المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دور العراق التاريخي وتأثيره على العالم



حقاني
16-03-2012, 01:42 AM
منذ فجر التاريخ والعراق له مذاق خاص في عنفوانه، وسداد رجولة أبنائه، واستطاع أن يفرز قادة تجاوزوا زمن الحكم وحدود التاريخ وسياج الجغرافيا، فتركوا بصماتهم ليس على العراق فحسب، بل خارج العراق، وبقيت آثارهم ماثلة تفقأ أعين كل الجاحدين وتدوس نعالهم جماجم العملاء والخونة والجواسيس، الذين أرادوا تشويه العراق الجغرافيا والإنسان.
العراق بلد قاتل كل الظروف وتحدى كل الصعاب، وكانت زنود أبنائه تحمل بنادق التضحية والفداء في وجه كل من أراد بالعراق شرا، ولا يهدأ لهم بال ولا تسكن نفوسهم إلا وقد أعادوا الحياة الحرة الكريمة ممن أراد اغتصابها أو تشويهها، سواء كان من الغرباء أو ممن يتسلقون سياج الوطن، لحرف الوطن والمواطن عن مسيرة التضحية والبذل والعطاء.
امتلك نبوخذ نصر قدرة القيادة والشجاعة، فجاء على أوكار أبناء الأفاعي وجراثيم الفساد والإفساد، التي عاثت في ارض فلسطين ولوثت ترابها الطاهر كما هي اليوم، وأخذهم بالأعناق وقيدهم بالسلاسل، وطهر أرض فلسطين من مفاسدهم الكريهة، في السبي البابلي الشهير، الذي دفع بحاخاماتهم إلى التزوير، فيما أصاب عقولهم حقد وجنون، فدفعوا بحماقات الجنون، لتزوير كتابهم المقدس ووصايا موسى عليه السلام، فيما لا يمت لعقل بشر ولا يستسيغه إنسان، أصابت شغاف قلبه ذرة من إيمان، في عدائه وحقده على الإنسان والإنسانية.
كان العرب في سبات اشد حلكة مما يمرون به اليوم، فكانت كل مدينة من مدن الشام دولة تتنافخ في تكاذب العظمة المزيفة، وكان الصليبيون يرتادون المنطقة العربية بلاد الشام بجحافلهم العسكرية البربرية، تحت كذب تحرير قبر السيد المسيح، وهم الذين يهدفون الهيمنة والسيطرة والنهب لخيرات الشرق من العرب، وكانت كل مدينة عربية كانتون مزيف، تقيم الأفراح لسقوط اخيتها في يد الصليبيين، وهي تعلم إن زمن سقوطها قد أوشك لأن دورها هو القادم، كما هو حال العرب اليوم بعد سقوط فلسطين وتآمرهم على ضياع العراق.
في مثل هذا الزمن الصعب برز القائد صلاح الدين، الذي امتلك روح القيادة والشجاعة، فاستطاع أن يوحد العرب في مصر وبلاد الشام وتحرير بيت المقدس، وحق للعراق أن يفخر به، خاصة في مثل هذه الأيام، التي يتسابق فيه شذاذ الآفاق من الطرزانيين على تمزيق العراق، ورهنه للقوى الإمبريالية والصهيونية والشعوبية.

بعد نكبة حزيران في ستينيات القرن الماضي، التي جاءت على هزيمة العرب على أيدي الكيان الصهيوني، وبالإضافة لضياع فلسطين كاملة، انتهت أراضى سورية ومصرية تحت هيمنة الكيان الصهيوني، وبعد سنة وعشرة أيام جاء الرد العراقي في ثورة السابع عشر من تموز، التي فجرها حزب البعث العربي الاشتراكي، وفي ظل مؤامرات داخلية وخارجية استطاعت القيادة أن تنجز كثيرا من مشاريع التنمية المادية والبشرية، على طريق تحرير العراق واستقلاله، حتى وصول السيد الرئيس صدام حسين إلى الموقع الأول في الدولة.
امتلك صدام حسين الفكر والثقافة والقيادة والشجاعة، واستطاع أن يبني وطنا مرهوب الجانب، وكان حضوره العربي والدولي اكبر بكثير من حجمه وإمكانياته، لان للقيادة حضورها الفاعل والمميز في قلوب الآخرين من أصدقاء وأعداء، وكان لهزيمة العراق للعدوان الشعوبي الفارسي وتبنيه إستراتيجية التحرير الشامل لكل فلسطين، الأثر الكبير في التحالف الإمبريالي الصهيوني العربي الرجعي الفارسي، وبعد غزو العراق واحتلاله، تمكن صدام حسين أن ينقل معركة العراق مع الغزو الأمريكي إلى الشارع العراقي، في مقاومة كان قد اعد لها وهيأ كل مستلزماتها، استطاعت أن تفشل المشروع الإمبراطوري الأمريكي، وأن تذيق الأمريكان دروسا أكثر مرارة مما خبروه في فيتنام، التي أورثتهم عقدة الهزيمة
هو العراق الذي أنجب الرجال العظام، وهو العراق الذي كتب صفحات المجد في كل تاريخه، فإذا كان حمورابي أبو القانون، ونبوخذ نصر بطل السبي البابلي، وصلاح الدين بطل الوحدة والتحرير، وصدام حسين بطل الممانعة والمقاومة، فأن العراق وطن الرجال الرجال، وسفر الخلود الإنساني الأرضي والسماوي .