ali2004
20-08-2004, 09:14 AM
حدث في يوليو الماضي بسبب أخطاء تعلقت بعمليات الإحلال والتجديد
تفاصيل الانفجار الغامض في مفاعل ديمونة!!
تقرير يكتبه: مصطفي بكري
بثت وكالات الأنباء مؤخرا خبرا مختصرا حول قيام الحكومة الإسرائيلية بتوزيع أقراص مضادة للاشعاع لمواطنيها الذين يعيشون بالقرب من منشآتها النووية، كما وزعت أيضا نوعا من اليود علي السكان القريبين جدا من مفاعل ديمونة.
وقد أشارت الأنباء إلي أن هناك فرقا عسكرية طبية إسرائيلية في حالة طوارئ منذ أسبوعين للقيام بهذه المهمة، كما أن عددا من السكان تم اخلاؤهم من بعض المناطق القريبة من مفاعل ديمونة علي الحدود مع مصر.
وتشير مصادر عليمة ل'الأسبوع' إلي أن هناك نحو عشرة أشخاص من الإسرائيليين قد لقوا حتفهم بسبب اشعاعات نووية مجهولة انبعثت من منطقة مفاعل ديمونة.. فماذا حدث بالضبط؟ وما هي خطورة هذا التسرب النووي علي البشر ومظاهر الحياة في مصر وفلسطين والأردن والمنطقة بأسرها؟
'الأسبوع' حصلت علي تقرير خطير من مصادر موثوقة يكشف بالمعلومات لأول مرة وقائع ما شهدته هذه المنطقة خلال الأسابيع الماضية والتطورات المتوقعة خلال الفترة القادمة.
منذ أكثر من ثمانية أشهر مضت، اتخذت الحكومة الإسرائيلية قرارا يقضي بتجديد بعض الأجهزة والمواسير المحصنة وبعض المعدات والأدوات التكنولوجية المتهالكة في داخل مفاعل ديمونة.
وقد أحاطت إسرائيل هذه العملية بسرية مطلقة، وعهدت إلي المخابرات العسكرية الإسرائيلية بتولي الاشراف علي هذه المهمة الخطيرة، حيث تولت بنفسها اختيار حوالي 150 مهندسا نوويا للقيام بهذه المهمة التي قدر لها أن تستمر لمدة عام، وبحيث إنه ومع انتهاء هذه المدة تزيد طاقة مفاعل ديمونة إلي ضعف ما هي عليه الآن مع تجديد الأجهزة وترميم المفاعل وتوفير مواد حماية جديدة تمنع أي تسرب للاشعاع النووي. وذكرت المعلومات أن هذه الخطة التي يطلق عليها 'خطة المستقبل الآمن حتي عام 2030' أشرف علي إعدادها رئيس الوزراء الإسرائيلي 'ارييل شارون' بنفسه منذ أكثر من عام.
وقد اطلق شارون هذه الخطة علي أساس أن البرنامج النووي الإسرائيلي الموضوع حاليا يكفي لقدرة إسرائيل الرادعة للدول العربية والدول المجاورة حتي عام 2005 المقبل، وأنه بعد هذا العام فإن تطوير قدرات الأسلحة في الدول المجاورة 'لإسرائيل' قد يؤدي إلي توازي معدلات القوة بين البرنامج النووي الإسرائيلي وبرامج التسليح القائمة في الدول المجاورة، وأن ذلك قد يعرض 'إسرائيل' لخطر حقيقي خلال المدة من 2005 إلي 2010 والتي يتوقع معها وفقا للخطة أن 'إسرائيل' قد تجر إلي حرب عسكرية مع أكثر من دولة مجاورة بسبب تعقد الأوضاع الأمنية في المنطقة.
وزعمت الخطة أن برامج التسليح المتقدمة في الدول المجاورة خاصة مصر وإيران غير معروفة لعدد كبير من دول العالم، وأن هذه البرامج تتطور باستمرار، وستصبح لها قدرة فعالة في تهديد حدود دولة 'إسرائيل'.
وأشارت الخطة إلي أن إيران تقدمت كثيرا باتجاه اقتناء أنواع محددة من أسلحة الدمار الشامل التي لديها القدرة علي الوصول إلي العديد من المناطق داخل 'إسرائيل'. وقالت الخطة إن تطوير قدرات الأسلحة التقليدية في 'إسرائيل' لا يمكن أن يواجه هذه الدول التي ستحاول في معاركها القادمة نقل نطاق أي عمليات عسكرية إلي داخل حدود 'إسرائيل' مما يشكل خطرا بالغا علي المواطن 'الإسرائيلي' الذي يعيش في بقعة صغيرة من الأرض!!
وتري خطة شارون أن هناك نوعا ثانيا من المخاطر يتوقع حدوثه في السنوات الخمس القادمة، ذلك أن هناك دولا مجاورة 'لإسرائيل' ستعمل علي إيواء جماعات 'إرهابية' متطرفة ومتعددة، وستزود هذه الجماعات بأسلحة صغيرة ومتفجرات تحتوي علي نوعيات جديدة من أسلحة الدمار الشامل. وتزعم الخطة أن هناك تقنية تكنولوجية تم استيرادها لهذا الغرض، من قبل إيران وسوريا واليمن والسودان ودول أخري في طريقها لاستيراد هذه التقنيات من دول أوربية وآسيوية، وأن هذه الجماعات 'الإرهابية' ستحاول تركيز نشاطها ضد 'إسرائيل' باعتبارها الهدف الأكثر احتمالا، لأن أمريكا بصدد إعداد نظام أمني جديد لحماية أراضيها وحدودها من هذه الجماعات التي ستكون أكثر عنفا من التيارات 'الإرهابية' الحالية، وأنها سوف تستخدم في عملياتها جيلا جديدا من أسلحة الدمار الشامل يعتمد علي مركبات كيميائية تعتمد بالأساس علي الزئبق والتكتل الحراري الواسع المدي والسفينجروم وهي مادة جديدة ولكنها تمثل خطورة بالغة في إنتاج هذه الأسلحة.
