المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ة الهزيمة وثقافة المقاومة ...



منصور بالله
28-09-2004, 10:06 PM
نفهم خطورة ما يفرزه النظام العربي الرسمي المهزوم سياسيا ، وما يترك من اثار على الحياة العربية العامة ، ولكن الاكثر خطورة ثقافة الهزيمة التي اخذ الكثير من السياسيين العرب والمثقفين الانتهازيين يحملون لواءها ، و يجاهرون بها دون حياء او خجل ، وبشكل خاص بعد الحادي عشر من سبتمبر ، والسطوة الامريكية على النظام العربي الرسمي وجيوش المارينز العرب الذين يلتحقون بالمؤسسات الاستخبارية الامريكية ، كجنود اوفياء لتاريخهم الخياني من جهة ، اوفي السباق للحصول على المغانم المادية والوظيفية ، التي سيحصلون عليها ثمنا لمواقفهم اتجاه سيدتهم في واشنطن على وجه التحديد .

ـ في مقال لوزير خارجية سابق في جريدة صفراء مممولة من نظام النفط الخياني العربي ، يكتب هذا الوزير في موضوع الحادي عشر من سبتمبر و غزو امريكا للعراق ، فلم يجد سببا الا فساد النظام الوطني في العراق و ديكتاتوريته ، وقد تذكرت ان هذا الوزير الامي قد استحق احذية المقدسيين ، التي انهالت على راسه في الحرم القدسي ، استنكارا لمواقف نظامه المشبوه الى جانب ان هذا النظام لا يملك الا التامر على الامة في فلسطين والعراق ، ويعطل دور بلاده الوطني و القومي ، وهو يملك اكبر مؤسسة فساد مالي و اداري في الوطن العربي ازكمت انوف سبعين مليون مواطن عربي ، وكان الاولى ان يوجه هذا الوزير المعتوه نقده الى نظامه الرسمي المتامر من جهة ، والمتقاعس عن اداء دوره الوطني و القومي من جهة اخرى .

ـ في مقابلة لوزير خارجية عربي في صحيفة القدس العربي يتفوه هذا الوزير لافض فوه ، " لا يوجد هناك حركة مقاومة للاحتلال في العراق " وتخيلت ان هذا الوزير لا يعيش في هذا العالم او هو كالسيد بوش لا يقرأ ولا يسمع ولا يرى وخاصة الاخبار ، فاذا كان هذا الوزير هو خريج المدرسة الدبلوماسية الصهيونية ، لان اول عهده الدبلوماسي الذي اشتهر به كان في تل ابيب ، فهل يعقل ان يسمع اخبار المقاومة العراقية البطلة ؟ ، التي يتاهب اصدقاؤه الامريكان للهروب من العراق بسبب بطولة هذه المقاومة ، عندها لا ندري اين سيكون مصير هذا النوع من الوزراء ؟ ام ان هذا الوزير الفهلوي شديد الحرص على عدم ايذاء اصدقائه في واشنطن الذين يخجلون من ذكر مقاومة احتلالهم ، و لنسأل هذا النوع من الوزراء ، لماذا يقاتل الامريكان في العراق في كل مكان ؟ هل يقاتلون انفسهم ؟

ـ رئيس وزراء سابق يرى بام عينه ان احتلال افغانستان و العراق لم يؤد الا الاقتتال الافغاني الافغاني ، والعراقي العراقي ، وكأن جنود امريكا ومرتزقتها لا يولولون من شراسة المقاومة ، وغاب عن باله ان المشروع الامريكي و بشكل خاص في العراق قد فشل فشلا ذريعا وان الاقتتال ليس عراقيا عراقيا ، بل مقاومة وابطال تحرير ضد غزاة وعملاء و جواسيس وخونة،الا ان هذا الموقف يؤكد ان مصيبة الامة كامن في الذين يتبوأون مواقع متقدمة في الدولة مع انهم لا يستحقون لا على الصعيد السياسي ولا الثقافي ان يقودوا قطيعا من الغنم ، ولو كان الامر غير ذلك لما وصلت الامة الى ما وصلت اليه من ذل وهوان .

