المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : البعث والنشور إثباته، وكيفيته، وأحوال المبعوثين



المهند
10-10-2004, 08:38 AM
البعث والنشور إثباته، وكيفيته، وأحوال المبعوثين

خلق الله الأرض، وأسكنها البشر، وكتب عليهم سنناً لا تتغير، وقوانين لا تتخلف. فالموتُ سنةٌ مكتوبة على كل حي، والرزقُ مقدر، والأجلُ محدد، والدنيا بأسرها لها ابتداءٌ ولها انتهاء، والحياةُ على الأرض مرتَّبةٌ كما أراد الله تعالى. وذلك كلُه من دلائل قدرته وعظمته التي توجب توحيده وعبادته، وتقطع حجة كل حقير من البشر أراد العظمة والكبرياء لنفسه، وتحولُ بين الشركاء وشركائهم، قال الله عز وجل: الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء سبحانه وتعالى" عما يشركون {الروم: 40}.
والبشر على الأرض يولدون، وفيها يمشون ويرزقون، ومنها يبعثون ويحشرون كما قال الله سبحانه: هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور {الملك: 15}.
إنها حياةٌ مرتبةٌ قبل أن يولد الإنسان وإلى أن يموت بل وإلى أن يبعث، ونظامٌ دقيقٌ عجيبٌ يسير على وفق ما أراد الخالق سبحانه، سواء كان في خلق الإنسانِ، أم الحيوان، أم النبات، أم كان في تقلب الليل والنهار. لا يحتاج البشرُ بحث ذلك؛ لأنه ليس إليهم، ولا بأيديهم، فكلُ الخلائق تسير بانتظام حسب إرادة العليم الخبير.
ليلٌ يعقبُ نهاراً، وزمانٌ يتبع زماناً، وأجيالٌ ترث أجيالاً. لم تتأخر شمسُ يوم عن وقتِ شروقها أو غروبها، ولا فصلٌ عن زمن حلوله وزواله، ولا بشرٌ في ولادته ووفاته.

أطوار الإنسان:


خَلْقُ البشر ثم مآلهم جاء على نحوٍ مرتبٍ مفصل لا يحتاج إلى أبحاث ونظريات وتخبطات قال الله تعالى: ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين 12 ثم جعلناه نطفة في قرار مكين 13 ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين 14 ثم إنكم بعد ذلك لميتون 15 ثم إنكم يوم القيامة تبعثون 16 {المؤمنون: 12 - 16}.
تفصيلٌ واضح لا لبس فيه ولا غموض، وأطوارٌ لها ابتداء ثم انتهاء لا تحتاج إلى بحث وتفكير، وإنما على العبد أن يسخر فكره وجوارحه في عبادة خالقه وتعظيمه، لا في توقع كيفية البداية، واستكشاف المصير، أو بحث إمكانية البعث؛ لأن ذلك كله كائنٌ لا محالة، لا يجادلُ فيه إلا جاهلٌ كافر كحال المشركين الذين أخبر الله عنهم بقوله سبحانه: وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى" وعدا عليه حقا ولكن أكثر الناس لا يعلمون {النحل: 38}.
ودحض الله زعمهم فقال تعالى: زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى" وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير {التغابن: 7}.


صفة البعث:


