المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جهازمخابرات متنقل : السفير الامريكي في القاهرة يعانق الدراويش



imran
31-03-2007, 06:43 PM
جهاز مخابرات متنقل

السفير الأمريكي بالقاهرة يعانق الدراويش

شبكة البصرة

كتب : علي عبدالعال

"تقليعة" أمريكية جديدة - في عالم الدبلوماسية والسياسة - تلك التي ظهرت على يد السفير الأمريكي الحالي في القاهرة، فرانيسي ريتشارد دوني، بوضعه "موالد" الصوفية ضمن أجندته الدبلوماسية. فمن رحاب "السيد البدوي" في طنطا إلى "إبراهيم الدسوقي" بكفر الشيخ و(سيدي) "أبوالوفا الشرقاوي" في نجع حمادي، ومن دلتا النيل إلى قلب الصعيد.. السفير الأمريكي لا تكل له قدمان، فلا يكاد يمر يوم حتى تسمع بدخوله مولد أوسرادق أومقهى صوفي.



"فرانسيس" كما يحب أن يناديه البسطاء "ابن بلد" أمريكي (مجدع)، يتحدث العامية ويحاور البسطاء، ويستلقي علي "قفاه" للنكتة المصرية، وهوأيضاً مولع بـ "الفتة" واللحم الضاني، يشتري "حَبْ العزيز" والحمص والسمسمية، ويجالس العمال علي مقهى "الفيشاوي" ويتناول العشاء في مطعم "نجيب محفوظ"، وأيضاً يشارك الجماهير في تشجيع منتخب كرة القدم بمباريات كأس الأمم الأفريقية.



وعلاوة على كل ذلك، بات الدبلوماسي الأمريكي عضواً دائماً على موائد الصوفية، وهوما اعتبره المراقبون توظيف جديد لورقة التصوف - في العالم العربي والإسلامي - من قبل الدبلوماسيين الأمريكيين في الحرب المفتوحة ضد الإسلام والإسلاميين. حيث كرر "دوني" إعجابه الشديد بعالم التصوف، لافتا إلى ما تنطوي عليه الصوفية من تسامح، وما تجسده من قيم ومبادئ رفيعة. وفي زيارته الأخيرة لمولد "السيد البدوي" شاطر العامة جميع الفعاليات تقريباً، حتى اشترى الحمص والمشبك، ولم يكتف حتى خلع "الكرافتة" ووقف أمام متجر لبيع الحلوى يلتهم قطعاً منها، ويعبئ علباً أخرى يداعب بها المصريين، كأنه يبيع لهم من داخل المحل.



السفير "ريتشارد دوني" الذي التقى ومعه ابنته "كيارا" وصديقها بزعماء الطرق الصوفية (الشاذلية والإبراهيمية والجازولية) انصت لسماع الترانيم وإيقاعات الدف والربابة ليبرهن لمضيفيه أنه "عاشق للصوفية"، وما أن أنشد المنشدون "طلع البدر علينا" حتى ترك مقعد الضيف، وأسرع بالجلوس القرفصاء على الأرض وسط الجمهور، كأنه أحدهم، ما جعل أحد الحضور يتساءل : هل هومسلم، أم معجب بالإسلام؟!.



والطريف أيضاً أن السفير الأمريكي حرص على التقاط الصور التذكارية مع الدراويش، وظل يداعبهم طوال الجلسة بخفة روح (أمريكية) ويقول لهم : "أنا مغرم بالصوفية وبسيدي أحمد البدوي، وزرته قبل ذلك عدة مرات".. "دوني" الذي تحدث البسطاء عن أدبه الجم، وتواضعه الشديد!!، وصفه أحد كتاب الرأي بقوله : "إنه جهاز مخابرات متنقل، يحقق ما تعجز عنه الـ"سي آي إيه"". وليس أدل على ذلك من أن هذا الرجل الذي أدمن الطواف على الأضرحة كان قد فاجأ الرأي العام المصري بوصفه الأزهر الشريف - الذي هورمز الاعتدال والتسامح - بأنه : "مفرخة للإرهاب والتطرف". وفي تدخله المستفز شن هجومًا حادًا علي الأزهر ورسالته، زاعمًا آن الأوان قد آن لإعادة النظر في المؤسسات الدينية والجامعات المصرية.



