خطاب
31-07-2008, 09:59 AM
من المؤكَّد أن المحكمة الجنائية الدولية ليست بيتًا للعدالة بالمعنى الحقيقي للكلمة، وإلا لما كان من حقنا الاعتراض على تحويل أي أحد إليها لا سيما أولئك الذين ارتبكوا وما زالوا يرتكبون أبشع الانتهاكات بحقّ شعوبهم بصرف النظر عما إذا كانت قتلاً وتشريدًا أو قمعًا ودكتاتورية وفسادًا ونهبًا للثروات.
لكن ما يجري في حالة الرئيس السوداني لا صلة له بالعدالة بقدر صلته بتصفية الحسابات السياسية وفق الأجندة الأمريكية المحكومة بدورها للأجندة "الإسرائيلية" في عصر المحافظين الجدد وسيطرة اللوبي الصهيوني على الكونجرس بديمقراطييه وجمهورييه.
سنكرّر ها هنا ما سيقوله كل العرب والمسلمين وجميع الشرفاء في هذا العالم من أنه لو كان ثَمَّة عدالة دولية بالفعل لكان جورج بوش وتوني بلير ومن ساندهما في حرب العراق على وجه التحديد هم من يمثلون اليوم أمام المحكمة الجنائية الدولية عقابًا لهم على ملايين القتلى والجرحى والمشردين الذين أسفرت عنهم حرب شنُّوها خارج نطاق ما يسمى الشرعية الدولية.
لا خلاف على أن نظام الإنقاذ قد ارتكب مسلسلاً طويلاً من الأخطاء، ليس في حق أهالي دارفور الذين ذاقوا الأَمرَّيْن وحسب، ولكن في حقّ المشروع الإسلامي الذي تبَنَّاه حين جعل بقاء النظام هدفًا لا يتقدم عليه شيء، فكان أن همّش المعارضة الشمالية بمن فيها صاحب المشروع (الترابي)، الأمر الذي تركه عاريًا أمام الضغوط الدولية، ولم يدع أمامه سوى دفع التنازل تِلْو التنازل للمعارضة الجنوبية المرتبطة بدورها بالأجندة الأمريكية "الإسرائيلية" المعارضة لهوية السودان العربية الإسلامية.
ومع توالي الاكتشافات النفطية وارتفاع الأسعار زادت قابلية النظام لتقديم التنازلات، فكانت الاتفاقيات المتوالية مع حركة التمرُّد الجنوبية مقابل المزيد من التشدُّد مع المعارضة الشمالية إلى جانب ارتكاب المزيد من الأخطاء في ملف دارفور الذي انفجر بدوره على نحوٍ مُثِير ومُتْعِبٍ.
خلال سنوات كان بوِسْع نظام الإنقاذ أن يعيد ترتيب أوراق دارفور على نحو يسحب الملف من أيدي الجهات الغربية التي جعلت منه "هولوكوست" جديدا تهيّج وسائل الإعلام من خلاله الرأي العام الغربي، بينما يبادر العقل الاستعماري الغربي والأمريكي بشكل خاصّ إلى استغلاله في المزيد من ابتزاز النظام.
لو كان الحزب الحاكم متصالحًا مع شركائه في الشمال لكان بوسْعِه الصمود، ليس أمام حركة التمرُّد في الجنوب التي وقّع معها اتفاقًا سيئًا فحسب، ولكن أمام معضلة دارفور أيضًا، لكنه أصَرّ على الانفراد بالحكم، فكانت النتيجة هي هذا المسلسل البائس من التنازلات الذي وضع السودان أمام استحقاق جديد لا ندري كيف سيخرج منه.
بحسب التجارب السابقة كان النهج المعروف هو التنازل كلما تعرّض رموز النظام للضغوط، الأمر الذي ما زال يهدِّد قدرة البلد على البقاء موحدًا، ولا ندري هل سيكرّر هذه المرة ذات النهج لإنقاذ رموزه المُهَدَّدين واحدًا تلو الآخر بالمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية؟!
من الواضح أن أمريكا ليست راضية عن سلوك نظام الإنقاذ، وهو مهما كان الخلاف مع نهجه الداخلي ليس من المحور الأمريكي، والنتيجة أن هدف تقسيم البلد وتحويله مَنصَّة لابتزاز مصر رغم تراجعها في السنوات الأخيرة سيبقى هدفًا لا مَحِيد عنه، وهو بالطبع جزء من استراتيجية تفكيك المنطقة لحساب المصالح الأمريكية الصهيونية.
بوسع النظام أن يواجه هذه الأزمة وكل الأزمات الأخرى التي تواجهه، ومنها الخلاف مع الجنوبيين وملف دارفور، ليس وَفْق النهج التقليدي، بل على قاعدة تَمْتِين الجبهة الداخلية بالتحالف مع القوى الشمالية ضمن شراكة جديدة تتعامل مع مختلف التحديات التي يواجهها البلد وتهدّد هويته العربية والإسلامية.