وتشير الخطة إلي أنه إذا كانت أمريكا بصدد إعداد نظام أمني جديد فإن هذه الخطة تمثل النظام الأمني الجديد 'لإسرائيل' في العقود القادمة، وأنه نظرا لطبيعة وتعقد الأوضاع في المنطقة فإن النظام الأكثر أمنا 'لإسرائيل' هو تطوير القدرات النوعية والكيفية للبرنامج النووي الإسرائيلي بحيث إن أي مخاطر محتملة من أي دولة مجاورة حتي ولو بدت ضعيفة أو ضئيلة الاحتمال فإن البرنامج الجديد يتيح التعامل المباشر مع هذه المخاطر للقضاء عليها في مهدها، كما أن ميزة البرنامج الجديد يجب أن تركز علي ضرب هذه الأهداف المحتملة في الدول المجاورة دون أن يمثل عدوانا نوويا بالمعني المتعارف عليه في دول العالم. فالأثر النووي المباشر سيكون محددا، بحدود هذا الخطر.
وحتي يتم تنفيذ هذا البرنامج النووي الجديد تقول الخطة فسوف يكون أمامنا مرحلتان هامتان:
الأولي: تحديث البرنامج التقليدي للأسلحة النووية بحيث إن المنشآت النووية القائمة حاليا، خاصة مفاعل ديمونة سيخضع لحظة تطوير شاملة تقضي باحلال وتجديد لعناصره ومكوناته الأساسية، وأن الهدف من هذه المرحلة هو زيادة طاقته الاستيعابية الجديدة إلي نحو الضعف ومن الممكن أن تتطور هذه النسبة مستقبلا لتشمل إضافة عناصر جديدة لتصل إلي أكثر من الضعف.
كما أنه من المهم في هذه المرحلة أن تكون هذه الطاقة الاستيعابية الجديدة قادرة علي أن تطور أداءها ونوعيات هذه الأسلحة بما يقتضي أن يدخل في مضمونها الرئيسي إنتاج الجيل الجديد من الأسلحة النووية الجاهزة الاستخدام في أي وقت، وبالقدرة المباشرة لإحداث الأثر في الدول المجاورة. وتري الخطة أن هذا سيتطلب زيادة عدد الرءوس النووية الإسرائيلية القائمة حاليا إلي أكثر من الضعف، إلا أن أعداد هذه الرءوس أو زيادة قدراتها التدميرية لن تكون هي الحل الأمثل لبناء النظام الأمني الجديد، فهي تمثل قدرات رادعة أكثر منها قدرات يمكن استخدامها فعليا أو بالكيفية المباشرة، إلا أن هذه الرءوس النووية وأسلحة ايصالها ستظل مع ذلك هي المحك الفعلي للاستخدام عند إدارة الحروب الشاملة.
أما المرحلة الثانية فهي تقضي بإنشاء وحدات جديدة داخل مفاعل ديمونة للتعامل المباشر مع هذه التغييرات في نوعيات الأسلحة النووية الجديدة، فهذه الوحدات الجديدة والتي ستنتج الجيل الجديد من الأسلحة النووية الإسرائيلية لن تكون في مفاعلات نووية جديدة، وإنما يمكن أن تعمل بشكل متكامل ومتناسق مع الوحدات الأخري المتخصصة في الأسلحة النووية التقليدية، خاصة أن العديد من التركيبات الكيميائية أو عمليات الإنتاج المعقدة قد يخدم بعضها البعض الآخر.
تجدر الاشارة هنا إلي أن الخطة الإسرائيلية سبق أن وافق عليها مجلس الوزراء المصغر منذ أكثر من عام وشارك في هذا الاجتماع بعض القيادات العسكرية والاستخبارية وثلاثة من المستشارين الفنيين المعنيين ببرنامج 'إسرائيل' للتطوير النووي أبرزهم 'بنيامين الهونسرا' الذي يتردد أنه صاحب الخطة الأصلية لمشروع شارون.
وكانت فكرة 'الهونسرا' الأصلية هي أن تتوقف 'إسرائيل' نهائيا عن إنتاج الأسلحة النووية التقليدية ويتم البدء فورا في إنتاج النوعيات الجديدة من الأسلحة النووية، إلا أن شارون طور هذه الفكرة باعتماده علي المصدرين التقليدي والوحدات الجديدة.
وفي مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر ثار خلاف بين أعضائه حول تكلفة تنفيذ هذه الخطة، حيث أشار البعض إلي أن تنفيذ الخطة يحتاج إلي 5 مليارات دولار، وأن الاقتصاد الإسرائيلي يمر بمرحلة أزمة حقيقية، ولن يكون قادرا علي حشد امكانات وموارد الدولة، إلا أن شارون أكد أن غالبية موارد هذا المشروع الجديد سيتم توفيرها بغطاء من الأموال الخارجية، وأنها ستكون قروضا طويلة الأمد. ووفقا للمعلومات فقد نجح شارون في الحصول علي 1.5 مليار دولار للبدء في خطوات تطوير وبدء المشروع، وبالفعل بدأت المرحلة الأولي في مفاعل ديمونة.
ولم تكن تلك هي المرة الأولي التي تحاول فيها 'إسرائيل' تجديد وتطوير مفاعل ديمونة، فمنذ سنتين بدأت 'إسرائيل' خطة محدودة لاحلال وتجديد بعض عناصر هذا المفاعل خاصة تلك العناصر التي كان قد بدأ التسريب النووي منها.
ومشكلة التسريب النووي من مفاعل ديمونة تعود إلي أكثر من خمس سنوات، وقد تسببت هذه المشكلة في تسميم البيئة بالكثير من مخلفات التسريب النووي، كما أن هذه المشكلة بدأت أصلا في إطار حيز محدود من خلال تهالك ما يطلق عليه 'الماسورة المحصنة' حيث بدأ التسريب من خلال ثقب صغير وأجريت تحقيقات إسرائيلية انتهت إلي أن ذلك الثقب تم بفعل عمدي، وأنه لم يكن يعبر عن أخطاء في التركيبات الفنية أو المواصفات الفنية للعناصر المستخدمة في مفاعل ديمونة.
