مشاهدة النسخة كاملة : كشف ألغام التحرير : لغم المحاصصة المحسنة .... صلاح المختار
salah71
02-09-2010, 05:41 PM
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رسائل التبصير : كشف الغام التحرير
الرسالةالعاشرة : لغم المحاصصة المحسنة - 1
لتكن قوسك مهيأة ولكن أجَل إطلاق السهم
مثل صيني
شبكة البصرة
صلاح المختار
ثمة هاجس شعبي عام ساد، بعد الانتخابات المزورة، حركه وقواه التأخر المشبوه لتشكيل الحكومة رغم ظهور النتائج، يتنبأ بان احداثا جساما ستقع قريبا، وهذا الهاجس صحيح ومعطيات الواقع العراقي والعربي والاقليمي واتجاهات الوضع الدولي تدعمه، فما الذي يحدث في العراق وحوله؟ هل تأخير تشكيل الحكومة عفوي؟ ام انه مخطط له مسبقا ولماذا؟ وماذا تستبطن مؤامرة الاتصالات السرية والعلنية الدولية والاقليمية منذ شهور؟ ان ما يجري في العراق منذ مطلع عام 2009، وخصوصا منذ اجراء الانتخابات المزورة الاخيرة، هو عبارة عن تنفيذ متدرج ومدروس لمخطط امريكي - صهيوني - ايراني متطور ويختلف من حيث الصيغ عن المخططات السابقة، لكنه اخطر منها كلها.
ولئن كانت المخططات السابقة منذ غزو العراق عبارة عن تنفيذ لمؤامرة اطرافها الرئيسية والفاعلة هي امريكا، (وخلفها ومعها واحيانا قبلها الكيان الصهيوني) وايران، فان المخطط الجديد مدعوم من قبل جهات اكبر واوسع، وتشمل انظمة عربية مجاورة للعراق وتركيا واوساط اوربية. لكن ما يجب الانتباه اليه هو ان مشاركة الاطراف الجديدة لا تعني انها كلها تتأمر على العراق لان بعضها لا يعرف الابعاد المخفية من المخطط ويقصد من انخراطه فيما يسمى (ترتيب الوضع العراقي) خدمة استقرار العراق، ولذلك يبقى المـتامر الاصلي الذي حدد اوجه التخريب المطلوب وغير المعلن غالبا هو امريكا وايران والكيان الصهيوني، وهذه ملاحظة ارجو عدم نسيانها لتجنب تشويه مواقف اطراف معينة.
ان السؤال الذي ينجينا الجواب عليه بصواب من كوارث المحاصصة المحسنة المحتملة هو: ما هي قسمات هذا النمط من نظام المحاصصات المحسن؟ وفيما يلي الخطوط العامة لذلك المخطط، كما تبلورت وكما اعترفت بخطوطه العامة امريكا واطراف اخرى بصورة رسمية او بصورة غير رسمية :
اولا:هزيمة لامفر منها:في تأكيد للقناعة التي ظهرت في اوساط القادة العسكريين الامريكيين بعد معركتي الفلوجة الاولى والثانية تبلورت في عام 2008 فكرة طاغية لدى القوى الرئيسية التي تصنع القرار الامريكي، في الادارة والكونغرس والتي توجه ماكنة الاعلام الامريكي والصهيوني، تقول بان البقاء في العراق بصيغة دولة احتلال امر مستحيل خصوصا بعد الفشل التام للحل العسكري، بكافة تغييراته الستراتيجية وبدائله، لوجود المقاومة المسلحة، وشقيقتها الداعمة وهي المقاومة السلمية، والتي تمكنت من مواجهة واحباط الخطط الامريكية الاساسية، لذلك فان فكرة الانسحاب من العراق، حتى لو لم تهزم امريكا في معركة عسكرية كبرى و حاسمة، هي الحل العملي الذي ينقذ امريكا من توالي عواقب الاحتلال وتضخمها بنسب هندسية.
ورغم وجود معارضة قوية للانسحاب الا ان الانهيار المالي الخطير في امريكا وتوالي مسلسلاته في العالم وما قدمه ذلك من مؤشر الى ان امريكا لن تستطيع مواصلة غزو العراق الا اذا قبلت مغامرة تحول الانهيار المالي فيها الى انهيار شامل للنظام الراسمالي، نقول رغم ذلك فان الانسحاب صار انقاذا لامريكا من اكبر كارثة محتملة في تاريخها وهي كارثة بروز احتمال تفكك النظام الراسمالي الامريكي وفرض نفسه كقضية ممكنة وعملية وقريبة.
ولاجل التوفيق بين تحقيق مكاسب ستراتيجية من غزو العراق وتجنب الانهيار الداخلي الامريكي اختارت نخب صنع القرار سياسة تقوم على اجتذاب قوى اقليمية لمساعدتها على تحقيق التوجه الجديد هذا مقابل مكاسب خاصة لكل قوة اقليمية، الامر الذي ربط التنفيذ بايصال ادارة جديدة تستطيع التملص من التوجهات والالتزامات الاصلية لغزو العراق، فكان وصول اوباما نتاج تلك السياسة، وليس نتاج اجتهاده، وتم اختياره للرئاسة لانه كان من معارضي غزو العراق ليبدو الامر وكأن معارضي الحرب وصلو ا االبيت الابيض واتخذوا قرار الانسحاب تطبيقا الموقف سابق للانهيار المالي. واختارت النخب (الممثلة للشركات الكبرى) التي تحدد التوجهات الرئيسية لصناع القرار الاطراف التي تستطيع مشاركة امريكا في تنفيذ الخطة الجديدة وهي الانسحاب، وما يجب ان يقترن بها من خطط لتوفير استقرار بشكل ما، والاطراف هي كل من ايران وتركيا وسوريا والسعودية، ولذلك بدأ الحديث عن ضرورة مشاركة هذه الدول في حل ازمة العراق منذ عام 2008 وهو عام الاقرار باستحالة مواصلة غزو العراق بطريقته الاصلية.
ثانيا : وردة اوباما السوداء بدل خنجر بوش الاحمر. جاء اوباما وهو محمل بتلك الخطة التي لاتقل خطورة عن الخطة الاصلية لغزو العراق بل ربما تكون اخطر بكثير، كما سنرى، ولذلك كانت محطته الاولى تركيا، والتي زارها في اطار تأكيد تكتيكي على احترام الاسلام والمسلمين ، وكان خطابه في مصر ايضا متمحورا حول ذ لك، وتلك هي الوردة السوداء التي قدمها لتركيا ومصر، وجاءت خطوة زيارة مصر وتركيا (وابداء حسن نية) تجاه الاسلام والمسلمين محاولة مزدوجة، فمن جهة اراد ترويج فكرة ان امريكا لاتعادي الاسلام، ومن جهة ثانية اراد ايجاد موازن اقليمي لايران في عملية ترتيب اوضاع المنطقة العربية ومحيطها الاقليمي. هل سمعتم بوردة سوداء؟ نعم انها تنبت في امريكا فقط وتحديدا في قصر اسمه على غير مسماه وهو البيت الابيض مع انه كله سواد!
وكان البند الاول، كما وضحته الايام، الاكثر خطورة على مستقبل العراق والامة العربية، في جدول اعمال اوباما يتضمن ما يلي :
1- تفويض تركيا بالقيام باتصالات مع جهات عراقية عديدة، خصوصا اطراف محددة في المقاومة العراقية والقوى المناهضة للاحتلال، من اجل اجتذابها للعملية السياسية الجديدة.
2- تحسين، او تمتين، سريع لعلاقات تركيا مع الاطراف الاقليمية التي تريد امريكا اشراكها في تنفيذ الخطة، وهي ايران وسوريا والسعودية.
3- اصرار امريكي له دلالات بعيدة على ابعاد مصر وعدم السماح لها بلعب دور بارز في التحركات الاقليمية.
4- اعادة قطر الى حجمها الحقيقي بعد منحها دورا اكبر من حجمها وقدرتها وخبرتها في التحركات الاقليمية كما فعلت ادارة بوش الابن.
وابلغ اوباما رئيس الوزراء التركي بان هيلاري كلنتون وزيرة الخارجية ستزور تركيا للبحث في تفاصيل التفويض الامريكي لتركيا. وبالفعل قامت كلنتون بتلك الزيارة وحددت الخطوط العامة لتركيا التي يجب ان تتحرك ضمنها، واهمها اجتذاب اطراف معينة في المقاومة العراقية وقوى سياسية محددة الى حلبة العمليةالسياسية الجديدة واقامة تنسيق اقليمي واسع خصوصا مع ايران وسوريا والسعودية من اجل جعل الخطة تبدو كأنها من صنع الاطراف الاقليمية وليس امريكا وحدها. كما نشطّت الادارة الامريكية صلاتها بالسعودية بعد فترة اهمال والاعتماد على قطر، وحسنت علاقاتها مع سوريا، بينما تزايدت الاتصالات الايرانية الامريكية العلنية والسرية من اجل الوصول الى حل اقليمي لازمة العراق.
ثالثا :تأهيل تركيا. ولم تكن قضية العراق وحدها موضوع التحرك الامريكي عبر اطراف اقليمية، فلقد كان موضوع فلسطين ايضا يقع ضمنه، ولذلك كان يجب صنع صورة لتركيا مقبولة كي تستطيع التحرك الفعال لتحقيق حلول تؤدي لالتهام ماتبقى من اشلاء القضية الفلسطينية مثل حل مشكلة الكيانين الفلسطينيين في القطاع والضفة ورفع الحصار عن غزة واعلان دولة قزمة في الضفة والقطاع...الخ، وبما انه حل ضمن الامر الواقع فقد فرض ذلك ان تكتسب تركيا صورة المدافع الشجاع عن القضية الفلسطينية، مقابل التخاذل العربي الرسمي، كي تستطيع كسب دعم بعض رافضي الحل الاستسلامي واوساط جماهيرية مهمة تحلم بموقف قوي تجاه الكبان الصهيوني، واخيرا وليس اخرا العمل التركي النشط لضبط ايقاع صراع الديوك الامريكي - الايراني ومنعه من التحول الى اطلاق نار حقيقي، ونكرر ونؤكد بان الدور الاخير لتركيا الخاص بضبط ايقاع عراك الديوك، هو مطلب امريكي واضح. ومن الضروري الانتباه الى ان النقاط الثلاثة المذكورة تؤدي الى نتيجة خطيرة جدا وهي تعظيم الدورين الايراني والتركي وتحقير الدور العربي بجعله محض اداة هامشية وتابعة ومنفذة ولا قدرة لها على التأثير الفعال، واهمال مصر بثقلها السكاني والتاريخي – وبغض النظر عن موقفها السياسي الذي لا يختلف كثيرا عن مواقف الانظمة العربية عموما – يقدم لنا صورة عن اصرار امريكي بالاتفاق مع اطراف اخرى على تهميش العرب في عملية ترتيب الوضع الاقليمي.
اذا اخذنا بنظر الاعتبار هذه الملاحظات الثلاثة فانها تكفي لتسليط الاضواء الكاشفة على ما جرى وما يجري حول العراق خصوصا كيفية اشراك الاطراف المذكورة في ترتيب الوضع العراقي :
1- ان المطلوب الان من وجهة نظر امريكية هو تطبيق نظام في العراق يقوم على تجميع كتل صغيرة على نفس الاسس التي وضعها بول بريمير : المحاصصة العنصرية الطائفية، مضافا اليها هذه المرة كتل صغيرة نشأت عقب الغزو على اسس مختلفة منها العشائرية والمناطقية والمصلحية والمالية...الخ، بعضها وطني والاخر موال للاحتلال. والهدف هو ذاته هدف بريمير : ان يبقى العراق مشرذما كما جعله الاحتلال ومفتقرا للعمود الفقري وللشرط المسبق النهضته وتعافيه واستعادة قوته، وهو وجود نظام حكم وطني ملتزم بالاسلام، بصفته المرجع الاساسي للتشريع، ولكن لا يحكمه رجال دين، وان يكون قويا ومركزيا وفعالا وقادرا على الامساك بالعراق كله من ابراهيم الخليل في شمال العراق الى جنوب البصرة، معتمدا على جماهير واسعة منظمة تتبع قيادة مركزية منسجمة وموحدة متسامية على كل اشكال الطائفية والعرقية ولها ستراتيجية و طنية واضحة، مع الاستبعاد التام لفكرة حكم حزب واحد او لون واحد.
