المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل أكملت أميركا استعدادات الهروب من العراق ؟



القادم
29-09-2004, 08:47 AM
صلاح المختار
دورية العراق 28/9/2004

من ينظر الى ما يجري في العراق الان ، ويكون متحررا من خداع الفضائيات العربية لن يستطيع التحرر من انطباع طاغ سيستولي عليه فورا : ان الثورة العراقية المسلحة تقترب من لحظة الانتصار الحاسم وان قوات الاحتلال تنهار وتتداعى بسرعة مذهلة .

ففي اليوم الذي اضطر فيه الرئيس الامريكي جورج بوش لجلب اياد علاوي الى واشنطن (24/9/2004 ) لاستخدامه في استعراض هزلي واضح ، يقدم في شارع المسارح ذو الرقم 42 في نيويورك ، قال فيه :
(اننا نتقدم ) ، كان وكيل وزارة الدفاع الامريكية يطلب من نظرائه الاتراك ، وعلى وجه السرعة ، اعادة نشر حوالي 50 طائرة مقاتلة من طراز f 16 في قاعدة انجرليك التركية الواقعة في الجنوب التركي ، اي في شمال العراق ! ولفهم مايكمن خلف هذا الطلب لابد من التذكير بان بوش كان قد طلب من تركيا اثناء حضوره قمة حلف الاطلسي مؤخرا السماح بجلب قوات امريكية اضافية الى نفس القاعدة ، وقلنا وقتها في مقال منشور في البصرة ودورية العراق وغيرها، تحت عنوان (هل ستدخل حرب تحرير العراق مرحلتها الرابعة ؟ ) بتاريخ 26/6/2004 ان ذلك الطلب هو تمهيد طبيعي للانسحاب الامريكي من العراق والتمركز في قاعدة انجرليك والاردن والكويت في محاولة للتاثير في تطور الاحداث في العراق المحرر ، وبنفس الوقت (24/9/2004 ) كان دونالد رامزفيلد وزير الدفاع يقول ، وبالفم المليان، ان بلاده ستسحب قواتها تدريجيا من العراق وتسلم الامن فيه الى الجيش الجديد واعترف بان الامن لن يحل بالعراق وان عدم الاستقرار سيستمر ، اي المقاومة لن تتوقف ، رغم ان مسؤول امريكي اخر قال ، وايضا في نفس اليوم ، ان اعداد الكمية المطلوبة من الجيش الجديد لن تتم قبل نهاية العام 2005 القادم ! ما الحكاية ؟ ولم هذا الاستعجال والتناقض في المواقف والتصريحات الامريكية ؟ الا يعني الانسحاب الامريكي قبل اكمال اعداد الجيش العميل ( والذي لن ينشا ابدا لوجود الجيش الشرعي الوطني الذي يشكل القوة الضاربة في المقاومة ) ان امريكا ستهرب من العراق قريبا ، بل قريبا جدا ؟

للتذكير فقط

ان حل هذه الألغاز (الهوليودية) يتطلب تذكر وملاحظة عدة أحداث خطيرة تقع في العراق منذ نيسان الماضي لكنها وصلت ألان مرحلة لم تعد امريكا فيها قادرة على اخفاء تألمها الشديد في لعبة (عض الاصابع) مع المقاومة العراقية المسلحة واقترابها من لحظة اطلاق الصراخ تألما ، في حين أن المقاومة ما زالت تشوي سمكة (الجري ) اللعينة على حرارة عملياتها الساخنة والهادئة التي وصلت كل شبر في العراق ! في توقيت مأزوم صدر تقرير من المخابرات الامريكية يقول ان هناك احتمال لانتشار الفوضى في العراق وتقسيمه ، واخذ رجالات امريكا و(احتياطيها المضموم ) من العرب يصرحون ويحللون منطلقين من فكرة ان تقسيم العراق اصبح ممكنا ، وكان ابرز ما لفت الانتباه هو ما قاله اقدم المتعاملين الاحياء ( منذ الحرب الكورية ) مع المخابرات الامريكية محمد حسنين هيكل عبر قناة الجزيرة ، من ان تقسيم العراق اصبح احتمالا قائما بعد انتشار ( الفوضى ) فيه ! لقد اخرج هذا الديناصور الامريكي ، الذي تخفى لزمن برداء عبدالناصر ، ليدس السم بالعسل وهو يتحدث عن الثورة والمقاومة في العراق ، فيصدر ( فتوى ) بضرورة التعاون مع الاحتلال ويقدم للنهج السيستاني المتعاون مع الاحتلال غطاء عربيا يذكر البعض بقومية ووطنية عبدالناصر ليكون بطاقة مرور وامرار مزورة !!! الم نقل انتبهوا للنواجذ (جمع خلد ) النائمة ؟

