المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ملاحم يحكونها عن العراق (18) خواطر بين رمضانيين!



القادم
14-10-2004, 07:15 AM
خاص شبكة البصرة

مقال للناقل

لازلت اذكر في رمضان الماضي كيف فرحت عظام جسمي واهتزت نفسي قبل تناول طعام الإفطار بدقائق عندما نقلت إحدى الفضائيات العربية خبر بعنوان "انفجارات في المنطقة الخضراء وتصاعد أعمدة الدخان من مقر سلطة التحالف " وأنا الذي في أقصى مكان تقريباً من وطننا العربي!

دعا إمام المسجد في تلك الليلة الرمضانية المباركة الذي أصلي خلفه صلاة التراويح " اللهم أنصر إخواننا المجاهدين في فلسطين والعراق " وعلا صوت آمين بوضوح في المسجد من المصلين أكثر من آمين علي دعوته " اللهم متعنا بالصحة والعافية" .

التحق شاب اعرف والده في رمضان الماضي من مدينتنا برجال المقاومة في العراق وقد استشهد هناك لاحقاً بعد شهور فله الرحمة وجنات الخلد إن شاء الله ونصب والده يومها وهو مبتسم وكأنه يزوج ابنه علم العراق عالياً فوق خيام العزاء ليراه المعزين من بعيد ثم يحكي لهم بحماس عن بطولة وشهامة رجال العراق الميامين وعن ابنه البطل الشهيد الذي تصدي لأحد أرتل العدو مع مجموعة من الجيش العراقي الباسل وسط إعجاب المعزين وهو يردد "والله إن فدائيي صدام رجال والله رجال".

لكن هذا العام التحق ثلاثة شباب أصدقاء ضمن من التحقوا بالمقاومة العراقية الباسلة قبل أسبوعين وعرفت هذا لأن لي علاقة عمل مع جارهم في الحي الذي يسكنون فيه وقد ترك كل منهم رسالة لأهله في ذات الصباح بعد أن اتفقوا علي ذلك.

***

تعتبر المنطقة الخضراء في بغداد قلب الاحتلال النابض والمحرك لجسمه في طول العراق وعرضه ، فهي تحوي رجاله وأسراره وكبار عملاءه ومستنداته.

قبل قدوم رمضاننا المبارك في عامنا هذا وصف دبلوماسي بريطاني يعمل مع سلطات الاحتلال - رفض الكشف عن اسمه- المنطقة الخضراء علي أنها تزداد احمراراً يوماً بعد يوم.

تعرف المقاومة العراقية الباسلة أن من يمثل تحالف الاحتلال هي دولة الولايات المتحدة ويمثل احتلال الولايات المتحدة في العراق قلبه في المنطقة الخضراء فلو قطعت الشرايين توقف القلب وإذا طعن القلب نضبت الشرايين.

***

قال معلم صيني لتلميذه " أن العقل يعوض عن نقص القوة وأنك لو مددت يديك أمام السيف فأنه سيقطع يديك وقد أباح لك عدوك بسره لو أخبرك قبل القتال بأنه يملك سيفاً " .

لقد اخبرت القوات الغازية العراق بسرها عندما وصفت عملياتها بأنها ستكون " الصدمة والترويع" فأعدت القيادة العراقية حرباً مختلفة تماماً عن تلك التقليدية التي خطط لها ويريدها العدو مما يعني أن امتلاك السيف ليس ضماناً لتحقيق النصر.

- لم يلتفت الإعلام العربي في محتوي تقرير تشارلز دوفلر الصادر عن مجموعة المسح والبحث عن أسلحة الدمار الشامل في العراق إلا إلى تأكيده بعدم وجود تلك الأسلحة في العراق قبل الاحتلال.

