المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حقيقة النظام الأسدي المقاوم الممانع!!



هند
27-03-2012, 03:41 PM
هذه مقالة كتبها أحد الإخوة المعتقلين الذين أفرج عنهم من قريب، يصف فيها معاناته في سجون مدَّعي المقاومة ، وهي تنبض بالمعاناة والألم والصدق ، نقدمها للقراء الكرام ، ونسأل الله الفرج القريب عن المعتقلين في سجون الصمود والتحدي، وسجن سوريا الكبير .


قلعة الصمود

تتردَّد هنا وهناك وعلى أفواه الكثيرين عبارات تتحدث عن سوريا ودورها في دعم المقاومة ويصفونها كثيراً بقلعة الصمود والتحدي لم أكن أود في الحقيقة أن أكتب هذه الكلمات لكن لكثرة سماعي لمثل هذه العبارات وجدت نفسي مندفعاً للكتابة أخفف من وطأة الضغط النفسي الذي تثيرها في نفسي سماع مثل هذه العبارات من جهة وما عاينته في فترة حبسي من جهة أخرى هذه الفترة التي عشتها في مطلع شبابي في سن الثالثة والعشرين ولمدة أربع سنوات تنقلت فيها بين ثمانية فروع أمنية تشترك جميعها في البشاعة والتنكيل بالبشر، وهذه الفروع هي :
1-فرع الأمن السياسي بحمص .
2-فرع الفيحاء الأمن السياسي.
3-سجن عدرا السياسي .
4-فرع فلسطين .
5-فرع الدوريات .
6-سجن صيدنايا .
7-فرع التحقيق العسكري .
8-فرع فلسطين .
لن أتحدث في هذه المقالة عما عانيته في هذه الفروع الأمنية ،وسأتركه لمقالة أخرى بعون الله ، لكن سأتحدث عن سوريا قلعة الصمود والتحدي كما يدعون .
فقد كانت وقفتي الأولى مع المقاومين في فرع الفيحاء التابع لشعبة الأمن السياسي، فبعد ترحيلي إلى دمشق وإلى فرع الفيحاء بالتحديد تمَّ إدخالي إلى الغرفة 2 التي كانت مخصصة للسجناء العرب وهي في القبو كان فيها ما يقارب 13 رجلا ً اثنان منهم سوريان والباقي من الأشقاء العرب من الأردن وتونس واليمن وفلسطين ولبنان والسعودية والعراق، وكل هؤلاء من الشباب الذين دفعتهم نخوتهم للدفاع عن شعب العراق ونصرة شعبه ضد الاحتلال الأمريكي، وهم أيضا ً ممَّن تلقفتهم يد قلعة الصمود لتزجَّ بهم في قبو فرع الفيحاء الذي هو واحد من قلاع الممانعة التي تمنع المقاومين من الوصول ليس إلى العراق وحدها بل حتى الاقتراب من الحدود. وفرع الفيحاء هذا هو واحد من مجموعة قلاع وله أشباه كثُر : فرع فلسطين – الدوريات - أمن الدولة بفروعه الكثيرة - المخابرات الجوية بفروعه المتعددة – الأمن السياسي ، وبما أن النظام هو دولة ممانعة فقد زجَّ بهؤلاء الأحرار في الأقبية دون شمس أو هواء أو دواء يأكلهم القمل والجرب.
كانت مساحة الغرفة 2 = أمتار بـ 4 أمتار مع الحمام والمغسلة ،والحمام لا يتجاوز 1 متر في 1متر، وهو حمام ومغسلة ومكان لنشر الملابس، وفيه صنبور الماء للشرب ولقضاء الحاجة وللاستحمام.
لقد كانت قلعة الصمود والتحدي عاجزة أن تقدم لنا الصابون، وكنا ننتظر أن يأتي أحد الموقوفين ليشتري لنا الصابون، كما أن الحمام ليس فيه تهوية للخارج، فالروائح تملأ الغرفة كلما خرج أحدهم لقضاء الحاجة .
