الفرقاني
01-10-2004, 01:41 AM
بصمات استخبارية وراء عملية اختطاف الإيطاليتين؟
خدمة العصر
30/09/2004
عندما سقطت بغداد، قررت سيمونا توريتا البقاء مجددا في العراق لمواصلة عملها الاجتماعي، الذي بدأته في العام 1996 عندما زارت العراق أول مرة مع منظمتها غير الحكومية المناهضة للعقوبات "جسر إلى بغداد"، لكن هذه المرة من أجل إيصال الأدوية والماء إلى العراقيين، الذين يعانون تحت نير الاحتلال. وحتى بعد أن بدأ رجال المقاومة يجعلون من الأجانب أهدافا لهم، وبعد أن هرب معظم المراسلين الأجانب والعاملين في تقديم الخدمات "الإنسانية"، عادت توريتا من جديد.
اليوم تدور علامات الاستفهام حول الجهة التي تقف وراء اختطاف توريتا مع رفيقتها الإيطالية، العاملة في تقديم الخدمات الإنسانية سيمونا باري ومساعديهما العراقيين رعد علي عبد العزيز ومهناز بسام. فلقد اختطف الأربعة، من حوالي ثلاثة أسابيع، تحت تهديد السلاح من مكتبهم في بغداد ولم يعرف عنهم شيء منذ ذلك الحين إلى أن تم إطلاق سراحهم أمس. وثار جدال سياسي حول هذا الحادث.
إذ إن المدافعين عن الحرب يستغلونه لإظهار دعاة السلام على أنهم سذج يدعمون مقاومة، ردها على التضامن العالمي يتمثل في عمليات اختطاف وقطع رؤوس، في حين يلمح عدد متزايد من القادة الإسلاميين إلى أن الهجوم على "جسر إلى بغداد" لم يكن عملاً من صنع "المجاهدين"، وإنما قامت به وكالات استخبارات أجنبية، تريد تقويض المقاومة العراقية.
لا يوجد شيء في هذا الاختطاف يندرج في إطار نموذج عمليات الاختطاف الأخرى، التي كانت بغالبيتها هجمات فجائية في لحظات خطيرة في الطريق. لكن توريتا وزملاءها تم اصطيادهم في مكتبهم بدم بارد. وبينما يخفي المقاومون هوياتهم عادة ويغطون وجوههم بالكوفيات، كان هؤلاء المختطفين مكشوفي الوجوه وحليقي الذقون وكان بعضهم يرتدي بزات رجال أعمال وكانوا ينادون أحد المهاجمين بالسيد. وفي حين كانت غالبية ضحايا الاختطاف من الرجال، فإن ثلاثة من هؤلاء هم من النساء.
كما يقول الشهود إن الرجال المسلحين حققوا مع طاقم المكتب حتى تعرفوا على سيمونا الأولى والثانية بالاسم وأنهم امسكوا مهناز بسام، المرأة العراقية، من خمارها وسحبوها. وهذا انتهاك ديني مدهش في هجوم من المفترض أنه يقوم به "مجاهدون". لكن الأمر الأكثر غرابة في العملية تمثل في نطاقها، ففي مكان المقاومين الثلاثة أو الأربعة المعتادين، وصل عشرون رجلاً مسلحا إلى المكتب!.
وفي وضح النهار، وبدون أن يأبهوا على ما يبدو لمسألة تعرف الناس على هوياتهم، ولقد جرت العملية على بعد بضع حارات من المنطقة الخضراء المحروسة جيدا بدون تدخل من جانب الشرطة العراقية أو العسكريين الأمريكيين، على الرغم من أن مجلة "نيوزويك" ذكرت أنه بعد حوالي 15 دقيقة مرت قافلة من سيارات "همفي" أمريكية على بعد أقل من حارة واحدة فقط من مكان الاختطاف.
وبالنسبة للأسلحة، كان لدى المهاجمين رشاشات آلية وبنادق آلية أيضا ومسدسات كاتمة للصوت وأسلحة تشل الإنسان عن الحركة، وذلك بعيداً عن نموذج رشاشات الكلاشنكوف التقليدية، والأكثر غرابة هي أن بعض الشهود أفاد أن عدداً من المهاجمين كان يستخدم زي رجال الحرس الوطني العراقي وعرفوا أنفسهم بأنهم من مستخدمي رئيس الوزراء العراقي المؤقت إياد علاوي. وقد نفى ناطق باسم الحكومة العراقية تورط مكتب اياد علاوي في عملية الاختطاف. لكن صباح كاظم، الناطق باسم وزارة الداخلية العراقية، صرح بأن الخاطفين "كانوا يرتدون زياً رسمياً وسترات واقية من الرصاص".
وعلى هذا الأساس، يبرز السؤال التالي: هل المقاومة هي التي ارتكبت الاختطاف أم أنها عملية بوليسية مغطاة؟. فمن يستطيع ارتكاب عملية منسقة بهذا القدر، ومن يمكن أن يستفيد من هجوم ضد منظمة سلمية غير حكومية؟
بدأت وسائل الإعلام الايطالية، مؤخراً، تتحدث حول رد محتمل على جميع الأسئلة السابقة. فلقد قال الشيخ عبد السلام الكبيسي، عضو هيئة العلماء في العراق للمراسلين في بغداد أن توريتا وباري زارتاه ذات يوم قبل عملية الاختطاف. وأضاف الشيخ: "لقد كانتا خائفتين، وقالتا لي إن البعض كان يهددهما". وعندما سئل حول من يقف باعتقاده وراء هذه التهديدات، أجاب: "إننا نشك بجهاز استخبارات أجنبي معين".
أما تحميل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي ايه" أو عملاء "الموساد" مسئولية هجمات من هذا النوع، فإنه حديث متداول بقوة في شوارع بغداد، لكن أن يأتي ذلك من الكبيسي، فهو تأكيد يتمتع بثقل غير عادي، ذلك أن الرجل له صلات مع طيف واسع من جماعات المقاومة ولقد تفاوض على تحرير عدة رهائن.
وتأكيدات الكبيسي منشورة على نطاق واسع في وسائل الإعلام العربية وكذلك في ايطاليا، لكنها غائبة عن وسائل الإعلام الناطقة باللغة الانجليزية. فالصحافيون الغربيون يرفضون الحديث حول جواسيس خوفا من أن يوسموا بأنهم من منظري المؤامرة. لكن الجواسيس والعمليات غير المغطاة لا تعد تآمرا في العراق، بل هي واقع يومي. وبحسب جيمس بيفيت، نائب مدير عمليات الـ"سي آي ايه"، فإن "بغداد هي المكان الذي فيه أكبر قاعدة للـ"سي آي ايه" منذ الحرب الفيتنامية" وتضم من 500 إلى 600 عميلا.
ورئيس الوزراء العراقي المؤقت إياد علاوي له باع طويل في هذا الميدان استغرق أكثر مراحل حياته، فقد عمل مع جهاز الاستخبارات البريطاني "أم 16" ومع الـ"سي آي ايه" والمخابرات العراقية، حيث تخصص بإزاحة أعداء النظام.
لقد عارض أعضاء "جسر إلى بغداد" النظام الاحتلالي، وفي أبريل، أثناء حصار الفلوجة، نسقوا بعثات إنسانية خطرة للغاية، إذ أغلقت القوات الأ مريكية الطريق إلى الفلوجة، وأخرجت وسائل الإعلام، فيما كانت تعد العدة لمعاقبة المدينة بأسرها على قتل أربعة أمريكيين من المرتزقة العاملين في شركة "بلاك ووتر".
وفي شهر أغسطس الماضي، عندما حاصرت قوات المارينز مدينة النجف، ذهب أعضاء من "جسر إلى بغداد" مجدداً إلى حيث لا تريد قوات الاحتلال شهودا. وقبل يوم واحد من اختطافهما، قالت توريتا وباري للكبيسي إنهما كانتا تخططان لمهمة خطيرة للغاية في الفلوجة. وبعد أيام على اختطافهما، اجتازت المطالبات بتحريرهما جميع الحدود الجغرافية والدينية والثقافية.
