القادم
23-09-2004, 07:35 AM
المقالة ترجمة خاصة لدورية العراق
قبل ان أبدأ دعوني ابين اني جندي اخدم في العراق الان . لا اقضي خدمتي جالسا على كرسي وثير في مكتب ما في الخطوط الخلفية كما اني لست بصاحب مثالية سياسية او جندي صغير غرير. بل اني ضابط محنك لي خدمة 20 سنة تقريبا. اضافة الى ذلك فإنا لست بعسكري لايرى من الحرب غير معاركها ، فإنا في الشؤون المدنية وبهذه الصفة فإن عملي هو ان اكون واعيا لكل الاحداث التي تحصل في هذه البلاد وخاصة في منطقتي.
لقد توصلت الى استنتاج اننا لن نربح هذه الحرب لعدة اسباب فالايديولوجية والمثالية لن تستطيع ان تمحو التاريخ والواقع.
عندما كنا نستعد للذهاب الى العراق قلت لجنودي الشباب ان يحذروا من (الحل السياسي) . ففي الوقت الذي تعتقد فيه ان الوضع على الارض تحت سيطرتك يأتي احد ما بتوجيه سياسي ويرميك خارج طريقك .
واعتقد اننا كنا سنستطيع ان نربح هذا الغزو غير الدستوري للعراق وربما كان الاحتلال غير الدستوري سينجح وكذلك اخضاع هذه الدولة ذات السيادة. حقا ان النجاح في كل هذا كان سيستغرق وقتا طويلا ويتطلب بضعة مئات من بلايين الدولارات وحتى المزيد من الضحايا اكثر مما رأينا حتى الان ولكن مرة اخرى اكرر ان ذلك كان ممكنا ، ليس واقعيا او ضروريا ولكن ممكنا .
هذه هي الاسباب المحددة لاستحالة الانتصار في هذه الحرب:
اولا / نحن نرفض ان نتعامل مع الواقع. اننا نخوض حرب عصابات ولكن بسبب السياسة لايسمح لنا ان نعلن ذلك بل يجب علينا ان نسمي قوات الحرب الشعبية المصطفة ضدنا (ارهابيين ومجرمين وانتحاريين)
وهذا يوحي بأن هناك عدد محدد في العملية . اعني نستطيع ببساطة ان نقتل عدد (س) من العدو ثم تنتهي المعركة وتكتمل المهمة وينتصر الجميع. لسوء الحظ هذه ليست القضية . اننا لانملك الا القليل من الادوات في معيتنا وهذه اثبتت عجزها عن التعامل مع حرب العصابات.
ان فكرة قتال رجال العصابات هو ليس قتل كل رجل منهم (وهذا شيء مستحيل اذ يستطيع ان يخفي نفسه نهارا بين افراد الشعب) بل ان فكرة حرب العصابات هو القضاء على قاعدة مساندته.
فمادام هناك دعم لرجال العصابات فمقابل كل واحد تقتله هناك اثنان سيحلان محله . وفوق ذلك فإن ادواتك لقتله هي ذخيرة دقيقة التصويب وغارات وافعال اخرى من شأنها ان تتسبب في وقوع ضحايا مدنيين مما يزيد من التأييد الشعبي للمقاومين ويقلل من التأييد لك (ان قنبلة بوزن 500 رطل تسبب في وقوع ضحايا في محيط 400 متر على الاقل ، وعليك ان تقوم بعملية حسابية).
ثانيا ، ان تقديرنا لما يحرك العراقي العادي يعتمد مرة اخرى على (الخبراء) ذوي الدوافع السياسية والذين اخطأوا التقدير . وهكذا جئنا الى هنا ونحن نحمل الفكرة الخيالية من ان السكان جميعا اميون ويسكنون في بيوت من الطين ويركبون الجمال وسوف يصطفون على جانبي الشوارع التي يفرشونها بسعف النخيل ويرموننا بالزهور وهم يشعرون بامتنان ابدي لنا . وفي حين كان هناك لبعض الوقت بعض الترحيب بنا من بعض السكان ولكن اشهر الاحتلال الطويلة وافعال قواتنا النظامية حولت الصديق السابق الى عدو جديد.
