bufaris
22-01-2007, 07:05 PM
نتائج سريعة لاعدام الشهيد صدام حسين
--------------------------------------------------------------------------------
عبد الباري عطوان
الحكومة الامريكية بدأت في تطبيق خطة أمنية جديدة في العراق، لاعادة الهدوء الي العاصمة بغداد، والقضاء علي المقاومة في محافظة الانبار، وارسلت واحدا وعشرين الف جندي من زبدة قواتها لتحقيق هذا الهدف.
هذه الخطة، التي تعتبر العمود الفقري في استراتيجية الرئيس بوش الجديدة في العراق، اسفرت عن مقتل اربعين امريكيا في الايام الثلاثة الماضية فقط، ثلاثة عشر منهم في اسقاط طائرة عمودية علي ايدي المقاومة، والباقين في هجمات متفرقة في بغداد والرمادي، ولعل الاشتباكات الأهم التي اندلعت منذ الاعلان عن الاستراتيجية الجديدة، هي تلك التي بين الرئيس بوش ورئيس الحكومة العراقية نوري المالكي علي صفحات الجرائد، حيث تباري الاثنان في اتهام بعضهما البعض بالضعف.
مكتب السيد المالكي تنصل من تصريحات رئيسه التي ادلي بها الي صحيفة ايطالية ورد فيها علي الرئيس بوش باتهامه بالضعف، بينما اصدر البيت الابيض بيانا اكد فيه الثقة بالحكومة العراقية ورئيسها.
وتعكس هذه الكوميديا السوداء حقيقة الاوضاع الراهنة في العراق، والمستقبل المؤلم الذي ينتظره هذا البلد، ومدي فشل العملية السياسية الامريكية في تحقيق الحد الادني من الانسجام بين المعلم الامريكي في واشنطن وتلاميذه غير النجباء في العراق الجديد .
فمن المفارقة انه بعد ان خسرت الولايات المتحدة سمعتها وثلاثة الاف قتيل من ابنائها وما يقرب من 500 مليار دولار من اموال مواطنيها، لتنصيب السيد المالكي كزعيم علي سدة الحكم في بغداد، يستأسد عليها الاخير، ويصف رئيسها بالضعف.
الرئيس بوش ضعيف فعلاً، ويعيش اسوأ ايامه، لانه اعتمد علي اشخاص طائفيين حاقدين مثل السيد المالكي لا يستطيع ادارة غرفة اعدام، او شنق انسان كما تقتضي القواعد والاصول، وقبل هذا وذاك غزو بلد مستقل واحتلاله استنادا علي اكاذيب اشخاص محترفين مثل احمد الجلبي واياد علاوي وبقية الجوقة التي حولت البلد الي مقبرة جماعية، وساحة للقتل والدمار ونهب المال العام.
ربما يفيد الرئيس بوش ان يقارن بين حلفائه في العراق وولائهم له وعرفانهم بجميله، وبين رجالات النظام السابق الذين وقفوا كالاسود امام المقصلة، وكانت وصية رئيسهم صدام حسين لمحاميه ان لا يتقدموا بأي التماس لالغاء حكم الاعدام، وان لا يطلبوا من اي زعيم عربي التدخل.
كان لافتاً ان اي من رجالات الحكم السابق، لم يتخل عن رئيسه، ولم يحاول مطلقا ان يتنصل من المسؤولية، ويحملها له باعتباره الرجل الاول في النظام، او يتفوه بكلمة واحدة تسيء اليه، وتتبرأ منه حتي بعد النطق بالحكم بالاعدام.
لم نشاهد شخصا واحدا من رفاق الرئيس الراحل يتوسل للحكام الجدد طالبا الرحمة، شيعة وسنة، بل شاهدنا ولاء مطلقا، وايمانا بالعراق العربي السيد، ورباطة جأش، وصفات من الشجاعة لا توجد الا عند الرجال الرجال، الذين يحبون بلدهم، ويسعون من أجل عزته وكرامته، وتكريس هويته الوطنية.
