خطاب
09-07-2009, 06:23 PM
الحمد لله الذي أنار قلوب أصفيائه بمشاهدة صفات كماله وتحبب إلى عباده بما أسداه إليهم من إنعامه وإفضاله، معيد النعم ومبيد النقم ناصر المستضعفين ومذل الكافرين وولي المتقين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فلقد عبرت القوات الأمريكية القارات لمواصلة الغارات، لحرب الله وأولياءه، ونهب الثروات، وإعادة الحروب الصليبية ونشر التعسف والتدمير والسرقة الذي سمته الديمقراطية، وتعميق معاني الظلم والفساد وتكثير السجون السرية والعلنية ووسائل التعذيب الذي سمته الحرية.
وقد أصبح واضحا ما وقعت به أمريكا بشهادة الناس حتى الأمريكيين أنفسهم من فشل إدارتهم وتخبط قيادتهم وورطتهم الكبرى وخسائرهم العظمى في العراق، وظهرت الدراسات متتالية تبين الخسائر الهائلة التي تكبدها الجيش الأمريكي والنتائج السلبية التي أصابت السياسة الخارجية الأمريكية، والتردي الذي حل بدولة القانون الراعية لحقوق الإنسان كما يزعمون، حتى أعلنت انسحابها التدريجي من العراق. وعندما يتحدث أحد طرفي القضية عن الفشل يعني أن خصمه قد انتصر وهذه هي الحقيقة.
إن المقاومة العراقية العسكرية هي التي دفعت الجيش الأمريكي إلى الهروب الجزئي والانسحاب من المدن للابتعاد عن نيران المجاهدين، بعد أن كانت هذه المقاومة الباسلة السبب الرئيس الذي جعل من الديمقراطيين أغلبية في الكونغرس والنواب واعتلى سدة الحكم في أمريكا رئيس أسود حينما رفع شعار التغيير والانسحاب من العراق، وبسبب هذه الحرب وضراوة المقاومة وشدة ضرباتها وتواصلها دخلت أمريكا في أتون أزمة اقتصادية لم تشهدها منذ عقود، وحصلت انعطافات عظيمة في تاريخ أمريكا.
كل ذلك بفضل الله كان بسبب المقاومة العراقية وليس بجهد من جاء مع أمريكا أو على ظهور دباباتها، وليس بسبب اتفاقيتهم وخيانتهم، وإن من أعظم الزور أن يحسب الانسحاب نصرا لمن أخذوا شرعيتهم من الاحتلال، ورددوا كثيرا أن قدوم الأمريكان تحرير ونصر، فكيف يكون خروجهم تحرير ونصر؟ وقد كان احتفالهم بقدوم الاحتلال عظيما فبماذا يحتفلون اليوم؟ إنهم يظهرون الاحتفال ليسرقوا من المقاومة الباسلة فرحة نصرها بهزيمة أمريكا، ولن يكون هذا في رصيد المالكي وشركاءه إلا زيادة في رصيد سرقاتهم التي ملأت الآفاق، قال سبحانه: (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)
إذا كان من حق أحد أن يحتفل بالنصر فهو المقاومة ورجالها ومن التف حولها ودعمها من أبناء شعبها وأمتها، فهم الذين أوصلوا الاحتلال إلى هزيمة منكرة وجعلت بقاء قواته في العراق مكلفا وباهض الثمن، يقول كيسنجر: إن تحقق النصر في العراق مستحيل وإن الحرب في العراق أكثر تعقيدا من الحرب في فيتنام. وأصبح القادة الأمريكان لا يفكرون إلا بكيفية الانسحاب الآمن، بعد أن تناثرت أشلاء جنودهم على ثرى العراق وتمزقت آلتهم العسكرية التي طالما فرضوا بها وربما بمجرد التلويح بها إرادتهم الباطلة الغاشمة على شعوب الأرض عامة وأمة الإسلام خاصة،
إن هذا الانسحاب إذا كان حقيقيا وخطوة في اتجاه الانسحاب الكامل والحقيقي للاحتلال من أرض العراق فإن المقاومة تكون قد أنجزت مرحلة هامة أخرى من ضمن مراحل تحقيق النصر النهائي،
ولقد قامت أطراف حكومية بعمليات إرهابية ضد المدنيين الأبرياء الآمنين للتشويش على نصر المقاومة وإننا إذ ندين هذه العمليات ومن يقف ورائها نؤكد أن حماية الأبرياء والمظلومين والضعفاء والمطالبة بحقوقهم المدنية والسياسية من أهم أولوياتها، وأي نصر للمقاومة فهو نصر وعيد للمستضعفين من الشيوخ والنساء والأطفال الأبرياء من أبناء شعبها الذين تدافع عنهم، كما نؤكد أن مشروع المقاومة مستمر حتى خروج آخر جندي -يمثل أي قوة احتلال- من العراق.
إن المعادلة الطبيعية في البلاد المحتلة تكون بين المقاومة والاحتلال ولا حياد، فكيف يمكن لأحد أن يكون حياديا وبلده يذبح، ومن كان في الطرف الآخر من هذه المعادلة لأي سبب من الأسباب، فعليه أن يطلب الصفح ممن آذاهم بانحيازه إلى الطرف الظالم في هذه المعادلة، وعليه أن يدرك أن من يخدمهم ويتعاون معهم، قد حزموا حقائبهم، وأنه سيبقى عاريا بلا غطاء.
لقد أصبحت المقاومة بصمودها الأسطوري وظهورها السريع، وإمكاناتها الذاتية المتواضعة، دروسا وعبرا تدرس في كليات الأركان المرموقة في العالم، وأدهشت العالم جميعا بأدائها الرائع وعملها البطولي الذي تجاوز مائة وأربعا وستين ألف هجمة على القوات الأمريكية، مع كونها المقاومة اليتيمة الوحيدة من بين حركات المقاومة والتحرر في تاريخ الدنيا، لم تدعمها دول، في ظل ظروف صعبة جدا، عدوها يتسيد العالم بقطب أوحد ويتحكم بمصائر الدول, في وقت صارت فيه الأمم المتحدة مكتب خدمات لطباعة القرارات الأمريكية، ولم يكن للدول حتى التي كانت تسمى عظمى أن تنطق ببنت شفة تعارض أمريكا أو تكاد، نعم، لقد بدأت المقاومة في العراق في وسط عالم صامت ينتظر في ذهول من التالي في مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي أراد تحويل المنطقة إلى فسيفساء من الدول المتناثرة وتشكيلها ثقافيا وسياسيا واقتصاديا بالشكل الذي يضمن السيادة فيه لإسرائيل وليسهل التحكم الغربي في هذه المنطقة الهامة من العالم،
لقد تلاشت أحلام الظالمين المعتدين، وعادت إلى الأمة ثقتها بنفسها وبموعود ربها وعلمت وعلّمت الناس أنها أمة حية تملك أسباب البقاء والوجود والرفعة والتمكين إذا استمسكت بدينها وبذلت في سبيله المهج والمال والجهد واستفرغت الوسع في ذلك كله،
إن مهمتنا في الحياة الدنيا هي تحقيق العبودية لله وحده، قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)،والعبادة هي كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة والبراءة عما ينافي ذلك ويضاده، وعلى هذا فإن مهمتنا لا تنتهي حتى ينقضي العمر وتخرج الروح ، قال تعالى:(وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) يعني: الموت، وقال سبحانه:(قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ)، ومهمتنا المرحلية في العراق هي نصر الحق وإحقاقه وممانعة الباطل وإزهاقه، واتخاذ الخطوات وسلوك السبل المشروعة التي من شأنها تغيير الواقع السيئ ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، والجهاد في سبيل الله بالسنان واللسان والأركان بكل الوسائل المشروعة لدفع الأعداء والذود عن الدين وضرورياته وإقامة الحق والعدل وحماية المستضعفين ونشر الأمن والعمل على تهيئة الحياة الكريمة للناس ثم (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ *بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)، الأمر له وحده سبحانه ليس لأحد سواه (قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ).
إن النصر وعد ثابت من الله تعالى بقول نافذ لا يتبدل ولا يتغير، قال سبحانه: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ)، وقال: (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ)وإن النصر العظيم هو انتصار المنهج وظهوره، والثبات على المبادئ، والتعالي على الشبهات والشهوات، واجتياز العقبات بشجاعة وثبات، فإن المعركة بين المؤمنين وخصومهم معركة عقيدة، وإن خصومهم لا ينقمون منهم إلا الإيمان، ولا يسخطون منهم إلا العقيدة، وإن الحياة مواقف، يتميز فيها الصادق من غيره، وقد سنحت فرصة عظيمة لا يجوز تفويتها، ولا يليق تبرير ضياعها لو ضاعت، بل لا بد من استثمارها، وإن من أعظم النصر انتصار الإرادات، وقد هبت رياح النصر فلا يجوز تقويضها، وإن صاحب الحق يعيش سعيدا ويموت راضيا مرضيا (وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ). ومهما طال الوقت فما علينا إلا أن نستيقن أن المعركة محسومة من أولها، ونتائجها معروفة قبل بدايتها، فلا نستعجل ولا نقترف أي عمل من شأنه أن يحرمنا النصر الذي لا ريب فيه، قال تعالى: (وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) ثم بعد ذلك، (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ)
وبمناسبة احتفالنا بيوم النصر فإننا نذكر بالآتي:
1. وجوب التجرد لله والإخلاص له كما قال سبحانه:(قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)
2. الاهتمام بالعقيدة والمنهج، وتصحيحهما على وفق ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته، والدعوة إلى الله والصدع بالحق، وعدم المداهنة أو الخوف إلا من الله قال تعالى: (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً)
3. الصبر واليقين الجازم بوعد الله ونصره لعباده قال تعالى: (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)
4. استمرار الجهاد والأخذ بالأسباب المشروعة حتى تحقيق الأهداف،
5. التكامل بين العمل العسكري والعمل السياسي ورفدهما بكافة الأسباب اللازمة لنجاحهما.
6. الوقوف مع المستضعفين وحماية الأبرياء من ظلم الأعداء وأعوانهم.
وإن المقاومة تهدي هذا النصر العظيم لأمتها وشعبها المظلوم الذي لم يجد من يدافع عنه بعد الله إلا هؤلاء الأبطال النشامى.
(رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) اللهم عاف مرضانا وداو جرحانا وفك أسرانا وارحم شهدائنا وسدد رمي المجاهدين في كل مكان، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أمير الجيش الإسلامي في العراق
الثلاثاء: 7/7/1430
الموافق: 30/6/2009
http://www.baghdadalrashid.com/vb3/imgcache/3204.imgcache (http://alboraq.info/showthread.php?t=115494)http://www.baghdadalrashid.com/vb3/imgcache/3205.imgcache (http://www.iaisite.org/index.php)
فلقد عبرت القوات الأمريكية القارات لمواصلة الغارات، لحرب الله وأولياءه، ونهب الثروات، وإعادة الحروب الصليبية ونشر التعسف والتدمير والسرقة الذي سمته الديمقراطية، وتعميق معاني الظلم والفساد وتكثير السجون السرية والعلنية ووسائل التعذيب الذي سمته الحرية.
وقد أصبح واضحا ما وقعت به أمريكا بشهادة الناس حتى الأمريكيين أنفسهم من فشل إدارتهم وتخبط قيادتهم وورطتهم الكبرى وخسائرهم العظمى في العراق، وظهرت الدراسات متتالية تبين الخسائر الهائلة التي تكبدها الجيش الأمريكي والنتائج السلبية التي أصابت السياسة الخارجية الأمريكية، والتردي الذي حل بدولة القانون الراعية لحقوق الإنسان كما يزعمون، حتى أعلنت انسحابها التدريجي من العراق. وعندما يتحدث أحد طرفي القضية عن الفشل يعني أن خصمه قد انتصر وهذه هي الحقيقة.
إن المقاومة العراقية العسكرية هي التي دفعت الجيش الأمريكي إلى الهروب الجزئي والانسحاب من المدن للابتعاد عن نيران المجاهدين، بعد أن كانت هذه المقاومة الباسلة السبب الرئيس الذي جعل من الديمقراطيين أغلبية في الكونغرس والنواب واعتلى سدة الحكم في أمريكا رئيس أسود حينما رفع شعار التغيير والانسحاب من العراق، وبسبب هذه الحرب وضراوة المقاومة وشدة ضرباتها وتواصلها دخلت أمريكا في أتون أزمة اقتصادية لم تشهدها منذ عقود، وحصلت انعطافات عظيمة في تاريخ أمريكا.
كل ذلك بفضل الله كان بسبب المقاومة العراقية وليس بجهد من جاء مع أمريكا أو على ظهور دباباتها، وليس بسبب اتفاقيتهم وخيانتهم، وإن من أعظم الزور أن يحسب الانسحاب نصرا لمن أخذوا شرعيتهم من الاحتلال، ورددوا كثيرا أن قدوم الأمريكان تحرير ونصر، فكيف يكون خروجهم تحرير ونصر؟ وقد كان احتفالهم بقدوم الاحتلال عظيما فبماذا يحتفلون اليوم؟ إنهم يظهرون الاحتفال ليسرقوا من المقاومة الباسلة فرحة نصرها بهزيمة أمريكا، ولن يكون هذا في رصيد المالكي وشركاءه إلا زيادة في رصيد سرقاتهم التي ملأت الآفاق، قال سبحانه: (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)
إذا كان من حق أحد أن يحتفل بالنصر فهو المقاومة ورجالها ومن التف حولها ودعمها من أبناء شعبها وأمتها، فهم الذين أوصلوا الاحتلال إلى هزيمة منكرة وجعلت بقاء قواته في العراق مكلفا وباهض الثمن، يقول كيسنجر: إن تحقق النصر في العراق مستحيل وإن الحرب في العراق أكثر تعقيدا من الحرب في فيتنام. وأصبح القادة الأمريكان لا يفكرون إلا بكيفية الانسحاب الآمن، بعد أن تناثرت أشلاء جنودهم على ثرى العراق وتمزقت آلتهم العسكرية التي طالما فرضوا بها وربما بمجرد التلويح بها إرادتهم الباطلة الغاشمة على شعوب الأرض عامة وأمة الإسلام خاصة،
إن هذا الانسحاب إذا كان حقيقيا وخطوة في اتجاه الانسحاب الكامل والحقيقي للاحتلال من أرض العراق فإن المقاومة تكون قد أنجزت مرحلة هامة أخرى من ضمن مراحل تحقيق النصر النهائي،
ولقد قامت أطراف حكومية بعمليات إرهابية ضد المدنيين الأبرياء الآمنين للتشويش على نصر المقاومة وإننا إذ ندين هذه العمليات ومن يقف ورائها نؤكد أن حماية الأبرياء والمظلومين والضعفاء والمطالبة بحقوقهم المدنية والسياسية من أهم أولوياتها، وأي نصر للمقاومة فهو نصر وعيد للمستضعفين من الشيوخ والنساء والأطفال الأبرياء من أبناء شعبها الذين تدافع عنهم، كما نؤكد أن مشروع المقاومة مستمر حتى خروج آخر جندي -يمثل أي قوة احتلال- من العراق.
إن المعادلة الطبيعية في البلاد المحتلة تكون بين المقاومة والاحتلال ولا حياد، فكيف يمكن لأحد أن يكون حياديا وبلده يذبح، ومن كان في الطرف الآخر من هذه المعادلة لأي سبب من الأسباب، فعليه أن يطلب الصفح ممن آذاهم بانحيازه إلى الطرف الظالم في هذه المعادلة، وعليه أن يدرك أن من يخدمهم ويتعاون معهم، قد حزموا حقائبهم، وأنه سيبقى عاريا بلا غطاء.
لقد أصبحت المقاومة بصمودها الأسطوري وظهورها السريع، وإمكاناتها الذاتية المتواضعة، دروسا وعبرا تدرس في كليات الأركان المرموقة في العالم، وأدهشت العالم جميعا بأدائها الرائع وعملها البطولي الذي تجاوز مائة وأربعا وستين ألف هجمة على القوات الأمريكية، مع كونها المقاومة اليتيمة الوحيدة من بين حركات المقاومة والتحرر في تاريخ الدنيا، لم تدعمها دول، في ظل ظروف صعبة جدا، عدوها يتسيد العالم بقطب أوحد ويتحكم بمصائر الدول, في وقت صارت فيه الأمم المتحدة مكتب خدمات لطباعة القرارات الأمريكية، ولم يكن للدول حتى التي كانت تسمى عظمى أن تنطق ببنت شفة تعارض أمريكا أو تكاد، نعم، لقد بدأت المقاومة في العراق في وسط عالم صامت ينتظر في ذهول من التالي في مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي أراد تحويل المنطقة إلى فسيفساء من الدول المتناثرة وتشكيلها ثقافيا وسياسيا واقتصاديا بالشكل الذي يضمن السيادة فيه لإسرائيل وليسهل التحكم الغربي في هذه المنطقة الهامة من العالم،
لقد تلاشت أحلام الظالمين المعتدين، وعادت إلى الأمة ثقتها بنفسها وبموعود ربها وعلمت وعلّمت الناس أنها أمة حية تملك أسباب البقاء والوجود والرفعة والتمكين إذا استمسكت بدينها وبذلت في سبيله المهج والمال والجهد واستفرغت الوسع في ذلك كله،
إن مهمتنا في الحياة الدنيا هي تحقيق العبودية لله وحده، قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)،والعبادة هي كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة والبراءة عما ينافي ذلك ويضاده، وعلى هذا فإن مهمتنا لا تنتهي حتى ينقضي العمر وتخرج الروح ، قال تعالى:(وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) يعني: الموت، وقال سبحانه:(قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ)، ومهمتنا المرحلية في العراق هي نصر الحق وإحقاقه وممانعة الباطل وإزهاقه، واتخاذ الخطوات وسلوك السبل المشروعة التي من شأنها تغيير الواقع السيئ ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، والجهاد في سبيل الله بالسنان واللسان والأركان بكل الوسائل المشروعة لدفع الأعداء والذود عن الدين وضرورياته وإقامة الحق والعدل وحماية المستضعفين ونشر الأمن والعمل على تهيئة الحياة الكريمة للناس ثم (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ *بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)، الأمر له وحده سبحانه ليس لأحد سواه (قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ).
إن النصر وعد ثابت من الله تعالى بقول نافذ لا يتبدل ولا يتغير، قال سبحانه: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ)، وقال: (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ)وإن النصر العظيم هو انتصار المنهج وظهوره، والثبات على المبادئ، والتعالي على الشبهات والشهوات، واجتياز العقبات بشجاعة وثبات، فإن المعركة بين المؤمنين وخصومهم معركة عقيدة، وإن خصومهم لا ينقمون منهم إلا الإيمان، ولا يسخطون منهم إلا العقيدة، وإن الحياة مواقف، يتميز فيها الصادق من غيره، وقد سنحت فرصة عظيمة لا يجوز تفويتها، ولا يليق تبرير ضياعها لو ضاعت، بل لا بد من استثمارها، وإن من أعظم النصر انتصار الإرادات، وقد هبت رياح النصر فلا يجوز تقويضها، وإن صاحب الحق يعيش سعيدا ويموت راضيا مرضيا (وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ). ومهما طال الوقت فما علينا إلا أن نستيقن أن المعركة محسومة من أولها، ونتائجها معروفة قبل بدايتها، فلا نستعجل ولا نقترف أي عمل من شأنه أن يحرمنا النصر الذي لا ريب فيه، قال تعالى: (وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) ثم بعد ذلك، (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ)
وبمناسبة احتفالنا بيوم النصر فإننا نذكر بالآتي:
1. وجوب التجرد لله والإخلاص له كما قال سبحانه:(قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)
2. الاهتمام بالعقيدة والمنهج، وتصحيحهما على وفق ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته، والدعوة إلى الله والصدع بالحق، وعدم المداهنة أو الخوف إلا من الله قال تعالى: (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً)
3. الصبر واليقين الجازم بوعد الله ونصره لعباده قال تعالى: (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)
4. استمرار الجهاد والأخذ بالأسباب المشروعة حتى تحقيق الأهداف،
5. التكامل بين العمل العسكري والعمل السياسي ورفدهما بكافة الأسباب اللازمة لنجاحهما.
6. الوقوف مع المستضعفين وحماية الأبرياء من ظلم الأعداء وأعوانهم.
وإن المقاومة تهدي هذا النصر العظيم لأمتها وشعبها المظلوم الذي لم يجد من يدافع عنه بعد الله إلا هؤلاء الأبطال النشامى.
(رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) اللهم عاف مرضانا وداو جرحانا وفك أسرانا وارحم شهدائنا وسدد رمي المجاهدين في كل مكان، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أمير الجيش الإسلامي في العراق
الثلاثاء: 7/7/1430
الموافق: 30/6/2009
http://www.baghdadalrashid.com/vb3/imgcache/3204.imgcache (http://alboraq.info/showthread.php?t=115494)http://www.baghdadalrashid.com/vb3/imgcache/3205.imgcache (http://www.iaisite.org/index.php)