الثورة ، بالنسبة لهيكل ، اصبحت (فوضى) والتعاون مع الاحتلال اصبح اجتهادا يفتح الباب لضرورته ! ولا يريد رامزفيلد تركنا فيزعق: الانتخابات في العراق ستكون محدودة ، يرد عليه المصارع ارميتاج نائب وزير الخارجية الامريكية محشرجا :كلا ستجري الانتخابات على نطاق واسع ! ويكمل غموض الالغاز الرئيس بوش حينما يعترف مضطرا ان امريكا تواجه مشاكل جدية وخطيرة في العراق ، بعد ان كان يصر على القول ان فرعا لهولي وود سيفتح في العراق لاجل انتاج افلام اثارة تطرد الافلام الهندية من سوقه لان (الديمقراطية) في العراق ازدهرت واصبح ضروريا امتاع العراقيين !

هل حلت الالغاز ؟ كلا لقد ازدادت تعقيدا ! مرة اخرى: ما الحكاية ؟ لماذا هذا الاضطراب والتخبط الامريكي ؟ ولماذا جاءت امريكا بالديناصور المسمى هيكل لينضم الى اولاده من مارينز الاعلام العرب الذين تخصصوا ب (شيطنة البعث ) والقيادة العراقية ؟ ومما زاد اذى هذا التخبط الاعلانات المتناقضة حول اطلاق سراح اسرى عراقيين مثل المجاهدة الدكتورة هدى صالح مهدي عماش والعالمة رحاب ، ففي حين يصرح وزير عدل الحكومة العميلة في بغداد انها ستطلق سراح بعض الاسيرات العراقيات وترحب اوساط بريطانية وامريكية بذلك يتعالى صوت وزير خارجية بريطانيا امرا محذرا : كلا لن نساوم مع ( المخربين ) ، ويردد صداه الصوت ( الجميل) لاياد علاوي وهو يقول : لن نطلق سراح احد ! وهنا طرح سؤال مهم : لماذا الحديث لاول مرة عن تبادل اسرى بين المقاومة وقوات الاحتلال ؟ هل هو لجس النبض ؟ ام للتمهيد لخطوات كبرى ؟ واقترن ذلك باعلان ليس ثمة اغرب منه بالنسبة لمن لم يلاحظ حقيقة ما يجري ، اذ ان كولن باول اصبح ناطقا رسميا وليس وزير خارجية من كثرة ما اخذ يطلقه من تصريحات ، ومن اهم ما قاله اعلانه فجاة ان من حق الرئيس صدام حسين ان يرشح نفسه في الانتخابات القادمة في العراق ، هذا التصريح ، الذي يصرخ ويصيح ، غريب جدا لان امريكا سبق واعلنت ان حزب البعث لن يسمح له بالمشاركة في اي انتخابات الا بعد عشر سنوات من العزل الاجباري ، وبعد ان يغير هويته ويصبح قطا وديعا ليس له صلة بمضمون اسمه الشهير والمشرف : البعث العربي ! لماذا هذا التغيير الامريكي بنسبة 180 درجة رغم ان البعث قد اكد مرة اخرى ، واخرى ، انه سيتمسك بهويته القومية وسينتزع تحرير العراق بفوهات بنادق المجاهدين ؟ ! وفي نفس اليوم رد مسؤول امريكي، بغضب واضح ، على ما اكده اياد علاوي من ان محاكمة الرئيس صدام حسين ستجري في تشرين الاول /اكتوبر القادم ، قائلا ان من غير الممكن اجراء المحاكمة في هذا الوقت المبكر ! ويزداد الامر غموضا حينما تسرب المخابرات الامريكية معلومة تكمل ما قاله باول وتتضمن فكرة ان من المحتمل ان ينفى الرئيس صدام حسين الى سويسرا او النمسا اذا اراد ذلك ! ما هذا الكرم والتسامح بعد ان سلم قائد الثورة المسلحة الاسير الى ايدي الجلادين لاعدامه ؟