ـ استاذ جامعي وباحث ، يدعو الى عدم التشفي فيما حل للامريكان في الحادي عشر من سبتمبر يا الله ما ارق قلوبنا وما اكثرنا رحمة بهؤلاء الامريكان ، الذين يؤيدون سياسة البوش اليمينية البربرية اتجاه امتنا وديننا وحضارتنا ، وما يجري في العراق و فلسطين من الادارة الامريكية وما تطلعنا به استطلاعات الراي في امريكا من الدعم الشعبي الامريكي لسياسة العدوان الامريكي ضد العراق ، يجب ان يجعلنا اكثر رقة وحنانا على هؤلاء الاسياد ، يا سيدي الاستاذ الباحث ديننا وكرامتنا لا تقبل ان تهون كرامتنا اتجاه عدونا ، فاذا كان ديننا لا يدعو الى الاعتداء على الاخرين ، لكنه لا يقبل موقف الذل والهوان اتجاه هؤلاء الذين يدمرون انساننا وحضارتنا وقيمنا و ديننا ، والتشفي فيما يحصل لهؤلاء هو اضعف ما يمكن ان يصل اليه الانسان اذا كان غير قادر على رد الصاع صاعين .

ـ كاتب يدعوالى عدم المقاومة لاننا في مواجهة دولة لديها امكانيات كبيرة وهي قادرة على التدمير ، بمعنى ان الاستسلام سيكون بديلا عن المقاومة ، وما علم صاحبنا ان الصراع ليس صراع قوة ، فهو صراع ارادات ، و الدولة التي تخشاها هزمت يا سيدي على يد الفيتناميين وهم من الشعوب الضعيفة ماديا وعسكريا ، ولكن قوة الارادة هزمت القوة العسكرية وتحررت فيتنام و لعقت امريكا مرارة الهزيمة ، وها هي ستجر ذيول هزيمتها في العراق باذن الله وارادة المقاومة الباسلة .

ـ كاتب يدعو لنعتبر امريكا منافسا حضاريا لنا ، ونسي او تناسى ان امريكا في حربها الشعواء ضدنا ، لانها تخشى من نهوض هذه الامة ووحدتها ومن مشروعها الحضاري ، الذي اكد في السابق انه مشروع قومي اممي له مضمونه الروحي ، الذي لا يمكن للمشروع الحضاري الامريكي الذي تتزعمه امريكا ان يقف في طريق قيادته للعالم ، ولهذا فليس امام امريكا من خيار الا محاربة العروبة و الاسلام ، لانها تخشى هذا الدين وبدون شك ان مادة هذا الدين هم العرب ، فالخشية من النهوض القومي العربي بمشروع حضاري عالمي ، بالاضافة ان المشروع القومي العربي النهضوي سيكون دمارا للكيان الصهيوني و ازالة هذا الكيان من ارض فلسطين ، فهل تسمح لك يا سيدي الولايات المتحدة هذه منافستها حضاريا ؟ .

هذه النماذج التي سقتها وهي من مخلفات ثقافة الهزيمة ومواقف المهزومين و بشكل خاص بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر قبل ثلاث سنوات وهذه النماذج تجاهلت مجموعة من الحقائق تمثلت فيما يلي :ـ

ـ لم يحمل ايا منها امريكا ما حدث في هذا العالم من فوضى بعد غزو افغانستان والعراق .

ـ لم يتطرق ايا منها الى ان الهوس الديني لدى بوش هو وبالا وخطرا على العالم وطننا العربي بشكل خاص .

ـ لم يتطرق ايا منها للمخطط الامبريالي لليمين الصهيوني .

ـ لم يتطرق ايا منها للايدي الصهيونية الخفية في تسيير دفة الامور في السياسية الامريكية .

ـ كل هذه المواقف تعبير فاضح و كذب واضح فيما يجري على الارض و بشكل خاص ضد المقاومة العراقية .

ـ لم يتحدث ايا منها عن ثقافة المقاومة و المخزون الكامن في الامة من جوانب ثقافية وتاريخة و القدرة على مواجهة العداء الامبريالي الامريكي الصهيوني .

ـ لغة الاستسلام ومعاملة العدو بالاساليب المهادنة التي تفسح المجال امامه لتنفيذ مخططاته على الارض في غياب لغة المواجهة العسكرية .