ان اهم دروس التاريخ العراقي، القديم والحديث، هو ان نهوض وقوة العراق وتقدمه وازدهاره يتطلب، اول ما يتطلب، نظاما وطنيا مركزيا وقويا، وهذا الدرس استوعبه العراقيون القدماء منذ نبوخذ نصر. ولذلك لم تكن صدفة ابدا ان اول خطوات الاحتلال كانت الغاء الدولة وتحطيمها وحل احد اهم رموزها وهو القوات المسلحة، وقيامه بتصفية قسم كبير من (العقل العراقي) ممثلا بعلماءه وخبراءه وقادته المجربين، وفرضه نظاما يشتت القوى العراقية ويحيّدها ويمنع وحدتها، وهو نظام المحاصصة الطائفية – العرقية. وهذه الخطوة الجبارة والمحورية في غزو العراق خطط لها المحافظون الجدد قبل الغزو باكثر من خمس سنوات في دراسة اصدروها في عهد بيل كلنتون عنوانها (القرن الامريكي) اكدت بوضوح تام ان العراق يجب ان يهمش اقليميا ويضعف داخليا من خلال ما يلي :
أ- جعل جيشه اقرب للشرطة المحلية من الجيش التقليدي لحرمانه من القدرة على التأثير الخارجي وبذلك يلغى او يهمش دور العراق الاقليمي.
ب- تطبيق نظام فدرالي، هو في الواقع نظام كونفدرالي، لانه يقيم ثلاثة كيانات شبه مستقلة واحد باسم الاكراد والثاني با سم الشيعة والثالث باسم السنة، وتتمتع هذه الكيانات بالسيطرة على الثروات في منطقتها، وتقيم جيوشها الخاصة (الميليشيات) وبذلك ينحدر الجيش المركزي الى مستوى شرطة فدرالية لاتعمل الابموافقة الكيان الفدرالي وتتغلب قوة ميليشيات الكيانات على قوة الجيش المركزي. كل ذلك وضع تحت غطاء ان المطلوب (منع العراق من التوسع والاعتداء على جيرانه ودول المنطقة الاخرى – المقصود الكيان الصهيوني). ان هذه الصيغة تهمش الدولة المركزية وتجعلها غير قادرة حتى لو ارادت على التدخل في شؤون ما سمي ب (الكيانات الاتحادية).
ج- جعل الثروة في المقام الاول حق الكيان الفدرالي وليس الدولة المركزية، وبذلك تحرم الدولة المركزية من اهم عوامل تأثيرها داخليا وخارجيا وهو القدرة على استخدام الموارد في بناء الدولة وتسييرها وتعزيز دورها في كل القطر. ان تسليم الثروة للكيانات المنفصلة وتقديم فتات منها للمركز يجعله مضطرا لمسايرة الكيانات تلك والاعتماد عليها من اجل الحصول على نسبة من الموارد الموجودة في منطقتها.
هذه الخطة ارادت امريكا تطبيقها بعد الاحتلال، وضمنتها في الدستور الكونفدرالي الذي وضعه الصهيوني الامريكي نوح فيلدمان وفرضته بمساعدة عملاء الاحتلال، من شيعة وسنة واكراد وغيرهم، على العراق وشعبه، ونشطت القوى الانفصالية في الشمال والعملاء المزدوجون لايران وامريكا في الجنوب من اجل ذلك، وتبعتهم فيما بعد عناصر طائفية سنية طالبت بدولة سنية في الوسط والغرب. لكن التيارات الوطنية والقومية من المقاومة المسلحة احبطت هذا المخطط بدعم شعبي شامل رافض للتقسيم او لتهميش العراق، لذلك اقترنت الهزيمة العسكريةالامريكية في العراق بهزيمة مشروع تقسيم العراق او تقزيمه وتهميشه. من هنا فان خطة اوباما ادخلت تعديلات تفصيلية وليست جوهرية على خطة المحافظون الجدد، من اجل قبولها باقل معارضة ممكنة.
2- ان المطلوب امريكيا الان هو اسقاط صيغة المحاصصة التي جاء بها جورج بوش، المهترئة والفاشلة، والتخلص من اغلب رموزها التي دشن الاحتلال وجوده بالاعتماد عليها، والاتيان بوجوه وكتل جديدة بعضها لم يحترق بعد، وزج قوى مناهضة للاحتلال في العملية السياسية المحسنة والمجددة، بما في ذلك فصائل من المقاومة. واستنادا لذلك دعت تركيا، وبالتنسيق مع ايران وامريكا، في مطلع عام 2009 جهتان تقولان انهما تمثلان السنة والشيعة وتعارضان الاحتلال، الجهة السنية ارسلت موفدها وهو الناطق الاعلامي باسمها من الاردن سرا، والشيعية، ارسلت ممثلها من طهران علنا وهو مقتدى الصدر،، واجرت تركيا محادثات معهما حول صيغة جديدة لحل ازمة العراق تقوم على اشتراكهما في العملية السياسية المحسنة القادمة بعد انتخابات 2010، الى جانب عدد كبير جدا من الكتل الصغير الاخرى. ثم زار وفد من فصيل اسلاموي سني تركيا ورتبت تركيا له لقاء مع الامريكيين جرت خلاله عملية اطلقت عليها تسمية (مفاوضات) وكانت في الواقع عملية مخابراتية امريكية لاحتواء منظم واعداد منظم لجهة تشترك باسم المقاومة في العملية السياسية المحسنة.
وجاء كشف تلك الاتصالات هذا العام عن طريق احدى الفضائيات مقصودا (من قبل امريكا طبعا) ليكون استفزاز للقوى الوطنية وفصائل المقاومة الوطنية والقومية والاسلامية التي رأت في تلك الخطوة جزء من محاولات منظمة اخرى لاشعال الفتن بين فصائل المقاومة من جهة، ولدفع فصائل اخرى لطلب اللقاء مع الامريكيين بواسطة تركيا بدافع الغيرة والتنافس الحزبي الطفولي من جهة ثانية.
وينبغي هنا الانتباه الى نقطة بالغة الحساسية وهي ان اتصالات تركيا قد تمت على قاعدة الوضع القائم اي على اساس طائفي – عرقي وليس على اساس وطني عام، فقد دعي تيار طائفي شيعي عن طريق ايران ودعي تيار طائفي سلفي سني مباشرة، وفي ذلك مؤشر لا يخطأ الى اصرار امريكا ومن تخوله للعمل في اطار فولاذي صارم هو اطار المحاصصات الطائفية العرقية ورفض التفاوض مع قوى وفصائل وطنية غير طائفية. كما ان اطرافا عربية مخولة من امريكا ومتعاونة مع تركيا في هذا الاطار قامت بنفس الخطوات : العمل مع كتل طائفية بصفتها كتلا طائفية من اجل التوصل الى صيغة لن تكون سوى التطبيق المحسن لنظام محاصصات بوش الابن وممثله الرسمي بريمير.
اما القوى السياسية والفصائل المقاتلة ذات الهوية الوطنية والقومية، والتي تنفرد بتمثيل كل مكونات الشعب العراقي، فلم يتم تجاهلها فقط بل انها اخذت تواجه حلقة جديدة من مخططات التأمر عليها، وفي هذه الحلقة نلاحظ وجود مخطط شامل ومدروس بدقة، ويشارك فيه اكثر من طرف، لتفتيتها واشعال الفتن بينها واحتواءها بأسم االتوحيد تارة، وباسم التكفير والانفراد با لسلطة تارة اخرى! ورغم دعوة احد ممثلي تلك الفصائل الوطنية والقومية الى تركيا لحضور مؤتمر لدعم المقاومة فانه لم يقم باكثر من القاء كلمة في حين ان الاخرين من الكتل الاسلاموية دخلوا غرفا سرية للتفاوض مع تركيا حول صيغة المحاصصة الجديدة. ولتوضيح الصورة الحقيقية اكثر نقول بان السفير الامريكي في العراق حينما روجت اشاعات كاذبة بعد الانتخابات الاخيرة تقول بان (امريكا نادمة على غزو وتدمير العراق وانها تعمل من اجل المساعدة على عودة البعث للسلطة) رد بقوة وغصب على هذه الفرية : انها معلومة تافهة وسخيفة اذ كيف نضحي بالاف الجنود ومليارات الدولارات ونسمح بعودة البعث للسلطة؟ نحن من اسقط البعث وليس من المنطقي ان نعيده او نساعد على ذلك.
لكن هذه الاشاعة لم تكن صادقة الا من ناحية واحدة وهي استخدام تسمية البعث، فالادارة الامريكية واطراف عربية معروفة تريد اشراك تجمع في العملية السياسية المحسنة يتستر زورا باسم البعث، مع الافراغ التام لهذا التجمع من كل ما يمت للبعث من صلة بالمبادئ والنقاء الوطني والقومي والاشتراكي. كما ان الخطة تتطلب اشراك اكبر عدد ممكن من الاسماء والكتل – حتى لو كانت مما يسمى (حزب الشخص الواحد) – من اجل اضفاء طابع التنوع والجدة وطمس الرائحة العفنة لمن تعاون مع الاحتلال بالاصل من جهة، ولضمان تحقيق اكبر تشتيت وتوزيع ممكنين للولاءات الشعبية العراقية السياسية والطائفية والعرقية والايديلوجية والمالية، على ان يتم ذلك التشتيت للجماهير على حساب القوى الوطنية المترفعة على الطائفية والعرقية والفساد المالي والخيانة الوطنية بحرمانها من جماهير كان يجب ان تكون معها وتدعمها من جهة ثانية. انه العزل المنظم للقوى الوطنية وفصائل المقاومة الوطنية والقومية وغير الطائفية، سواء كانت بعثية او غير بعثية. والسؤال هنا هو ماذا نسمي ذلك؟ انه اجتثاث البعث بصيغته المعقدة والمدروسة والمحسنة والتي فرضها فشل الاجتثاث المباشر الفج والمرفوض. واجتثاث البعث في العراق هو في الواقع والتطبيق العملي اجتثاث لعروبة العراق ويبدأ ذلك بتصفية، او شيطنة، الحزب العروبي الجماهيري الوحيد في العراق.
يتبع..........
salahalmukhtar@gmail.com (salahalmukhtar@gmail.com)
منتصف اب 2010
شبكة البصرة
الخميس 9 رمضان 1431 / 19 آب 2010
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
salah71
02-09-2010, 05:57 PM
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رسائل التبصير : كشف الغام التحرير
الرسالة العاشرة : لغم المحاصصة المحسنة -2
لتكن قوسك مهيأة ولكن أجَل إطلاق السهم
مثل صيني
شبكة البصرة
صلاح المختار
3- ان العودة لتطبيق نظام المحاصصة الجديدة هدفه الرئيسي القيام بمحاولات جديدة لتقزيم العراق بنقل السلطات الفعلية والحقيقية من المركز في العاصمة، كما جرى الحال منذ الاستقلال، الى الاطراف او ما يسمى (الاقالم الفدرالية)، كما يجري العمل منذ الاحتلال. ان هذه الخطوة في المخططات الامريكية – الايرانية حتمية في ضوء عوامل مهمة عديدة منها :
أ- الفشل الذريع لخطة تقسيم العراق التي طبقت حتى عام 2006 والتي سفكت أثناءتطبيقها دماء أكثر من مليون عراقي وبطرق غاية في البشاعة، من اجل جعل الناس تطالب بالتقسيم بصفته اهون من الموت الجماعي والاذلال المستمر والعذاب اليومي. لقد برز اجماع عراقي عظيم من البصرة وحتى حدودنا الشمالية خصوصا منذ عام 2007 يطالب بتعزيز وحدة العراق والتخلي عن الفدرالية والمحاصصات، وكانت القوى الوطنية التي تضم كل مكونات العراق اولا، والعشائر التي تجمع داخلها الشيعة والسنة بصلات رحم او قرابة، وتوجد قبائل فيها عرب واكراد ايضا، ثانيا، هي التي احبطت خطة تقسيم العراق، بعكس اغلب رجال الدين من السنة والشيعة الذين كانوا اخطر المحرضين على تقسيم العراق - بغض النظر عن نواياهم الشخصية - من خلال التحصن بطائفتهم بدل التحصن بوطنيتهم وقوميتهم، والاخطر اعتقاد كل فريق طائفي بانه قادر على تطويع الاخر بالقوة او ابادته وتهجيره من العراق! لذلك فان دعاة التقسيم (الطائفيون السنة والشيعة والعنصريون من صهاينة شمال العراق) فرض عليهم فرضا التراجع التكتيكي عن مخطط التقسيم والعمل على تهيئة بيئة جديدة قد تساعد على تنفيذه لاحقا.