وعلي الرغم من أن دائرة الاشتباه للمخابرات العسكرية الإسرائيلية توسعت إلي حد شمل حوالي 20 شخصا، إلا أن أيا منهم لم يثبت عليه قيامه بهذا الفعل المتعمد. لكن المشكلة الأكثر وضوحا أنه وعلي الرغم من احتياطات الأمن التي أعقبت هذا الحادث إلا أن ذلك مثل بداية الانهيار في الاحتياطات الوقائية والحماية في داخل المفاعل، حيث بدأت تتآكل بعض العناصر والمكونات الأساسية للمفاعل، وهذا ما حدا بالحكومة الإسرائيلية لإنشاء منشآت نووية جديدة، غير أن المشكلة الأساسية في هذه المنشآت النووية الجديدة أنها تقع بالقرب من مناطق سكنية حتي ولو كانت بعيدة نسبيا، إضافة إلي أن الحيز المكاني في باطن الأرض يعد ضيقا بالنسبة للحيز المكاني القائم في مفاعل ديمونة، ولذلك قررت 'إسرائيل' أن يتم التطوير من خلال هذا المفاعل تحديدا.
وقد بدأت التجربة الأولي في شهر يناير الماضي، عندما تم استبدال 4 مكونات أو عناصر بدت للجهات الفنية الإسرائيلية أنها في طريقها للتهالك، إلا أنها ستمثل مصدر خطورة في خلال الأعوام الثلاثة القادمة، كما أن هذه المكونات أو العناصر كانت قد تعرضت لمشاكل في الوقاية وترتيبات الحماية قبل ذلك، وبالتالي فإن خطوات التجديد بها استمرت لأكثر من عام، إلي أن قررت الحكومة الإسرائيلية أن تبدأ بها، إلا أنه من الناحية الأخري فإن الآراء الفنية اتجهت إلي التركيز علي هذه المكونات أو العناصر الأربعة، باعتبارها الوحدات الأساسية للاحلال والتجديد، وأن يتم تخصيص خط أو عنصر من هذه المكونات الأربعة للوحدات النووية الجديدة حتي يكون اداؤها مرتفعا، وباعتبار أن هذا الخط كان يعمل بطاقة مكثفة فإن نقله للوحدات الجديدة مع التطوير اللازم سيحدث آثارا ايجابية.
وعلي هذا الأساس بدأت المرحلة الأولي في خطة تطوير المركب '1' أو ما يطلق عليه 'كمبورد اتلانتف' وكانت الأمور تسير بشكل جيد خلال شهر مايو الماضي، فكمبورد يستجيب بشكل سريع لمراحل الاحلال والتجديد، كما أن القدرات الفنية بدت عالية ومرضية في تحقيق هذا الهدف، بالإضافة إلي أن المستلزمات الجديدة كانت علي درجة عالية من الكفاءة والتقنية، إلا أن واحدا من المعوقات المهمة التي تشكلت لجنة فنية محدودة لحلها منذ شهر مارس الماضي كانت هي احلال عنصر يطلق عليه 'شارتر ماشين' محل عنصر يطلق عليه، 'مين كمبورد' لأن هذا الجزء كان يتعلق بوحدة التشغيل الأساسية للوحدات النووية الجديدة إلا أن المشكلة الأساسية هو أن ال'مين كمبورد' يعد الحلقة الأساسية في البرنامج النووي التقليدي وهذه الوحدة هي أكثر الوحدات اشتعالا لأدق المواد والمستلزمات النووية، وأنها أكثر الأماكن عرضة للتسريب والاشعاع النووي، كما أن هذه الوحدة تعمل بطاقة استيعابية كاملة ولمدة 24 ساعة متواصلة، وأن الفنيين الذين يعملون علي هذه الوحدة من أكثر المهارات الفنية قدرة وعلما علي التحكم في المفاعل وعندما عرضت مشكلة الاحلال والتجديد علي شارون قرر تشكيل لجنة فنية من 10 فنيين وأكاديميين متخصصين في تطوير هذه الوحدات الجديدة، وكذلك الاستبدال والاحلال والتجديد لعناصر أو مكونات المشروع.
وقد انتهت اللجنة من اعداده تقريرها النهائي في أواخر ابريل الماضي، وقدمت ثلاثة حلول وتم عرض هذه الحلول عمليا علي شارون من خلال أجهزة تحاكي مفاعل ديمونة، وأن الخبراء الذين قدموا هذه الحلول اتفقوا علي أن معايير الأمن متفاوتة.
فأحد هذه الحلول بلغ معيار الأمن والحماية يقصد عدم تسريب أي اشعاعات نووية بنسبة 98 % إلا أن تكلفته عالية وتزيد علي الموازنة المقررة لهذا الجزء بنحو 50 % . والحل الثاني بلغت فيه نسبة الأمن والسلامة 95 % وبتكلفة تزيد علي الموازنة المقررة بنحو 40 % . والحل الثالث نسبة الأمن والسلامة فيه تبلغ 92 % وبتكلفة تزيد علي الموازنة المقررة بنحو 20 % .
وشرح الخبراء المعنيون لشارون الطرق الفنية التي سيتم استخدامها والمدي الزمني المقرر الذي سيبلغ نحو ثلاثة أشهر، في حين أن البديل الثالث يمكن أن تزيد نسبة الأمن فيه إلي 94 % ، إذا قدر أن خطوات التنفيذ سوف تستغرق أربعة أشهر. وقد ركز الخبراء علي أن هذه الحلول الثلاثة هي الحلول المتبعة في أكثر دول العالم تقدما، إلا أنها جميعا محفوفة بالمخاطر، لأن الخطر يظل قائما في معامل الأمن والسلامة حتي ولو كان بنسبة 1 % ، لأن ذلك سيرتب مباشرة تسريبا نوويا واشعاعات تؤدي إلي وفاة آلاف الأشخاص واصابة الملايين بالعديد من الأمراض المستعصية والقاتلة.
وكان من رأي أحد الخبراء من رؤساء هذه اللجنة وهو 'شياراس مهرو' أن يتم تأجيل تنفيذ هذه المهمة إلي نهاية المشروع، محذرا من أن هناك خطورة فعلية في تنفيذ هذا الجزء لأن نسبة مخاطره ستكون عالية وستسبب ألما نفسيا لكل القائمين علي خطوات تطوير المشروع إذا ما حدثت أية خسائر أو اخفاق غير متوقع في هذا الجزء، إلا أن شارون اعتبر أن آراء 'شياراس' تبدو محبطة وأن ذلك يؤثر علي تنفيذ المشروع وهو ما دعاه إلي تجاهل ذلك الاقتراح تماما والاصرار علي استكمال المشروع ووضع الخطط العاجلة والطارئة للتنفيذ سريعا وبدون النظر إلي أي معوقات.