ان محاولات تغيير التفكير في هذا الاتجاه بلا جدوى . وليس صحيحا سياسيا الاشارة الى حقيقة ان السكان لايزدادون كرها لنا فقط وانما يزدادون اضطرابا وعداءا واضحا . وبدلا من معالجة اسباب غضب السكان منا ، نسمح للسياسيين في واشنطن ان يقدموا لنا اسبابا مريحة ولكنها خالية من أي لمحة من الحقيقة .
يقال لنا ان السكان غاضبون ليس لأن جيشنا العدواني يحتل بلادهم ولا هم غاضبون من الدولة البوليسية التي خلقناها او بسبب اسلوب تعيين ممثليهم بانفسنا . وانما يقال لنا انهم غاضبون بسبب حفنة من الارهابيين الاشرار الذين يتسببون في هذا الغضب ، الى جانب السبب التقليدي المناسب دائما وهو (تحيز الصحافة اليسارية ضد الادارة الامريكية).
ثالثا ، ان المقاومين يعوضون خساراتهم بأسرع مما نستطيع خلقها . وهذا هو حال حرب العصابات دائما خاصة عندما يكون التكتيك الذي تنهجه في قتال العصابات هو استهدافهم وليس القضاء على المساندة التي تدعمهم . مقابل كل مقاوم نقتله بقنبلة ذكية نقتل عددا كبيرا من المدنيين الابرياء ونخلق حالة من الغضب العاصف في المجتمع العراقي . هذا الغضب يترجم الى مزيد من تجنيد العناصر للمقاومة وانعدام التأييد لنا.
لقد وقعنا ضحايا الى عقلية تعداد القتلى . لقد ابدينا رغبتنا في التسبب في سقوط ضحايا مدنيين كضرورة حربية بدون ان ندرك ان هذه الاصابات تخلق موجات من الحقد ضدنا . ويترجم هؤلاء العراقيين الغاضبين مشاعرهم الى التحاق المزيد من المتطوعين في جيش العصابات والى تعاون المزيد من الناس معهم .
رابعا ، ان خطوط امداداتهم وتموينهم اقصر من خطوطنا بكثير واقل عرضة للاستهداف. نحن يجب ان نستورد كل شيء نحتاجه في هذه البلاد وهذا يكلف اموالا الى جانب انه يشكل خطورة فالمواد المستوردة سواء كانت تنقل بطيارة او شاحنة عرضة للهجمات خاصة الشاحنات. وهذا لايتسبب فقط في امكانية قطع الطرق على الامدادات وانما تصبح كل حبة نأكلها وكل رصاصة وكل ضمادة في النهاية اغلى ثمنا.
وعلى العكس من ذلك ، يعيش رجال العصابات على جبل تموينهم ولديهم كل الوقت لتطوير شبكة معقدة لايصال الامدادات . اضافة الى ان لديهم ميزة تعاون الاقرباء والاصدقاء والشبكات الدينية التقليدية .
خامسا ، نحن باستمرار نقلل من شأن العدو ومن قدراته. في حين ان استعداداتنا لم تكن لهذه الحرب . انها الحرب الخطأ بالنسبة لنا فتكتيكاتنا لم تكيف لتناسب هذا الميدان ونحن نتأخر باستمرار. في حين ان العدو يستمر في ابتكار وتحديث تكتيكاته وقد اظهر مهارة ملحوظة وتكيفا سريعا .
ولأن الادارة الامريكية الحالية مهتمة بصورتها اكثر من اهتمامها بالحقيقة فهي تفضل الرمز على الواقع: الجنود يموتون ويعوقون ويشلون مدى الحياة . انه شيء مأساوي وبالتأكيد اجرامي مايفعله موظفونا المنتخبون الذين هم على استعداد للتضحية بكبرياء وشرف الشعب اضافة الى اراقة الدم و المال من اجل السعي وراء اجندة غير واقعية وغير دستورية.
ومما يثير السخرية ان هذه الحملة غير الدستورية ينفذها جنود مثلي اقسموا على احترام وحماية دستور الولايات المتحدة وهو نفس القسم الذي اداه قائد القوات المسلحة نفسه (بوش).