الصوفي الأمريكي تحدثت التقارير بأنه أعطى توجيهاته لأعضاء السفارة، في القاهرة، بإعداد خريطة زمنية ومكانية، للموالد والاحتفالات القبطية أيضاً، وخاصة المنتشرة منها في الصعيد، لكي يتسنى له زيارتها أسوة بالموالد الصوفية. وهي مساعي - داخل المجتمع - وضعها نصب عينه منذ اللحظة الأولى لخطاب تعيينه أمام "لجنة الشؤون الخارجية" بالكونجرس الأمريكي حيث أشار ريتشارد دوني، إلى أنه سيولي اهتماماً خاصاً للعمل علي تحسين صورة الولايات المتحدة في إطار مايعرف باسم الدبلوماسية العامة، وخاصة بين الأجيال الشابة‏.‏



وفي الأشهر الأخيرة، شرعت جماعات صحفية وسياسية مصرية تتحدث عن الدبلوماسي الذي تجاوز صلاحياته ولم يكتف بزيارات الأضرحة والحواري والأقاليم، حتى أصدر التقارير والتصريحات التي تنتقد الشأن السياسي والاقتصادي والبرلماني في البلاد، كما استحدث مراكز بحثية تضطلع بهذا الشأن. ففي زيارته للبحر الأحمر - الذي استقبل خلالها بالطبل والمزمار - دخل السفير الأمريكي في حالة من الجدل السياسي حول "المعونة الأمريكية"، مع كل من اللواء أبوبكر الرشيدي محافظ المدينة، والليثي إسماعيل رئيس المجلس المحلي، الذي رفض كلمة "المعونة" بعد أن رددها - كثيراً - سفير المعية الأمريكية، وطالبه (الليثي) بتغييرها إلي مصطلح آخر، قائلاً : إن الشعب المصري لا يمد يده، ولا يقبل "الذل". وكان مما قال ريتشارد دوني : إن هذه المعونة بلغت 57 مليار دولار خلال 30 عاماً. ما حمل اللواء الرشيدي على الرد عليه قائلاً : إن المعونة الأمريكية ترد إلي أمريكا مرة أخري، مشيراً إلي أن هذا المبلغ استرجعت منه الولايات المتحدة 25 مليار دولار، بسبب اشتراطها شراء المعدات الأمريكية.



وكان هذا السفير أيضا قد وصف "المعونة" بالإحسان والصدقة التي تمنحها حكومته لمصر. وعندما اعترض أحد الحضور رد عليه ريتشارد بسخرية قائلاً : "إن المليارات التي تمنحها أمريكا لمصر ليس لها مسمى آخر بخلاف كونها إما إحسانًا أوإتاوة تدفعها لضعفها واحتياجها للحكومة المصرية، وحيث إن الحكومة الأمريكية ليست ضعيفة بحيث تصبح في حاجة إلى الحكومة المصرية، فالمعونة الأمريكية هي إحسان من أمريكا لمصر".



ومرة أخرى يتعرض الدبلوماسي المتصوف للهجوم، من قبل الصحافة المصرية، بعد أراء أدلى بها حول موقف الإدارة الأمريكية من الصراع الدائر بين المعارضة والحكومة - خلال جلسة خاصة ضمته وعددًا من الشخصيات العامة - ناعتًا الحكومة المصرية والمعارضة - على حد سواء - بالانتهازية والنفاق، وفسر ذلك قائلاً : إن الحكومة تريد أن تأخذ المعونات من واشنطن، ثم تنتقدها لدعمها المطالبين بالإصلاح السياسي والحقوقي في مصر، بينما على الجانب الآخر نرى المعارضة تهاجم أمريكا بشدة، بحجة دعمها للنظام المصري، وفي الوقت نفسه تستغيث بها كلما تعرضت لبطش النظام. واسترسل قائلاً : إن واشنطن لن تخوض معركة أحد، سواء الحكومة أوالمعارضة، مؤكدًا أن مصلحة الإدارة الأمريكية في هذه المرحلة مرتبطة بالنظام الحاكم في مصر.



وفي تراجع صارخ عن هذه التصريحات وبينما كان المجتمع المصري في أوج جدلياته في سبيل الإصلاح، أطل المسؤل الأمريكي على الرأي العام في مصر، ليقول - خلال حفل إفطار رمضاني ضم أعداداً كبيرة من الدبلوماسيين والإعلاميين - إن نظام مبارك الحاكم يمضي في الطريق الصحيح للإصلاح السياسي!، مضيفاً : قد تكون هناك أوجه قصور، لكن النظام يمضي في طريقه. معرباً عما أسماه : " احترامه للنظام والقانون المصري الذي يمنع تأسيس حزب على أساس ديني‏,‏ مثلما الحال في أمريكا‏"، زاعماً أن المصريين يصرون الآن علي أن تكون المعايير الدولية للحكم الديمقراطي هي معايير مصرية.