إذا أذن الله تعالى بالبعث جمع الله تعالى ما تفرق من أجساد البشر ولو كان في بطون السباع، أو حيوانات الماء، أو بطن الأرض، أو ما استحال رماداً بالحرق وذرته الرياح، يجمعه الله تعالى، ولو أكل إنسانٌ إنساناً لجمع الله تعالى الآكل والمأكول (1)، ولما قتل حمزة رضي الله عنه في أحد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لولا أن تجد صفيةُ في نفسها لتركته حتى يحشره الله من بطون السباعِ والطير"(2).
وأما كيفيةُ خروجهم من الأرض: فينبتون كما ينبت النبات؛ ذلك أن الإنسانَ إذا مات وبلى وتحلل بقي منه عَجْبُ الذَنب فمنه ينبت ويركب، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب منه خلق ومنه يركب" (3).
فينبتهم الله تعالى مما بقي منهم كما جاء ذلك موضحاً في كتاب الله تعالى في مواضع كثيرة عند ذكر النبات ومن تلك الآيات:
1- قول الله سبحانه وتعالى: وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته حتى" إذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات كذلك نخرج الموتى" لعلكم تذكرون {الأعراف: 57}.
2- قوله عز وجل: ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد 9 والنخل باسقات لها طلع نضيد 10 رزقا للعباد وأحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج 11 {ق: 9 - 11}.
3- قوله سبحانه: فانظر إلى" آثار رحمت الله كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى" وهو على" كل شي قدير {الروم: 50} .
وثبت في السنة أحاديث كثيرة تدل على ذلك منها:
1- ما جاء في حديث الصور الطويل وفيه: قول النبي عليه الصلاة والسلام: "ثم ينزل الله مطراً كأنه الطل فيُنبت منه أجساد الناس ثم نفخ فيه أخرى" فإذا هم قيام ينظرون{الزمر:68}" (4).
2- حديث أبي رزين العقيلي قال: "قلت: يا رسول الله، كيف يحيي الله الموتى؟ وما آية ذلك في خلقه؟ قال: أما مررت بوادي أهلك مَحْلاً" قال: بلى! قال: "أما مررت به يهتز خضراً؟" قال: قلت: بلى! قال: "ثم مررت به مَحْلاً" قال: بلى! قال: "فكذلك الله يحيي الموتى ذلك آيته في خلقه" (5).
فإذا اكتملت أجسادُهم ولم يبق إلا أرواحهم؛ جمع الله تعالى أرواحهم في الصور، وأمر إسرافيل بالنفخ، فرجع كلُ ذي روح إلى جسده بإذن الله تعالى، فيصبحون كما كانوا في الدنيا على أشكالهم وهيئاتهم.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "لما وعد الله سبحانه وهو صادق الوعد الذي لا يخلف وعده أنه يعيد الخلقَ كما بدأهم أول مرة، كان من صدق وعده أن يعيده على الحالة التي بدأ عليها من تمام أعضائه وكمالها، ثم ذكر قوله تعالى كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين {الأنبياء: 104} قال تعالى: كما بدأكم تعودون {الأعراف: 29}، وقال أيضاً: "وإلا فوقت قيامهم من القبور يكونون على صورتهم التي كانوا عليها في الدنيا، وعلى صفاتهم وهيئاتهم وأحوالهم، فيبعث كل عبد على ما مات عليه، ثم ينشئهم الله سبحانه كما يشاء"(6) اه.
وأول من يبعث: رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم كما قال عليه الصلاة والسلام: "أنا سيدُ ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول مشفَّع" (7).
وصفهم حال بعثهم:
جاءت في الكتاب والسنة أوصاف لبعث البشر وحشرهم للحساب ومن هذه الأوصاف:
1- أنهم يخرجون يمشون حُفاة عُراة غُرْلاً، كما خلقوا أول مرة(8).
2- أنهم يسيرون إلى الموقف أمماً أمماً كما قال تعالى: يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا {النبأ: 18} يتقدم كلَّ أمةٍ رسولُها كما في قوله سبحانه: يوم ندعو كل أناس بإمامهم {الإسراء: 71}.
3- أنهم يسرعون في مشيهم كما قال سبحانه: ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى" ربهم ينسلون {يس51} أي: يسرعون (9) وقال سبحانه: يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى" نصب يوفضون {المعارج43}.
أفواجٌ لا قِبَل للعقل بتصورها، ولا يعلمُ عدَدَها إلا خالقها، كما قال الله عز وجل: يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر (7) {القمر} من كثرتهم وسرعةِ سيرهم إلى موقف الحساب.
أرأيتم - إخواني القراء - لو أن أهل الأرض استطاعوا أن يجمعوا ربع من على الأرض في صعيدٍ واحد؛ بل سدَسَهم أو عشرهم، كيف سيكون ذلك؟!
إنه ولا شك سيكون جمعاً عظيماً من البشر، وأعظم منه وأشدُ: جمعُ يوم القيامة حين يجمعُ الله الأولين والآخرين في صعيد واحد، كلُ البشر بأممهم في ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم، من لدن آدم إلى آخر نفس من هذه الأمة، يبعثهم الله تعالى ثم يسيرون في جموع هائلة إلى حيث يدعو الداعي.
الله أكبر، ما أعظم ذلك الجمع!! وما أشد زحامه، وما أفضع كربه!! فهل من عدة يعدها كل مسلم للنجاة من كربه؟!