- لم يهتم الإعلام العربي بالطبع بالنصوص المتعلقة بحكمة قيادة الرئيس الأسير صدام حسين الذي اصدر تعليمات مختلفة في ثلاث مناسبات علي الأقل كما يقول التقرير كلها تصب في خانة الإعداد لحرب عصابات طويلة الأمد بعد الغزو وبأنه آمر بتوزيع السلاح إلى الريف خارج المدن منذ الشهر الثامن في العام 2002 وبأنه طلب من جيشه الصمود لمدة 8 أيام فقط قبل البدء في تلك الحرب مما جعل الخبراء العسكريين الأمريكيين يتسألون الآن إن كان الاقتحام السريع إلى بغداد هو وقوع في الفخ المعد سلفاً وليس نصراً عسكرياً سريعاً كما تخيلوا وقتها!

- كما لم يهتم الإعلام العربي بنقطة أخرى في غاية الأهمية وهي استخدام المقاومة العراقية لنوع من الأسلحة الكيماوية علي الأقل مرة واحدة واضحة كما جاء في التقرير الذي حذر بشدة من استخدام المقاومة لهذا النوع من الأسلحة وأشار التقرير إلى أنه في تلك المرة الواضحة لم يتم مزج العناصر الكيمائية بالتقنية الصحيحة مما جعل الأمر كأنه مجرد غاز خانق وإلا لكانت كارثة كبيرة لقوات التحالف كما يصفها التقرير.

***

منذ رمضان الماضي صارت الفلوجة أماًً للمدن المجاهدة ومنارة عالية في العراق المجاهد ولحقت بها الرمادي وسامراء والبصرة وهيت واللطيفية والخالدية وغيرها وحتى شارع حيفا في وسط بغداد ... وليس أدل علي ذلك من أن رئيس العرفاء الأمريكي الذي ظهر علي شاشات التلفزة العالمية وعلي أغلفة المجلات ومنها مجلة التايمز وهو يمضغ اللبان ويدخن السيجار ويلبس النظارات الشمسية ليمثل رمز "سقوط بغداد" هو الآن يصارع الموت منذ شهور في مستشفي ولترريد في الولايات المتحدة بعد أن أصابت مركبته قذيفة صاروخية في ضواحي أم المدن المجاهدة في شهر أبريل الماضي ليمثل في سريره رمز مقاومة بغداد ولكن الديمقراطية هذه المرة تمنع تصويره !

***

إن العقل العراقي الذي عوض نقص القوة واستوعب فكرة كشف العدو عن سلاحه قبل العدوان وجعل المنطقة الخضراء قلب احتلال الدولة الأعظم تزداد احمراراً وصعد مقاومته المسلحة في استمرار مضطرد ، قادر علي تطوير هذه المقاومة إلى مراحل جديدة لم يسجلها التاريخ من قبل في حروب التحرير، وهو في ذلك يستنهض أمته الخاملة منذ قرون مضت مع كل تقدم جديد مع الوقت الذي تحتاجه الأمة طبيعياً لشـهور وسنوات حتى تفيق تماماً كل قواهـا الفاعلة ... لكننا يجب أن لا نتوقع أن ترفع كل الأمة أعلام العراق فوق خيام الشهداء وحتى في الشوارع وفوق المدارس والجامعات ومقرات الأحزاب والمنظمات إلا بعد تحقيق النصر الكامل ودحر الاحتلال إن شاء الله.

هذا العقل العراقي لا يراهن ولن يراهن علي فوز البيبسى كولا أو الكوك كولا في الانتخابات الأمريكية القادمة فكلاهما مشروب غازي اسود المحتوي لا يختلف فيهما إلا لون العلبة الخارجي.

كل هذا يحدث في رمضان أو هو مقدمة لما سيحدث بعد رمضان الجديد المبارك والذي نطمع فيه في فضل الله علي المؤمنين في أن يجعله كذلك أكثر من أي وقت مضي.
شبكة البصرة

االخميس 30 شعبان 1425 / 14 تشرين الاول 2004