وهكذا بدأت رحلة التجديد الجزئي في مايو الماضي، إلا أنه ومع بدايات شهر يوليو الماضي حدث ما يشبه الكارثة داخل هذا المشروع وحدث ما توقعه 'شياراس'، فقد اختار شارون البديل الثالث الأقل أمنا من البديلين الأول والثاني، وأثناء مرحلة التنفيذ حدث انفجار ضخم في أحد مكونات ال'مين كمبورد' وأن هذا الانفجار أدي إلي وفاة ثلاثة من الفنيين الذين كانوا يعملون عليه، وأن أحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلي تقليل عدد المصابين أو الضحايا بصفة عامة أن الانفجار حدث مساء وفي أحد أيام السبت مما أدي إلي عدم وجود عدد كبير من العاملين، كما أن خطة تطوير المشروع كانت متوقفة في ذات الليلة.
وقد قللت الجهات الإسرائيلية في البداية من خطورة هذا الانفجار ورأت أنه يمس مكونا داخليا، وأن الفنيين الثلاثة الذين ماتوا كان ذلك بسبب تواجدهم اللصيق في هذه المنطقة، وأنه لن يترتب علي الانفجار أي تسريب أو اشعاع نووي.
أما الواقع الفعلي فقد كان عكس ذلك تماما، حيث أشار أحد الخبراء الإسرائيليين *الذي أرسل تقريرا بهذه الوقائع إلي الكنيست ثم جري اعتقاله* إلي أن الانفجار الذي حدث كان كارثة حقيقية لمفاعل ديمونة، لأن إحدي الوحدات الرئيسية في ال'مين كمبورد' قد انفجرت وأصبحت كل المواد النووية قابلة لأن تتسرب وأن تنتشر ليس في الأجواء الإسرائيلية فحسب ولكن في العديد من المناطق المجاورة خاصة مصر والأردن.
وأشار الخبير الإسرائيلي في تقريره إلي 'أن المشكلة الحقيقية في هذا الانفجار هي أن طاقته الانبعاثية أي معدلات التسريب النووي تزيد أضعافا مضاعفة عن أي معدلات أخري، لأن هذه الطاقة تعمل علي خط رئيسي يعمل بكفاءة عالية، وهذه الكفاءة تشكل طاقة انبعاثية كاملة، كما أن أحد مصادر الخطورة الحقيقية هو أن هذه الطاقة متعددة ومتنوعة وتحتوي علي قدر كبير من المواد المختلفة التي تعد من أدق المكونات القائمة للبرامج النووية، وأن هذا النشاط يتزايد باستمرار مع ال'مين كمبورد'.
وكشف التقرير أن الانفجار حدث بسبب أخطاء فنية مهمة، وأنه لابد من محاكمة المتسببين عن ارتكاب هذه الأخطاء، وأن الخطأ الفني الذي أدي إلي هذا الانفجار تعلق بعمليات الاحلال والتجديد في ال'مين كمبورد'، حيث إنه بعد سحب ثلاثة من مكونات العناصر الداخلية 'للكمبورد' فإنه تبقي (7) من هذه المكونات وكان من المفترض علميا أن يتم سحب العناصر العشرة من الكمبورد في ذات التوقيت، وأن تكون العملية علي التوالي، إلا أن المسئول الفني الذي تسلم نسخة من تعليمات اللجنة قرر بعد أن انتهي من سحب المكونات الثلاثة إرجاء ذلك العمل لأسباب فنية إلي يوم آخر وذلك علي الرغم من تأكيداته السابقة بأن مفاتيح الاغلاق كانت محكمة، وأن كل الاحتياطات في نقل المكونات الثلاثة إلي مناطق آمنة كانت متاحة أيضا.
ووفقا لرأي هذا التقرير فإن مفاتيح الاغلاق لم تكن محكمة بالدرجة الكافية، لأن الاحكام الكافي كان سيؤدي إلي تفاعلات داخلية يترتب عليها تشغيل أجهزة الانذار المفاجئة مما سيؤدي إلي التدخل الفني والأمني العاجل، أما عدم الاحكام فلا يترتب عليه تشغيل هذه الأجهزة، وإنما يؤدي إلي اضاءة أجهزة معينة وهو ما لم يتنبه إليه الفريق الفني أو الأمني، مما ترتب علي ذلك حدوث التفاعلات الداخلية، وما أدت إليه في مرحلة لاحقة من حدوث هذا الانفجار النووي الذي مثل خطأ جسيما لا يمكن انكاره.
وأشار التقرير إلي أن أحد العوامل المسئولة مباشرة عن حدوث هذا الانفجار النووي هو تهالك المكونات والعناصر، وأنه من المفترض في جهاز الاغلاق المحكم أن يتم اغلاقه بشكل كامل فور اتمام عمله، إلا أن ذلك لم يتم.
وأشار التقرير إلي أن هذا الانفجار ترتب عليه تسرب نووي واشعاعات بكميات كبيرة لأن هذه الأنابيب مرتبطة بأنابيب أخري خارجية تؤدي إلي امتصاص نواتج الاشعاعات النووية في داخل المفاعل لنقلها إلي خارجه وهذا ما أدي إلي انتشار كميات كبيرة من هذه الآثار إلي المناطق المجاورة، الأمر الذي ترتب عليه قيام السلطات الإسرائيلية بتوزيع أقراص مضادة للاشعاع علي مواطنيها.
وأكد التقرير احتمال تسرب هذه الاشعاعات إلي حدود دول مجاورة وأن آثاره ستظهر علي البشر وكافة مظاهر الحياة الأخري بعد حين.
هذا عن تطورات هذا الحدث الخطير الذي أثار حالة من الاهتمام والفزع الشديد في كافة الدوائر الإسرائيلية إلا أن الأمر في مصر ظل ولايزال طي الكتمان ولم يتم اتخاذ أي نوع من إجراءات الوقاية تحسبا للتطورات الخطيرة المتوقعة من جراء عملية التسرب النووي الحالية أو ما يمكن أن تسفر عنه الأيام القادمة من وقائع ربما تكون أشد خطورة!!.