ـ الجهل الفاضح لدى العديد ممن تبوأوا مواقع سياسية في النظام العربي الرسمي بما يتعلق بالجرأة على قول الحقيقة او الجهل في تشخيص الواقع ، وفي احيان كثيرة الانحياز الى خندق الاعداء بدلا من الالتزام بالمصلحة الوطنية و القومية .

ـ ثقافة الهزيمة اصابت السياسي و الكاتب و الباحث و الاستاذ الجامعي بمعنى انها اصبحت ذات الوان متعددة ، تشكل خطرا على الامة اكبر بكثير من خطر عدوها الماثل امامها والمنتصر في الميدان العسكري .

ـ اخيرا تبدو مشكلتنا الكبرى ليس في النظام العربي الرسمي المهزوم على الصعيد السياسي فحسب ، ولكن بمخلفات هذا النظام على الارض وبشكل خاص الثقافية التي هي اكثر خطورة من الهزيمة العسكرية ، لان الهزيمة الثقافية تمثل دمار الامة والغاء وجودها .

ثقافة المقاومة والمقاومين

في مواجهة حالة الانهيار للنظام العربي الرسمي ، الذي وصل حد التآمر على هذه الامة ، وطموحات وامال ابنائها يظهر بريق امل تفرزه الامة من بين الظلام الدامس الذي اصابها وخيم على مجريات الحياة فيها من الماء الى الماء ، هذا البريق الذي جاء سريعا وبدون استئذان ، بريق المقاومة وعلى وجه التحديد المقاومة العراقية الباسلة لانها رغم كل محاولات التشويه و التشكيك فقد دفعت ظلام الامة الدامس وراءها واخذت تشع في جنبات الحياة العربية وتضيئ دياجيرالحياة المظلمة في زوايا الحياة و المجتمع المشبعة بالاحباط و اليأس لان سقوط بغداد بعد نصف قرن من اغتصاب فلسطين يعني ان الامة بحواضرها آلت الى مخالب العدو الامبريالي الصهيوني .

بدت المقاومة بمنهجها السياسي وتشخيص الواقع العراقي و العربي من خلال جهاز اعلام يطرح عمق الوعي و الفهم للسياسي الذي يقود معركة التحرير والوحدة للعراق الاشم ، كيف لا و القائد و القيادة و التنظيم لهم خبراتهم النضالية التي لا يجاريهم فيها ايا كان على امتداد ساحة الوطن العربي رغم كل محاولات الهلوسة من ذات اليمين و ذات الشمال التي ترضع من ثدي البغي والعدوان في واشنطن وتل ابيب .

ثقافة المقاومة غزت السوق الشعبي والاعلامي من خلال تفاصيل الحياة السياسية و الاعلامية والفنية ، لانها ثقافة الامة والمستقبل الموعود لهذه الامة ، لانها ثقافة المستقبل و الطموح والاماني لشباب و اطفال الامة ، لانها الحياة كل الحياة للامة باسرها ، حيث لا حياة الا مع الحرية ولا حرية الا مع الجهاد و النضال و الكفاح ضد حشرات العدوان وفئران الغزو وزوار الليل وسماسرة الاوطان و المواطنين .

في فترة قياسية بدت ثقافة المقاومة تنتشر في صفوف المجتمع العربي رغم وقاحة الاعلام المعادي في ممارسة الكذب ولوي عنق الحقيقة ، ورغم الاقلام المتكسرة الباهتة في الوانها لانها لا تعبر عن اصالة ولا تغرف من اهات المجتمع ووجع المواطنين ، لانها صدى لتعاليم العم سام في واشنطن وعلوج بني صهيون في تل ابيب ، ورغم محاولات التيئيس و الاحباط ومدارس وفنون العهر السياسي ، الا ان المواطن العربي قد اصبح محصنا لا يمكن لوي عنقه في البحث بين السطور عن جوهر الحياة ومكنوناتها عندما يتصدى لقيادة هذه الحياة ابطال المقاومة والتحرير.

في العراق الاشم ، عراق العروبة اخذ صناديده يسطرون اروع المواجهات وانبل المهمات ضد الغزاة و المحتلين ، مما افقد هؤلاء صوابهم ، وبدات حياة العراق جحيما لا تطاق لانها لن تكون الا لابناء العراق ، ابناء العروبة رغم حالة التشويه التي ارادها ويسير على نهجها علوج الرجعية العربية والدينية ،الذين ما كانوا يوما الا خدما وعبيدا لاسيادهم و ارباب نعمتهم في البيت الابيض ، فاخذ هؤلاء يصرخون و يولولون على ما ال اليه حال مرتزقة امريكا من خلال اافتعالهم المصلحة الوطنية تار وممارسة النضال السياسي تارة اخرى لانهم يعلمون علم اليقين ان خلاص اسيادهم ومرتزقتهم سيكون في النهج السلمي الذي يزعمون ، حيث ان الكلاب الصامتة لا تقوى على ايذاء اللصوص ، كما هي المرجعيات الدينية الصامتة ، والرجعيات العربية المتامرة .

لقد ظن الامريكان من خلال تحالفاتهم الخائبة مع مجموعات اللصوص والجواسيس والخونة والعملاء ان العراق لقمة سائغة ، قادرون على ابتلاعها بنفطها ، وموقعها وقدراتها وامكانياتها وتوجهاتها حتى يتمكنوا من الارض والموقع والتوجه لتبقى الساحة لهم ولحلفائهم في تل ابيب لينالوا من الامة ما خططوا لها ، ولكن العراق العروبي ، عراق الرموز القومية ، رجال المقاومة ، رجال الوحدة والتحرير كانوا لهم بالمرصاد ، وتركوا لهم الباب العراقي مفتوحا لتتم المنازلة على الارض لان الارض هي بدايتنا وهي نهايتنا منها ولدنا واليها مستقرنا ، وهي صانعة البطولات و الامجاد ، فمن يثبت على اديمها ، يمكن له ان يسير في خطى الحياة حتى نهايتها الموعودة اما النصر او الشهادة ، وهكذا اراد مهندس المواجهة مع العدو الامبريالي القادم لغزو العراق ، عندما كان يقول دعهم يدخلون المدن والقصبات العراقية ، عندها تبدا المعركة وتبدا المواجهة الحقيقية ، عندها يبدا الثوار بكتابة السطر الاول في سجل المقاومة والتحرير ، ليرى العالم اي الجمعين له الغلبة ، جمع الكفر والعدوان ام جمع الحق و الحرية و الدفاع ، ولقد علمنا التاريخ ان جمع الايمان هو جمع الارادة وجمع الكفر هو جمع القوة وعندما تكون القوة في مواجهة الارادة فالنصر لصاحب الارادة و الهزيمة والفشل لصاحب القوة ، وهاهي القوة الامريكية تصفع كل يوم في المستنقع العراقي من خلال صولات ابطال المقاومة على مرتزقة امريكا و علوجها .
ما يجري على ارض العراق اعاد للحياة بسمتها على وجوه الجماهير العربية لان هذه الجماهير يئست من حالة النهوض الموعودة، وحالة النهوض التي تتغنى بها كل اعلاميات النظام العربي الرسمي ، ولكنها في المواجهة لا تزيد الحياة الا خيبة على خيبة حتى جاءت اخبار المقاومة العراقية واخذ علوج النظام العربي الرسمي يرسمون باقلامهم المهترئة سيناريوهات الاحباط ، واخذ الاعلام المتامرك الصهيوني يبث صور ما يتمناه مبتعدا عن الحق والحقيقة ، لانه اعلام موجه من واشنطن وتل ابيب ، ولكن الحضور الفاعل والقوي لابطال المقاومة كان اشد ايقاعا وفرض نفسه على امتداد الساحة دون خيلاء و لا بهرجة ، دون تعال ولا تمظهر ، بل كان يترك لاثاره ان تتحدث عن نفسها حتى بدت حالة الرعي و الصحوة على الانسان العربي ، واخذ يتناقل الصولات العراقية الباسلة ضد قوات الغزو الامريكي على الرغم ان هذا العدو ما زال مكابرا في ادعاءاته ومحاولاته البائسة لاخفاء الحقيقة عن جماهير شعوبه السادرة في غيها .

تحية لابطال المقاومة صناديد الوحدة و التحرير ، وتحية لرموز الفعل الوطني والقومي على ارض العراق العظيم ، الذين خططوا لهذه المواجهة حتى يعي العالم ان الاوطان المحصنة بالحياة الحرة الكريمة تابى ان يدنسها علوج الخيانة ومرتزقة الامم المهووسة باغتصاب حقوق الاخرين.