اتوقف عند هذا الحد من غرائب (هوليود) ونعود للسؤال المهم : ما الحكاية ؟ ماذا يجري في العراق ولا يعلمه العالم ويجبر امريكا على لحس اقوالها وتعهداتها بتغيير هوية العراق عن طريق اجتثاث البعث منه وزرع العبرية بدل العربية ؟ من اراد الجواب الصحيح والواضح عليه ان يعرف ماذا حدث في الكرخ وتحديدا في شارع حيفا منه ؟ فما حدث هناك هو انموذج معبر عما يحدث في كل العراق . ففي الكرخ نجح المقاومون ليس فقط في دحر الاحتلال ومنعه من دخول ازقة الكرخ ، مثل بقايا محلة سوق حمادة (التي ازيلت في السبعينيات لانشاء شارع حيفا وهناك اكتسبت هويتي البعثية ) ومحلات الشيخ علي وست نفيسة وخضر الياس (حيث كان القائد الاسير صدام حسين يعيش في بيت خاله المرحوم خير الله طلفاح ) والتكارتة والدوريين والفحامة والرحمانية وسوق الجديد وغيرها ، بل ان المقاومين طاردوا القوات الامريكية ودفعوها الى الخلف واخرجوها من شارع حيفا ، وتقدموا نحو المنطقة الخضراء والدروع الامريكية تحترق وتدمر ، وعشرات الشهداء من منتسبي الجيش الوطني والحرس الجمهوري وفدائيي صدام ومقاتلي البعث والمجاهدين الابطال من الاسلاميين يتساقطون شهداء وهم يتقدمون ومدفعيتهم الثقيلة تقصف القصر الجمهوري المحتل بلا هوادة . وحينما لجأ الاحتلال الى استخدام القناصة الامريكيين ، الذين انزلوا بطائرات الهليوكوبتر فوق اسطح العمارات ، لايقاف زحف قوات المقاومة تصدى لهم قناصة الحرس الجمهوري وقوى الامن الداخلي الوطنية (البعثية ) وصفوا قناصة امريكا في ملحمة خالدة سيسطرها التاريخ بمداد من نور . لقد هرب الامريكيون من شارع حيفا وهم لا يعلمون كيف استطاع شباب العراق الحاق هذه الهزيمة الشنعاء بهم ؟ وبقيت قوات المقاومة والتحرير مسيطرة على الكرخ كما اخبرني سكنة من شارع حيفا بانفسهم .

هذه الملحمة التاريخية اقترنت بملاحم بالعشرات من الموصل حتى البصرة ، وكانت وحدة الاوامر ووحدة التوجيه والتنسيق العسكري والاداري على مستوى العراق اكثر ما بث الذعر في نفوس قادة الجيش الامريكي في العراق الذين عجزوا عن تفسير ما يحدث ردا على تساؤلات الادارة الامريكية . وكانت اللطمة الاخرى القاسية جدا لقوات الاحتلال هي اكتشافها ان المقاومة قد رسخت بناء تنظيماتها في البصرة ( وكانت هي المدينة الوحيدة التي تاخر بناء التنظيم فيها ) وامسكت بزمام المبادرة بقوة هناك وشرعت بتصفية الخونة والغرباء وقصف القوات البريطانية وغيرها بكثافة اعادت البصرة الى ايام الغزو الاولى ولكن هذه المرة من يقصف هو جيش الشعب العراقي وليس قوات الغزو ، وكانت البصرة هي الملاذ الاخير للاحزاب العميلة للاحتلال ، لذلك فان عودة المقاومة للظهور الكامل والمنظم والمهاجم في البصرة كانت الخطوة الاخيرة في عملية استكمال بناء قاعدة الثورة المسلحة في كل العراق تمهيدا للنصر الحاسم ، وهكذا اصبحت المقاومة الوطنية جاهزة لاستلام السلطة في اللحظة التي ينهار فيها الاحتلال ويهرب من العراق دون وجود عوائق كبيرة.

اهم التحولات العظمى

لنلخص اهم ما تبلور وتحقق على ارض الواقع كي ندرك حقيقة ما يجري .

ان من اهم ما يجري هو تكريس وتعميم استخدام الصواريخ الستراتيجية في المعارك الاخير واهمها صواريخ غراد وطارق(عزيز فك الله اسره ) ورعد ، والتي يبلغ طول كل منها حوالي الستة امتار ، و(ارغن ستالين) ، الذي يطلق بضغطة واحدة عشرات الصواريخ .ان مجرد دخول هذه الصواريخ المعركة يقدم صورة واضحة للمستوى الذي وصلته حرب تحرير العراق ، فهذه الصواريخ لا يمكن استخدامها الا اذا كانت المقاومة قد حررت مدن ومناطق واصبحت امنة كي تستطيع تحريك واستخدام هكذا صواريخ ضخمة فيها انظمة رادار ولا يمكن اخفائها , كما ان هذا التحول يعني ان الثورة المسلحة قد دخلت مرحلة متقدمة جدا تمنع فيها قوات الاحتلال من الامساك بالارض والتحكم الحر فيها كما يحصل في المراحل الاولى للاحتلال .

اما التحول الثاني المهم فهو تطوير وتحسين عملية شن هجمات كبيرة ( بين 80 -150هجوم يوميا ) يشارك في كل منها من 50-80 جندي وضابط ومجاهد وتتصف بانها منسقة جدا على مستوى القطر بطريقة تجعل الاحتلال عاجزا عن الرد في كل المناطق المشتعلة ، فلقد اصبحت الهجمات تشن باعداد كبيرة وبشكل متزامن يشمل عشرات المدن والاحياء مما يجعل مستحيلا على الاحتلال الرد المتزامن على كل الهجمات ، ومن ثم تتعزز قبضة الثورة على المناطق المحررة ويصفى الخونة المتعاملون مع الاحتلال ، ويتسع جيش التحرير . يضاف الى ذلك شن هجمات اصغر يقوم بها فرد واحد او اثنين او ثلاثة وهذه العمليات لا يمكن احصاءها لكثرتها .

والتحول الثالث هو تحييد اكثر من 80% من قوات الشرطة والجيش العميلين والتحاق عناصر كثيرة منها بصفوف الثورة فتحولت الى مجرد اجهزة تضم من تبقى من فلول حزب الدعوة والمجلس الاعلى والبيشمركة ، وبذلك قلصت مخاطر وجود امكانية لسيطرة هؤلاء على جزء مهم من العراق عند هروب الاحتلال واصبحت مسالة تحييد من تبقى منهم مسالة وقت لا غير ، وهذا التطور خطير ومهم لان الصهيونية الامريكية اعتمدت في خطتها لتقسيم العراق على دور هؤلاء ، ولذلك فان تحييد قوتهم الرئيسية يعد انجازا عظيما على طريق حرمان الاحتلال من فرص تقسيم العراق .

وياتي التحول الرابع كتحصيل حاصل لما سبقه ، فلقد انتشرت الفوضى شبه التامة في صفوف قوات الاحتلال والرسميين الامريكيين وليس ادل على ذلك من تناقض التصريحات والمواقف ، ومن المعروف ان زرع الفوضى في صفوف قوات الاحتلال هي من مقدمات الانهيار النهائي للاحتلال وهروبه من البلد المحتل، ولكن نشر الفوضى هذا لا يعني افلات الوضع من يد المقاومة فالعكس هو الصحيح لانها عززت قبضتها على العراق كله ، وكانت صرخات الاستنجاد التي اطلقها علاوي في لندن وواشنطن (اذا انتصر الارهاب في العراق فسيلحق الضرر بكل العالم ) ، تعبيرا عن ازمة وصول امريكا وبريطانيا الى مرحلة الخطر الذي لا يحتمل ، فبدلا من ان ( يبشر ) الكونغرس الامريكي بقرب النصر اقتصرت لهجته المبحوحة على طلب النجدة والا فان الخراب سيعم العالم اذا انتصرت المقاومة !

اما التحول الخامس المهم فهو تبلور حصانة كاملة لدى الشعب العراقي ضد الخوف من الاسلحة المتطورة التي تستخدم ضده والرد عليها بالعمليات المسلحة وبالصلوات والتكبير باسم العلي القدير من مأذن المساجد فتحل السكينة في النفوس ، فاسقط اهم ما في الاسلحة المتطورة وهو القدرة على بث الرعب في بعض النفوس . ان اطفال العراق في ، الفلوجة ومدينة صدام مثلا ، وليس رجاله ونساءه فقط ، اصبحوا يتفرجون على سقوط القنابل العنقودية وكانهم يتفرجون على العاب نارية ! وهذا يعني ان الثورة المسلحة قد اسقطت المفعول النفسي لواحد من اهم اسلحة الدمار الكامل .