تفاصيل الانفجار الغامض في مفاعل ديمونة!!
تقرير يكتبه: مصطفي بكري
بثت وكالات الأنباء مؤخرا خبرا مختصرا حول قيام الحكومة الإسرائيلية بتوزيع أقراص مضادة للاشعاع لمواطنيها الذين يعيشون بالقرب من منشآتها النووية، كما وزعت أيضا نوعا من اليود علي السكان القريبين جدا من مفاعل ديمونة.
وقد أشارت الأنباء إلي أن هناك فرقا عسكرية طبية إسرائيلية في حالة طوارئ منذ أسبوعين للقيام بهذه المهمة، كما أن عددا من السكان تم اخلاؤهم من بعض المناطق القريبة من مفاعل ديمونة علي الحدود مع مصر.
وتشير مصادر عليمة ل'الأسبوع' إلي أن هناك نحو عشرة أشخاص من الإسرائيليين قد لقوا حتفهم بسبب اشعاعات نووية مجهولة انبعثت من منطقة مفاعل ديمونة.. فماذا حدث بالضبط؟ وما هي خطورة هذا التسرب النووي علي البشر ومظاهر الحياة في مصر وفلسطين والأردن والمنطقة بأسرها؟
'الأسبوع' حصلت علي تقرير خطير من مصادر موثوقة يكشف بالمعلومات لأول مرة وقائع ما شهدته هذه المنطقة خلال الأسابيع الماضية والتطورات المتوقعة خلال الفترة القادمة.
منذ أكثر من ثمانية أشهر مضت، اتخذت الحكومة الإسرائيلية قرارا يقضي بتجديد بعض الأجهزة والمواسير المحصنة وبعض المعدات والأدوات التكنولوجية المتهالكة في داخل مفاعل ديمونة.
وقد أحاطت إسرائيل هذه العملية بسرية مطلقة، وعهدت إلي المخابرات العسكرية الإسرائيلية بتولي الاشراف علي هذه المهمة الخطيرة، حيث تولت بنفسها اختيار حوالي 150 مهندسا نوويا للقيام بهذه المهمة التي قدر لها أن تستمر لمدة عام، وبحيث إنه ومع انتهاء هذه المدة تزيد طاقة مفاعل ديمونة إلي ضعف ما هي عليه الآن مع تجديد الأجهزة وترميم المفاعل وتوفير مواد حماية جديدة تمنع أي تسرب للاشعاع النووي. وذكرت المعلومات أن هذه الخطة التي يطلق عليها 'خطة المستقبل الآمن حتي عام 2030' أشرف علي إعدادها رئيس الوزراء الإسرائيلي 'ارييل شارون' بنفسه منذ أكثر من عام.
وقد اطلق شارون هذه الخطة علي أساس أن البرنامج النووي الإسرائيلي الموضوع حاليا يكفي لقدرة إسرائيل الرادعة للدول العربية والدول المجاورة حتي عام 2005 المقبل، وأنه بعد هذا العام فإن تطوير قدرات الأسلحة في الدول المجاورة 'لإسرائيل' قد يؤدي إلي توازي معدلات القوة بين البرنامج النووي الإسرائيلي وبرامج التسليح القائمة في الدول المجاورة، وأن ذلك قد يعرض 'إسرائيل' لخطر حقيقي خلال المدة من 2005 إلي 2010 والتي يتوقع معها وفقا للخطة أن 'إسرائيل' قد تجر إلي حرب عسكرية مع أكثر من دولة مجاورة بسبب تعقد الأوضاع الأمنية في المنطقة.
وزعمت الخطة أن برامج التسليح المتقدمة في الدول المجاورة خاصة مصر وإيران غير معروفة لعدد كبير من دول العالم، وأن هذه البرامج تتطور باستمرار، وستصبح لها قدرة فعالة في تهديد حدود دولة 'إسرائيل'.
وأشارت الخطة إلي أن إيران تقدمت كثيرا باتجاه اقتناء أنواع محددة من أسلحة الدمار الشامل التي لديها القدرة علي الوصول إلي العديد من المناطق داخل 'إسرائيل'. وقالت الخطة إن تطوير قدرات الأسلحة التقليدية في 'إسرائيل' لا يمكن أن يواجه هذه الدول التي ستحاول في معاركها القادمة نقل نطاق أي عمليات عسكرية إلي داخل حدود 'إسرائيل' مما يشكل خطرا بالغا علي المواطن 'الإسرائيلي' الذي يعيش في بقعة صغيرة من الأرض!!
وتري خطة شارون أن هناك نوعا ثانيا من المخاطر يتوقع حدوثه في السنوات الخمس القادمة، ذلك أن هناك دولا مجاورة 'لإسرائيل' ستعمل علي إيواء جماعات 'إرهابية' متطرفة ومتعددة، وستزود هذه الجماعات بأسلحة صغيرة ومتفجرات تحتوي علي نوعيات جديدة من أسلحة الدمار الشامل. وتزعم الخطة أن هناك تقنية تكنولوجية تم استيرادها لهذا الغرض، من قبل إيران وسوريا واليمن والسودان ودول أخري في طريقها لاستيراد هذه التقنيات من دول أوربية وآسيوية، وأن هذه الجماعات 'الإرهابية' ستحاول تركيز نشاطها ضد 'إسرائيل' باعتبارها الهدف الأكثر احتمالا، لأن أمريكا بصدد إعداد نظام أمني جديد لحماية أراضيها وحدودها من هذه الجماعات التي ستكون أكثر عنفا من التيارات 'الإرهابية' الحالية، وأنها سوف تستخدم في عملياتها جيلا جديدا من أسلحة الدمار الشامل يعتمد علي مركبات كيميائية تعتمد بالأساس علي الزئبق والتكتل الحراري الواسع المدي والسفينجروم وهي مادة جديدة ولكنها تمثل خطورة بالغة في إنتاج هذه الأسلحة.
وتشير الخطة إلي أنه إذا كانت أمريكا بصدد إعداد نظام أمني جديد فإن هذه الخطة تمثل النظام الأمني الجديد 'لإسرائيل' في العقود القادمة، وأنه نظرا لطبيعة وتعقد الأوضاع في المنطقة فإن النظام الأكثر أمنا 'لإسرائيل' هو تطوير القدرات النوعية والكيفية للبرنامج النووي الإسرائيلي بحيث إن أي مخاطر محتملة من أي دولة مجاورة حتي ولو بدت ضعيفة أو ضئيلة الاحتمال فإن البرنامج الجديد يتيح التعامل المباشر مع هذه المخاطر للقضاء عليها في مهدها، كما أن ميزة البرنامج الجديد يجب أن تركز علي ضرب هذه الأهداف المحتملة في الدول المجاورة دون أن يمثل عدوانا نوويا بالمعني المتعارف عليه في دول العالم. فالأثر النووي المباشر سيكون محددا، بحدود هذا الخطر.
وحتي يتم تنفيذ هذا البرنامج النووي الجديد تقول الخطة فسوف يكون أمامنا مرحلتان هامتان:
الأولي: تحديث البرنامج التقليدي للأسلحة النووية بحيث إن المنشآت النووية القائمة حاليا، خاصة مفاعل ديمونة سيخضع لحظة تطوير شاملة تقضي باحلال وتجديد لعناصره ومكوناته الأساسية، وأن الهدف من هذه المرحلة هو زيادة طاقته الاستيعابية الجديدة إلي نحو الضعف ومن الممكن أن تتطور هذه النسبة مستقبلا لتشمل إضافة عناصر جديدة لتصل إلي أكثر من الضعف.
كما أنه من المهم في هذه المرحلة أن تكون هذه الطاقة الاستيعابية الجديدة قادرة علي أن تطور أداءها ونوعيات هذه الأسلحة بما يقتضي أن يدخل في مضمونها الرئيسي إنتاج الجيل الجديد من الأسلحة النووية الجاهزة الاستخدام في أي وقت، وبالقدرة المباشرة لإحداث الأثر في الدول المجاورة. وتري الخطة أن هذا سيتطلب زيادة عدد الرءوس النووية الإسرائيلية القائمة حاليا إلي أكثر من الضعف، إلا أن أعداد هذه الرءوس أو زيادة قدراتها التدميرية لن تكون هي الحل الأمثل لبناء النظام الأمني الجديد، فهي تمثل قدرات رادعة أكثر منها قدرات يمكن استخدامها فعليا أو بالكيفية المباشرة، إلا أن هذه الرءوس النووية وأسلحة ايصالها ستظل مع ذلك هي المحك الفعلي للاستخدام عند إدارة الحروب الشاملة.
أما المرحلة الثانية فهي تقضي بإنشاء وحدات جديدة داخل مفاعل ديمونة للتعامل المباشر مع هذه التغييرات في نوعيات الأسلحة النووية الجديدة، فهذه الوحدات الجديدة والتي ستنتج الجيل الجديد من الأسلحة النووية الإسرائيلية لن تكون في مفاعلات نووية جديدة، وإنما يمكن أن تعمل بشكل متكامل ومتناسق مع الوحدات الأخري المتخصصة في الأسلحة النووية التقليدية، خاصة أن العديد من التركيبات الكيميائية أو عمليات الإنتاج المعقدة قد يخدم بعضها البعض الآخر.
تجدر الاشارة هنا إلي أن الخطة الإسرائيلية سبق أن وافق عليها مجلس الوزراء المصغر منذ أكثر من عام وشارك في هذا الاجتماع بعض القيادات العسكرية والاستخبارية وثلاثة من المستشارين الفنيين المعنيين ببرنامج 'إسرائيل' للتطوير النووي أبرزهم 'بنيامين الهونسرا' الذي يتردد أنه صاحب الخطة الأصلية لمشروع شارون.
وكانت فكرة 'الهونسرا' الأصلية هي أن تتوقف 'إسرائيل' نهائيا عن إنتاج الأسلحة النووية التقليدية ويتم البدء فورا في إنتاج النوعيات الجديدة من الأسلحة النووية، إلا أن شارون طور هذه الفكرة باعتماده علي المصدرين التقليدي والوحدات الجديدة.
وفي مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر ثار خلاف بين أعضائه حول تكلفة تنفيذ هذه الخطة، حيث أشار البعض إلي أن تنفيذ الخطة يحتاج إلي 5 مليارات دولار، وأن الاقتصاد الإسرائيلي يمر بمرحلة أزمة حقيقية، ولن يكون قادرا علي حشد امكانات وموارد الدولة، إلا أن شارون أكد أن غالبية موارد هذا المشروع الجديد سيتم توفيرها بغطاء من الأموال الخارجية، وأنها ستكون قروضا طويلة الأمد. ووفقا للمعلومات فقد نجح شارون في الحصول علي 1.5 مليار دولار للبدء في خطوات تطوير وبدء المشروع، وبالفعل بدأت المرحلة الأولي في مفاعل ديمونة.
ولم تكن تلك هي المرة الأولي التي تحاول فيها 'إسرائيل' تجديد وتطوير مفاعل ديمونة، فمنذ سنتين بدأت 'إسرائيل' خطة محدودة لاحلال وتجديد بعض عناصر هذا المفاعل خاصة تلك العناصر التي كان قد بدأ التسريب النووي منها.
ومشكلة التسريب النووي من مفاعل ديمونة تعود إلي أكثر من خمس سنوات، وقد تسببت هذه المشكلة في تسميم البيئة بالكثير من مخلفات التسريب النووي، كما أن هذه المشكلة بدأت أصلا في إطار حيز محدود من خلال تهالك ما يطلق عليه 'الماسورة المحصنة' حيث بدأ التسريب من خلال ثقب صغير وأجريت تحقيقات إسرائيلية انتهت إلي أن ذلك الثقب تم بفعل عمدي، وأنه لم يكن يعبر عن أخطاء في التركيبات الفنية أو المواصفات الفنية للعناصر المستخدمة في مفاعل ديمونة.