كان باستطاعة السيد طارق عزيز ان يعيش حرا طليقا، وهو المريض، وغير المدان في اي قضية، لو انه شهد في المحكمة ضد رئيسه، ولكنه لم يفعل رغم الاغراءات الامريكية العديدة، وفضل ان لا يخون ضميره، ووقف في قفص الاتهام مدافعا صلبا عنه، ومذكرا السيد المالكي انه نفسه تعرض لمحاولة اغتيال في الجامعة المستنصرية علي ايدي مجموعة تابعة لاحدي تنظيمات المعارضة الممولة من الجارة ايران، وان الرئيس كلينتون قصف العراق وقتل العشرات بعد محاولة اغتيال فاشلة ومزعومة استهدفت الرئيس بوش الأب في الكويت.
هذا هو الفرق بين حكام العراق الجديد الممزق المجوع المحاصر الذي يهرب منه اهله بعشرات الالاف يوميا طلبا للامان في دول الجوار وبين العراق القديم الموحد الآمن الذي ترحم علي ايامه السيد كوفي عنان امين عام الامم المتحدة السابق في لحظة اعتراف تاريخية نادرة.
تصاعد المقاومة، وتزايد اعداد القتلي والجرحي الامريكيين بارقام قياسية، يؤكد المعادلة التي تقول: قوات امريكية اكبر، خسائر بشرية امريكية اكبر، وامن اقل. مثلما تؤكد ايضا ان اعدام الرئيس العراقي صدام حسين لن يرهب رجال المقاومة، ويبث اليأس في نفوسهم، بل يعطي نتائج عكسية تماما بدأنا نلمس اول ثمارها علي الارض بعد ايام معدودة من مهزلة غرفة الاعدام التي شاهدنا فصولها بالصوت والصورة.
الاستراتيجية الامريكية الجديدة ستنجح في أمر واحد فقط وهو جر الانظمة العربية الي المستنقع العراقي الدموي، واشعال فتيل الحرب الطائفية في المنطقة بين السنة والشيعة، وبما يؤدي الي حرف الانظار عن الخطر الحقيقي الاكبر وهو اسرائيل التي تبني كنيسا في باحة المسجد الاقصي، وتحفر انفاقا قد تؤدي قريبا الي انهياره.
الانظمة العربية قلقة من الخطر الايراني، وهو خطر مقلق فعلا، ولكنها ليست قلقة من تدنيس الحرم القدسي، وبناء كنيس في باحته لسبب بسيط وهو انها تريد ان تتولي الطائرات الاسرائيلية قصف المفاعلات النووية الايرانية.
لم نسمع كلمة احتجاج واحدة في عواصم الاعتدال العربي تطالب امريكا بالتدخل لوقف هذا الانتهاك الفاضح للمقدسات الاسلامية، واولي القبلتين وثالث الحرمين، لان من يقدم علي هذه الانتهاكات الدولة العبرية الحليف الجديد لمحور الاعتدال ضد ايران.
الاستراتيجية الامريكية الجديدة لن تنجح في العراق لانها تعتمد اساسا علي حكومة عراقية ضعيفة ومنبوذة، ودعم حكومات عربية مرتعدة مفلسة سياسيا، ولا تملك مشروعا غير تمويل عمليات التدمير، مولت تدمير العراق، والآن تتسابق لتمويل عمليات تدمير ايران.
الرئيس بوش يريد ان يجعل من العراق سدا في مواجهة التمدد الايراني، ويجد تحريضا من الدول العربية المعتدلة التي بدأت بتهيئة الرأي العام فيها ضد ايران وخطرها، وينسي هؤلاء جميعا ان العراق القديم كان قلعة صلبة تؤدي هذا الدور علي اكمل وجه، وهم الذين دمروها.
العراق الجديد لن يكون سدا في مواجهة ايران، لان ايران احكمت قبضتها عليه مبكرا، والفضل كل الفضل للرئيس بوش وحلفائه العرب المعتدلين، والارجح انه سيكون مقبرة للامريكيين ونقطة البدء في انهيار امبراطوريتهم بعد انهيار سياستهم الخارجية في المنطقة.