من هؤلاء الشباب المعتقلين : شاب أردني، اسمه عبد الرحمن البشابشة المتهم مع مجموعة من السوريين بتهريب السلاح إلى حركة حماس. عندما التقيت أول مرة به كان له في قبو الفرع سنتان ونصف، وبعد سنتين ونصف التقيت به في سجن صيدنايا، وعلمت أنه تم تحويله إلى محكمة أمن الدولة العليا وتمَّ الحكم عليه بالسجن 7 سنوات:
ومن هؤلاء أيضاً شاب تونسي اسمه ماهر عبد الحميد، تم اعتقاله لمدة 9 أشهر بتهمة نية الذهاب إلى العراق، وقد نقل لي هذا الشخص أنه تمَّ اعتقال شخص لأنه رأى في المنام أنه يجاهد في العراق، وقد روى المسكين الرؤية أمام أحد المخبرين الذي آجر به ورفع تقريره إلى الأمن السياسي .
تمَّ نقلي بعد عدَّة أيام إلى المنفردات، وقد بقيت في هذه المنفردات مدة 9 أشهر، كان هناك 24 منفردة، ومما يستوقفني في هذه المنفردات شخص أفغاني بقي موقوفاً في المنفردة 10 مدة 5 سنوات بتهمة القاعدة من قِبل العميد علي مخلوف، ومساحة المنفردة 1 متر في مترين ،وفيها حمام لقضاء الحاجة مع صنبور الماء مع صحن بلاستيكي يستعمل للشرب وللغسيل والطعام وكل الاستعمالات بالإضافة إلى أنه لا يوجد تهوية في المنفردة، وقد تم نقله بعد 5 سنوات إلى سجن عدرا السياسي ليقضي المسكين سنتين وليتم بعدها تحويله إلى فرع فلسطين، وقد خرجت من السجن وأنا اعلم أنه لازال موجوداً في فرع فلسطين .
بعد 9 أشهر من المنفردات تمَّ تحويلي إلى سجن عدرا السياسي وبالتحديد إلى الغرفة 12 وقبل دخول أي شخص إلى هذا السجن لا بد أن يستقبله المقدم عمار صوفان بالجلد وليس الضرب فحسب حتى أن انه كان يضرب السجناء على رؤوسهم بالعصا.
دخلت الغرفة 12 طولها 12 في 5 أمتار، وفيها 45 شخصاً وعندما يدخل أي شخص يقوم المساعد أبو أشرف بكتابة اسمه وتهمته، وتفاجأت في هذا السجن بوجود تهمة اسمها الانتساب إلى المقاومة العراقية، وكان من هؤلاء المقاومين من بات في هذا السجن لمدة سنتين أو أربعة، ومنهم من بات 5 سنوات .
في هذا السجن التقيت بعشرات العراقيين الذين أوقفوا في قلعة الصمود والتحدي بتهمة الانتساب إلى المقاومة العراقية بلا زيارات ولا نقود ،من هؤلاء شخص سوري موقوف إلى هذه اللحظة في قلعة الصمود بتهمة تهريب السلاح إلى المقاومة العراقية وإلى كتائب ثورة العشرين بالتحديد، وهو منذ 5 سنوات ونصف في السجن لم يحاكم إلى الآن .
تمَّ نقلي بعد عشرة أشهر إلى فرع فلسطين ،حيث كانت المأساة أكبر ففيه مكتب مكافحة الإرهاب، وكانت جميع القضايا تحال إلى هذا الفرع وكما الحال في فرع الفيحاء وسجن عدرا السياسي كان العرب والمقاومون العراقيون يملؤون هذه السجون.
كان في هذا الفرع 38 منفردة ،نام فيها من المقاومين العراقيين والسعوديين والفلسطينين واللبنانيين 3 و4 و5 سنوات .
من هؤلاء شخص لبناني اسمه إبراهيم السعدي، نام في المنفردة ( 14)أربع سنوات ونصف وهو لبناني فلسطيني من عين الحلوة، وكانوا حريصين جداً على عدم اختلاطه بالمساجين.