ب- كيف يمكن العودة الى خطة التقسيم بعد ان فشلت وخرج شعب العراق من هذه المحنة المدمرة بقوة وحدة شعبه متمسكا بعراقيته بصورة اقوى مما مضى؟ ان الحل البديل هو تطبيق خطة مرحلية وانتقالية وهي العمل بصورة ادق نوعا واوسع كما من اجل تقزيم العراق، عبر وسيلتين خطيرتين هما الفدرالية والليبرالية، فالفدرالية، كما خطط بالاصل، تخلق حالة لم تكن موجودة من قبل وهي امساك الفدراليات الثلاثة (الشيعية والسنية والكردية) بالسلطة الحقيقية، السياسية والعسكرية والاقتصادية والامنية والادارية...الخ، وتجريد المركز منها.
اما الليبرالية فانها بقيامها اصلا على مبدأ الحرية الفردية وتغليبها على الحرية العامة تدعم تلقائيا وتفرخ (شرعيا) عملية انبثاق الاحزاب والكتل الصغيرة، خصوصا تشجيع انتشار (حزب الشخص الواحد) والاحزاب الطائفية والعشائرية والعرقية واحزاب (رجال الاعمال)...الخ، وبمنح هذه الكتل الصغيرة والانفار المتناثرين بلا رابط حريات مفتوحة في النقد والخصام مع الاخرين فان الليبرالية ستضمن تحقيق هدف مركزي امريكي – ايراني – صهيوني وهو تفتيت القوة الرئيسية للشعب العراقي بتوزيعها ونقلها الى كتل صغيرة وهامشية التأثير، تستخدمها ليس في بناء العراق واستعادة عافيته بل في خوض صراعات عراقية – عراقية لا يستطيع اي طرف منغمس فيها حسمها لصالحه لان الجميع، بما انهم كتل صغيرة واحيانا مجهرية، عاجزون عن تحقيق الغلبة على الاخرين.
وهكذا بفدرالية – كونفدرالية في الواقع – تجرد العاصمة من السلطة وتنقلها للاطراف المنفصلة عمليا، وبشرذمة شعب العراق وجعله عبارة عن كتل صغيرة جدا وباعداد كبيرة جدا، يتحول العراق عمليا الى قطر مقزم ومهمش ضعيف داخليا وتابع خارجيا.
ج- ومن يعتقد بان خطة التقزيم هذه ترفضها ايران، حرصا على وحدتها هي، مخطأ لان هذه الخطوة تخدم ايران مثلما تخدم امريكا، فهي تخدم ايران لانها تخشى من تقسيم العراق السريع وغير المموه لانها معرضة للتقسيم اكثر من العراق بحكم كون القومية الفارسية اقلية لا يتجاوز عددها 40 % من السكان في ايران، لذلك فان (الرابطة الايرانية) ومهما بدت قوية فهي اصطناعية وعرضة للتمزق في لحظة ازمة او حالة انهيار سياسي او عسكري، في حين ان القومية العربية في العراق تشكل اكثر من 85 % وهي بهذه النسبة الكاسحة داينمو ربط عضوي جبار للاغلبية الساحقة من شعب العراق ولعبت دورا عظيما وهو انها كانت وماتزال قوة توحيدية هائلة.
وهذه الحقيقة اثبتتها تجربة الاحتلال اذ انها ضمنت بقاء العراق موحدا رغم كل الكوارث التي حلت بشعب العراق ورغم بروز نزوع صهيوني رسمي لدى زعامات كردية اعلنت رسميا انها تريد الانفصال، مثلما تغلبت الرابطة القومية لدى عرب العراق على التحريض الطائفي الايراني، لذلك فان تقسيم العراق اذا نجح ستكون محطته التالية ايران، وطبعا تركيا دون ادنى شك، اما اذا نفذت خطة تقزيم العراق فان تقسيمه سيجري تدريجيا وبهدوء يقلل من تأثيراته على ايران وتركيا ويوفر لهما فرص التحوط الكبير، بعكس التقسيم السريع والعنيف الذي يجلب الانظار ويحرك المشاعر الانفصالية في ايران وتركيا.
اما امريكا فانها لا تريد تحمل مسئولية تقسيم العراق بعد تجربة سنوات الاحتلال الاولى الكارثية حيث برزت جهات امريكية تنتقد الادارة الامريكية وتحملها مسئولية الخراب الذي حل بالعراق، ولذلك تريد تقسيمه ليبدو وكانه عمل عراقي وقرار عراقي يتخذ بعد سنوات من تقزيمه بفضل تطبيق النظام الفدرالي بكل الغامه الخطيرة والتي لابد وان تتفجر في يوم ما وتجعل استمراره مستحيلا عند ذاك يطرح الانفصال بصفته الحل الاقل شرورا. ان التدرج والهدوء وطول الوقت في تقسيم العراق هو الضمانة الاساسية لمنع انتقال جرثومة التقسيم الى ايران وتركيا ومنع اتهام امريكا بالمسئولية عنه، وهذا بالضبط ما يجعل تقزيم العراق خطوة لابد منها للتمهيد للتقسيم.
د- عندما تنشأ (امارات) اسلاموية متنافرة ومتصارعة حول المذهب وموارده المالية، وتقوم جمهوريات علمانية متناثرة ومتقاتلة تمثل احداها ماركسي سابق نقل عمالته من موسكو الى واشنطن او لندن او تل ابيب، او رجل اعمال ليس ليس لديه اي موهبة او ذكاء الا في جمع المال الذي يريد تسخيره لاقامة امبراطورية تزيد نهبه وتروج ل(ذكاءه وعبقريته)، او طامح هو اقرب للمجنون يجد في الليبرالية فرصة لاطلاق افكاره الشاذة والتي تصل احيانا ادعاء النبوة او الالوهية، كما فعل احد الاشخاص في الفيس بوك قبل ستة شهور، عندما يحصل ذلك وغيره كثير يصبح العراق بفضل بركات الليبرالية والفدرالية اسوأ من الصومال : مجرد ساحة لقتال لا يعرف احد لم اندلع بالضبط وكيف يجب ان ينتهي، ونتيجة لكوارث صراعات لاتنتهي تتعزز الحاجة لشرطي امن يضبط الوضع وهو امريكا طبعا.
ان الليبرالية سم قاتل للعراق خصوصا في هذه المرحلة التاريخية الخطيرة، وهي كتوأمها الفدرالية، من اهم سرطانات التهام جسد العراق، ولذلك لم تكن صدفة ولا جهلا اصرار امريكا على تطبيق نوع متخلف من الليبرالية في العراق لا يفضي الا الى تدمير الشعب ومحو هويته الوطنية وتفتيت رابطته القومية.
ه-وعلينا ان لاننسى ابدا ان خير بيئة لاطلاق الفتن الطائفية والعرقية هي بيئة الليبرالية والفدرالية في قطر شرقي ساد فيه لالاف السنين نظام (الاستبداد الشرقي) التقليدي، والذي كان محور جدل بين مثقفي ومفكري اوربا في نهاية القرن 19، والذي يبدأ من الاستبداد في الاسرة والمحلة والعشيرة وينتقل منها الى السلطة، مادام الحاكم هو من تشرب منذ طفولته بمفاهيم وثقافة الاستبداد الشرقي، فاذا سقط نظام مركزي وقوي جدا فان البديل الليبرالي والفدرالي، وهو ابعد البدائل عن نظام الاستبداد الشرقي، لن يكون الا اداة شرذمة واقتتال لا ينتهيان الا بتقسيمه، وهذا بالضبط هو الهدف المركزي لامريكا والكيان الصهيوني. ولو ان دعاة الليبرالية يؤمنون بالليبرالية الحقيقية فانهم كانوا ملزمين بالمرور بعدة مراحل انتقالية تمهد لنظام ليبرالي ورغم هذا فانه من المستحيل ان يكون ليبراليا مشابها لليبرالية الغربية.
4 – من الحقائق الخطيرة التي تتحكم بمواقف الاطراف الرئيسية ويجب تذكرها دائما وعدم نسيانها ولو للحظة حقيقة ان تقسيم العراق لم يعد مصلحة صهيونية فقط كما كان الحال حتى ادارة بيل كلنتون، بل اصبح سياسة امريكا وبعض اوربا وبعض الانظمة العربية وايران. ان تجربة نهوض العراق علميا وتكنولوجيا وتحقيقه لتقدم هائل ونوعي بفضل انجازات ثورة 17 – 30 تموز العظمى عام 1968، والتي كان تعبيرها التاريخي والستراتيجي الابرز تحول العراق الى قوة اقليمية عظمى اسقطت بنجاح القوة الاقليمية الابرز مع الكيان الصهيوني وهي ايران حينما حاولت الاخيرة غزو العراق، في حين كانت تركيا مشغولة بهمومها الاقتصادية والسياسية وانغماسها التام بالعمل للانضمام الى الاتحاد الاوربي، وهي عوامل حالت دون لعبها دورا اقليميا رئيسيا، نقول ان تجربة نهوض العراق هذه كانت الدافع الاساسي لحدوث تغييرات نوعية في مواقف الدول المذكورة تجاه العراق ووحدته لانها ادركت متأخرة ان العراق قد خرج عن الطوق وتجاوز الخطوط الحمر التي وضعها الغرب لمنع العرب من تحقيق اي تقدم علمي وتكنولوجي واجتماعي لذلك لابد من تقسيمه او على الاقل تحجيمه بتقزيمه.
ونتيجة لذلك شهدت نهاية الثمانينيات، بهزيمة ايران امام العراق، بروز العراق بصفته القوة الاقليمية العظمى الوحيدة في المشرق العربي والتي اكملت عناصر لعب دور اقليمي كقوة عظمى بتحطيمها لنظرية (الامن الاسرائيلي) باختراق صواريخ العراق البعيدة المدى (43صاروخا) لكل الدفاعات الصهيونية وضرب قلب الكيان الصهيوني لاول مرة في تاريخ الصراع العربي – الصهيوني، في عملية عراقية رمزية اكدت ان نظرية الامن الاسرائيلي، التي قامت على خوض الحروب مع العرب خارج فلسطين المحتلة وفي اراضي الاقطار العربية، لم تعد قادرة على منع صواريخ عراقية من نقل المعركة الى داخل الكيان الصهيوني وتلك هي بداية اضمحلال هذا الكيان.
ان تعاظم قوة العراق اقليميا، وانفرا ده بامتلاك (قوة فائضة) عسكريا وسياسيا، حسب تعابير الغرب الاستعماري وقتها، قد حركت عوامل خوف مصطنع لدى انظمة عربية وقوى اقليمية ودولية، نتيجة دعايات الغرب وحملاته الاعلامية ضد العراق، والتي تمركزت حول أطروحة تحريضية وهي (كيفية استخدام العراق لقوته الهائلة)، واخذت تلك الدعايات تثير المخاوف في نفوس بعض ابناء الخليج العربي من العراق، لان تلك الدعايات كررت الادعاء بان العراق ربما سيحاول حل مشكلته الاقتصادية الناتجة عن الحرب بغزو دول خليجية ومنها الكويت، وهذه التسريبات الامريكية قامت صحافة كويتية بتكرارها بشكل ملحوط منذ عام 1988 وهو عام الانتصار على ايران وقبل بروز اي خلاف عراقي – كويتي. و كانت تلك بداية الاعداد لتدمير العراق.
ولئن كانت امريكا والكيان الصهيوني وايران اطراف لها مصلحة في تقسيم او تقزيم العراق فعلينا كعراقيين عرب ان نتذكر دائما حقيقة جديدة وخطيرة وهي ان هناك انظمة عربية – وليس نظاما واحدا - لها مصلحة مباشرة واحيانا صريحة في تقسيم العراق، وان تنفيذ هذا الطموح قد يتخذ شكل دعم عراقيين ضد عراقيين اخرين وتشجيع الفتن الطائفية والعرقية ونشر الفساد عبر اموال كثيرة تشترى بها الضمائر، والاهم محاولة هذه النظم وتلك الجهات العربية (اسناد) فصائل من المقاومة العراقية واطراف وطنية بدفع اموال لها ليس حبا بالمقاومة وبالفصيل او الطرف الوطني بل رغبة في افساده وحرفه عن نهجه الوطني التحرري.