والتحول السادس هو ان الطرقات الرئيسية التي كان الاحتلال يستخدمها بامن نسبي لمهاجمة الثوار قد اصبحت كلها بالغة الخطورة ، الامر الذي دفعه لزيادة عدد الدروع والارتال التي تمر في تلك الطرقات ، وهكذا قدم الاحتلال للمقاومة فرصا اكبر وافضل لاصطياد الدروع والدبابات ومضاعفة الخسائر البشرية في صفوفه .

والتحول السابع والمهم جدا هو انهيار وتفكك الاحزاب العميلة وهروب اغلب كوادرها الى خارج العراق او تخفيها عن اعين مخابرات المقاومة والشعب العراقي الذي يبحث عنها لمعاقبتها على جرائمها ضده ، واذا ربطنا ذلك بالانجاز الاخر وهو ان جيش المرتزقة المؤلف من اكثر من مائة الف مرتزق قد اخذ يتبخر نتيجة عمليات المقاومة ضده ، اصبح من السهل ملاحظة ان الاحتلال اخذ يفتقر الى الدرع البشري الذي كان يحميه ويقوم بالكثير من المهام القذرة نيابة عنه ، ولذلك كثرت واجباته القتالية وتشعبت ، ودخل جنوب العراق ضمن واجباته القتالية رغم انه كان مسؤولية القوات الحليفة واصبح الجيش الامريكي يتعرض للموت في كل خطوة يخطوها على ارض القداسة من الموصل حتى البصرة بدل تقلص هذه الواجبات كما وعدت ادارة بوش .

والتحول الثامن هو احكام القبضة على اغلب طرق مواصلات العراق الرئيسية وما ترتب على ذلك من حرمان الاحتلال من القسم الاكبر من امداداته العسكرية والمدنية ، والاستفادة التامة من هذه الامدادات لتمويل المقاومة الوطنية الامر الذي وفر لها مصدر تمويل غني جدا لن ينتهي الا بانتهاء الغزو وبذلك حلت واحدة من اهم مشاكل المقاومة.

ورغم الاهمية العظمى لهذه التحولات ، التي تبلورت الان وكان بعضها قد اخذ في الظهور منذ شهور ، فان التحول الاعظم والانجاز الاكبر للمقاومة هو النجاح التام في احباط كافة مخططات الاحتلال واعوانه لشقها واحتوائها عبروسائل متعددة مثل استغلال بعض الاشخاص الذين كانت لهم صلة بالبعث في زمن ما ورجال العشائر والدين وتشكيل احزاب او مؤتمرات تدعي مناهضة الاحتلال ودعم المقاومة لكنها تشكك بالقوة الاساسية التي تقودها ( البعث ) وتحاول تشويه صورتها بلصق صفة الديكتاتورية والقتل بها...الخ من مفردات الة الدعاية الصهيوامريكية المخزونة في الخطة المسماة (شيطنة البعث ) ، التي اعتقد الاحتلال انها ستساعد على خداع بعض الناس وتجعلهم يبتعدون عن المقاومة ويدعمون العناصر المشبوهة ، او ان ذلك سيدفع بعناصر من المقاومة الى الانشقاق ، وبذلك تسهل عملية اختراقها ، هذا المخطط سقط نهائيا ، والى الابد ، بتعزيز وحدة المقاومة وتاكيد الانضباط العالي لكافة فصائلها واعتراف الجميع بان القوة الاساسية القائدة والضاربة في المقاومة هي البعث والتشكيلات القتالية التي يعتمد عليها كالحرس الجمهوري والجيش وفدائيي صدام وقوات الامن القومي وكتائب المجاهدين من خريجي الدورات الايمانية التي اقامها الرئيس واشرف عليها المجاهد عزت الدوري . اما التنظيمات الاخرى داخل المقاومة فهي تنظيمات شقيقة وحليفة للبعث وتربط بينها علائق مبدأية وستراتيجية ستكون قاعدة بناء (جمهورية العراق الثانية ) بعد التحرير ، والتي ستكون متحررة من ارث الصراعات السابقة التي طغت اثناء الجمهورية الاولى (1958-2003).

