خطاب
06-05-2009, 10:18 AM
قادته إلى سويسرا..الفيضي في جولة أوربية لشرح قضية العراق( النص الكامل لخطبة الجمعة)
04 /05 /2009 م 04:44 مساء الزيارات:282
http://www.baghdadalrashid.com/vb3/imgcache/3116.imgcache
الهيئة نت/ خاص:
ألقى الناطق الرسمي لهيئة علماء المسلمين الشيخ الدكتور محمد بشار الفيضي خطبة الجمعة في أحد جوامع العاصمة السويسرية جنيف،حيث يقوم بجولة على عدد من البلدان الأوربية لشرح قضية العراق للعالم الغربي.
وتضمنت الخطبة رسالة إلى الشعوب الغربية، ولقادتها السياسيين، مبيناً لهم سماحة الإسلام، وحبه للسلام، ومد يده لمن يمد له يد السلام، وحمله السيف بوجه من يريد ان يفرض علينا الاستسلام بدل السلام.
كما وتضمنت الخطبة استعراضا لمواقف بعض من المحسوبين على أبناء هذا البلد، ممن اخذوا يتساقطون، الواحد تلو الأخر، في الوقت الذي ثبت كثير منهم، ووقف بوجه مخططات المشروع الجديد في المنطقة، مؤكداً في الوقت ذاته للمسلمين في بلدان الغرب، أن أبناء العراق يعلمون ان أخوانهم المسلمين في أوربا تعرضوا إلى المضايقات، نتيجة طبيعة الحرب في العراق، سائلاً وداعياً الله ان يؤجرهم على صبرهم، وتحملهم، وطالباً منهم بالدعاء لإخوانهم المجاهدين في العراق، وفي أفغانستان وكل بقاع الأرض الإسلامية، التي يتعرض أهلها إلى الغزو والاحتلال.
وإليكم نص الخطبة التي ألقاها الشيخ الدكتور محمد بشار الفيضي في أحد جوامع العاصمة السويسرية جنيف:
الحمدلله ثم الحمد لله، ما توفيقي ولا اعتصامي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب، حسبي الله.
نحمدك اللهم ونشكرك، ونتوب إليك، ونستغفرك، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، ونشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له ونشهد ان محمداً عبده ورسوله.
أما بعد فيا أيها الأخوة الكرام،
يقول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز (ومن الناس من يعبد الله على حرف فان أصابه خير أطمأن به وان أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين).
هذه الآية الكريمة تعرب لنا عن سنة من سنن الله التي لم نجد لها تحويلاً وهو أننا معاشر المسلمين كتب الله عز وجل علينا أن يخبر إيماننا حيث ما كنا فلابد ان نتعرض للابتلاء ليميز الله الخبيث من الطيب يقول الله عز وجل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (أحسب الناس ان يتركوا ان يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين)، هذه سنة الله في الحياة، ولذلك تجدون اغلبنا، حيث كنا، في عملنا، في بيوتنا، نتعرض لاختبارات من لدن عزيز حكيم، ولا ينبغي ان نتبرم من ذلك، الآية الأولى التي تلوناه على حضراتكم في صدر الخطبة، لها سبب نزول، يخبرنا المفسرون أن رجلاً على عهد النبي، صلى الله عليه وسلم، أسلم فقدر الله في اليوم الثاني ان يذهب بصره، ثم قدر الله في اليوم الذي بعده، أن يأتيه مخبر ليقول له، ان أبنك الذي يرعى في ماشيتك، قد سطا عليه اللصوص فقتلوه، واخذوا الماشية، لم يكن هذا الرجل قد آمن صادقاً، وأسلم من قلب طاهر وإنما قد فعل ذلك رياء، وأراد الله ان يبدي باطنه، ومن أسر سريرة ألبسه الله ردائها فعرّضه لهذا الاختبار الصعب، وهنا جاء هذا الرجل إلى الرسول، صلى الله عليه وسلم، وقال له، يا رسول الله أقلني من الإسلام أريد ان أخرج من الإسلام، ذهب بصري ومالي وولدي، هنا قال له المصطفى عليه الصلاة والسلام، يا هذا إن الإسلام لا يقال، الإسلام هو الذي يقيلك، ولست أنت من تطلب منه الإقالة وهنا بيت القصيد قال له المصطفى عليه الصلاة والسلام أن الإسلام يسبك الرجال كما تسبك النار خبث الحديد والذهب والفضة، بالابتلاء تظهر معادن الرجال، يالله ما أعظم هذه الكلمة، شعرنا بمدلولاتها في العراق، أناس كنا نعول عليهم، ونظن فيهم خيراً، سقطوا في أول امتحان، أو في امتحان ثاني، أو ثالث، وهكذا هي سنة الله في الحياة، فلا ينبغي لنا ان ننظر إلى هذه السنة على أنها مصدر شر، لا سمح الله، أنها مصدر في الخير كله.
الابتلاء أيها الأخوة هو قدر الله علينا ولكن له مقاصد، فهناك ابتلاء يراد به الانتقام من الإنسان والعياذ بالله، تماماً كما حدث مع صاحب القصة، كان يظهر الإسلام ويضمر الكفر، فأراد الله ان يظهر باطنه للعلن، فأختبره بهذا الاختبار الصعب، كيف ندرك إن هذا الابتلاء القصد منه الانتقام، بالنظر إلى النتائج التي يقود إليها حال المبتلى، هذا الرجل كفر بعد أيمان، وأرتد بعد إسلام، فعلمنا ان الابتلاء المسخر عليه، كان ابتلاء انتقام والعياذ بالله..
هناك ابتلاء يراد منه ان ترد إلى الله آيباً بعد وقوعك في ذنوب ومعاصي، الله يحب عباده، ولا يريد منهم ان يسترسلوا في الآثام، فيسلط عليهم الابتلاءات ليعودوا إليه، تماماً إذا سمحتم لي ان أذكر هذا المثل، الراعي حينما يضرب غنماً تنأى عن بقية الشياه، انه لا يريد ان يكسر فيها ضلعاً، أنما يقول لها بلسان حال عودي إلى المجموعة مخافة ان تكوني قاصية فتأكلك الذئاب، وفي هذا المعنى يقول الله عز وجل (ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون).
هناك ابتلاء يراد منه ان يعطى العبد رحمات من رب العالمين، ربنا يلحظ أيمانك، يلحظ صدقك، وهو جل جلاله الرقيب، فيريد ان يكافئك فيبتليك، لتصبر ليعطيك الجوائز، ويعطيك الهبات، وفي هذا المعنى يقول الله عز وجل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ) أسأل الله ان يجعلنا وإياكم من نصيب هذه، والتي قبلها، والتي بعدها، والتي سنذكرها الآن.
هناك ابتلاء يراد منه إعداد الرجال، هذه الأمة لا يصلح حالها إلا بالقيادات، بالقدوات، فترون أن الله ينتقي من الناس من يسلط عليه ابتلاء ليقوى عوده، ويصمد حاله، ويكون مؤهلاً لقيادة الناس، ودائماً المثل الشائع الضربات التي لا تقصم ظهرك، تقويك، وفي هذا يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم، (أشد الناس بلاءاً الأنبياء، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم..).
الابتلاء اكبر مدرسة، ليتخرج فيها الصلحاء، ويتخرج فيها القدوات، ويتخرج فيها القيادات.
أيها الأخوة، لقد أبتلى الله إخوانكم في العراق، ابتلاهم الله عز وجل بعدو قطع الآف الأميال، وغزا أرضهم في عقر دارهم، عدواً من سوى أنفسهم كان يريد ان يستبيح بيضتهم، ويقضي على ثقافاتهم وثرواتهم ومستقبلهم، ولأن العراق يقع في وسط العالم الإسلامي، ولأنه بمنظار الخبراء، وأهل الفطنة، يعد قلب العالم الإسلامي النابض، فقد أدرك أبناء العراق ان هذه المعركة لا تستهدف العراق وحده، ولا تستهدف العراقيين وحدهم، بل تستهدف، من خلالهم، كل العالم الإسلامي، لذلك دفعوا بفلذات أكبادهم للمواجهة، وخاضوا حرباً غير متكافئة، حرباً من جهة تسمى في العرف العالمي قوة عظمى، بل القوة الأعظم، لكن معركة بهذه النتائج المصيرية تستحق التضحية، ومع ان إخوانكم في العراق أعطوا خسائر كبيرة، فقدوا، وحتى اللحظة، أكثر من مليون ونصف شهيد، وأصبح لديهم جيش من الأرامل، وجيش من الأيتام، لكنهم ثقوا أنهم مصممون على طرد الغزاة من أرضهم، مصممون على ان لا ينجح هذا المشروع في المنطقة، الذي يستهدفكم حيثما كنتم، مصممون على ان يكونوا درعكم، يدفعون عنكم تبعات هذا الغزو وهذه التداعيات، فأدعو الله لهم أن يثبت أقدامهم، وأدعو الله لهم ان يكتب لهم النصر والسداد والرشاد، وأننا لنرى في الأفق بشائر لهذا النصر، عسى الله أن يتمم علينا فضله.
أيها الأخوة، من جنيف، من أرض السلام، تقوم فيها اكبر شبكة لحقوق الإنسان، أستسمحكم عذراً لأوجه خطاباً إلى العالم الغربي، بكل مودة، وبكل حب، وأقول أيها العالم ليس في مصلحتكم معاداة العالم الإسلامي، كما انه ليس من مصلحة العالم الإسلامي معاداتكم، العالم الإسلامي عالم سلام، سلوا عنه عبر التاريخ، كانت يده دائماً بيضاء مع كل الشعوب، لم يكن نذير شؤم لأحد، لم يهدد مصالح احد، هذا العالم الإسلامي الكبير جزء لا يمكن تجاهله، ثلث العالم، فليس من مصلحتكم ان تعادوا هذا العالم لأسباب غير منطقية.
الرئيس الأميركي الجديد بعث بإشارات إيجابية، هذا الرجل حينما وصل إلى السلطة، قرر إغلاق معتقل غوانتنامو، وقرر إغلاق كل المعتقلات السرية، التابعة إلى دولته في العالم، ليس هذا فحسب..، بل منع التعذيب في المعتقلات، وحسناً فعل، فهذه المعتقلات، وهذا التعذيب، لم يكن يطال سوى أبنائنا، ليس هذا فحسب، بل ألقى أول خطاب له في دولة أسلامية معروفة، وقال سأمد يدي لمصافحة العالم الإسلامي، ونحن نقول له، حيا هلا، ما أجمل السلام، لكن أيها الرئيس الجديد، قبل ان تمد يدك اليمنى، لمصافحتنا، لتقم يدك اليسرى بغلق ملفات غزو بلداننا.
يجب ان ينتهي غزو العراق، ويجب ان ينتهي غزو أرض أفغانستان، وأي غزو يطال أرضاً إسلامية، في شتى بقاع العالم، يجب ان تعمل على حل المشكلة الفلسطينية حلاً عادلاً يعيد الحق إلى نصابه، إذا فعلت ذلك ستجد يدنا اليمنى أعجل من يدك اليسرى إلينا، هذه طبيعتنا عبر التاريخ، نتسامى على جروحنا، نتسامح مع أعدائنا، نميل دائماً إلى خيارات السلام.
تذكروا تاريخكم أيها الأخوة، تذكروا شهادات الغربيين في حق الجيوش، التي دخلت في فترة ما؟ بلدانهم، لم يكونوا يقتلوا النساء، ولم يكونوا يسلبوا الأموال، ولم يكونوا يتلفوا المزروعات، ولم يكونوا يفعلوا ما يعيب الإنسان في طبعه، وفي سلوكه، وهاهو عالم اليوم، وقد دارت الدائرة عليه، في وضع من السوء بمكان، لكن ما زالت الفرصة قائمة، فلتكن أيها الرئيس الجديد جاداً في دعوتك، صادقاً في ما تقول، ستجدنا اقرب أليك صلحاً، وحباً، وأمناً، وسلاماً.
أيها الأخوة، أيها الأحبة :
لنعش بقية عمر الدنيا بسلام ، لنعش مع العالم كله على مودة قائمة على التعارف، الذي أوصانا به القرآن الكريم، التعارف بين مكونات الخلق مقصد قرآني، أشار إليه المولى عز وجل في قوله تعالى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى) وتنبهوا إلى أسلوب الخطاب، لم يقل يا أيها الذين امنوا، ولم يقل يا أيها المؤمنون، الخطاب موجه إلى الناس، كل الناس، (يا أيها الناس أنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله اتقاكم). وهذا شان أخروي، إذن مقصد قرآني، ان يكون بعضنا لبعض سلماً، وهكذا هي أخلاقنا، لكن يا أيها الأخوة بطبيعة الحال، حينما يغزو العدو أرضنا، حينما يقتل أبنائنا، حينما يهدم مساجدنا، حينما يعتدي على قرآننا، لا يمكن ان نترك أيدينا على أكتافنا، ونقول سلام، لا سلام، هذا استسلام، لكن يوم يريد العدو السلام، ماذا يقول القرآن (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها)، هذه هي حقيقتنا، وهذا هو واقعنا، نسأل الله ان ينعم على هذا العالم المضطرب بالسلام، وان ينعم على الخليقة بالمودة والصفاء، وان يجعلنا دائماً نحن المسلمين قدوة في مشاريع السلام في العالم، وان يحفظ دماء أبنائنا، ويحفظ أعراضنا، وان يحفظ أرضنا وخيراتنا، انه على ما يشاء قدير، وبالإجابة جدير، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.
الحمدلله مستحق الحمد، والصلاة والسلام على صاحب لواء الحمد، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد،
أيها الأخوة في ما يخص الابتلاء تذكروا ان الابتلاءات عادة ما تكون بسبب كسب الناس، يقول الله عز وجل، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (وما أصابتكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) هذا مع عرض الآية, نعلم، بان الله سبحانه وتعالى، لو أراد ان يؤاخذنا بكل ما كسبنا، ما ترك على هذه الأرض من دابة، فذنوبنا أحياناً، للأسف الشديد، تملأ أقطار الأرض، وأحياناً تبلغ عنان السماء، لكن رحمة الله واسعة فتراه سبحانه، يسقط عنا الكثير من الذنوب والآثام، جعل لنا الصلوات مطهرة، وجعل لنا الوضوء كذلك، والكلمة الطيبة كذلك، والصدقة كذلك، فنحن دائماً في عملية غسيل ربانية كل يوم، إذا قلت سبحان الله، حطت عنك كذا خطيئة، وإذا قلت الحمدلله، حطت عنك كذا خطيئة، وإذا قلت الله اكبر، الأمر كذلك، لذلك وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم، ويعفو عن كثير..
الأمر الثاني الذي أحب ان أنبهكم عليه، أن من فضل الله علينا، أننا مأجورون على المصيبة مهما صغرت، هل نمت يوماً مُؤّرق الجفن؟! لك بذلك اجر، هل أصابك نوع من ضيق الصدر؟! لك بذلك أجر، هل قرصتك بعوضة أو ذبابة؟! لك بذلك أجر، هكذا هو الإسلام، وهكذا هو عطاء الله، (وما كان عطاء ربك محظوراً).
كان النبي، صلى الله عليه وسلم، جالساً بين أصحابه، وبينهما موقد صغير، يبث قبساً من النار، هبت ريح فأطفأت هذا القبس، فإذا بسيدنا المصطفى، صلى الله عليه وسلم، يقول (إنا لله وإنا إليه راجعون)، فتعجب أصحابه رضوان الله تعالى عليهم، وقالوا يا رسول الله، وهل هذه مصيبة حتى تسترجع منها؟! انظروا ماذا قال حبيبكم المصطفى صلى الله عليه وسلم، وقدوتكم، وقائدكم، قال ( كل ما آذى المؤمن فهو مصيبة)، بمعنى تنطبق عليه معايير المصيبة، يُطهر ذنوبك، ويضيف إليك رصيداً من الحسنات، وأحياناً يرفعك عند الله درجات.
انتم بهذه المقاييس على خير عظيم، تأتيكم الحسنات من كل مكان وانتم لا تشعرون، ستفاجئون يوم القيامة بجبال من حسنات، وتقولون يا رب لم نفعل شيئاً، فمن أين جاءت هذه الحسنات؟! فيعرض الله عليكم مواقفكم في الدنيا، عبدي في اليوم الفلاني، قرصتك ذبابة، فقلت لا إله إلا الله، في اليوم الفلاني سمعت خبراً مزعجاً، فقلت لا حول ولا قوة إلا بالله، في اليوم الفلاني أصابتك مصيبة، فقلت إنا لله وإنا إليه راجعون، هذه ليست كلمات، هذه مواقف، وعلى المواقف تترتب الصالحات، وتترتب الحسنات، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.
أنا أيها الأخوة، وأعوذ بالله من هذه الكلمة، لمن يقولها تكبراً، في جولة في أوربا، لأشرح القضية العراقية، وقد يسر الله لي أن ألتقي بإخواني المسلمين في أكثر من مسجد، يشهد الله ان قلبي يمتلئ فرحاً، وبهجة، حينما تقع عيني على المسلمين هنا وهناك، من كل جنسٍ ومن كل لون، ومن كل لغة، أجدهم في المسجد كأنهم أبناء رجل واحد، فأقول ياألله ما أعظم الإسلام، الحمدلله الذي جعلنا مسلمين، قولوها دائماً أيها الأخوة، كلما تذكرتم، الحمدلله الذي جعلنا مسلمين.
أهنئكم من صميم قلبي على هذا اللقاء الطيب، وعلى هذه العبادة المباركة، وأنا أعلم أنكم بسببنا، وبسبب أحوالنا، وظروف معركتنا، تعرضتم لمعاناة، تذكروا ان هذه المصيبة أجرتم عليها كثيراً، ولدينا بالله أمل كبير أن الجولة القادمة ستنقلب فيها الأمور رأساً على عقب، وسيُفرّج الله عنا وعنكم، بإذنه سبحانه.
اللهم كن لنا ولا تكن علينا، اللهم ألطف بنا، وارزقنا الخير، وأحسن عاقبتنا في الأمور كلها، اللهم إننا نسألك أيماناً دائماً، ونسألك قلباً خاشعاً، ونسألك علماً نافعاً، ونسألك يقيناً صادقاً، ونسألك علماً نافعاً، وعملاً متقبلاً، ونسألك يا ربنا يقيناً صادقاً، عافنا اللهم وأعفو عنا، وعلى طاعتك أعنا، ومن شر خلقك يا مولانا سلمنا، أكرمنا اللهم، كن لنا ولا تكن علينا، كن لنا كما كنت لأحبابك الصادقين، للأنبياء والمرسلين، للمجاهدين والمثابرين، والطائعين والعابدين، مولانا رب العالمين، آمين اللهم آمين، آمين اللهم آمين، يا رحيم يا غفار، يا كريم يا ستار، حرم بجودك ولطفك هذه الوجوه على النار.
عباد الله، اتقوا الله، واعلموا ان الله سبحانه وتعالى يقول ( ان الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون) وأستغفر الله لي ولكم، ولوالديّ، ولسائر المسلمين، ولذكر الله اكبر، وأقم الصلاة.
04 /05 /2009 م 04:44 مساء الزيارات:282
http://www.baghdadalrashid.com/vb3/imgcache/3116.imgcache
الهيئة نت/ خاص:
ألقى الناطق الرسمي لهيئة علماء المسلمين الشيخ الدكتور محمد بشار الفيضي خطبة الجمعة في أحد جوامع العاصمة السويسرية جنيف،حيث يقوم بجولة على عدد من البلدان الأوربية لشرح قضية العراق للعالم الغربي.
وتضمنت الخطبة رسالة إلى الشعوب الغربية، ولقادتها السياسيين، مبيناً لهم سماحة الإسلام، وحبه للسلام، ومد يده لمن يمد له يد السلام، وحمله السيف بوجه من يريد ان يفرض علينا الاستسلام بدل السلام.
كما وتضمنت الخطبة استعراضا لمواقف بعض من المحسوبين على أبناء هذا البلد، ممن اخذوا يتساقطون، الواحد تلو الأخر، في الوقت الذي ثبت كثير منهم، ووقف بوجه مخططات المشروع الجديد في المنطقة، مؤكداً في الوقت ذاته للمسلمين في بلدان الغرب، أن أبناء العراق يعلمون ان أخوانهم المسلمين في أوربا تعرضوا إلى المضايقات، نتيجة طبيعة الحرب في العراق، سائلاً وداعياً الله ان يؤجرهم على صبرهم، وتحملهم، وطالباً منهم بالدعاء لإخوانهم المجاهدين في العراق، وفي أفغانستان وكل بقاع الأرض الإسلامية، التي يتعرض أهلها إلى الغزو والاحتلال.
وإليكم نص الخطبة التي ألقاها الشيخ الدكتور محمد بشار الفيضي في أحد جوامع العاصمة السويسرية جنيف:
الحمدلله ثم الحمد لله، ما توفيقي ولا اعتصامي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب، حسبي الله.
نحمدك اللهم ونشكرك، ونتوب إليك، ونستغفرك، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، ونشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له ونشهد ان محمداً عبده ورسوله.
أما بعد فيا أيها الأخوة الكرام،
يقول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز (ومن الناس من يعبد الله على حرف فان أصابه خير أطمأن به وان أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين).
هذه الآية الكريمة تعرب لنا عن سنة من سنن الله التي لم نجد لها تحويلاً وهو أننا معاشر المسلمين كتب الله عز وجل علينا أن يخبر إيماننا حيث ما كنا فلابد ان نتعرض للابتلاء ليميز الله الخبيث من الطيب يقول الله عز وجل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (أحسب الناس ان يتركوا ان يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين)، هذه سنة الله في الحياة، ولذلك تجدون اغلبنا، حيث كنا، في عملنا، في بيوتنا، نتعرض لاختبارات من لدن عزيز حكيم، ولا ينبغي ان نتبرم من ذلك، الآية الأولى التي تلوناه على حضراتكم في صدر الخطبة، لها سبب نزول، يخبرنا المفسرون أن رجلاً على عهد النبي، صلى الله عليه وسلم، أسلم فقدر الله في اليوم الثاني ان يذهب بصره، ثم قدر الله في اليوم الذي بعده، أن يأتيه مخبر ليقول له، ان أبنك الذي يرعى في ماشيتك، قد سطا عليه اللصوص فقتلوه، واخذوا الماشية، لم يكن هذا الرجل قد آمن صادقاً، وأسلم من قلب طاهر وإنما قد فعل ذلك رياء، وأراد الله ان يبدي باطنه، ومن أسر سريرة ألبسه الله ردائها فعرّضه لهذا الاختبار الصعب، وهنا جاء هذا الرجل إلى الرسول، صلى الله عليه وسلم، وقال له، يا رسول الله أقلني من الإسلام أريد ان أخرج من الإسلام، ذهب بصري ومالي وولدي، هنا قال له المصطفى عليه الصلاة والسلام، يا هذا إن الإسلام لا يقال، الإسلام هو الذي يقيلك، ولست أنت من تطلب منه الإقالة وهنا بيت القصيد قال له المصطفى عليه الصلاة والسلام أن الإسلام يسبك الرجال كما تسبك النار خبث الحديد والذهب والفضة، بالابتلاء تظهر معادن الرجال، يالله ما أعظم هذه الكلمة، شعرنا بمدلولاتها في العراق، أناس كنا نعول عليهم، ونظن فيهم خيراً، سقطوا في أول امتحان، أو في امتحان ثاني، أو ثالث، وهكذا هي سنة الله في الحياة، فلا ينبغي لنا ان ننظر إلى هذه السنة على أنها مصدر شر، لا سمح الله، أنها مصدر في الخير كله.
الابتلاء أيها الأخوة هو قدر الله علينا ولكن له مقاصد، فهناك ابتلاء يراد به الانتقام من الإنسان والعياذ بالله، تماماً كما حدث مع صاحب القصة، كان يظهر الإسلام ويضمر الكفر، فأراد الله ان يظهر باطنه للعلن، فأختبره بهذا الاختبار الصعب، كيف ندرك إن هذا الابتلاء القصد منه الانتقام، بالنظر إلى النتائج التي يقود إليها حال المبتلى، هذا الرجل كفر بعد أيمان، وأرتد بعد إسلام، فعلمنا ان الابتلاء المسخر عليه، كان ابتلاء انتقام والعياذ بالله..
هناك ابتلاء يراد منه ان ترد إلى الله آيباً بعد وقوعك في ذنوب ومعاصي، الله يحب عباده، ولا يريد منهم ان يسترسلوا في الآثام، فيسلط عليهم الابتلاءات ليعودوا إليه، تماماً إذا سمحتم لي ان أذكر هذا المثل، الراعي حينما يضرب غنماً تنأى عن بقية الشياه، انه لا يريد ان يكسر فيها ضلعاً، أنما يقول لها بلسان حال عودي إلى المجموعة مخافة ان تكوني قاصية فتأكلك الذئاب، وفي هذا المعنى يقول الله عز وجل (ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون).
هناك ابتلاء يراد منه ان يعطى العبد رحمات من رب العالمين، ربنا يلحظ أيمانك، يلحظ صدقك، وهو جل جلاله الرقيب، فيريد ان يكافئك فيبتليك، لتصبر ليعطيك الجوائز، ويعطيك الهبات، وفي هذا المعنى يقول الله عز وجل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ) أسأل الله ان يجعلنا وإياكم من نصيب هذه، والتي قبلها، والتي بعدها، والتي سنذكرها الآن.
هناك ابتلاء يراد منه إعداد الرجال، هذه الأمة لا يصلح حالها إلا بالقيادات، بالقدوات، فترون أن الله ينتقي من الناس من يسلط عليه ابتلاء ليقوى عوده، ويصمد حاله، ويكون مؤهلاً لقيادة الناس، ودائماً المثل الشائع الضربات التي لا تقصم ظهرك، تقويك، وفي هذا يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم، (أشد الناس بلاءاً الأنبياء، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم..).
الابتلاء اكبر مدرسة، ليتخرج فيها الصلحاء، ويتخرج فيها القدوات، ويتخرج فيها القيادات.
أيها الأخوة، لقد أبتلى الله إخوانكم في العراق، ابتلاهم الله عز وجل بعدو قطع الآف الأميال، وغزا أرضهم في عقر دارهم، عدواً من سوى أنفسهم كان يريد ان يستبيح بيضتهم، ويقضي على ثقافاتهم وثرواتهم ومستقبلهم، ولأن العراق يقع في وسط العالم الإسلامي، ولأنه بمنظار الخبراء، وأهل الفطنة، يعد قلب العالم الإسلامي النابض، فقد أدرك أبناء العراق ان هذه المعركة لا تستهدف العراق وحده، ولا تستهدف العراقيين وحدهم، بل تستهدف، من خلالهم، كل العالم الإسلامي، لذلك دفعوا بفلذات أكبادهم للمواجهة، وخاضوا حرباً غير متكافئة، حرباً من جهة تسمى في العرف العالمي قوة عظمى، بل القوة الأعظم، لكن معركة بهذه النتائج المصيرية تستحق التضحية، ومع ان إخوانكم في العراق أعطوا خسائر كبيرة، فقدوا، وحتى اللحظة، أكثر من مليون ونصف شهيد، وأصبح لديهم جيش من الأرامل، وجيش من الأيتام، لكنهم ثقوا أنهم مصممون على طرد الغزاة من أرضهم، مصممون على ان لا ينجح هذا المشروع في المنطقة، الذي يستهدفكم حيثما كنتم، مصممون على ان يكونوا درعكم، يدفعون عنكم تبعات هذا الغزو وهذه التداعيات، فأدعو الله لهم أن يثبت أقدامهم، وأدعو الله لهم ان يكتب لهم النصر والسداد والرشاد، وأننا لنرى في الأفق بشائر لهذا النصر، عسى الله أن يتمم علينا فضله.
أيها الأخوة، من جنيف، من أرض السلام، تقوم فيها اكبر شبكة لحقوق الإنسان، أستسمحكم عذراً لأوجه خطاباً إلى العالم الغربي، بكل مودة، وبكل حب، وأقول أيها العالم ليس في مصلحتكم معاداة العالم الإسلامي، كما انه ليس من مصلحة العالم الإسلامي معاداتكم، العالم الإسلامي عالم سلام، سلوا عنه عبر التاريخ، كانت يده دائماً بيضاء مع كل الشعوب، لم يكن نذير شؤم لأحد، لم يهدد مصالح احد، هذا العالم الإسلامي الكبير جزء لا يمكن تجاهله، ثلث العالم، فليس من مصلحتكم ان تعادوا هذا العالم لأسباب غير منطقية.
الرئيس الأميركي الجديد بعث بإشارات إيجابية، هذا الرجل حينما وصل إلى السلطة، قرر إغلاق معتقل غوانتنامو، وقرر إغلاق كل المعتقلات السرية، التابعة إلى دولته في العالم، ليس هذا فحسب..، بل منع التعذيب في المعتقلات، وحسناً فعل، فهذه المعتقلات، وهذا التعذيب، لم يكن يطال سوى أبنائنا، ليس هذا فحسب، بل ألقى أول خطاب له في دولة أسلامية معروفة، وقال سأمد يدي لمصافحة العالم الإسلامي، ونحن نقول له، حيا هلا، ما أجمل السلام، لكن أيها الرئيس الجديد، قبل ان تمد يدك اليمنى، لمصافحتنا، لتقم يدك اليسرى بغلق ملفات غزو بلداننا.
يجب ان ينتهي غزو العراق، ويجب ان ينتهي غزو أرض أفغانستان، وأي غزو يطال أرضاً إسلامية، في شتى بقاع العالم، يجب ان تعمل على حل المشكلة الفلسطينية حلاً عادلاً يعيد الحق إلى نصابه، إذا فعلت ذلك ستجد يدنا اليمنى أعجل من يدك اليسرى إلينا، هذه طبيعتنا عبر التاريخ، نتسامى على جروحنا، نتسامح مع أعدائنا، نميل دائماً إلى خيارات السلام.
تذكروا تاريخكم أيها الأخوة، تذكروا شهادات الغربيين في حق الجيوش، التي دخلت في فترة ما؟ بلدانهم، لم يكونوا يقتلوا النساء، ولم يكونوا يسلبوا الأموال، ولم يكونوا يتلفوا المزروعات، ولم يكونوا يفعلوا ما يعيب الإنسان في طبعه، وفي سلوكه، وهاهو عالم اليوم، وقد دارت الدائرة عليه، في وضع من السوء بمكان، لكن ما زالت الفرصة قائمة، فلتكن أيها الرئيس الجديد جاداً في دعوتك، صادقاً في ما تقول، ستجدنا اقرب أليك صلحاً، وحباً، وأمناً، وسلاماً.
أيها الأخوة، أيها الأحبة :
لنعش بقية عمر الدنيا بسلام ، لنعش مع العالم كله على مودة قائمة على التعارف، الذي أوصانا به القرآن الكريم، التعارف بين مكونات الخلق مقصد قرآني، أشار إليه المولى عز وجل في قوله تعالى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى) وتنبهوا إلى أسلوب الخطاب، لم يقل يا أيها الذين امنوا، ولم يقل يا أيها المؤمنون، الخطاب موجه إلى الناس، كل الناس، (يا أيها الناس أنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله اتقاكم). وهذا شان أخروي، إذن مقصد قرآني، ان يكون بعضنا لبعض سلماً، وهكذا هي أخلاقنا، لكن يا أيها الأخوة بطبيعة الحال، حينما يغزو العدو أرضنا، حينما يقتل أبنائنا، حينما يهدم مساجدنا، حينما يعتدي على قرآننا، لا يمكن ان نترك أيدينا على أكتافنا، ونقول سلام، لا سلام، هذا استسلام، لكن يوم يريد العدو السلام، ماذا يقول القرآن (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها)، هذه هي حقيقتنا، وهذا هو واقعنا، نسأل الله ان ينعم على هذا العالم المضطرب بالسلام، وان ينعم على الخليقة بالمودة والصفاء، وان يجعلنا دائماً نحن المسلمين قدوة في مشاريع السلام في العالم، وان يحفظ دماء أبنائنا، ويحفظ أعراضنا، وان يحفظ أرضنا وخيراتنا، انه على ما يشاء قدير، وبالإجابة جدير، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.
الحمدلله مستحق الحمد، والصلاة والسلام على صاحب لواء الحمد، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد،
أيها الأخوة في ما يخص الابتلاء تذكروا ان الابتلاءات عادة ما تكون بسبب كسب الناس، يقول الله عز وجل، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (وما أصابتكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) هذا مع عرض الآية, نعلم، بان الله سبحانه وتعالى، لو أراد ان يؤاخذنا بكل ما كسبنا، ما ترك على هذه الأرض من دابة، فذنوبنا أحياناً، للأسف الشديد، تملأ أقطار الأرض، وأحياناً تبلغ عنان السماء، لكن رحمة الله واسعة فتراه سبحانه، يسقط عنا الكثير من الذنوب والآثام، جعل لنا الصلوات مطهرة، وجعل لنا الوضوء كذلك، والكلمة الطيبة كذلك، والصدقة كذلك، فنحن دائماً في عملية غسيل ربانية كل يوم، إذا قلت سبحان الله، حطت عنك كذا خطيئة، وإذا قلت الحمدلله، حطت عنك كذا خطيئة، وإذا قلت الله اكبر، الأمر كذلك، لذلك وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم، ويعفو عن كثير..
الأمر الثاني الذي أحب ان أنبهكم عليه، أن من فضل الله علينا، أننا مأجورون على المصيبة مهما صغرت، هل نمت يوماً مُؤّرق الجفن؟! لك بذلك اجر، هل أصابك نوع من ضيق الصدر؟! لك بذلك أجر، هل قرصتك بعوضة أو ذبابة؟! لك بذلك أجر، هكذا هو الإسلام، وهكذا هو عطاء الله، (وما كان عطاء ربك محظوراً).
كان النبي، صلى الله عليه وسلم، جالساً بين أصحابه، وبينهما موقد صغير، يبث قبساً من النار، هبت ريح فأطفأت هذا القبس، فإذا بسيدنا المصطفى، صلى الله عليه وسلم، يقول (إنا لله وإنا إليه راجعون)، فتعجب أصحابه رضوان الله تعالى عليهم، وقالوا يا رسول الله، وهل هذه مصيبة حتى تسترجع منها؟! انظروا ماذا قال حبيبكم المصطفى صلى الله عليه وسلم، وقدوتكم، وقائدكم، قال ( كل ما آذى المؤمن فهو مصيبة)، بمعنى تنطبق عليه معايير المصيبة، يُطهر ذنوبك، ويضيف إليك رصيداً من الحسنات، وأحياناً يرفعك عند الله درجات.
انتم بهذه المقاييس على خير عظيم، تأتيكم الحسنات من كل مكان وانتم لا تشعرون، ستفاجئون يوم القيامة بجبال من حسنات، وتقولون يا رب لم نفعل شيئاً، فمن أين جاءت هذه الحسنات؟! فيعرض الله عليكم مواقفكم في الدنيا، عبدي في اليوم الفلاني، قرصتك ذبابة، فقلت لا إله إلا الله، في اليوم الفلاني سمعت خبراً مزعجاً، فقلت لا حول ولا قوة إلا بالله، في اليوم الفلاني أصابتك مصيبة، فقلت إنا لله وإنا إليه راجعون، هذه ليست كلمات، هذه مواقف، وعلى المواقف تترتب الصالحات، وتترتب الحسنات، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.
أنا أيها الأخوة، وأعوذ بالله من هذه الكلمة، لمن يقولها تكبراً، في جولة في أوربا، لأشرح القضية العراقية، وقد يسر الله لي أن ألتقي بإخواني المسلمين في أكثر من مسجد، يشهد الله ان قلبي يمتلئ فرحاً، وبهجة، حينما تقع عيني على المسلمين هنا وهناك، من كل جنسٍ ومن كل لون، ومن كل لغة، أجدهم في المسجد كأنهم أبناء رجل واحد، فأقول ياألله ما أعظم الإسلام، الحمدلله الذي جعلنا مسلمين، قولوها دائماً أيها الأخوة، كلما تذكرتم، الحمدلله الذي جعلنا مسلمين.
أهنئكم من صميم قلبي على هذا اللقاء الطيب، وعلى هذه العبادة المباركة، وأنا أعلم أنكم بسببنا، وبسبب أحوالنا، وظروف معركتنا، تعرضتم لمعاناة، تذكروا ان هذه المصيبة أجرتم عليها كثيراً، ولدينا بالله أمل كبير أن الجولة القادمة ستنقلب فيها الأمور رأساً على عقب، وسيُفرّج الله عنا وعنكم، بإذنه سبحانه.
اللهم كن لنا ولا تكن علينا، اللهم ألطف بنا، وارزقنا الخير، وأحسن عاقبتنا في الأمور كلها، اللهم إننا نسألك أيماناً دائماً، ونسألك قلباً خاشعاً، ونسألك علماً نافعاً، ونسألك يقيناً صادقاً، ونسألك علماً نافعاً، وعملاً متقبلاً، ونسألك يا ربنا يقيناً صادقاً، عافنا اللهم وأعفو عنا، وعلى طاعتك أعنا، ومن شر خلقك يا مولانا سلمنا، أكرمنا اللهم، كن لنا ولا تكن علينا، كن لنا كما كنت لأحبابك الصادقين، للأنبياء والمرسلين، للمجاهدين والمثابرين، والطائعين والعابدين، مولانا رب العالمين، آمين اللهم آمين، آمين اللهم آمين، يا رحيم يا غفار، يا كريم يا ستار، حرم بجودك ولطفك هذه الوجوه على النار.
عباد الله، اتقوا الله، واعلموا ان الله سبحانه وتعالى يقول ( ان الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون) وأستغفر الله لي ولكم، ولوالديّ، ولسائر المسلمين، ولذكر الله اكبر، وأقم الصلاة.