قبل ان أبدأ دعوني ابين اني جندي اخدم في العراق الان . لا اقضي خدمتي جالسا على كرسي وثير في مكتب ما في الخطوط الخلفية كما اني لست بصاحب مثالية سياسية او جندي صغير غرير. بل اني ضابط محنك لي خدمة 20 سنة تقريبا. اضافة الى ذلك فإنا لست بعسكري لايرى من الحرب غير معاركها ، فإنا في الشؤون المدنية وبهذه الصفة فإن عملي هو ان اكون واعيا لكل الاحداث التي تحصل في هذه البلاد وخاصة في منطقتي.
لقد توصلت الى استنتاج اننا لن نربح هذه الحرب لعدة اسباب فالايديولوجية والمثالية لن تستطيع ان تمحو التاريخ والواقع.
عندما كنا نستعد للذهاب الى العراق قلت لجنودي الشباب ان يحذروا من (الحل السياسي) . ففي الوقت الذي تعتقد فيه ان الوضع على الارض تحت سيطرتك يأتي احد ما بتوجيه سياسي ويرميك خارج طريقك .
واعتقد اننا كنا سنستطيع ان نربح هذا الغزو غير الدستوري للعراق وربما كان الاحتلال غير الدستوري سينجح وكذلك اخضاع هذه الدولة ذات السيادة. حقا ان النجاح في كل هذا كان سيستغرق وقتا طويلا ويتطلب بضعة مئات من بلايين الدولارات وحتى المزيد من الضحايا اكثر مما رأينا حتى الان ولكن مرة اخرى اكرر ان ذلك كان ممكنا ، ليس واقعيا او ضروريا ولكن ممكنا .
هذه هي الاسباب المحددة لاستحالة الانتصار في هذه الحرب:
اولا / نحن نرفض ان نتعامل مع الواقع. اننا نخوض حرب عصابات ولكن بسبب السياسة لايسمح لنا ان نعلن ذلك بل يجب علينا ان نسمي قوات الحرب الشعبية المصطفة ضدنا (ارهابيين ومجرمين وانتحاريين)
وهذا يوحي بأن هناك عدد محدد في العملية . اعني نستطيع ببساطة ان نقتل عدد (س) من العدو ثم تنتهي المعركة وتكتمل المهمة وينتصر الجميع. لسوء الحظ هذه ليست القضية . اننا لانملك الا القليل من الادوات في معيتنا وهذه اثبتت عجزها عن التعامل مع حرب العصابات.
ان فكرة قتال رجال العصابات هو ليس قتل كل رجل منهم (وهذا شيء مستحيل اذ يستطيع ان يخفي نفسه نهارا بين افراد الشعب) بل ان فكرة حرب العصابات هو القضاء على قاعدة مساندته.
فمادام هناك دعم لرجال العصابات فمقابل كل واحد تقتله هناك اثنان سيحلان محله . وفوق ذلك فإن ادواتك لقتله هي ذخيرة دقيقة التصويب وغارات وافعال اخرى من شأنها ان تتسبب في وقوع ضحايا مدنيين مما يزيد من التأييد الشعبي للمقاومين ويقلل من التأييد لك (ان قنبلة بوزن 500 رطل تسبب في وقوع ضحايا في محيط 400 متر على الاقل ، وعليك ان تقوم بعملية حسابية).
ثانيا ، ان تقديرنا لما يحرك العراقي العادي يعتمد مرة اخرى على (الخبراء) ذوي الدوافع السياسية والذين اخطأوا التقدير . وهكذا جئنا الى هنا ونحن نحمل الفكرة الخيالية من ان السكان جميعا اميون ويسكنون في بيوت من الطين ويركبون الجمال وسوف يصطفون على جانبي الشوارع التي يفرشونها بسعف النخيل ويرموننا بالزهور وهم يشعرون بامتنان ابدي لنا . وفي حين كان هناك لبعض الوقت بعض الترحيب بنا من بعض السكان ولكن اشهر الاحتلال الطويلة وافعال قواتنا النظامية حولت الصديق السابق الى عدو جديد.