حال الكفار يوم البعث:


إن الكافر ليصعق من هول المفاجأة حينما يُبعث من قبره؛ لأنه كان يكذب بذلك ويقول مع القائلين: ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر {الجاثية: 24} فإذا نفخ في الصور، وقام من موتته، وبعث من قبره؛ تذكَّرَ ما جاءت به الرسل، وأخبرت عنه الكتب من البعث والجزاء والعذاب فيندمُ ولات حين مندم، ويقول مع إخوانه الكافرين والمنافقين: يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا {يس: 52} فيجيبهم أهل الإيمان والحق من الملائكة والنبيين والمؤمنين (10) هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون {يس52}.
ومن أقوال الكافرين يومئذ يا ويلنا هذا يوم الدين {الصافات20} إنهم عرفوه، وتذكروا ما أُخْبِروا به في الدنيا فكفروا، فيقول لهم المؤمنون هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون {الصافات21}.
إنهم سينكرون أنهم لبثوا طويلاً في الدنيا؛ لئلا تقوم عليهم الحجة ولأن الدنيا زالت فكأنها لم تكن،(11) كما أخبر الله تعالى عنهم بقوله سبحانه: ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون 55 وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى" يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون 56 فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ولا هم يستعتبون 57 {الروم: 55 - 57}، وقال سبحانه: قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين 112 قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل العادين 113 قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون 114 أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون 115 {المؤمنون: 112 - 115}.
يبعث الكفار يومئذ وهم في غاية الخضوع والانكسار مع ندمٍ لا يعدله ندم، قد خشعت أبصارُهم من الذلةِ والخوف كما جاء ذلك في قول الله عز وجل: فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى" يلاقوا يومهم الذي يوعدون 42 يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى" نصب يوفضون 43 خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون 44 {المعارج: 42 - 44}، ما أسوأ حالهم! وما أشد بؤسهم! أعاذنا الله والمسلمين منهم ومن مآلهم!!


بعث العباد على أعمالهم:


كلُ العباد يبعثون على أعمالهم التي ختم لهم بها في الدنيا كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: "يبعث كل عبد على ما مات عليه" (12).
وإذا أذن الله تعالى بهلاك أمة كَثُرَ فيها الفساد، وقَلَّ المصلحون، وفيها صالحون ومفسدون؛ أهلكهم جميعاً، ثم يبعثهم على نواياهم. فأهلُ الفساد على نية الفساد، وأهل الصلاح على نية الصلاح؛ ولذلك قالت عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم لما أخبر عن قوم يخسف بأولهم وآخرهم: كيف يخسف بأولهم وآخرهم وفيهم أسواقُهم ومن ليس منهم، قال: "يخسف بأولهم وآخرهم ثم يبعثون على نياتهم" (13).
وجاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أنزل الله بقوم عذاباً أصاب العذابُ من كان فيهم ثم بعثوا على أعمالهم"(14).
إن أهل الطاعة تزينهم طاعتهم يوم بعثهم، فالمجاهدُ في سبيل الله تعالى الذي قُتل لإعلاء كلمة الحق يُبعث وجرحه يثعب دماً، اللون لون الدم، والريح ريح المسك(15)، ومن مات محرماً بعث ملبياً (16).
فما أعظم الشهادة في سبيل الله تعالى، ثم الموت في حال الإحرام، إن لها مزية على غيرها من الميتات، عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من مات على مرتبة من هذه المراتب بعث عليها" قال حَيْوَة: يقول: رباطٍ أو حج أو نحو ذلك (17).
وكذلك أهلُ العصيان يبعث بعضهم بعقوبات تناسب معاصيهم؛ فأهل الربا يتخبطون حال بعثهم، كما قال الله تعالى: الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس {البقرة: 275} قال سعيد بن جبير رحمه الله تعالى: "آكل الربا يبعث يوم القيامة مجنوناً يخنق" (18)، قال العلماء: "فجعل الله هذه العلامة لأكلة الربا، وذلك أنه أرباه في بطونهم فأثقلهم فهم إذا خرجوا من قبورهم يقومون ويسقطون لعظم بطونهم وثقلها عليهم"(19). والنائحة إذا لم تتب قبل موتها تبعث يوم القيامة عليها سرابيل من قطران (20).