ان مثال الدعم المالي الذي تقدمه اطراف خليجية، حكومية وغير حكومية، لعناصر وطنية وفصائل عراقية يقدم لنا مثالا خطيرا لدور انظمة وجهات تشارك في تنفيذ مخطط تقسيم العراق مثلما شاركت في تدميره بصورة اساسية بشن الحرب والغزو منها اولا وقبل اي طرف اخر، لكنها الان تحاول الظهور بصيغة الداعم لاطراف عراقية مناهضة للاحتلال من اجل اختراقها وبث الفتن بين الوطنيين والمقاومين للاحتلال! ان الاشارة الى دور اطراف خليجية التخريبي والمنفذ لخطط امريكا هو عبارة عن تنبيه اخوي ورفاقي وليس تشكيكا باحد على الاطلاق.
5 – ان تهميش العراق بالفدرالية والمحاصصة الجديدة وبالليبرالية وتطويقه من الخارج بحزام معاد له خائف منه هو التمهيد الضروري لتقسيمه في المستقبل. وتلعب التنظيمات الطائفية الدور الاخطر في تهميش وتقزيم العراق تمهيدا لتقسيمه لان الجماعات الطائفية، سنية وشيعية، مبنية (جينيا) على التحصن بطائفتها وجعلها هوية لها بدل الوطنية والانتماء القومي العربي، وهذا هو الشرط الحاسم والمطلوب لضمان تقسيم العراق بعد تفتيته من الداخل وتقزيمه وتهميشه في الخارج، وما سيحصل من تطورات لاحقة في العراق في الشهور القادمة سيقوم على استغلال اشد واذكى للالغام الطائفية خصوصا في الوسط المناهض للاحتلال بعد افتضاح دور الطائفيين الذين تعاونوا معه مباشرة، رغم ان هذا الصراع لا يستطيع اي طرف طائفي حسمه لصالحه لاسباب موضوعية معروفة اهمها ان نصف العراق سني ونصفه الاخر شيعي، وتلك هي النتيجة التي تريدها امريكا وايران والكيان الصهيوني ليبقى الصراع مستمر ولكن بنفس الوقت منضبطا بارادة امريكية وايرانية.
6 – ان تهميش وتقزيم العراق لابد وان يقترن بتعاظم ادوار قوى اقليمية وعربية تستغل غياب العراق فتحاول (ملأ الفراغ) الاقليمي الذي نشأ عن تحطيم القوى العظمى الوحيدة من جهة، وتتناطح فيما بينها من اجل تحقيق مكاسب داخل العراق، الذي صار هو بذاته فراغا يغري بدخوله بعد التحطيم المنظم والمقصود للدولة القوية والمركزية فيه، من جهة ثانية. ان بروز ايران وتركيا بالصورة الحالية كان مستحيلا تصوره قبل غزو العراق، وهو نتاج الخطة الشاملة للصراع الستراتيجي التي تتضمن هدفا مركزيا وجوهريا وهو اقامة نظام اقليمي جديد وموسع تقوده امريكا ويضم اسرائيل وتركيا وايران وتكون الاطراف العربية فيه مجرد توابع مهمشة، وهذه الحقيقة العيانية تفسر سبب التقزيم المتعمد في السنوات الاربعة الماضية لدور مصر والسعودية مع انهماعلى صلات حسنة جدا مع امريكا، والاصرار الان على مواصلة تقزيم مصر مع اعادة بعض الفعالية للسعودية الان.
من هنا يجب ان نتذكر حقيقة اخرى وهي ان بروز اطراف اقليمية عربية وغير عربية بعد تدمير العراق وتحييده بالغزو قد خلق مصلحة اخرى لدى تلك الاطراف تقوم على العمل على منع عودة العراق القوي لانه سيعيد ترتيب الادوار كافة من خلال استئناف دوره التقليدي كقوة عظمى اقليميا. وهذه الحقيقة تنطبق بقوة على تلك الاطراف التي كانت قزمة او مقزمة قبل تدمير العراق لكنها الان تلعب دورا نشطا وفعالا تحت المظلة الامريكية او خارجها ولكن بعدم معارضة امريكا، وهذه الاطراف حريصة على بقاء هذا الدور حتى لو تطلب ذلك مواصلة التأمر على العراق واضعافه وقبول اي خطة تقزمه او تقسمه.
يتبع.........
salahalmukhtar@gmail.com (http://us.mc1117.mail.yahoo.com/mc/compose?to=salahalmukhtar@gmail.com)
منتصف اب 2010
شبكة البصرة
الثلاثاء 14 رمضان 1431 / 24 آب 2010
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
salah71
02-09-2010, 06:07 PM
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رسائل التبصير : كشف الغام التحرير
الرسالة العاشرة : لغم المحاصصة المحسنة-3
لتكن قوسك مهيأة ولكن أجَل إطلاق السهم
مثل صيني
شبكة البصرة
صلاح المختار
ومما يزيد من اصرار امريكا والصهيونية وايران وانظمة عربية، خليجية وغير خليجية، على ابقاء العراق مقزما ما حصل بعد عام 1991، فلقد شهدت الفترة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وزوال ردعه وضغطه محاولة امريكية رسمية لاقامة نظامين في منطقتنا احدهما النظام الاقتصادي الاقليمي لكي يكون جزء من (منظمة التجارة العالمية) وظاهرة العولمة، تقرأ عمليا الامركة، وثانيهما نظام اقليمي سياسي يضم الاطراف التي ذكرناها مدعوما بمنظومة عسكرية شاملة، على جثة الجامعة العربية والهوية العربية. ولكن لا النظام الاقتصادي الاقليمي قام ولا النظام السياسي الاقليمي انبثق، فما السبب؟
هناك حقيقة معروفة لدى الساسة ورجال الاعمال وهي ان راس المال لا يأتي الا بتوفر الاستقرار والامن، وكان الاستقرار الاقليمي مفقودا تماما بعد العدوان الثلاثيني على العراق (1991) واحتدام الصراع، بين حركة التحرر الوطني العربية وطليعتها العراق مقابل امريكا والصهيونية ومن معهما، بدل زواله او تراجعه نتيجة الحرب على العراق وتدميره في عام 1991، والتي صممت لانهاء معارضة العراق ومقاومته للمشاريع الاستعمارية والصهيونية.
ان راس المال – اي راسمال - جبان لا يعمل الا في ظل الاستقرار وضمان ماله ومصالحه، وبما ان اكمال الانبطاح العربي للكيان الصهيوني وامريكا، وهما الشرطان الاساسيان لقيام نظام بديل عن الجامعة العربية يتخلى عن الهوية العربية والوجود العربي ويقوم على هوية اقليمية تتجاوز القومية العربية، كان مستبعدا في ظل وجود عراق قوي كان مازال متمسكا بتحرير فلسطين ورافضا للحلول الاستسلامية ومواصلة سياسته الاقتصادية التحررية المستقلة خصوصا في مجال النفط، فان امكانية اقامة نظامين جديدين اقليميين اقتصادي وسياسي كانت معدومة. لذلك فان جوهر المخططات الامريكية والصهيونية والايرانية قام على قاعدة ثابتة وهي ان تدمير العراق وتفتيت مصادر قوته واهمها هويته العربية ومفهوم ونظام الدولة المركزية والقوية هو الشرط الحاسم والمسبق الذي يمهد لاقامة نظام اقليمي جديد تماما لا مكان للعرب فيه الا كتوابع مهمشين بينما تلعب الاطراف غير العربية الدور الفعال فيه تحت الزعامة الامريكية.
7 – ان تهميش العراق وتسييد مصطنع لليبرالية والفدرالية فيه يراد به التذويب التدريجي لهوية العراق بصفته قطرا عربيا فيه اقليات قومية ودينية، بتحويل القومية العربية من قومية تشكل اكثر من 85 % من سكانه الى مكون واحد من بين مكونات اخرى بحجمه او قريبة منه، لذلك فان الاحتلال الامريكي وافق، بل وشجع، على قيام ايران بادخال ملايين الفرس والاكراد من ايران وتركيا ومنح ابراهيم الجعفري باعترافه حينما كان رئيسا للوزراء الجنسية العراقية ل 5 ,2 مليون غير عراقي، بالاضافة للذين دخلوا عن طريق الزعامات الكردية الى شمال العراق من ايران وتركيا وسوريا ولبنان واوربا وغيرها لزيادة عدد الاكراد. ان الهدف الرئيسي لهذه التغييرات السكانية هو تذويب الهوية العربية للعراق تنفيذا للمخطط الاصلي للاحتلال. وعزز ذلك بمحاولة تقسيم العرب الى سنة وشيعة كي تنخفض نسبة العرب وتصبح 20 % بدل 85 %، كما ادعى الاحتلال الايراني ودعمته امريكا والكيان الصهيوني بقوة، وهو هدف واضح في عراق ما بعد الغزو.
لقد قسم الشعب الى ثلاثة كتل : اكراد وشيعة وسنة، واختفت تسمية العرب من قاموس العراق المحتل! وتكررت كذبة غير مدعومة باي احصاء – ببساطة لانه لم يحصل اي احصاء على اساس طائفي - تقول بان العرب السنة يمثلون بين 20% و40 % من المسلمين في العراق في حين رفع اسم العرب عن الشيعة وصارت تسميتهم تنسب للطائفة بدل قوميتهم، وهم عرب اصلاء كانوا عربا قبل الاسلام وما زالوا عربا وسيبقون عربا رغم انف امريكا وايران.
ما معنى هذا؟ انه يعني امرا رئيسيا خطير وهو ان الطائفية تستخدم كاهم سلاح في تقسيم العراق لان وحدة عرب العراق تحّيد تلقائيا وبصورة حتمية الجيب الصهيوني الانفصالي في شمال العراق وتشكل السد الاعظم الذي تتكسر عليه موجات التقسيم والشرذمة، ومن ثم فان الكتل الطائفية من مختلف الطوائف تعد الاحتياطي الستراتيجي الاكثر اهمية لامريكا والصهيونية وايران حتى من الجيب الصهيوني في شمال العراق. وهذه الحقيقة تترتب عليها حقيقة اخرى وهي ان الجهد الرئيسي للتحالف الشرير الامريكي – الصهيوني – الايراني ينصب على اختراق الكتل الطائفية والامساك بها بقوة وعدم السماح لاي معتدل فيها بالبروز ودفع المتطرفين من الطرفين لاحتلال موقع صنع القرار لضمان وجود فتن طائفية في العراق تفجر مقومات قوته وتبددها بصورة دورية ومنتظمة.
وهنا لابد من التأكيد على ان استخدام الكتل الطائفية لا يقتصر على الكتل التابعة للاحتلال بل هو يشمل، ويتركز اكثر، منذ عام 2006 على من يعارض الاحتلال منها، لانها اخطر من عملاء الاحتلال اذا تمسكت هذه الكتل الوطنية بطائفيتها وبقيت عبدة لها تحركها بقوة لا تضاهيها قوة الوطنية والقومية.
8 – هنا نصل لحقيقة خطيرة ومركزية وهي ان المال العربي بالنيابة عن امريكا قد لعب دورا خطير وتخريبيا في افساد عناصر كثيرة في المقاومة العراقية، فهذه المقاومة الفريدة التي انطلقت من رحم الشعب ومناضليه الاوفياء بعد اعداد طويل عسكريا ووطنيا وقوميا واسلاميا قامت به قيادة البعث، خصوصا منذ عام 1991، فوصفت ب(اليتيمة) لانها اعتمدت على مواردها الذاتية في البداية، لكن شيطان المال العربي والامريكي تدخل بقوة ليس لشراء شيوخ وكتل شكلت الصحوات فقط، بل ايضا، وقبل واهم مما سبق، لاجتذاب عناصر وبعض الفصائل في المقاومة الى مائدة المال!
