن أمام موضوع جوهر الدين ، جوهر الدين أن تفر إلى الله عز وجل ، لقول الله عز وجل :
" ففروا إلى الله "
( سورة الذاريات : من آية " 50 " )
فروا إليه ، والفرار من شيء ، تفر أنت من وحش كاسر ، تفر من عدو قاس ، تفر من أفعى رقطاء ، تفر من سُمٍّ ناقع ، تفر من وحش ، ففروا إلى الله ، إذاً الأشياء التي ينبغي أن تفر منها مهلكة ، والذي تتوجه إليه عنده الأمن والطمأنينة ، عنده السعادة .
منقول من http://www.nabulsi.com
المهند
29-10-2005, 03:05 PM
بارك الله بكم جميعاً
.
http://www.baghdadalrashid.com/vb3/images/imgcache/2005/11/1.jpg
Powered by vBulletin® Version 4.1.11 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved