خطاب
27-09-2007, 10:14 AM
المقاومة العراقية تمكنت من تحقيق أكبر الأهداف في الحروب عبر التأريخ
المقاومة العراقية تقاتل المحتل لأجل العراق ولم تفكر لا لمصلحة ولا لمنصب
حاوره : جاسم الشمري – عمان
الأستاذ وليد الزبيدي كاتب ومحلل سياسي عراقي معتمد من العديد من القنوات الفضائية العربية والأجنبية ، له عدة مؤلفات منها :(نيران على ضفاف الأنهر ، الأبعاد السياسية لازمة المياه) ؛ (ومطر القرون التأثير اليهودي في القرار السياسي التركي )؛ (ويهود العراق )؛ أما المؤلفات الأدبية : (غبار – مجموعة شعرية) و(حائط مجموعة قصصية) و(الابن الثالث رواية لم تنشر بعد) ، البصائر التقت به في العاصمة الأردنية عمان وأجرت معه الحوار الآتي :
الحرب التي أتت على كل شيء في العراق
* بداية نحن نريد أن نقف عند كتابكم ( جدار بغداد ) لنعرف ونفهم الحرب التي أتت على كل شيء في العراق ، لماذا كانت هذه الحرب ؟
* اعتقد أنا أجبت عن هذا السؤال الذي اعتبره من أهم أسئلة العصر ليس في العراق وحده وإنما في الأمة العربية والإسلامية والبشرية ، وأوردت أدلة وحقائق تؤكد بان هذه الحرب هي ليست وليدة ظرف طارئ أو لحظة معينة أو قرار سياسي كما يحاول أن يصوره البعض ، كما إن هذه الحرب ليست لأهداف اقتصادية نفطية كما يحاول الكثيرون تكريس هذا الأمر وتحويله إلى قناعة لان مثل هذه الطروحات وهذا الخطاب يحاول تضليل الآخر ويسعى إلى إخفاء الهدف الحقيقي للحرب على العراق ؛ فتجدهم مرة يقولون أسلحة الدمار الشامل وأخرى يقولون النفط ورابعة يقولون صناعة الديمقراطية وخامسة التخلص من الدكتوتارية .
ولكن أنا اعتقد جازماً بان الحرب مخطط واسع وكبير يستهدف العراق لأسباب كثيرة ؛ العراق مرتكز عروبي إسلامي كبير ومهم ، والمشروع الأمريكي الذي وضع مرتكزا ته وآماله المحافظون ، وهم مرتبطون بالمشروع الصهيوني وهذا غير مخفي ومعروف ، وضعوا هذا المخطط لكي يجعلوا من العراق نقطة الانهيار الكبرى أمام البشرية لكي تتبعها بعد ذلك انهيارات بما يشبه لعبة الدومينو ؛ ستنهار الدول العربية والإسلامية لأنها ستشاهد ما يحصل من نتائج الحرب التي خطط لها في العراق .
إسرائيل هي العدو المباشر
* هذا الانهيار لمصلحة من ؟
* من هو العدو الأول المباشر للعروبة والإسلام في المنطقة؟ المباشر هو إسرائيل ، وإسرائيل حاولت عبر أكثر من نصف قرن أن تمزق الأمة العربية وان تدمر المرتكزات الأخلاقية وان تفتت المجتمع عبر وسائل كثيرة فيها الكثير الكثير من الخبث والدهاء ؛ ولكن بعد كل ما حصل من مؤامرات على الأمة جميعا وعلى العراق تحديدا ، مرة أرادوا أن يدمروه بحرب مع إيران وثانية شنو عليه حرب 1991 التي خربت ودمرت البنية التحتية العراقية ، والحرب الأخطر التي سبقت الحرب الكبرى على العراق هي حرب الحصار فكان الحصار عبارة عن حرب إبادة شاملة لكل مرتكزات القوى في العراق حرب ضد التعليم وحرب ضد العلماء وحوصرت المعرفة ووضع برنامج لتصحير العراق ثقافياً ، فجاء بعد ذلك الفصل الأخير من حرب تدمير العراق وهو مخطط الغزو الذي حصل في ربيع 2003 وبعد ذلك الاحتلال .
ماذا كان بإمكان صدام أن يعمل ؟
* هل تعتقد إن الرئيس العراقي السابق صدام حسين أخطأ في الحساب وتقدير الموقف ؟
* هناك تكتيكات وهناك إستراتيجية في ما يتعلق بالتكتيكات ربما حصلت هناك أخطاء ، والأخطاء ترتكب في كل مكان ؛ ولكن ماذا كان بإمكان الرئيس السابق صدام حسين أن يفعل ليتجنب حرب تخطط لها اكبر قوى في العالم ؟ ماذا كان بإمكانه أن يعمل لكي يتجنب هذه الحرب ؟
في البداية قالوا بان تعنت القيادة العراقية في عدم السماح لدخول المفتشين يؤدي إلى تدمير العراق وإعطاء مسوغ للإدارة الأمريكية لشن الحرب ، فوافق العراق على دخول المفتشين ، وعندما اعترض على دخول المواقع القيادية جاءت الضغوطات من كل مكان ليقولوا بان هذا سيجر العراق إلى الدمار فكان عام 1998 في شباط المناسبة المعروفة التي وصل فيها الأمين العام كوفي عنان حين ذاك إلى العراق واتفق مع القيادة العراقية في وقتها على دخول جميع المواقع الحساسة ؛ فدخل المفتشون الذين يبحثون عن أسلحة الدمار الشامل غرفة نوم صدام حسين ماذا يفعل على هذا الصعيد ؟ علينا أن نحدد أيضاً ونركز بان هدف أمريكا الأساسي المعلن كان هو أسلحة الدمار الشامل والبحث عنها ؛ في عام 1998 عندما بدأت فرق التفتيش تستخدم احدث وسائل التجسس والتنصت والمتابعة والمراقبة والكشف عن الأسلحة ، وجالت العراق من شماله إلى جنوبه ولم يكتشفوا هذه الأسلحة ؛ ماذا بإمكان العراق أن يفعل ؟ لو كان أي شخص يقوم على القرار في العراق ماذا يفعل أكثر من ذلك الأمر؟ عندما يفتح الأبواب جميعها؛ رغم ذلك افتعلت الإدارة الأمريكية أزمة عام 1998 ، و ما أسموها بثعلب الصحراء وافتعلوا أزمة كاذبة لكي يسحبوا المفتشين في ذلك الوقت ، لان مخطط غزو العراق وتدميره لم يكتمل بعد؛ وهنا أخطأت القيادة العراقية عندما تم سحب المفتشين وضرب العراق لمدة 3 أيام وكان في أول أيام شهر رمضان ؛ حينها أعلنت القيادة العراقية بأنها لن تسمح بعودة المفتشين ، وهنا اعتقد وقعوا في الفخ ؛ لماذا ؟ لأنه لو استمرت عمليات التفتيش إلى عام 2000 نفترض سنة بعد ذلك ولم يعثروا على شيء ، على الأقل كان الرأي العام العالمي وقال بوضوح بان الأمريكيين يكذبون ويستخدمون هذا الأمر غطاء لكي يدمروا العراق .
واستمر الأمر إلى عام 2002 ؛ في هذا العام عادت الضغوطات الدولية على القيادة العراقية التي قالت حينها بان المسألة ليست الأسلحة وإنما الهدف هو العراق ، فعاد المفتشون هذه المرة وحصلت عملية تحديث لجميع المعلومات عن مراكز القيادة والتوجيه والمصانع العراقية والحرس الجمهوري والجيش العراقي من خلال الأبواب المفتوحة لهم ؛ وأيضاً هنا نقطة مهمة قرروا إضافة شرط آخر ،وهو تدمير الصواريخ العراقية التي لم تكن مشمولة بقرارات الأمم المتحدة واللجان المختصة ، وهي صواريخ صمود 2 المعروفة بان مداها اقل من الصواريخ التي كانت مشمولة بالتدمير ؛ وهنا أرادوا أن يتأكدوا من مسائل كثيرة :
- أولا عدم وجود صواريخ ممكن أن تنطلق من صحراء المنطقة الغربية ضد إسرائيل ؛ ثانياً يتأكدوا من عدم وجود أسلحة صنعت خلال هذه الفترة بإمكانها أن تهاجم إسرائيل أو القواعد الأمريكية ؛ وثالثاً تأكدوا من أن مخططهم ومسارات قواتهم ستكون واضحة ومعروفة ولم يطرأ عليها أي تغيير ، لذلك الذي يتابع تطورات الإحداث قبل يومين انتهى تدمير آخر صواريخ صمود 2 في منطقة التاجي وبدءوا بسحب المفتشين تهيئة لغزو العراق في 19/3/2003 ؛ هذه المعطيات والحقائق تؤكد بان الحرب كانت قائمة ومهما فعلت القيادة العراقية لا يمكن أن يتجنب العراق حرب خطط لها منذ أكثر من 20 سنة .
صدام اقتنع بان الحرب قادمة لامحالة
* لكن القيادة العراقية وبالذات الرئيس السابق وكما ذكرت في كتابك (جدار بغداد) بأنه كان قبل الحرب بفترة قصيرة يتفقد مشروع تطوير الزوراء في بغداد وكان عبد حمود سكرتيره الخاص في نزهة مع عائلته في الحبانية ؛ هل تعتقد إن صدام حسين لم يظن أن أمريكا أو أن هذه الحرب ستطيح به ؟
* أنا اعتقد بان صدام حسين وصل إلى قناعة في ذلك الوقت بان الحرب قادمة ولكن ليس لديه ما يضيف ؛ هكذا حال القوات المسلحة ، هكذا حال التجهيزات ، هكذا حال الشعب العراقي؛ وانقل هنا كلمة نقلها لي احد القادة الكبار يقول قبل أيام من الحرب كان اجتماع للقيادة العسكرية العليا ، وقال صدام حسين الكلمة التالية : قال للقيادة إن الحرب قادمة وأمريكا ستشن الحرب على العراق فإذا احتلت أمريكا العراق فهذه أرادة الله وإذا انتصرنا على أمريكا فالنصر من الله ، ولكن في جميع الأحوال عندما تحتل أمريكا العراق ستخرج مقاومة جديدة شابة بوجوه أخرى وأسماء جديدة ، وبالنص قال بان هذه المقاومة ستبدأ من الفلوجة وفي بغداد وفي الموصل وفي ديإلى وفي البصرة وفي مناطق العراق جميعها وبعد أن تنطلق هذه المقاومة ستنحدر أمريكا من القمة إلى السفح ، وهذا أيضاً ما نشاهده الآن .