ان محاولات تغيير التفكير في هذا الاتجاه بلا جدوى . وليس صحيحا سياسيا الاشارة الى حقيقة ان السكان لايزدادون كرها لنا فقط وانما يزدادون اضطرابا وعداءا واضحا . وبدلا من معالجة اسباب غضب السكان منا ، نسمح للسياسيين في واشنطن ان يقدموا لنا اسبابا مريحة ولكنها خالية من أي لمحة من الحقيقة .
يقال لنا ان السكان غاضبون ليس لأن جيشنا العدواني يحتل بلادهم ولا هم غاضبون من الدولة البوليسية التي خلقناها او بسبب اسلوب تعيين ممثليهم بانفسنا . وانما يقال لنا انهم غاضبون بسبب حفنة من الارهابيين الاشرار الذين يتسببون في هذا الغضب ، الى جانب السبب التقليدي المناسب دائما وهو (تحيز الصحافة اليسارية ضد الادارة الامريكية).
ثالثا ، ان المقاومين يعوضون خساراتهم بأسرع مما نستطيع خلقها . وهذا هو حال حرب العصابات دائما خاصة عندما يكون التكتيك الذي تنهجه في قتال العصابات هو استهدافهم وليس القضاء على المساندة التي تدعمهم . مقابل كل مقاوم نقتله بقنبلة ذكية نقتل عددا كبيرا من المدنيين الابرياء ونخلق حالة من الغضب العاصف في المجتمع العراقي . هذا الغضب يترجم الى مزيد من تجنيد العناصر للمقاومة وانعدام التأييد لنا.
لقد وقعنا ضحايا الى عقلية تعداد القتلى . لقد ابدينا رغبتنا في التسبب في سقوط ضحايا مدنيين كضرورة حربية بدون ان ندرك ان هذه الاصابات تخلق موجات من الحقد ضدنا . ويترجم هؤلاء العراقيين الغاضبين مشاعرهم الى التحاق المزيد من المتطوعين في جيش العصابات والى تعاون المزيد من الناس معهم .
رابعا ، ان خطوط امداداتهم وتموينهم اقصر من خطوطنا بكثير واقل عرضة للاستهداف. نحن يجب ان نستورد كل شيء نحتاجه في هذه البلاد وهذا يكلف اموالا الى جانب انه يشكل خطورة فالمواد المستوردة سواء كانت تنقل بطيارة او شاحنة عرضة للهجمات خاصة الشاحنات. وهذا لايتسبب فقط في امكانية قطع الطرق على الامدادات وانما تصبح كل حبة نأكلها وكل رصاصة وكل ضمادة في النهاية اغلى ثمنا.
وعلى العكس من ذلك ، يعيش رجال العصابات على جبل تموينهم ولديهم كل الوقت لتطوير شبكة معقدة لايصال الامدادات . اضافة الى ان لديهم ميزة تعاون الاقرباء والاصدقاء والشبكات الدينية التقليدية .
خامسا ، نحن باستمرار نقلل من شأن العدو ومن قدراته. في حين ان استعداداتنا لم تكن لهذه الحرب . انها الحرب الخطأ بالنسبة لنا فتكتيكاتنا لم تكيف لتناسب هذا الميدان ونحن نتأخر باستمرار. في حين ان العدو يستمر في ابتكار وتحديث تكتيكاته وقد اظهر مهارة ملحوظة وتكيفا سريعا .
ولأن الادارة الامريكية الحالية مهتمة بصورتها اكثر من اهتمامها بالحقيقة فهي تفضل الرمز على الواقع: الجنود يموتون ويعوقون ويشلون مدى الحياة . انه شيء مأساوي وبالتأكيد اجرامي مايفعله موظفونا المنتخبون الذين هم على استعداد للتضحية بكبرياء وشرف الشعب اضافة الى اراقة الدم و المال من اجل السعي وراء اجندة غير واقعية وغير دستورية.
ومما يثير السخرية ان هذه الحملة غير الدستورية ينفذها جنود مثلي اقسموا على احترام وحماية دستور الولايات المتحدة وهو نفس القسم الذي اداه قائد القوات المسلحة نفسه (بوش).