وعلي الرغم من أن دائرة الاشتباه للمخابرات العسكرية الإسرائيلية توسعت إلي حد شمل حوالي 20 شخصا، إلا أن أيا منهم لم يثبت عليه قيامه بهذا الفعل المتعمد. لكن المشكلة الأكثر وضوحا أنه وعلي الرغم من احتياطات الأمن التي أعقبت هذا الحادث إلا أن ذلك مثل بداية الانهيار في الاحتياطات الوقائية والحماية في داخل المفاعل، حيث بدأت تتآكل بعض العناصر والمكونات الأساسية للمفاعل، وهذا ما حدا بالحكومة الإسرائيلية لإنشاء منشآت نووية جديدة، غير أن المشكلة الأساسية في هذه المنشآت النووية الجديدة أنها تقع بالقرب من مناطق سكنية حتي ولو كانت بعيدة نسبيا، إضافة إلي أن الحيز المكاني في باطن الأرض يعد ضيقا بالنسبة للحيز المكاني القائم في مفاعل ديمونة، ولذلك قررت 'إسرائيل' أن يتم التطوير من خلال هذا المفاعل تحديدا.
وقد بدأت التجربة الأولي في شهر يناير الماضي، عندما تم استبدال 4 مكونات أو عناصر بدت للجهات الفنية الإسرائيلية أنها في طريقها للتهالك، إلا أنها ستمثل مصدر خطورة في خلال الأعوام الثلاثة القادمة، كما أن هذه المكونات أو العناصر كانت قد تعرضت لمشاكل في الوقاية وترتيبات الحماية قبل ذلك، وبالتالي فإن خطوات التجديد بها استمرت لأكثر من عام، إلي أن قررت الحكومة الإسرائيلية أن تبدأ بها، إلا أنه من الناحية الأخري فإن الآراء الفنية اتجهت إلي التركيز علي هذه المكونات أو العناصر الأربعة، باعتبارها الوحدات الأساسية للاحلال والتجديد، وأن يتم تخصيص خط أو عنصر من هذه المكونات الأربعة للوحدات النووية الجديدة حتي يكون اداؤها مرتفعا، وباعتبار أن هذا الخط كان يعمل بطاقة مكثفة فإن نقله للوحدات الجديدة مع التطوير اللازم سيحدث آثارا ايجابية.
وعلي هذا الأساس بدأت المرحلة الأولي في خطة تطوير المركب '1' أو ما يطلق عليه 'كمبورد اتلانتف' وكانت الأمور تسير بشكل جيد خلال شهر مايو الماضي، فكمبورد يستجيب بشكل سريع لمراحل الاحلال والتجديد، كما أن القدرات الفنية بدت عالية ومرضية في تحقيق هذا الهدف، بالإضافة إلي أن المستلزمات الجديدة كانت علي درجة عالية من الكفاءة والتقنية، إلا أن واحدا من المعوقات المهمة التي تشكلت لجنة فنية محدودة لحلها منذ شهر مارس الماضي كانت هي احلال عنصر يطلق عليه 'شارتر ماشين' محل عنصر يطلق عليه، 'مين كمبورد' لأن هذا الجزء كان يتعلق بوحدة التشغيل الأساسية للوحدات النووية الجديدة إلا أن المشكلة الأساسية هو أن ال'مين كمبورد' يعد الحلقة الأساسية في البرنامج النووي التقليدي وهذه الوحدة هي أكثر الوحدات اشتعالا لأدق المواد والمستلزمات النووية، وأنها أكثر الأماكن عرضة للتسريب والاشعاع النووي، كما أن هذه الوحدة تعمل بطاقة استيعابية كاملة ولمدة 24 ساعة متواصلة، وأن الفنيين الذين يعملون علي هذه الوحدة من أكثر المهارات الفنية قدرة وعلما علي التحكم في المفاعل وعندما عرضت مشكلة الاحلال والتجديد علي شارون قرر تشكيل لجنة فنية من 10 فنيين وأكاديميين متخصصين في تطوير هذه الوحدات الجديدة، وكذلك الاستبدال والاحلال والتجديد لعناصر أو مكونات المشروع.
وقد انتهت اللجنة من اعداده تقريرها النهائي في أواخر ابريل الماضي، وقدمت ثلاثة حلول وتم عرض هذه الحلول عمليا علي شارون من خلال أجهزة تحاكي مفاعل ديمونة، وأن الخبراء الذين قدموا هذه الحلول اتفقوا علي أن معايير الأمن متفاوتة.
فأحد هذه الحلول بلغ معيار الأمن والحماية يقصد عدم تسريب أي اشعاعات نووية بنسبة 98 % إلا أن تكلفته عالية وتزيد علي الموازنة المقررة لهذا الجزء بنحو 50 % . والحل الثاني بلغت فيه نسبة الأمن والسلامة 95 % وبتكلفة تزيد علي الموازنة المقررة بنحو 40 % . والحل الثالث نسبة الأمن والسلامة فيه تبلغ 92 % وبتكلفة تزيد علي الموازنة المقررة بنحو 20 % .
وشرح الخبراء المعنيون لشارون الطرق الفنية التي سيتم استخدامها والمدي الزمني المقرر الذي سيبلغ نحو ثلاثة أشهر، في حين أن البديل الثالث يمكن أن تزيد نسبة الأمن فيه إلي 94 % ، إذا قدر أن خطوات التنفيذ سوف تستغرق أربعة أشهر. وقد ركز الخبراء علي أن هذه الحلول الثلاثة هي الحلول المتبعة في أكثر دول العالم تقدما، إلا أنها جميعا محفوفة بالمخاطر، لأن الخطر يظل قائما في معامل الأمن والسلامة حتي ولو كان بنسبة 1 % ، لأن ذلك سيرتب مباشرة تسريبا نوويا واشعاعات تؤدي إلي وفاة آلاف الأشخاص واصابة الملايين بالعديد من الأمراض المستعصية والقاتلة.
وكان من رأي أحد الخبراء من رؤساء هذه اللجنة وهو 'شياراس مهرو' أن يتم تأجيل تنفيذ هذه المهمة إلي نهاية المشروع، محذرا من أن هناك خطورة فعلية في تنفيذ هذا الجزء لأن نسبة مخاطره ستكون عالية وستسبب ألما نفسيا لكل القائمين علي خطوات تطوير المشروع إذا ما حدثت أية خسائر أو اخفاق غير متوقع في هذا الجزء، إلا أن شارون اعتبر أن آراء 'شياراس' تبدو محبطة وأن ذلك يؤثر علي تنفيذ المشروع وهو ما دعاه إلي تجاهل ذلك الاقتراح تماما والاصرار علي استكمال المشروع ووضع الخطط العاجلة والطارئة للتنفيذ سريعا وبدون النظر إلي أي معوقات.