ومن العراقيين الذين التقيت بهم في هذا الفرع شخص اسمه أبو أحمد من الرمادي، تم اعتقاله من قبل أمن الدولة، وبقي هناك سنتين قبل تحويله إلى فرع فلسطين بتهمة المقاومة وعند اعتقاله من قبل أمن الدولة كان معه ابنه أحمد البالغ من العمر 3 سنوات، وقد أخبرني الرجل أنهم كانوا يضربون ابنه أمامه كي يعترف، وقد ذكر لي هذا الشخص قصة شخص عراقي التقى فيه في فرع أمن الدولة والقصة كما يلي : شخص عراقي يسكن في مدينة في ريف حلب أنجبت زوجته في المشفى، وأحضر الرجل زوجته من المشفى، وذهب ليجلب لها الدواء من الصيدلية، وعندما دخل الصيدلية دخلت وراءه دورية تابعة لأمن الدولة، أتت لتقبض على صاحب الصيدلية لأنه كان يبيع أدوية محظورة مخدرة. سألوا العراقي عن اسمه، وعندما علموا أنه عراقي، أخذوه وتمَّ تحويله إلى أمن الدولة في دمشق، وبعد ثلاثة أشهر فقد الرجل عقله وجنَّ نهائيا حزنا على زوجته .
في قلعة الصمود والتحدي يتم تسليم المقاومين العراقيين إلى حكومة العراق ليتم تنفيذ حكم الإعدام بحق الكثيرين منهم كما نقل ذلك لنا الكثير من العراقيين الذين قدموا من العراق !!
في قلعة الصمود والتحدي يحكم على حسين الحريري، وهو من درعا بالسجن لمدة 6 سنوات لأنه كان ينوي تجميع بعض الشباب في درعا وإرسالهم إلى العراق، وعندما حوكم في محكمة أمن الدولة، جاء نص الحكم : 6 سنوات بتهمة إنشاء معسكر بالقرب من حدود إسرائيل .
فى قلعة الصمود والتحدي يُعرى السجناء بالكامل في فرع فلسطين وكافة فروع الأمن العسكري وأمن الدولة .
في قلعة الصمود والتحدي تمنع الصلاة ويبصق على من يؤذن ويجلد 10 جلدات كل من يقبض عليه وهو يؤذن ويقال له: لا تنبح يا كلب .
في قلعة الصمود والتحدي تقطع عنا المياه في صلاة الفجر حتى لا نصلي وتمنع عنا المصاحف .
في قلعة الصمود والتحدي تلد النساء داخل فرع فلسطين دون طبيب أو مشفى ويموت الطفل بعدها.
في قلعة الصمود والتحدي يأتي موقوف من فرع الريف وفي ظهره 75 مكانا أطفأت السجائر فيه على يد الرائد مناف.
في قلعة الصمود والتحدي خرج أحد الشباب إلى التحقيق في فرع فلسطين واستطاع أن يسرق في طريق عودته صفحة جريدة لنجد مكتوبا فيها خبر عن الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، والمقالة من جريدة الثورة وعنوانها : عشرون أسيراً فلسطينيا لايرون الشمس في فلسطين منذ 10 أيام، ونحن فينا من لم ير الشمس منذ 3 سنوات .
قصة أخيرة أختم بها مقالتي المختصرة المعتصرة بالألم : جاء شخص إلى فرع فلسطين سوري الأصل سويدي الجنسية، وعندما خرج إلى التحقيق بدأ يرفع صوته مطالبا بالمحامي وحقوق الإنسان، فقال له المحقق: إن لم تصمت سأعاملك معاملة مواطن سوري ؟؟!!
في قلعة الصمود والتحدي وحدها يتمنى الإنسان أن يعامل معاملة الكلب لكنه لا يحظى بذلك فنحن قي نظرهم لا نستحق الحياة، نمرض فلا دواء، نبرد فلا نجد الدفء، يُسرق طعامنا ودواؤنا ، وفي أربعينية الشتاء نبقى بالثياب الداخلية لشدة الرطوبة والحرارة العالية من الزحام وضيق المكان.......
في قلعة الصمود والتحدي أنت في بلد العجائب ......