خدمة العصر
30/09/2004
عندما سقطت بغداد، قررت سيمونا توريتا البقاء مجددا في العراق لمواصلة عملها الاجتماعي، الذي بدأته في العام 1996 عندما زارت العراق أول مرة مع منظمتها غير الحكومية المناهضة للعقوبات "جسر إلى بغداد"، لكن هذه المرة من أجل إيصال الأدوية والماء إلى العراقيين، الذين يعانون تحت نير الاحتلال. وحتى بعد أن بدأ رجال المقاومة يجعلون من الأجانب أهدافا لهم، وبعد أن هرب معظم المراسلين الأجانب والعاملين في تقديم الخدمات "الإنسانية"، عادت توريتا من جديد.
اليوم تدور علامات الاستفهام حول الجهة التي تقف وراء اختطاف توريتا مع رفيقتها الإيطالية، العاملة في تقديم الخدمات الإنسانية سيمونا باري ومساعديهما العراقيين رعد علي عبد العزيز ومهناز بسام. فلقد اختطف الأربعة، من حوالي ثلاثة أسابيع، تحت تهديد السلاح من مكتبهم في بغداد ولم يعرف عنهم شيء منذ ذلك الحين إلى أن تم إطلاق سراحهم أمس. وثار جدال سياسي حول هذا الحادث.
إذ إن المدافعين عن الحرب يستغلونه لإظهار دعاة السلام على أنهم سذج يدعمون مقاومة، ردها على التضامن العالمي يتمثل في عمليات اختطاف وقطع رؤوس، في حين يلمح عدد متزايد من القادة الإسلاميين إلى أن الهجوم على "جسر إلى بغداد" لم يكن عملاً من صنع "المجاهدين"، وإنما قامت به وكالات استخبارات أجنبية، تريد تقويض المقاومة العراقية.
لا يوجد شيء في هذا الاختطاف يندرج في إطار نموذج عمليات الاختطاف الأخرى، التي كانت بغالبيتها هجمات فجائية في لحظات خطيرة في الطريق. لكن توريتا وزملاءها تم اصطيادهم في مكتبهم بدم بارد. وبينما يخفي المقاومون هوياتهم عادة ويغطون وجوههم بالكوفيات، كان هؤلاء المختطفين مكشوفي الوجوه وحليقي الذقون وكان بعضهم يرتدي بزات رجال أعمال وكانوا ينادون أحد المهاجمين بالسيد. وفي حين كانت غالبية ضحايا الاختطاف من الرجال، فإن ثلاثة من هؤلاء هم من النساء.
كما يقول الشهود إن الرجال المسلحين حققوا مع طاقم المكتب حتى تعرفوا على سيمونا الأولى والثانية بالاسم وأنهم امسكوا مهناز بسام، المرأة العراقية، من خمارها وسحبوها. وهذا انتهاك ديني مدهش في هجوم من المفترض أنه يقوم به "مجاهدون". لكن الأمر الأكثر غرابة في العملية تمثل في نطاقها، ففي مكان المقاومين الثلاثة أو الأربعة المعتادين، وصل عشرون رجلاً مسلحا إلى المكتب!.
وفي وضح النهار، وبدون أن يأبهوا على ما يبدو لمسألة تعرف الناس على هوياتهم، ولقد جرت العملية على بعد بضع حارات من المنطقة الخضراء المحروسة جيدا بدون تدخل من جانب الشرطة العراقية أو العسكريين الأمريكيين، على الرغم من أن مجلة "نيوزويك" ذكرت أنه بعد حوالي 15 دقيقة مرت قافلة من سيارات "همفي" أمريكية على بعد أقل من حارة واحدة فقط من مكان الاختطاف.