المهند
10-10-2004, 08:42 AM
يوم البعث لا ينفع أحداً إلا عمله:


بالموت تنتهي مهلة الإنسان، ويختم على عمله إلا المرابط في سبيل الله تعالى، وبالبعث يبدأ الحساب على الأعمال.
إن ذلك اليوم هو يوم الخزيِ للكافرين، ويومُ الفوز للمؤمنين، والمؤمن في الدنيا يخاف الخزي يوم القيامة، ويسأل ربه النجاة كما سألها إبراهيم الخليل عليه السلام حينما دعا ربه فقال: ولا تخزني يوم يبعثون 87 يوم لا ينفع مال ولا بنون 88 إلا من أتى الله بقلب سليم 89 {الشعراء: 87 - 89}. عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يلقى إبراهيم أباه فيقول: يارب إنك وعدتني أن لا تخزني يوم يبعثون {الشعراء: 87} فيقول الله: إني حرمت الجنة على الكافرين"(21). جاء في بعض روايات الصحيح: أن الله تعالى يمسخ أباه ضبعاً متلطخاً بالدم؛ لتنفر نفس إبراهيم عليه السلام منه ثم يؤخذ بقوائمه إلى النار(22)، فما نفع أبا إبراهيم كون ابنه خليل الرحمن، ولا ينفع أحداً إلا عملُه بعد رحمة الله تعالى.


وضوح عقيدة البعث:


إن تقريرَ البعث من الوضوح والبيان بما لا يحتاج إلى إثبات أو برهان فمن خلق أولاً قادر على أن يعيد الخلق كرة أخرى، وذلك مفهوم لكلِ عاقل أعمل عقله كما ينبغي. أما من زاغ قلبه، وفسد عقله، وانحرفت فطرته، فلو رأى بأم عينه بعث الناس لأنكره؛ بل لو مات ثم بعث ألف مرة لما آمن به، وتلك طريقة الذين كفروا كما أخبر الله تعالى عنهم بقوله عز وجل: ولو ترى" إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين 27 بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون 28 وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين 29 {الأنعام: 27 - 29}.


جواب عما ظاهره التعارض:


ورد في السنة حديث له صلة بالبعث، وهو حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، لما حضره الموت دعا بثياب جدد فلبسها ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الميت يبعث في ثيابه التي يموت فيها"(23).
ولهذا الحديث ما يؤيده، كما له ما يعارضه:
أما ما يؤيده فمايلي:
1- عن عمير بن الأسود السكوني قال: "أوصاني معاذ بامرأته وماتت فدفناها، فجاءها وقد رفعنا أيدينا عن قبرها، فقال: بأي شيء كفنتموها؟ فقلنا: في ثيابها، فأمر بها فنبشت، وكفناها في ثياب جدد، وقال: أحسنوا أكفان موتاكم فإنهم يحشرون فيها"(24).
2- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "يحشر الموتى في أكفانهم"(25).
وهذا القول منقول عن أبي العالية وأبي صالح المزي.
أما ما يعارضه فنصوص من الكتاب والسنة منها:
1- آيات تدل على أن الإنسان يبعث كما خلق، وهو خلق بلا لباس، منها قوله تعالى: كما بدأكم تعودون {الأعراف: 29} وقوله تعالى: كما بدأنا أول خلق نعيده {الأنبياء: 104} وقوله تعالى: ولقد جئتمونا فرادى" كما خلقناكم أول مرة {الأنعام: 94}.
2- أحاديث تدل على حشر الناس عراة منها:
أ - حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تحشرون حفاة عراة غرلاً"، قالت عائشة رضي الله عنها: الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض؟ فقال: "الأمر أشد من أن يهمهم ذاك"(26).
ب - حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قام فينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال: "إنكم محشورون حفاة عراة غرلاً كما بدأنا أول خلق نعيده {الأنبياء: 104} الآية. وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم الخليل..."(27).
وللعلماء في الجمع بين هذه النصوص مسلكان:
المسلك الأول: حمل الثياب في حديث أبي سعيد على العمل، ولهذا الاستعمال نظير في القرآن في عدد من الآيات منها:
1- قول الله تعالى: ولباس التقوى" ذلك خير {الأعراف: 26}.
2- قوله تعالى: وثيابك فطهر (4) {المدثر: 4} على قول مجاهد رحمه الله إذ قال: "عملك فأصلح" وهو قول أبي رزين وقتادة، قال ابن كثير: "وكانت العرب تسمي الرجل إذا نكث ولم يف بعهد الله أنه دنس الثياب؛ وإذا وفى وأصلح أنه مطهر الثياب"(28) اه.
ويؤيده حديث جابر رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "يبعث كل عبد على ما مات عليه"(29).
وكذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا أراد الله بقوم عذاباً أصاب العذاب من كان فيهم، ثم بعثوا على أعمالهم"(30).
وهذا المسلك حسن لولا أنه متعقب بما يلي:
1- أنه رد لفهم أبي سعيد رضي الله عنه للحديث وهو راوي الحديث.
2- أن فيه رداً لفعل معاذ رضي الله عنه الذي كان بمحضر جماعة دفنوها ولعل فيهم صحابة ولاسيما أن معاذاً توفي في طاعون عمواس في خلافة عمر فوفاته متقدمة ومع ذلك لم ينكر عليه أحد ذلك، مع عظيم ما فعل وهو نبش القبر وإعادة التكفين، ونبش القبر لا يجوز إلا لمصلحة راجحة ومعاذ رضي الله عنه من فقهاء الصحابة وقضاتهم.
3- أن قوله: "أحسنوا أكفان موتاكم فإنهم يحشرون فيها" له حكم الرفع؛ لأنه يخبر عن غيب.
4- أن فيه تأويلاً للحديث، وصرفاً له عن ظاهره إلى معنى آخر.
قال الخطابي رحمه الله: "أما أبو سعيد فقد استعمل الحديث على ظاهره، وقد روي في تحسين الكفن أحاديث وقد تأوله بعض العلماء على خلاف ذلك فقال: معنى الثياب: العمل، كنى به عنه..."(31).
وأيد ذلك القرطبي بالآيات الدالة على إعادة الخلق كما كان أول مرة وقال: "ولأن الملابس في الدنيا أموال ولا مال في الآخرة"(32).
ويجاب عن هذه التعقبات بما يلي:
1- أن الحجة في رواية الصحابي لا فيما يرى، لا سيما إذا كان ما يراه مخالفاً للنصوص الثابتة الصريحة كالآيات التي ذكرناها في عودة الخلق كما كانوا أول مرة. واجتهاد أبي سعيد ومعاذ رضي الله عنهما مأجوران عليه؛ لكنه اجتهاد مقابل لنصوص أخرى، والمنقول عن الصحابة رضي الله عنهم في اجتهادات أخطأوا فيها كثير مثل:
أ - غسل أبي هريرة رضي الله عنه يديه في الوضوء إلى عضديه أو أبطيه مفسراً التحجيل بذلك(33).
والله تعالى يقول: وأيديكم إلى المرافق {المائدة: 6}.
ب- أكل أبي طلحة رضي الله عنه البَرَد وهو صائم ولا يراه مفطراً لأنه بركة وليس طعاماً أو شراباً"(34).
ج- منع عمر وعثمان رضي الله عنهما الناس من التمتع في الحج، واعتراض علي وعمران بن الحصين رضي الله عنهما على ذلك(35).
والأمثلة في ذلك كثيرة جداً، وكل مخطيء منهم معذور في خطئه؛ لأنه اجتهد في تحري الصواب، ولم يقل أحد منهم رضي الله عنهم: إن قوله حجة على غيره.
فما نقل عن معاذ وأبي سعيد رضي الله عنهما هو من هذا الاجتهاد الذي يعذران فيه، ويؤجران عليه.
2- أن حادثة نبش معاذ لقبر امرأته، وإن كان إسنادها حسناً ففي النفس منها شيء من جهة المتن؛ لأن حرمة المؤمن ميتاً كحرمته حي، وفي نبشه انتهاك لحرمته، ولا يجوز ذلك إلا لمصلحة راجحة، وهي هنا غير محققة.
3- أن قول معاذ رضي الله عنه: "أحسنوا أكفان موتاكم فإنهم يحشرون فيها" معارض بأحاديث تدل على عدم المغالاة في الأكفان منها:
أ - حديث علي رضي الله عنه قال: "لا تغال في كفن؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تغالوا في الكفن فإنه يسلب سلباً سريعاً"(36).
ب- حديث ابن أبي مليكة أن أبا بكر قال لعائشة رضي الله عنهما: "اغسلوا ثوبي هذين وكانا مشقين فكفنوني فيهما، وابتاعوا لي ثوباً ولا يغلو عليكم، فقالت عائشة: إنا موسرون، فقال: يا بنية، الحي أحق بالجديد من الميت وإنما هو للمهل والصديد"(37).
قال ابن عبدالبر: "وقد كفن أبو بكر في ثوبين وثوب كان يلبس بالياً"(38).
وجمع العلماء بين هذا الحديث وما في معناه وحديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه"(39)، بأن التحسين لا يقتضي المغالاة، قال ابن عبدالبر رحمه الله تعالى تعليقاً على قول أبي بكر رضي الله عنه السابق ذكره: "وليس في هذا كله دفع لحديث جابر.. ولا ما يعارضه؛ لأنه يحتمل حديث جابر هذا هيئة التكفين... على أن من كفن أخاه في ثوب نقي أبيض أو ثياب بيض فقد أحسن، والبالي والجديد في ذلك سواء والله أعلم"(40).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: "فإنه يجمع بينهما بحمل التحسين على الصفة، وحمل المغالات على الثمن، وقيل: التحسين حق الميت، فإذا أوصى بتركه اتبع كما فعل الصديق..."(41).
4- أن حمل الثياب على العمل في قوله عليه الصلاة والسلام: "إن الميت يبعث في ثيابه التي يموت فيها" هو الأولى لوجود أدلة كثيرة تصرفه عن معناه الظاهر إلى معنى آخر، ولو قلنا بظاهره لتعارضت الأدلة، والممنوع حمل الكلام على غير ظاهره بلا دليل ولا قرينة تدل على صرفه عن الظاهر، وهذا المعنى غير موجود هنا؛ إذ الأدلة متظافرة على لزوم صرفه عن ظاهره.
المسلك الثاني: حمل حديث أبي سعيد على ظاهره، والأخذ باجتهاده واجتهاد معاذ رضي الله عنهما ومحاولة الجمع بين النصوص المتعارضة في ذلك، ولهم في هذا الجمع عدة أوجه:
الوجه الأول: أنه يبعث في ثيابه التي يموت فيها، ثم تتناثر عنه أو عن بعضهم، ثم يحشر إلى موقف الحساب عارياً ثم يكسى بعد ذلك من ثياب الجنة(42).
الوجه الثاني: أن بعضهم يحشر عارياً وبعضهم كاسياً. ذكره الحافظ والعيني(43).
وهذا ضعيف لدلالة الأحاديث على أن أول من يكسى إبراهيم عليه السلام؛ فإذا كان الأنبياء يحشرون عراة فمن دونهم ليسوا أولى بالكسوة منهم، ولفظ "أول من يكسى" يدل على أن الجميع عراة.
الوجه الثالث: حمل حديث أبي سعيد على الشهداء؛ لأنهم الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يزملوا في ثيابهم ويدفنوا فيها؛ فيحتمل أن يكون أبو سعيد سمعه في الشهيد فحمله على العموم، وأن معاذاً حمله على العموم. ذكره الحافظ(44)، وهذا ضعيف كسابقه، فليس الشهداء أولى بالثياب من الأنبياء عليهم السلام.
الوجه الرابع: أنه إذا كسي الأنبياء عليهم السلام والصديقون ثم من بعدهم على مراتبهم؛ فتكون كسوة كل إنسان من جنس ما يموت فيه، ثم إذا أدخلوا الجنة لبسوا من ثياب الجنة. ذكره ابن كثير وعزاه للبيهقي(45).
الوجه الخامس: أن البعث غير الحشر، وهو سابق عليه؛ فيبعثون في ثيابهم التي ماتوا فيها، ومن ثم يحشرون عراة، فيكون أول من يكسى إبراهيم عليه السلام، وهذا مردود بقول معاذ رضي الله عنه "فإنهم يحشرون فيها".
الوجه السادس: قد يقال: إن أحوال الحشر متعددة فتارة يكونون مكسيين، وأخرى يكونون عراة، ونظير ذلك النصوص التي جاء فيها أن الكافر والمنافق يجادل عن نفسه، وفي غيرها أنه يختم على فيه فلا ينطق، وفي غيرها أن الشهود يشهدون عليه..؛ إذ حملت على أحوال عدة في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة.
والوجه الرابع هو أقوى هذه الأوجه إن صح، ولم يتبين لي رجحان أي واحد من هذين المسلكين. والله تعالى أعلم.
ثم بعد كتابة هذا رأيت كلاماً مفيداً لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في هذه المسألة قال فيه بعد ذكره لحديث أبي سعيد الذي هو أصل المسألة: "فأبو سعيد على هذا حمل الحديث على أن الثياب التي يموت فيها العبد يبعث فيها، ولم يقل: إنه يبعث في أكفانه، فإن الكفن غير الثياب التي يموت فيها، فإن عامة الموتى لا يُكفَّنون في ثيابهم التي يقبضون فيها، لاسيما والكفن الذي كفن فيه رسول الله { ليس فيه مما يُمسى فيه، فإنها لم يكن فيها قميص ولا عمامة، فإنه إذا عرف أن الحديث المأثور إنما هو أنه يبعث في ثيابه التي قبض فيها، فقيل: يبعث في نفس الثوب الطاهر".
ثم ذكر قول من قال بحمل الثياب على الأعمال وأيده بشيئين:
1- ثبوت النصوص ببعث العبد على ما مات عليه من العمل.
2- النصوص التي تثبت حشر الناس عراة.
ثم قال بعد سياقها: "وأما ثوبه الذي كان عليه وقت الموت فلا مناسبة في بعثه فيه، فقد تموت الأنبياء والصالحون في الثياب الرثة، وقد يموت الكفار والمنافقون في ثياب حسنة، فهل يكون قيام الكفار والمنافقين من قبورهم أجمل وأبهى من قيام الأنبياء والمؤمنين؟ ولو كان صحيحاً لكان تكفينه في ثيابه التي مات فيها ويبعث فيها أولى من تكفينه في غيرها، وليس الأمر كذلك، بل قد يختلف الحكم في ذلك.
وقد ثبت في الصحيح عن النبي { أنه قال: "إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه"... ولو كان الميت يبعث في ثياب موته لوردت السنة بتجميلها. وأما الأكفان فلا أصل لكونه يبعث فيها بحال"(46).