وهكذا بدأت رحلة التجديد الجزئي في مايو الماضي، إلا أنه ومع بدايات شهر يوليو الماضي حدث ما يشبه الكارثة داخل هذا المشروع وحدث ما توقعه 'شياراس'، فقد اختار شارون البديل الثالث الأقل أمنا من البديلين الأول والثاني، وأثناء مرحلة التنفيذ حدث انفجار ضخم في أحد مكونات ال'مين كمبورد' وأن هذا الانفجار أدي إلي وفاة ثلاثة من الفنيين الذين كانوا يعملون عليه، وأن أحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلي تقليل عدد المصابين أو الضحايا بصفة عامة أن الانفجار حدث مساء وفي أحد أيام السبت مما أدي إلي عدم وجود عدد كبير من العاملين، كما أن خطة تطوير المشروع كانت متوقفة في ذات الليلة.
وقد قللت الجهات الإسرائيلية في البداية من خطورة هذا الانفجار ورأت أنه يمس مكونا داخليا، وأن الفنيين الثلاثة الذين ماتوا كان ذلك بسبب تواجدهم اللصيق في هذه المنطقة، وأنه لن يترتب علي الانفجار أي تسريب أو اشعاع نووي.
أما الواقع الفعلي فقد كان عكس ذلك تماما، حيث أشار أحد الخبراء الإسرائيليين *الذي أرسل تقريرا بهذه الوقائع إلي الكنيست ثم جري اعتقاله* إلي أن الانفجار الذي حدث كان كارثة حقيقية لمفاعل ديمونة، لأن إحدي الوحدات الرئيسية في ال'مين كمبورد' قد انفجرت وأصبحت كل المواد النووية قابلة لأن تتسرب وأن تنتشر ليس في الأجواء الإسرائيلية فحسب ولكن في العديد من المناطق المجاورة خاصة مصر والأردن.
وأشار الخبير الإسرائيلي في تقريره إلي 'أن المشكلة الحقيقية في هذا الانفجار هي أن طاقته الانبعاثية أي معدلات التسريب النووي تزيد أضعافا مضاعفة عن أي معدلات أخري، لأن هذه الطاقة تعمل علي خط رئيسي يعمل بكفاءة عالية، وهذه الكفاءة تشكل طاقة انبعاثية كاملة، كما أن أحد مصادر الخطورة الحقيقية هو أن هذه الطاقة متعددة ومتنوعة وتحتوي علي قدر كبير من المواد المختلفة التي تعد من أدق المكونات القائمة للبرامج النووية، وأن هذا النشاط يتزايد باستمرار مع ال'مين كمبورد'.
وكشف التقرير أن الانفجار حدث بسبب أخطاء فنية مهمة، وأنه لابد من محاكمة المتسببين عن ارتكاب هذه الأخطاء، وأن الخطأ الفني الذي أدي إلي هذا الانفجار تعلق بعمليات الاحلال والتجديد في ال'مين كمبورد'، حيث إنه بعد سحب ثلاثة من مكونات العناصر الداخلية 'للكمبورد' فإنه تبقي (7) من هذه المكونات وكان من المفترض علميا أن يتم سحب العناصر العشرة من الكمبورد في ذات التوقيت، وأن تكون العملية علي التوالي، إلا أن المسئول الفني الذي تسلم نسخة من تعليمات اللجنة قرر بعد أن انتهي من سحب المكونات الثلاثة إرجاء ذلك العمل لأسباب فنية إلي يوم آخر وذلك علي الرغم من تأكيداته السابقة بأن مفاتيح الاغلاق كانت محكمة، وأن كل الاحتياطات في نقل المكونات الثلاثة إلي مناطق آمنة كانت متاحة أيضا.
ووفقا لرأي هذا التقرير فإن مفاتيح الاغلاق لم تكن محكمة بالدرجة الكافية، لأن الاحكام الكافي كان سيؤدي إلي تفاعلات داخلية يترتب عليها تشغيل أجهزة الانذار المفاجئة مما سيؤدي إلي التدخل الفني والأمني العاجل، أما عدم الاحكام فلا يترتب عليه تشغيل هذه الأجهزة، وإنما يؤدي إلي اضاءة أجهزة معينة وهو ما لم يتنبه إليه الفريق الفني أو الأمني، مما ترتب علي ذلك حدوث التفاعلات الداخلية، وما أدت إليه في مرحلة لاحقة من حدوث هذا الانفجار النووي الذي مثل خطأ جسيما لا يمكن انكاره.
وأشار التقرير إلي أن أحد العوامل المسئولة مباشرة عن حدوث هذا الانفجار النووي هو تهالك المكونات والعناصر، وأنه من المفترض في جهاز الاغلاق المحكم أن يتم اغلاقه بشكل كامل فور اتمام عمله، إلا أن ذلك لم يتم.
وأشار التقرير إلي أن هذا الانفجار ترتب عليه تسرب نووي واشعاعات بكميات كبيرة لأن هذه الأنابيب مرتبطة بأنابيب أخري خارجية تؤدي إلي امتصاص نواتج الاشعاعات النووية في داخل المفاعل لنقلها إلي خارجه وهذا ما أدي إلي انتشار كميات كبيرة من هذه الآثار إلي المناطق المجاورة، الأمر الذي ترتب عليه قيام السلطات الإسرائيلية بتوزيع أقراص مضادة للاشعاع علي مواطنيها.
وأكد التقرير احتمال تسرب هذه الاشعاعات إلي حدود دول مجاورة وأن آثاره ستظهر علي البشر وكافة مظاهر الحياة الأخري بعد حين.
هذا عن تطورات هذا الحدث الخطير الذي أثار حالة من الاهتمام والفزع الشديد في كافة الدوائر الإسرائيلية إلا أن الأمر في مصر ظل ولايزال طي الكتمان ولم يتم اتخاذ أي نوع من إجراءات الوقاية تحسبا للتطورات الخطيرة المتوقعة من جراء عملية التسرب النووي الحالية أو ما يمكن أن تسفر عنه الأيام القادمة من وقائع ربما تكون أشد خطورة!!.