المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل هناك وجه للمقارنة بين المقاومة الفيتنامية والمقاومة في العراق وفلسطين؟؟



الفرقاني
01-10-2004, 11:05 PM
هل هناك وجه للمقارنة بين المقاومة الفيتنامية والمقاومة في العراق وفلسطين؟؟

د. علاء أبو عامر: أستاذ العلاقات الدولية

01/10/2004

ربما تكون الحالة الأكثر شيوعاً والمعبرة عن وصف روح التحدي والإصرار على تحقيق الانتصار على العدو المغتصب للأرض والإنسان هي النموذج الفيتنامي، وعادة ما يستخدم لوصف حالة من الاحتلال الدموي تقابله حالة من المقاومة الباسلة التي تدمي هذا الاحتلال وتُصر على إذلاله ودحره خائباً. في الأشهر الأخيرة وبعد تنامي قوة المقاومة العراقية ضد الاحتلال الأمريكي وحلفائه أصبح الوضع في العراق يوصف بفيتنام جورج دبليو بوش.
بالتأكيد لا مجال للتشابه ولا مقارنة بين الحالتين العراقية والفيتنامية لا من حيث الزمان ولا من حيث المكان و ربما ما يصح في هذا الوصف هو المجازية فقط، وهو وصف للحالة وليس لتفاصيل الواقع.
فيتنام دولة وأمة كانت مقسمة بفعل الاستعمار الغربي الفرنسي والأمريكي إلى شطرين ( دولتان) شمالية شيوعية وجنوبية رأسمالية، وكانت فيتنام الشمالية تمثل قاعدة ارتكاز لعمل قوات جبهة التحرير الوطنية (الفيتكونغ)، ومن خلف فيتنام كانت تقف بلدان العالم الشيوعي وعلى رأسها العملاقان الصين والاتحاد السوفيتي ومن ورائهم كافة بلدان المعسكر الاشتراكي بالإضافة إلى العالم الثالث بدوله وشعوبه المناضلة.
وقد تعددت أشكال الدعم التي قُدمت للثوار الفيتناميين في حربهم التحررية ضد العدو الأمريكي، فاشتملت على العديد من المناحي مثل العتاد العسكري والدعم السياسي والإعلامي والغذائي واللوجستي والاستخباراتي....الخ.
وحدث ذاك الصراع في زمن الحرب الباردة وحمل في طياته بالإضافة إلى الجانب التحرري جانبا إيديولوجي، فقد حمل في طياته بشكل أو بآخر صورة من صور الصراع بين العقيدتين الشيوعية والرأسمالية.
أما في الحالة العراقية فهي في زمان غير ذاك الزمان ومكان غير ذاك المكان وثروات وإمكانيات غير ما يتوفر لدى فيتنام وشيع وطوائف ومعتقدات غير تلك التي كانت في فيتنام ... لا حليف ولا نصير للعراقيين سوى أجسادهم المسلحة بكل عزيمة وإباء وروح للتحدي والانتصار على الجبروت وأعوانه، في فيتنام كان العتاد يتدفق إلى المقاتلين من كل حدب وصوب، أما في العراق فحلف الأعداء هو الأكبر: دول وجيوش كثيرة جاءت من بلاد بعيدة لتقتل وتدمر وتنهب، وفي بلاد الجوار العراقي يخيم إما الصمت أو التخاذل أو التعاون السري والعلني مع المحتل ضد المقاومة وضد إرادة الشعب العراقي، فالأنظمة الحاكمة في المنطقة ترى أن من مصلحتها كي تستمر في الحكم أن تقف مع الُمحتل لأن انتصار المقاومة على الولايات المتحدة الأمريكية، الدولة التي تحمي تلك الأنظمة وتغذيها بوسائل القمع والجريمة لتنكل بشعوبها المتطلعة إلى الحرية والكرامة، يعني هزيمتها هي أيضا كونها منقادا وتابعا لهذا المحتل الأمريكي تأتمر بأمره وتنفذ مشيئته ...
إن أكثر الحالات تطابقا مع الحالة العراقية هي شقيقتها الحالة الفلسطينية، فالمقاومة في فلسطين هي أشبه ما تكون بالكتيبة المحاصرة التي تقاتل وتقاتل وترفض الاستسلام وتستغيث ولا من مغيث، فتستمر في القتال والقتال وحده أملاً في إجبار العدو على التراجع والانسحاب، هذا ما يحدث اليوم في غزة وفي نابلس وجنين وهو نفسه تقريباً ما يحدث في الفلوجة والرمادي وبعقوبة.
في الحالتين الفلسطينية والعراقية كل أعمال المقاومة تهدف إلى زعزعة جبهة العدو الداخلية وهز ثقته بنفسه، اعتقادا من القائمين على توجيه المقاومة أن عناصر الهزيمة تأتي من فعلها على الأرض في ظل غياب أي شكل من أشكال الدعم الخارجي.
في معركة الشعبين الفلسطيني والعراقي لا حلفاء إلا الشعوب المستضعفة من العرب والمسلمين وبعض دعاة السلام والحرية في هذا العالم..الحالتان الفلسطينية والعراقية هما حالتان فريدتان من نوعهما ولا مكان لفيتنام في وسطهما، ففيتنام بعيدة جداً عن هذين النموذجين، وإن تشابها معها في البطولة والفداء والتضحية واسم العدو الذي هو دائما (أمريكا) عدوة الشعوب وعدوة الحرية.