المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خسائر أمريكا ومكاسب المقاومة في العراق



bufaris
25-06-2008, 12:48 AM
كلينتون: الحكومة الأمريكية تقترض لتمويل الحرب وهذا لم يحدث من قبل

خبيرة أمريكية : الإدارة تمارس خداعا بشأن عدد الجنود المصابين في الحرب



نشرت صحيفة الأهرام المصرية والمصري اليوم وموقع جامع، وغيرهما من الصحف ومواقع النت، الدراسة الأمريكية التي كشفت عن أن معدل انتحار أفراد القوات الأمريكية في العراق ارتفع ليصل إلي أعلي مستوي له منذ أكثر من‏20‏ عاما‏، هذا بخلاف الخسائر الفادحة في الأموال، والتي تخطت مائتى مليار دولار، ناهيك عن نجاح المقاومة في تدمير هيبة العسكرية الأمريكية، التي صورتها لنا الأفلام السينمائية، علي أنها لا تقهر، ولا تقدر دولة، فضلا عن مقاومة محدودة الإمكانات، على النيل من مكانتها، وذلك بصورة كان لها مردودها علي الصعيدين الداخلي والخارجي، فعلى الصعيد الداخلي، أيقنت الإدارة الأمريكية أن استراتيجية الغزو غير مجدية في تحقيق الأهداف، والوصول إلي الغايات المرسومة من قبل الساسة والرؤساء، وعلي الصعيد الخارجي، لعبت المقاومة العراقية دوراً كبيراً في دفع بعض الدول العربية وعلي رأسها سورية وإيران لأن يقفا بقوة ضد الحصار الأمريكي الغاشم عليهما، وأن يدفعا الإدارة الأمريكية لإعادة ترتيب وتهذيب سياساتها تجاههما، يضاف إلي ذلك دور المقاومة في إقلاق مضاجع المحتل، وإثارة الرأي العام الأمريكي ضده، بسبب تلك الخسائر المتفاقمة في الأموال والأرواح، وجعل موضوع العراق، علي رأس أولويات الرئيس الأمريكي القادم، بل والمتحكم ـ لأول مرة ـ في من يعتلي كرسى الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية، فهل ستقدر الإدارة الأمريكية الحالية أو من سيخلها تلك النتائج الكارثية في العراق، أم سيكون موضوع انسحاب القوات علي رأس أولويات الرئيس القادم، وهل ستنجح المقاومة في استمرار تكبيد المحتل المزيد من الخسائر في الأموال والأرواح، خاصة وأن هناك اتجاه داخلي للتفاوض مع المحتل والتعامل معه من منطلق الصديق وليس العدو؟





خسائر فادحة

ذكرت الدراسة التي نشرتها وزارة الدفاع الأمريكية ـ وعرضها موقع جامع ـ إن عدد حالات الانتحار بين الجنود الأمريكيين خلال عام 2007 بلغ 108 حالات، مقارنة بـ102 حالة في العام السابق، الذي كان هو الآخر يُعد الأعلى خلال العشرين عاماً الأخيرة, مشيرةً إلى أن أكثر من حالتين من بين كل خمس حالات انتحار لجنود عادوا للتو لوطنهم من أماكن القتال التي يتوزعون عليها في الخارج، في إشارة للعراق وأفغانستان.

وقد قدر متخصصون بأن نحو 300 ألف جندي ممن خدموا في العراق وأفغانستان، يعانون من نوبات قلق، ومشاكل ما بعد الصدمة، عدا القلق الناجم عن ترك الزوجة أو الأبناء، ومشاكل أخرى لم يعهدها الجيش الأمريكي منذ حرب فيتنام.

وحسب بيانات البنتاجون فقد سجلت السنوات الخمسة الأخيرة والتي شهدت عمليات عسكرية واسعة للجيش الأمريكي في كل من العراق وأفغانستان، إرتفاعاً "غير مسبوقاً" في حالات انتحار الجنود الذين مازالوا بالخدمة.

كما أشارت دراسة إحصائية أعدها الجيش الأمريكي أن 121 جنديا أمريكيا انتحروا خلال العام الماضي بعد عودتهم من العراق وأفغانستان، مسجلا ارتفاعا بنسبة 20% عن عام 2006.