وعلى الصعيد العالمي نجحت المقاومة في كسر الطوق الذي فرض عليها واصبح صوتها عاليا بما يكفي كي يسمعه العالم ، وقد تجلى ذلك في بروز تيار مناهض للحرب حتى داخل الحزب الجمهوري الحاكم في امريكا واصبحت الحرب على العراق احدى اهم القضايا الداخلية الامريكية والبريطانية ، اضافة لتعاطف الراي العام العالمي مع المقاومة ورفض الاغلبية الساحقة من حكومات العالم ارسال قوات الى العراق وتقلص عدد الدول التي لها قوات في العراق . ويمكن القول ان اوضح تعبير عن الرفض العالمي لسياسة بوش هو ما قاله واحد من اكثر داعميه في الحرب ضد الشعوب الحرة وهو برويز مشرف الرئيس الباكستاني الذي قال امام الجمعية العامة للامم المتحدة : ان الحرب على الارهاب قد جعلت العالم اكثر خطورة !

واخيرا وليس اخرا لابد من الاشارة الى ان الولايات المتحدة الامريكية قد تيقنت ان الشهور القادمة ستشهد تصعيدا هائلا للمقاومة لم يسبق له مثيل وسيكون هدفه اجبار قوات الاحتلال على الاشتباك مع جيش المقاومة في معارك ضخمة ومتعددة ، وذلك وضع خطير لا تستطيع امريكا تحمله،لانه يقود الى انهيار شامل وفوري تصعب السيطرة عليه ، لذلك قررت ان تقدم موعد الانسحاب التقريبي الاول من العراق والذي قام على اساس ان تنتظر ادارة بوش تطور الاوضاع لتحديد الموعد المضبوط . الان والثورة العراقية المسلحة تقترب من دخول المرحلة الخامسة ، وهي مرحلة طرد الاحتلال ، نجد ان رامزفيلد وباول وبوش يتبادلون ادوار الاضطراب والعجز عن ادراك ماذا يجب ان يفعل ازاء ما يحدث . هل عرفنا الان لم اصبحنا نشاهد فيلما من (هوليود) لكنه سيئ التاليف والاخراج و لا يختلف كثيرا عن اي فيلم هندي ؟!

ابو ياسه
29-09-2004, 09:18 AM
شكرا اخي القادم على نقل هذا التحليل الرائع للاستاذ الوفي صلاح المختار.
ولا كلام بعد كلامه ولكن ناكيدا على ماقال من هروب معظم من جاء مع الاحتلال فان القدس العربي قالت ان كوندليزا الربيعي مستشار الست ورقات واحد اقطاب الحثالات التي جائت مع الصهاينه قد غادر العراق الى جهنم وبئس المصير.

وفي الخبر ايضا وصف لحال العراق المأساوي اليوم اهديه لكل من تطاول على الرئيس صدام وطبل للاحتلال الصهيوني .

"موفق الربيعي يهرب من العراق خوفا علي حياته: انا مستشار للامن القومي.. ولا يوجد امن
2004/09/27