وبالنسبة للأسلحة، كان لدى المهاجمين رشاشات آلية وبنادق آلية أيضا ومسدسات كاتمة للصوت وأسلحة تشل الإنسان عن الحركة، وذلك بعيداً عن نموذج رشاشات الكلاشنكوف التقليدية، والأكثر غرابة هي أن بعض الشهود أفاد أن عدداً من المهاجمين كان يستخدم زي رجال الحرس الوطني العراقي وعرفوا أنفسهم بأنهم من مستخدمي رئيس الوزراء العراقي المؤقت إياد علاوي. وقد نفى ناطق باسم الحكومة العراقية تورط مكتب اياد علاوي في عملية الاختطاف. لكن صباح كاظم، الناطق باسم وزارة الداخلية العراقية، صرح بأن الخاطفين "كانوا يرتدون زياً رسمياً وسترات واقية من الرصاص".
وعلى هذا الأساس، يبرز السؤال التالي: هل المقاومة هي التي ارتكبت الاختطاف أم أنها عملية بوليسية مغطاة؟. فمن يستطيع ارتكاب عملية منسقة بهذا القدر، ومن يمكن أن يستفيد من هجوم ضد منظمة سلمية غير حكومية؟
بدأت وسائل الإعلام الايطالية، مؤخراً، تتحدث حول رد محتمل على جميع الأسئلة السابقة. فلقد قال الشيخ عبد السلام الكبيسي، عضو هيئة العلماء في العراق للمراسلين في بغداد أن توريتا وباري زارتاه ذات يوم قبل عملية الاختطاف. وأضاف الشيخ: "لقد كانتا خائفتين، وقالتا لي إن البعض كان يهددهما". وعندما سئل حول من يقف باعتقاده وراء هذه التهديدات، أجاب: "إننا نشك بجهاز استخبارات أجنبي معين".
أما تحميل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي ايه" أو عملاء "الموساد" مسئولية هجمات من هذا النوع، فإنه حديث متداول بقوة في شوارع بغداد، لكن أن يأتي ذلك من الكبيسي، فهو تأكيد يتمتع بثقل غير عادي، ذلك أن الرجل له صلات مع طيف واسع من جماعات المقاومة ولقد تفاوض على تحرير عدة رهائن.
وتأكيدات الكبيسي منشورة على نطاق واسع في وسائل الإعلام العربية وكذلك في ايطاليا، لكنها غائبة عن وسائل الإعلام الناطقة باللغة الانجليزية. فالصحافيون الغربيون يرفضون الحديث حول جواسيس خوفا من أن يوسموا بأنهم من منظري المؤامرة. لكن الجواسيس والعمليات غير المغطاة لا تعد تآمرا في العراق، بل هي واقع يومي. وبحسب جيمس بيفيت، نائب مدير عمليات الـ"سي آي ايه"، فإن "بغداد هي المكان الذي فيه أكبر قاعدة للـ"سي آي ايه" منذ الحرب الفيتنامية" وتضم من 500 إلى 600 عميلا.
ورئيس الوزراء العراقي المؤقت إياد علاوي له باع طويل في هذا الميدان استغرق أكثر مراحل حياته، فقد عمل مع جهاز الاستخبارات البريطاني "أم 16" ومع الـ"سي آي ايه" والمخابرات العراقية، حيث تخصص بإزاحة أعداء النظام.
لقد عارض أعضاء "جسر إلى بغداد" النظام الاحتلالي، وفي أبريل، أثناء حصار الفلوجة، نسقوا بعثات إنسانية خطرة للغاية، إذ أغلقت القوات الأ مريكية الطريق إلى الفلوجة، وأخرجت وسائل الإعلام، فيما كانت تعد العدة لمعاقبة المدينة بأسرها على قتل أربعة أمريكيين من المرتزقة العاملين في شركة "بلاك ووتر".
وفي شهر أغسطس الماضي، عندما حاصرت قوات المارينز مدينة النجف، ذهب أعضاء من "جسر إلى بغداد" مجدداً إلى حيث لا تريد قوات الاحتلال شهودا. وقبل يوم واحد من اختطافهما، قالت توريتا وباري للكبيسي إنهما كانتا تخططان لمهمة خطيرة للغاية في الفلوجة. وبعد أيام على اختطافهما، اجتازت المطالبات بتحريرهما جميع الحدود الجغرافية والدينية والثقافية.