--------------------------------------------------------------------------------
عبد الباري عطوان
الحكومة الامريكية بدأت في تطبيق خطة أمنية جديدة في العراق، لاعادة الهدوء الي العاصمة بغداد، والقضاء علي المقاومة في محافظة الانبار، وارسلت واحدا وعشرين الف جندي من زبدة قواتها لتحقيق هذا الهدف.
هذه الخطة، التي تعتبر العمود الفقري في استراتيجية الرئيس بوش الجديدة في العراق، اسفرت عن مقتل اربعين امريكيا في الايام الثلاثة الماضية فقط، ثلاثة عشر منهم في اسقاط طائرة عمودية علي ايدي المقاومة، والباقين في هجمات متفرقة في بغداد والرمادي، ولعل الاشتباكات الأهم التي اندلعت منذ الاعلان عن الاستراتيجية الجديدة، هي تلك التي بين الرئيس بوش ورئيس الحكومة العراقية نوري المالكي علي صفحات الجرائد، حيث تباري الاثنان في اتهام بعضهما البعض بالضعف.
مكتب السيد المالكي تنصل من تصريحات رئيسه التي ادلي بها الي صحيفة ايطالية ورد فيها علي الرئيس بوش باتهامه بالضعف، بينما اصدر البيت الابيض بيانا اكد فيه الثقة بالحكومة العراقية ورئيسها.
وتعكس هذه الكوميديا السوداء حقيقة الاوضاع الراهنة في العراق، والمستقبل المؤلم الذي ينتظره هذا البلد، ومدي فشل العملية السياسية الامريكية في تحقيق الحد الادني من الانسجام بين المعلم الامريكي في واشنطن وتلاميذه غير النجباء في العراق الجديد .
فمن المفارقة انه بعد ان خسرت الولايات المتحدة سمعتها وثلاثة الاف قتيل من ابنائها وما يقرب من 500 مليار دولار من اموال مواطنيها، لتنصيب السيد المالكي كزعيم علي سدة الحكم في بغداد، يستأسد عليها الاخير، ويصف رئيسها بالضعف.
الرئيس بوش ضعيف فعلاً، ويعيش اسوأ ايامه، لانه اعتمد علي اشخاص طائفيين حاقدين مثل السيد المالكي لا يستطيع ادارة غرفة اعدام، او شنق انسان كما تقتضي القواعد والاصول، وقبل هذا وذاك غزو بلد مستقل واحتلاله استنادا علي اكاذيب اشخاص محترفين مثل احمد الجلبي واياد علاوي وبقية الجوقة التي حولت البلد الي مقبرة جماعية، وساحة للقتل والدمار ونهب المال العام.
ربما يفيد الرئيس بوش ان يقارن بين حلفائه في العراق وولائهم له وعرفانهم بجميله، وبين رجالات النظام السابق الذين وقفوا كالاسود امام المقصلة، وكانت وصية رئيسهم صدام حسين لمحاميه ان لا يتقدموا بأي التماس لالغاء حكم الاعدام، وان لا يطلبوا من اي زعيم عربي التدخل.
كان لافتاً ان اي من رجالات الحكم السابق، لم يتخل عن رئيسه، ولم يحاول مطلقا ان يتنصل من المسؤولية، ويحملها له باعتباره الرجل الاول في النظام، او يتفوه بكلمة واحدة تسيء اليه، وتتبرأ منه حتي بعد النطق بالحكم بالاعدام.
لم نشاهد شخصا واحدا من رفاق الرئيس الراحل يتوسل للحكام الجدد طالبا الرحمة، شيعة وسنة، بل شاهدنا ولاء مطلقا، وايمانا بالعراق العربي السيد، ورباطة جأش، وصفات من الشجاعة لا توجد الا عند الرجال الرجال، الذين يحبون بلدهم، ويسعون من أجل عزته وكرامته، وتكريس هويته الوطنية.