وتأتي هذه الأرقام التي وصفتها وسائل إعلام أمريكية بالمرعبة، في وقت ما تزال فيه الأوساط العسكرية الأمريكية تدرس تداعيات المعدلات المرتفعة لحالات الانتحار عام 2006، والتي بلغت 102 جندي، وذلك مقابل 87 جنديا عام 2005، أي 17.5 لكل مائة ألف مقابل 12.8 لكل مائة ألف عام 2005. بينما سجل العام 2003، والذي شهد انطلاقة الحرب، انتحار 79 جنديا، أي بمعدل 12.4 لكل مائة ألف.



دلالات وانعكاسات

تعكس عمليات الانتحار المستمرة في صفوف الجيش الأمريكي، عدة أمور أهمها: نجاح المقاومة العراقية في بثت الرعب والخوف في قلوب الجنود الأمريكيين، ودفعهم للإنتحار، وذلك بالرغم من التفاوت الكبير في مستويات التسلح، فكما هو معروف، الجندى الأمريكي مدجج بأحدث أنواع الأسلحة، ويتحرك في إطار تحصينات محكمة، ويتواجد في أماكن شبه معزولة عن السكان، وهو ما يعني من الناحية المنطقية، أنه يعيش في أمن وأمان، إلا أنه ورغم ذلك يعيش في حالة من الخوف الدائم.

يرتبط بما سبق، قدرة المقاومة علي اختراق التحصينات الأمريكية المحكمة، وتنفيذ عملياتها المسلحة ضد الجنود الأمريكيين، يكفي أن نلقى نظرة بسيطة علي موقع جامع الذي يطالعنا يومياً بمقتل أكثر من جندى أمريكي في العراق، لنعرف مدى قدرة المقاومة علي الوصول لهؤلاء الجنود.

كما تعكس حالة الجنود أنهم لا يملكون عقيدة ولا هدف يدفعهم للقتال في العراق، وإن كان الهدف الواضح من للعيان جنى الكثير من الأموال، فكما هو معروف تدفع شركات الأمن العاملة في العراق آلا ف الدولارات للجنود الأمريكيين من أجل حثهم علي القتال هناك.

أما أخطر ما تعكسه تلك الحالة أن هناك أزمة حقيقية تواجهها الإدارة الأمريكية في العراق، إذ من شأن استمرار تلك الحالة أن تتسبب في إحراج الإدارات الأمريكية القادمة، مما قد يضطرها لسحب جنودها من العراق، حفاظاً علي ما تبقى من الهيبة الأمريكية.

والمفارقة العجيبة في هذا الصدد أنه في الوقت الذي يتناقص فيه عدد القوات الأمريكية العاملة في العراق، بسبب حالة الرعب والفزع في صفوفهم، تزداد أعداد المقاومين العراقيين، وذلك باعتراف اميركي وعلى لسان الجنرال الاميركي جون ابي زيد، الذي صرح بأن أعضاء المقاومة العراقية ازدادو من خمسةالاف عامل إلى تقديرات ترفع هذا الرقم الى عشرين الفا يؤازرهم خمسون الفا في عمليات الدعم، والاسناد وجمع المعلومات وتأمين الاتصالات والنقل والسلاح والمال والمساكن الامنة.



أرقام مفزعة

بالإضافة إلي عمليات الانتحار المنتشرة في صفوف الجيش الأمريكي، أوردت "السي إن إن " قبل أشهر أن مقدار تكاليف وخسائر حربي أمريكا في أفغانستان والعراق تبلغ 200 مليار دولار، وذلك علي العكس تماماً ما تم تسويقه قبيل بدء الحرب، من أن تكاليف الحرب لن تتعدى 120 مليار دولار، وأنها ستعوض في سنتين بما يتوفر من انخفاض أسعار النفط من عشرين دولار إلى عشر دولارات عند التحكم بنفط العراق. لكن المفاجأة أن سعار النفط تضاعفت ثلاثة أضعاف لتزيد مصيبة الأمريكان .

فحسب تصريحات للرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون تذهب الحكومة الأمريكية كل يوم من أيام السنة إلى السوق لتقترض مالا من دول أخرى لتمويل حرب العراق وأفغانستان، وأن هذا لم يحدث من قبل أبدا في تاريخ أمريكا الحديث.

