المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حماس العراق : بيان صادر عن الأمانة العامة بمناسبة الانسحاب المذل لغالب قوات الإحتلال



حماس العراق
26-08-2010, 03:15 PM
http://www.baghdadalrashid.com/vb3/imgcache/4500.imgcache
بسم الله الرحمن الرحيم

بيان رقم ( 50 )
{وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ} [الحشر : 3]
أيها المجاهدون في حركة المقاومة الإسلامية – حماس العراق-
أيها الأخوة المجاهدون في كل فصائل الجهاد والمقاومة
أيها العراقيون الأباة
يا أهلنا وأشقاءنا في محيطنا العربي الإسلامي الكبير
لقد منَّ الله على عباده المجاهدين الصابرين هذه الأيام بأولى ثمار صبرهم وجهادهم فتزامن الجلاء المذل لغالب قوات الاحتلال مع شهر رمضان المبارك بقدر مقدور أكبر من حسابات العدو وأعوانه وعملائه ، ليسجل التاريخ صفحة جديدة من صفحات النصر التي تطرز بالفخار أيام رمضان لتتصل ملحمة العراق اليوم بسند جهادي متين بتلك الملاحم الإيمانية الخالدة كمعركة بدر وفتح مكة وعين جالوت ، ليؤكد هذا القدر المقدور الهوية الحقيقية لهذه الملحمة ، فالحمد لله في الأولى والآخرة وله الشكر على ما أنعم وقدر .
لقد جاءت هزيمة العدو بهذه الصورة المرتبكة لتضع الموازين الصحيحة التي ربما تغيب عن حسابات المقطوعين عن الله بغفلة الركون إلى الموازين المادية المجردة ، لتذكر الناس من جديد أن قوة الإيمان إذا اقترنت بالإرادة الصادقة والإدارة الناجحة فإنها ستحسم الصراع بإذن الله ({وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ } [آل عمران : 126])، ولأمتنا التي ترزح تحت نير الهيمنة الأجنبية في الكثير من مقدراتها أن تستحضر هذه الحقيقة وتنطلق على أساسها لتحرير إرادتها والانعتاق من كل أشكال التبعية لهذا الطرف أو ذاك .
إن سفر المقاومة العراقية حافل بالخبرات المتراكمة رغم قصر المدى الزمني نسبيا إذا ما قورن بغيرها من ساحات النزال والمقاومة ، ذلك أن المقاومة العراقية الباسلة لم تواجه عدوا واحدا بأرض متمايزة وإنما كانت الساحة في غاية التعقيد فقد تمكنت بعض القوى الإقليمية من أن تجد لمشاريعها المشبوهة موطأ قدم تحت خيمة المحتل الغاصب ، وقد تمكنت من إرباك المشهد واختراق بعض القوى العراقية بالتعبئة الطائفية والإغراءات المادية والمكر المخابراتي الثقيل ، ولقد كان أبناء حركة المقاومة الإسلامية – حماس العراق – على دراية ووعي بكل هذه التعقيدات فلم تنحرف بنادقهم عن العدو الأول والمسؤول حقيقة عن كل الدمار والخراب الذي حل ببلادنا العزيزة ألا وهو الاحتلال الأميركي ، أما حالات الخطأ والخطيئة التي أفرزها الوضع المعقد والمربك من مثل الموافقة على الدستور والاتفاقية الأمنية وتشكيل الصحوات وما إلى ذلك مما وقع فيه بعض المخدوعين أو المغرر بهم أو الذين اندفعوا بالأراجيف وعاشوا حالة خوف وقلق نتيجة التوسع الإجرامي المنظم والتخندق الطائفي البغيض فلقد وقفنا منهم موقف المشفق الناصح نقدم النصح والحجة والبيان ونصبر على بعض أذاهم لِوَعينا الكامل أن الاحتلال البغيض الذي صنع هذه الظروف الشاذة وإفرازاتها الخطيرة كان يرمي قبل كل شيء إلى عزل المقاومة وتسميم حاضنتها الطبيعية وإشغالها بالمعارك الجانبية وإسقاطها من مقام السمو والرفعة إلى حضيض المهاترات والمنافسات والاتهامات الكلامية الرخيصة في وضع غاب فيه القضاء العادل وغابت فيه وسائل التقويم المنصفة وانتشرت الإشاعات المريضة ، ولقد منَّ الله علينا في هذه المراحل الحرجة أن بصّرنا الله بغاية العدو هذه وتعاملنا في الواقع على أساسها فلم ننجر لما أراده العدو وبقيت صدورنا مفتوحة لكل أهلنا وإخواننا حتى من استزله الشيطان بغفلة أو معصية وكان شعارنا في هذه المرحلة ( لا تدفع أخاك لخندق العدو ولا تعن الشيطان على أخيك ) ولقد استغل هذا الموقف الشرعي والمتوازن من بعض الذين يعيشون حالة القلق التنافسي المريض فسخَّروا إمكانياتهم الإعلامية لرمينا على هذا الطرف أو ذاك حتى أننا لو جمعنا كل ما قالوه وسطروه لانتهينا إلى نتائج متناقضة ومتهافتة يكذب بعضها بعضا ، فقد قالوا إن حركة حماس هي جزء من مشروع الصحوة ، ليخرج قائد الصحوة بعد ذلك ليقول إن حماس غطاء للقاعدة ثم تقول القاعدة والمدافعون عنها إن الحركة مرتبطة بالحزب الإسلامي ، وبينما يصفنا الآخرون بأننا بعثيون وصداميون نقرأ بيانا منسوبا لحزب البعث يقول إن حماس العراق أعدت قائمة تصفيات لرجال البعث وقادته ، وربما تعرضت فصائل جهادية أخرى لمثل هذه الاتهامات الرخيصة ، وفي الوقت الذي نؤكد فيها استقلاليتنا الكاملة وبراءتنا من كل هذه الأقاويل فإننا نرى أن هذا كله لم يكن إلا بسبب الموقف المتوازن الذي اتخذته الحركة حيث آلت على نفسها أن لا تكون خصما لأي شريحة في المجتمع العراقي مهما كان دينها ومذهبها واجتهادها الثقافي أو السياسي ، وانها تستنكر حالة الصراع والتنافس البيني لأن كل هذا لا يصب إلاّ في خدمة المحتل ومشاريعه ، أما أولئك الذين يتلمسون كراسيهم الممنوحة لهم من المحتل أو أولئك الذين يتطلعون إلى تلك الكراسي عن بعد فإننا نطمئنهم أننا لم نجاهد ونبذل الدماء من أجل أن ننافسهم على هذا الفتات الدنيوي الرخيص ، إننا لم نكن جزءا من العملية السياسية بأية صورة من صورها ولن نكون لا في ظل الاحتلال ولا بعده وإن الأيام ستثبت ذلك بإذن الله ليس لأننا نحرم العمل السياسي أو الحكومي ، لا ،بل لأننا نمتلك رؤية آنَ لنا أن نوضحها بصورة أدق لتكون منهاجا لأبنائنا وإخواننا في الحركة وبيانا لموقفنا الثابت لكل من يهمه ذلك وحجة بينة على من خاصمنا :
إننا في حركة المقاومة الإسلامية حماس العراق نرى أن الحل السياسي مع أهميته لا يلامس أصل المعضلة العراقية وجذرها، ذلك لأن المواقف السياسية تستند بطبيعتها إلى قاعدتين اثنتين : القاعدة الثقافية التي تشكل المنطلقات النظرية ، والقاعدة التربوية التي تشكل المنطلقات السلوكية ، وإن الأزمة التي تعيشها السياسة العراقية اليوم لا يمكن عزلها عن هاتين القاعدتين ، فما يتعرض له الشعب العراقي اليوم على يد الساسة من تغليب المصالح الشخصية أو الحزبية أو الطائفية ما هو إلا مظهر للاختلال البيِّن في هاتين القاعدتين والذي نتج عن تراكم مقصود أو غير مقصود من سياسات التجهيل والتجويع والحرمان منذ بداية الحصار الظالم وإلى اليوم ، وقد أفرز كل هذا سلوكا يتناقض مع طبيعة الإنسان العراقي وتأريخه الوضيء بالنخوة والغيرة والتسامح والجود والإيثار ، وحينما نفكر باستبدال هذا السياسي بذاك وهذه القائمة بتلك فإن هذه حلول سطحية وترقيعية قد تخفف بعض السوء لكن المشكلة أعمق بكثير .
إننا – وبعونه تعالى وتوفيقه- قد انتدبنا أنفسنا للمساهمة في إصلاح الجانب الثقافي والتربوي وتحرير طاقات الإنسان العراقي وحماية شخصيته من الملوثات المستوردة من خارج البيئة العراقية والتي أفرزت ثقافة اتسمت بالتخندق والتعصب والانغلاق والخوف من الآخر ، وأفرزت كذلك سلوكا مريضا اتسم بالأنانية الكريهة والشح والطمع ، وإن هذه القراءة للمشهد العراقي والرؤية الشاملة والعميقة للحركة هي التي تجعلنا ننأى بأنفسنا عن المنافسات والخصومات السياسية الباهتة التي لا تضيف لهذه المعضلة إلا تشعبا وتعقيدا وبُعدا عن العلاج والحل .
وأما مقاومة المحتل بالسلاح فلا نراه إلا واجبا مقدسا له خصوصيته وهو ما أسماه علماؤنا بواجب الوقت ، ولكن شتان بين من يقوم بهذا الواجب من منطلق الشعور بالمسؤولية الشرعية ضمن خارطتها الكلية {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت : 69] وبين من يراه وسيلة لتحقيق المكاسب الدنيوية مادية كانت أو معنوية ، وإننا نتذكر التحذير النبوي الشديد للمؤمنين عامة وللمجاهدين خاصة حيث جعل المجاهد من هذا النوع ثالث ثلاثة أول من تسعر بهم النار يوم القيامة ، وأن الجهاد لا يؤتي ثماره المرجوة إلا بأن يتناغم مع الشطر الثاني الذي جعله القرآن قرين الجهاد وفضاءه الأوسع فقال تعالى {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح : 29] فلن يتحقق النصر بالشدة على الكفار وحدها مالم يقترن ذلك بالرحمة على المؤمنين ، ولقد رأينا من نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام كيف تعامل مع من استزلهم الشيطان من داخل الصف كحاطب بن أبي بلتعة – رضي الله عنه – وغيره فلم يَدَع عليه الصلاة والسلام لخلق الشدة على الكفار أن يتجاوز مساحته الشرعية ليضر بالعلاقات الداخلية مهما كان خطأ المخطئين داخل الصف ، بل كان المنافقون المعروفون بالنفاق يصلون خَلْف رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يَرِد أنه عليه الصلاة والسلام قد أمر بطردهم من المسجد فضلا عن استباحة دمائهم وما ذاك إلا لأنهم ينتمون ولو ظاهرا لخيمة الإسلام .
واليوم وقد خرجت أغلب قوات العدو فإن هذا سيعطينا فرصة لتوجيه جهدنا الأكبر لمشروعنا الإصلاحي الكبير وتأكيد رسالتنا تلك مع بقاء قوتنا الضاربة ( كتائب الفتح الإسلامي )لتعقب فلول الاحتلال حتى تطهير أرضنا العزيزة من كامل رجسهم .
وبهذه المناسبة أيضا نوجه نداءنا لكل من خالفنا في رؤيتنا واجتهادنا أن نلتقي جميعا على تغليب مصلحة الأمة على المصالح الضيقة ، وأن ساحة الفراغ في مجتمعنا العراقي أكبر من أن تغطّيها جماعة أو كتلة أو تشكيل ما ، فلنصغِ لمنطق الواقع ولنذعن لنداء الحق {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ } [الأنفال : 46] وأن القادم من الأيام سيحمل إلينا تحديات من نوع آخر ربما لا تقل عن تلك التي حملها لنا الاحتلال البغيض ، وأن القادم من الأيام سيثبت للجميع أن حركة المقاومة الإسلامية – حماس العراق- قد وعدت فأوفت وأنها لم تكن ولن تكون طرفا في منافسات الآخرين وتهالكهم على المغانم والمكاسب حتى لو كان هذا جزءا من استحقاقها فإن سمو الغاية يرفعنا عن فتات الطريق ومشاغله القاصرة .
اللهم أتمم علينا نعمتك وبصِّرنا بما تحب أن نكون عليه
ولا تبطل أعمالنا بخُلق يخدش معنى العبودية الخالصة لك
{رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة : 286]


االأمانة العامة
حركة المقاومة الإسلامية
حماس العراق
الخميس 16 رمضان 1431هـ
الموافق 26 آب 2010 م