الهوامش:
1- انظر: فتاوى شيخ الإسلام (257/17) والتذكرة للقرطبي (287/1).
2- أخرجه الترمذي (1016) وأبو داود (3133) والبيهقي وحسنه (10/4) والحاكم وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي (196/3).
3- أخرجه مالك (239/1) وأحمد (322/2) والبخاري (4814) ومسلم (2955) والنسائي (111/4) وأبو داود (4743) وابن ماجة (4266).
4- أخرجه أحمد (166/2) ومسلم (2940) والحاكم (550/4) وابن حبان (7353) من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما.
5- أخرجه أحمد واللفظ له (11/4) والطيالسي (1089) والطبراني في الكبير (208/19) برقم: (470)، وقال الهيثمي في الزوائد: رجاله موثوقون (85/1). وقوله في الحديث "أما مررت بوادي أهلك محلا؟" أي: جدباً: والمحل في اللغة: انقطاع المطر: وأمحلت الأرض والقوم، وأرض محل وماحل. انتهى من النهاية لابن الأثير (304/4). وجاء في الرواية الأخرى لأحمد ورواية الطيالسي: "ممحلاً" أي: ليس فيه خضرة، وهو مثل قوله عليه الصلاة والسلام في حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه في ذكر الدجال: "فينصرف عنهم فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم" رواه مسلم (2937). وجاء في رواية الطبراني: "قحلاً" والقحل: يبوسة الجلد على العظم، والمتقحل: الرجل اليابس الجلد، السيئ الحال، وقحل الناس: أي يبسوا من شدة القحط. انظر: النهاية (18/4) والقاموس (1353) مادة: قحل. والمعنى على جميع الروايات متقارب والله أعلم.
6- تحفة المودود (163).
7- أخرجه مسلم (2278).
8- ثبت ذلك في أحاديث منها حديث ابن عباس رضي الله عنهما عند البخاري (6526) ومسلم (2860) والترمذي (2423) والدارمي (2802).
9- تفسير ابن كثير (914/3) عند تفسير لآية (51-52) من سورة يس.
10- انظر: تفسير ابن كثير (914/3).
11- انظر: تفسير ابن كثير (700/3) عند تفسير الآية (56) من سورة الروم.
12- أخرجه أحمد (331/3) ومسلم (2878).
13- أخرجه البخاري (2118) ومسلم (2884).
14- أخرجه البخاري (7108) ومسلم (2879).
15- كما في حديث أبي هريرة عند البخاري (2803) ومسلم (1876) والنسائي (2416).
16- كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما عند أحمد (283/1) والبخاري (1265) ومسلم (1206) وأبي داود (3238) والنسائي (112/5) والترمذي (951) وابن ماجه (3084).
17- أخرجه أحمد (19/6) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (252) والطبراني في الكبير (305/18) والحاكم وصححه على شرطهما (490/1)، وقال الهيثمي في المجمع عن حديث الطبراني: ورجاله ثقات في أحد السندين (113/1) وهو حديث صحيح.
18- جامع البيان للطبري (103/3).
19- التذكرة للقرطبي (293/1).
20- كما في حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه عند ابن ماجه (1581) وصححه البوصيري في مصباح الزجاجة (518/1).
21- أخرجه البخاري (4768).
22- انظر: صحيح البخاري (3350) وانظر أيضاً: فتح الباري (359/8).
23-أخرجه عبدالرزاق في مصنفه (6206) وأبو داود (3114) والبيهقي في الكبرى (3-384) وصححه ابن حبان (7316) والحاكم وقال: على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي (1-340).
24- أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (11132) وابن أبي الدنيا في العيال (515) وحسنه الحافظ في الفتح (11-391).
25- ذكره ابن كثير في البداية (1-163) وعزاه لابن أبي الدنيا.
26- أخرجه البخاري (6527) ومسلم (2859).
27- أخرجه البخاري (6526) ومسلم (2860).
28- تفسير ابن كثير (4-690-691) والفتح (10-391).
29- أخرجه مسلم (2878).
30- أخرجه مسلم (2879).
31- معالم السنن بهامش سنن أبي داود (3-485) وذكر نحوه ابن القيم في شرحه على السنن بهامش عون المعبود (8-384-385).
32- التذكرة (1-210).
33- أخرجه مسلم (250).
34- أخرجه أحمد بسند صحيح (3-279).
35- أخرجه البخاري (1559) ومسلم (1221) وانظر: الفتح (3-433).
36- أخرجه أبو داود (3154) وفي سنده أبو مالك عمر بن هشام الجنبي وهو لين الحديث كما في التقريب (2-80).
37- أخرجه مالك في الموطأ (1-224) وأحمد (6-132).
38- التمهيد (22-143).
39- أخرجه مسلم (943).
40- الاستذكار (22-214-215).
41- فتح الباري (298/3).
42- ذكره البيهقي ونقله عنه ابن حجر والعيني والقسطلاني (1-320) انظر: فتح الباري (11-391) وعمدة القاري (23-106) وإرشاد الساري (13-526).
43- فتح الباري (391/11) وإرشاد الساري (106/33).
44- فتح الباري (11-391).
45 النهاية في الفتن والملاحم (1-163) .
46- مسائل من الفتاوى المصرية ضمن جامع المسائل، المجموعة الرابعة، تحقيق: محمد عزير شمس، ص: (225-227).

صدام العرب
10-10-2004, 11:52 AM
أثابك الله على ما كتبت
ونفع به أمة المسلمين

القعقاع المسلم
10-10-2004, 01:05 PM
بورك مسعاك أخي الحبيب المهند حياك الله وجعل الله عملك في ميزان حسناتك