كما ذكرت صحيفة "نيوستا تسمان" الأمريكية أن عددا من الخبراء الاقتصاديين أعدوا دراسات اقتصادية أكدت أن تكلفة الحرب على العراق تبلغ 2.5 تريليون دولار، خاصة أن علاج الجنود المصابين سيستغرق عدة عقود الأمر الذي يرفع تكاليف الحرب.

كما أشارت دراسة أعدتها الخبيرة الاقتصادية "ليندا بيلمز" إلى أن إدارة الرئيس بوش تمارس خداعا آخر بشأن عدد الجنود المصابين في حرب العراق، والذين وصل عددهم إلي ما يقرب من 50 ألف جندي.

وأشارت الدراسة إلي أن العناية بالجنود المصابين العائدين من العراق وأفغانستان ستلتهم أموال دافعي الضرائب في الحاضر والمستقبل حيث تبلغ تكاليف علاج هؤلاء الجنود أكثر من 536 بليون دولار.

وألمحت الدراسة إلي أن تكاليف تبعات الحرب المتمثلة في البطالة والعنف الأسري والجريمة وإدمان المخدرات والكحوليات تضاف إلي تكلفة تلك الحرب التي بلغت 2.5 تريليون دولار، بالإضافة إلي تكلفة تزويد الجيش بالمعدات العسكرية حيث تنتشر 40 % من معدات الجيش الأمريكي علي أرض العراق .

وحسب الدراسة يتم تدمير كميات كبيرة من هذه المعدات حيث فقد الجيش الأمريكي أكثر من 082 ألف قطعة أساسية من معداته بمناطق القتال وفي فبراير من العام الماضي دمرت 20 دبابة من نوع ابرامز ( M105 ) سيارة مدرعة و20شاحنة و20 مدرعة من نوع ( M113 ) ناقلة الجنود و250سيارة هامفي وأكثر من مائة طائرة معظهما هليكوبتر.

أخيراً أكدت الدراسة أنه بتقييم التكاليف بعيدة الأمد للحرب حتى إذا وقع السيناريو الثاني المعتدل إلي حد ما فستصل تكلفة الحرب إلي 2.5 تريليون دولار ويشمل هذا المبلغ تكاليف العمليات القتالية وتزويد المعدات العسكرية ورعاية المتطوعين. كما تحتوي علي تكلفة رواتب جنود الاحتياط التي تختلف عما يدفع لهم وهم في وظائفهم المدنية.

وبدورها تعكس تلك الأرقام عدة دلالات في غاية الأهمية، في مقدمها: أن قدرة الولايات المتحدة علي تمويل الوجود الأمريكي في العراق، سيصبح أمراً مشكوك فيه، خاصة وأن الاقتصاد الأمريكي يعاني في الأونة الأخيرة معاناة شديدة، بل ويعتمد في بقاءه علي الاقتراض من الخارج، مثلما يؤكد علي ذلك الرئيس كلينتون.

يضاف إلي ذلك أن الرأي العام الأمريكي، سيرفض بشدة استمرار ذلك الوجود، بسبب التكلفة العالية التي يتحملها دافعي الضرائب، دون أن يكون لها مردود فعلي عليهم.

وفي ظل الأزمة المالية التي يعانيها العالم أجمع الأن، نظن أنه لن توجد دولة لديها استعداد لتحمل تكلفة الوجود الأمريكي في العراق، بعد أن أوشكت الإدارة الحالية علي الرحيل، وتباين وجهات نظر الرؤساء الأمريكيين المحتملين بخصوص مستقبل الوجود الأمريكي في العراق.

بعد هذا العرض الموجز لخسائر أمريكا البشرية والاقتصادية في العراق، نخلص إلي أن بقاء أمريكا في العراق، قد يكون أمراً في غاية الصعوبة، خاصة إذا ما توقفت دول الجوار عن تقديم الدعم للوجود الأمريكي في العراق، وخلت بينها وبين المقاومة العراقية الباسلة في الداخل، أضف إلي ذلك ازدياد قوة المقاومة العراقية يوماً بعد أخر، بسبب تزايد الثقة فيها، في مقابل فقد الثقة في الاحتلال ومن يدعمه في الداخل والخارج، أما المقاومة العراقية، فإن الواضح أنها تطور من آلياتها وتكتيكاتها في مواجهة المحتل الأمر الذي يجعلها تكبد العدو خسائر فادحة في الأموال والأرواح، وبصورة تجعل من استمرار الاحتلال أمراً في غاية الصعوبة.