أعداء صدام
س/ هل تعتقد إن أعداء صدام حسين كانوا من الداخل أم من الخارج ؟
* هو العدو ذاته لنفس الهوية ونفس الهدف ، بالتأكيد معروف بان في كل دول العالم - خاصة الدول التي لا تعيش استقرار - تكون هناك مجاميع أو جهات أو أحزاب تعمل لإضعاف الحكومة أو إسقاطها وإذا كان مقياس العدو الذي هو تعامل مع المحتل الأمريكي قبل الغزو وبعده فمعروفة الجهات التي ساعدت أمريكا في تنفيذ مشاريع ما بعد الاحتلال ؛ كل أعداء صدام حسين أو لنقل أعداء العراق لم يتمكنوا من التأثير على الوحدة الوطنية بكل أساليبهم ، ولكن بعد أن جاءت قوة الدبابة الأمريكية وفرضت سيطرتها على العراق برز هؤلاء لتنفيذ ما يريده المحتل .
س/ هل تعتقد إن رفاق صدام حسين تركوه وحيداً في الميدان ؟
*لا ، إطلاقاً ، هناك معلومات وهناك قصص كثيرة ؛ هناك قادة من الجيش العراقي برتب كبيرة قاتلوا يوم 8/4/ 2003 في منطقة اليرموك في ساحة قحطان ،ضربوا القوات الأمريكية واصطدموا معها وفي منطقة الخضراء ولكن المنظومة العسكرية والمنظومة الأمنية انهارت لان الدخول الأمريكي كان غير متوقع بهذه السرعة .
فدخول بغداد - عندما دخلت القوات الأمريكية مطار بغداد في 3/4/2003 - شكل صدمة وهناك شبه انعدام في الاتصالات بين القيادات العسكرية ، فكانت صدمة كبيرة ، ومن يعيش في بغداد يتذكر - وأنا كنت في بغداد في حينها - إن حجم القصف الجوي الأمريكي والصاروخي الذي استهدف محيط بغداد - حيث تتمركز قوات الحرس الجمهوري كطوق لمواجهة الأمريكان - لم يحصل في التاريخ ؛ فكان هناك تفوق عسكري كامل هناك سيادة مطلقة في الجو وهناك ضعف في الاتصالات بين القطعان العراقية فكان الانهيار سريع ولذلك انفرطت الوحدات العسكرية ولم يعد هناك قدرة على المقاومة فتمكنت قوات الاحتلال من الوصول إلى قلب بغداد في يوم 9/4/2003 .
حقيقة معركة المطار
* معركة المطار،كانت من المعارك القوية ، ما حقيقة ماجرى على ارض المطار، وهل فعلا استخدمت قوات الاحتلال الفسفور في هذه المعركة ؟
* القضية لم تكن معركة المطار كانت معركة بغداد ، ولكن الذي حصل إن القوات الأمريكية دخلت المطار عن طريق الخط السريع الذي يأتي من الجنوب ، ودخلته بقوات مشاة لم تدخل بقوات محمولة جواً ، وربما شكل ذلك صدمة للقيادة العسكرية فحاولوا إخراج هذه القوات، ولكن جغرافية المطار - الذي يعرفها مساحة واسعة ومكشوفة - وعندما تدرس برؤية عسكرية يكتشف المرء انه عندما تتمركز الدروع في قلب المطار تكون نقطة الوصول من نهاية شارع المطار في بغداد – نادي الفارس - إلى قلب المطار وهي مسافة في حدود (5 ) كيلو متر ومكشوفة ومن الصعوبة أن تدفع بمجاميع راجلة تصل إلى هناك ولا يمكن أن تدفع بدروع ؛ الذي علمته إن هناك كانت محاولة لضرب هذه القوة والذي نفذ الضربة القوية هو لواء صواريخ حرس جمهوري من منطقة أبو غريب ، قصفوا القوة الأمريكية.
* من أخبرك بذلك ؟
* أنا التقيت - خلال مرحلة الإعداد لكتاب (جدار بغداد ) - وقد أمضيت أكثر من سنتين- بكثير من قادة الجيش والضباط لجمع معلومات عن الحرب وتفاصيلها من قادة كبار ؛ ولكن حقيقة المعركة الأساسية التي حصلت كانت في القصور الرئاسية في منطقة الرضوانية ، اندفعت قوات أمريكية لهذه المنطقة ، وبالمقابل اتجهت لها قوات من الحرس الخاص والحرس الجمهوري وتمكنوا من طرد القوات الأمريكية ، أو من قتل أعداد منهم ؛ وكان هناك اتصال بين الرئيس الراحل صدام حسين وقائد القوة العراقية ، فعندما كان يقول له أين وصلتم ؟ يقول له وصلنا إلى المنطقة الفلانية فالرئيس يسأله: صف لي المكان؟ فيصف له نحن في القصر الفلاني في المكان الفلاني ؛ الأمريكيون أدركوا أن هناك قتال فتم تعزيز قواتهم ، واستخدمت القوة الجوية الأمريكية لضرب المكان ، فاضطرت القوة التي تصدت للأمريكيين للانسحاب والعودة هذا الذي حصل وهناك حصلت روايات كثيرة ؛ وحقيقة لم أسمع غير هذه الرواية من مصدر قريب من الرئيس صدام حسين ، ولكن المؤكد أن الأمريكيين استخدموا مختلف أنواع الأسلحة لتثبيت وجودهم في منطقة المطار .
* هل كان صدام حسين في احد هذه القصور،أثناء الهجوم على بغداد ؟
* لا ؛ لم يكن في القصور ، بل كان في منطقة العامرية ، كان في منطقة مفرق العامرية - على طريق المطار - وكان اتصاله مع مجاميع من المقاتلين الذين اندفعوا إلى منطقة القصر الرئاسي في الرضوانية .
العراق بعد أكثر من أربع سنوات
* أكثر من 4 سنوات انقضت من الاحتلال، كيف تنظر لوضع العراق اليوم الذي يشوبه الكثير من الصور الأليمة : قتل على الهوية ، اختطاف في وضح النهار ،وغيرها من الصور التي برزت على الساحة العراقية بعد الاحتلال ؟
* هناك وجهان للأوضاع في العراق وجه مليء بالأسى والحزن والدمار والقتل والضياع والخراب وهذا الوجه أو هذه الصورة صنعها الأمريكيون ومن معهم ، فهذا الخراب وهذا الدمار وهذا الضياع لهذا البلد أكثر من 3 ملايين عراقي مشرد خارج العراق وأكثر من 4 ملايين مشرد داخل العراق ، الاختطاف والجثث اليومية المشوهة ؛ هذه عناوين كبيرة في بلد يعيش مأساة ؛ ولكن الصورة الثانية الصورة التي برزت بقوة بكل إشعاع وبكل قدرة على إثبات الوجود العراقي الحقيقي وهي المقاومة العراقية ، التي كلما اخذ اليأس من قلوبنا شيئا كلما ازداد الأمل أمامنا ، ونحن نراقب أداء هذه المؤسسة - المقاومة - التي تمكنت - بعون الله - من تحقيق أهداف كبيرة ؛ أستطيع أن أقول أو اصف هذه الأهداف بان المقاومة تمكنت من تحقيق اكبر الأهداف في الحروب عبر التاريخ ، لماذا؟ لان الخصم في العراق هو أمريكا ، وهي معروفة بكل قوتها العسكرية بكل تكنولوجيتها بكل أسلحتها بكل تقنياتها ؛ أمريكا ، سخرت كل اقتصادها ووظفته لهذه الحرب ؛ أمريكا ، صنعت من العملاء الكثيرين ودربتهم وجاءت بكل ما تتمكن لكي تبسط السيطرة على العراق ، لكن عندما تخرج قوة وتهزم أمريكا بهذا الفعل اليومي الميداني الحقيقي الذي تعترف به الآن الإدارة الأمريكية ويعيشون حالة الفوضى والارتباك ؛ أنا اعتقد بان هذا نصر كبير لم يتحقق عبر التاريخ وعبر جميع الحروب التي خاضتها البشرية ، وهو الوجه المفرح للمشهد العراقي .
الفشل الأمريكي في العراق
* فشل أمريكا في العراق واضح ، فلماذا هذه المكابرة الأمريكية وعدم الاعتراف بالهزيمة بالعراق ، ولماذا لا تسحب قواتها من البلاد ، وترك البلاد لأهلها ؟
* الأمريكيون بدءوا الانسحاب فعليا من العراق ، منذ أكثر من شهرين ؛ ولكن هناك مخاوف تصل حد الهلع لدى قادة البيت الأبيض والبنتاغون ؛ الوجود الأمريكي في العراق تجاوز (360) ألف -وليس كما يقولون -ومنتشرون في مناطق واسعة من العراق وهم يدركون إذا أعلنوا فجأة الانسحاب فهذا سيؤدي إلى الآتي:
- الجندي الأمريكي الآن في حالة يأس كامل وفي حالة خوف ورعب وهلع لأنهم يرون أمامهم كيف تتمكن المقاومة من قتل الجنود ، سواء كان في العبوات الناسفة التي تمزقهم اشلاءاً ، أو بالهجمات الصاروخية على قواعدهم ومعسكراتهم وفوق ذلك إنهم موجودون بدون هدف ؛ ما الهدف الآن من وجود الجندي الأمريكي ؟
أمريكا كانت تريد أن تحقق ما تسميه بالديمقراطية لكي تحتل العالم بعنوان ديمقراطية العراق ، الآن الأمريكيون يقولون تخلينا عن هذا المشروع ،إذاً لماذا يقاتل الجندي الأمريكي في العراق؟ يقاتل فقط لكي يحافظ على حياته ؛ ونشرت صحيفة نيوزويك تحقيقا مطولا لصحفي أمريكي مشهور(سيمور هيرش ) تحدث فيه والتقى جنوداً يقولون :نحن عندما نمر في منطقة فيها فناصون من المقاومة نخرج بعض أجزاء جسدنا مثل الأرجل أوالايدي عسى أن تضرب الرجل أو اليد لكي نصبح جرحى ويعيدونا إلى أمريكا وأنا التقيت ببعض المترجمين الذين عملوا مع الأمريكيين وقالوا منذ سنتين لا تخرج دورية أمريكية إلا ويأخذوا نوعاً من حبوب مخدرة"الهلوسة" ؛ وحتى المترجمين الذين يعملون معهم ؛ فتجد هذه حالة اليأس حالة الخوف فإذا أعلنت الإدارة الأمريكية فورا بان الانسحاب قائم الآن ماذا يحصل لهؤلاء؟ هؤلاء سينهارون انهيارا كاملاً.
النقطة الأخرى ، يدركون بان المقاومة بالعراق تزداد ويلتحق فيها عدد كبير من الشباب ، وفي حال أعلن الانسحاب ؛ فان القواعد الأمريكية ستنهب بالكامل ويقتل من فيها من الأمريكيين من قبل العراقيين لماذا ؟ لان لاتوجد منطقة بالعراق فيها قواعد أمريكية إلا والحقد على الأمريكيين وصل أعلى الدرجات .
* كيف ؟
* لأنهم أهانوا الناس اعتقلوا الرجال اعتقلوا النساء أذلوا العوائل مارسوا مختلف أنواع التعذيب البشع ضد الناس وهم محتلون فكيف يتصرف أمامهم الناس ؟!عندما يدركون إنهم على وشك الانسحاب أو أعلنوا الانسحاب هم يحسبون كل ذلك والآن يحاولون أن يصيغوا آلية تحفظ ماء وجوههم ويخرجون وأؤكد لك بان الانسحاب بداء منذ أكثر من شهرين.
قواعد دائمية في العراق
* هل تعتقد في حال انسحبت القوات الأمريكية المحتلة ستعمل على الإبقاء على قواعد دائمة لها في العراق ؟
* أمريكا أرادت أن تحول كل عراقي إلى أمريكي ولكن واضح أنا اقرأ خطابات المقاومة العراقية وهي التي تقرر ما يجري الآن في العراق ، ويعلم الجميع إن مايحصل في العراق هو حرب شرسة حرب طرفاها قوات الاحتلال والطرف الثاني قوات المقاومة والمقاومة ترفض رفضا قاطعا أن يكون هناك أي وجود أمريكي لا قاعدة ولا مستشارين ولا خبراء ولا أي شيء من هذا القبيل .
حقيقة الخسائر الأمريكية في العراق
* الأرقام التي يعلنها البنتاغون عن خسائر جيش الاحتلال الأمريكي في العراق هل تعتقد إن هذه الأرقام حقيقية ؟
* الكذب الأمريكي وصل في العراق إلى مدى لم يصل إليه احد بالعالم وأقول لك على سبيل المثال هم اعترفوا الشهر السادس حزيران مثلاً إن عدد الهجمات اليومية وصل إلى 177 هجوم ضد قوات الاحتلال وهذه الأرقام من قوات الاحتلال هم اعترفوا ؛ هذا يعني كم عدد الهجمات في الشهر ؟نعرف جميعا في الميدان ونحن العراقيون نشاهد في الطرق التي تمر بها قوات الاحتلال ويحصل انفجار؛ الانفجار يحصل ضد الهمر أو الدبابة هل تعتقد بان الهمر التي ترتفع إلى 50 متراً ولا يقل عدد الموجودين فيها عن 3 يعودون إلى الحياة فإذا اعتبرنا أن عدد الهجمات اليومية التي تستهدف المدرعات والهمرات من ال177 مئة هجوم وافترضنا في كل مدرعة يموت نصف واحد فمعدل القتلى اليومي لا يقل عن 40 الى50 أمريكي هذه حقيقة في الميدان ولو لم يكن كذلك لماذا منع بوش تصوير التوابيت التي تذهب إلى أمريكا ؟ ولماذا تذهب في وقت متأخر من الليل؟ ولماذا يحتج الأمريكيون على هذا الأمر؟ ولماذا هناك حظر تام على القواعد الأمريكية في ألمانيا التي هي نقطة وصل مع أمريكا ؟ في الميدان نحن نعرف والعراقيون يعرفون بان قتلاهم بالعشرات يومياً وهناك يخفون صور الجثامين والبنتاغون يعيش في حالة هلع وجنودهم يعرفون هذه القصص ويعيشون في حالة رعب.
هل تعلم بان عدد اللذين يعيشون الآن في أميركا من المجانين الذين يصفهم البنتاغون بأنهم من ذوي الإصابات في الرأس - وذوي الإصابات في الرأس هؤلاء هم الذين لايموتون في انفجار الدبابات فالاصطدام الشديد الذي يحصل والرجة تحولهم إلى مجانين - وهناك أكثر من 3 مشافي كبيرة في ولايات أمريكية هذه مخصصة لمعالجة لايقل عن من30 ألف مجنون من الجيش الأمريكي هؤلاء أصيبوا بالجنون بفعل ضربات المقاومة العراقية وقبل عشرة أشهر أعلن البنتاغون رسمياً إن عدد المصابين في الرأس - أي المجانين - 18 ألف .
وهؤلاء يحتاجون إلى رعاية حتى وفاتهم لأنهم مجانين والمبلغ الذي يصرف على هؤلاء ال18 ألف مجنون هو 112 مليار دولار لكي يصرف عليهم حتى نهاية حياتهم ؛ السنة الأخيرة ازدادت الهجمات وازدادت أيضا تقنية العبوات الناسفة التي تستهدف قوات الاحتلال وبالتالي فان أعداد القتلى أصبحت كبيرة وأمريكا لا تقول الحقيقة ، أعداد الجرحى تجاوز ال50 ألف وهؤلاء ليسوا من المجانين من المعاقين اقصد الذين بهم بتر في الساق أو اليد أو في العين وهكذا.
نهاية حكومة المالكي
* هل تعتقد إن ورقة حكومة المالكي قد انتهت ؟
* من البداية هي منتهية ؛ أنا اعتقد إن التقييم كان مبكراً لهذه الحكومة لأنها تسير في طرقات لا تصل الشعب لايمكن أن يصل إلى نتيجة تبقيه في مكانه هذه الحكومة منذ البداية اتجهت اتجاهاً يخدم المحتل أولاً وأخيرا ، ويحاول أن يقضي على الأصوات الوطنية في كل مكان ، أنا لا احدد منطقة معينة حوربت فيها الأصوات الوطنية ، القوى الوطنية في الجنوب وفي الوسط وفي الشمال وفي كل مكان ؛ ولذلك لايمكن أن تنجح لأنها اعتمدت أساس عملية السياسية التي هي المحاصة ، والمحاصة هنا اتضحت هي ليس محاصة بمعنى أعطي نسبة للسنة وللشيعة والأكراد ، وإنما محاصة في سرقة ثروة العراق فتجد الناس حتى الذين تحمسوا للانتخابات وذهبوا الآن يسألون سؤال بسيط جدا : ذهبنا إلى الانتخابات لكي تتحقق لنا ثلاثة أهداف أن يتوفر الأمن وان تتوفر الخدمات وان يخرج المحتل وتعود السيادة ؛ ففي حكومة المالكي كما كانت الحكومات التي سبقتها ازداد الأمن تدهورا ووصل إلى حال بشعة جداً أرادوا الفتنة بين أطياف الشعب العراقي وبرزت ظاهرة الجثث المشوهة التي تلقى أثناء حظر التجوال لا توجد إلا الأجهزة الأمنية وعمليات الاختطاف المروعة اختطاف النساء القتل على الهوية حيث مجاميع من هذه الطائفة لتقتل الطائفة الثانية ومن هذه الطائفة لتقتل الطائفة الثانية وهؤلاء جميعاً مجرمون ومرتبطون بالمحتل .
حكومة المالكي بدأت متهاوية ولا اعتقد بأنها حققت شيء لا لخدمة المحتل ولا لخدمة أحزابهم ولا لخدمة العراق والذي تحقق هو الآتي إن صورتهم كأشخاص وكمسئولين يمثلون أطراف معينة تأكد بأنهم لا يمكن أن يصلحوا لإدارة أي شيء وتأكد بان أمريكا لم تضع خطوة واحدة سليمة وتأكد بان الوضع في العراق لا يمكن أن يتطور طالما إن آلية سياسية صنعت في ظل الاحتلال هي التي تستحوذ لكي يستمر وجود المحتل في العراق فالحل الحقيقي هو الإلغاء التام لهذه العملية السياسية وإنهاءها بشكل كامل وإخراج المحتل بأي طريقة كانت والتخلص من درناته الخبيثة والسيئة التي حاولت وعملت على تمزيق الشعب العراقي .
التدخل الإيراني بعد انسحاب الاحتلال
* هناك من يقول - وأنا منهم - لو انسحبت الولايات المتحدة هل يمكن أن تدخل إيران من الجنوب؟
* هذا سيناريو يتداوله الكثيرون ، ولكن علينا أن نقرأ الخارطة بشكل صحيح ، إذا دخلت القوات التركية ولنفترض وصلت إلى بغداد أو إلى الموصل ، هل تمتلك القوات التركية تقنيات أكثر من القوات الأمريكية واقتصاد وعملاء أكثر من القوات الأمريكية؟
فسيكون مصيرهم أسوء بكثير من قوات الاحتلال ، لان مؤسسة المقاومة التي انتصرت على أمريكا لا يمكن أن تنجح أمامها أي مؤسسة عسكرية أخرى ؛ لو اندفعت إيران ووصلت إلى بغداد فرضاً هل يمكن أن تستمر في احتلال العراق وهناك مقاومة؟ وأنا أقول لو دفعت إيران بقواتها داخل الحدود العراقية سيقطعهم أبناء الجنوب قبل غيرهم.
التسامي فوق الجروح
* ألا تظن لو انسحبت أمريكا من العراق ، وأنت تعرف أن الشعب العراقي شعب عربي وقبلي ، فيما لو انسحبت قوات الاحتلال هل ستحصل ثارات لحالات القتل ومن ثم تكون انطلاقة أو شرارة للحرب الأهلية في العراق ؟
* أنا أقول شيء هذا تخوف مشروع ؛ ولكن عندما يحصل الانسحاب وتحصل الهزيمة على العراقيين أن يتنبهوا إلى هذه النقطة ، على العراقيين أن يدركوا بان أمريكا -ومن معها - حاولوا إشعال الفتنة بين أطياف الشعب العراقي وحاولوا إشعال الفتنة وتمزيق وحدة العراقيين بين سنة وشيعة وأكراد ؛ ولكنهم فشلوا ، الذي قتل ابنه من قبل ميليشيا معينة أو جيش معين أو مجموعة معينة يجب أن يدرك بان الذي قتل ليس ثاراً منه شخصياً ، وإنما قتل هذا لخدمة المحتل ، فإذا أدمنا سفك الدماء ، لن ننجح في بناء العراق ، ولكن أنا اعتقد بان المشروع الوطني وكل وطني وكل عراقي حريص على العراق أن ينظر إلى هذه النقطة وتدرس من قبل العشائر وتدرس من قبل رجال القانون وتدرس بعناية من قبل قادة المجتمع ، وان ينتهي موضوع سفك الدماء والثأر الأعمى والعشوائي وان يلجأ الجميع إلى القضاء العادل ، وقبل ذلك أن يكون التسامي فوق الجروح والتسامح مع الجميع .
إيران والشيطان الأكبر
*التدخل الإيراني في الشأن العراقي بات واضحا للجميع ، والمعروف إن إيران هي التي أوت المعارضة العراقية في السابق ، هل تعتقد بان إيران بتدخلها في الشأن العراقي تريد ثمناً لتلك الحماية وذلك الإيواء للمعارضة ؟
* إيران تصرفت بطريقة الدولة التي تريد أن تستثمر أي فرصة ؛ إيران لديها مشروع عقائدي ومشروع سياسي في المنطقة ، وهذا معروف كانت ، تعول على أن تكون العملية السياسية تسير في الاتجاه الذي يخدم عقيدتها ، ولهذا لم تترد إيران في دعم عملية سياسية من صناعة الشيطان الأكبر .
ومعروف إن الخطاب الإيراني هو ضد أمريكا ولكن عندما جاءت الدبابات الأمريكية بعد 3 أشهر في تموز 2003 شكل بريمر مجلس الحكم ، وابسط الناس - وحتى السذج - يعرفون بان هذا صناعة أمريكية - صناعة الشيطان الأكبر - سارعت إيران إلى إرسال وفد رسمي لتهنئة مجلس الحكم ودعمه ؛ ودعمت حكومة أياد علاوي وحكومة الجعفري وباركت الدستور وباركت الانتخابات ، وتعلم جيدا إن هذه صناعة أمريكية ، فأرادت أن تحقق مشروعها في ظل عملية سياسية ‘ رغم التناقض الصارخ الذي نجده بين الخطاب الإيراني الرسمي والديني وبين التعامل مع الأمريكيين في العراق ، والجميع يتحدث كيف إيران تقف ضد أمريكا في لبنان ومع أمريكا في العراق؛ أما ما يدور الآن من أحاديث وأن هناك عداء وان هناك أمور كثيرة تحصل بين واشنطن وطهران ، اعتقد أنها تدور في حدود المصالح الضيقة .
الحل الأمثل في العراق
* جدلا ، لو اسند إليك الحل للمشكلة العراقية كيف تتصور هذا الحل ؟
* الكثير من العقلاء في العراق أكثر مني خبرة ومعرفة وحكمة ودراية في أمور العراق.
لكن اعتقد ليس صعبا ، أنا من وجهة نظري ، إن الأمر ليس صعباً تحققت أهم المرتكزات ؛
- المرتكز الأول : الآن اكتشف العراقيون أن الذي يتحدث في الطائفية خاصة والعرقية ، هذا يشهر سيفه ليقتل العراق ، فانا واثق إذا كنا قبل الاحتلال ممكن أن نتحدث بالطائفية بالنكات وبالحوارات فقط - هذه طبيعة العراقيين - هكذا يتحدثون بالطائفية ليس أكثر من حدود النقاشات البسيطة ؛ أنا اعتقد الآن وبعد أن يخرج الاحتلال - ومن شدة ماشاهدوا من مآسي بسبب محاولات إثارة الفتنة الطائفية - العراقيون وصولوا إلى قناعة أن الذي يثير الطائفية أو يتحدث بها لن يقبلوا به ، من جميع الأطراف ، وهذا إفراز ايجابي ومهم جدا ويجب أن نتوقف عنده ونثقف عليه ، أن لا نسمح بالحديث في هذا الأمر وان نعمل على تكريس الوحدة الوطنية ؛ والحمد لله العراق لم تحصل فيه فتنة طائفية لان هذه الأسس الطيبة الحقيقية القوية المتينة ،هي التي حافظت على وحدته الحقيقية .
المرتكز الثاني : إن الشر كله من الاحتلال ، وأنا واثق بان الاحتلال انهزم بشكل كامل ، فعندما يخرج هذا الشر وجميع شهبه – كما يقال - فان الأمر لا توجد فيه صعوبة ؛ نحن لدينا الأخطار في العراق ثلاثة أخطار هي : الاحتلال وخطر العملية السياسية وخطر الأجهزة الأمنية فعندما يخرج الاحتلال تخلصنا من خطر واحد ، وعندما يفشل الاحتلال انتهت العملية السياسية تخلصنا من الخطر الثاني ، تبقى لدينا مشكلة الأجهزة الأمنية ، هذه الأجهزة هم أبناء العراق غالبيتهم عملوا فيها بعد أن جاع العراقيون وجاعت عوائلهم ، وأنا واثق إن 80% من هذه الأجهزة مهما قيل عنها ، إذا جاءتها قيادات وطنية حقيقية ستحمي المواطن ولن تكون ضده وبالتالي هنا تبدأ صورة الحل؛ الحل أن تكون هناك حكومة عسكرية مؤقتة لتسيير الأمور ، وان يتم تعليق العمل بجميع الإجراءات والقوانين التي صدرت في هذه المرحلة ، وان يكون هناك جهد وطني حقيقي لبناء العراق ؛ والخطوات سهلة تبدأ بالتخلص من أوساخ الاحتلال وأصحاب المحال يعودون وأصحاب البيوت ترجع وتبدءا التنمية بشكل تدريجي .
ثبات الهيئة على موقفها
* كيف تقيم الأداء السياسي لهيئة علماء المسلمين في العراق ؟
*في الواقع ، بعد الاحتلال برزت هناك الكثير من القوى والأحزاب والتجمعات ، وأنا باعتباري مستقل ، كنت أراقب أداء الكثيرين ، فالمعيار هو : أين تتجه بوصلة هذا الطرف أو ذاك؟ فالكثيرون ذهبوا مع المحتل وبعضهم أصبحوا وسطيين ، بعد ذلك انقلبوا على ما قالوه في الأمس ، ولكن في الواقع ، أنا كمتابع لخطاب وسلوك هيئة العلماء - وأنا اشترك معهم في مشروع وطني - فالهيئة لم تغير من موقفها ومن خطابها الذي اتسم بدقة التحليل وبرصد حقيقي لما يحصل في المستقبل ، فجاءت تشخيصات مبكرة في بيانات الهيئة وفي مواقفها وفي تصريحات ومقابلات الأمين العام للهيئة فضيلة الشيخ الدكتور حارث الضاري واضحة ودقيقة تؤكد بان أساس الشر هو الاحتلال وان العملية السياسية لن تقود العراق إلا إلى الدمار والخراب والفتنة وهذا تأكد على ارض الواقع ، وان الحل الوحيد في العراق هو أن يطرد المحتل بقوة المقاومة ؛ فهذه الثوابت التي تبنتها هيئة علماء المسلمين تأكد بكل وضوح مصداقيتها ودقتها - ومنذ وقت مبكر - شخصت الهيئة حقيقة الأخطار ، وأيضاً أعطت الحلول المناسبة والناجحة أو الناجعة لهذه الأخطار؛ فانا اعتقد بان الهيئة حققت شيئاً كثيراً على صعيد الرؤيا والتحليل ، وكان موقف الهيئة له تأثير كبير على الشارع العراقي في الثبات لدفع بعض المترددين إلى الالتزام بالخط الوطني ، وهذا ليس قولي فقط وإنما تحديد من قبل جمهرة كبيرة من السياسيين والمثقفين العرب ؛ أنا أتابع آراء ومقالات تتحدث بهذا الشكل وبالتأكيد هناك شخصيات وطنية عراقية دعمت الموقف ولديها ثبات أيضاً كما هو ثبات الهيئة .
المقاومة العراقية اختصرت عمر الاحتلال
* الأستاذ وليد الزبيدي ككاتب وطني ومحلل سياسي ماذا تقول للشعب العراقي وللمقاومة العراقية؟
* للشعب العراقي أقول : انقضى الكثير وحصلت الكثير من المآسي وأرادوا أن يصنعوا نهراً من الدماء ، نهراً ثالثا من الدماء في العراق ، ولكن فشلوا وخابوا ، حصلت دماء كثيرة ومآسي كثيرة والحل قريب بإذن الله ، واعتقد نحن في الشوط الأخير، فالصبر والتسامح وان لا ننظر إلى الجرح ؛ أن ننظر كيف نبني مستقبل هذا البلد ومستقبل أبناءنا ، أن نستفيد من الثغرات التي حاول الدخول منها خاصة القضية الطائفية وان لا نسمح لمثل هذه الثغرة .
وأقول للمقاومة : استطاعت هذه المقاومة أن تختصر عمر الاحتلال من 20 إلى 30 سنة إلى أربعة سنوات ونجحت نجاحا عسكرياً باهراً لا مثيل له في التاريخ ، لكن هناك مطلب أمامهم ؛ المقاومة تعرضت لعملية تشويه كبيرة من قبل الدوائر الأمريكية ودوائر عراقية وعربية معروفة ، فعليها أن توضح برنامجها السياسي في ما يتعلق بالنقاط التالية :
ما هو شكل الدولة الذي تريده بعد زوال الاحتلال ؟ هذا أولاً ؛ ثانياً أن تعلن بشكل واضح وصريح موقفها من أطياف الشعب العراقي ، وكيف تحرص على الوحدة الوطنية ؟ وما يهم أيضاً ، وأنا اعتقد هو الشيء الأخطر؛ اعتقد بان المطلوب من المقاومة أن تؤكد للرأي العام بأنها تصل إلى مرحلة تحرير العراق وتنسحب وتترك قيادة الدولة للكفاءات وان لا تطالب بأي منصب أو مكافئة ، لان المقاومة عمل سام كبير لا يمكن أن يقارن بأي ثمن أو مقابل ، وأنا واثق إن هذا ديدن المقاومين الذين افشلوا المشروع وضحوا بأنفسهم وعوائلهم ، وعندما يتسامون فوق المصالح الشخصية والمناصب وغير ذلك - وهذا مايعتقده الكثيرون - اعتقد بأنهم سيعطون صورة نقية باهرة للبشرية جمعاء عن هذه المقاومة الباسلة التي قاتلت المحتل لأجل العراق ولم تفكر لا لمصلحة ولا لمنصب ولا لفائدة .
المقاومة العراقية تقاتل المحتل لأجل العراق ولم تفكر لا لمصلحة ولا لمنصب
حاوره : جاسم الشمري – عمان
الأستاذ وليد الزبيدي كاتب ومحلل سياسي عراقي معتمد من العديد من القنوات الفضائية العربية والأجنبية ، له عدة مؤلفات منها :(نيران على ضفاف الأنهر ، الأبعاد السياسية لازمة المياه) ؛ (ومطر القرون التأثير اليهودي في القرار السياسي التركي )؛ (ويهود العراق )؛ أما المؤلفات الأدبية : (غبار – مجموعة شعرية) و(حائط مجموعة قصصية) و(الابن الثالث رواية لم تنشر بعد) ، البصائر التقت به في العاصمة الأردنية عمان وأجرت معه الحوار الآتي :
الحرب التي أتت على كل شيء في العراق
* بداية نحن نريد أن نقف عند كتابكم ( جدار بغداد ) لنعرف ونفهم الحرب التي أتت على كل شيء في العراق ، لماذا كانت هذه الحرب ؟
* اعتقد أنا أجبت عن هذا السؤال الذي اعتبره من أهم أسئلة العصر ليس في العراق وحده وإنما في الأمة العربية والإسلامية والبشرية ، وأوردت أدلة وحقائق تؤكد بان هذه الحرب هي ليست وليدة ظرف طارئ أو لحظة معينة أو قرار سياسي كما يحاول أن يصوره البعض ، كما إن هذه الحرب ليست لأهداف اقتصادية نفطية كما يحاول الكثيرون تكريس هذا الأمر وتحويله إلى قناعة لان مثل هذه الطروحات وهذا الخطاب يحاول تضليل الآخر ويسعى إلى إخفاء الهدف الحقيقي للحرب على العراق ؛ فتجدهم مرة يقولون أسلحة الدمار الشامل وأخرى يقولون النفط ورابعة يقولون صناعة الديمقراطية وخامسة التخلص من الدكتوتارية .
ولكن أنا اعتقد جازماً بان الحرب مخطط واسع وكبير يستهدف العراق لأسباب كثيرة ؛ العراق مرتكز عروبي إسلامي كبير ومهم ، والمشروع الأمريكي الذي وضع مرتكزا ته وآماله المحافظون ، وهم مرتبطون بالمشروع الصهيوني وهذا غير مخفي ومعروف ، وضعوا هذا المخطط لكي يجعلوا من العراق نقطة الانهيار الكبرى أمام البشرية لكي تتبعها بعد ذلك انهيارات بما يشبه لعبة الدومينو ؛ ستنهار الدول العربية والإسلامية لأنها ستشاهد ما يحصل من نتائج الحرب التي خطط لها في العراق .
إسرائيل هي العدو المباشر
* هذا الانهيار لمصلحة من ؟
* من هو العدو الأول المباشر للعروبة والإسلام في المنطقة؟ المباشر هو إسرائيل ، وإسرائيل حاولت عبر أكثر من نصف قرن أن تمزق الأمة العربية وان تدمر المرتكزات الأخلاقية وان تفتت المجتمع عبر وسائل كثيرة فيها الكثير الكثير من الخبث والدهاء ؛ ولكن بعد كل ما حصل من مؤامرات على الأمة جميعا وعلى العراق تحديدا ، مرة أرادوا أن يدمروه بحرب مع إيران وثانية شنو عليه حرب 1991 التي خربت ودمرت البنية التحتية العراقية ، والحرب الأخطر التي سبقت الحرب الكبرى على العراق هي حرب الحصار فكان الحصار عبارة عن حرب إبادة شاملة لكل مرتكزات القوى في العراق حرب ضد التعليم وحرب ضد العلماء وحوصرت المعرفة ووضع برنامج لتصحير العراق ثقافياً ، فجاء بعد ذلك الفصل الأخير من حرب تدمير العراق وهو مخطط الغزو الذي حصل في ربيع 2003 وبعد ذلك الاحتلال .
ماذا كان بإمكان صدام أن يعمل ؟
* هل تعتقد إن الرئيس العراقي السابق صدام حسين أخطأ في الحساب وتقدير الموقف ؟
* هناك تكتيكات وهناك إستراتيجية في ما يتعلق بالتكتيكات ربما حصلت هناك أخطاء ، والأخطاء ترتكب في كل مكان ؛ ولكن ماذا كان بإمكان الرئيس السابق صدام حسين أن يفعل ليتجنب حرب تخطط لها اكبر قوى في العالم ؟ ماذا كان بإمكانه أن يعمل لكي يتجنب هذه الحرب ؟
في البداية قالوا بان تعنت القيادة العراقية في عدم السماح لدخول المفتشين يؤدي إلى تدمير العراق وإعطاء مسوغ للإدارة الأمريكية لشن الحرب ، فوافق العراق على دخول المفتشين ، وعندما اعترض على دخول المواقع القيادية جاءت الضغوطات من كل مكان ليقولوا بان هذا سيجر العراق إلى الدمار فكان عام 1998 في شباط المناسبة المعروفة التي وصل فيها الأمين العام كوفي عنان حين ذاك إلى العراق واتفق مع القيادة العراقية في وقتها على دخول جميع المواقع الحساسة ؛ فدخل المفتشون الذين يبحثون عن أسلحة الدمار الشامل غرفة نوم صدام حسين ماذا يفعل على هذا الصعيد ؟ علينا أن نحدد أيضاً ونركز بان هدف أمريكا الأساسي المعلن كان هو أسلحة الدمار الشامل والبحث عنها ؛ في عام 1998 عندما بدأت فرق التفتيش تستخدم احدث وسائل التجسس والتنصت والمتابعة والمراقبة والكشف عن الأسلحة ، وجالت العراق من شماله إلى جنوبه ولم يكتشفوا هذه الأسلحة ؛ ماذا بإمكان العراق أن يفعل ؟ لو كان أي شخص يقوم على القرار في العراق ماذا يفعل أكثر من ذلك الأمر؟ عندما يفتح الأبواب جميعها؛ رغم ذلك افتعلت الإدارة الأمريكية أزمة عام 1998 ، و ما أسموها بثعلب الصحراء وافتعلوا أزمة كاذبة لكي يسحبوا المفتشين في ذلك الوقت ، لان مخطط غزو العراق وتدميره لم يكتمل بعد؛ وهنا أخطأت القيادة العراقية عندما تم سحب المفتشين وضرب العراق لمدة 3 أيام وكان في أول أيام شهر رمضان ؛ حينها أعلنت القيادة العراقية بأنها لن تسمح بعودة المفتشين ، وهنا اعتقد وقعوا في الفخ ؛ لماذا ؟ لأنه لو استمرت عمليات التفتيش إلى عام 2000 نفترض سنة بعد ذلك ولم يعثروا على شيء ، على الأقل كان الرأي العام العالمي وقال بوضوح بان الأمريكيين يكذبون ويستخدمون هذا الأمر غطاء لكي يدمروا العراق .
واستمر الأمر إلى عام 2002 ؛ في هذا العام عادت الضغوطات الدولية على القيادة العراقية التي قالت حينها بان المسألة ليست الأسلحة وإنما الهدف هو العراق ، فعاد المفتشون هذه المرة وحصلت عملية تحديث لجميع المعلومات عن مراكز القيادة والتوجيه والمصانع العراقية والحرس الجمهوري والجيش العراقي من خلال الأبواب المفتوحة لهم ؛ وأيضاً هنا نقطة مهمة قرروا إضافة شرط آخر ،وهو تدمير الصواريخ العراقية التي لم تكن مشمولة بقرارات الأمم المتحدة واللجان المختصة ، وهي صواريخ صمود 2 المعروفة بان مداها اقل من الصواريخ التي كانت مشمولة بالتدمير ؛ وهنا أرادوا أن يتأكدوا من مسائل كثيرة :
- أولا عدم وجود صواريخ ممكن أن تنطلق من صحراء المنطقة الغربية ضد إسرائيل ؛ ثانياً يتأكدوا من عدم وجود أسلحة صنعت خلال هذه الفترة بإمكانها أن تهاجم إسرائيل أو القواعد الأمريكية ؛ وثالثاً تأكدوا من أن مخططهم ومسارات قواتهم ستكون واضحة ومعروفة ولم يطرأ عليها أي تغيير ، لذلك الذي يتابع تطورات الإحداث قبل يومين انتهى تدمير آخر صواريخ صمود 2 في منطقة التاجي وبدءوا بسحب المفتشين تهيئة لغزو العراق في 19/3/2003 ؛ هذه المعطيات والحقائق تؤكد بان الحرب كانت قائمة ومهما فعلت القيادة العراقية لا يمكن أن يتجنب العراق حرب خطط لها منذ أكثر من 20 سنة .
صدام اقتنع بان الحرب قادمة لامحالة
* لكن القيادة العراقية وبالذات الرئيس السابق وكما ذكرت في كتابك (جدار بغداد) بأنه كان قبل الحرب بفترة قصيرة يتفقد مشروع تطوير الزوراء في بغداد وكان عبد حمود سكرتيره الخاص في نزهة مع عائلته في الحبانية ؛ هل تعتقد إن صدام حسين لم يظن أن أمريكا أو أن هذه الحرب ستطيح به ؟
* أنا اعتقد بان صدام حسين وصل إلى قناعة في ذلك الوقت بان الحرب قادمة ولكن ليس لديه ما يضيف ؛ هكذا حال القوات المسلحة ، هكذا حال التجهيزات ، هكذا حال الشعب العراقي؛ وانقل هنا كلمة نقلها لي احد القادة الكبار يقول قبل أيام من الحرب كان اجتماع للقيادة العسكرية العليا ، وقال صدام حسين الكلمة التالية : قال للقيادة إن الحرب قادمة وأمريكا ستشن الحرب على العراق فإذا احتلت أمريكا العراق فهذه أرادة الله وإذا انتصرنا على أمريكا فالنصر من الله ، ولكن في جميع الأحوال عندما تحتل أمريكا العراق ستخرج مقاومة جديدة شابة بوجوه أخرى وأسماء جديدة ، وبالنص قال بان هذه المقاومة ستبدأ من الفلوجة وفي بغداد وفي الموصل وفي ديإلى وفي البصرة وفي مناطق العراق جميعها وبعد أن تنطلق هذه المقاومة ستنحدر أمريكا من القمة إلى السفح ، وهذا أيضاً ما نشاهده الآن .
أعداء صدام
س/ هل تعتقد إن أعداء صدام حسين كانوا من الداخل أم من الخارج ؟
* هو العدو ذاته لنفس الهوية ونفس الهدف ، بالتأكيد معروف بان في كل دول العالم - خاصة الدول التي لا تعيش استقرار - تكون هناك مجاميع أو جهات أو أحزاب تعمل لإضعاف الحكومة أو إسقاطها وإذا كان مقياس العدو الذي هو تعامل مع المحتل الأمريكي قبل الغزو وبعده فمعروفة الجهات التي ساعدت أمريكا في تنفيذ مشاريع ما بعد الاحتلال ؛ كل أعداء صدام حسين أو لنقل أعداء العراق لم يتمكنوا من التأثير على الوحدة الوطنية بكل أساليبهم ، ولكن بعد أن جاءت قوة الدبابة الأمريكية وفرضت سيطرتها على العراق برز هؤلاء لتنفيذ ما يريده المحتل .
س/ هل تعتقد إن رفاق صدام حسين تركوه وحيداً في الميدان ؟
*لا ، إطلاقاً ، هناك معلومات وهناك قصص كثيرة ؛ هناك قادة من الجيش العراقي برتب كبيرة قاتلوا يوم 8/4/ 2003 في منطقة اليرموك في ساحة قحطان ،ضربوا القوات الأمريكية واصطدموا معها وفي منطقة الخضراء ولكن المنظومة العسكرية والمنظومة الأمنية انهارت لان الدخول الأمريكي كان غير متوقع بهذه السرعة .
فدخول بغداد - عندما دخلت القوات الأمريكية مطار بغداد في 3/4/2003 - شكل صدمة وهناك شبه انعدام في الاتصالات بين القيادات العسكرية ، فكانت صدمة كبيرة ، ومن يعيش في بغداد يتذكر - وأنا كنت في بغداد في حينها - إن حجم القصف الجوي الأمريكي والصاروخي الذي استهدف محيط بغداد - حيث تتمركز قوات الحرس الجمهوري كطوق لمواجهة الأمريكان - لم يحصل في التاريخ ؛ فكان هناك تفوق عسكري كامل هناك سيادة مطلقة في الجو وهناك ضعف في الاتصالات بين القطعان العراقية فكان الانهيار سريع ولذلك انفرطت الوحدات العسكرية ولم يعد هناك قدرة على المقاومة فتمكنت قوات الاحتلال من الوصول إلى قلب بغداد في يوم 9/4/2003 .
حقيقة معركة المطار
* معركة المطار،كانت من المعارك القوية ، ما حقيقة ماجرى على ارض المطار، وهل فعلا استخدمت قوات الاحتلال الفسفور في هذه المعركة ؟
* القضية لم تكن معركة المطار كانت معركة بغداد ، ولكن الذي حصل إن القوات الأمريكية دخلت المطار عن طريق الخط السريع الذي يأتي من الجنوب ، ودخلته بقوات مشاة لم تدخل بقوات محمولة جواً ، وربما شكل ذلك صدمة للقيادة العسكرية فحاولوا إخراج هذه القوات، ولكن جغرافية المطار - الذي يعرفها مساحة واسعة ومكشوفة - وعندما تدرس برؤية عسكرية يكتشف المرء انه عندما تتمركز الدروع في قلب المطار تكون نقطة الوصول من نهاية شارع المطار في بغداد – نادي الفارس - إلى قلب المطار وهي مسافة في حدود (5 ) كيلو متر ومكشوفة ومن الصعوبة أن تدفع بمجاميع راجلة تصل إلى هناك ولا يمكن أن تدفع بدروع ؛ الذي علمته إن هناك كانت محاولة لضرب هذه القوة والذي نفذ الضربة القوية هو لواء صواريخ حرس جمهوري من منطقة أبو غريب ، قصفوا القوة الأمريكية.
* من أخبرك بذلك ؟
* أنا التقيت - خلال مرحلة الإعداد لكتاب (جدار بغداد ) - وقد أمضيت أكثر من سنتين- بكثير من قادة الجيش والضباط لجمع معلومات عن الحرب وتفاصيلها من قادة كبار ؛ ولكن حقيقة المعركة الأساسية التي حصلت كانت في القصور الرئاسية في منطقة الرضوانية ، اندفعت قوات أمريكية لهذه المنطقة ، وبالمقابل اتجهت لها قوات من الحرس الخاص والحرس الجمهوري وتمكنوا من طرد القوات الأمريكية ، أو من قتل أعداد منهم ؛ وكان هناك اتصال بين الرئيس الراحل صدام حسين وقائد القوة العراقية ، فعندما كان يقول له أين وصلتم ؟ يقول له وصلنا إلى المنطقة الفلانية فالرئيس يسأله: صف لي المكان؟ فيصف له نحن في القصر الفلاني في المكان الفلاني ؛ الأمريكيون أدركوا أن هناك قتال فتم تعزيز قواتهم ، واستخدمت القوة الجوية الأمريكية لضرب المكان ، فاضطرت القوة التي تصدت للأمريكيين للانسحاب والعودة هذا الذي حصل وهناك حصلت روايات كثيرة ؛ وحقيقة لم أسمع غير هذه الرواية من مصدر قريب من الرئيس صدام حسين ، ولكن المؤكد أن الأمريكيين استخدموا مختلف أنواع الأسلحة لتثبيت وجودهم في منطقة المطار .
* هل كان صدام حسين في احد هذه القصور،أثناء الهجوم على بغداد ؟
* لا ؛ لم يكن في القصور ، بل كان في منطقة العامرية ، كان في منطقة مفرق العامرية - على طريق المطار - وكان اتصاله مع مجاميع من المقاتلين الذين اندفعوا إلى منطقة القصر الرئاسي في الرضوانية .
العراق بعد أكثر من أربع سنوات
* أكثر من 4 سنوات انقضت من الاحتلال، كيف تنظر لوضع العراق اليوم الذي يشوبه الكثير من الصور الأليمة : قتل على الهوية ، اختطاف في وضح النهار ،وغيرها من الصور التي برزت على الساحة العراقية بعد الاحتلال ؟
* هناك وجهان للأوضاع في العراق وجه مليء بالأسى والحزن والدمار والقتل والضياع والخراب وهذا الوجه أو هذه الصورة صنعها الأمريكيون ومن معهم ، فهذا الخراب وهذا الدمار وهذا الضياع لهذا البلد أكثر من 3 ملايين عراقي مشرد خارج العراق وأكثر من 4 ملايين مشرد داخل العراق ، الاختطاف والجثث اليومية المشوهة ؛ هذه عناوين كبيرة في بلد يعيش مأساة ؛ ولكن الصورة الثانية الصورة التي برزت بقوة بكل إشعاع وبكل قدرة على إثبات الوجود العراقي الحقيقي وهي المقاومة العراقية ، التي كلما اخذ اليأس من قلوبنا شيئا كلما ازداد الأمل أمامنا ، ونحن نراقب أداء هذه المؤسسة - المقاومة - التي تمكنت - بعون الله - من تحقيق أهداف كبيرة ؛ أستطيع أن أقول أو اصف هذه الأهداف بان المقاومة تمكنت من تحقيق اكبر الأهداف في الحروب عبر التاريخ ، لماذا؟ لان الخصم في العراق هو أمريكا ، وهي معروفة بكل قوتها العسكرية بكل تكنولوجيتها بكل أسلحتها بكل تقنياتها ؛ أمريكا ، سخرت كل اقتصادها ووظفته لهذه الحرب ؛ أمريكا ، صنعت من العملاء الكثيرين ودربتهم وجاءت بكل ما تتمكن لكي تبسط السيطرة على العراق ، لكن عندما تخرج قوة وتهزم أمريكا بهذا الفعل اليومي الميداني الحقيقي الذي تعترف به الآن الإدارة الأمريكية ويعيشون حالة الفوضى والارتباك ؛ أنا اعتقد بان هذا نصر كبير لم يتحقق عبر التاريخ وعبر جميع الحروب التي خاضتها البشرية ، وهو الوجه المفرح للمشهد العراقي .
الفشل الأمريكي في العراق
* فشل أمريكا في العراق واضح ، فلماذا هذه المكابرة الأمريكية وعدم الاعتراف بالهزيمة بالعراق ، ولماذا لا تسحب قواتها من البلاد ، وترك البلاد لأهلها ؟
* الأمريكيون بدءوا الانسحاب فعليا من العراق ، منذ أكثر من شهرين ؛ ولكن هناك مخاوف تصل حد الهلع لدى قادة البيت الأبيض والبنتاغون ؛ الوجود الأمريكي في العراق تجاوز (360) ألف -وليس كما يقولون -ومنتشرون في مناطق واسعة من العراق وهم يدركون إذا أعلنوا فجأة الانسحاب فهذا سيؤدي إلى الآتي:
- الجندي الأمريكي الآن في حالة يأس كامل وفي حالة خوف ورعب وهلع لأنهم يرون أمامهم كيف تتمكن المقاومة من قتل الجنود ، سواء كان في العبوات الناسفة التي تمزقهم اشلاءاً ، أو بالهجمات الصاروخية على قواعدهم ومعسكراتهم وفوق ذلك إنهم موجودون بدون هدف ؛ ما الهدف الآن من وجود الجندي الأمريكي ؟
أمريكا كانت تريد أن تحقق ما تسميه بالديمقراطية لكي تحتل العالم بعنوان ديمقراطية العراق ، الآن الأمريكيون يقولون تخلينا عن هذا المشروع ،إذاً لماذا يقاتل الجندي الأمريكي في العراق؟ يقاتل فقط لكي يحافظ على حياته ؛ ونشرت صحيفة نيوزويك تحقيقا مطولا لصحفي أمريكي مشهور(سيمور هيرش ) تحدث فيه والتقى جنوداً يقولون :نحن عندما نمر في منطقة فيها فناصون من المقاومة نخرج بعض أجزاء جسدنا مثل الأرجل أوالايدي عسى أن تضرب الرجل أو اليد لكي نصبح جرحى ويعيدونا إلى أمريكا وأنا التقيت ببعض المترجمين الذين عملوا مع الأمريكيين وقالوا منذ سنتين لا تخرج دورية أمريكية إلا ويأخذوا نوعاً من حبوب مخدرة"الهلوسة" ؛ وحتى المترجمين الذين يعملون معهم ؛ فتجد هذه حالة اليأس حالة الخوف فإذا أعلنت الإدارة الأمريكية فورا بان الانسحاب قائم الآن ماذا يحصل لهؤلاء؟ هؤلاء سينهارون انهيارا كاملاً.
النقطة الأخرى ، يدركون بان المقاومة بالعراق تزداد ويلتحق فيها عدد كبير من الشباب ، وفي حال أعلن الانسحاب ؛ فان القواعد الأمريكية ستنهب بالكامل ويقتل من فيها من الأمريكيين من قبل العراقيين لماذا ؟ لان لاتوجد منطقة بالعراق فيها قواعد أمريكية إلا والحقد على الأمريكيين وصل أعلى الدرجات .
* كيف ؟
* لأنهم أهانوا الناس اعتقلوا الرجال اعتقلوا النساء أذلوا العوائل مارسوا مختلف أنواع التعذيب البشع ضد الناس وهم محتلون فكيف يتصرف أمامهم الناس ؟!عندما يدركون إنهم على وشك الانسحاب أو أعلنوا الانسحاب هم يحسبون كل ذلك والآن يحاولون أن يصيغوا آلية تحفظ ماء وجوههم ويخرجون وأؤكد لك بان الانسحاب بداء منذ أكثر من شهرين.
قواعد دائمية في العراق
* هل تعتقد في حال انسحبت القوات الأمريكية المحتلة ستعمل على الإبقاء على قواعد دائمة لها في العراق ؟
* أمريكا أرادت أن تحول كل عراقي إلى أمريكي ولكن واضح أنا اقرأ خطابات المقاومة العراقية وهي التي تقرر ما يجري الآن في العراق ، ويعلم الجميع إن مايحصل في العراق هو حرب شرسة حرب طرفاها قوات الاحتلال والطرف الثاني قوات المقاومة والمقاومة ترفض رفضا قاطعا أن يكون هناك أي وجود أمريكي لا قاعدة ولا مستشارين ولا خبراء ولا أي شيء من هذا القبيل .
حقيقة الخسائر الأمريكية في العراق
* الأرقام التي يعلنها البنتاغون عن خسائر جيش الاحتلال الأمريكي في العراق هل تعتقد إن هذه الأرقام حقيقية ؟
* الكذب الأمريكي وصل في العراق إلى مدى لم يصل إليه احد بالعالم وأقول لك على سبيل المثال هم اعترفوا الشهر السادس حزيران مثلاً إن عدد الهجمات اليومية وصل إلى 177 هجوم ضد قوات الاحتلال وهذه الأرقام من قوات الاحتلال هم اعترفوا ؛ هذا يعني كم عدد الهجمات في الشهر ؟نعرف جميعا في الميدان ونحن العراقيون نشاهد في الطرق التي تمر بها قوات الاحتلال ويحصل انفجار؛ الانفجار يحصل ضد الهمر أو الدبابة هل تعتقد بان الهمر التي ترتفع إلى 50 متراً ولا يقل عدد الموجودين فيها عن 3 يعودون إلى الحياة فإذا اعتبرنا أن عدد الهجمات اليومية التي تستهدف المدرعات والهمرات من ال177 مئة هجوم وافترضنا في كل مدرعة يموت نصف واحد فمعدل القتلى اليومي لا يقل عن 40 الى50 أمريكي هذه حقيقة في الميدان ولو لم يكن كذلك لماذا منع بوش تصوير التوابيت التي تذهب إلى أمريكا ؟ ولماذا تذهب في وقت متأخر من الليل؟ ولماذا يحتج الأمريكيون على هذا الأمر؟ ولماذا هناك حظر تام على القواعد الأمريكية في ألمانيا التي هي نقطة وصل مع أمريكا ؟ في الميدان نحن نعرف والعراقيون يعرفون بان قتلاهم بالعشرات يومياً وهناك يخفون صور الجثامين والبنتاغون يعيش في حالة هلع وجنودهم يعرفون هذه القصص ويعيشون في حالة رعب.
هل تعلم بان عدد اللذين يعيشون الآن في أميركا من المجانين الذين يصفهم البنتاغون بأنهم من ذوي الإصابات في الرأس - وذوي الإصابات في الرأس هؤلاء هم الذين لايموتون في انفجار الدبابات فالاصطدام الشديد الذي يحصل والرجة تحولهم إلى مجانين - وهناك أكثر من 3 مشافي كبيرة في ولايات أمريكية هذه مخصصة لمعالجة لايقل عن من30 ألف مجنون من الجيش الأمريكي هؤلاء أصيبوا بالجنون بفعل ضربات المقاومة العراقية وقبل عشرة أشهر أعلن البنتاغون رسمياً إن عدد المصابين في الرأس - أي المجانين - 18 ألف .
وهؤلاء يحتاجون إلى رعاية حتى وفاتهم لأنهم مجانين والمبلغ الذي يصرف على هؤلاء ال18 ألف مجنون هو 112 مليار دولار لكي يصرف عليهم حتى نهاية حياتهم ؛ السنة الأخيرة ازدادت الهجمات وازدادت أيضا تقنية العبوات الناسفة التي تستهدف قوات الاحتلال وبالتالي فان أعداد القتلى أصبحت كبيرة وأمريكا لا تقول الحقيقة ، أعداد الجرحى تجاوز ال50 ألف وهؤلاء ليسوا من المجانين من المعاقين اقصد الذين بهم بتر في الساق أو اليد أو في العين وهكذا.
نهاية حكومة المالكي
* هل تعتقد إن ورقة حكومة المالكي قد انتهت ؟
* من البداية هي منتهية ؛ أنا اعتقد إن التقييم كان مبكراً لهذه الحكومة لأنها تسير في طرقات لا تصل الشعب لايمكن أن يصل إلى نتيجة تبقيه في مكانه هذه الحكومة منذ البداية اتجهت اتجاهاً يخدم المحتل أولاً وأخيرا ، ويحاول أن يقضي على الأصوات الوطنية في كل مكان ، أنا لا احدد منطقة معينة حوربت فيها الأصوات الوطنية ، القوى الوطنية في الجنوب وفي الوسط وفي الشمال وفي كل مكان ؛ ولذلك لايمكن أن تنجح لأنها اعتمدت أساس عملية السياسية التي هي المحاصة ، والمحاصة هنا اتضحت هي ليس محاصة بمعنى أعطي نسبة للسنة وللشيعة والأكراد ، وإنما محاصة في سرقة ثروة العراق فتجد الناس حتى الذين تحمسوا للانتخابات وذهبوا الآن يسألون سؤال بسيط جدا : ذهبنا إلى الانتخابات لكي تتحقق لنا ثلاثة أهداف أن يتوفر الأمن وان تتوفر الخدمات وان يخرج المحتل وتعود السيادة ؛ ففي حكومة المالكي كما كانت الحكومات التي سبقتها ازداد الأمن تدهورا ووصل إلى حال بشعة جداً أرادوا الفتنة بين أطياف الشعب العراقي وبرزت ظاهرة الجثث المشوهة التي تلقى أثناء حظر التجوال لا توجد إلا الأجهزة الأمنية وعمليات الاختطاف المروعة اختطاف النساء القتل على الهوية حيث مجاميع من هذه الطائفة لتقتل الطائفة الثانية ومن هذه الطائفة لتقتل الطائفة الثانية وهؤلاء جميعاً مجرمون ومرتبطون بالمحتل .
حكومة المالكي بدأت متهاوية ولا اعتقد بأنها حققت شيء لا لخدمة المحتل ولا لخدمة أحزابهم ولا لخدمة العراق والذي تحقق هو الآتي إن صورتهم كأشخاص وكمسئولين يمثلون أطراف معينة تأكد بأنهم لا يمكن أن يصلحوا لإدارة أي شيء وتأكد بان أمريكا لم تضع خطوة واحدة سليمة وتأكد بان الوضع في العراق لا يمكن أن يتطور طالما إن آلية سياسية صنعت في ظل الاحتلال هي التي تستحوذ لكي يستمر وجود المحتل في العراق فالحل الحقيقي هو الإلغاء التام لهذه العملية السياسية وإنهاءها بشكل كامل وإخراج المحتل بأي طريقة كانت والتخلص من درناته الخبيثة والسيئة التي حاولت وعملت على تمزيق الشعب العراقي .
التدخل الإيراني بعد انسحاب الاحتلال
* هناك من يقول - وأنا منهم - لو انسحبت الولايات المتحدة هل يمكن أن تدخل إيران من الجنوب؟
* هذا سيناريو يتداوله الكثيرون ، ولكن علينا أن نقرأ الخارطة بشكل صحيح ، إذا دخلت القوات التركية ولنفترض وصلت إلى بغداد أو إلى الموصل ، هل تمتلك القوات التركية تقنيات أكثر من القوات الأمريكية واقتصاد وعملاء أكثر من القوات الأمريكية؟
فسيكون مصيرهم أسوء بكثير من قوات الاحتلال ، لان مؤسسة المقاومة التي انتصرت على أمريكا لا يمكن أن تنجح أمامها أي مؤسسة عسكرية أخرى ؛ لو اندفعت إيران ووصلت إلى بغداد فرضاً هل يمكن أن تستمر في احتلال العراق وهناك مقاومة؟ وأنا أقول لو دفعت إيران بقواتها داخل الحدود العراقية سيقطعهم أبناء الجنوب قبل غيرهم.
التسامي فوق الجروح
* ألا تظن لو انسحبت أمريكا من العراق ، وأنت تعرف أن الشعب العراقي شعب عربي وقبلي ، فيما لو انسحبت قوات الاحتلال هل ستحصل ثارات لحالات القتل ومن ثم تكون انطلاقة أو شرارة للحرب الأهلية في العراق ؟
* أنا أقول شيء هذا تخوف مشروع ؛ ولكن عندما يحصل الانسحاب وتحصل الهزيمة على العراقيين أن يتنبهوا إلى هذه النقطة ، على العراقيين أن يدركوا بان أمريكا -ومن معها - حاولوا إشعال الفتنة بين أطياف الشعب العراقي وحاولوا إشعال الفتنة وتمزيق وحدة العراقيين بين سنة وشيعة وأكراد ؛ ولكنهم فشلوا ، الذي قتل ابنه من قبل ميليشيا معينة أو جيش معين أو مجموعة معينة يجب أن يدرك بان الذي قتل ليس ثاراً منه شخصياً ، وإنما قتل هذا لخدمة المحتل ، فإذا أدمنا سفك الدماء ، لن ننجح في بناء العراق ، ولكن أنا اعتقد بان المشروع الوطني وكل وطني وكل عراقي حريص على العراق أن ينظر إلى هذه النقطة وتدرس من قبل العشائر وتدرس من قبل رجال القانون وتدرس بعناية من قبل قادة المجتمع ، وان ينتهي موضوع سفك الدماء والثأر الأعمى والعشوائي وان يلجأ الجميع إلى القضاء العادل ، وقبل ذلك أن يكون التسامي فوق الجروح والتسامح مع الجميع .
إيران والشيطان الأكبر
*التدخل الإيراني في الشأن العراقي بات واضحا للجميع ، والمعروف إن إيران هي التي أوت المعارضة العراقية في السابق ، هل تعتقد بان إيران بتدخلها في الشأن العراقي تريد ثمناً لتلك الحماية وذلك الإيواء للمعارضة ؟
* إيران تصرفت بطريقة الدولة التي تريد أن تستثمر أي فرصة ؛ إيران لديها مشروع عقائدي ومشروع سياسي في المنطقة ، وهذا معروف كانت ، تعول على أن تكون العملية السياسية تسير في الاتجاه الذي يخدم عقيدتها ، ولهذا لم تترد إيران في دعم عملية سياسية من صناعة الشيطان الأكبر .
ومعروف إن الخطاب الإيراني هو ضد أمريكا ولكن عندما جاءت الدبابات الأمريكية بعد 3 أشهر في تموز 2003 شكل بريمر مجلس الحكم ، وابسط الناس - وحتى السذج - يعرفون بان هذا صناعة أمريكية - صناعة الشيطان الأكبر - سارعت إيران إلى إرسال وفد رسمي لتهنئة مجلس الحكم ودعمه ؛ ودعمت حكومة أياد علاوي وحكومة الجعفري وباركت الدستور وباركت الانتخابات ، وتعلم جيدا إن هذه صناعة أمريكية ، فأرادت أن تحقق مشروعها في ظل عملية سياسية ‘ رغم التناقض الصارخ الذي نجده بين الخطاب الإيراني الرسمي والديني وبين التعامل مع الأمريكيين في العراق ، والجميع يتحدث كيف إيران تقف ضد أمريكا في لبنان ومع أمريكا في العراق؛ أما ما يدور الآن من أحاديث وأن هناك عداء وان هناك أمور كثيرة تحصل بين واشنطن وطهران ، اعتقد أنها تدور في حدود المصالح الضيقة .
الحل الأمثل في العراق
* جدلا ، لو اسند إليك الحل للمشكلة العراقية كيف تتصور هذا الحل ؟
* الكثير من العقلاء في العراق أكثر مني خبرة ومعرفة وحكمة ودراية في أمور العراق.
لكن اعتقد ليس صعبا ، أنا من وجهة نظري ، إن الأمر ليس صعباً تحققت أهم المرتكزات ؛
- المرتكز الأول : الآن اكتشف العراقيون أن الذي يتحدث في الطائفية خاصة والعرقية ، هذا يشهر سيفه ليقتل العراق ، فانا واثق إذا كنا قبل الاحتلال ممكن أن نتحدث بالطائفية بالنكات وبالحوارات فقط - هذه طبيعة العراقيين - هكذا يتحدثون بالطائفية ليس أكثر من حدود النقاشات البسيطة ؛ أنا اعتقد الآن وبعد أن يخرج الاحتلال - ومن شدة ماشاهدوا من مآسي بسبب محاولات إثارة الفتنة الطائفية - العراقيون وصولوا إلى قناعة أن الذي يثير الطائفية أو يتحدث بها لن يقبلوا به ، من جميع الأطراف ، وهذا إفراز ايجابي ومهم جدا ويجب أن نتوقف عنده ونثقف عليه ، أن لا نسمح بالحديث في هذا الأمر وان نعمل على تكريس الوحدة الوطنية ؛ والحمد لله العراق لم تحصل فيه فتنة طائفية لان هذه الأسس الطيبة الحقيقية القوية المتينة ،هي التي حافظت على وحدته الحقيقية .
المرتكز الثاني : إن الشر كله من الاحتلال ، وأنا واثق بان الاحتلال انهزم بشكل كامل ، فعندما يخرج هذا الشر وجميع شهبه – كما يقال - فان الأمر لا توجد فيه صعوبة ؛ نحن لدينا الأخطار في العراق ثلاثة أخطار هي : الاحتلال وخطر العملية السياسية وخطر الأجهزة الأمنية فعندما يخرج الاحتلال تخلصنا من خطر واحد ، وعندما يفشل الاحتلال انتهت العملية السياسية تخلصنا من الخطر الثاني ، تبقى لدينا مشكلة الأجهزة الأمنية ، هذه الأجهزة هم أبناء العراق غالبيتهم عملوا فيها بعد أن جاع العراقيون وجاعت عوائلهم ، وأنا واثق إن 80% من هذه الأجهزة مهما قيل عنها ، إذا جاءتها قيادات وطنية حقيقية ستحمي المواطن ولن تكون ضده وبالتالي هنا تبدأ صورة الحل؛ الحل أن تكون هناك حكومة عسكرية مؤقتة لتسيير الأمور ، وان يتم تعليق العمل بجميع الإجراءات والقوانين التي صدرت في هذه المرحلة ، وان يكون هناك جهد وطني حقيقي لبناء العراق ؛ والخطوات سهلة تبدأ بالتخلص من أوساخ الاحتلال وأصحاب المحال يعودون وأصحاب البيوت ترجع وتبدءا التنمية بشكل تدريجي .
ثبات الهيئة على موقفها
* كيف تقيم الأداء السياسي لهيئة علماء المسلمين في العراق ؟
*في الواقع ، بعد الاحتلال برزت هناك الكثير من القوى والأحزاب والتجمعات ، وأنا باعتباري مستقل ، كنت أراقب أداء الكثيرين ، فالمعيار هو : أين تتجه بوصلة هذا الطرف أو ذاك؟ فالكثيرون ذهبوا مع المحتل وبعضهم أصبحوا وسطيين ، بعد ذلك انقلبوا على ما قالوه في الأمس ، ولكن في الواقع ، أنا كمتابع لخطاب وسلوك هيئة العلماء - وأنا اشترك معهم في مشروع وطني - فالهيئة لم تغير من موقفها ومن خطابها الذي اتسم بدقة التحليل وبرصد حقيقي لما يحصل في المستقبل ، فجاءت تشخيصات مبكرة في بيانات الهيئة وفي مواقفها وفي تصريحات ومقابلات الأمين العام للهيئة فضيلة الشيخ الدكتور حارث الضاري واضحة ودقيقة تؤكد بان أساس الشر هو الاحتلال وان العملية السياسية لن تقود العراق إلا إلى الدمار والخراب والفتنة وهذا تأكد على ارض الواقع ، وان الحل الوحيد في العراق هو أن يطرد المحتل بقوة المقاومة ؛ فهذه الثوابت التي تبنتها هيئة علماء المسلمين تأكد بكل وضوح مصداقيتها ودقتها - ومنذ وقت مبكر - شخصت الهيئة حقيقة الأخطار ، وأيضاً أعطت الحلول المناسبة والناجحة أو الناجعة لهذه الأخطار؛ فانا اعتقد بان الهيئة حققت شيئاً كثيراً على صعيد الرؤيا والتحليل ، وكان موقف الهيئة له تأثير كبير على الشارع العراقي في الثبات لدفع بعض المترددين إلى الالتزام بالخط الوطني ، وهذا ليس قولي فقط وإنما تحديد من قبل جمهرة كبيرة من السياسيين والمثقفين العرب ؛ أنا أتابع آراء ومقالات تتحدث بهذا الشكل وبالتأكيد هناك شخصيات وطنية عراقية دعمت الموقف ولديها ثبات أيضاً كما هو ثبات الهيئة .
المقاومة العراقية اختصرت عمر الاحتلال
* الأستاذ وليد الزبيدي ككاتب وطني ومحلل سياسي ماذا تقول للشعب العراقي وللمقاومة العراقية؟
* للشعب العراقي أقول : انقضى الكثير وحصلت الكثير من المآسي وأرادوا أن يصنعوا نهراً من الدماء ، نهراً ثالثا من الدماء في العراق ، ولكن فشلوا وخابوا ، حصلت دماء كثيرة ومآسي كثيرة والحل قريب بإذن الله ، واعتقد نحن في الشوط الأخير، فالصبر والتسامح وان لا ننظر إلى الجرح ؛ أن ننظر كيف نبني مستقبل هذا البلد ومستقبل أبناءنا ، أن نستفيد من الثغرات التي حاول الدخول منها خاصة القضية الطائفية وان لا نسمح لمثل هذه الثغرة .
وأقول للمقاومة : استطاعت هذه المقاومة أن تختصر عمر الاحتلال من 20 إلى 30 سنة إلى أربعة سنوات ونجحت نجاحا عسكرياً باهراً لا مثيل له في التاريخ ، لكن هناك مطلب أمامهم ؛ المقاومة تعرضت لعملية تشويه كبيرة من قبل الدوائر الأمريكية ودوائر عراقية وعربية معروفة ، فعليها أن توضح برنامجها السياسي في ما يتعلق بالنقاط التالية :
ما هو شكل الدولة الذي تريده بعد زوال الاحتلال ؟ هذا أولاً ؛ ثانياً أن تعلن بشكل واضح وصريح موقفها من أطياف الشعب العراقي ، وكيف تحرص على الوحدة الوطنية ؟ وما يهم أيضاً ، وأنا اعتقد هو الشيء الأخطر؛ اعتقد بان المطلوب من المقاومة أن تؤكد للرأي العام بأنها تصل إلى مرحلة تحرير العراق وتنسحب وتترك قيادة الدولة للكفاءات وان لا تطالب بأي منصب أو مكافئة ، لان المقاومة عمل سام كبير لا يمكن أن يقارن بأي ثمن أو مقابل ، وأنا واثق إن هذا ديدن المقاومين الذين افشلوا المشروع وضحوا بأنفسهم وعوائلهم ، وعندما يتسامون فوق المصالح الشخصية والمناصب وغير ذلك - وهذا مايعتقده الكثيرون - اعتقد بأنهم سيعطون صورة نقية باهرة للبشرية جمعاء عن هذه المقاومة الباسلة التي قاتلت المحتل لأجل العراق ولم تفكر لا لمصلحة ولا لمنصب ولا لفائدة .