لقد ردت انظمة عربية معروفة على تصاعد المقاومة المسلحة وتبلور دورها كقوة قادرة على تحرير العراق بتنفيذ مخطط امريكي خطير وهو تقديم دعم مالي لعناصر من فصائل اسلاموية فقط، واغراقها بالمال لدرجة ان (المجاهد) من هؤلاء كان لديه مال فائض كان يوزعه على من يريد، وتدريجيا بدا التحول الخطير، فالمجاهد الفقير ماديا والذي كان يعتمد على تبرعات شحيحة للقيام بعملياته، وكان يتقدم للاستشهاد والجنة هي محركه الوحيد، اخذ يعتاد على المال والرفاهية، ولم يعد يبذل جهدا كبيرا في البحث عن متبرعين عاديين بالمال بل زاد اعتماده على المال الخليجي حتى جاء يوم اصبح الاعتماد عليه كليا، وهنا وصلت امريكا الى ماكانت تريده وهو رهن هذه العناصر، وليس الفصائل، لمن يدفع المال لان هذه العناصر لم تعد قادرة على الاستغناء عنه.
عندها تبلورت ظاهرتين خطيرتين، الظاهرة الاولى ان المجاهد القديم المحب للاستشهاد صار يحب الحياة ويتجنب تنفيذ عمليات جهادية كما كان يفعل، وهذه الحالة انسحبت على المتطوعين الجدد الذين وجدوا المال بانتظارهم فاعتمدوا عليه اولا بصفته عاملا يسهل العمل الجهادي لكنه بمرور الزمن تسربت اليه الرفاهية فاصبحت لدى مجاهدين سيارات وزوجات وبيوت واطفال واقارب واتباع يجب ان يصرف عليهم من مال المقاومة! والظاهرة الثانية انه بفضل المال غطي نقص او انعدام عمليات نتيجة تراخى وترف وتبطر فلجأ هذا النوع من المجاهدين الى طريقة شيطانية لاخفاء تركه للجهاد وهي شراء افلام تصور عمليات ضد قوات الاحتلال قامت بها فصائل اخرى فقيرة، وهي فصائل وطنية وقومية واسلامية غير تكفيرية، ولا تملك مالا لان الانظمة العربية تحاربها وترفض دعمها، فاخذ التزوير ينتشر لدرجة ان احدى العواصم العربية تتحدث علنا عن قصة مؤلمة جدا وهي ان المخابرات في ذلك القطر استدعت ممثل احد الفصائل وسألته عن مصدر فيلم لعملية ضد الاحتلال بث باسم فصيله مع بيان، فقال انه فيلم صوره فصيله، فما كان من ضابط المخابرات الا ان يقول له اذن شاهد ما يلي، فعرض نفس الفيلم ولكن بدون اسم الفصيل الذي بثه، وقال له اليس عيبا ان تنسبوا هذا الفيلم لكم وهو من اعمال فصيل اخر باعه لكم!؟
اننا اذ نكشف عن ذلك الحال المدمر لبعض الفصائل فلكي نوضح، ولا نشهر بدليل اننا تجنبنا ذكر اسماء وهي لدينا، مخاطر الاعتماد على مال انظمة عربية كانت اداة غزو وتدمير العراق وهي عملت وماتزال تعمل تحت امرة امريكا على تفتيت العراق، وهذه حقيقة تعرفها العناصر التي تقبض المال من تلك الجهات ولكنها تتناساها لان اثر المال اصبح اقوى من الجهاد ومقاومة الاحتلال. بل ان تلك العناصر دخلت في صراعات داخلية عنيفة فيما بينها وحصلت انشقاقات كثيرة وكان السبب الحقيقي ليس الخلافات الايديولوجية او السياسية بل الاختلاف حول توزيع المال والحصص!
لا تقلقوا من الصحوات فهي نتاج مباشر ورسمي للاحتلال وهي تحتضر نتيجة انتهاء دورها في توجيه ضربات مؤلمة للمقاومة، وتجاوز المقاومة لتلك الضربات بقوة واقتدار، بل اقلقوا من (مجاهدين) افسدهم مال انظمة خليجية لدرجة انهم لم يعودوا يهتمون باخفاء مصادرهم المالية، وتخلوا عن الحذر والحيطة وصارت لهم فلل وسيارات فارهة وحراس وحضور افراح واتراح في موكب لا يرافق الا مسئولين كبار في دول، واخذوا يقدمون المال لصحفيين وكتاب من اجل امتداحهم ومهاجمة من يريدون، وكثرت مقارهم العلنية في اكثر من عاصمة وبلد، وتضاعفت جولاتهم المكوكية وغير المكوكية في العالم، كل هذا وهم كانوا بسطاء جدا من الناحية المالية قبل الغزو! ان ابرز مثال مؤلم لهذه الحالة هو احد قادة فصيل اسلاموي، وكان منظّره الاول ومفتيه ومرجعه الفقهي، لكنه صار جزء من العملية السياسية ومن ابرز المتعاونين مع الاحتلال الامريكي ومع الاحتلال الايراني بنفس الوقت بعد ان اصبح همه الرئيسي شراء الفلل والعمارات علنا.
هذا هو الانتصار والاختراق الحقيقيين اللذين حقتتهما امريكا من خلال انظمة عربية قدمت بسخاء المال لفصائل وافراد محسوبين على المقاومة فصاروا عبئا عليها ثم تحولوا الى اداة لشرذمتها من خلال تكفيرهم للاخرين وتسخير مالهم لمهاجمة من بقي يجاهد معتمدا على مال شحيح هو تبرعات ابناء الشعب العراقي. وطبعا امريكا حاضرة بقوة في كل ذلك رغم ان المال يقدم مرة باسم رجل اعمال بخيل لا يقدم دولارا واحدا لمحتاج، ومرة اخرى من حكومة خليجية همها الاول هو مواصلة تدمير العراق بكافة الطرق.
ان السؤال المنطقي الذي يفرض نفسه هو : هل يمكن تصور قيام نظام بدعم المقاومة وهو من سخر ارضه وسماءه ومياهه وماله لتدمير العراق؟
9- ولضمان تكريس التفتيت وتحوله الى ظاهرة دائمة فان الخطة الامريكية – الصهيونية – الايرانية المشتركة تقتضي ربط الكتل العراقية المتناثرة والصغيرة، الاسلاموية والعلمانية او تلك التي تمثل راس المال العراقي المنهوب من العراق، ليس فقط بمصالح ذاتية داخل العراق بل ايضا ربطها بمصالح علاقات تجارية قوية مع انظمة عربية ومع ايران وتركيا والاتحاد الاوربي وامريكا، وهكذا تكون الكتل الصغيرة تابعة بقوة وبصلات عضوية لقوى خارجية ومتمتعة بقدرات مالية كبيرة كافية لتحقيق الافساد المنظم للناس الذين سيتعرضون للتجويع المخطط والمنظم لضمان ابتزازهم وجرهم الى الارتهان لسباق الحياة والموت في ظل الافقار المنظم والازمات الدورية المنضبطة.
ان العراق بهذا الترتيب سوف يتحول الى ساحة لتصارع مصالح متنافرة واحيانا متقاتلة بين دول المنطقة والعالم، وسيكون لكل كتلة داخل العراق داعم خارجي ماليا وسياسيا وربما عسكريا، وتلك هي بداية انتحار العراق وزواله من الخارطة اقليمية. اليست تلك النهاية مطابقة لنهاية بابل كما رسمتها الادبيات الصهيونية؟ اليس ذلك هو تحقيقا لقسم النخب القومية الفارسية بالانتقام من العراق الذي حطم امبراطورية فارس؟
يتبع........
salahalmukhtar@gmail.com (http://us.mc1117.mail.yahoo.com/mc/compose?to=salahalmukhtar@gmail.com)
منتصف اب 2010
شبكة البصرة
الخميس 16 رمضان 1431 / 26 آب 2010
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
salah71
02-09-2010, 06:16 PM
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رسائل التبصير : كشف الغام التحرير
الرسالة العاشرة : لغم المحاصصة المحسنة-4
لتكن قوسك مهيأة ولكن أجَل إطلاق السهم
مثل صيني
شبكة البصرة
صلاح المختار
استنتاجات ودروس ثمينة
ان وظيفة الكتابة الملتزمة هي التوصل، من خلال التحليل والمعلومات والمواقف العملية والسياسات الرسمية والفعلية، الى دروس وعبر وافكار متبلورة تفيد في انارة الطريق للعاملين من اجل تحرير العراق، وفيما يلي اهم ما توصلنا اليه عبر تحليل معطيات الواقع العراقي والعربي والاقليمي والعالمي:
1– ان تقزيم ثم تقسيم العراق، كانا ومازالا وسيبقيان، يقومان على شرذمة وتجزئة القوى السياسية، والكبرى منها بشكل خاص، سواء كانت وطنية او متعاونة مع الاحتلال، لان ذلك وحده هو الذي يحول القوى العراقية من قوى مؤثرة، خصوصا اثناء الازمات الكبرى والحسم، الى تكتلات وجماعات مهمشة وضعيفة ان كانت تستطيع المناورة فانها عاجزة عن تقرير مسار التطورات. وتلك هي اهم مقدمات التقسيم بعد اكمال ضرورة التقزيم لفئات متناحرة عاجزة عن التحكم بسلوكها ومواقفها، والاهم والاخطر انها لا تستطيع تحقيق اي نوع من انواع الوحدة الفعلية والفعالة فيما بينها حتى حينما تدرك ضرورتها.
2– ان اشاعة روح الصراع والتنافس، تحت اي ذريعة او سبب منطقي او غير منطقي وعلى اسس غير وطنية، بين هذه الكتل الصغيرة، تغذيها ليبرالية زائفة مزروعة باصطناع واضح جدا وفدرالية مصممة للتقسيم، هو احد اهم تكتيكات اجهزة مخابرات الاحتلال الامريكي – الايراني، ولذلك نرى هذه الاجهزة تدعم وتشجع كتل متناقضة كليا، وبعضها يبدو بصورة علنية ورسمية مناهضا للاحتلال بقوة.
3– لا يقتصر الجهد المخابراتي على دعم العملاء فقط بل ان الجهد الرئيسي للمخابرات انتقل منذ هزيمة الاحتلال في الفلوجة في عام 2004 من دعم العملاء بشكل اساسي واستخدام القوات المسلحة ضد المقاومة الى دعم وتنفيذ خطة مخابراتية تقوم على اختراق وشرذمة من تستطيع من المقاومة والقوى الوطنية وشيوخ عشائر ورجال دين وشخصيات معروفة، عن طريق استدراج هؤلاء، عبر وسطاء عرب او عراقيين غالبا، لقبول الدعم المالي من الوسطاء في المرحلة الاولى لتجنب استفزازهم بدعوتهم للتعاون مع المخابرات الامريكية او الايرانية مباشرة. وذلك الدعم يقدم بلا شروط واضحة في البداية ويتم تحت تسميات متعددة منها (المساعدة على تخليص العراق من الكارثة)، لكن ما ان يتعود شخص او كتلة على المال العربي ويصبج جزء اساسيا من عناصر قوته حتى تبدأ عملية فرض شروط او تقديم اوامر بصيغة (مقترحات) تتعلق كلها بصورة العراق المنتظر وبالموقف من فصائل المقاومة والقوى الوطنية الاخرى.
ويتم ذلك بتنمية الانا الحزبية او الكتلوية او الشخصية وجرها لطرح نفسها كبديل عن الجميع سواء مباشرة او سرا، واغراءها بوعود معسولة لكنها كاذبة بتسليمها السلطة او جزء منها، وهكذا تتحول عناصر وطنية وربما مقاومة للاحتلال الى عناصر تحركها المصالح والانانية الفردية والحزبية، ويتحول الدعم (غير المشروط) في البداية الى دعم مشروط في النهاية. ان النتيجة المنتظرة من هذا العمل المخابراتي هي زرع الشكوك وروح العدواة وربما الصراع بين وطنيين ومقاومين.
4- ان قرار المخابرات الامريكية والبريطانية والفرنسية دعم خميني قبل اسقاط الشاه تبلور بعد دراسات طويلة لشخصيته واكتشاف عيوبه الذاتية واستغلالها للتأثير غير المباشر عليه، مثل :
أ- تطرفه الطائفي، واحد اخطر مظاهره تكفير من لا يؤمن بالامامة واخراجه من ملة المسلمين وتبشيره بان النار مثواه الدائم مع ان من لا يؤمن بها هم الاغلبية الساحقة من المسلمين، هذا التطرف الطائفي يضمن اشعال حروب طائفية بين المسلمين تحول الصراع الرئيسي والطبيعي من صراع تحرري الى صراع طائفي.
ب- ونزعته الديكتاتورية واعتقاده الراسخ بانه القائد الوحيد القادر على تحقيق التغيير ليس في ايران فقط بل في العالم كله، وهذا ما سيجعله يصطدم بقادة اقوياء داخل وخارج ايران، وهو امر مطلوب امريكيا وبريطانيا وقتها.
ج- اصابته بمرض التمحور حول الذات وعدم الاعتراف بغيرها، وهو مرض من امراض تثبيت مرحلة الطفولة وعقليتها وسلوكها لدى كبار السن ولذلك فانه مرض خطير جدا عندما يصاب به الكبار لانه يجعل المريض يعتدي ويبادر بالعدوان لكنه يصرخ : لقد تم الاعتداء علي! ويرفض الاعتراف بانه من بادر واعتدى رغم كل الشواهد.
د- طبعه الحقود ولؤمه تجاه من يختلفون معه مما يجعله اسيرا لعواطفه السلبية عند تقرير مواقفه السياسية وهو امر اخر مطلوب من قبل نفس الجهتين لضمان زج العمل السياسي في ازقة ضيقة وخانقة لان الحقد واللؤم صفتان تستبعدان اي تعاون مع اخر يختلف معه او كان لديه معه خلافات سابقة.
ه- كرهه الشديد للعرب وهو امر مطلوب بشدة لانه يؤدي الى اشعال صراعات وحروب مع العرب واشغالهم بخميني وتهديداته بدل التفرغ للكيان الصهيوني والامبريالية الامريكية داعمه الرئيسي.
و- سهولة التأثير عليه من قبل من يثق بهم، وهو امر مطلوب لدفع خميني لاتخاذ قرارات تخدم الغرب والصهيونية دون ان يقصد ذلك....الخ.
هذه الطباع الشخصية نمتها وشجعتها المخابرات الاجنبية لدى خميني عن طريق مساعديه وليس مباشرة، لان خميني وبحكم تكوينه الشخصيي النرجسي غير صالح ليكون عميلا، فكان ذلك هو البوابة التي دخلت المنطقة كلها منها الى ساحات الحروب والازمات بدل ان تتجه الثورة الايرانية الى شن حروب فعليه ضد امريكا والغرب والصهيونية كما ادعت في البداية.
وابرز اعوان خميني الذين نفذوا خطة التأثير عليه كان صادق قطب زادة الذي كان اقرب مساعديه وعينه بعد اسقاط الشاه وزيرا للخارجية وكان اهم قنواته لمعرفة العالم والمواقف وعن طريقه تم تحديد الكثير من خياراته واتجاهاته، ثم اعدمه خميني فيما بعد بتهمة العمالة للمخابرات الامريكية في تأكيد رسمي لحقيقة ان المخابرات الغربية لاتشترط عمالة من تدعمه بل يكفيها قناعتها بانه جاهز لتحقيق اهداف جوهرية لها بحكم طباعه ونزعاته الفردية.
ومعرفة طباع خميني من قبل المخابرات الغربية كان احد اهم اسباب دعم ما سمي ب (الثورة الاسلامية) في ايران من اجل جر المسلمين الى حروب طاحنة واجهاض مشروع الثورة الايرانية بتحويل الثورة من ثورة ضد الغرب والصهيونية الى حروب ضد العرب وفتن عدوانية بين المسلمين، وهكذا اصبحت شعارات خميني (الموت للشيطان الاكبر)، اي امريكا و (الموت للشيطان الاصغر) اي الكيان الصهيوني، شعارات فارغة تخفي التعاون التسليحي بين نظام خميني وهذين الطرفين من اجل غزو العراق.
ولذلك يجب ان ننتبه الان الى الجهد المخابراتي الامريكي والايراني الذي يبذل منذ سنوات لاستغلال عيوب شخصية ونزعات سلبية لدى عناصر قيادية (وطنية) عراقية، مثل حب السلطة والتسلط ونزعة التزعم المتطرفة ومرض اقصاء الاخرين والحقد على من يختلف معهم بطريقة تمنع التعاون حتى لو كانت المصلحة الوطنية العراقية تحتم ذلك. وتلعب خطة تنمية وتشجيع بروز مرض تثبيت الطفولة لدى من اصيب به دورا مهما جدا في عمل تلك المخابرات لاجل استغلاله في اشعال مهاترات وخلافات من المستحيل حلها نتيجة تمسك (الطفل الكبير) باعتقاده (الصادق) بانه معتدى عليه وعلى الاخر الذي رد على عدوانه الاعتذار منه! كل ذلك من اجل بث الفرقة وابقاء الصراعات بين القوى الوطنية الوطنية وفصائل المقاومة بدل توحيدها، وصولا لتحويل الثورة العراقية من ثورة تحررية الى نزاعات بين زعماء او فتنة طائفية.
ولكن لحسن الحظ فان تلك الشخصيات العراقية لا تملك مواصفات خميني التأثيرية لانها ضعيفة ولا تملك مقومات القيادة الحقيقية، وهذه الحقيقة تجعل وظيفة تنمية طباعها السلبية محدودة الاثر مقارنة بما قام خميني من اعمال خطيرة ومدمرة.
5– تركز المخابرات الاجنبية والعربية في عملها، بالاضافة للعناصر التكتيكية الاخرى التي ذكرناها، على العمل المخطط والمستمر والستراتيجي الطبيعة على ابراز الهويات السابقة للوطنية والقومية مثل العشائرية والطائفية والعرقية والنزعات الفردية والمصالح المادية الفئوية واحياء وتعزيز ثقافاتها لتصبح المحرك الرئيسي لهذه الكتل وترك المحرك الطبيعي والاصيل، وهو الهوية الوطنية والقومية المتسامية فوق علاقات ماقبل الامة والضامنة لوحدة الشعب على اسس فولاذية. واذا نجحت هذه الخطة كما يخطط الاحتلالين الامريكي والايراني فان العراق لا يقزم فقط بل سيتحول التقزيم الى المسار الطبيعي للتقسيم. ان فرض الانتساب لعلاقات ما قبل الامة والوطنية واستمراره لفترة ما، في بيئة الكارثة المسيطر على تطورها، يخلق قاعدة فكرية ونفسية جديدة تنقلب فيها القيم السائدة ويصبح ماكان مرفوضا مقبولا.
وثمة حادثة تعبر عن خطورة ايقاظ علاقات ما قبل الوطنية لفتت انتباهي وهي ان احد حملة الدكتوراه من اصدقائي الاكاديميين كان يرتدي ملابس عصرية ويفتخر بشهادته وعلمه وانتماءه لامة ووطن ويتظاهر – كما ثبت فيما بعد – برفض العشائرية وقيمها وتقاليدها لكنه بعد الغزو اخذ يلبس اللباس العربي التقليدي ويستخدم لقب (الشيخ) ويفضله على لقب دكتور، لان الموجة التي اجتاحت العراق المحتل هي الاحياء المبرمج لعلاقات ما قبل الامة والوطنية ومنها العشائرية، وفي اطار التقاليد العشائرية فان لقب (شيخ) اهم وارجح بكثير من لقب دكتور لان الشيخ نظريا يتزعم كل ابناء عشيرته بما في ذلك حملة الشهادات العليا. وبسبب عقدة النقص التي ركبت الكثيرين قبل الغزو تجاه سمو اللقب العلمي بفضل مكونات عصر الوطنية والقومية والحرص على امتلاك ثقافة العصر الحديث ومنها التقدم العلمي والتكنولوجي، اخذ كثير من الشيوخ وغير الشيوخ يشترون الشهادة غالبا من سوق مريدي، الذي يزور الشهادات العراقية وغير العراقية ويبيعها لمن يريد ومن جامعات تجارية تبيع الشهادة، لتغطية النقص التقليدي، وللجمع بين وجاهة العشيرة وابهة اللقب العلمي وقام بعضهم باضافة لقب دكتور للقب الشيخ لسد الشعور النقص.
هذا الصديق لم يعد يستخدم لقب الشيخ منذ عام 2009 وعاد للاكتفاء بلقب دكتور وحينما سألته لم فعل ذلك؟ قال ان كل من هب ودب حتى الشحاتين اخذوا يستخدمون لقب شيخ دون وجود جهة تنظم هذا الامر، فكيف احمل لقب يحمله شحاذ او شخص تافه؟! ويجب ان ننتبه الى ان هذا التغيير الايجابي، وهو رفض اللقب العشائري، حصل بعد تراجع المد العشائري وعودة الروح الوطنية والقومية، كما يجب ان نلاحظ بان الاحتلال شجع افراد العشيرة على التمرد على الشيخ الحقيقي للعشيرة اذا لم يتعاون معه، ودفع شحاتين واشخاص تافهين لحمل اللقب وقدم لهم المال من اجل شق العشيرة على اساس ان من بين شروط المشيخة امتلاك المال الذي به يفتح المضيف ويستقبل افراد العشيرة وغيرهم.
ان الاستخدام المفرط للقب شيخ من قبل كل من هب ودب ودون اسس او مشروعية يعكس ويجسد المحاولات الخطيرة للاحتلال لاعادة العراق الى عصر ما قبل الامة والوطنية، وهي محاولة حدد مسارها بقوة وهو مسار الغاء الهوية القومية العربية واحلال علاقات متخلفة ورجعية محلها كالعشائرية، كي تقوم بالتفتيت التدريجي لهويتنا الوطنية والقومية وهما مصدر تلاحمنا العضوي وقوتنا ووحدتنا وتقدمنا.
6– من وضع هذا المخطط؟ ومن يقوم بتنفيذه؟ انه التلاقي الستراتيجي، وليس التكتيكي كما يظن او يقول بعض السذج، بين امريكا والكيان الصهيوني من جهة وايران من جهة ثانية حول هدف مشترك وهو تذويب الهوية القومية العربية وانهاء الوجود العربي. فامريكا لها مطامع امبريالية في الارض والثروات العربية وفي مقدمتها النفط، وعند وصول (المحافظون الجدد) لمركز صنع القرار اضافوا للهدف الامريكي الامبريالي هدفا توراتيا قديما وهو الانتقام من بابل وابادة اولاد اسماعيل، وهو هدف تبناه بوش الابن، وذلك بفرض ازالة او اضعاف الرابط الارقى والاقوى والانسب للعصر وروحه، لكونه رابطا عضويا وليس رابطا سياسيا او عاطفيا، وهو القومية العربية، والذي ضمن ديمومة الهوية العربي عبر الاف السنين رغم محاولات محوها من قبل الفرس بشكل خاص. ومن هذه الحقيقة التاريخية نفهم اسرار التلاقي الستراتيجي الامريكي الصهيوني مع ايران حاليا، لان ايران لها ثأرات مع العرب اقدم من ثأرات الصهاينة وتبلورت قبل قيام امريكا بالاف السنين وقبل خروج اوربا من غابات الهمجية والعزلة بمئات السنين، ان المثال البارز على ذلك التلاقي الستراتيجي اليهودي الفارسي تاريخيا هو قيام كورش امبراطور الفرس بتدمير بابل لانقاذ اليهود من الاسر فيها.
وهنا يجب التنبيه لخطأ شائع بين مثقفين كثر وهو تبعية المادية التاريخية للمادية الجدلية وترجمة هذه التبعية تقول بان التاريخ يحركه الاقتصاد، ان ذلك خطأ كبير ومضلل في واقع الحال لانه يتجاهل حقيقة واقعية وهي ان المكونات الحضارية - النفسية والثقافية - اقدم واعمق في النفوس من ظهور الرأسمالية والنظام الامبريالي الغربي الذي كان ومازال هدفه الاساسي هو نهب الثروات بالغزو، وما جرى ويجري في العراق المحتل اكد ان تلك المكونات الحضارية والتاريخية تلعب دورا رئيسيا في الحروب بين الامم، وليس الاقتصاد فقط. فقد كان بامكان امريكا ان تنهب العراق دون تدمير الدولة ومحاولة تدمير المجتمع ومحو الهوية كما نرى الان، لكن اصبع (المحافظون الجدد) كان موجودا بجوهره الصهيوني التوراتي فدفع الى تدمير (بابل الحديثة) – اي العراق - واعدام من صورت التوراة وغيرها من الكتب اليهودية انه (مدمر اسرائيل الجديد المنتظر) ، اي الرئيس الشهيد صدام حسين، وذلك ليس سرا بل نشر علنا.