وفي إشارة على فشل دبلوماسية "الحواري" التي نهجها ريتشارد دوني، والتي كانت تطمح إلى تحسين الصورة الأمريكية لدى عامة المصريين، تقدم جيران السفارة الأمريكية بشارع "أمريكا اللاتينية" في منطقة جاردن سيتي، برفع دعوى قضائية ضد جورج بوش والحكومه الفيدرالية، وذلك لتعويضهم عما لحق بهم من خسائر جراء الممارسات الأمنية والإجراء‌ات التعسفية التي تمارسها السفارة ضدهم، وأكد جيران السفارة في العريضة المقدمة إلى القضاء الأمريكي، أنهم يتعرضون يومياً لعمليات تفتيش مشددة، حيث لا يستطيعون أن يدخلوا منازلهم إلا بعد خضوعهم لتلك الإجراء‌ات، إضافه إلي تعرض مؤسسات وشركات محيطة بالسفارة إلى خسائر فادحة لحقت بها جراء تعدي عناصر "المارينز" - بشكل يتعارض مع القانون المصري - من خلال التحقيق مع كل من يشتبه فيه. وقد رفض السفير ريتشارد دوني طلباً من السكان لمقابلتهم وسماع شكاواهم بشأن ما يتعرضون له من استفزازات غير محتمله. ومن ثم لجأ أصحاب الدعوى - بعد تعدد الشكاوي من قبل الأهالي بسبب تحويل المنطقه إلى ما يشبه القلعة - إلى مكتب "كليندر اند كليندر" وهومكتب محاماه مشهور بالولايات المتحده لتبني القضية.



جدير بالذكر‏ أن فرانسيس ريتشاردوني دبلوماسي أمريكي مخضرم، يجيد العربية بطلاقة، وسبق له العمل مسئولاً عن القسم السياسي في السفارة الأمريكية بالقاهرة نهاية الثمانينات‏,‏ كما رأس الوحدة المدنية للقوات المتعددة الجنسية والمراقبة الموجودة في سيناء‏. وكانت جلسة الاستماع التي عقدتها "لجنة العلاقات الخارجية" في مجلس الشيوخ الأمريكي للبدء في إجراءات إقرار ترشيح ريتشاردوني سفيراً في القاهرة قد شهدت تأكيداً من كل الأعضاء البارزين فيها‏,‏ وخاصة رئيس اللجنه السيناتور المخضرم (ريتشارد لوجار) بأهمية الاحتفاظ بعلاقات متميزة بين الولايات المتحدة ومصر‏,‏ في ظل الدور المنوط بالقاهرة من أجل استئناف عملية السلام في المطقة ‏,‏ وإعادة الاستقرار للعراق‏.‏ وقال ريتشاردوني - في شهادته أمام أعضاء مجلس الشيوخ - إن إسراعهم في عقد هذه الجلسة لإقرار ترشحه يؤكد مدي أهمية الحفاظ بعلاقة جيدة بين مصر والولايات المتحدة‏,‏ وقال : إنه متفائل بمستقبل المشاركة المصرية ـ الأمريكية‏. وأشار أيضاً إلي حادثة شرم الشيخ التي أدت إلي مصرع مواطنة أمريكية، قائلاً : إن تلك التفجيرات الإرهابية تجدد عزمنا علي العمل معاً بشكل أكثر فعالية من أجل حماية مواطنينا من الإرهاب في المنطقة‏.‏ وأضاف أن مصر كانت أول من قادت عملية السلام بين إسرائيل والدول العربية‏,‏ وأيضاً مصر شريك لا يمكن الاستغناء عنه من أجل نشر السلام في السودان والعراق وأفغانستان‏,‏ ولفت ريتشاردوني الانتباه إلي الجهود التي تقوم بها القاهرة من أجل إعادة بناء القوات الفلسطينية والتوصل إلي اتفاق مع إسرائيل‏.

شبكة البصرة

الخميس 10 ربيع الاول 1428 / 29 آذار 2007