أما التعويل على الأنظمة العربية أو حتى الصين وروسيا، فلن يكون مجديًا، وهو مَسارٌ جُرِّبَ من قبل، فكانت النتائج البائسة التي وصلت حدّ المطالبة برأس النظام.
الاسلام اليوم
لكن ما يجري في حالة الرئيس السوداني لا صلة له بالعدالة بقدر صلته بتصفية الحسابات السياسية وفق الأجندة الأمريكية المحكومة بدورها للأجندة "الإسرائيلية" في عصر المحافظين الجدد وسيطرة اللوبي الصهيوني على الكونجرس بديمقراطييه وجمهورييه.
سنكرّر ها هنا ما سيقوله كل العرب والمسلمين وجميع الشرفاء في هذا العالم من أنه لو كان ثَمَّة عدالة دولية بالفعل لكان جورج بوش وتوني بلير ومن ساندهما في حرب العراق على وجه التحديد هم من يمثلون اليوم أمام المحكمة الجنائية الدولية عقابًا لهم على ملايين القتلى والجرحى والمشردين الذين أسفرت عنهم حرب شنُّوها خارج نطاق ما يسمى الشرعية الدولية.
لا خلاف على أن نظام الإنقاذ قد ارتكب مسلسلاً طويلاً من الأخطاء، ليس في حق أهالي دارفور الذين ذاقوا الأَمرَّيْن وحسب، ولكن في حقّ المشروع الإسلامي الذي تبَنَّاه حين جعل بقاء النظام هدفًا لا يتقدم عليه شيء، فكان أن همّش المعارضة الشمالية بمن فيها صاحب المشروع (الترابي)، الأمر الذي تركه عاريًا أمام الضغوط الدولية، ولم يدع أمامه سوى دفع التنازل تِلْو التنازل للمعارضة الجنوبية المرتبطة بدورها بالأجندة الأمريكية "الإسرائيلية" المعارضة لهوية السودان العربية الإسلامية.
ومع توالي الاكتشافات النفطية وارتفاع الأسعار زادت قابلية النظام لتقديم التنازلات، فكانت الاتفاقيات المتوالية مع حركة التمرُّد الجنوبية مقابل المزيد من التشدُّد مع المعارضة الشمالية إلى جانب ارتكاب المزيد من الأخطاء في ملف دارفور الذي انفجر بدوره على نحوٍ مُثِير ومُتْعِبٍ.
خلال سنوات كان بوِسْع نظام الإنقاذ أن يعيد ترتيب أوراق دارفور على نحو يسحب الملف من أيدي الجهات الغربية التي جعلت منه "هولوكوست" جديدا تهيّج وسائل الإعلام من خلاله الرأي العام الغربي، بينما يبادر العقل الاستعماري الغربي والأمريكي بشكل خاصّ إلى استغلاله في المزيد من ابتزاز النظام.
لو كان الحزب الحاكم متصالحًا مع شركائه في الشمال لكان بوسْعِه الصمود، ليس أمام حركة التمرُّد في الجنوب التي وقّع معها اتفاقًا سيئًا فحسب، ولكن أمام معضلة دارفور أيضًا، لكنه أصَرّ على الانفراد بالحكم، فكانت النتيجة هي هذا المسلسل البائس من التنازلات الذي وضع السودان أمام استحقاق جديد لا ندري كيف سيخرج منه.
بحسب التجارب السابقة كان النهج المعروف هو التنازل كلما تعرّض رموز النظام للضغوط، الأمر الذي ما زال يهدِّد قدرة البلد على البقاء موحدًا، ولا ندري هل سيكرّر هذه المرة ذات النهج لإنقاذ رموزه المُهَدَّدين واحدًا تلو الآخر بالمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية؟!
من الواضح أن أمريكا ليست راضية عن سلوك نظام الإنقاذ، وهو مهما كان الخلاف مع نهجه الداخلي ليس من المحور الأمريكي، والنتيجة أن هدف تقسيم البلد وتحويله مَنصَّة لابتزاز مصر رغم تراجعها في السنوات الأخيرة سيبقى هدفًا لا مَحِيد عنه، وهو بالطبع جزء من استراتيجية تفكيك المنطقة لحساب المصالح الأمريكية الصهيونية.
بوسع النظام أن يواجه هذه الأزمة وكل الأزمات الأخرى التي تواجهه، ومنها الخلاف مع الجنوبيين وملف دارفور، ليس وَفْق النهج التقليدي، بل على قاعدة تَمْتِين الجبهة الداخلية بالتحالف مع القوى الشمالية ضمن شراكة جديدة تتعامل مع مختلف التحديات التي يواجهها البلد وتهدّد هويته العربية والإسلامية.
أما التعويل على الأنظمة العربية أو حتى الصين وروسيا، فلن يكون مجديًا، وهو مَسارٌ جُرِّبَ من قبل، فكانت النتائج البائسة التي وصلت حدّ المطالبة برأس النظام.
الاسلام اليوم