كان باستطاعة السيد طارق عزيز ان يعيش حرا طليقا، وهو المريض، وغير المدان في اي قضية، لو انه شهد في المحكمة ضد رئيسه، ولكنه لم يفعل رغم الاغراءات الامريكية العديدة، وفضل ان لا يخون ضميره، ووقف في قفص الاتهام مدافعا صلبا عنه، ومذكرا السيد المالكي انه نفسه تعرض لمحاولة اغتيال في الجامعة المستنصرية علي ايدي مجموعة تابعة لاحدي تنظيمات المعارضة الممولة من الجارة ايران، وان الرئيس كلينتون قصف العراق وقتل العشرات بعد محاولة اغتيال فاشلة ومزعومة استهدفت الرئيس بوش الأب في الكويت.
هذا هو الفرق بين حكام العراق الجديد الممزق المجوع المحاصر الذي يهرب منه اهله بعشرات الالاف يوميا طلبا للامان في دول الجوار وبين العراق القديم الموحد الآمن الذي ترحم علي ايامه السيد كوفي عنان امين عام الامم المتحدة السابق في لحظة اعتراف تاريخية نادرة.
تصاعد المقاومة، وتزايد اعداد القتلي والجرحي الامريكيين بارقام قياسية، يؤكد المعادلة التي تقول: قوات امريكية اكبر، خسائر بشرية امريكية اكبر، وامن اقل. مثلما تؤكد ايضا ان اعدام الرئيس العراقي صدام حسين لن يرهب رجال المقاومة، ويبث اليأس في نفوسهم، بل يعطي نتائج عكسية تماما بدأنا نلمس اول ثمارها علي الارض بعد ايام معدودة من مهزلة غرفة الاعدام التي شاهدنا فصولها بالصوت والصورة.
الاستراتيجية الامريكية الجديدة ستنجح في أمر واحد فقط وهو جر الانظمة العربية الي المستنقع العراقي الدموي، واشعال فتيل الحرب الطائفية في المنطقة بين السنة والشيعة، وبما يؤدي الي حرف الانظار عن الخطر الحقيقي الاكبر وهو اسرائيل التي تبني كنيسا في باحة المسجد الاقصي، وتحفر انفاقا قد تؤدي قريبا الي انهياره.
الانظمة العربية قلقة من الخطر الايراني، وهو خطر مقلق فعلا، ولكنها ليست قلقة من تدنيس الحرم القدسي، وبناء كنيس في باحته لسبب بسيط وهو انها تريد ان تتولي الطائرات الاسرائيلية قصف المفاعلات النووية الايرانية.
لم نسمع كلمة احتجاج واحدة في عواصم الاعتدال العربي تطالب امريكا بالتدخل لوقف هذا الانتهاك الفاضح للمقدسات الاسلامية، واولي القبلتين وثالث الحرمين، لان من يقدم علي هذه الانتهاكات الدولة العبرية الحليف الجديد لمحور الاعتدال ضد ايران.
الاستراتيجية الامريكية الجديدة لن تنجح في العراق لانها تعتمد اساسا علي حكومة عراقية ضعيفة ومنبوذة، ودعم حكومات عربية مرتعدة مفلسة سياسيا، ولا تملك مشروعا غير تمويل عمليات التدمير، مولت تدمير العراق، والآن تتسابق لتمويل عمليات تدمير ايران.
الرئيس بوش يريد ان يجعل من العراق سدا في مواجهة التمدد الايراني، ويجد تحريضا من الدول العربية المعتدلة التي بدأت بتهيئة الرأي العام فيها ضد ايران وخطرها، وينسي هؤلاء جميعا ان العراق القديم كان قلعة صلبة تؤدي هذا الدور علي اكمل وجه، وهم الذين دمروها.
العراق الجديد لن يكون سدا في مواجهة ايران، لان ايران احكمت قبضتها عليه مبكرا، والفضل كل الفضل للرئيس بوش وحلفائه العرب المعتدلين، والارجح انه سيكون مقبرة للامريكيين ونقطة البدء في انهيار امبراطوريتهم بعد انهيار سياستهم الخارجية في المنطقة.