انهيار امني كامل ومطاعم مهجورة واطفال لعائلات محترمة يبحثون عن الطعام في المزابل
لندن ـ القدس العربي :
قال مستشار رئيس الحكومة العراقية المؤقتة السابق لشؤون الامن القومي موفق الربيعي، ان حياته في خطر شديد وانه سيخرج من بغداد، حفاظا علي حياته.
ونقلت عنه صحافية في تقرير لها من بغداد نشرته صحيفة ميل اون صاندي قوله ان الوضع الامني خطير والتهديدات التي لم تنقطع له ولعائلته تجعله يخطط للهرب، ان لم يكن غادر العراق فعلا.
وقالت الصحيفة ان الربيعي اتصل مع الصحافية باربرة جونز عبر البريد الالكتروني وطلب منها مقابلته في بغداد حال وصولها بعد طلب منها لاجراء مقابلة معه عن الوضع الامني في العراق.
ولكن يوم السبت الماضي لم يكن الربيعي سعيدا، حيث كان يخطط للهرب من العراق، فالتهديدات المتكررة، وعمليات الاختطاف، وغياب الامن في الشارع العراقي اثرت في عمق الربيعي، وعبر هاتف نقال قال للصحافية ليس من الحكمة التحادث عبر الهاتف، انا آسف، انا اسف، سأغادر بغداد، والعراق، انا مستشار الحكومة لشؤون الامن القومي، ولكن عن اي شيء اقدم لها النصيحة .
واضاف الربيعي قائلا اذا اردت الحديث عن ازمة خطف الرهائن، فعليك التحدث مع الخاطفين اما انا فلا.. تريدين مقابلة الخاطفين، فسأخبرك عن مكانهم ولكن الوضع خطير، فذهابك الي مسجدهم بسيارة امريكية يعني الموت المحتوم، انا آسف لا استطيع مواصلة الحديث .
وتقول الصحافية جونز ان الربيعي الذي كان عضوا في مجلس الحكم، تحول الي ضحية للوضع الامني، ويريد الهرب من بغداد في اكبر دليل علي الطريقة التي انهار فيها الوضع الامني في العراق، واصبحت البلاد كلها منطقة للخارجين علي القانون، بدون حكومة مركزية. وكان اياد علاوي اكد في واشنطن ونيويورك ولندن ان الوضع الامني في العراق جيد، وحكومته قادرة علي اجراء انتخابات في 15 منطقة انتخابية من 18 منطقة. وتصف الصحافية حالة الانهيار التي وصلت اليها بغداد في الاسبوع الماضي، حيث اصبح شارع حيفا في يد المقاومة، فيما تسيطر جماعات مؤيدة لمقتدي الصدر علي مدينة الصدر في بغداد.
وتسود بغداد حالة من الرعب اكبر مما كانت عليه اثناء الغزو الامريكي وانهيار نظام الرئيس السابق.
وتنتشر فيها مظاهر الجوع والموت بين السكان، حيث ينتشر اطفال شبه عراة يبحثون في المزابل والنفايات عن بقايا طعام، وهؤلاء الاطفال ليسوا من المشردين بل ارسلتهم عائلاتهم المحترمة للبحث عن بقايا فتات يقيم الاود. وقال احد المشاة ان رؤساء الاحياء يشترون النفايات في الاحياء الراقية من اجل اعادة انتاج ما بقي فيها من طعام.
ومع الانهيار الامني، تتفاقم مشاكل البطالة عن العمل، واصبح البحث عن عمل خاصة في دوائر الشرطة مجالا للمخاطرة.
وتقول انه خلال الاشهر التالية للاحتلال، كانت المطاعم، لا تزال تقدم انواعا مختلفة من الوجبات علي انغام موسيقي الغرب في الثلاثينات والاربعينات من القرن الماضي، اما الان فمعظهما مهجور. وكل المحلات التي كانت تبيع المنتجات الغربية وتعتبر جنة للعاملين والمراسلين الاجانب صارت محرمة عليهم، بل ان احد العاملين قتل عندما خاطر لشراء علبة شوربة من احد المحلات المعروفة في شارع السعدون.
ومن ملامح الخوف وقوف السيارات علي الاشارات الضوئية، فمجرد ظهور الاشارة الحمراء تعني توقف النبض والتنفس عند الركاب لان كل سيارة تعتبر هدفا للعمليات والسيارات المفخخة.
كما ان مجرد وقوف السيارات الي جانب عربة عسكرية امريكية، يزيد الخطر علي الحياة .
وتشير الكاتبة الي ان الحياة المثيرة للخوف في كل شوارع بغداد، لها حياة موازية يعيشها العمال الاجانب داخل المدينة الخضراء، فهناك سلسلة من المطاعم الامريكية، والايطاليون يقدمون احسن ما عندهم من خبرات في القهوة، وهناك البارات، والجنود المدججون بالسلاح ونقاط التفتيش.
اما الرهينة البريطاني كينث بيغلي فكان يعيش خارج المنطقة الخضراء، ولا احد يعرف السبب الذي جعله يسكن خارجها ، ولماذا سهل علي الخاطفين تحديد برنامج عمله وتحركاته. ولكن ما يهم في النهاية هو انه علي الجميع اتباع مثال الربيعي .. والهروب من بغداد."

http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=2004\09\09-27\g26.htm&storytitle=ffموفق%20الربيعي%20يهرب%20من%20العراق%2 0خوفا%20علي%20حياته:%20انا%20مستشار%20للامن%20القو مي..%20ولا%20يوجد%20امنfff

عاشق بغداد
29-09-2004, 11:19 AM
بارك الله فيك اخي القادم على هذا النقل الطيب وبارك الله فيك

تحياتي وتقديري ،،،

الأمين
29-09-2004, 01:39 PM
صلاح المختار هو الأسماء الوطنية الشريفة التي لم يستطع إعلام البترودولار شراء ذمتها و مقالاته تستحق أن يقرأ كل حرف فيها بعناية شديدة .

شكرا لك أيها القادم

samo
30-09-2004, 08:14 AM
مشكور اخي القادم ....