المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : معيار المقاومة وحساب حصادها ...



القادم
09-10-2004, 06:44 AM
شبكة البصرة

عباس السامرائي

المتابع لاحداث العراق لابد له ان يراه من زاوية الواقع الميداني اليومي لاتجاه الاحداث،ومن واقع الاستراتيجية المطبقة من قبل المقاومة والتي لم تتغير منذ انطلاقتها حينما تحولت من جيش نظامي الى فصائل مقاتلة تنشط تحت الارض ولا يرى العدو منها الا افعالها رغم انها تعيش بين الناس وبشكل مكشوف. وهذا ان دل على شئ فانما يدل على عبقريتها في النشاط والتنظيم وعلى نصاعة شعبها الذي حماها رغم العيون الدنيئة والالة والاموال الضخمة المخصصة لردعها من قبل العدو.



اقول لا يمكن رؤية الصورة للاحداث الا من خلال حركة المقاومة والا وقع التحليل في مازق الرصد الحيني المؤقت المجزوء الذي يقود الى استنتاجات مخطئة تؤثر على الرصد الاعلامي الواقعي المساند لحركتهاـ حركة المقاومةـ واعني هنا الاعلام الوطني المساند اولا واخيرا والذي في معظمه تطوعي غير مؤسسي كما هو حال اعلام المحتل الذي يتكأ على ملايين دولارات العراق المنهوبة.



بيت القصيد هنا بعض الانكسار الذي نراه هنا وهناك حول معارك المدن الاخيرة وبالذات معارك عاصمة العباسيين سامراء ، واترك مدينة الثورة ( الصدر) لخصوصية القوى المهيمنة فيها، واقول ان استراتيجية السيطرة وقظم المدن من قبل المقاومة لم تكن هي من الاهداف الاستراتجية في حينها ولا حتى في الوقت الحالي وانما كانت تمارين تكتيكية لاهداف بعيدة اخرى وان ما تم من تحرير لبعظها انما للتاكيد امام الشعب والعالم بانها اللاعب الاساس في الاحداث وان الحكومة العميلة ليست الا واجهة بلا اسس تنهار وتهرب عند الهزيمة المحتملة للمحتل وتسقط مصداقيتها حالما انسحابه ، وكذلك والاهم كسر معنويات جيش المحتل الذي يرى بام عينه مدنا لا تستكين لطوعه رغم قدراته التسليحية الهائلة.



كما وان عملية السيطرة على المدن هي اختبار للمقاومة وللشعب في كيفية ادارتها وتمرينا للمستقبل. كذلك كانت هذه العملية مناسبة لتنقية هذه المدن من العملاء والجواسيس الذين زرعوا من قبل الاحتلال وحلفاءه من القوى المتصهينة ان كانت كردية او فارسية او عربية في ارجاء المدن المقدسة هذا من ناحية، ومن الناحية الاخرى ان تحركات وتكتيكات الفعل الميداني للمقاومة لا اقول يرتهن وانما يراعي الاحداث في مناطق اخرى ومع قوى مقاومة اخرى مع الاسف لم تستطع لحد الان ان تخرج من قيودها الطائفية لاعتباراتها الخاصة ولقيود قاتلة اختارتها لنفسها بفعل تضارب وتنوع القوى داخلها وحتى صراعها في كيفية التعامل مع القضية الوطنية بدون فقدان هويتها التى نشات عليها،لا بل واقع الاحداث اثبت ان بعض اطراف هذه القوى لا يفصله عن اهداف القوى المتصهينة الا خيط رفيع. ولكن ما يحسب للمقاومة وبالذات عمودها الفقري بانها تطمح لجمع كل قوى الفعل المعادي للاحتلال وسلطته العميلة وتمد يد المساعدة للجميع وهي بهذا تمتلك رؤية علمية صائبة وهي بانها تخوض حرب تحرير وطني ليس الا ما دام المحتل جاثما على ارض الوطن وانها في سعيها هذا لا تقصي احدى رغم خطابه الممجوج احيانا. وما توحد بعض الفصائل قبل ايام الا تعبير عن ذلك.



من الجانب الاخر وكما هو معلوم هو استراتجية العدو بتفتيت الوطن الى كانتونات طائفية وعرقية وكما ذكر انفا تردد احد اطراف المقاومة بسبب قيوده الطائفية قد يؤخر استراتيجية المدن المحررة لبعض الوقت. فنرى ان المدن التي خرجت عن طوع المحتل ترافقت مع انتفاض البصرة والنجف ومدن الجنوب والوسط الاخرى وتمت بشكل سريع فاجأ الجميع واثار تساؤلات عن سبب تاخر ذلك كل هذا الوقت...فكان الجواب اسرع بان برنامج المقاومة للتحرير ابعد من نظرة البعض .وهي انها تمنع السير او التورط في منطق العدو وسياسة الكانتونات الطائفية التي يحاول فرضها وحتى وان نجح في فرضها على احد الاطراف المتقاطعة معه. فهي لا تريد (مدنا سنية محررة فقط ) كما يريد العدو ومطبليه، وانما مدنا عراقية وبالتكافل مع اطراف اخرى وبسبب ظروف موضوعية قاهرة فرضها واقع الاحتلال وعصابات الغدر خلال عامين من عمر الاحتلال .



ومن هنا يمكن النظر لمدى حساسية وتعقد هذه السياسة والتي تتبعها المقاومة وهي على حق بذلك. فعراق موحد غير طائفي في جوهر العمل المقاوم هو صمام امان عراق المستقبل وسياسة النفس الطويل في هذا المضمار ليست الا تحصيل حاصل لهذه الاستراتيجية. لذا نرى الاعداء يقدمون ويؤخرون بجزراتهم وعصييهم امام الاطراف المترددة و المتقاطعة معهم لمنع هذا الهدف. ولكن منطق الاهداف والمصالح وتصاعد العمل المقاوم سيفشله. ومن يتردد اليوم سيجد نفسه مرغما على الاختيار بين الانتحار ان تمادى بنهجه او الانخراط بطريق الشرف وحصاد نعم التحرير وسيذكره التاريخ كمنقذا لطائفته ،ان سلمنا بقناعته قصرا، لا مساهما في نخر شرفها كما يفعل الاخرون.

انني لا اريد ان استبق الاحداث هنا ولكنني اقول ان معركة تحرير المدن لم تكن الا بداية كما معركة بغداد. فهي بدأت ايضا مع اخواتها المقدسات وتتصاعد ولكن ليس بالظرورة انها ستنجز اليوم او غدا ، فظروفها وضروراتها تحددها المقاومة وبالضربة القاضية حيث كل مدن العراق من زاخو وحتى كاظمة تتهيأ للحرية ان ليس اليوم فبعد حين ان شاء الله. ولمن يريد رؤية ذلك ليراقب مع اهلنا واحبتنا ظهور هلال رمضان ليرى الفعل القادم معه. وليتاكد ان عدوان العملاء على مدننا الطاهرة ليست الا لعبة انتخابية بلغها بوش للزج العينين المافون علاوي لرفع اسهمه والمقاومة ليست بمعرض تغيير الخطط والاستراتيجية من اجل ذلك. ولكن خططهم هل ستنجح؟ لا اعتقد ذلك فهذا قالته المقاومة وصدقت كما صدقت من قبل. وهي من يحدد زمان ومكان المنازلات.

شبكة البصرة

الجمعة 24 شعبان 1425 / 8 تشرين الاول 2004