والتحالف او التلاقي بين هذه القوى الثلاثة (الامبريالية الامريكية والصهيونية العالمية والامبريالية الايرانية) كانت له مصلحة قبل النهب في تدمير العراق، كقوة حضارية لها هوية قومية مميزة، اما لازالة (خطر بابل الجديدة) ونهب الثروات، او للانتقام من العرب الذين دمروا الامبراطورية الفارسية ونشروا الاسلام فيها على انقاض الامبراطورية والديانة الزردشتية. انه مزيج (خلاق) من النهب الامبريالي والانتقام التاريخي – الصهيوني والفارسي – ذلك الذي كان وراء قرار تدمير العراق.
يتبع............
salahalmukhtar@gmail.com (http://us.mc1117.mail.yahoo.com/mc/compose?to=salahalmukhtar@gmail.com)
منتصف اب 2010
شبكة البصرة
السبت 18 رمضان 1431 / 28 آب 2010
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
salah71
02-09-2010, 06:29 PM
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رسائل التبصير: كشف الغام التحرير
الرسالة العاشرة: لغم المحاصصة المحسنة - 5
شبكة البصرة
صلاح المختار
لتكن قوسك مهيأة ولكن أجَل إطلاق السهم
مثل صيني
في ضوء الملاحظات الاساسية السابقة وكل ما سبق يطرح سؤال جوهري وهو: ما هو الرد المطلوب؟
ان الضرورة الحاسمة والفورية والاساسية الان هي القضاء على (خميني) قبل لادته في العراق، وان ولد فيجب تحجيمه وكشفه بالادلة والبراهين وعزله ومنع تأثيره، وحينما نقول خميني فاننا نعني به كل الظواهر التالية :
1– مرض الطفولة في التفكير والذي يجعل خميني العراق كما جعل خميني ايران، لا يقبل اي راي ولا اي دور لاخرين ويرفض بشدة اي رد على اعتداءاته على غيره ويتهيج بصدق تام حينما يجد من يرد عليه بالمثل، ويجعله عدوا ابديا يجب القضاء عليه باي ثمن لكي يبقى رايه فقط وحجته فقط ويطمر حجة الاخرين ورايهم. انه مرض التمحور حول الذات الانانية بتطرف وعدم قبول العالم كله الا اذا فصل على قده ووفقا لرغباته وميوله.
2– الانفراد بالسطة بصورة تامة ومنع اي مزاحم وتصفيته ان ظهر ومنع ظهوره ان كان محتمل الظهور، كما فعل خميني مع اية الله حسين منتظري نائبه وغيره. ان خميني قبل السلطة كان منفتحا وواسع الصدر ظاهريا ويتظاهر بانه (اب للجميع) لكنه بعد تولي الزعامة المطلقة كشر عن انيابه الديكتاتورية وبدأ بممارسة سلطة (الولي الفقية) وهي سلطة مطلقة لدرجة الطاعة العمياء له وقبول اوامره مهما كانت غريبة واقصاء من لا يقبل بها. وكانت اول هجمات خميني الدموية ضد ابرز من قاتل الشاه وكان السبب الرئيسي في اسقاطه وهما مجاهدي خلق وفدائيي خلق.
3– رغم ان خميني كان اصلا واساسا قومي النزعة الا انه استخدم الطائفية كغطاء لخداع الشيعة العرب وكسب بعضهم الى جانبه. ولذلك برز الغطاء الطائفي بصفته المحرك الرئيسي (الظاهري) لخميني في كل توجهاته، والذي حول مشروع الثورة الايرانية التحررية الى مشروع طائفي صريح هدفه الفعلي والرسمي هو تغيير الانتماء الطائفي لكل العالم الاسلامي، وتلك مهمة لا تفضي الا الى الحروب والكوارث بين المسلمين. ان الجذر الطائفي، بما انه هو المحرك الاساسي لاي طائفي ومن اي طائفة، يحدد له مسارا فولاذيا من المستحيل الخروج منه نحو الفتن الطائفية المدمرة. ان تجربة ايران اولا، في ظل الملالي، وتجربة العراق ثانيا، في ظل الاحتلال، تؤكد بصورة تامة ومطلقة ان من يحركه جذر طائفي لا يمكنه الا ان يمارس سلوكا طائفيا مهما اجبر نفسه في مرحلة التمهيد لسلطته على التظاهر بالسمو فوقها.
وهذا ما نلاحظه في العراق، حتى في الوسط الطائفي غير العميل، حيث يكون اول سؤال يطرح حول أي شخص بارز غير معروف الانتماء الطائفي : هل هو شيعي ام سني؟
4– الرفض المطلق لتقبل العقلانية والمنطق السليم واللذان يقولان يجب ترتيب الاولويات الستراتيجية والتكتيكية بتحديد من هو العدو الاول ومن هو العدو الثاني ومع من يجب التحالف اولا من اجل حشد القوى ضد العدو الرئيسي والاهم وتأجيل الصراع مع عدو ثانوي...الخ، لان الطائفي انسان تركّب عقله وتكونت نزعاته على اساس ان خصمه المغاير له في التوجهات العقائدية، سواء كان من طائفة اخرى او من طائفته، يجب ان يصفى ويقضى عليه مهما كلف ذلك من ثمن مروع للامة والشعب. ان قيام خميني بتكفير العراق وقيادته والعمل الجاد على اسقاط النظام الوطني فيه كان المحرك الاول والاهم له وليس محاربة الشيطان الاكبر، امريكا، والشيطان الاصغر، الكيان الصهيوني، رغم ان العراق لم يكن كافرا وكان يخوض صراعا جبارا مع الصهيونية لبقاءه القطر الوحيد الملتزم بتحرير فلسطين والرافض للردة الساداتية، ومع الامبرياليات الغربية بعد ضربه المصالح الامبريالية في الصميم بتأميم النفط العراقي. لقد قدم خميني خطوة الحرب ضد العراق المتحرر، بقراره جعل ما اسماه (الثورة الاسلامية) تبدأ في العراق وليس في اي بلد تحكمه قوى عميلة وفاسدة وغير مسلمة، قدم تلك الخطوة في سلم ترتيب اولوياته على محاربة الامبريالية والصهيونية وبذلك جر المنطقة كلها والعالم كله الى كوارث مازلنا نعاني منها حتى الان.
وهذه الحالة تقدم صورة نمطية لغياب او تغييب العقلانية والمنطق السليم لدى التكفيري، مما يجعل الصراع متداخلا وغامضا لدرجة ان المرء لا يفهم اسبابه الحقيقية وهو يرى وطني يشتبك مع الاستعمار والصهيونية في حرب ضروس لعدة عقود وليس لاسبوع، كما كان حال النظام الوطني في العراق، لكنه بنفس الوقت يتعرض لحرب شاملة اخرى من اخر تكفيري يقول انه ضد الصهيونية والامبريالية ايضا! الامر الذي يفرض الانتباه لغياب العقلانية وانعدام معيار ترتيب الاولويات الوطنية والدينية لدى التكفيري بحكم عوامل تربوية وايديولوجية وحزبية.
ان كارثة الكوارث في الطائفي هي كونه تكفيريا، وحينما يكفر احد ما فانه ينسى كل ماعداه ويصبح هدفه الوحيد الحقيقي هو تصفية من كفره باي طريقة وباي ثمن!!! وهذه هي بوابة الجحيم بالنسبة للعرب والمسلمين، كما راينا في الحرب التي فرضها تكفير النظام الوطني من قبل خميني وما ترتب على ذلك من ضرورة ايقاع العقوبة الطبيعية بالتكفيري وهي (اعدامه)! ومن يظن ان تلك ظاهرة ايرانية فقط عليه ان ينظر بجدية لما حصل في العراق اذ انه سيجد امامه صورة اكثر خطورة واشد كارثية مما فعلته التكفيرية الخمينية، فالعراق المحتل واجه كارثة صنعها الاحتلال بواسطة النزعات التكفيرية السنية والشيعية والتي كادت تحول الثورة العراقية الوطنية والتحررية الى حرب طائفية!
ان رجل الدين بصورة عامة مقيد بصورة لا ارادية ببيئته الطائفية ويخضع لها في نهاية المطاف مع وجود هامش مناورة ومرونة لدى البعض. والشعب العراقي لا يحتاج لمن يقنعه بهذه الحقيقة فلقد راي بعينيه وتحمل مباشرة نتائج كوارث الافتاء الديني بعد الاحتلال وكيف نسي كل طائفي ان الاحتلال هو العدو الحقيقي وليس الطائفة الاخرى فحدثت كوارث التطهير الطائفي في العراق التي ابادت مئات الالاف من العراقيين والتي لو سمع بها اي عراقي قبل الاحتلال لقال انه خيال كارثي غير ممكن التحقيق في الواقع، لكن بيئة الاحتلال اطلقت كل كوامن الطائفية واسرارها وتقيتها وعقدها النفسية والتي كانت مخفية في الجيتو الطائفي، واستغلت النزعات الاكثر وحشية الكامنة في الطبع البشري من اجل ارتكاب جرائم بشعة لم نسمع بها من قبل، مثل تلك التي ارتكبها من يطلق عليه اسم (ابو درع)، او جرائم صولاغ حينما كان وزيرا للداخلية وابتكر طريقة التعذيب بالدريل حتى الموت ولكن ببطء!
بل ان لا عقلانية رجل الدين وغياب المنطق السليم لديه يصل حد تجاهل دروس سبع سنوات من الاحتلال بكل ما فيها من خراب ودمار وكوارث حلت بالعراق وشعبه، ومنها الدرس الاكبر وهو ان وحدة القوى الوطنية العراقية ووحدة فصائل المقاومة هما الضمانتان الاساسيتان لدحر الغزو وطرد المحتل، وتلك بديهية عرفتها كل الشعوب التي احتلت فتناست قواها السياسية والدينية خلافاتها من اجل مواجهة الاحتلال وطرده بقوة الوحدة والتوحد، لكن رجال الدين لدينا كانوا استثناء اسطوريا في هذا المجال ففضل كثير منهم ان تبقى الفرقة وعدم التوحد نزولا عند ضرورات التكفير للاخر الوطني والمحارب للاحتلال! هل سمعتم بخلل في المنطق السليم اسوأ من هذا؟ هل وجدنا في تاريخ الثورات المعاصرة استسلاما لنزعة التكفير يصل حد تسهيل بقاء الاحتلال -عمليا وبغض النظر عن النوايا- من اجل عدم التراجع عن فتوى تكفيرية وحقد طائفي او حقد سياسي او حقد شخصي تجاه قوة وطنية اساسية ومقاتلة للاحتلال؟
هذا حدث ويحدث في العراق فقط! بل تصل اللاعقلانية هذه واللامنطق هذا حد اشعال صراع مع طرف وطني يقاتل امريكا وايران منذ عقود وتحول بعد الغزو من دولة الى مقاومة، وقدم مئات الالاف من الشهداء ولديه ملايين المعذبين نتيجة قانون اصدره الاحتلال وهو اجتثاث البعث كان وحده كافيا لاقناع اشد المتطرفين دينيا في العالم، بما في ذلك غير المسلمين، بضرورة التعاطف مع من يجتث، لكن هذا التكفيري الاسلاموي عجز عن رؤية اي شيء اخر غير من عده كافرا وضرورة تصفيته بالقوة او بشيطنته وتشويه صورته ومحاولة تجريده من بعض مصادر قوته، وكتحصيل حاصل رفض التعاون معه حتى لطرد الاحتلال!
وهنا يجب التنبيه لمسألة حيوية وهي اننا نستخدم تعبير (رجل الدين) ولم نستخدم تعبير (عالم الدين) لاننا نريد لفت انتباه مقصود الى حقيقة عيانية وهي ان هناك علماء دين لديهم اضافات فقهية بارزة وعقل راجح وحكمة وسعة افق نحترمهم ونجلهم كالعلماء في العصور السابقة والعلماء المعاصرين الذين تجنبوا التكفير لسعة افقهم الاسلامي وتبحرهم في امور الدين، في حين اننا الان في العراق نفتقر لوجود من يستحق وصف (مفكر اسلامي) في مجال من يقود عملا سياسيا اسلامويا يسعى للسلطة، ومن لدينا ويريدون فرض انفسهم قادة ليس للعراق فقط بل ل (الامة الاسلامية) كلها، مع انهم ليسوا اكثر من متعلمين، وفي افضل الاحوال تلاميذ غير مبدعين يرددون كلمات اساتذتهم الذين اعتكفوا العمل حرصا على عدم الخلط بينهم وبين تلاميذ ضيقي الافق والصدر همهم الاول والاخير الوصول للسلطة، وهذه الحالة تجرد هؤلاء من صفة العالم.ما هو الدليل على صحة ما نقول؟ يكفي ان نرى ممارساتهم الفجة وضيق افقهم ونتذكر انهم بلا انتاج فكري او فقهي بارز لنتاكد من صدق وصفهم برجال دين وليس علماء دين.
لذلك، ونتيجة للفقر الفكري وضيق الافق وغياب التسامح والافتقار لسعة الصدر والحكمة غالبا لدى رجال دين مسيسين، يجب الانتباه الى ان الخمينية في العراق في الوسطين السني والشيعي اشد خطرا من خمينية ايران، كما اكدت تجربة الاحتلال العراق ابتداء من قيام افراد انصاف اميين او اميين بالكامل بتنصيب انفسهم (امراء) في مناطق سيطروا عليها بالقوة واخذوا يفتون بجمع (السبايا) وجعلهم محضيات للامير خصوصا من المسيحييين كما حصل في منطقة الدورة في بغداد، ومصادرة الاموال بحجة انها (غنائم حرب) مع انها تنهب من عراقيين عاديين! وقتل من يشاءون باسم الله، وانتهاء بالجمود المدمر لعقلية من يصر بعد مرور سبع اعوام على الغزو بكل كوارثه واثاره على رفض حتى الهدنة مع مقاتلين للاحتلال من فصائل اخرى بما في ذلك فصائل وطنية وقومية واسلاموية تكفيرية اخرى! نعم هؤلاء اخطر من خمينية ايران لان خميني هو صاحب نظرية (ولاية الفقيه) التي اثارت زوبعة ومازالت في ايران وخارجها، كما ان لديه فتاوى كثيرة لا تصدر الا من عالم متبحر رغم انه اسير التمحور حول الذات وهي هنا ذات قومية وليس دينية في الواقع.
ان اكتشاف الاحتلال لانموذج خميني في العراق ودعمه من قبله، سواء بصورة مباشرة او غير مباشرة، هو الكفيل باحباط كل محاولات توحيد الصف الوطني سياسيا وعسكريا، خصوصا وان خميني العراق لا يملك كاريزما خميني ايران حتى بالحد الادنى، لذلك نبت لدينا اكثر من خميني في اطار التكفيريين فقط، وهذا هو المطلوب من قبل الاحتلال لضمان شرذمة العراقيين وتوزعهم على فئات صغيرة كلها كل واحدة منها تتبع خميني صغير لديه انصار في منطقة محدودة وليس في كل العراق. ان الرد الوطني والاسلامي الحقيقي الوحيد على مخطط الاعداء المشتركين هو الادراك الواضح والايمان الجدي بان العدو الرئيسي المشترك لامتنا ولعراقنا هو تلاقي ثلاثي امريكا والكيان الصهيوني وايران وليس اي طرف اخر مهما تصارعنا معه وتناقضت ايديولوجياتنا ومناهجنا السياسية.
لقد ثبت لنا، من خلال تجربة قاسية جدا ومكلفة بصورة كارثية بالاضافة للمعلومات، ان اللغم الجديد الاخطر الذي زرعه الاحتلال لنا، في العام الماضي بشكل خاص بعد وصول اوباما، هو الطائفية المجّملة، والتي تستغل الان من قبل امريكا وايران، مباشرة او بواسطة انظمة عربية معروفة، من اجل نسف مشروع تحرير العراق وتحويله الى حرب طائفية لاتبقي ولا تذر.
والخطوة الاولى في ذلك هي تطبيق نظام محاصصة طائفية محسن باشتراك عناصر طائفية محسوبة على الخط المناهض للاحتلال في العملية السياسية الجديدة والقادمة، ويترافق ذلك بتشديد الحملات ضد البعث من اجل شيطنته بطرق اخرى وبواسطة اطراف اخرى جديدة، واجتثاثه بطرق اخرى جديدة أيضا منها مشاركة اطراف كانت تحسب على المقاومة او داعميها في الاجتثاث خصوصا محاولة شق الحزب لضمان اشتراك طرف في الحكومة الجديدة باسم (البعث).
لذلك فان الضمانة الاساسية لتجنت تلك الفتنة الخطرة، بالاضافة لفهم كيفية تفكير وتخطيط الاحتلال، هي فهم معمق واحدث لمخاطر الطائفية ودرجات استعدادها خصوصا التبديات السلوكية لها تجاه القوى الوطنية والقومية والاسلامية -غير الطائفية- المناهضة للاحتلال التي تتعرض لهجمات تكفيرية شرسة في زمن كان يجب فيه، لو صدقت النوايا وصدق الايمان بالله، اقامة صلات تضامن وتوحيد لكل القوى المناهضة للاحتلال، ويترتب على ذلك ان مهاجمة البعث الان لا يمكن ان تكون الا في اطار اجتثاث البعث ومحاولة تصفيته كشرط مسبق لاشتراك وطنيين في العملية السياسية.
ان الطريق الصحيح والوحيد لانقاذ الامة كلها، بما في ذلك جزءها الاصيل العراق، هو طريق تجنب الطائفية وكشف مخاطرها ومحاولة تحرير ضحاياها منها، اوعلى الاقل وضع خطط لاحتواء شرورها، وذلك رهن بالالتزام بما يلي :
1– ان المعيار الاول والاهم للوطنية ومناهضة الاحتلال الان في مرحلة الحسم هو الحرص الجدي على تحقيق الوحدة بين مناهضي الاحتلال سياسيا وعسكريا، لان الاحتلال متعدد الاطراف وقوي جدا من حيث قدراته المادية العامة، ونحن ورغم قوة معنوياتنا وكثرة عددنا نفتقر للتفوق المادي، لذلك فان اهم شروط الحاق الهزيمة الحاسمة بالاحتلال هو شرط التوحد، وفي الحد الادنى التضامن والتنسيق الحقيقي وليس الشكلي الذي يستخدم لاسقاط فرض والتملص من ضغط الشعب. ان الافتقار لاحترام هذا المعيار وعدم الالتزام به من قبل البعض ينقض الموقف المناهض للاحتلال ويحوله الى مناورة تكتيكية من اجل الالتحاق بالعملية السياسية، وفي افضل الاحوال تجعله مناهضة للاحتلال يحركها غياب المنطق والعقل والحكمة، وهذا ما يدخل مناهضة الاحتلال في خانة العمل الارتجالي والمزاجي والاناني الذي يضر في نهاية المطاف بهدف التحرير، وينطبق عليه المثل القائل (عدو عاقل خير من صديق جاهل).
واستنادا الى تلك الحقيقة فان اهم الاسئلة التي تفرض نفسها حاليا هي : لم لم تتوحد فصائل المقاومة كلها حتى الان اذا كانت الفصائل التي ترفض الوحدة او التحالف مقاومة للاحتلال حقا؟ ومن يعرقل التوحيد وما هي اسبابه؟ واذا لم يتحقق التوحيد الان فمتى سيتحقق مع ان ضرورته القصوى تفرض نفسها الان في زمن الاحتلال وليس بعد طرده؟ واخيرا وليس اخرا هل الايديولوجيا والانتماء الحزبي اهم من تحرير الوطن؟
2– ويرتبط بالمعيار الاول معيار مشتق منه وهو ان من يثير المشاكل مع مناهضين اخرين للاحتلال تحت اي ذريعة او حجة دينية او دنيوية، ينسف من الجذور دوره ويصبح بادراك منه او بدون ذلك اداة من ادوات الاحتلال، لان الاخير يعتمد على تكتيك معروف وتقليدي وهو (فرق تسد). ان من يكفّر الان ومن يشتم الان، ومن يروج اكاذيب لا يقبلها من لديه ضمير ضد وطنيين الان، ومن يختلق الاسباب للتناحر الان يقدم خدمة كبرى للاحتلال وبغض النظر عن النوايا.
3– الالتزام التام بمبدأ احترام الاخرين والاعتراف بهم مهما كانت الاختلافات في الحجم او الايديولوجيا او المواقف السياسية كبيرة، لان عدم الاعتراف بالاخرين واحترامهم لابد وان يفضي الى التناحر وخلق مبررات الصدام.
4– التزام الجميع ببرنامج وطني ديمقراطي بعد التحرير يقوم على التعددية السياسية ونبذ فكرة حكم الطرف الواحد والتبروء من نهج التكفير والاحتكام للمعايير الديمقرراطية في حسم الخلافات.
5– معالجة الخلافات بالحوار الداخلي والابتعاد عن الاعلام من اجل توفير البيئة المطلوبة لتمييز الاخطاء العفوية عن الاعمال التخريبية المقصودة ومعالجة الاخطاء من اجل ضمان وحدة الموقف تجاه الاحتلال.
6– يجب عدم غض النظر عن دور انظمة عربية ساهمت بفعالية في غزو وتدمير العراق في اثارة المشاكل والتحريض بين القوى الوطنية المناهضة للاحتلال، خصوصا استخدامها للمال لافساد المواقف والكتل الوطنية والاخطر لافساد الضمائر، وهنا لابد من حتمية تذكر ان من شارك في غزو وتدمير العراق من المستحيل ان يقدم دعما نزيها لفصيل مقاومة.
7– واخيرا وليس اخرا لابد من التذكير والتنبيه الى ان عدم التوحد او، في الحد الادنى، التنسيق الجدي والحقيقي بين مناهضي الاحتلال الان وقبل مواجهة لحظة الحسم خطط له ليكون الشرارة التي تشعل صراعات دموية بين الفصائل المقاتلة ضد الاحتلال ودفع القوى الوطنية للاقتتال فيما بينها حول السلطة عند الحسم، وهذه الخطة ليست سرا وليست جديدة بل طبقها الاحتلال في الكثير من البلدان من اجل احتواء الثورة المسلحة والقضاء عليها، وفي حالة العراق الهدف الاساسي هو عودة الاحتلال من شباك الاقتتال الداخلي بين العراقيين من اجل السلطة بعد ان طرد من الباب بفضل تضحيات الاف العراقيين. فهل يشكل الاستيلاء على السلطة هدفا اهم من تحرير العراق؟
لقد ابتدأنا مقالتنا بمثل صيني يقول (لتكن قوسك مهيأة ولكن أجَل إطلاق السهم)، وهو يعني كن مستعدا لاسوأ الاحتمالات واجعل خصمك منتبها الى استعدادك، وفيها اجلنا (اطلاق السهم) لاننا حريصون على تحقيق اي شكل من اشكال التوحد والتحالف مع كافة مناهضي الاحتلال وبالاخص الفصائل التي لم تتوحد بعد. وهذه الافكار والملاحظات هدفها التوصل الى موقف يفرح العراقيين كلهم ويجنبهم المزيد من الالام، ولن نصل اليه الا بالحوار الجاد والترفع عن الصغائر والانانية الشخصة والحزبية من قبل اي طرف وبلا اي استثناء. ولذلك سوف نبذل مساع لا تكل، ونترفع عن الانجرار الى معارك جانبية ومهاترات كما كنا دائما رغم كل الاستفزازات غير المسئولة التي نتعرض لها، من اجل تحقيق هذا الهدف الذي يضمن للشعب العراقي عدم التعرض لكارثة اسوأ من كوارثه السابقة هي كارثة اقتتال المحررين في يوم النصر. وبانتظار تحقق ذلك الهدف النبيل لن نطلق السهم، اما اذا فشلنا فسوف نكون مضطرين للتقدم نحو الحسم مع حلفائنا ونترك من يصر على جعل التكفير محركه وليس التحرير، معزولا مدانا من الشعب، ولن نلتفت للخلف ابدا.
عاشت الثورة العراقية المسلحة.
النصر او النصر ولا شيء غير النصر.
انتهت
salahalmukhtar@gmail.com (http://us.mc1117.mail.yahoo.com/mc/compose?to=salahalmukhtar@gmail.com)
منتصف اب 2010
شبكة البصرة
الثلاثاء 21 رمضان 1431 / 31 آب 2010
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
Powered by vBulletin® Version 4.1.11 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved